وآمن الإمام عليهالسلام بضرورة منح الحريّات العامّة لجميع أبناء الاُمّة ، وأنّ ذلك من أولويّات حقوقها ، والدولة مسؤولة عن توفيرها لكلّ فرد من أبناء الشعب ، وأنّ حرمانهم منها يخلق في نفوسهم العقد النفسيّة ، ويمنع من التقدّم الفكري ، والتطوّر الاجتماعي عند أبنائها ، ويخلد لهم الخنوع والخمول ، ويعود عليهم بالأضرار البالغة ، أمّا مدى هذه الحرّية وسعتها فهي :
يرى الإمام عليهالسلام أنّ الناس أحرار فيما يعتقدون وما يذهبون إليه من أفكار دينيّة ، وليس للدولة أن تحول بينهم وبين عقائدهم ، كما أنّه ليس لها أن تحول بينهم وبين طقوسهم الدينيّة ، وأنّهم غير ملزمين بمسايرة المسلمين في الأحوال الشخصيّة ، وإنّما يتّبعون ما قنّن من تشريع عند فقائهم .
ونعني بها منح الناس الحريّة التامّة في اعتناق المذاهب السياسيّة التي تتّفق مع رغباتهم وميولهم ، وليس للدولة أن تفرض عليهم رأياً سياسيّاً مخالفاً لما يذهبون إليه ، كما أنّه ليس لها أن تفرض عليهم الاقلاع عن آرائهم السياسيّة الخاصّة ، وإنّما عليها أن تقيم لهم الأدلّة والحجج الحاسمة على فساد ذلك المذهب وعدم صحّته ، فإن رجعوا إلى الرشاد فذاك ، وإلّا فتتركهم وشأنهم ما لم يحدثوا فساداً في الأرض ، أو يخلّوا بالأمن العامّ ، كما وقع ذلك من الخوارج الذين فقدوا جميع المقوّمات الفكريّة والركائز العلميّة ، وراحوا يتمادون في جهلهم وغيّهم ويعرّضون الناس للقتل والارهاب ، فاضطرّ الإمام عليهالسلام إلى مقاومتهم بعد أن اُعذر فيهم .
ومن الجدير بالذكر إنّ
ممّا يتفرّع على الحريّة السياسيّة حريّة النقد لرئيس الدولة