وَإِنّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، هَؤُلَاءِ قَومٌ كَفَرُوا بَعْدَ إِيْمانِهِمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِيْنَ » (١) .
لقد وعظ الإمام عليهالسلام أعداءه بهذه الكلمات التي تمثّل هدي الأنبياء ومحنتهم في اُممهم ، لقد حذّرهم من فتنة الدنيا وغرورها ، وأهاب بهم من التورّط في قتل عترة نبيّهم وذرّيّته ، وأنّهم بذلك يستوجبون العذاب الأليم ، والسخط الدائم .
ثمّ استرسل الإمام الممتحن في خطابه فقال :
فَانْسِبُونِي فَانْظُرُوا مَنْ أَنا ؟ ثُمَّ ارْجِعُوا إِلىٰ أَنْفُسِكُمْ وَعاتِبوها ، فَانْظُروا هَلْ يَحِلُّ لَكُمْ قَتْلِي وَانْتِهاكُ حُرْمَتِي ؟!
أَلَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ ، وَابْنَ وَصِيِّهِ ، وَابْنِ عَمِّه ، وَأَوَّلِ الْمُؤْمِنِينَ باللهِ وَالمُصَدِّقِ لِرَسُولِهِ بِما جاءَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ ؟
أَوَلَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمَّ أَبِي ؟!
أَوَلَيْسَ جَعْفَرُ الطَيَّارُ عَمِّي ؟!
أَوَلَمْ يَبْلُغْكُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله لِي وَلأَخِي : هَذَانِ سَيِّدَا شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بِما أَقُولُ وَهُوَ الْحَقُّ ، وَاللهِ ما تَعَمَّدْتُ الْكَذِبَ مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ اللهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ ، وَيَضُرُّ بِهِ مَنِ اخْتَلَقَهُ .
وَإِنْ كَذَّبْتُمُونُي فَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ إنْ سَأَلْتُمُوهُ أَخْبَرَكُمْ ، سَلُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصارِيَّ ، وَأبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، وسَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ ، وَأَنَسَ بْنَ مالِكٍ ، يُخبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقالَةَ مِنْ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوآله لِي وَلِأَخِي أَما فِي هَذَا حاجِزٌ لَكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمِي ؟ (٢) .
__________________________
(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ : ١٠٠ . بحار الأنوار : ٤٥ : ٥ و ٦ . مقتل الحسين عليهالسلام / المقرّم : ٢٧٨ و ٢٧٩ . مقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي : ١ : ٢٥٢ و ٢٥٣ .
(٢)
الإرشاد : ٢ : ٩٧ و ٩٨ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٢٢ و ٣٢٣ . مقتل الحسين عليهالسلام : =