وتسلّم معاوية قيادة الدولة الإسلاميّة بعد صلحه مع الإمام الحسن عليهالسلام ، وقد تحقّقت آماله الشريرة في القضاء على الدولة العلويّة التي هي دولة المحرومين والمضطهدين ، والتي كانت امتداداً ذاتيّاً لحكومة النبيّ صلىاللهعليهوآله وتجسيداً حيّاً لأهدافه ومتطلّباته الرامية لرفع مستوى الإنسان وتطوير حياته ، وقد انهارت هذه القيم حينما سقطت الدولة الإسلاميّة صريعة بيده ، فقد تبدّلت المبادئ والقيم والأخلاق التي ينشدها الإسلام إلى عكسها ، وخرج العالم الإسلامي من عالم الدعة والرخاء والاستقرار إلى كابوس مرعب تحفّه المحن والكوارث ، وتخيّم عليه العبوديّة والذلّ .
لقد تنكّر معاوية لجميع القيم والأعراف ، وساس المسلمين سياسة لم يألفوها من قبل ، ويرى المراقبون لسياسته أنّ انتصاره إنّما هو انتصار الوثنيّة بجميع مساوئها .
يقول السيّد مير عليّ الهندي : « ومع ارتقاء معاوية الخلافة في الشام عاد حكم الثوليغارشيّة الوثنيّة السابقة ، فاحتلّ موقع ديمقراطيّة الإسلام ، وانتعشت الوثنيّة بكل ما يرافقها من خلاعات ، وكأنّها بعثت من جديد ، كما وجدت الرذيلة والتبذّل الخُلقي لنفسها متّسعاً في كلّ مكان ارتادته رايات حكّام الأمويّين من قادة جند الشام » (١) .
لقد تعرّض المسلمون في ذلك العهد الأسود إلى أزمات شاقّة وعسيرة وامتحنوا
__________________________
(١) روح الاسلام : ٢٩٦ .