للضرر. والصدوقان استثنيا أيضا من الكراهة هنا حالة شدّة البرد (١). إلّا أنّ الظاهر من كلامهما كون المقتضي لذلك رعاية حال الميّت لا خوف الغاسل حيث قال الشيخ علي في الرسالة : « ولا تسخّن الماء إلّا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميّت ممّا توقي منه نفسك ولا يكون الماء حارّا شديد الحرارة ، وليكن فاترا ». وقال ولده في من لا يحضره الفقيه : « قال أبو جعفر عليهالسلام : لا يسخّن الماء للميّت ». وروي في حديث آخر : « إلّا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميّت ممّا توقي منه نفسك » (٢).
وهذا الكلام كما دلّ على ذهابهما إلى كون المقتضي لنفي الكراهة حينئذ هو ملاحظة الميّت على خلاف ما ذكره غيرهما من الأصحاب ، فقد دلّ أيضا على أنّ الحجّة في ذلك هي النصّ لا دفع الضرر ، كما احتجّ به جماعة.
وعبارة من لا يحضره الفقيه وإن لم يصرّح فيها بالحكم حيث أورده بلفظ روي ، إلّا أنّ البناء على قاعدته التي قرّرها في أوّله من أنّه لا يورد فيه من الروايات إلّا ما يفتي به يدلّ على ذلك لا سيّما مع قرب العهد بها كما لا يخفى.
مسألة [٣] :
ولا بأس بالطهارة بماء الحمّات وهي العيون الحارّة التي يشمّ منها رائحة الكبريت. ولا نعرف في ذلك من الأصحاب مخالفا إلّا ابن الجنيد فإنّه قال في المختصر : « ماء الحمّات التي لا يوجد إلّا والرائحة المكروهة مقارنة لها كالكبريت وغيره ممّا أكره الطهارة به ». وابن البرّاج حيث قال بكراهة استعمالها ،
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٤٢.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٤٢.