واحدا. أمّا لو كان ترشّحا لم يطهر لعدم الكثرة الفعليّة (١). وهو ناظر إلى ما ذكرناه من اعتبار الاستهلاك بالتدافع والاستيلاء. وقد أجاد.
[ الفرع ] الثالث :
أطلق العلّامة رحمهالله في كتبه طهارة الجاري المتغيّر بتكاثر الماء وتدافعه عليه حتّى يزول تغيّره ، وعلّله في المنتهى والتذكرة بأنّ الجاري لا يقبل النجاسة لجريانه ، والمتغيّر مستهلك فيه فيطهر (٢).
وأنت خبير بأنّ هذا لا يتمّ على ما ذهب إليه من انفعال ما دون الكرّ من الجاري بالملاقاة ؛ إذ من البيّن أنّ ما يتجدّد من المادّة بعد استيعاب التغيّر لجميع الماء لا يبلغ مقدار الكرّ ، واللازم من ذلك انفعاله بملاقاة المتغيّر. وهكذا يقال في ما بعده. وهلمّ جرّا.
فلا يتصوّر حصول الطهارة به وإن استهلك المتغيّر ؛ لأنّ الاستهلاك إنّما يحصل بالماء المحكوم بنجاسته لملاقاة المنجّس الأوّل له فلا يثمر تطهيرا فيمتنع حينئذ حصول الطهارة له من نفسه ويتوقّف طهره على مطهّر من خارج.
وكلامه صريح في خلاف ذلك فيمكن أن يجعل هذا من جملة الأدلّة على بطلان تلك الدعوى.
ويظهر من كلامه في حكم تغيّر البئر أنّه يرى تعيّن النزح وإن أمكن إزالة التغيّر بغيره.
وحمله بعض المتأخّرين على أنّه ناظر إلى اشتراط الكرّيّة في عدم انفعاله لكونه من جملة أنواع الجاري الذي يعتبر فيه الكرّيّة فلا تصلح المادّة بمجرّدها
__________________
(١) ذكرى الشيعة ١ : ٩.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٦.