المحقق الكركي أوّل من مارس هذه النظرية في النظم بصورة ميدانية وواسعة في الدولة الصفوية ، مستفيدا من إمكانات النظام والدعم السياسي والمالي الذي كان يتلقّاه من قبل الدولة.
وقد استطاع المحقق الكركي أن يقنع جمعا من زملائه وأصدقائه وتلاميذه في جبل عامل للهجرة إلى إيران والإفادة من هذه الفرصة السانحة لنشر وتكريس فقه أهل البيت عليهمالسلام وبسط نفوذ الفقهاء في هذه الدولة الفتية.
ويبدو أنّ المحقق الكركي استطاع أن يحقّق خلال هذه الفترة أهدافه بصورة جيده ، ونجح في بسط نفوذ المؤسسة الفقهية إلى حدّ بعيد ، ممّا جعل البلاط الملكي يتضايق منه بصورة أو باخرى ، وقد أدّى ذلك فعلا إلى برود ملحوظ في علاقة المحقق الكركي ببعض أجنحة البلاط ، فآثر المحقق أن يغادر إيران إلى العراق ، ويعود إلى النجف مرّة اخرى ليعاود نشاطه الفقهي في هذه المدينة المقدّسة بجوار مرقد أمير المؤمنين عليهمالسلام.
وقد مكث المحقّق قرابة ستّ سنوات في النجف توفّي خلالها الشاه إسماعيل وخلّف على الملك ابنه طهماسب.
ويبدو أنّ الفراغ الذي خلّفه المحقّق الكركي من بعده أضرّ بالدولة ، وأنّ الجمهور كان يطالب بإلحاح بعودة المحقق الكركي إلى إيران ، ولم يجد الشاه بديلا عن المحقق ممّا جعل طهماسب ابن الشاه إسماعيل يطلب من المحقق العودة إلى إيران لتسلّم منصب شيخ الإسلام في عاصمة ملكه ( اصفهان ). فاستجاب المحقق الكركي لدعوة الملك ورجع إلى أصفهان عاصمة الصفويين بصفة ( نائب الإمام ). وهذه الصفة تمنحه بطبيعة الحال الولاية المطلقة في شئون النظام والامّة وتجعل مشروعية النظام تابعة لإذن الفقيه. وأقرّ النظام الصفوي للمحقق بهذه الولاية المطلقة النائبة عن ولاية الإمام ، وصرّح له الملك