فانزح منها سبع دلاء » (١).
والرابعة : رواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجنب يدخل البئر فيغتسل منها؟ قال : « ينزح منها سبع دلاء » (٢).
وليس بخفيّ عدم دلالة شيء منها على اعتبار الارتماس ، بل ولا على اعتبار الاغتسال ؛ فإنّ الثلاث الاول خالية من التعرّض له ومفروضة فيما هو أعمّ منه. والأخيرة لا تنافيها ؛ لأنّ الغسل من أفراد ذلك المعنى العامّ الذي جعل مناطا للحكم في تلك الأخبار ، فتعلّق السؤال به في الرواية الأخيرة لا يدلّ على اختصاصه بالحكم.
وقول بعض الأصحاب : إنّ المطلق من هذه الروايات محمول على إرادة الاغتسال جمعا بين الأخبار ، وهم رديّ. وأيّ منافاة بينها تدعو إلى هذا الجمع؟! مع أنّ الرواية المتضمّنة للاغتسال ضعيفة السند ، فكيف يعدل من أجلها عن ظاهر الصحيح؟!
إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ المشهور في عبارات القوم اشتراط هذا الحكم بخلوّ بدن الجنب من نجاسة عينيّة ، وقد استشكله لذلك جماعة فقالوا : إذا كان الجنب طاهر الجسد فأيّ سبب أوجب نزح السبع؟ وبأيّ اعتبار يفسد ماء البئر؟
فمن الأصحاب من دفعه بأنّه استبعاد غير مسموع بعد ورود النصّ ، لا سيّما مع ملاحظة ما اشتمل عليه البئر من الأحكام المختلفة ، ولأنّ المرجع في تأثير النجاسة إلى حكم الشارع ، وقد وجد.
ومنهم من أجاب عنه بأن المقتضي للنزح هو كونه مستعملا في الطهارة
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٠ ، الحديث ٦٩٤.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٤ ، الحديث ٧٠٢.