وردّه العلّامة في المنتهى : بأنّ الإضافة هاهنا وإن جرّدت لفظا لكنّها مقدّرة ، وإلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه ، وحينئذ فلا بدّ من إضمار عدد يضاف إليه تقديرا ، فيحمل على العشرة التي هي أقلّ ما يصلح إضافته إلى هذا الجمع ؛ أخذا بالمتيقّن ، وحوالة على الأصل من براءة الذمّة (١).
وهذا الكلام ليس بشيء.
أمّا أوّلا : فلأنّه إنّما يلزم من عدم تقدير الإضافة تأخير البيان عن وقت الحاجة لو لم يدلّ اللفظ بدونها على شيء ، والأمر ليس كذلك ؛ فإنّ له ولأمثاله من صيغ المجموع الواقعة في هذه المقامات معنى يتبادر منها عند الاطلاق ، وهو أيّ مقدار كان ممّا يصدق عليه ولو أقلّها.
وأمّا ثانيا : فلأنّه على تقدير وجوب التقدير ليس على تعيّن العشرة دليل. وما ذكره من التوجيه فاسد ؛ إذ هي الأكثر لا الأقلّ. وقد صرّح بذلك الشيخ أيضا وهو بصدد الانتصار لكلامه ، فكيف يوجّهه بما لا يلائمه؟.
ثمّ إنّ له في المختلف كلاما أعجب من هذا حيث قال ـ بعد حكايته لكلام الشيخ ، ومناقشته له بنحو ما ذكره المحقّق ـ : ويمكن أن يحتجّ من وجه آخر وهو أن يقال : إنّ هذا جمع كثرة ، وأقلّه ما زاد على العشرة بواحد فيحمل عليه ؛ عملا بالبراءة الأصليّة (٢).
وأنت خبير بأنّ مقتضى هذا الاحتجاج كون الواجب إحدى عشرة ، والمدّعى هو العشرة ، فأين هو منه؟!
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المشايخ الثلاثة رووا في الصحيح عن عليّ بن جعفر ،
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٨٠ و ٨١.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ١٩٩.