أنّ عمومه ليس من حيث كونه موضوعا لذلك على حدّ صيغ العموم ، وإنّما هو باعتبار منافاة عدم ارادته للحكم الحكمة فيصان كلام الحكيم عنه.
وظاهر أنّ منافاة الحكمة إنّما يتصوّر حيث ينتفي احتمال العهد. ولا ريب أنّ تقدّم السؤال عن بعض أنواع الماهيّة عهد ظاهر ، وهو في محلّ النزاع واقع ؛ إذ النصّ متضمّن للسؤال عن الماء المجتمع ، وحينئذ لا يبقى لإثبات الشمول لغير المعهود وجه.
نعم يتوجّه ثبوت العموم في ذلك المعهود بأقلّ ما يندفع به محذور منافاة الحكمة.
وربّما يتوهّم أنّ هذا من قبيل تخصيص العام ببنائه (١) على سبب خاصّ ، وهو مرغوب عنه (٢) في الاصول.
وبما حقّقناه يعلم أنّه لا عموم في أمثال موضع النزاع على وجه يتطرّق إليه التخصيص.
فإن قلت : هذا الاعتبار يقتضي انفعال غير المستوي مطلقا ، مع أنّ الذاهبين إلى اعتبار المساواة مصرّحون بعدم انفعال القليل المتّصل بالكثير إذا كان الكثير أعلى. وقد سبق نقله عن البيان والذكرى (٣) فما الوجه في ذلك؟ وكيف حكموا بالاتحاد مع علوّ الكثير ، ونفوه في عكسه ، والمقتضي للنفي على ما ذكرت موجود فيهما؟
قلت : لعلّ الوجه فيه أنّ المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادّة له ـ على ما يأتي تحقيقه ـ ولا ريب أنّ تأثير المادّة إنّما هو باعتبار إفادتها
__________________
(١) في « أ » : لبنائه. وفي « ب » : ببيانه.
(٢) في « ب » : وهو مبحوث عنه.
(٣) راجع الصفحة ١٣٨.