والمتعصبون له فهاجت فتن وقتلت جماعة وعزل فخر الدولة بن جهير من وزارة المقتدي لكونه شذ عن الحنابلة (١).
وقال ابن كثير : وفي شوال منها ـ أي من سنة ٤٩٦ هـ ـ وقعت الفتنة بين الحنابلة والأشعرية ، وذلك أن ابن القشيري قدم بغداد فجلس يتكلّم في النظامية وأخذ يذمّ الحنابلة وينسبهم إلى التجسيم. واقتتل الناس بسبب ذلك وثارت الفتنة ، وجمع الخليفة بين ابن القشيري وشيخ الحنابلة وأبي سعد الصوفي والشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
واحتكموا إلى الوزير نظام الملك.
وقال شيخ الحنابلة : أيها الوزير تصلح بيننا؟ وكيف يقع بيننا صلح ونحن نوجب ما نعتقده وهم ـ أي الأشاعرة ـ يحرمون ويكفّرون؟
وهذا جد الخليفة القائم والقادر قد أظهر اعتقادهما للناس على رؤوس الأشهاد على مذاهب أهل السنة والجماعة والسلف (٢).
__________________
١ ـ تاريخ الخلفاء ، ترجمة المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبدالله بن محمد بن القاسم بأمر الله ، وفي عهده قويت شوكة السلاجقة وعزلوه ، قيل أنه مات مسموماً عام ٤٨٤ هـ. وتأمّل نفوذ فرقة الحنابلة وارتباط السلطة بها بحيث عزلت وزيرها الذي خرج عن الحنابلة.
٢ ـ البداية والنهاية ج ١٢ أحداث عام ٤٩٦ هـ.
وتأمل اتهام الأشاعرة للحنابلة بالتجسيم ، وكان الشيرازي والصوفي وكذلك الوزير نظام الملك ضد الحنابلة.
وانظر كيف تحصن الحنابلة بالسلطة والبرهنة على أن الخليفة القائم والقادر كانا على مذهب أهل السنة ، وكأن هذا الكلام يوحي بطريق غير مباشر إلى أن الأشاعرة لا يمثّلون مذهب أهل السنة.