لا يخفى على أحد بأنّ الافتراق يؤدّي إلى تمزيق الأمة وتفتيت أوصالها وإضعاف بنيتها والحاق الخسارات الهائلة بها ، نتيجة ضياع جهودها في الصراع والمهاترات والشقاق.
وقد ابتلي المجتمع الإسلامي ـ للأسف ـ بهذا الداء ، بعد أن التحق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالرفيق الأعلى ، ويشهد التاريخ بأنّ الأمة الاسلامية ما إن رزئت بفقده إلاّ وتغلّبت عليها الأهواء واستيقظت فيها الفتن ، حتى عادت الجاهلية ونور الإسلام في الآفاق.
ومن هذا المنطلق بدأت الفرق المتعددة والجماعات المتضادة والتكتلات المختلفة تنتشر في الدائرة الاسلامية ، حتى مهّد هذا الأمر للسلطات الحاكمة أن تستغل الوضع لمآربها الخاصة ومصالحها الشخصية.
وأوّل ما فعلت هذه السلطات أنّها استقطبت الفرق التي توفّر لها الدعم ، ونبذت الاتجاهات التي لا تتماشى مع مصالحها.
ومن هنا احتضنت الحكومات مذهب أهل السنة ، لأنها وجدته المذهب الوحيد الذي يوفّر لها ما تريد ، فتقبلته بكل ترحاب ، ومهّدت له السبيل للبقاء ، لتستمد من وجوده مشروعية استيلائها على دفة الحكم ، وليكون هذا المذهب مبرراً لكل ما تقوم به من أفعال تخدم