ومن هنا نستطيع القول أن كتابه الفرق بين الفرق كتب بمنظور أهل السنة وليس بمنظور البحث العلمي المجرّد ، وهو المتوقع من كاتب سخّر قلمه للذود عن أهل السنة والتشنيع بالخصوم وفضح المخالفين كما هو واضح من كم المؤلفات التي صنّفها وكما سوف يتّضح من خلال استعراض نصوص كتابه الفرق بين الفرق.
ومن الملاحظ أن جميع الكتب التي صدرت عن الفرق خرجت من دائرة أهل السنة ، وهذا يدل على أن هذه الكتب لم تنصف الخصوم من الفرق المخالفة بل ركّزت على فضحهم وتعريتهم بغير حق وذلك بهدف تثبيت أتباع أهل السنة.
ويدلّ من جانب آخر على مدى حالة الحصار والتعتيم التي فرضت على الفرق الأخرى وحالت دون وصول صوتها إلى المسلمين والدفاع عن نفسها في مواجهة أهل السنة والحكّام.
يبدأ البغدادي كتابه بذكر السبب الذي دعاه إلى تصنيفه بقوله :
سألتم أسعدكم الله بمطلوبكم شرح معنى الخبر المأثور عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في افتراق الأمة ثلاثاً وسبعين فرقة منها واحدة ناجية تصير إلى جنة عالية وبواقيها عادية تصير إلى الهاوية والنار الحامية ، وطلبتم الفرق بين الفرقة الناجية التي لا يزل بها القدم ولا تزول عنها النعم ، وبين فرق الضلال الذين يرون ظلام الظلم نوراً واعتقاد الحق ثبوراً وسيصلون سعيراً ولا يجدون من الله نصيراً. فرأيت إسعافكم بمطلوبكم من الواجب في إبانة الدين