ما ذكرت بعدها ) (١) وظلّت أمّ الفضل حاقدة على الإمام ، حتى اغتالته بالسمّ كما يقول بعض المؤرخين.
وأجرى المأمون مرتّباً سنوياً للإمام أبي جعفر عليهالسلام يبلغ مليون درهم (٢) ولم ينفق الإمام هذه الأموال مع ما يرد إليه من الحقوق الشرعية على شؤونه الخاصّة ، وإنّما كان ينفقها ـ بسخاء ـ على الفقراء والمحرومين من العلويّين وغيرهم.
وخرج المأمون من عاصمته بغداد إلى طرطوس (٣) للتنزّه والراحة ، وقد أعجبته كثيراً ، وذلك لما تتمتّع به من المناظر الطبيعية ، وأخذ يتجوّل في بعض متنزّهاتها فراقه مكان فيها كان حافلاً بالأشجار والمياه الجارية وعذوبة الهواء ، فأمر أصحابه أن ينزلوا فيها ، فنزلوا فيها ، ونصبت لهم المائدة فجلسوا للأكل ، والتفت المأمون إلى أصحابه فقال لهم : إنّ نفسي تطالبني الآن برطب جني ويكون ازاذ (٤) وبينما هم في الحديث إذ سمعوا قعقعة ركب البريد الواصل من بغداد ، وفيه أربع كثات (٥) من الخوص ملؤها رطب زاذ لم يتغيّر كأنّه جُنِي في تلك الساعة فقدّمت بين يديه ، وشعر من ذلك بقرب أجله المحتوم فكان يقول :
__________________
١ ـ الإرشاد : ص ٣٦٤.
٢ ـ شذرات الذهب : ج ٢ ص ٤٨. العبر في خبر من غبر : ج ١ ص ٣٨٠. النجوم الزاهرة : ج ٢ ص ٢٣١. الوافي بالوفيات : ج ٤ ص ١٠٥. مرآة الجنان : ج ٢ ص ٨٠. مرآة الزمان : ج ٦ ص ورقة ١٠٥.
٣ ـ طرطوس : بلدة في أرض الشام ـ معجم البلدان.
٤ ـ ازاذ : الرطب الجديد.
٥ ـ كثات : لعلّ المراد منه المكتل من الخوص.