فقلت له : وأنا على المائدة : إنّ والينا جعلت فداك يتولاّكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج ، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إلي ، فقال عليهالسلام : لا أعرفه ، فقلت : جعلت فداك انّه على ما قلت : من محبّيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني واستجاب له الإمام فكتب إليه بعد البسملة :
( أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإنّ ما لك من عملك إلاّ ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك ، واعلم أنّ الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل .. ) (١).
ولما ورد إلى سجستان عرف الوالي وهو الحسين بن عبد الله النيسابوري إنّ الإمام قد أرسل إليه رسالة فاستقبله من مسافة فرسخين ، وأخذ الكتاب فقبّله ، واعتبر ذلك شرفاً له ، وسأله عن حاجته فأخبره بها ، فقال له : لا تؤدِّ لي خراجاً ما دام لي عمل ، ثمّ سأله عن عياله فأخبره بعددهم فأمر له ولهم بصلة ، وظلّ الرجل لا يؤدّي الخراج ما دام الوالي حيّاً ، كما انّه لم يقطع صلته عنه (٢) كلّ ذلك ببركة الإمام ولطفه.
وواسى الإمام الجواد عليهالسلام الناس في سرّائهم وضرائهم ، ويقول المؤرّخون : إنّه قد جرت على إبراهيم بن محمد الهمداني مظلمة من قِبل الوالي ، فكتب إلى الإمام الجواد عليهالسلام يخبره بما جرى عليه ، فتألّم الإمام وأجابه بهذه الرسالة :
( عجّل الله نصرتك على من ظلمك ، وكفاك مؤنته ، وابشر بنصر الله عاجلاً
__________________
١ ـ الخردل : نبات حبّه صغير جداً.
٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١٢٩.