الجواب فيفسد بذلك مصاهرته للمأمون بالإضافة إلى أنّهم سيتّخذون من ذلك وسيلة لبطلان ما تذهب إليه الشيعة من أنّ الإمام أعلم أهل عصره وأفضلهم وانبرى العباسيون قائلين :
( قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه ، فخلِّ بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة فإنّ أصاب الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره ، وظهر للخاصّة والعامة سداد رأي أمير المؤمنين ، وإن عجز عن ذلك ، فقد كفينا الخطب في معناه .. ) (١).
وانصرف العباسيون ، وهم يفتّشون عن شخصيّة علمية تتمكنّ من امتحان الإمام وتعجيزه.
وأجمع رأي العباسيّين على اختيار يحيى بن أكثم قاضي قضاة بغداد ، وأحد أعلام الفقه في ذلك العصر ، لامتحان الإمام أبي جعفر عليهالسلام ، وعرضوا عليه الأمر ، ومنّوه بالأموال الطائلة إن امتحن الإمام وعجز عن جوابه ، فإنّ يحقّق لهم أعظم الانتصارات ، وأجابهم يحيى إلى ذلك ، وانصرف إلى منزله ، وراح يفتّش في كتب الفقه والحديث عن أعقد المسائل وأهمّها ليمتحن بها الإمام عليهالسلام وانطلق العباسيّون إلى المأمون فعرّفوه باستجابة يحيى لهم ، وطلبوا منه تعيين يوم لامتحان الإمام ، فعيّن لهم يوماً خاصاً.
ولمّا حضر اليوم المقرّر لامتحان الإمام عليهالسلام هرع العباسيون إلى بلاط المأمون
__________________
١ ـ الإرشاد : ص ٣٥٩ ـ ٣٦٠.