أحمد بن عيسى أن يأتيه في السحر ليتعرّف خبر علّته (١) وقد أخبر الإمام عليهالسلام بوفاته من كان عنده في الليلة التي توفّي فيها فقال لهم : نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نقلنا إليه (٢) وأخذت الآلام من الإمام مأخذاً عظيماً.
فقد كان في ريعان الشباب وغضارة العمر ولمّا أحسّ بدنو الأجل المحتوم منه أخذ يقرأ سوراً من القرآن الكريم ، وقد لفظ أنفاسه الأخيرة ولسانه يلهج بذكر الله تعالى وتوحيده ، وقد انطفت بموته شعلة مشرقة من الإمامة والقيادة الواعية المفكّرة في الإسلام.
لقد استشهد الإمام عليهالسلام على يد طاغية زمانه المعتصم العباسي وقد انطوت بموته صفحة من صفات الرسالة الإسلامية التي أضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الأرض.
وجُهِّز بدن الإمام عليهالسلام فغسُّل وأدرج في أكفانه ، وبادر الواثق والمعتصم فصلّيا عليه (٣) وحُمل الجثمان العظيم إلى مقابر قريش ، وقد احتفّت به الجماهير الحاشدة ، فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله فقد ازدحمت عشرات الآلاف في مواكب حزينة وهي تردّد فضل الإمام وتندبه ، وتذكر الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون في فقدهم للإمام عليهالسلام.
وحفر للجثمان الطاهر قبر ملاصق لقبر جدّه العظيم الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام فواروه فيه وقد واروا معه القيم الإنسانية ، وكلّ ما يعتزّ به الإنسان من المثل الكريمة.
__________________
١ ـ الإرشاد : ص ٣٦٩.
٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٩٩.
٣ ـ نزهة الجليس : ج ٢ ص ١١١. وفي مرآة الجنان : ج ٢ ص ٨١ أنّه صلى عليه الواثق بن المعتصم.