والخروج عن الموضوع لتحدّثنا عنها بالتفصيل .. إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن الحياة السياسية في عصر الإمام الجواد عليهالسلام.
وجهد الإسلام على تطوير الحياة الاقتصادية وازدهارها ، واعتبر الفقر كارثة مدمّرة يجب القضاء عليه بكافة الطرق والوسائل ، وألزم ولاة الأمور والمسؤولين أن يعملوا جاهدين على تنمية الاقتصاد العام ، وزيادة دخل الفرد ، وبسط الرخاء والرفاهية بين الناس ليسلم المسلمون من الشذوذ والانحراف الذي هو ـ على الأكثر ـ وليد الفقر والحرمان ، وكان من بين ما عنى به أنّه حرّم على ولاة الأمور إنفاق أموال الدولة في غير صالح المسلمين ، ومنعهم أن يصطفوا منها لأنفسهم وأقربائهم ، ومن يمتّ إليهم ، ولكن ملوك بني العباس قد جافوا ما أمر به الإسلام في هذا المجال فاتّخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً ، وأنفقوا أموال المسلمين على شهواتهم وملاذهم من دون أن يتحرّجوا في ذلك ، وقد أدّت هذه السياسية الملتوية إلى أزمات حادّة في الاقتصاد العام ، فقد انقسم المجتمع إلى طبقتين : الأولى الطبقة الراقية في الثراء التي لا عمل لها إلاّ التبطّل واللهو ، والأخرى الطبقة الكادحة التي تزرع الأرض ، وتعمل في الصناعة ، وتشقى في سبيل أولئك السادة من أجل الحصول على فتات موائدهم ، وترتّب على فقدان التوازن في الحياة الاقتصادية انعدام الاستقرار في الحياة السياسية والاجتماعية على السواء (١) ونحدّث ـ بإيجاز ـ عن شؤون الحياة الاقتصادية في ذلك العصر :
أما واردات الدولة الإسلامية في العصر العباسي الذي عاش فيه الإمام أبو جعفر
__________________
١ ـ الإدارة الإسلامية في عزّ العرب : ص ٨٢.