٤ ـ فانطلق الرسول معهم فرأى
فاطمة في محرابها وقد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها فساءه ذلك ! :
يدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله على ابنته الصائمة التي أخذ الجوع منها
مأخذه ، وبدلاً من أن يجدها تولول ، أو تثور في وجهه شاكية من انتقالها إلى مثل
هذا البيت الذي لا تضم خباياه ثلاثة اصوع من شعير ، بدلاً من كل هذا ، وغيره يراها
في محرابها تتجه إلى خالقها في خلوة حبيبه تقدسه ، وتمجده وتصلي له.
لقد فقدت فاطمة عليهاالسلام الغذاء الجسمي لأنها بذلك ضربت المثل
الإعلى للمواساة ، ولكنها عوضت عنه بالغذاء الروحي لتسلم أمرها إلى الله الذي
بذلوا كل نفيس في سبيل التقرب إليه.
إن هذا البيت المقدس ليكون بجدارة ، واستحقاق
موضع عناية الله ، ورعايته وتقديره ليُذهب عن أهله الرجس ، ويطهرهم تطهيراً.
ولتنال هذه الأسرة الصابرة المحتسبة
جزاء حبهم لله وتعلقهم به أن يقول عنهم القرآن لكريم :
(
فواقاهم
الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة
وحريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً
ولا زمهريرا * ودانية عليهم ظلالها
وذُلّلَت قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بآنية من
فضة وأكواب كانت قواريرا * قواريرا من فضة
قدروها تقديرا * ويسقون فيها كأساً
كان مزاجها زنجبيلا * عيناً فيها تسمى
سلسبيلا * ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتم
لؤلؤا منثورا * وإذ رأيت ثم رأيت