ضياء العالمين - ج ١

أبي الحسن بن محمّد طاهر العاملي [ العلامة الفتوني ]

ضياء العالمين - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن بن محمّد طاهر العاملي [ العلامة الفتوني ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-331-7
ISBN الدورة:
978-964-319-330-0

الصفحات: ٤٣٠
الجزء ١ الجزء ٢

وقال الباقر عليه‌السلام : «لا واللّه‏ ، ما على وجه الأرض شيء أحبّ إليّ من التقيّة ، من كانت له تقيّة رفعه اللّه‏ ، ومن لم تكن له تقيّة وضعه اللّه‏» (١) .

وقال عليه‌السلام : «اتّقوا على دينكم ، واحجبوه بالتقيّة ، فإنّه لا إيمان لمن لا تقيّة له ، إنّما أنتم في الناس كالنحل في الطير لو أنّ الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلاّ أكلته» (٢) .

وقال عليه‌السلام في قوله تعالى : «( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ) (٣) ، وقوله سبحانه : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) (٤) : إنّ الحسنة والأحسن التقيّة ، والسيّئة الإذاعة» (٥).

وقال الصادق عليه‌السلام : «أبى اللّه‏ لنا ولكم في دينه إلاّ التقيّة» (٦) .

وقال عليه‌السلام : «التقيّة من دين اللّه‏ الذي أمر عباده بها» .

قال الراوي : قلت ، من دين اللّه‏ ؟ قال : «إي واللّه‏ ، ولقد قال يوسف عليه‌السلام : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (٧) ، واللّه‏ ، ما كانوا قد سرقوا شيئاً ، ولقد قال إبراهيم عليه‌السلام : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) (٨) ، واللّه‏ ، ما كان سقيماً» (٩) .

__________________

(١) المحاسن ١: ٣٩٩ / ٨٩٨ ، الكافي ٢: ١٧٢ / ٤ (باب التقيّة) ، مشكاة الأنوار ١ : ١٧٣ / ٣ .

(٢) المحاسن ١ : ٤٠١ / ٩٠٤ ، الكافي ٢ : ١٧٢ / ٥ (باب التقيّة) ، بحار الأنوار ٧٥ : ٣٩٨ / ٣١ .

(٣) سورة فصّلت ٤١ : ٣٤ .

(٤) سورة المؤمنون ٢٣ : ٩٦ .

(٥) المحاسن ١ : ٤٠٠ / ٩٠١ ، الكافي ٢ : ١٧٣ / ٦ (باب التقيّة) مشكاة الأنوار ١ : ٨٨ / ١٧٤ ، وفيها بتفاوت في بعض الألفاظ .

(٦) الكافي ٢ : ١٧٣ / ٧ (باب التقيّة) .

(٧) سورة يوسف ١٢ : ٧٠ .

(٨) سورة الصافّات ٣٧ : ٨٩ .

(٩) المحاسن ١ : ٤٠٢ / ٩٠٧ ، الكافي ٢ : ١٧٢ / ٣ (باب التقيّة) ، مشكاة الأنوار ١ : ٩٣ / ١٨٩ ، وفيها بتفاوت يسير .

٣٨١

أقول : لعلّ مراده عليه‌السلام أنّهما ورّيا في كلامهما على ما سيأتي في جواز التورية والتجوّز في الكلام تقيّةً ومصلحةً .

وقال عليه‌السلام : «ما بلغت تقيّةُ أحدٍ تقيّة أصحاب الكهف ، إنّهم كانوا يشهدون الأعياد ويشدّون الزَّنانير (١) ، فأعطاهم اللّه‏ أجرهم مرّتين» (٢) .

وقال عليه‌السلام : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به» (٣) .

وفي رواية عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدّم ، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة» (٤) .

وأخبار أهل البيت في هذا الباب أكثر من أن تحصى ، وسيأتي بعض منها في المقالة التاسعة من المقصد الثاني الموضوعة لتحقيق التقيّة ونحوها ، وكذا أخبار المخالفين في هذا كثيرة جدّاً ، مع وجود شواهد صدقها ، وسنذكر تحقيق ذلك مفصّلاً على ما ينبغي في المقالة المذكورة ، وقد ذكرنا هاهنا أيضاً آنفاً بعض أخبارهم ، ولنذكر بعضاً آخَر أيضاً تمهيداً لما سيأتي ـ إن شاء اللّه‏ ـ في المقالة المذكورة :

روى البخاري ، والطبراني عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (أنّه قال : «يكفي المرء إذا رأى منكراً لا يستطيع له تغييراً أن يعلم اللّه‏ تعالى أنّه له

__________________

(١) الزُّنّار والزُّنّارة : ما على وسط المجوسي والنصراني ، وفي تهذيب اللغة : ما يلبسه الذمّي يشدّه على وسطه . تهذيب اللغة ١٣ : ١٨٩ ، لسان العرب ٤ : ٣٣٠ ـ مادّة زنر ـ .

(٢) تفسير العيّاشيّ ٣ : ٨٩ / ٢٦٣٣ ، الكافي ٢ : ١٧٣ / ٨ ، (باب التقيّة) بتفاوت يسير .

(٣) انظر : الكافي ٢ : ١٧٤ / ١٣ و١٧٥ / ١٨ (باب التقيّة) .

(٤) المحاسن ١ : ٤٠٤ / ٩١٤ ، الكافي ٢ : ١٧٤ / ١٦ (باب التقيّة) ، تهذيب الأحكام ٦ : ١٧٢ / ٣٣٥ .

٣٨٢

منكِر» (١) .

وفي الكتاب الكبير للطبراني : عن عبادة بن الصامت ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ) (٢) قال : «إنّها ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغير فيها بيد ولا بلسان» .

قيل : وهل ينقص ذلك من إيمانهم ؟ قال : «لا إلاّ كما ينقص المطر من الصفا» .

قيل : ولِمَ ذلك ؟ قال : «لأنّهم يكرهونه بقلوبهم» (٣) .

وفي كتاب البيهقي : عن أبي فاطمة الأيادي (٤) ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي مستدرك الحاكم ، وكتابي الديلمي والسخاوي : عن ابن الحنفيّة (٥) مرسلاً ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف مَن لا يجد له مِن معاشرته بدّاً حتّى يجعل اللّه‏ له من ذلك مخرجاً» (٦) .

قال السخاوي : نقل هذا الخبر جماعة من المشايخ ، حتّى نقل عن

__________________

(١) التاريخ الكبير ٣ : ٢٧٨ / ٩٥١ ، المعجم الكبير ١٠ : ٢٧٥ / ١٠٥٤١ ، وفيهما بتفاوت .

(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ن» .

(٣) وجدناه في المعجم الأوسط ٦ : ٢٦٢ / ٦١٥٣ ، بتفاوت في بعض الألفاظ .

(٤) لم نعثر على ترجمة له .

(٥) هو محمّد بن عليّ بن أبي طالب أخو الحسن والحسين عليهم‌السلام ، يكنّى أبا عبداللّه‏ ، والحنفيّة لقب اُمّه ، واسمها خولة بنت جعفر بن قيس ، وما جرى بين محمّد بن الحنفيّة وبين السجّاد عليه‌السلام ومحاكمتهما إلى الحجر الأسود ، كان ذلك منه تنبيهاً للغافلين ، وفضله وجلالته أشهر من أن توصف ، مات سنة ٨٠ هـ ، وقيل : سنة ٨١ هـ .

انظر : تنقيح المقال ٣ : ١١١ / ١٠٦٤٩ ، الطبقات الكبرى ٥ : ٩١ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ١١٠ / ٣٦ .

(٦) شعب الإيمان ٦ : ٢٦٦ ـ ٢٦٧ / ٨١٠٤ ، فردوس الأخبار ٣ : ٤٥٣ / ٥٢٨٤ ، المقاصد الحسنة : ٤١٣ / ٩١٢ ، ولم نعثر عليه في مستدرك الحاكم ، وحكاه عنه المناوي في فيض القدير ٥ : ٣٦٣ ، وفيها بتفاوت يسير .

٣٨٣

ابن المبارك أنّه قال : لولا هذا الحديث ما جمعني اللّه‏ وإيّاكم على حديث (١) .

وفي كتاب الحلية لأبي نعيم : عن حذيفة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «ويح هذه الاُمّة من ملوك جبابرة ، كيف يقتلون (٢) ويخيفون المطيعين إلاّ من أظهر طاعتهم ، فالمؤمن التقيّ يصانعهم بلسانه ، ويفرّ منهم بقلبه» (٣) .

وفي الفردوس : عن ابن مسعود ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «بئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم بالتقيّة والكتمان» (٤) .

وفي أخبار تأتي في المقالة المذكورة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ من شرار الناس من اتّقاه الناس لشرّه» (٥) .

وفي صحيح ابن ماجة : عن عبادة بن الصامت ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي كبير الطبراني : عن ابن عمر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «سيكون اُمراء ـ وفي رواية : أئمّة (٦) ـ يؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فصلّوا ، لوقتها ، فإذا حضرتم معهم الصلاة فصلّوا واجعلوا صلاتكم معهم تطوّعاً» (٧) .

وفي كتاب ابن عدي ، وكتابي البيهقي والسخاوي : عن عمران بن

__________________

(١) المقاصد الحسنة : ٤١٣ ـ ٤١٤ / ٩١٢ .

(٢) في «م» و«ش» : يفعلون .

(٣) وجدناه في عقد الدرر : ٩٥ حكاه عن (صفة المهديّ) لأبي نعيم .

(٤) فردوس الأخبار ٢ : ٢٨ / ١٩٦٧ .

(٥) المعجم الأوسط ٧ : ٣٧٠ / ٧٦١٨ .

(٦) جامع الأحاديث ٤: ٤٧٨ / ١٢٩٠٢، عن ابن عمرو .

(٧) انظر : سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٨ / ١٢٥٧ ، انظر : الجامع الكبير للطبراني ٧ : ٣٤٤ / ٧١٥٥ ، عن عمر والمعجم الأوسط ١ : ٣٨٧ / ٩٦٢ عن عبداللّه‏ بن عمرو بن العاص ، وحكاه عنه السيوطي في جامع الأحاديث ٤ : ٤٧٨ / ١٩٢٠٠ .

٣٨٤

الحصين (١) ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب» (٢) .

وفي كتاب البيهقي : عن عمرو بن العاص ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لقد اُمرت أن أتجوّز في القول ؛ فإنّ الجواز في القول هو خير» (٣) .

وفي كتاب الطبراني : عن عمرو أيضاً : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقبل بوجهه وحديثه على شرّ القوم يتألّفه بذلك (٤) .

وفي صحيحي البخاري ومسلم : عن أنس ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّي اُعطي رجالاً حديثي عهدٍ بالكفر أتألّفهم» ، الخبر ـ إلى أن قال : ـ «وإنّكم سترون بعدي اُثرةً شديدةً فاصبروا حتّى تلقوا اللّه‏ ورسوله ، فإنّي على الحوض» (٥) .

وفي صحيحي البخاري والترمذي : عن ابن مسعود ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّكم سترون بعدي مأثرة واُموراً تنكرونها» قالوا : فما تأمرنا يارسول اللّه‏ ؟ قال : «أدّوا إليهم حقّهم وسَلوا اللّه‏ حقّكم» (٦) .

وفي كتاب عبداللّه‏ بن أحمد بن حنبل : عن عليّ عليه‌السلام قال : «قال

__________________

(١) هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف ، يكنّى أبا نُجيد ، أسلم عام خيبر ، وغزا مع رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله غزوات ، وولي قضاء البصرة ، مات سنة ٥٢ هـ .

انظر : اُسد الغابة ٣ : ٧٧٨ / ٤٠٤٢ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ٥٠٨ / ١٠٥ ، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث ٤١ ـ ٦٠) : ٢٧٣ ـ ٢٧٦ .

(٢) الكامل لابن عدي ٣ : ٥٦٧ / ٦٣٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ : ١٩٩ ، المقاصد الحسنة : ١٤٣ / ٢٢٧ .

(٣) شعب الإيمان ٤ : ٢٥٢ / ٤٩٧٥ .

(٤) لم نعثر عليه في كتابه ، وحكاه عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ١٥ ، والسيوطي في الجامع الصغير ٢ : ٣٨٨ / ٧١٢٣ ، و المتّقي في كنز العمّال ٧ : ١٦٠ / ١٨٥٢٢ .

(٥) صحيح البخاري ٤ : ١١٤ ـ ١١٥ ، و٥ : ٢٠١ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٣٣ / ١٠٥٩ بتفاوت .

(٦) صحيح البخاري ٩ : ٥٩ ، سنن الترمذي ٤ : ٤٨٢ / ٢١٩٠ .

٣٨٥

رسول اللّه‏ : سيكون اختلاف أوامر (١) ، إن استطعت أن تكون السَلم فافعل» (٢) .

وفي مستدرك الحاكم : عن أبي ذرّ قال : قال لي رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كيف أنت وأئمّة يستأثرون بهذا الفيء ؟ » فقلت : أضع سيفي على عاتقي واُجاهدهم حتّى اُقتل ، فقال : «ألا أدلّك على خير من ذلك ، اصبر حتّى تلقاني» (٣) .

وأمثال هذه الأخبار عديدة لا يمكن إنكارها ، وكفى ما ذكرنا هاهنا ، وسنفصّل تحقيق لزوم التقيّة والمداراة ، وما هو من فروعهما فيما يأتي من المقالة التي أشرنا إليها (٤) إن شاء اللّه‏ تعالى ، فتأمّل ولا تغفل .

__________________

(١) في «م» : اُمراء ، وفي حاشية «ن» و«س» و«ش» : نسخة بدل (اُمراء) .

(٢) مسند أحمد ١ : ١٤٥ / ٦٩٧ ، وحكاه عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ : ٢٣٤ .

(٣) انظر : المستدرك للحاكم ٤ : ٤٢٤ بتفاوت يسير .

(٤) في ص ٣٨٢ .

٣٨٦

الفصل الخامس

في بيان أنّ المدار على هذا النوع من الامتحان المذكور في الباب وفصوله ، وكذا الامتحان الآتي [وأنّه] كان في كلّ زمان حتّى في هذه الاُمّة ولو على سبيل الشدّة والضعف ، كما مرّ أنّه كانت كذلك الامتحانات المتقدّمة ، وهكذا يكون إلى قيام قائم آل محمّد عليهم‌السلام .

ونذكر هاهنا ما يدلّ على اقتفاء هذه الاُمّة مَنْ قبلَهم من الاُمم السابقة (١) في كلّ شيء حذو النعل بالنعل .

اعلم أنّ الجزء الأوّل من المقصود في هذا الفصل قد تبيّن تبياناً تامّاً ممّا قد سبق ، كما هو ظاهر ، وسيأتي في الباب الآتي أيضاً ما يزيده بياناً ، ومع هذا نذكر بعض آياته وأخباره في ضمن بيان الجزء الثاني ؛ لاتّحاد مفادهما جميعاً ، فلنتوجّه هاهنا إلى ذكر ما يوضّح الجزء الثاني صريحاً وتلويحاً ، وإن كان هو أيضاً ممّا تبيّن ممّا سبق ضمناً ، فلنذكر أوّلاً نبذاً من الآيات ، ثمّ الروايات .

قال اللّه‏ تعالى : ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ) (٢) أي : لتتبعنّ سنن السابقين حذو النعل بالنعل ، كما سيأتي في الأخبار ، وهذا تفسير صرّح به

__________________

(١) في «م» : السالفة .

(٢) سورة الانشقاق ٨٤ : ١٩ .

٣٨٧

جمع من المفسرين (١) ، ووردت فيه أخبار من أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام أجمعين (٢) .

وقال عزوجل : ( مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ) (٣) .

وقال سبحانه : ( بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ ) (٤) .

وقال تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) (٥) ، الآية .

وقوله تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ) (٦) ، الآية .

وقال تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ) (٧) .

وقال عزوجل : ( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ *‏ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) (٨) .

وقال أيضاً : ( فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَاءُوا

__________________

(١) انظر : تفسير القمّي ٢ : ٤١٣ ، مجمع البيان ٥ : ٤٦٢ ، البحر المحيط ٨ : ٤٤٨ .

(٢) كمال الدين ٢ : ٤٨٠ / ٦ ، و٥٧٦ (الباب الرابع والخمسون) ، كتاب سليم بن قيس ٢ : ٥٩٩ .

(٣) سورة فصّلت ٤١ : ٤٣ .

(٤) سورة المؤمنون ٢٣ : ٨١ .

(٥) سورة البقرة ٢ : ١١٣ .

(٦) سورة البقرة ٢ : ١١٨ .

(٧) سورة التوبة ٩ : ٣٠ .

(٨) سورة فاطر ٣٥ : ٢٤ ـ ٢٥ .

٣٨٨

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ) (١) .

وقال : ( وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ ) (٢) الآية .

وقال عزّ شأنه : ( وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ *‏ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَىٰ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ ) (٣) .

وقال أيضاً : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ *‏ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ *‏ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ) (٤) .

وقال أيضاً : ( سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ) (٥) .

وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ) وقال : ( إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ) (٦) .

وقال : ( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) (٧) .

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ١٨٤ .

(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٠١ .

(٣) سورة الزخرف ٤٣ : ٦ ـ ٨ .

(٤) سورة الحجر ١٥ : ١٠ ـ ١٣ .

(٥) سورة الإسراء ١٧ : ٧٧ .

(٦) سورة النحل ١٦ : ٣٦ ـ ٣٧ .

(٧) سورة الفتح ٤٨ : ٢٣ .

٣٨٩

وقال : ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) (١) .

وقال أيضاً : ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا ) (٢) .

وقال : ( فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) (٣) .

وقال : ( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) (٤) .

وقال عزوجل : ( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) (٥) .

وقال تعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ) (٦) ، الآية .

وقال في ذكر المنافقين وأمثالهم : ( كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ) (٧) ،

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦٢ .

(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٨ .

(٣) سورة فاطر ٣٥ : ٤٣ .

(٤) سورة آل عمران ٣ : ١٣٧ .

(٥) سورة النساء ٤ : ٢٦ .

(٦) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤ .

(٧) سورة التوبة ٩ : ٦٩ .

٣٩٠

الآية .

وقال سبحانه : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا ) (١) الآية .

وقال عزوجل : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) (٢) ، الآية .

وقال : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ) (٣) ، الآية . وكفى من الآيات ما ذكرناه .

وفي بعض خطب عليّ عليه‌السلام : «واعلموا أنّ اللّه‏ لن يرضى عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم ، ولن يسخط عليكم بشيء رضيه ممّن كان قبلكم ، وإنّما تسيرون في أثر بيّن ، وتتكلّمون برجع قول قد قاله الرجال من قبلكم» (٤) ، الخبر .

وفي اُخرى : «إنّ الدهر يجري بالباقين كجريه بالماضين» إلى قوله عليه‌السلام : «آخر أفعاله كأوّله متشابهة اُموره ، متظاهرة أعلامه» (٥) ، الخبر .

وفي اُخرى : «حتّى إذا قبض اللّه‏ نبيّه رجع قوم على الأعقاب» إلى قوله عليه‌السلام : «قد ماروا (٦) في الحيرة ، وذهلوا في السكرة على سنّة من آل فرعون من منقطع إلى الدنيا راكن ، ومفارق للدين مباين» (٧) .

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢١٤ .

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٤٦ .

(٣) سورة الأنعام ٦ : ١١٢ .

(٤) نهج البلاغة : ٢٦٦ الخطبة ١٨٣ بتفاوت يسير .

(٥) نهج البلاغة : ٢٢١ الخطبة ١٥٧ بتفاوت يسير .

(٦) مار الشيء ويمور موراً : أي : تحرّك .

انظر : الصحاح ٢ : ٨٢٠ ، ومجمع البحرين ٣ : ٤٨٥ ـ مادّة مور ـ .

(٧) نهج البلاغة : ٢٠٩ الخطبة ١٥٠ بتفاوت يسير .

٣٩١

وفي اُخرى : «لو لم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ ، ولم تهِنوا عن توهين الباطل لم يطمع فيكم من ليس مثلكم ، لكنّكم تِهْتُمْ متاه بني إسرائيل ولعمري ، ليُضعّفنّ لكم التيه من بعدي أضعافاً بما خلّفتم الحقّ وراء ظهوركم ، وقطعتم الأدنى ، ووصلتم الأبعد» (١) ، الخبر .

ولعلّ مراده عليه‌السلام بالتيه في هذه الاُمّة تحيّرهم في أودية الضلالة بحيث يموتون على هذه الحالة ، أو حرمانهم من معرفة بقية الأئمّة .

وفي صحيحي البخاري ومسلم : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لتتبعنّ سنن من قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتّى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه» (٢) وفي موضع من البخاري وصحيح مسلم : «حتّى لو دخلوا جُحر ضبّ لتبعتموهم» قلنا : يارسول اللّه‏ اليهود والنصارى ؟ قال : «فمن؟!» ، ورواه الحميدي هكذا أيضاً في الجمع بين الصحيحين (٣) ، وأخبار أهل البيت عليهم‌السلام بهذا المضمون مستفيضة (٤) .

وفي صحيح البخاري أيضاً : عن أبي هريرة ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تقوم الساعة حتّى تأخذ اُمّتي بأخذ القرون السابقة قبلها شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع» ، فقيل : يا رسول اللّه‏ ، كفارس والروم ، قال : «ومن الناس (٥) إلاّ اُولئك» ، ورواه الحميدي أيضاً وفيه : «حتّى تأخذ اُمّتي مأخذ القرون

__________________

(١) نهج البلاغة : ٢٤١ الخطبة ١٦٦ .

(٢) صحيح البخاري ٤ : ٢٠٦ .

(٣) صحيح البخاري ٩ : ١٢٦ ، صحيح مسلم ٤ : ٢٠٥٤ / ٢٦٦٩ ، الجمع بين الصحيحين ٢ : ٤٣٧ / ١٧٥٣ ، وأورده السيوطي في جامع الأحاديث ٥ : ٢٢ / ١٦٩٥٠ .

(٤) كمال الدين ٢ : ٤٨٠ ، كتاب سُليم بن قيس ٢ : ٥٩٩ ، تفسير القمي ٢ : ٤١٣ .

(٥) في «ش» نسخة بدل : «ومَن هم» .

٣٩٢

الخالية» (١) إلى آخر الخبر .

وفي جامع السيوطي : من صحيح الترمذي عن ابن عمر (٢) عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «ليأتينّ على اُمّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتّى إن كان منهم من أتى اُمّه علانية لكان في اُمّتي من يصنع ذلك ، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت اثنتين وسبعين ملّة ، وتفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين ملّة ، كلّهم في النار إلاّ ملّة واحدة» (٣) .

ومن كتاب المستدرك للحاكم : عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لتركبنّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتّى لو أنّ أحدهم دخل جحر ضبّ لدخلتم ، وحتّى لو جامع أحدهم امرأته في الطريق لفعلتموه» (٤) .

ومن كتاب ابن أبي شيبة : عن حذيفة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لتركبنّ سنّة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، والقذّة (٥) بالقذّة ، غير أنّي لا أدري تعبدون العجل أم لا ؟» (٦) .

وفي الكشّاف عند تفسير قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ

__________________

(١) صحيح البخاري ٩ : ١٢٦ ، الجمع بين الصحيحين ٣ : ٢٤٨ / ٢٥٤١ بتفاوت يسير .

(٢) كذا في النسخ ، وفي المصادر : ابن عمرو ، وهو عبداللّه‏ بن عمرو بن العاص .

(٣) سنن الترمذي ٥ : ٢٦ / ٢٦٤١ ، الجامع الصغير ٢ : ٤٤٤ / ٧٥٣٢ ، وأورده ابن الأثير في جامع الاُصول ١٠ : ٣٣ / ٧٤٩١ .

(٤) المستدرك للحاكم ٤ : ٤٥٥ ، الجامع الصغير ٢ : ٤٠١ / ٧٢٢٤ .

(٥) القذّة ـ بالضمّ والتشديد ـ : ريش السهم ، والجمع قُذذ .

انظر : مجمع البحرين ٣ : ١٨٦ ، الصحاح ٢ : ٥٦٨ ـ مادة قذذ ـ .

(٦) المصنّف لابن أبي شيبة ١٥ : ١٠٦ / ١٩٢٣٤ ، جامع الأحاديث ١٩ : ٣١٨ / ١٤٦٤٤ .

٣٩٣

اللَّهُ ) (١) ، الآية ، روى حديث حذيفة هكذا : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنتم أشبه الاُمم سمتاً ببني إسرائيل ، لتركبنّ طريقهم» (٢) إلى آخر الخبر .

وفي جامع الاُصول روى حديث الترمذي هكذا : إنّه كان للمشركين شجـرة يسمّونها ذات أنـواط يعلّقون عليها أسلحتهم ، فقال المسلمون للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجعل لنا ذات أنواط ، فقال : «هذا مثل قول قوم موسى عليه‌السلام : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ؛ لتركبنّ سنن من كان قبلكم» . أخرجه الترمذي (٣) ، وزاد فيه رزين (٤) : «حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة ، حتّى إن كان فيهم من أتى اُمّه يكون فيكم ، ولا أدري أتعبدون العجل ، أم لا؟» (٥) انتهى .

وستأتي أخبار اختلاف هذه الاُمّة كسائر الاُمم في الباب الآتي ، وسنبيّن هاهنا ما هو نظير عبادة العجل .

والظاهر أنّ مراده صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : «ولا أدري أتعبدون العجل ، أم لا؟» الإشارة إلى تحقّق النظير دون أصله ، كطلبهم ذات أنواط ، لا كإتيان الاُمّ مثلاً ، وحينئذٍ فالتعبير هكذا للإشعار بشدّة التشابه ، فافهم .

وروى السيوطي أيضاً من الكتاب الكبير للطبراني عن ابن مسعود ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنتم أشبه الاُمم ببني إسرائيل لتركبنّ طريقتهم حذوة

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٤٤ .

(٢) تفسير الكشّاف ٢ : ٢٤٣ .

(٣) سنن الترمذي ٤ : ٤٧٥ / ٢١٨٠ .

(٤) رزين بن معاوية بن عمّار العبدري الأندلسي السرقسطي ، يكنّى أبا الحسن ، إمام الحرمين، جاور بمكّة دهراً ، له كتب ، منها : التجريد للصحاح الستّة ، مات سنة ٥٣٥هـ .

انظر : روضات الجنّات ٣ : ٣٤٥ /٣٠٣ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ : ٢٠٤ / ١٢٩ ، شذرات الذهب ٤ : ١٠٦ ، الأعلام ٣ : ٢٠ .

(٥) جامع الاُصول لابن الأثير ١٠ : ٣٤ / ٧٤٩٢ .

٣٩٤

القذّة بالقذّة ، حتّى لا يكون فيهم شيء إلاّ كان فيكم مثله ، حتّى إنّ القوم لتمرّ عليهم المرأة فيقوم إليها بعضهم فيجامعها ، ثمّ يرجع إلى أصحابه يضحك إليهم ويضحكون إليه» (١) .

وفي صحيحي البخاري ومسلم ، وكتاب الضياء المقدسي : عن عقبة ابن عامر (٢) ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر الحديث ـ إلى أن قال عليه‌السلام : ـ «وإنّي أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها ، وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم» (٣) .

وفي كتاب ابن عساكر (٤) : عن الحسن (بن عليّ عليهما‌السلام ) (٥) ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «عشر خصال عملها قوم لوط ، بها هلكوا ، وتزيدها اُمّتي بخلّة : إتيان الرجال بعضهم بعضاً ، ورميهم بالجلاهق (٦)

__________________

(١) المعجم الكبير ١٠ : ٤٧ / ٩٨٨٢ ، جامع الأحاديث ٣ : ٢٨٧ / ٨٦٧٧ .

(٢) عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عديّ ، يكنّى أبا حمّاد ، وقيل : أبا عمرو ، وغير ذلك ، كان من أصحاب معاوية بن أبي سفيان ، وشهد صفّين معه ، وحضر فتح مصر مع عمرو بن العاص ، وولي مصر سنة ٤٤ هـ ، ومات سنة ٥٨ هـ .

انظر : الاستيعاب ٣ : ١٠٧٣ / ١٨٢٤ ، اُسد الغابة ٣ : ٥٥٠ / ٣٧٠٥ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ٤٦٧ / ٩٠ ، الأعلام ٤ : ٢٤٠ .

(٣) صحيح البخاري ٥ : ١٢٠ ، ورد فيه مختصراً ، صحيح مسلم ٤ : ١٧٩٦ / ٣١ .

(٤) هو علي بن أبي محمّد الحسن بن هبة اللّه‏ ، يكنّى أبا القاسم ، المعروف بابن عساكر ، كان محدّثاً في الشام في زمانه ، ومن أعيان الفقهاء الشافعية ، له كتب ، منها : تاريخ مدينة دمشق ، والإشراف على معرفة الأطراف ، وفضائل أصحاب الحديث ، مات سنة ٥٧١ هـ بدمشق .

انظر : معجم الاُدباء للحموي ١٣ : ٧٣ / ١٤ ، وفيات الأعيان ٣ : ٣٠٩ / ٤٤١ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ : ٥٥٤ / ٣٥٤ .

(٥) ما بين القوسين لم يرد في المصدر .

(٦) الجلاهق ـ هي بضمّ الجيم ـ : البندق المعمول من الطين ، ومنه قوس الجلاهيق .

انظر : مجمع البحرين ٥ : ١٤٣ ـ ١٤٤ ، الصحاح ٤ : ١٤٥٤ .

٣٩٥

والخذف (١) ، ولعبهم بالحمام ، وضرب الدفوف ، وشرب الخمور ، وقصّ اللحية ، وطول الشارب ، والصفير ، والصفيق ، ولباس الحرير ، وتزيدها اُمّتي : إتيان النساء بعضهنّ بعضاً» (٢) .

وروى السيوطي أيضاً ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ اللّه‏ عزوجل بعثني رحمة للناس كافة ، فأدّوا عنّي رحمكم اللّه‏ ، ولا تختلفوا كما اختلف الحواريّون على عيسى عليه‌السلام ، فإنّه دعاهم إلى مثل ما أدعوكم إليه ، فأبى من قرب مكانه فكرهه ، فشكى عيسى عليه‌السلام ذلك إلى اللّه‏ تعالى ، فأصبحوا وكلّ رجل منهم يتكلّم بلسان القوم الذين وجّه إليهم» (٣) ، الخبر .

وكأنّ المراد أنّهم لمّا لم يتّفقوا على محض متابعة عيسى عليه‌السلام ، وكرهوا الاقتصار على ما أتاهم به ، أوقع اللّه‏ بينهم الاختلاف ، فأنتم أيضاً كذلك إن لم تكتفوا على ما جئت به فتشركوا به مقتضيات آرائكم ، وفيه دلالة على عدم حسن حال جميع الحواريّين ، فلا تغفل.

وستأتي في الباب الآتي أخبار متواترة في ذمّ الاختلاف ومتابعة الآراء ، وإنّ ذلك الذي يوقع في الضلال ، وأنّ مناط حسن الحال وسوئه في هذه الاُمّة وسائر الاُمّم جميعاً ، إنّما هو الاقتصار على التمسّك بمحكمات الكتاب وثابتات السنّة ، وعدمه بإدخال الرأي وأمثاله ، حتّى في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب ، ضربوا كتاب اللّه‏ بعضه ببعض ، وإنّما كتاب اللّه‏

__________________

(١) الخذف بالحصى : الرمي به بالأصابع .

انظر : الصحاح ٤ : ١٣٤٧ ، مجمع البحرين ٥ : ٤٢ ـ مادة خذف ـ .

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٥٠ : ٣٢٢ ، وحكاه عنه السيوطي في جامع الأحاديث ٦ : ١٧٤ / ١٤١٣٨ .

(٣) جامع الأحاديث ٢ : ٤٧٢ / ٦٧٠٠ ، وفيه «فأَمَّا» بدل «فأبى» .

٣٩٦

يصدّق بعضه بعضاً» إلى قوله عليه‌السلام : «فما علمتم فيه فقولوا ، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه» (١) .

وفي صحيح ابن ماجة ، والكبير للطبراني ، كما سيأتي : عن ابن عمر قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لم يزل أمر بني إسرائيل كان معتدلاً حتّى نشأ فيهم المُوَلَّدُونَ ، وأبناء سبايا الاُمم التي كانت بنو إسرائيل تسبيها ، فقالوا بالرأي فضلّوا وأضلّوا» (٢) .

وسيأتي أيضاً من كتابي الطبراني وابن عساكر ، وغيرهما قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ اللّه‏ لم يبعث نبيّاً قبلي إلاّ كان في اُمّته من بعده مرجئة وقدريّة يشوّشون أمر الاُمّة و إنّهما لا يدخلان الجنّة» (٣) حتّى فيه : «إنّ القدريّة مجوس هذه الاُمّة» (٤) .

وفي كتاب الطبراني : عن ابن عمر ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما اختلفت اُمّة بعد نبيّها إلاّ ظهر أهل باطلها على أهل حقّها» (٥) .

وفي كتاب البيهقي : عن عليّ عليه‌السلام ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ بني إسرائيل اختلفوا ، فلم يزل اختلافهم بينهم حتّى بعثوا حكمين فضلاّ وأضلاّ ، وإنّ هذه الاُمّة ستختلف فلا يزال اختلافهم بينهم حتّى يبعثوا

__________________

(١) المصنّف للصنعاني ١١ : ٢١٦ / ٢٠٣٦٧ ، صحيح مسلم ٤: ٢٠٥٣ / ٢٦٦٦، وفيه صدر الحديث ، المعجم الأوسط ٣ : ٣٢١ / ٣٠١٩ ، جامع الأحاديث ٣ : ٢٠٦ / ٨١٨٦ ، ولم نعثر عليه في صحيح البخاري .

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢١ / ٥٦ ، وفيه : عن عبداللّه‏ بن عمرو بن العاص ، ولم نعثر عليه في المعجم الكبير ، وحكاه عنهما السيوطي في جامع الأحاديث ٥ : ٩٢ / ١٧٤٠٩ .

(٣) انظر : المعجم الكبير ٢٠ : ١١٧ / ٢٣٢ ، وتاريخ مدينة دمشق ٦٥ : ١٥٥ ـ ١٥٦ / ٨٢٦١ ، وجامع الأحاديث ٢ : ٤٩١ / ٦٨٠٧ .

(٤) كنز العمّال ١ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣ / ١٥٩٧ ضمن الحديث .

(٥) المعجم الأوسط ٨ : ٢٤ / ٧٧٥٤ .

٣٩٧

حكمين فيضلاّ ويضلّ من يتبعهما» (١) .

وسنذكر بعض بقيّة الأخبار ، لاسيّما الدالّة على كون أهل البيت عليهم‌السلام وأتباعهم نظراء أهل الحقّ في الاُمم السابقة ، فلنشرع الآن في بيان تفصيل الانطباق .

فاعلم أوّلاً : أنّه لا يلزم ـ كما هو مفاد ما ذكرناه من الأخبار ـ أن يكون كلٌّ من أقسام الانطباق صوريّاً وبعين الكيفية التي وقعت في الاُمم السابقة من جميع الجهات ، ومع وجدان كلّ جهة كانت هناك هاهنا ، بل يكفي مطلق التشابه وصدق النظير في الجملة ، ولا حجر أيضاً في تعدّد وقوع نظير شيء طول الأعصار وإن كان وجه الشبه في بعضٍ غير الوجه في آخر.

ثمّ اعلم ثانياً : أنّه لا شكّ ، بل لا كلام أيضاً ـ كما تنادي به الأخبار المتواترة ، لاسيّما التي تأتي في فصول المقالة الأخيرة من المقصد الأوّل ـ في كون عليّ عليه‌السلام في هذه الاُمّة نظير هارون في بني إسرائيل ، وكذا نظير يوشع بن نون فيهم ، بل نظير كلّ وصيّ من أوصياء الأنبياء ، بل كلّ ثابت الخيريّة ، حتّى أنّ في كتابَي العِصامي (٢) والخِلَعي (٣) : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه

__________________

(١) دلائل النبوّة للبيهقي ٦ : ٤٢٣ .

(٢) هو عبدالملك بن حسين بن عبدالملك الشافعي المكي الشهير بالعصامي ، المؤرّخ الأديب ،وهو حفيد الملا عصام عبدالملك بن جمال الدين (٩٧٨ هـ ١٠٣٧) .

له كتب منها : سمط النجوم العوالي في انباء الأوائل والتوالي ، ومنها : قيد الأوابد من الفوائد والعوائد ، ولد بمكة سنة ١٠٤٩ هـ ، وتوفّي فيها سنة ١١١١ هـ .

انظر : الأعلام ٤ : ١٥٧ ، هدية العارفين (ضمن كشف الظنون) ١ : ٦٢٨ ، البدر الطالع ١ : ٢٠٤ / ١٨٦ .

(٣) هو القاضي عليّ بن الحسن بن الحسين الموصلي الأصل ، يكنّى أبا الحسن ، واشتهر بالخلعي ، لأنه كان يبيع الخِلع لأملاك مصر ، وقد سمع أبا محمّد عبدالرحمن بن عمر بن النحّاس ، وحدّث عنه : أبو عليّ الصدفي ، له كتب منها : المغني في الفقه ، ولد سنة ٤٠٥ هـ ، ومات سنة ٤٩٢ هـ .

انظر : وفيات الأعيان ٣ : ٣١٧ / ٤٤٤ ، سير أعلام النبلاء ١٩ : ٧٤ / ٤٢ ، طبقات الشافعيّة للسبكي ٥ : ٢٥٣ / ٤٩٩ ، شذرات الذهب ٣ : ٣٩٨ .

٣٩٨

قال : «ما من نبيّ إلاّ وله نظير من اُمّته وعليّ عليه‌السلام نظيري» (١) .

وكون الحسنين عليهما‌السلام نظيرَي ابنَي هارون شُبر وشُبير، وكون الحسين عليه‌السلام نظير يحيى عليه‌السلام ، وكون فاطمة عليها‌السلام نظيرة مريم عليها‌السلام ؛ فمقابلهم مقابلهم .

ولا بأس إن أشرنا إلى بعض تلك الروايات الموضّحات هاهنا ليكون من قبيل الاُنموذج لما سيأتي . .

روى السيوطي في جامعه الكبير من مسند ابن حنبل وغيره ، عن أسماء بنت عميس وغيرها : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في حديث له : «اللّهمّ إنّي أقول كما قال أخي موسى عليه‌السلام : اجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً عليه‌السلام أشدُد به أَزري وأَشركه في أَمري» (٢) ، وسيأتي مع غيره مفصّلاً في الفصل الثاني من المقالة الأخيرة من المقصد الأوّل .

ومن كتاب ابن المغازلي (٣) وغيره في حديث سدّ أبواب المسجد إلاّ

__________________

(١) الرياض النضرة ١ : ٢٤٧ / ٨١ عن الخِلعي ، سمط النجوم العوالي ٣ : ٣٠ .

(٢) فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لأحمد بن حنبل : ٢٠٢ / ٢٨٠ ، الدر المنثور للسيوطي ٥ : ٥٦٦ ، مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام لمحمّد بن سليمان الكوفي ١ : ٣٠٣ / ٢٢٢ ، وانظر : تاريخ مدينة دمشق ٤٢ : ٥٢ ، لم نعثر عليه في الجامع الكبير .

(٣) هو عليّ بن محمّد بن محمّد بن الطيب الجُلاّبي ، يكنّى أبا الحسن ، المعروف بابن المغازلي من أهل واسط العراق ، كان فاضلاً عارفاً برجالات واسط وحديثهم ، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه ، له كتب منها : مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب ، وذيل التاريخ لواسط ، مات سنة ٤٨٣ هـ .

انظر : الأنساب ٢ : ١٣٧ .

٣٩٩

باب عليّ عليه‌السلام : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سمع كلام الناس في ذلك فخطب وقال : «إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم أنّي اُسكن عليّاً عليه‌السلام في المسجد واللّه‏ ، ما أخرجتُهم ولا أسكنته (١) ، إنّ اللّه‏ تعالى أوحى إلى موسى وأخيه عليهما‌السلام : أن تبوّأ لقومكما بمصر بيوتاً ، واجعلوا بيوتكم قبلة ، وأقيموا الصلاة ، فأمر موسى عليه‌السلام أن لا يسكن مسجده ، ولا ينكح فيه ، ولا يدخله جُنباً إلاّ هارون وذرّيّته ؛ وأنّ عليّاً عليه‌السلام منّي بمنزلة هارون من موسى عليه‌السلام ، وهو أخي دون أهلي ، ولا يجوز مسجدي لأحد أن ينكح فيه النساء إلاّ عليّ وذُرّيّته عليهم‌السلام ، فمن شاء فهاهنا» وأومأ بيده نحو الشام (٢) ، وسيأتي هذا مع غيره مفصّلاً ، لا سيّما في الفصل الرابع من تلك المقالة .

ومن كتاب صحيح النسائي (٣) والخوارزمي وغيرهما ـ كما يأتي ـ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لكلّ نبيّ وصيٌّ ووارث ، وإنّ وصيّي ووارثي عليّ عليه‌السلام » (٤) ، وسيأتي هذا مع غيره مفصَّلاً في الفصل السادس من تلك المقالة .

__________________

(١) في علل الشرائع زيادة : «بل اللّه‏ أخرجهم وأسكنه» .

(٢) علل الشرائع ١ : ٢٠٢ / ٣ (باب ١٥٤) ، المناقب لابن المغازلي : ٢٥٥ / ٣٠٣ ، الطرائف ١ : ٨٧ / ٦١ ، العمدة لابن البطريق : ١٧٨ / ٢٧٥ ، بتفاوت يسير .

(٣) هو أحمد بن عليّ بن شعيب بن عليّ النسائي ، يكنّى أبا عبدالرحمن ، كان عارفاً في الحديث ، سئل في دمشق عن معاوية وفضائله ؟ فقال : لا أعرف له فضيلة إلاّ : «لا أشبع اللّه‏ بطنك» ! له كتب منها : السنن ، والضعفاء والمتروكون ، وخصائص عليّ عليه‌السلام ، ولد سنة ٢١٥ هـ ، ومات سنة ٣٠٣ هـ .

انظر : العبر ١ : ٤٤٤ / ٣٠٣ ، المنتظم ١٣ : ١٥٥ / ٢١١٢ ، وفيات الأعيان ١ : ٧٧ / ٢٩ ، سير أعلام النبلاء ١٤ : ١٢٥ / ٦٧ .

(٤) المناقب للخوارزمي : ٨٤ / ٧٤ ، الكامل لابن عديّ ٥ : ٢١ / ٨ / ٨٨٨ ، المناقب لابن المغازلي : ٢٠٠ / ٢٣٨ ، فردوس الأخبار للديلمي ٣ : ٣٨٢ / ٥٠٤٧ ، ولم نعثر عليه في سنن النسائي .

٤٠٠