ضياء العالمين - ج ١

أبي الحسن بن محمّد طاهر العاملي [ العلامة الفتوني ]

ضياء العالمين - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن بن محمّد طاهر العاملي [ العلامة الفتوني ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-331-7
ISBN الدورة:
978-964-319-330-0

الصفحات: ٤٣٠
الجزء ١ الجزء ٢

صريحة في شمول هذه الحالات للصحابة أيضاً ، وأنّهم كغيرهم في وجود الأخيار فيهم والأشرار ، مع بيانٍ شافٍ وتحقيقٍ وافٍ ، يهتدي به من أراد الاستبصار وفهم الأخبار .

ولنذكر هاهنا خبراً كالصريح في الشمول للصحابة ، وهو ما رواه جماعة ، منهم البخاري في صحيحه ـ الذي هو عند المخالفين أصحّ الكتب بعد كتاب اللّه‏ ، كما صرّحوا به ـ : عن حذيفة بن اليمان ، أنّه قال : كان الناس يسألون رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الخير ، وكنت أسأله عن الشرّ ، مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول اللّه‏ ، إنّا كنّا في جاهليّةٍ وشرٍّ ، فجاءنا اللّه‏ بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شرّ ؟

فقال : «نعم» ، قلت : فهل بعد ذلك الشرّ من خير ؟

قال : «نعم ، وفيه دَخن» (١) ، قلت : وما دخنه ؟

قال : «قوم يهدون بغير هدى ، تعرف منهم وتنكر» ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شرّ ؟

قال : «نعم ، دُعاة على أبواب جهنّم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها» ، قلت: يا رسول اللّه‏ ، صفهم لنا ؟

قال : «هم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا» ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟

قال : «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟

قال : «فاعتزل تلك الفِرَق كلّها ، ولو أن تعضّ بأصل شجرة حتّى

__________________

(١) الدَخن : ظهور وإثارة الفساد والاختلاف ، تشبيهاً بدخان الحطب الرطب .

انظر : النهاية لابن الأثير ٢ : ١٠٩ ـ دخن ـ .

٢٤١

يدركك الموت وأنت على ذلك» (١) .

أقول : اعلم أوّلاً : أنّ المعلوم من العبارة أنّ مراد حذيفة كان السؤال عن الخير والشرّ بحسب الدين ، وما يعمّ شموله بيضة الإسلام وعامّة المسلمين ، ومن المعلوم المسلّم أيضاً بحيث لا يمكن إنكاره أنّ ما وقع من رجوع الخلافة إلى عليّ عليه‌السلام كان خيراً ؛ ضرورة كونه عليه‌السلام قابلاً من كلّ جهة بالاتّفاق ، ووجود الدخن فيه أيضاً ظاهر ، وهو خروج الخارجين عليه ، وفتنة الناكثين والقاسطين والمارقين .

وكيف لا ! ؟ وقد تحيّر عند ذلك جمع من الصحابة ، وضلّ جماعة من رؤسائهم ، فأضلّوا كثيراً ، بحيث بقي الضلال إلى اليوم ، كما هو شأن القائلين بحسن حال أهل الجمل وصفّين وإن حكموا بكونهم مخطئين .

وعلى هذا ، فلا شكّ في أنّ الشرّ الذي بعده هو تسلّط بني اُميّة وبني العباس وسائر الدول الظالمة .

هذا ، مع وضوح ما صدر منهم من الجور والفسوق والفضائح ، وترك السُّنّة ، وترويج البدع ، كما يأتي ذكر بعض منها ، ومع كثرة الأخبار جدّاً ـ التي منها ما مرّ ويأتي ـ بل تواترها (في كمال جلال شأن عليّ عليه‌السلام (وحقّانيّته) (٢) ، ووجوب حبّه ومتابعته ، بل كون زمام الاُمّة بيده ، وفي شرّ حال أصحاب صفات) (٣) كانت ظاهرة في هؤلاء القوم وأشياعهم ، بل بعض الأخبار صريحة فيهم ، كما أنّ كثيراً منها شاملة لهم ، ومع إشعار ما في آخر

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ : ٢٤٢ ، و٩ : ٦٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٤٧٥ / ١٨٤٧ ، مشكاة المصابيح ٢ : ٣٤٤ / ٥٣٨٢ وفيها بتفاوت يسير .

(٢) ما بين القوسين أثبتناه من «ن» .

(٣) بدل ما بين القوسين في «م» هكذا : كما في جلال شأن عليّ عليه‌السلام و . . . ووجوب حبّه ومتابعته ، بل كون زمام الإمامة بيده وفي شرح حال أصحاب رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٤٢

الحديث أيضاً .

وحينئذٍ يبقى الكلام في تحقيق المراد بالشرّ الأوّل ، وأيّاً ما كان فإنّما هو في عصر الصحابة وبينهم ، وفي الدين كما بيّنّا أوّلاً . هذا ، مع وجود جماعة من الصحابة في الشرّ الثاني أيضاً ، فافهم .

وإذا أردت تعيين الشرّ الأوّل ، فاعلم أنّ الحقّ أنّ ذلك إنّما هو ما وقع يوم السقيفة من نزعهم عن عليّ عليه‌السلام قميص الخلافة ؛ ولهذا لمّا رجعت إليه أخيراً ، عدّه خيراً ، ولمّا قُتل عليه‌السلام وأخرجوها عن الأئمّة من ولده ، وتركوا الناس بغير إمام عدل مجاهر بالدين ، مجاهد في حيازة جماعة المسلمين ، عدّ ذلك أيضاً كلّه شرّاً ممدوداً ، بيان ذلك :

أمّا أوّلاً : فلِما سيتّضح من أنّ الإمامة كالنبوّة لها أهل مخصوصون بتعيين من اللّه‏ ورسوله .

وأمّا ثانياً : فلانحصار ما وقع من حين وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خلافة عليّ عليه‌السلام من عظيم الحوادث التي أثّرت في الدين ، وعمّت عامّة المسلمين في هذه الواقعة فقط ؛ ضرورة أنّ وقائع مالك بن نويرة (١) والمسيلمة (٢)

__________________

(١) هو مالك بن نويرة بن شداد اليربوعي التميمي ، يكنّى أبا حنظلة ، من خيار أصحاب رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد استعمله على صدقات بني تميم ، ونهاية إخلاصه لعليّ عليه‌السلام مشهورة ، ويكفي في جلالته ما قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه : «من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل» . ولم يبايع أبا بكر ، فأمر أبو بكر خالد بن الوليد بقتله ، وقصّته مشهورة .

انظر : تنقيح المقال ٢ : ٥٠ ـ ٥١ / ١٠٠٤٤ (أبواب الميم) ، اُسد الغابة ٤ : ٢٧٦ / ٤٦٤٨ ، وفيات الأعيان ٦ : ١٣ ـ ١٤ .

(٢) كذا ورد معرّفاً ، وهو مسيلمة بن حبيب الكذّاب ممّن ادّعى النبوّة في عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد انصراف النبيّ من حجّة الوداع، وهو الذي كتب إلى رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مسيلمة رسول اللّه‏ إلى محمّد رسول اللّه‏، سلام عليك، فإنّي قد اُشركت في الأمر معك ، و إنّ لنا

٢٤٣

وأمثالهما إنّما كانت من قبيل الغزوات ولا مدخل لها فيما ذكرناه من الصفات ، كغزوات زمان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأحزاب واُحد وغيرهما ممّا نشأ من أهل الفساد ، وحكاية عثمان وقتله أيضاً ليس بذلك المكان .

أمّا أوّلاً : فلأنّ قتله لم يكن أمراً ممتدّاً ، ولا ترتّب عليه التغيّر في الدين ، بل كان قتل خليفة ونصب آخَر ، كقتل عمر ونصب عثمان ، فإن عدّ هذا شرّاً ، فذلك أيضاً كان شرّاً ، وما ترتّب عليه هو ما ذكره في الخبر من الدخن ، على أنّ ذلك كان بالاجتهاد بل الإجماع اللّذين كانا مناط واقعة السقيفة ، فإن كانا حجّة فلم يكن ذلك شرّاً ، وإلاّ فقضيّة السقيفة أيضاً كذلك ، بل هي أَولى بذلك ؛ لكونها أقدم ، حتّى أنّ مناط الدخن أيضاً عند الأكثر ذلك ، فالتزام الحجّيّة في بعض دون بعض تحكّم ساقط .

وأمّا ثانياً : فلأ نّه من فروع واقعة السقيفة وليس أمراً خارجاً ؛ لترتّبه على أفعاله المترتّبة على خلافته المترتّبة على تلك الواقعة .

وأمّا ثالثاً : يمكن أن يقال : إنّه كان خيراً ، حيث ترتّبت عليه خلافة عليّ عليه‌السلام التي عدّها خيراً ، بل كانت خيريّتها مسلّمةً .

هذا ، مع ما سيأتي في المقصد الثاني من بيان ترتّب جميع المفاسد على قضيّة السقيفة ، وذكر الأخبار الدالّة على حصول الشرّ من حين وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتأمّل .

ولنكتف ها هنا بما ذكرناه ، وسيأتي متفرّقاً غيرها أيضاً ، مع ما يدلّ على أنّ مناط الشرّ هو ترك التمسّك بآل محمّد عليهم‌السلام ، وحسدهم ، وعداوتهم ، فلا تغفل .

__________________

نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ! !

انظر : تاريخ الطبري ٣ : ١٤٦ ، السيرة لابن هشام ٤ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ .

٢٤٤

المطلب الثالث :

في بيان نبذ ممّا نقله المخالفون للشيعة في كتبهم المعتبرة عندهم من الأقوال ، والأفعال الصادرة من أعيان علمائهم ، وأكابرهم ، ومشايخهم ، والتابعين ، والصحابة .

وهي دالّة على ما نحن فيه ممّا ذكرناه في عنوان الفصل من شيوع ميل النفوس إلى الدنيا في هذه الاُمّة أيضاً ، ووجود الفسقة والظلمة وأهل المعاصي والشهوات والنفاق ، والمنافسات بينهم كثيراً ، الصحابي وغيره .

ثمّ لا نذكر هاهنا أيضاً إلاّ شيئاً قليلاً على قدر ما يثبت به المطلوب ؛ إذ ليس مرادنا التشنيع والتفضيح ، بل المراد أن يظهر ، بل يستبين أنّ السلامة من أطماع الدنيا وتنافسها في غاية الندرة بالنسبة إلى أهل كلّ زمان ، وأن لا ينبغي الاعتماد إلاّ على من ثبتت عصمته من الطمع والحسد والطغيان .

هذا ، مع ما سيأتي فيما بعد ، لاسيّما في مقالات المقصد الثاني ممّا ينادي على هذا المطلب .

ولنذكر ما نريد ذكره هاهنا في مقامين :

٢٤٥

المقام الأوّل : في بيان نبذ ممّا نقل القوم في بيان (١) أحوال ما عدا الصحابة وأمثالهم ممّا يدلّ على المقصود .

نقل صاحب كتاب تاريخ الإسلام فيه : عن يزيد بن محمّد الرهاوي (٢) قال : سمعت أبي يقول : قلت لعيسى بن يونس (٣) : أيّما أفضل الأوزاعي؟ (٤) أو سفيان (الثوري ؟ ـ وكلاهما من أعاظم علماء الجمهور ، والمجتهدين ، والثقات عندهم ، وكان الأوزاعي ساكناً بالشام وإمامهم) (٥) ـ فقال : وأين أنت من سفيان ؟ فاستبعدت ذلك ، وذكرت فضل الأوزاعي وفقهه وعلمه ، فغضب وقال : أتراني أؤثر على الحقّ شيئاً ! سمعت الأوزاعي يقول : ما أخذنا العطاء حتّى شهدنا على عليّ عليه‌السلام بالنفاق وتبرّأنا

__________________

(١) لم ترد في «م» و«س» .

(٢) هو يزيد بن محمّد بن سنان، يكنّى أبا فروه الرهاوي، روى عنه أبو عروبة الحرّاني وجماعة، ومات سنة ٢٦٩ في رمضان بالرّها.

انظر: سير أعلام النبلاء ١٢: ٥٥٥ / ٢١٤.

(٣) هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق يكنّى أبا عمرو ، وأبا محمّد الهمداني ، سكن الشام ، كان واسع العلم كثير الرحلة ، ومات سنة ١٨٧ هـ ، وقيل : ١٨٨ .

انظر : تهذيب الكمال ٢٣ : ٦٢ / ٤٦٧٣ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٤٨٩ /١٣٠ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٢١٢ / ٤٤٠ .

(٤) هو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحمَد الأوزاعي ، يكنّى أبا عمرو ، كان يسكن بمحلّة الأوزاع بدمشق ، والأوزاع بطن من حمير ، وله كتب ، منها : السنن ، والمسائل .

ولد ببعلبك سنة ٨٨ ، ومات سنة ١٥٧ هـ .

انظر : وفيات الأعيان ٣ : ١٢٧ / ٣٦١ ، تهذيب الكمال ١٧ : ٣٠٧ / ٣٩١٨ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ١٠٧ / ٤٨ ، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠ ) : ٤٨٣ ، البداية والنهاية ١٠ : ١١٥ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٢١٦ / ٤٨٧ .

(٥) ما بين القوسين لم يرد في «م» .

٢٤٦

منه ، وأخذ علينا بذلك العتاق والطلاق وأيمان البيعة .

قال : فلمّا عقلت أمري سألت مكحولاً (١) ، ويحيى بن أبي كثير (٢) ، وعطاء بن أبي رباح (٣) ، وعبداللّه‏ بن عبيد (٤) ، فقالوا : ليس عليك شيء إنّما أنت مكرّه .

قال : فلم تقرّ نفسي حتّى فارقت نسائي ، وأعتقت رقيقي ، وخرجت من مالي ، وكفّرت أيماني ، فأخْبِرني هل كان سفيان يفعل مثل ذلك من القبيح الفضيح لأجل هذه الدنيا الدنيئة (٥) ؟

__________________

(١) لعلّه مكحول بن أبي مسلم ، يكنّى أبا عبداللّه‏ ، وقيل : أبا أيوب ، فقيه أهل الشام ، وقيل : لم يكن في زمنه أبصر بالفتيا منه في علماء العامّة ، وهو الذي يقول : طفت الأرض كلّها في طلب العلم ، مات سنة ١١٣ هـ ، وقيل : سنة ١١٦هـ .

انظر : تهذيب الكمال ٢٨ : ٤٦٤ / ٦١٦٨ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ١٥٥ / ٥٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ : ٢٥٨ / ٥١١ .

(٢) يحيى بن أبي كثير ، واختلف في اسم أبيه ، قيل : صالح ، وقيل : يسار ، وقيل : نشيط ، يكنّى أبا نصر الطائي : كان من أصحاب الحديث ، وقالوا : ما نعلم أحداً بعد الزهري أعلم بحديث أهل المدينة من يحيى ، مات سنة ١٢٩ هـ ، وقيل : سنة ١٣٢ هـ .

انظر : تهذيب الكمال ٣١ : ٥٠٤ / ٦٩٠٧ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٢٧ / ٩ ، تهذيب التهذيب ١١ : ٢٣٥ / ٤٤٠ .

(٣) يكنّى أبا محمّد القرشيّ ، عدّه الشيخ رحمه‌الله من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، كان من علماء العامّة في الفقه والحديث والتفسير ، قال : أدركت مائتين من أصحاب رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، روى عنه خلق كثير ، مات سنة ١١٥ هـ ، وقيل : سنة ١١٤هـ .

انظر : تنقيح المقال ٢ : ٢٥٢ / ٧٩١٩ ، وفيات الأعيان ٣ : ٢٦١ / ٤١٩ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٧٨ / ٢٩ .

(٤) عبداللّه‏ بن عبيد بن عمير ، يكنّى أبا هاشم ، مات سنة ١١٣ هـ بمكة .

انظر : تهذيب الكمال ١٥ : ٢٥٩ / ٣٤٠٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ١٥٧ / ٢٥٧ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٢٦٩ / ٥٢٤ .

(٥) تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠ ) : ٤٩٧ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ١٣٠ ، وفيهما بتفاوت .

٢٤٧

قال ابن الأثير (١) : هذه الحكاية نقلها الحاكم أيضاً ، عن أبي علي الحافظ ، عن مكحول ، عن يزيد بن محمّد (٢) .

أقول : هذا مع ما صدر من سفيان أيضاً ممّا مرّ في ضمن الحديث الحادي عشر المذكور قبل الفهرست .

ونقل في التاريخ : عن ابن عيينة (٣) أنّ ربيعة الرأي (٤) بكى يوماً ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : رياء حاضر وشهوة خفية ، والناس عند علمائهم كصبيان في حجور اُمّهاتهم ، إن أمروهم ائتمروا ، وإن نهوهم انتهوا (٥) .

ونقل فيه أيضاً : عن شعبة (٦) أنّه قال : ما من الناس أحد أقول : إنّه

__________________

(١) هو عليّ بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير ، يكنّى أبا الحسن ، كان حافظاً للتواريخ ، وخبيراً بأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم ووقائعهم .

له كتب ، منها : الكامل في التاريخ ، اُسد الغابة ، تاريخ الموصل ، ولد في سنة ٥٥٥ هـ بجزيرة ابن عمر ، ومات سنة ٦٣٠ هـ .

انظر : وفيات الأعيان ٣ : ٣٤٨ / ٤٦٠ ، سير أعلام النبلاء ٢٢ : ٣٥٣ / ٢٢٠ .

(٢) لم نعثر على قوله .

(٣) هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ، يكنّى أبا محمّد ، الإمام الكبير ، قال : أدركت نيفاً وثمانين نفساً من التابعين ، له كتب ، منها : تفسير القرآن ، وجوابات القرآن ، ولد بالكوفة سنة ١٠٧هـ ، ومات سنة ١٩٨هـ بمكّة ودفن بالحَجون .

انظر : كتاب التاريخ الكبير ٤ : ٩٤ / ٢٠٨٢ ، الثقات ٦ : ٤٠٣ ، وفيات الأعيان ٢ : ٣٩١ / ٢٦٧ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٤٥٤ / ١٢٠ ، تهذيب التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٠٥ .

(٤) هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ التيمي ، يكنّى أبا عثمان ، المعروف بربيعة الرأي من الفقهاء بالمدينة ، أدرك بعض الصحابة والأكابر من التابعين ، وعنه أخذ مالك ، وكان كثير الحديث ، مات سنة ١٣٦ هـ .

انظر : وفيات الأعيان ٢ : ٢٨٨ / ٢٣٢ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٤١٧ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٨٩ / ٢٣ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٢٣ / ٤٩١ .

(٥) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٤٢١ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٩٠ .

(٦) هو شعبة بن الحجاج بن الورد واسطي الأصل ، يكنّى أبا بسطام ، من علماء

٢٤٨

طلب الحديث يريد به اللّه‏ تعالى غير هشام الدستوائي (١) .

ثمّ روى عن هشام أنّه قال : واللّه‏ ، لا أستطيع أن أقول : ذهبت يوماً قطّ أطلب الحديث اُريد به وجه اللّه‏ تعالى (٢) .

ونقل فيه أيضاً : أنّ عبداللّه‏ بن ذكوان (٣) كان فاضلاً فقيهاً عالماً ثقةً بالإجماع ، ثمّ نقل : أنّه تولّى حساب ديوان المدينة من هشام بن عبدالملك (٤) ، وسعى عند والي المدينة في ربيعة الرأي حتّى أخذه الوالي وجلده ، وحلق رأسه ولحيته ، وكان ربيعة يقدح فيه ولا يرتضيه (٥) .

ونقل فيه أيضاً مدحاً عظيماً لعثمان بن عاصم الأسدي (٦) ، وأنّه كان

__________________

العامّة في البصرة في زمانه ، روى عنه الأعمش وجماعة . قال أبو داود : سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث ، ولد سنة ٨٢ هـ ، ومات سنة ١٦٠ بالبصرة .

انظر : وفيات الأعيان ٢ : ٤٦٩ / ٢٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٢٠٢ / ٨٠ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ٤١٦ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٢٩٧ / ٥٩٠ .

(١ و٢) هو هشام بن أبي عبداللّه‏ سنبر الربعي ، يكنّى أبا بكر البصري ، سمّي الدستوائي لأنّه كان يبيع الثياب التي تجلب من دستواء ، ودستواء بُليدة من أعمال الأهواز ، مات سنة ١٥٢ هـ .

انظر : سير أعلام النبلاء ٧ : ١٤٩ / ٥١ . تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ٦٥٥ ، تهذيب التهذيب ١١ : ٤٠ / ٨٥ ، معجم البلدان للحموي ٢ : ٤٥٥ .

(٣) هو عبداللّه‏ بن ذكوان القرشي ، يكنّى أبا عبدالرحمن المدني ، المعروف بأبي الزناد ، ولد سنة ٦٥ هـ في حياة ابن عباس ، ومات سنة ١٣١ هـ .

انظر : الكنى والألقاب ١ : ٧٦ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٤٦١ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٤٤٥ / ١٩٩ ، تهذيب التهذيب ٥ : ١٧٨ / ٣٥٢ .

(٤) هو هشام بن عبد الملك بن مروان الخليفة ، يكنّى أبا الوليد القرشي الاُموي ، كان أحول خشناً فظاً غليظاً ، لم ير زمان أصعب من زمانه ، مات سنة ١٢٥ هـ بالرصافة .

انظر : مروج الذهب ٣ : ٢٠٥ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٣٥١ / ١٦٢ .

(٥) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٤٦١ ـ ٤٦٢ بتفاوت .

(٦) هو عثمان بن عاصم بن حصين ، وقيل بدل حصين : زيد بن كثير ، يكنّى أبا حصين ، كان عثمانيّاً ، وقيل : إنّه كان ينكر بعض مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام الثابتة ،

٢٤٩

صالحاً ، ثمّ نقل أنّه قذف الأعمش (١) ونسب اُمّه إلى الزنى افتراءً ؛ لردّه عليه ما صدر منه من اللحن في كلمة في الصلاة (٢) .

ونقل في التاريخ أيضاً في ترجمة عبداللّه‏ العمري الزاهد (٣) من نسل عمر بن الخطاب : أنّه كتب إلى محمّد بن أبي ذئب عبد الرحمن العامري القرشي (٤) ـ الذي قال في حقّه : إنّه أفضل من مالك ـ كتاباً ( أغلظ له فيه ، وقال : أنتم علماء تميلون إلى الدنيا ، وتلبسون اللين وتدّعون التقشّف) (٥) (٦) .

__________________

روي عن الأعمش : أنّ أبا حصين يسمع منّي ، ثمّ يذهب فيرويه ، ومات سنة ١٢٨هـ.

انظر : سير أعلام النبلاء ٥ : ٤١٢ / ١٨٢ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ١٧٣ .

(١) هو سليمان بن مهران ، يكنّى أبا محمّد الأسدي ، أصله من نواحي الري ، قدم إلى الكوفة طفلاً ، وقرأ القرآن على زيد بن وهب وغيره ، وروى عنه جماعة من رجال الصحاح عند أهل السنّة ، ولد سنة ٦١ هـ ، ومات سنة ١٤٨ هـ .

انظر : طبقات القرّاء ١ : ٨٣ / ٣٩ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٢٢٦ / ١١٠ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ١٦١ .

(٢) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ١٧٣ ـ ١٧٤ بتفاوت .

(٣) عبداللّه‏ بن عبد العزيز بن عبداللّه‏ بن عبداللّه‏ بن عمر بن الخطّاب القرشي العدوي العمري ، يكنّى أبا عبد الرحمن ، كان قليل الرواية ، مشتغلاً بنفسه ، لم يكن يقبل من السلطان ولا من غيره ، ومَن ولي من معارفه وأقاربه لا يكلّمه ، مات سنة ١٨٤ هـ .

انظر : تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٢١١ / ١٩٠ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٧٣ / ١١١ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٢٦٤ / ٥١٥ .

(٤) محمّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشيّ العامريّ ، يكنّى أبا الحارث وهو صاحب الإمام مالك ، وكانت بينهما اُلفة أكيدة ومودّة صحيحة ، ولد سنة ٨١ هـ ، ومات سنة ١٥٩ هـ .

انظر : المنتظم ٨ : ٢٣٢ / ٨٥٨ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٨٣ / ٥٦٦ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ١٣٩ / ٥٠ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٢٧٠ / ٥٠٥ .

(٥) ما بين القوسين لم يرد في «ن» .

(٦) تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٢١٤ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٧٤ .

٢٥٠

وحكي عنه أيضاً : أنّ مالكاً كتب إليه : إنّك صرت بدويّاً فلو كنت عند مسجد رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكتب إليه : إنّي أكره مجاورة مثلك ، إنّ اللّه‏ لم يرك متغيّر الوجه فيه ساعة قطّ (١) .

ونقل أيضاً : أنّ رجاء بن حَيْوة (٢) كان يلعن مكحولاً ، وقال : كان مكحول فقيه أهل الشام وشيخ أهل دمشق ، عشيراً مع بني اُميّة ، فشكى إلى رجاء يوماً ، فقال له : إنّ الناس يريدون دمي ؟ فقال رجاء له : إنّي قد حذّرتك القرشيّين ومجالستهم ، ولكنّهم قد أدنوك وقرّبوك وأطمعوك ، فحدّثتهم بأحاديث ، فلمّا أفشوها عنك كرهتها (٣) .

وقال أيضاً : إنّ عمر بن عبد العزيز (٤) أمر بإحراق أحاديث مكحول في الديات (٥) .

__________________

(١) تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٢١٤ ـ ٢١٥ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ .

(٢) رجاء بن حَيْوة بن جرول ، وقيل : ابن جزل ، وقيل : ابن جندل ، يكنّى أبا نصر الكِندي الأزدي ، كان عالماً ، وكبير المنزلة عند سليمان بن عبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز ، روى عنه : مكحول والزهري وخلق كثير ، مات سنة ١١٢ هـ .

انظر : سير أعلام النبلاء ٤ : ٥٧٧ / ٢٢٠ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٠١ ـ ١٢٠) : ٣٦٠ / ٣٨٧ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٢٩ / ٥٠٠ .

(٣) تاريخ الإسلام (حوادث ١٠١ ـ ١٢٠) : ٤٨١ ـ ٤٨٢ .

(٤) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، يكنّى أبا حفص ، وصفوه بالعدل من بين الحكّام الاُمويّين ، حيث صرف عمّال من كان قبله من بني اُميّة ، واستعمل أصلح من قدر عليه ، وأمر بترك لعن عليّ عليه‌السلام على المنابر ، وجعل مكانه ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا . . . ) (الحشر ٥٩ : ١٠) . ولد سنة ٦٣ هـ ، ومات سنة ١٠١ هـ .

انظر : مروج الذهب ٣ : ١٨٢ ، المنتظم ٧ : ٣١ ،تاريخ الإسلام (حوادث ١٠١ ـ ١٢٠) : ١٨٧ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ١١٤ / ٤٨ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٤١٨ / ٧٩١ .

(٥) تاريخ الإسلام (حوادث ١٠١ ـ ١٢٠) : ٤٨١ .

٢٥١

ونقل عن اللّيث بن سعد (١) ـ بعدما مدحه بالعلم والفضل ـ : أنّه كان له صحبة عظيمة مع الرشيد (٢) ومدخليّة في اُمور السلطنة ، وإنّه احتال لهارون بحيلة فأعطاه مبالغ عظيمة ، قال : وهي أنّه جرى بين هارون وزُبيدة (٣) امرأته ملاحاة في شيء ، فقال هارون في عرض كلامه : أنتِ طالق إن لم أكن من أهل الجنّة ، ثمّ ندم واغتمّا جميعاً ، فجمع العلماء كلّهم ، فقال الليث : يا أمير المؤمنين ، ادع بمصحف ، فدعا ، ففتح له سورة الرحمن ، فقال له : إقرأها ، فقرأها ، فلمّا بلغ قوله تعالى : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (٤) قال : قف هاهنا ، فوقف ، فقال له : قل واللّه‏ الذي لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم إنّك تخاف مقام اللّه‏ عزوجل ، فقال هارون ذلك ،

__________________

(١) اللّيث بن سعد بن عبد الرحمن ، يكنّى أبا الحارث ، ترجم له بأنّه كان كبير الديار المصريّة ورئيسها ومحتشمها وعالمها ، وأمير مَن بها في عصره ، ولد سنة ٩٤ هـ ، ومات سنة ١٧٥ هـ .

انظر : تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ٣٠٢ / ٢٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ١٣٦ / ١٢ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٤١٢ / ٨٣٤ .

(٢) هارون الرشيد بن محمّد المهدي بن المنصور العباسي ، يكنّى أبا جعفر ، خامس حكّام الدولة العباسية في العراق ، ولي الحكم بعد أخيه الهادي سنة ١٧٠ هـ ، وهو أوّل من لعب بالكرة والصولجان ، وكان مشهوراً بالعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ولد سنة ١٤٨ هـ ومات سنة ١٩٣ هـ .

انظر : مروج الذهب ٣ : ٣٣٦ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٩١ ـ ٢٠٠) : ٤٢٣ / ٣٣١ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٢٨٦ / ٨١ ، الأعلام ٨ : ٦٢ .

(٣) هي أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور تكنّى اُم جعفر ، زوجة هارون الرشيد والدة الأمين ، لقّبها أبو جعفر المنصور بـ : « زبيدة » لبضاضتها ونضارتها ، فغلب ذلك عليها ، ماتت سنة ٢١٦ هـ .

انظر : الكنى والألقاب ٢ : ٢٥٨ ، تاريخ بغداد ١٤ : ٤٣٣ / ٧٨٠٢ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ٢٤١ / ٦٤ .

(٤) سورة الرحمن ٥٥ : ٤٦ .

٢٥٢

فقال : فلك جنّتان ، فأعطاه الجوائز والقطائع ، وكذا زبيدة (١) .

ونقل عن شريك القاضي (٢) بعد نقله فضله وكماله وتوثيقه : أنّه ولي قضاء الكوفة ، وكان لا يجلس للحكم حتّى يتغدّى ويشرب أربعة أرطال نبيذ !

قال : وكان قبل ذلك له ارتزاق من المهدي العباسي (٣) ، وربط معه حتّى صار معلّماً لأولاد الخليفة (٤) .

ثمّ نقل : أنّه كتب له برزقه على صيرفيٍّ فضايقه في النقد ، فقال له : إنّك لم تبع به بَزّاً (٥) ، فقال شريك : بل واللّه‏ ، بعت به ديني (٦) .

ونقل عن أبي يوسف (٧) أنّه كان قاضي القضاة في بغداد زمن الرشيد ،

__________________

(١) انظر : حلية الأولياء ٧ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، تاريخ دمشق ٥٠ : ٣٢٨ ـ ٣٢٩ / ٥٨٥٦ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ١٤٥ / ١٢ .

(٢) هو شريك بن عبداللّه‏ الحارث بن أوس النخعي يكنّى أبا عبداللّه‏ ، ولاّه أبو جعفر المنصور قضاء الكوفة فلم يزل عليها حتّى مات أبو جعفر ، وولي المهدي فأقرّه على القضاء ثمّ عزله ، وهو من رجال الصحّاح عند أهل السنّة ، ولد سنة ٩٥ هـ ، ومات سنة ١٧٧ هـ بالكوفة .

انظر : الطبقات لابن سعد ٦ : ٣٧٨ ، تاريخ بغداد ٩ : ٢٧٩ / ٤٨٣٨ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٢٠٠ / ٣٧ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ١٦٥ / ١٣١ .

(٣) هو محمّد بن عبداللّه‏ بن محمّد بن علي بن عبداللّه‏ ، يكنّى أبا عبداللّه‏ ، أحد حكّام الدولة العباسية ، بويع له بعد وفاة أبي جعفر بمكة سنة ١٥٨ هـ ، ولد سنة ١٢٧ هـ ، ومات سنة ١٦٩ هـ .

انظر : المعارف لابن قتيبة : ٣٧٩ ، مروج الذهب ٣ : ٣٠٩ ، تاريخ بغداد ٥ : ٣٩١ / ٢٩١٧ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٠٠ / ١٤٧ ، شذرات الذهب ١ : ٢٦٦ .

(٤) تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ١٧٣ ـ ١٧٤ .

(٥) في «ش» نسخة بدل : «براً» .

(٦) تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ١٧٤ .

(٧) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري ، يكنّى أبا يوسف ، صاحب أبي حنيفة وتلميذه وأوّل من نشر مذهبه ، ولي القضاء ببغداد أيام المهدي، والهادي وهارون

٢٥٣

وزميله في الأسفار ، ووزيره في المشاورات (١) .

وقال ابن الأثير في الجزء الأوّل من منتخبات السير : إنّ أبا يوسف كان متّهماً عند بعض أهل العلم بالفتنة والنمّاميّة (٢) .

ونقل عنه أنّه قال عند وفاته : كلّ ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلاّ ما وافق الكتاب والسنّة (٣) .

ونقل في التاريخ عن ابن حبّان ، أنّه قال : كان حريز بن عثمان (٤) ـ الذي من أكابر علمائهم بالشام ـ يلعن عليّاً عليه‌السلام ، فعاتبوه (٥) ، فقال : هو القاطع رأس أجدادي بالقوس (٦).

ونقل عن الخطيب في تاريخه أنّه روى بإسناد له عن إسماعيل بن

__________________

الرشيد ، وهو أوّل من لقّب : قاضي القضاة ، وله كتب ، منها : الخراج ، والآثار ، والفرائض ، ولد سنة ١١٣ هـ بالكوفة ، ومات سنة ١٨٢ هـ .

انظر : الطبقات لابن سعد ٧ : ٣٣٠ ، تاريخ بغداد ١٤ : ٢٤٢ / ٧٥٥٨ ، وفيات الأعيان ٦ : ٣٧٨ / ٨٢٤ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٤٩٦ / ٤٥٥ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٥٣٥ / ١٤١ .

(١) انظر : تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٥٠١ .

(٢) منتخبات السير غير متوفّر لدينا .

(٣) تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٥٠٠ .

(٤) حريز بن عثمان بن جبر ، يكنّى أبا عثمان الرحبيّ ، وأبا عون ، من صغار التابعين ، كان ناصبيّاً ، ويكفي في خبث سيرته وفساد عقيدته ما نقل المؤلف عنه من تاريخ الإسلام ، وتاريخ بغداد ، ولد سنة ٨٠ هـ ، ومات سنة ١٦٣ هـ .

انظر : كتاب المجروحين ١ : ٢٦٨ ، تاريخ بغداد ٨ : ٢٦٥ / ٤٣٦٥ ، تهذيب الكمال ٥ : ٥٦٨ / ١١٧٥ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٦١ ـ ١٧٠) : ١٢٠ / ٦٦ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٢٠٧ / ٤٣٦ ، شذرات الذهب ١ : ٢٥٧ .

(٥) في «م» زيادة : في ذلك .

(٦) تاريخ الإسلام (حوادث ١٦١ ـ ١٧٠) : ١٢٤ ، وفي المصدر : (بالفؤوس) بدل (بالقوس) .

٢٥٤

عيّاش (١) قال : سمعت حريزاً يقول : هذا الذي يرويه الناس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه قال لعليّ عليه‌السلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» حقٌّ ، ولكن أخطأ السامع ، إنّما هو : أنت منّي بمنزلة قارون من موسى ، فقلت له : عمّن ترويه ؟ قال : سمعت أنا الوليد بن عبد الملك (٢) يقوله على المنبر (٣) .

ونقل عن واصل بن عطاء (٤) ـ مولى بني مخزوم ، من أكابر علماء المعتزلة بالبصرة ـ عقائد منها : أنّه كان يجيز قراءة القرآن بالمعنى ؛ لأنّه كان يبدّل الراء بالغين ولم يقدر على إفصاحه ، فقيل له يوماً في مجلس الخليفة : اقرأ أوّل سورة البراءة ، فقال على البديهة : عهد من اللّه‏ ونبيّه إلى الذين عاهدتم من الفاسقين فسيحوا في البسيطة هلالين وهلالين (٥) .

__________________

(١) إسماعيل بن عيّاش بن سليم العنسي ، يكنّى أبا عتبة ، عالم الشام ومحدّثها في عصره ، قال عثمان بن صالح : كان أهل حمص ينتقصون عليّاً عليه‌السلام ، حتّى نشأ فيهم إسماعيل بن عيّاش ، فحدّثهم بفضائل عليّ عليه‌السلام ، فكفّوا عن ذلك .

وفي ولادته عدّة أقوال ، منها : أ نّه ولد سنة ١٠٢ هـ ، ومات سنة ١٨١ هـ .

انظر : الجرح والتعديل ٢ : ١٩١ / ٦٥٠ ، كتاب المجروحين ١ : ١٢٤ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣١٢ / ٨٣ ، تهذيب التهذيب ١ : ٢٨٠ / ٥٨٤ .

(٢) الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الاُموي ، يكنّى أبا العباس ، من حكّام الدولة الاُمويّة في الشام ، مات في جُمادى الآخرة سنة ٩٦ هـ .

انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٨٣ ، مروج الذهب ٣ : ١٥٦ ، المنتظم ٦ : ٢٦٨ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٣٤٧ / ١٢٠ .

(٣) تاريخ بغداد ٨ : ٢٦٨ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٦١ ـ ١٧٠) : ١٢٢ .

(٤) واصل بن عطاء المعتزلي ، يكنّى أبا حذيفة ، المعروف بالغزّال ؛ يلقّب بذلك لأ نّه كان يلازم الغزّالين ليعرف المتعفّفات من النساء ، وهو رأس المعتزلة ، وأحد الأئمّة المتكلّمين في علم الكلام ، وله كتب منها : أصناف المرجئة ، ومعاني القرآن ، والمنزلة بين المنزلتين ، ولد سنة ٨٠ هـ ، ومات سنة ١٣١ هـ .

انظر : وفيات الأعيان ٦ : ٧ / ٧٦٨ ، وتاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٥٥٨ ، وسير أعلام النبلاء ٥ : ٤٦٤ / ٢١٠ ، ولسان الميزان ٧ : ٣٠٨ / ٩٠٦٨ .

(٥) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٨٥٩ .

٢٥٥

ونقل عن الشعبي (١) بعد ما مدحه بالعلم الغزير ومدائح عظيمة : أنّه كان صاحباً لعبد الملك بن مروان ، وأنّه أرسله حاجباً إلى الروم ، وكذا صار صاحباً للحجّاج (٢) ، وأنّه كان يكرمه ويعطيه ويسأله ، وجعله عريفاً على الشعبيّين ، وفرض له العطاء ، وأنّه خرج بعد هذا مع محمّد بن الأشعث (٣)

__________________

(١) هو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار ، يكنّى أبا عمرو ، يُنسب إلى شعب بطن من همدان ، يُعدّ من كبار التابعين ، وكان فقيهاً شاعراً ، وقاضياً على الكوفة ، وحكي عنه أ نّه قال : أدركت خمسمائة من الصحابة ، ورأى عليّاً عليه‌السلام وصلّى خلفه ، كان ممّن خرج مع القرّاء على الحجّاج لظلمه ، ثمّ اختفى زماناً ، اتّصل بعبد الملك بن مروان ، فكان نديمه ورسوله إلى ملك الروم ، وممّن روى عن عليّ عليه‌السلام ، وعبداللّه‏ ابن عباس ، وجابر بن عبداللّه‏ ، وغيرهم .

واختلف في ولادته ووفاته على أقوال ، منها : أنّه ولد في فترة خلافة عمر ، ومات سنة ١٠٣ هـ .

انظر : الكنى والألقاب ٢ : ٣٢٧ ، الطبقات لابن سعد ٦ : ٢٤٦ ، تاريخ بغداد ١٢ : ٢٢٧ / ٦٦٨٠ ، وفيات الأعيان ٣ : ١٢ / ٣١٧ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٢٩٤ / ١١٣ .

(٢) هو الحجّاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي ، يكنّى أبا محمّد ، وولّى عبدالملك الحجاج الحرمين مدّة ، ثمّ استقدمه فولاّه الكوفة ، وجمع له العراقين ، فسار بالناس سيرة جائرة ؛ كان ظلوماً ، جبّاراً ، ناصبيّاً ، سفّاكاً للدماء ، ورمى الكعبة بالمنجنيق ، ويحكى عن الشعبي أنّه قال : لو أخرجت كلّ اُمّة خبيثها وفاسقها وأخرجنا الحجاج بمقابلتهم لغلبناهم ، هلك سنة ٩٥ هـ .

انظر : مروج الذهب ٣ : ١٢٥ ، المنتظم ٦ : ٣٣٦ / ٥٣٣ ، و٧ : ٣ ، وفيات الأعيان ٢ : ٢٩ / ١٤٩ ، تاريخ الإسلام (حوادث ٨١ ـ ١٠٠) : ٣١٤ / ٢٣٣ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٣٤٣ / ١١٧ ، تهذيب التهذيب ٢ : ١٨٤ / ٣٨٨ .

(٣) هو محمّد بن الأشعث بن قيس الكِندي الكوفي، يكنّى أبا القاسم.

روى عنه الشعبي ، ومجاهد ، والزهري ، وغيرهم ، وهو ممّن شرك في دم الحسين بن علي عليهما‌السلام في كربلاء ، وأيضاً نقل الكليني رحمه‌الله فيالكافي ٨ : ١٦٧ / ١٨٧ عن أبي عبداللّه‏ عليه‌السلام : «أنّ الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وابنته جعدة سمّت الحسن عليه‌السلام ، ومحمّد ابنه شرك في دم الحسين عليه‌السلام » كان هلاكه في سنة ٦٧ هـ .

٢٥٦

ـ قاتل الحسين عليه‌السلام ـ على الحجّاج ، وكان معه حتّى انكسروا وانهزم ، ثمّ صار كاتباً لوالٍ من ولاة الحجّاج ، فأراد الحجّاج قتله ، ثمّ جاز عن ذلك ، ثمّ تولّى القضاء من طرف بعض ولاة بني اُميّة (١) .

ونقل في تاريخ الإسلام وغيره : عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (٢) بعد ما مدحه بالعلم والكمال والتوثيق أنّه قدم العراق فأكرمه الرشيد وبرّه وأعطاه فسأله عن الغناء فأفتى بتحليله ، ثمّ تولّى القضاء وبيت المال في بغداد ، وقال : إنّه كان يستمع الغناء واللعب والمعازف ، حتّى أنّه جاءه رجل ليسمع منه الحديث فسمعه يغنّي ، فعاتبه على ذلك ، فغضب فحلف أنّه لا يحدّث أحداً بحديث إلاّ أن يغنّي قبله ، فاشتهر ذلك منه إلى أن وصل هارون ، فدعاه وسأله عن حديث المخزوميّة التي قطعها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في السرقة فدعا بعـود ، فقال الرشيد : أعود البخور ؟ فقال : لا ، ولكن عود الطرب ، فتبسّم ، ففهمها إبراهيم بن سعد ، فقال : لعلّه بلغك يا أمير المؤمنين ، حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت ؟ قال : نعم ، ودعا له الرشيد بعود فغنّاه بهذا البيت :

__________________

انظر : تاريخ مدينة دمشق ٥٢ : ١٢٤ / ٦١١٢ ، تاريخ الإسلام (حوادث ٦١ ـ ٨٠) : ٢٢١ / ٨٩ ، الإصابة ٣ : ٥٠٩ / ٨٥٠٢ .

(١) انظر : تاريخ حوادث الإسلام (١٠١ ـ ١٢٠) : ١٢٤ ـ ١٢٩ بتصرّف .

(٢) يكّنى أبا إسحاق القرشيّ ، كان من أكثر أهل المدينة حديثاً في زمانه ، ولي بيتَ المال ببغداد ، وهو ممّن يترخّص في الغناء على عادة أهل المدينة ، وقاضي المدينة ، ولد سنة ١٠٨ هـ ، ومات سنة ١٨٣ هـ ، وقيل : سنة ١٨٤ هـ .

انظر : تاريخ بغداد ٦ : ٨١ / ٣١١٩ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٠٤ / ٨١ ، تهذيب التهذيب ١ : ١٠٥ / ٢١٦ .

٢٥٧

يا اُمّ طلحة

إنّ البين قد أزفا (١)

إلى آخر الأبيات .

فقال له الرشيد : من كان من فقهائكم يكره السماع ؟ قال : من ربطه اللّه‏ .

قال : فهل بلغك عن مالك (٢) في هذا شيء ؟

قال : أخبرني أبي أنّهم اجتمعوا في مَدعاة (٣) كانت في بني يربوع ، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنّون ويلعبون ، ومع مالك دفّ مربّع وهو يغنّيهم .

سليمى أجمَعتْ بَيْنا

فأينَ لِقاؤها أينا (٤)

إلى آخر الأبيات .

__________________

(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة ، انظر : ديوانه : ٦٢ / ١٢٣ ، والأغاني ١ : ٢٠٠ ، وفيه :

يا أمّ طلحة إنّ البيّن قَد أَفِدا

قلّ الشَواءُ لَئِن كان الرحيل غدا

أمسَى العراقيُّ لا يَدري إذا بَرزت

مَن ذا تطوّف بالأركان أو سَجدا

(٢) هو مالك بن أنس بن مالك ، يكنّى أبا عبداللّه‏ ، أحد الأئمّة الأربعة لأهل السنّة ، وإليه تنسب المالكيّة ، وأخذ العلم عن ربيعة الرأي ، والقراءة عرضاً عن نافع بن أبي نعيم ، وأوّل طلبه العلم في حدود سنة ١١٠ هـ ، وفيها مات الحسن البصري ، له كتب منها : الموطّأ ، وتفسير غريب القرآن ، والوعظ ، ولد سنة ٩٣ هـ ، ومات سنة ١٧٩ هـ .

انظر : المعارف لابن قتيبة ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٣٥ / ٥٥٠ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ٣١٦ / ٢٤٧ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٤٨ / ١٠ ، وتهذيب التهذيب ١٠ : ٥ / ٣ ، وشذرات الذهب ١ : ٢٨٩ .

(٣) مَدعاة : كنّا في مدعاة فلان : أي دعوته .

انظر : شمس العلوم ٤ : ٢٠٩٧ .

(٤) البيت لعروة بن اُذينة ، انظر : ديوانه : ٣٩٨ ، والأغاني ٢ : ٢٣٧ . وهي :

سُليمي أَزمعَتْ بَيْنا

فأين تقولُها أَيْنا

وقد قالت لأترابٍ

لها زُهْر تلاَقيْنا

تعالَيْن فقد طابَ

لنا العَيْشُ تعالَيْنا

٢٥٨

فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم (١) .

هذا ، مع أنّه نقل بعضهم عن مالك : تحريم الغناء ، وأنّه قال : إنّه فعل الفسقة (٢) .

وذكر صاحب تاريخ الإسلام في ترجمة داود العباسي (٣) : أنّ في الخلفاء وآبائهم وأهاليهم وأتباعهم قوماً أعرض أهل الجرح والتعديل عن كشف حالهم ؛ خوفاً من السيف والضرب ، وما زال هذا في كلّ دولة قائمة يصف المؤرّخ محاسنها ويغضي عن مساوئها، وإن كان المحدّث ذا دين وخير (٤) .

أقول : هذا نقل أقلّ قليل ممّا نقله المعتمدون عن المعدودين من أهل العلم والكمال فضلاً عن غيرهم ، ولو أردنا الاستقصاء لملئت الطوامير ، من أراد ذلك فعليه بكتاب الذهبي ، وكتاب ابن الأثير .

ولكن نحن من حيث لا نحبّ ذكر أمثال هذه الأشياء في هذا الكتاب ، نكتفي في كلّ مقام بذكر ما يمكن به إثبات المرام ، وربّما نزيد في بعض المواضع إلى أن يصل إلى حدّ الإيضاح التامّ ، وسيأتي أيضاً ـ لاسيّما في المقام الآتي ، وفي مقالات المقصد الثاني ، سيّما من السادسة إلى الأخيرة ـ مؤيّدات لما ها هنا .

__________________

(١) تاريخ بغداد ٦ : ٨١ ـ ٨٤ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٥٠ ـ ٥٢ .

(٢) تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ٣٢٨ بتفاوت في الألفاظ .

وانظر أيضاً : المدونة الكبرى ٤ : ٤٢١ ، والمغني لابن قدامة ٤ : ٢٦٤ ، والمجموع ١٢ : ٣٢٢ .

(٣) داود بن عليّ بن عبداللّه‏ بن عبّاس ، يكنّى أبا سليمان الهاشمي العباسيّ ، عمّ المنصور والسفّاح ، وكان أوّل من ولاّه أبو العباس الكوفة والحجاز ، حدّث عن أبيه ، وروى عنه الأوزاعي ، والثوري ، وشريك ، وغيرهم ، ولد سنة ٨١ هـ ، ومات سنة ١٣٣ هـ .

انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥١ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٤٤٤ / ١٩٨ ، تهذيب التهذيب ٣ : ١٦٨ / ٣٧١ .

(٤) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٤١٢ .

٢٥٩

ولقد كفى في هذه الاختلافات التي حصلت بينهم اُصولاً وفروعاً ، بحيث انجرّت إلى تكفير بعضهم بعضاً والتفسيق ، مع أنّ عندهم المخطئ في الاجتهاد معذور ؛ إذ لو لم يكن هناك علّة الميل إلى هوى النفس لشملهم التوفيق ، وهداهم ربّهم إلى ما هو عين التحقيق ، كما مرّ مراراً ، ويأتي غير مرّة ، واللّه‏ الهادي .

المقام الثاني : في بيان نبذ ممّا نقل القوم من أطوار بعض أهل عصر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابة وأمثالهم ، وما صدر منهم ولو بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ممّا ينادي بالمقصود ، أعني : وجود الحالات التي ذكرناها هنا وفي أصل الباب ، وبيّنّا أنّها من نتائج الميل إلى الهوى والحرص على الدنيا فيهم أيضاً .

نقل الزبير بن بكّار (١) ـ من ولد الزبير المشهور ـ في كتابه : عن مطرّف بن المغيرة بن شعبة (٢) ، قال : وفدت مع أبي على معاوية ، وكان أبي يأتيه بالليالي فيتحدّث معه ويأتينا وهو راض عنه ويعجب بما يرى منه ، إذ جاء ذات ليلة مغتمّاً ، فسألته بعد ساعة وقلت له : ما لي أراك مغتمّاً ؟ فقال : يا بنيّ ، جئت من عند أخبث الناس (٣) ، قلت : وما ذاك ؟ قال : معاوية ، ثمّ قال : إنّي خلوت به ، فقلت له : إنّك قد بلغت سنّاً يا أمير المؤمنين ، فلو

__________________

(١) هو الزبير بن بكار بن عبداللّه‏ بن مصعب ، يكنّى أبا عبداللّه‏ ، وأبا بكر ، كان عالماً بالنسب ، عارفاً بأخبار المتقدمين ، وسائر الماضين ، ولي القضاء بمكّة ، له كتب منها : أخبار العرب وأيّامها ، ونوادر أخبار النسب ، ونوادر المدنيّين ، ولد سنة ١٧٢ هـ ، ومات سنة ٢٥٦ هـ .

انظر : تاريخ بغداد ٨ : ٤٦٧ / ٤٥٨٥ ، وفيات الأعيان ٢ : ٣١١ / ٢٤٠ ، سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣١١ / ١٢٠ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٥٨٠ .

(٢) هو من ولاة الحجاج ولاّه على المدائن مات سنة ٧٧ هـ .

انظر : تاريخ الطبري ٦ : ٢٨٤ ، المنتظم ٦ : ١٩٢ ، الكامل لابن الأثير ٤ : ٤٣٣ .

(٣) في المصدر : جئت من أكفر الناس وأخبثهم .

٢٦٠