درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ١

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ١

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٠٨

(م) الثاني انه اذا اختلفت القراءة فى الكتاب على وجهين مختلفين فى المؤدى كما فى قوله تعالي (حَتَّى يَطْهُرْنَ) حيث قرء بالتشديد من التطهر الظاهر فى الاغتسال والتخفيف من الطهارة الظاهرة فى النقاء عن الحيض فلا يخلو ما ان نقول بتواتر القراءات كلها كما هو المشهور خصوصا فيما كان الاختلاف فى المادة واما ان لا نقول كما هو مذهب جماعة فعلى الاول فهما بمنزلة آيتين تعارضتا لا بد من الجمع بينهما بحمل الظاهر علي النص او على الاظهر ومع التكافؤ لا بد من الحكم بالتوقف والرجوع ـ

(ش) اقول ان هنا مقامات الاول ان القراءات السبع التى مشايخها عاصم ونافع وابو عمرو والكسائي وحمزة وابن كثير وابن عامر هل هى متواترة عنهم ام لا والثانى هل ثبت من الائمة بطريق القطع جواز القراءة بكل واحدة من القراءات السبع فى الصلاة وغيرها ام لا والثالث هل يكون كل واحدة من القراءات السبع متواترة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله تبارك وتعالى ام لا ومحل النزاع المعروف انما هو هذا المعنى وإلّا فتواتر القراءات عن القراء لا يفيد شيئا مع عدم ثبوت تواترها عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله كما لا يخفى اما المقام الاول والثانى فالبحث عنهما قليل الفائدة مع انهما ليسا محلا للنزاع وهذا هو الوجه فى عدم تعرضنا للبحث عنهما. واما المقام الثالث فاجمال الكلام فيه انه قد اختلف فى تواتر القراءات السبع عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فعن الاكثر تواترها كلها وحكى عن العلامة (قده) فى التذكرة والمنتهى ونهاية الاحكام ونهاية الاصول وابن فهد فى الموجز والمحقق الثانى فى جامع المقاصد والشهيد الثانى فى الروض والشيخ الحر فى الوسائل وفى الصافى انه المشهور بين الفقهاء وعن شرح المفاتيح دعوى مشهوريته بين اكثر علمائنا وفى التفسير الكبير ذهب اليه الاكثرون والقول الثانى ان القراءات السبع ان كانت جوهرية من قبيل مالك وملك فهى متواترة وان كانت من قبيل الهيئة كالمد والامالة وتخفيف الهمزة وغيرها فهى غير متواترة ذهب اليه المحقق البهائى والحاجبى والعضدى على ما حكى عنهم والقول الثالث عدم تواترها ذهب اليه البعض حيث قال ان المستفاد من الاخبار والروايات ان القرآن نزل علي حرف واحد على نبي واحد فاذا تبين لك هذه المقامات. ـ

٣٠١

ـ الى غيرهما وعلى الثانى فان ثبت جواز الاستدلال بكل قراءة كان كما تقدم وإلّا فلا بد من التوقف فى محل التعارض والرجوع الى القواعد مع عدم المرجح او مطلقا بناء على عدم ثبوت الترجيح هنا كما هو الظاهر فيحكم باستصحاب الحرمة قبل الاغتسال اذ لم يثبت تواتر التخفيف او بالجواز بناء على عموم قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) من حيث الزمان خرج منه ايام الحيض على الوجهين فى كون المقام من استصحاب حكم المخصص او العمل بالعموم الزماني.

ـ فاعلم انه اذا اختلفت القراءة فى الكتاب على وجهين مختلفين فى المؤدى كما فى قوله سبحانه (حَتَّى يَطْهُرْنَ) بالتخفيف من الطهارة الظاهرة فى النقاء من الحيض وبالتشديد من التطهر الظاهر فى الاغتسال فاجمال الكلام فى ذلك انه اما ان نقول بتواتر القراءات واما لا وعلى الثانى اما ان نقول بالتلازم بين جواز القراءة بكل قراءة وجواز الاستدلال بها واما لا.

فعلى الاول ان امكن الجمع بينهما بحمل الظاهر منهما على النص او الاظهر فلا اشكال فى حمل الظاهر عليهما وان لا يمكن الجمع يتوقف ويرجع الى الاصل او الدليل الموجود فى المسألة لان حالهما حينئذ كآيتين متعارضتين ولا يخفى عليك ان ما نحن فيه اعنى الآية المذكورة من قبيل حمل الظاهر على الاظهر وذلك لان دلالتها على عدم جواز المقاربة فى ايام النقاء بناء على القراءة الثانية اعنى حيث قرء بالتشديد من التطهر الظاهر فى الاغتسال انما هو بحسب المنطوق وعلى القراءة الاولى يكون بحسب مفهوم الغاية ولا ريب ان المنطوق اظهر من المفهوم وعلى الثانى فالامر كذلك فمع امكان التوفيق العرفى يجمع بينهما وإلّا يتوقف واما على الثالث فبعد عدم تواتر القراءتين وعدم ثبوت التلازم بين جواز القراءة وجواز الاستدلال لا بد من التوقف والرجوع اما الى عموم جواز الاتيان بالزوجة فى اى زمان بناء على استفادة العموم الزمانى من قوله سبحانه (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) او الى استصحاب حكم المخصص على الخلاف المذكور فى محله هذا مجمل الكلام فى تواتر القراءات السبع

٣٠٢

(م) الثالث ان وقوع التحريف فى القرآن على القول به لا يمنع من التمسك بالظواهر لعدم العلم الاجمالى باختلال الظواهر بذلك مع انه لو علم لكان من قبيل الشبهة الغير المحصورة مع انه لو كان من قبيل الشبهة المحصورة امكن القول بعدم قدحه لاحتمال كون الظاهر المصروف عن ظاهره من الظواهر الغير المتعلقة بالاحكام الشرعية العملية التى امرنا بالرجوع فيها الى ظاهر الكتاب فافهم.

(ش) اقول ان المراد من التحريف هنا زيادة شيء على كلام الله تعالى فى القرآن او نقص شيء منه حرفا كان او كلمة او كلاما ولو كثيرا واما التحريف من حيث الزيادة فلا ينبغى احتمالها بل لا يجوز لادعاء جمع من الاصحاب الاجماع علي عدمها واما التحريف من حيث النقيصة فقد اختلفوا فيه فالمشهور بين الاصوليين عدمه مطلقا وهو الذى ذهب اليه جمع من المحدثين كالصدوق فى اعتقاداته وغيره وذهب الى التحريف جمع من قدماء المحدثين كالكلينى وشيخه علي بن ابراهيم القمى صاحب التفسير والنعمانى وسعد بن عبد الله الاشعري وذهب اليه اكثر الاخباريين وذهب بعض المحققين الى وقوع التحريف بالنقصان فى غير آيات الاحكام وهو مذهب المحقق القمى فى القوانين ثم حاصل ما افاده الشيخ (قده) فى المقام انه علي القول بالتحريف لا مانع عن العمل بظواهر الكتاب على مقتضى القاعدة بعد احراز المقتضى للعمل اما اولا فلعدم وجود العلم الاجمالي بان التحريف صار منشئا لاختلاف ظواهر الكتاب واما ثانيا فلانه بعد تسليم وجود العلم الاجمالى باختلافها تكون الشبهة غير محصورة لان الآيات التى وقع التحريف فيها بالنسبة الى غيرها اقل قليل وقد تبين فى محله ان العلم الاجمالى فى الشبهة الغير المحصورة لا يوجب طرح الاصول وبمثل هذا يمكن ان يجاب عن العلم الاجمالى الذى اورده السيد صدر الدين بالنسبة الى المتشابهات ولو سلم كون الشبهة محصورة لكن نقول بعدم قدح العلم الاجمالى بعد خروج بعض اطرافها عن محل الابتلاء لاحتمال كون التحريف فيما لا يتعلق بالعمل وقد تقرر فى مسئلة العلم الاجمالى فى باب الشك فى المكلف به ان العلم الاجمالى الموجب لتنجز التكليف وطرح الاصول فى الشبهة المحصورة هو ما كان جميع اطرافه محلا للابتلاء للمكلف.

٣٠٣

(م) الرابع قد يتوهم ان وجوب العمل بظواهر الكتاب بالاجماع مستلزم لعدم جواز العمل بظاهره لان من تلك الظواهر ظاهر الآيات الناهية عن العمل بالظن مطلقا حتّى ظواهر الكتاب وفيه ان فرض وجود الدليل على حجية الظواهر موجب لعدم ظهور الآيات الناهية فى حرمة العمل بالظواهر مع ان ظواهر الآيات الناهية لو نهضت للمنع عن ظواهر الكتاب لمنعت عن حجية انفسها إلّا ان يقال انها لا تشتمل انفسها فتأمل وبازاء هذا التوهم توهم ان خروج ظواهر الكتاب عن الآيات الناهية ليس من باب التخصيص بل من باب التخصص لان وجود القاطع علي حجيتها يخرجها عن غير العلم الى العلم وفيه ما لا يخفى

(ش) اقول ان هذا التوهم من المحقق القمى (قده) وبعض من وافقه فى القول بحجية الظن المطلق حيث قال فى القوانين فى بحث الاجتهاد والتقليد بعد جملة كلام له فى النقض والابرام فى الاستدلال على حجية ظواهر الكتاب بالاجماع ما حاصله والحاصل ان الاجماع المدعى فى هذا المقام على حجية ظواهر الكتاب ان كان هو الاجماع المنقول او الاستنباطى اى الاجماع الظنى المستنبط من كلمات العلماء فيدخلان فى عموم آيات التحريم ولا دليل على حجيتهما سوى كونهما ظن المجتهد وان كان هو الاجماع المحقق فان كان على الجملة فهو لا يجدى نفعا وان كان علي كل الظواهر فمع ما يرد عليه ما سبق مما فصلناه من عدم تحقق الاجماع فيه انه مستلزم لحجية الظن الحاصل من قوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وامثاله من الظواهر والظنون الحاصلة بان العمل على ظن الكتاب لا يجوز فانها عامة تشتمل ذلك ايضا فالاجماع على حجية الظواهر حتى الظاهر الدال على حرمة العمل بالظن عموما يثبت عدم حجية الظن الحاصل من القرآن وما يثبت وجوده عدمه فهو محال انتهى. كلامه رفع مقامه واورد الشيخ (قده) على هذا التوهم ما حاصله انه بعد فرض حصول القطع من الاجماع بحجية مطلق الظواهر حتّى ظواهر الآيات الناهية فلا بد ان يكون ظهور الآيات الناهية بالنسبة الى باقى افراد الظنون لان حصول القطع بالمتناقضين محال وبالجملة فبعد حصول القطع بحجية الظواهر اما ان يخرج تلك الظواهر الناهية عن مورد الاجماع بحيث يحصل القطع بحجية ما عداها او يكون ظهور الآيات الناهية بالنسبة ـ

٣٠٤

الى غير ما ثبت حجيته بالاجماع مع ان ظواهر الآيات الناهية لو نهضت للمنع عن ظواهر الكتاب لمنعت عن حجية انفسها إلّا ان يقال انها لا تشتمل انفسها. قوله فتامل لعله اشارة الى انه يمكن ان يقال بشمولها لانفسها ايضا بناء على ان مناط النهى هو الظن وحينئذ فلا يوجد فرق بين الظن الحاصل منها ومن غيرها قوله وبازاء هذا التوهم الخ وقد اشار الى هذا التوهم المحقق القمى فى القوانين وحاصله : يمكن ان نقول بخروج ظواهر الكتاب عن الآيات الناهية من باب التخصص لا من باب التخصيص لان وجود القاطع على حجيتها يخرجها عن غير العلم الى العلم قوله وفيه ما لا يخفى وبيان ذلك ان صيرورتها مقطوعة الاعتبار اما قبل قيام الاجماع على حجيتها او بعده اما الاول فواضح الفساد واما الثانى فلان بعد قيام الدليل يكون ظواهر الآيات الناهية وغيرها فى جهة واحدة مضافا الى ان قطعية الاعتبار لا يخرج الظن عن كونه ظنا هذا تمام الكلام فى الخلاف الاول من القسم الاول اعنى ما يعمل لتشخيص مراد المتكلم. هذا تمام الكلام فى الجزء الاول من شرح الفرائد ويتلوه الجزء الثانى والثالث إن شاء الله والحمد لله اولا وآخرا والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين وقد وقع الفراغ من طبعه يوم الخميس فى عاشر شهر صفر سنة الف وثلاثمائة وثمانين.

٣٠٥

فى بيان المراد من المكلف.......................................................... ٣

فى بيان الالتفات التفصيلى والاجمالى................................................ ٦

فى بيان المراد من الحكم............................................................ ٧

فى ان البحث عن القطع ليس من مسائل الاصول.................................... ٩

فى بيان الاصول العملية......................................................... ١٠

فى بيان بعض الاصطلاحات فى هذا الفن.......................................... ١١

فى تعيين مجارى الاصول العملية................................................... ١٣

فى بيان الاشكال الوارد على مجارى الاصول........................................ ١٤

فى ان طريقية القطع هل هى ذاتية او جعلية........................................ ١٦

فى وجوب متابعة القطع.......................................................... ١٨

فى عدم صحة اطلاق الحجة على القطع........................................... ١٩

فى معنى الحجة................................................................. ٢٠

فى الفرق بين القطع الموضوعى والطريقى........................................... ٢٤

فى اقسام القطع................................................................ ٢٥

فى بيان الثمرة بين القطع الموضوعى والطريقى....................................... ٢٧

فيما ذهب اليه بعض الاخباريين.................................................. ٢٩

فى قيام الامارات والاصول مقام القطع الطريقى...................................... ٣٠

فى تفسير رواية حفص........................................................... ٣٣

فى تقسيم الظن الى الموضوعى والطريقى............................................ ٣٤

فى البحث عن التجرى.......................................................... ٣٨

فى الخدشة فيما استدل به على التجرى............................................ ٤٤

فى مصادفة القطع للواقع وعدمها................................................. ٤٩

فى نقل كلام صاحب الفصول.................................................... ٥١

٣٠٦

فى الجواب عما اختاره صاحب الفصول............................................ ٥٥

فى ان التجرى اذا صادف المعصية تداخل عقابهما................................... ٦٠

فى تفسير الاعانة على الحرام...................................................... ٦٤

فى اقسام التجرى............................................................... ٦٦

فى نقل كلام المحدث الأسترآباديّ................................................. ٧٢

فى تعريف الحكمة العملية والنظرية................................................ ٧٧

فى اقسام العلوم النظرية.......................................................... ٨١

فى تفسير الهيولى................................................................ ٨٦

فى تعارض الدليل العقلى والنقلى.................................................. ٩٠

فى الملازمة بين حكم العقل والنقل................................................. ٩٣

فى تعارض الدليل العقلى والنقلي.................................................. ٩٩

فى توسط تبليغ الحجة فى اطاعة الله والجواب عنه.................................. ١٠٥

فى الاعتماد علي العقل فى قبال الشرع........................................... ١١١

فى بيان عدم اعتبار قطع القطاع................................................. ١١٥

فى ان المعلوم بالاجمال هل هو كالمعلوم بالتفصيل ام لا.............................. ١٢٤

فى اعتبار قصد الوجه.......................................................... ١٢٩

فى تقديم الامتثال التفصيلى على الاجمالى......................................... ١٣٣

فى حرمة المخالفة القطعية....................................................... ١٤٢

فى نقل كلام بحر الفوائد فى تصوير الصور للعلم الاجمالى............................ ١٤٥

فى العلم التفصيلى المتولد من العلم الاجمالى....................................... ١٤٩

فى فروع العلم الاجمالى......................................................... ١٥٤

فى البحث عن مخالفة العلم الاجمالى............................................. ١٦٣

فى الاجماع البسيط والمركب..................................................... ١٧٧

٣٠٧

فى البحث عن المخالفة العملية.................................................. ١٧٨

فى البحث عن مسئلة الخنثى.................................................... ٢٠٠

فى امكان التعبد بالظن......................................................... ٢١٢

فى الجمع بين الحكم الواقعى والظاهرى........................................... ٢٢٦

فى بطلان التصويب........................................................... ٢٤٢

فى الجمع بين الحكم الواقعى والظاهرى........................................... ٢٤٣

فى القول بوجوب التعبد بالظن.................................................. ٢٥٠

فى البحث عن وقوع التعبد بالظن فى الاحكام الشرعية............................. ٢٥٢

فى تأسيس الاصل فى حرمة التعبد بالظن......................................... ٢٥٤

فى حرمة العمل بالظن بالاصول المتعددة.......................................... ٢٥٨

فى الامور الغير العلمية التى اقيم الدليل على اعتبارها............................... ٢٦٩

فى البحث عن حجية مطلق الظواهر............................................. ٢٧٤

فى البحث عن حجية ظواهر الكتاب............................................ ٢٧٦

فى الجواب عما استدل به الاخباريون............................................. ٢٧٩

فى البحث عن حجية ظواهر الكتاب............................................ ٢٨٥

منع الاخباريين من العمل بظاهر الكتاب......................................... ٢٩٠

نقل كلام السيد الصدر ونقده.................................................. ٢٩٤

دفع توهم عدم الجدوى فى البحث عن ظواهر الكتاب............................. ٢٩٩

البحث عن تواتر القراءات السبع وحجيتها........................................ ٣٠٢

عدم وقوع التحريف فى القرآن.................................................. ٣٠٣

وجوب العمل بظواهر الكتاب.................................................. ٣٠٤

٣٠٨