نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5711-33-9
الصفحات: ٥٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

طحن حنطة بمعناهما المصدري ـ اي الفعل الصادر منه ـ فخاطه او طحنه في مكان مغصوب حيث انه تقع الخياطة وكذا الطحن بملاحظة كونهما اداء لحق الغير مامورا بالايجاد ـ اي يكون مشمولا لاوفوا بالعقود ووجوب الوفاء بمتعلق الإجارة ـ وبملاحظة كونه غضبا وتصرفا في مال الغير بدون رضاه كان منهيا عن الإيجاد وح فبناء على جواز الاجتماع كان له ايجاد الخياطة والطحن في مكان مغصوب وباتيانه يقع العمل وفاء لعقد الاجارة نظرا إلى خروج محل الاجارة ح عن المبغوضية وبقائه على ماليته فيصير ح وفاء قهرا بعقد الاجارة نعم على ذلك لا بد في صحة اصل الاجارة من وجود المندوحة من جهة انه بدون المندوحة لا قدرة له على الوفاء وهي شرط صحة الاجارة فمن ذلك يبطل الإجارة ح لانتفاء شرط صحتها الذي هو القدرة على الوفاء ومن هذه الجهة يفرق العبادات عن المعاملات حيث انه في العبادات لا يحتاج إلى اعتبار قيد المندوحة الا من جهة رفع غائلة محذور التكليف بما لا يطاق الذي هو غير مهم أيضا عند القائل بالجواز من جهة ما عرفت من ان المهم عنده انما هو محذور اجتماع الضدين الذي هو بنفسه من التكليف المحال بخلافه في المعاملات حيث ان الاحتياج إلى قيد المندوحة من جهة اصل صحة المعاملة ، واما بناء على الامتناع وتغليب جانب النهي فحيث انه تسري المبغوضية إلى الخياطة فقهرا تصير مبغوضه ومحرمة ومعه تخرج شرعا عن المالية فلا يصلح مثلها للوقوع وفاء بعقد الاجارة وح فلو كان المحل باقيا بعد ذلك فلا اشكال حيث يجب الاتيان بالخياطة في غير المكان المغصوب وإلّا فيبطل الإجارة لعدم بقاء المحل للوفاء هذا اذا كانت الاجارة على نفس الخياطة والطحن بما انهما عمل له اي المعبر عنه بالسبب ـ واما لو كانت الاجارة عليهما بما انهما نتيجه عمله وفعله ففي هذا الفرض صحت الاجارة مع المندوحة ويقع الطحن

٤٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

والخياطة أيضا وفاء للمعاملة بلا اشكال نظر إلى عدم سراية المبغوضية ح اليهما وبقائهما على ماليتهما لخروجهما ح حقيقة عن فرض اجتماع الامر والنهي في وجود واحد كما هو واضح. ولكن فيه ان النهي عن المسبب نهي عن السبب لعدم القدرة عليه بلا واسطة ولذا يشكل ما ذكره اخيرا قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٤٢ ولا يخفي ان ما ذكر يكون على فرض تعلق النهي بالسبب مثل البيع لان النهي اما ان يكون عن السبب كالنهي عن البيع بالعقد الفارسي او عن المسبب وهو الاثر الحاصل من العقد وهو جواز التصرف وعدمه المترتب على صحة العقد وعدمها فالنهي عن التصرف يكون من النهي عن المسبب وربما يكون النهي عن التسبب مثل البيع وقت النداء فان الثاني كاشف عن البطلان بدون الشبهة والثالث كاشف عن الصحة لان التسبب حرام ولكن السبب يؤثر اثره ويكون ما ذكر في صورة كون النهي مولويا لا ارشاديا ـ ولكن الذي يقتضي التدبر الصحيح ـ هو ان هذا صحيح على مبني شيخنا الاستاد النّائينيّ في النهي في المعاملات لانه يكون قائلا بدلالته على الفساد واما على ما هو التحقيق من ان النهي المولوي في السبب لا تدل على الصحة خلافا لابي حنيفة ولا على الفساد خلافا لشيخنا الاستاد فلا ثمرة في المقام للبحث عن الجواز والامتناع لانه على فرض الامتناع لا يكون النهي موجبا للفساد حتى يحكم بفساد الإجارة وغيرها او يقال بان الباب باب التعارض او التزاحم وصحة العقد تفهم من عمومات السببية للعقد لوقوعه واما مثل البيع الربوي فالدليل الخارجي يدل على فساده لا نفس النهي عنه ووجود المندوحة وعدمها لا بكون له اثر في صحة العقد وفساده لو كان مؤثرا في العبادات مع انه قلنا لا اثر له فيها أيضا في الجواز والامتناع. وهو الصحيح.

٤٤٢

ومنها انه لو اضطر إلى الغصب (١) فان كان قاصرا في اضطراره بارتكابه (٢) فلا شبهة في صحة صلاته صلاة الكامل المختار عند

______________________________________________________

(١) السابعة في الاضطرار إلى الغصب تعرض له في الكفاية وغيرها قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٣ الاضطرار إلى الغصب تارة يكون لا عن سوء الاختيار واخرى يكون عن سوء اختياره وعلى التقديرين تارة يقطع بزوال العذر قبل خروج الوقت واخرى يقطع ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت وثالثة يشك في ذلك وعلى التقادير تارة يكون الغصب مجموع الفضاء والارض واخرى يكون الغصب هو خصوص الارض دون الفضاء وثالثه بالعكس فهذه صور متصورة في الاضطرار إلى الغصب. وعلى اي تحقيق الكلام في ذلك في ضمن أمور.

(٢) الامر الاول هو الاضطرار الى الغصب لا عن سوء اختياره وعدم امكان الخروج ولو في الوقت قال في الكفاية ج ١ ص ٢٦٢ ان الاضطرار إلى ارتكاب الحرام وان كان يوجب ارتفاع حرمته والعقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه لو كان مؤثرا له كما اذا لم يكن بحرام بلا كلام إلّا انه اذا لم يكن الاضطرار اليه بسوء الاختيار. وتفصيل الكلام في ذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٤ اما الصورة الأولي وهي ما لو كان الاضطرار إلى الغصب لا عن سوء اختياره فبناء على جواز الاجتماع لا اشكال حيث ان له ح الاتيان بالصلاة التامة الاجزاء والشرائط مطلقا سواء فيه بين علمه ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت او علمه بزواله قبل خروج الوقت وسواء فيه بين كون الغصب مجموع الفضاء والارض او الارض خاصة دون الفضاء او العكس واما على الامتناع وتقديم جانب النهي ولو لكونه من حقوق الناس فان كان الغصب مجموع الارض والفضاء وقد علم أيضا ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت ـ اي ولو باستصحاب بقائه ـ

٤٤٣

عدم تمكنه من الخروج (١) ويكفي للتقرب به أيضا اتيانه بقصد التوصل به إلى غرض المولي كما عرفت نظيره في الجاهل (٢) ولا يمكنه في المقام التقرب بامره ورجحانه (٣) اذ مر أن مبغوضية (٤) العمل لا يرتفع بطروا الاضطرار عليه كما لا يخفي وتوهم ان (٥) العمل وان كان مرجوحا فعلا ولكن له رجحان فاعلي

______________________________________________________

(١) فلا اشكال أيضا حيث ان له ح الاتيان بالصلاة في الغصب بما لها من الاجزاء والشرائط نظر إلى معلومية عدم استلزام صلاته ح لزيادة تصرف في الغصب غير ما اضطر اليه وهذا واضح بعد وضوح عدم التفاوت في شاغليته للمكان بين حالة سكونه وحركته وقيامه وقعوده.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥١ والتحقيق يقضي في هذه الصورة بجواز الصلاة على النحو المشروع في حق المختار سواء قلنا بالجواز ام بالامتناع وتقديم جانب النهي والسر في ذلك ما عرفت آنفا من ان المجمع على الجواز وعلى الامتناع يكون واحدا لملاك الامر وبما ان المكلف مضطر إلى الغصب يكون النهي عنه ساقطا فلا محالة يكون المجمع ح صالحا للتقرب به.

بقصد التوصل او بالرجاء بل مطلقا بأمر كما سيأتي.

(٣) هذه اشارة إلى الاشكال المتقدم وملخصه ان العبادة لاحتياجها إلى قصد القربة لا بد من الامر الفعلي القائم بالعمل وغير متحقق في المقام.

(٤) والوجه في ذلك هو ترجيح جانب النهي ومبغوضية العمل ولا يرتفع في حال الجهل بل باق كذلك والامر ليس بفعلي وان كان الملاك باق كما مر.

(٥) تقدم أيضا الجواب الاول عن هذا الاشكال بانه يمكن ان يؤثر المصلحة المهمة في حسن الفعل من حيث صدوره عن الفاعل عند الجهل وسقوط النهي فيتبعه الامر الفعلي فيتقرب بداعي امره.

٤٤٤

وذلك المقدار يكفي في التقرب برجحان عمله كلام ظاهري (١) اذا الغرض من رجحانه الفاعلي ان الفاعل ذات طينة حسنة فذلك غير مرتبط برجحان العمل وان (٢) كان الغرض ان العمل من حيث صدوره عن هذا الفاعل راجح فلا معني لقبحه الفعلي كيف (٣) ومرجعه إلى التفكيك بين ايجاد العمل ووجوده وبعد اتحادهما خارجا فلا معني لرجحان احدهما ومرجوحية الآخر وان كان (٤)

______________________________________________________

(١) فناقش فيه وانه ما هو السبب للغرض من رجحانه الفاعلي بوجوه ثلثه الأول هل الغرض ان هذا الانسان ذات قلب سليم ونية صافية وطينة حسنة وانسان خير ففيه انه لا يرتبط برجحان العمل والامر الفعلي عليه.

(٢) الثاني هل المراد ان العمل من حيث صدوره وايجاده من الفاعل ذات حسن فعلي فكيف يجتمع مع قبحه الفعلي فيلزم اجتماع الضدين فيه من المحبوبية والمبغوضية لاتحاد الوجود والايجاد حقيقة.

(٣) مضافا إلى ان لازمه التفكيك بين حكم ايجاد العمل ووجوده وهذا محال لاتحادهما خارجا وتغايرهما اعتبار او لا معني لرجحان احدهما ومرجوحية الآخر.

(٤) الثالث ان كان المراد رجحان نفس الصدور بالمعني الاسم المصدري ونسبة الفعل واضافته إلى الفاعل يكون راجحا وحسنا فهذا امر ممكن لكن اجنبي عن التقرب بنفس العمل الراجح العبادي فلا يوجب ذلك رجحان العمل والامر به في حد نفسه مع صرف النظر عن صدوره عن الفاعل.

٤٤٥

الغرض رجحان نفس صدوره منه الذي مرجعه إلى اضافة الفعل إلى الفاعل فلا شبهة في انه أيضا اجنبي عن التقرب بالعمل الذي هو عبادي دون حيث اضافته إلى الفاعل كما هو واضح وبالجملة (١) لا قصور في التقرب بالعمل من حيث قصده ولو ارتكازا كونه بصراط تحصيل مرام المولي وغرضه (٢) ثم ان ذلك كله حكم صورة بقائه في المغصوب وعدم تمكنه من الخروج.

______________________________________________________

(١) فالمتعين ما تقدم من قصد الملاك والغرض الذي هو باق بالدلالة الالتزامية.

(٢) هنا توهمين وردهما قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥١ فان قلت بسقوط النهي للعجز عن ترك متعلقه لا يوجب انتفاء البغض عنه فاذا فرض كون الفعل مبغوضا وان لم يكن معاقبا عليه لسقوط النهي عنه فلا يكون صالحا للتقرب به اذ لا يعقل ان يتقرب العبد بما هو مبغوض له فعلا قلت الجهة التي يتقرب بها العبد ليست هي الجهة المبغوضة اعني بها حيثية الغصب التي سقط النهي عنها وبقيت مبغوضة فقط بل الجهة التي يتقرب بها هي حيثية الصلاة الموجودة في هذا الفعل وهي حيثية صالحة في نفسها للتقرب بها لو لم يمنع عن التقرب به كونه مما يستحق العبد العقاب عليه فاذا كان الفعل مشتملا على جهة توجب صلاحيته للتقرب به وليس مما يستحق العقاب عليه وان كان مشتملا على جهة توجب النهي عنه في غير هذا الحال صح التقرب به بلحاظ الجهة المحبوبة لانتفاء المانع عن التقرب به الجهة التي توجب استحقاق العقاب على الفعل بالفعل هذا مع امكان التقرب بقصد تحصيل غرض المولي بالمجمع لانه مشتمل على المصلحة التي من اجلها تعلق الامر بالصلاة مثلا ، ان قلت الاضطرار انما يوجب سقوط النهي بالمقدار الذي لا بد منه فاذا اضطر المكلف إلى التصرف في المكان المغصوب بالجلوس فيه مثلا لزم الاقتصار عليه اذ ما زاد عليه من التقلبات والتنقلات فيه لا يكون مضطرا اليه حسب الفرض فلا

٤٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

موجب لسقوط النهي عنه فيه وعليه يكون الواجب على المكلف ح هي صلاة المضطر اعني بها الصلاة جالسا موميا لان الصلاة لا تسقط بحال قلت لا ريب في الكبرى واما الصغرى وهي ان صلاة المختار تستلزم تصرفا في المكان اكثر من صلاة المضطر فهو توهم محض لان صلاة المختار لا تستلزم تصرفا في المكان اكثر من كون الانسان فيه وهو نفس الكون الذي اضطر اليه المكلف فما يشغله الانسان من المكان في حال قيامه لا يزيد على ما يشغله في حال جلوسه وكذا ما يشغله في حال ركوعه وسجوده لان المحتاج إلى الحيز هو جسم الانسان وهو في حال الجلوس لا ينقص عنه في حال القيام او في حال الركوع او السجود هذا عقلا واما عرفا فعدم استلزام صلاة المختار للتصرف في المكان اكثر من التصرف بصلاة المضطر اوضح من ذلك بشهادة الوجدان. وكان هذا التوهم من المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٧٣ قال ان الاعتبار في صدق التصرف الزائد على قدر الضرورة انما بنظر العرف لا بالدقة الفلسفة اي يقال يشغل مقدارا معينا من الحيّز على كل حال ـ ولا ريب في ان الركوع والسجود بعد ان عرفا من التصرف الزائد فلا يكون الاضطرار إلى الغصب موجبا للترخيص فيهما فلا بد من الاقتصار على الايماء بد لا عنهما ، وقد عرفت الجواب عنه واجاب بمثل ذلك استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٧٣ الظاهر ان المكلف اذا كان مضطرا إلى المكث في المكان المغصوب لا يفرق الحال بين ان يكون راكعا او ساجدا فيه وان يكون قائما فيه فكما ان الركوع او السجود تصرف فيه كذلك القيام تصرف فيه أيضا فلا وجه ح للقول بلزوم الاقتصاد على الايماء بدلا عن الركوع والسجود واما دعوى انهما يعدان بنظر العرف من التصرف الزائد فهي دعوى بلا بينه وبرهان ، وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٤ وأما لو كان الغصب هو خصوص الارض دون الفضاء فمقتضى القاعدة في هذا الفرض هو تقليل الغصب مهما أمكن ولازمه هو وجوب الاتيان بالصلاة ح قائما موميا لسجوده نظرا الى ما يلزم من وضع

٤٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

جبهته على الارض من الغصب الزائد بل ذلك أيضا هو الذي يقتضيه الجمع بين ما دل على أن الصلاة لا تترك بحال وبين ما دل على حرمة التصرف في مال الغير بل ولو لا استلزام العسر والحرج لكان اللازم هو الاقتصار في قيامه على رجل واحد من جهة كونه أقل تصرفا من القيام على رجلين ومن ذلك ظهر الحال في فرض كون الغصب هو خصوص الفضاء دون الارض حيث ان اللازم بمقتضى القاعدة هو وجوب الاتيان بصلاته مستقليا على ظهره جمعا بين ما دل على ان الصلاة لا تترك بحال وبين عموم حرمة التصرف في مال الغير هذا ولكن ظاهر الأصحاب هو وجوب الاتيان بصلاة المختار عند كون الاضطرار لا عن سوء اختياره حيث ان ظاهرهم هو عدم الفرق بين فرض كون الغصب مجموع الفضاء والارض وبين كونه خصوص الارض او الفضاء وان له في جميع الفروض المزبورة الاتيان بالصلاة التامة الاجزاء والشرائط ولعل ذلك منهم لمكان قيام السيرة على كونه مختارا ح في قيامه وقعوده واضطجاعه واستلقائه مع ما يلزم من العسر والحرج من بقائه على كيفية واحدة من القيام او القعود كما انه يشهد لذلك أيضا خلو كلمات الأصحاب عن التعرض ح لمقدار الجائز من الحركات والسكنات وإلّا لكان اللازم عليهم التعرض لذلك وبيان مقدار الجائز من الحركات والسكنات خصوصا فرض كون الغصب هو الارض خاصة دون الفضاء او العكس هذا ولكن مع ذلك في غير الصورة الحرجية يشكل الحكم بجواز الاتيان بصلاة المختار حتى في فرض غصبية الارض واباحة المكان في قبال عموم حرمة التصرف في مال الغير خصوصا مع امكان حمل كلامهم على ما هو الغالب من فرض غصبية الارض والقضاء معا كإمكان منع قيام السيرة أيضا على الاطلاق على كونه مختارا في الحركات والسكنات حتى في غير صورة الحرجية فتأمل ثم ان هذا كله في فرض العلم ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت. وما اورده على السيرة غير تام واطلاقات الاضطرار محكم في جميع الفروض.

٤٤٨

واما صورة تمكنه منه (١) فلا شبهة (٢) ح في وجوب المبادرة إلى الخروج كي لا يستلزم من بقائه ازدياد الغصب ومرجع وجوب المبادرة إلى الخروج في الحقيقة إلى حرمة ارتكاب الغصب الزائد حيث ان بقائه ملازم لازدياد الغصب (٣) وح (٤) فهذا الوجوب ليس وجوبا شرعيا بل هو من باب لابديّة ترك الملزوم بملازمة حرمة (٥)

______________________________________________________

(١) الأمر الثاني لم يكن الاضطرار إلى الغصب بسوء اختياره لكن يتمكن من الخروج في اثناء الوقت.

(٢) ذكر محقق الماتن ان في هذا الفرض جهات من الكلام الجهة الاولي هل تجب المبادرة إلى الخروج ان تمكن ام لا اختار الوجوب وذلك لتقليل ارتكاب الغصب والاجتناب عن ازدياده حيث انه كلما يبقي في المغصوب يزيد في معصيته وعقوبته.

(٣) فيكون وجوب المبادرة إلى الخروج من باب اختيار اقل المحذورين من البقاء وزيادة الغصب وتركها والغصب بمقدار الخروج عن الغصب فقط قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٧ وان كان العقل يحكم بلزومه ارشاد إلى اختيار اقل المحذورين واخف القبحين.

(٤) الجهة الثانية هل يكون وجوب المبادرة وجوبا عقليا كما قلنا من باب اقل المحذورين ام شرعيا يقول المحقق الماتن انه عقلي لان العقل يحكم بلزوم ترك الملزوم وهو البقاء في المكان المغصوب من اجل ملازمه حرمة لازمه وهو ازدياد الغصب وهو حرام.

(٥) لعل الاصح اللازم كما في طبع الحديث لكن التعبير عن الملازم بمعني اللازم أيضا لا محذور فيه.

٤٤٩

اللازم فتوهم (١) وجوب التخلص ح شرعيا بل ومحسّنا بحسن ملزم عقلي (٢)

______________________________________________________

(١) الجهة الثالثة : ذكر وجهين لكون وجوب الخروج شرعيا وكليهما باطل الوجه الاول ما ذكره المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٧٩ فلا مناص عن الالتزام بكونه داخلا تحت قاعدة أخرى اعني بها قاعدة وجوب رد مال الغير إلى مالكه فكما يجب رد المغصوب إلى مالكه في غير المقام يجب رده إلى مالكه في المقام أيضا والخروج بما انه تتحقق به التخلية بين المال ومالكه التي بها يتحقق الرد في غير المنقولات يكون واجبا لا محالة. واجاب عنه استادنا الخوئي في هامش الاجود ونعم الجواب ج ١ ص ٣٧٩ لا يذهب عليك ان وجوب التخلية بين المال ومالكه لا يستلزم وجوب الحركات الخروجية المتوقف عليها الكون في خارج الدار لانها ليست معنونة بعنوان التخلية قطعا ضرورة انها تصرف في مال الغير بدون اذنه ومصداق للغصب كما عرفت فكيف يعقل كونها مصداقا لعنوان التخلية المقابل لعنوان الاشغال فغاية الامر ان العقل يرشد إلى اختيارها حذرا من الوقوع في الغصب الدائمي دفعا للافسد بالفاسد ، الوجه الثاني ما في المتن من باب وجوب التخلص شرعا قال الشيخ الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٥٣ والأقوى كون مامورا به فقط ـ لنا على كون الخروج مامورا به ان التخلص عن الغصب واجب عقلا وشرعا ولا شك ان الخروج تخلص عنه بل لا سبيل اليه الا بالخروج فيكون واجبا على وجه العينية.

(٢) لما عرفت مما ذكره عقلا وشرعا لكونه ذات رجحان وحسن كذلك وبذلك يعترف صاحب الكفاية أيضا قال فيها ج ١ ص ٢٦٦ لكنه لا يخفي ان ما به التخلص عن فعل الحرام او ترك الواجب انما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل وان كان قبيحا ذاتا اذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه ولم يقع بسوء اختياره.

٤٥٠

ليس في محله (١) إذ (٢)

ذلك (٣) انما يتم (٤) لو كان الخروج مقدمة لترك الغصب (٥) وهو

______________________________________________________

(١) قام المحقق الماتن قدس‌سره في الجواب عنه وان ذلك من باب المقدمية وتعرض للمقدمية واعترف به صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٤ ان قلت كيف لا يجديه ـ اي انحصار التخلص عن الحرام به ـ ومقدمة الواجب واجبة قلت انما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة ولذا لا يترشح الوجوب من الواجب الا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراكهما في المقدمية واطلاق الوجوب بحيث ربّما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها انما هو فيما اذا كان الواجب اهم من ترك المقدمة المحرمة.

(٢) والمحقق العراقي قد اجاب عن المقدمية وبيانه قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٠.

(٣) توهم مقدميته للتخلص عن الغصب الزائد ـ اي ترك الغصب الزائد واجب وهو يتوقف على الخروج فيكون واجبا بالوجوب الغيري وبما ان المكث في المكان المغصوب لاداء الصلاة هو ضد الخروج يكون تركه واجبا بالوجوب الغيري أيضا لان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده وعليه تكون الصلاة المتحدة مع المكث المزبور منهيا عنها والنهي في العبادة يقتضي الفساد وهو كما عرفت في غير محله.

(٤) اي تتم المقدمية.

(٥) لو كانت الحركة عبارة عما به تبدل احد الكونين بالآخر ـ اي الخروج بغير الغصب لا نفس تبدل كون اي الاستمرار في الغصب يكون اي الغصب الاقل لكان لما ذكر من المقدمية كمال مجال اذ كانت الحركة ح علة لا فراغ الكون في الغصب وتبدله بالكون في خارجه ولكنه محل منع جدا بل هي لا تكون الا عبارة عن نفس تبدل كون بكون آخر وعليه فلا تكون الحركة الا ضد السكون والبقاء الملازم للغصب الزائد.

٤٥١

ليس كذلك (١) جزما كيف (٢) وهو ضد البقاء في المحل وهما في رتبة واحدة (٣) كما عرفت في باب الضد بل البقاء في المحل (٤) أيضا لو كان بمقدار خروجه زمانا ليس حراما شرعيا اذ هو أيضا ملازم لارتكاب الغصب الزائد لا مقدمة فلا (٥) يقتضي حرمة ترك (٦) الغصب الزائد أيضا حرمة بقائه كما هو الشأن في كلية المتلازمات

______________________________________________________

(١) فان الحركة لا تكون الا عبارة عن تبدل كون بكون آخر.

(٢) فهي عبارة عن ضد البقاء المستتبع للغصب الزائد وهو غير موجب لمحبوبية الحركة التي هي ضد السكون والبقاء ومثله أيضا غير موجب لسراية المحبوبية اليها وح فلا يبقي في البين إلّا لزوم الخروج عقلا ارشادا منه إلى اختيار ما هو اقل التقبيحين.

(٣) اي الحركة والبقاء في رتبة واحدة فكيف تكون الحركة مقدمة لترك الغصب الزائد.

(٤) سيأتى عن قريب في حكمه ان البقاء في المحل لو كان زمانا بمقدار خروجه عن ذلك بان يرضي المالك مثلا ونحوه فلا يكون حراما شرعيا لان الخروج والبقاء سيّان في الزمان من حيث الارتكاب ورفع حرمته بالاضطرار مع ان لازمه ارتكاب الغصب الزائد فعلي المقدمية يحرم بقائه مع انه لا يحرم ذلك للاضطرار إليه.

(٥) فمجرد حرمة غصب الزائد لا يوجب حرمة بقائه من باب المقدمية والتوقف حتى يسري اليه المحبوبية.

(٦) وقد صححت بالارتكاب ولا بأس به.

٤٥٢

في الوجود (١) وح (٢) من نتائج ذلك عدم مانع من صحة الصلاة الكامل المختار ببقائه هذا في الدار وعدم خروجه مع تمكنه منه في سعة (٣) الوقت اذ هذا المقدار من الزمان مقهور في غصبه ولم يكن معاقبا عليه من الاول فلا يكون هذا المقدار من الغصب مبعدا في حقه وانما المبعد (٤) هو لازمه من الغصب الزائد عن هذا المقدار من الزمان لكونه تحت اختياره ولو باختيار ملزومه من البقاء المزبور

______________________________________________________

(١) وبالجملة المتلازمان في الوجود شيء والتوقف شيء آخر فاستدبار الجدي في اواسط العراق ونحوه يلازم استقبال القبلة فيكونان متلازمين لكن لا توقف بينهما اصلا حتى يوجب المقدمية.

(٢) الجهة الرابعة في حكم الصلاة ح من التام والناقص وفيها فروض الفرض الاول ما كان في سعة الوقت وزمان الصلاة يساوي زمن الخروج لا ازيد قال المحقق الماتن لا مانع من صحة الصلاة الكامل المختار بقائه في الدار وعدم خروجه مع تمكنه منه.

(٣) والوجه في ذلك ان هذا المقدار من الزمان للخروج قد ارتفع مبغوضيته بالاضطرار كخمسة دقائق مثلا فلا يكون مبعدا للاضطرار فيجوز فيه الصلاة الكامل.

(٤) والمبغوض والمبعد ليس إلّا لازم البقاء من الغصب الزائد عن هذا المقدار وهو تحت اختياره لانه ان بقي في المكان المغصوب بمقدار خمسة دقائق مثلا وهو الملزوم فلا محالة يتحقق اللازم وهو الغصب الزائد فلا يوجب حرمة اللازم وهو الغصب الزائد لحرمة الملزوم وهو مقدار زمان الخروج والحاصل انه يلزم من ذلك خروجه بعد الصلاة منهيا عنه لانه قد اختار بسوء اختياره تأخير الخروج ولكن لا يضر بصحة الصلاة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٥ واما لو فرض علمه بزوال اضطراره قبل خروج الوقت وتمكنه من

٤٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الاتيان بالصلاة في مكان مباح ففي جواز بداره بالصلاة ح والاكتفاء بها وعدم جوازه اشكال اقواه العدم نظر إلى تمكنه ح من الاتيان بصلاة المختار التامة الاجزاء والشرائط في غير الغصب نعم في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض لا باس بجواز بداره وإتيانه بصلاة المختار قاصدا التقرب به بقصد التوصل به إلى غرض المولى ببناء على كفاية ذلك في القرب المعتبر في العبادة وهذا بخلافه في فرض غصبية خصوص الارض او الفضاء حيث انه ح لا مجال لاتيانه بصلاة المختار في مكان مغصوب لما عرفت من استلزامه لازدياد التصرف في مال الغير واما الاجماع المدعي سابقا فغير جار في الفرض أيضا من جهة اختصاصه بفرض عدم تمكنه من الاتيان بالصلاة في غير الغصب ولا اقل من كونه هو القدر المتيقن منه فيبقي الفرض تحت القواعد التي مقتضاها وجوب الاتيان مهما امكن بصلاة المختار التامة الاجزاء والشرائط وح فاذا فرض عدم تمكنه من الاتيان بصلاة المختار في الغصب يجب عليه الصبر والاتيان بها في غير الغصب بل ومن ذلك البيان ظهر الاشكال في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض أيضا بناء على عدم كفاية مجرد الاتيان بالعمل بقصد التوصل به إلى غرض المولي في القرب المعتبر في العبادة واحتياجه إلى التقرب بالعمل بقصد الامر الفعلي او رجحانه الفعلي اذ ح من جهة خروج الأكوان عن دائرة المحبوبية بمقتضى أهمية مفسدة الغصب لا يكاد تمكنه من التقرب بتمام العمل فمن ذلك لا بد له من الصبر إلى ان يزول اضطراره فيتمكن من التقرب بالعمل بداعي أمره ورجحانه الفعلي كما هو واضح واما صورة الشك في زوال اضطراره قبل الوقت فيلحق بالعمل ببقائه إلى آخر الوقت بمقتضى الاستصحاب فيما لو كان اضطراره الموجب لسقوط التكليف عنه شرعيا بمقتضى حديث الرفع لا عقليا محضا وإلّا فلا مجال للاستصحاب لانتفاء الأثر الشرعي ح كما هو واضح.

٤٥٤

وعليه فلا قصور في اتيان الصلاة الكامل المختار في هذا المقدار من البقاء وان استلزم ذلك غصبا زائدا حراما نعم (١) لو كان زمان الخروج اقل من البقاء بمقدار الصلاة الكامل المختار كان بقائه ح بالمقدار الزائد عن زمان الخروج مبعدا ولا يجوز شرعا ولازمه عدم صحة الصلاة الكامل المختار في هذا المقدار وح مع سعة الوقت يجب عليه الصبر ولا ياتي بالصلاة إلى ان يخرج من الغصب (٢) ولا يصح منه الصلاة ح في الغصب لا كاملا (٣) ولا ناقصا (٤)

______________________________________________________

(١) الفرض الثاني فيما لو تمكن من الخروج وقد كان الوقت موسعا وزمان الخروج اقل من زمن اتيان الصلاة من حيث المقدار فلا محالة يكون الزمن الزائد عن الخروج مبغوضا وحراما.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٤ واما اذا استلزمت ذلك ـ اي اكثر من زمان الخروج ـ فان كان الوقت يسع الخروج والصلاة بعده فيه بجميع اجزائها وشروطها او بادراك ركعة منها بناء على شمول دليل من ادرك لهذا الفرض فالظاهر انه يجب عليه اداء صلاته في خارج المكان المغصوب بعد خروجه منه لانه اذا بقي في المكان وصلي فيه وقع بعض صلاته منهيا عنه لفرض زيادة التصرف في الصلاة على التصرف في الخروج واذا فرض امكان ان يصلي في خروجه منه صلاة المختار جاز له ذلك أيضا إلّا انه فرض محض.

(٣) لوقوع بعض الصلاة في الغصب.

(٤) لتمكنه من الكامل في المكان المباح.

٤٥٥

نعم (١) مع ضيق الوقت يجب عليه في الفرض المزبور الصلاة ماشيا راكعا كذلك وساجدا بايماء حال مشيه (٢) ولكن (٣) لنا ان

______________________________________________________

(١) الفرض الثالث قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٦ بقي الكلام فيما لو تمكن من الخروج وقد كان الوقت مضيقا أيضا بنحو لا يتمكن من ايجاد الصلاة في خارج الغصب في انه هل يجب عليه الاتيان بصلاته ح في حال الخروج بحيث لو ترك الخروج واتي بصلاته في حال استقراره تبطل صلاته او لا بل كان له الاتيان بصلاته أيضا في غير حال الخروج وان أثم بتركه للخروج بملاحظة ما يترتب عليه من الغصب الزائد عن المقدار المضطر اليه فيه وجهان.

(٢) فان مقدار الخروج مضطر اليه فلا حرمة له فللركوع حال المشي ليس غصب زائد بخلاف السجدة فيأتي بالركوع ويومئ للسجدة وعلى الفرض الزائد على الخروج حرام فليس له البقاء ويأتي ما تقدم من مقدميته للتخلص وبما ان الصلاة الكامل في حال المشي غير ممكن والقعود غير جائز فلا يقدر على صلاة الكامل فيأتي بمقتضى اطلاق الصلاة لا تترك بحال ميسور الصلاة بالركوع ماشيا والسجود ايماء.

(٣) والمحقق الماتن بعد ما انكر مقدميّته للتخلص يختار جواز البقاء بمقدار الخروج ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٦ اقربه الثاني ـ اي له الاتيان بصلاته في غير حال الخروج ـ وذلك انما هو لوجود المقتضي لصحة صلاته وانتفاء المانع اما الاول فواضح من جهة فرض وجدان الماتي به ح للملاك والمصلحة واما الثاني فكذلك أيضا اذا المانع المتصور ح لا يكون إلّا فعلية نهيه وتنجزه وهو بالفرض ساقط حسب اضطراره في تلك الساعة سواء على تقدير اختيار الخروج في تلك الساعة أو البقاء في الغصب وبالجملة نقول بانه بعد اضطراره في تلك الساعة إلى ارتكاب الغصب وعدم التفاوت في شاغليته

٤٥٦

نقول (١) في الصورة المزبورة أيضا بمقتضى ما ذكرنا ان له بقائه بمقدار زمان خروجه والاتيان بمقدار من الصلاة (٢) كاملا واتيان البقية في الزائد عن هذا الزمان ناقصا في حال المشي (٣).

وتوهم (٤) ان في هذا الزمان كان الغصب مبعدا في حقه مع تمكنه

______________________________________________________

للمكان في تلك الساعة بين حال سكونه وبقائه وبين حال حركته وخروجه كان له اختيار البقاء في تلك الساعة وجعل كونه كونا صلاتيا نعم في فرض اختيار البقاء يلازم بقائه فيه الغصب الزائد في الساعة الثانية ولكن مجرد ذلك غير مقتض للنهي عن كونه البقائي في الساعة الأولي كي يفع بذلك مبعدا له الا على القول باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده.

(١) فياتي بالصلاة المركب من الناقص والتام.

(٢) فياتي بمقدار من الزمان التي يكون بمقدار الخروج الصلاة الكامل لابثا في الغصب لان مدة الخروج مما اضطر اليه المكلف بمقداره ويجوز له ان يصرف هذه المدة في اللبث.

(٣) وبقية الصلاة ياتيها ماشيا في حال الخروج كما عليه المشهور لانه يصح الصلاة في حال الخروج كما تقدم.

(٤) هذا التوهم في بيان ترجيح ما عليه المشهور من الصلاة في حال الخروج راكعا وساجدا ايماء دون مزج الكامل والناقص فانه باطل وذلك لان مقدار من الزمان يكون الغصب مبغوضا ومبعدا وهو الزائد على زمان الخروج ويكون متمكنا من ترك ذلك بالصلاة في حال الخروج فيتعين ذلك وتوضيحه قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٤٧ اللهم إلّا ان يمنع عما ذكرنا بالمنع عن اصل جواز تطبيق اضطراره على الكون البقائي بدعوى انه انما يكون له الخيار في تطبيق اضطراره على اي فرد شاء فيما لمم يكن هناك ما يقتضي تعين تطبيقه على فرد خاص وإلّا فلا مجال لتطبيقه الا علي ما تعين تطبيقه عليه وفي المقام حيث ما كان يستتبع الكون البقائي لازدياد الغصب فقهرا مثل هذا المعني موجب لترجيح الكون الخروجي عليه بحكم العقل ومعه يتعين تطبيق اضطراره عليه لا على الكون البقائي.

٤٥٧

عن اتمام صلاته ولو ناقصا بلا غصب مبعد فيبطل هذا المقدار منه ولو ناقصا فلا مصحح لصلاته هذا مدفوع (١) بقياس المقام بصورة ارتكاب الغصب من الاول بسوء اختياره فان بنائهم في ضيق الوقت على اتيان الصلاة ماشيا بنحو اشرنا ولا فرق في مبعديّة الغصب بين كونه من الاول بسوء اختياره او من الحين باختيار بقائه (٢)

______________________________________________________

(١) واجاب عنه المحقق الماتن بنكتة دقيقة بان مقدار زمان الخروج غير مبعد لكونه بالاضطرار قد خرج عن النهي ولم يكن بسوء الاختيار فاتيان مقدار من الكامل فيه لا محذور فيه واما مقدار الزائد الذي يقع في حال الخروج فيكون حكمه حكم الخروج فيما لو دخل الغصب بسوء الاختيار وبناء الأصحاب كما سيأتي تجويز الصلاة ايماء للركوع والسجود في حال الخروج ان كان بسوء الاختيار فتصح الصلاة.

(٢) ولا فرق بين كون سوء الاختيار من الاول او بقاء وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٧ في الجواب عن التوهم من ناحية أخرى قال مدفوع بان مجرد وجوب اختيار الكون الخروج بحكم العقل أيضا غير موجب لحرمة ضده الذي هو الكون البقائي بل ولا لكونه ازيد مفسدة من غيره كي يقال بلزوم ترك ما فيه المفسدة الزائدة نعم غاية ما هناك ان يستتبع البقاء ارتكاب الغصب في الساعة الأخرى وهو أيضا على ما عرفت غير موجب لكون بقائه وسكونه ازيد مفسدة من خروجه كما هو واضح وكيف كان فهذا كله فيما لو كان اضطراره إلى الغصب لا عن سوء اختياره.

٤٥٨

كما ان (١) لنا كلام أيضا في الصلاة بالنحو المزبور في فرض مبعدية الغصب من الاول أيضا مع ضيق الوقت اذ لازم مبعديّة الغصب وتقديم حق الناس على حق الله خروج الاكوان عن الجزئية ورجوع الصلاة في حقه إلى الاشارات المعهودة كصلاة الغريق وذلك (٢) أيضا جمع بين ترك الغصب وعدم ترك الصلاة

______________________________________________________

(١) الامر الثالث ما لو كان اضطراره بسوء اختياره كما لو دخل ارض الغير من غير رضاه فتعذر عليه الخروج ففيه صور أيضا الصورة الاولي قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٧ ففيما علم بزوال اضطراره قبل خروج الوقت بحيث يتمكن من اتيان الصلاة في غير الغصب فلا اشكال حيث انه تعين عليه الاتيان بالصلاة في خارج الغصب ولا يجوز له البدار بالصلاة في الغصب بل ولئن صلي فيه كانت صلاته فاسدة بملاحظة مبغوضية الاكوان ومبعديتها له من جهة تنجز النهي السابق من غير فرق في ذلك بين ان يكون الغصب مجموع الفضاء والارض او كان الغصب خصوص الفضاء دون الارض او بالعكس ، وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٥ نعم يتحمل ضعيفا صحة الصلاة في حال المكث بناء ان الخروج لا يكون غصبا وان دخل المكان بسوء اختياره بناء على قول من يختار وجوب الخروج معلقا على الدخول وعلى ما اخترنا من جواز صرف المدة التي تسع الخروج في الصلاة حال المكث وان استلزم ذلك حرمة الخروج ح. الصورة الثانية في فرض ضيق الوقت بحيث لو خرج لم يدرك الوقت ولو بركعة بناء على شمول دليل من ادرك لمثل ذلك أيضا ياتي بالصلاة في حال الخروج موميا للركوع والسجود وان امكن ان يركع فليركع في حال الخروج ماشيا دون ان يسجد ويتشهد جالسا لانه غصب زائد وغير مضطر اليه بل ياتي بالسجدة موميا والتشهد في حال السير كما عليه المشهور.

(٢) والوجه في ذلك هو الجمع بين حق الناس وهو ترك الغصب بالخروج عن

٤٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المغصوب وبين عموم ان الصلاة لا تترك بحال فيسقط بالاضطرار اكوان الركوع والسجود والجلوس عن الجزئية وتبديلها إلى الصلاة الناقصة وهي بالايماء والاشارة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٩ وكيف كان فمما ذكرنا ـ اي الصورة الآتية ـ ظهر الحال أيضا فيما لو ضاق الوقت وتمكن من الخروج حيث انه يتعين عليه ح الاتيان بصلاته في حال الخروج باشارات قلبية لو لا السيرة المزبورة وإلّا فيما لا تزاحم مع خروجه فيقرأ ويركع ماشيا موميا بسجوده ولا ينتهي النوبة في هذا الفرض إلى الصلاة في حال السكون والاستقرار. الصورة الثالثة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٨ كما انه لو علم ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت فلا اشكال أيضا في وجوب الصلاة عليه في الغصب بمقتضى ما دل على ان الصلاة لا تترك بحال وانما الكلام في ان صلاته ح هل هي صلاة المختار التامة المشتملة على الركوع والسجود والقيام والقراءة او ان تكليفه ح هو صلاة الغرقى باشارات قلبية في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض. ثم انه عند ضيق الوقت يجوز الصلاة في حال الخروج بكيفية صلاته في حال الخروج كلام طويل قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٥ وتحقيق بيان ان الحق في اي الطرفين يتوقف على بيان حال الخروج تكليفا ووضعا وعليه نقول قد اختلفت اقوال الفقهاء في هذه المسألة فذهب بعض إلى انه حرام وواجب فعلا ـ اي المحقق القمي في القوانين ج ١ ص ١٥٣ والثالث انه مامور به ومنهي عنه أيضا ويحصل العصيان بالفعل والترك كليهما وهو مذهب ابي هاشم واكثر افاضل متاخرينا بل هو ظاهر الفقهاء وهو الاقرب فانهما دليلان يجب اعمالهما ولا موجب للجمع والتقييد ـ إلى ان قال ـ واما فيما نحن فيه فانه وان كان يلزم تكليف ما لا يطاق أيضا ولكن لا دليل على استحالته ان كان الموجب هو سوء اختيار المكلف انتهى وهذا على

٤٦٠