نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5711-33-9
الصفحات: ٥٨٤

ومقام كما له أيضا امكن أيضا تصوير وجود واحد للمقولتين العارض احدهما للآخر وفي هذا الفض أيضا امكن دعوى كون التركيب بينهما في المجمع اتحاديا من حيث الوجود وان كان انضماميا جهة وحيثية وإلّا فمع غمض العين عن هذين المبناءين لا محيص في فرض تركب المجمع من المقولتين من وجودين ويكون التركيب بينهما انضماميا وجودا أيضا ومن لوازم ذلك (١) خروج

______________________________________________________

(١) اي مع صرف النظر عن هذين الاحتمالين وكان التركيب انضماميا يخرج عن محل البحث لكون وجود العرض منضم الى وجود موضوعه وكذا على القول بكون الاضافات لها حظ من الوجود كما تقدم مفصلا بيانه وخروجه عن محل البحث أيضا في التركيب الانضمامي ـ والكلام ح في ان مدار جواز الاجتماع والامتناع على كون التركيب انضماميا او اتحاديا او على كون العنوانين بتمام المنشأ مباينا للآخر وعدمه قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١٧ ومن ذلك ظهر ان مجرد اختلاف العنوانين المنتزعين من مجمع واحد مع امكان انفكاك احدهما عن الآخر في غير المجمع لا يقتضي لزوم كونهما من مقولتين وكون التركيب بينهما انضماميا لا اتحاديا وذلك من جهة ما عرفت من امكان كونهما من مقولة واحدة حينئذ وكان الاختلاف بينهما من جهة الحد محضا كما مثلنا ـ وهكذا لو فرض جامع بين الضرب والاكل منتزع من تحديد الفعل بحد لا ينطبق إلّا عليهما وجامع آخر كذلك بين الاكل والشرب حيث كان الاكل ح مجمع الجامعين بمعني كونه واجدا للحدين المأخوذين من مقولة الفعل الشامل احدهما للضرب دون الشرب والآخر للشرب دون الضرب مع كونهما من مقولة واحدة وكون التركيب فيه اتحاديا لا انضماميا كامكان كون العنوانين ايضا مشتركين في مقولة ومختلفين في مقولة أخرى كما في العالم والفاسق بناء على أخذ الذات في المشتق وتركب حقيقته من المبدا والذات حيث ان العنوانين في المجمع وان اختلفا ببعض الجهات إلّا انهما اشتركا في جهة الذات الحاكية عن جهة واحدة وحيثية فاردة. كما مر في محله.

٢٨١

هذه الصورة عن مركز البحث كما اشرنا سابقا من ان الماخوذ في عنوان البحث صورة كون المجمع وجود او احدا تحت حد فارد وحينئذ فادخال (١) فرض تعدّد العناوين الذاتية المحفوظة كل في

______________________________________________________

(١) هذا اشارة الى ما افاده المحقق النائيني في التركيب الانضمامي وعدمه في الاجود ج ١ ص ٣٣٦ قال قد ذكرنا في مبحث المشتق ان مبادئ الاشتقاق مأخوذة بشرط لا سواء كان ذلك بالاضافة الى معروضاتها او باضافة بعضها الى بعض ولذلك لا يصح الحمل بينها اصلا كما هو الحال في الهيولى والصورة حيث لا يحمل احدهما على الآخر ولا على النوع وفي الجنس والفصل فلا بد في صحة الحمل من اخذ المحمول لا بشرط كما في العناوين الاشتقاقية المحمولة على الذات مثلا العلم والعدالة لا يصح حمل احدهما على الآخر ولا على الذات المعروضة لهما بخلاف عنوان العالم والعادل كما ان النفس والبدن لا يصح حمل احدهما على الآخر ولا على الانسان المركب منهما بخلاف الحيوان او الناطق ـ الى ان قال في ص ٣٣٧ ـ اما في القسم الثاني ـ اي ما كان مبادئ المشتقات من سنخ الافعال الاختيارية وتكون الاشارة الى احدهما عين الاشارة الى الآخر ـ فلا محالة يتحقق التركيب بينهما كما في الصلاة والغصب لكن التركيب انضمامي لا اتحادي وهذا بخلاف العنوانين الاشتقاقيين منهما فان التركيب بينهما يكون اتحاديا والسر في ذلك هو ان مبدأ الاشتقاق الماخوذ بشرط لا بما انه ماهية واحدة وحقيقة فارده لا محاله يكون محفوظا بتمام ماهيته من دون نقصان فيه اين ما سرى بداهة ان البياض الموجود في الثلج او الصلاة الموجودة في المكان المغصوب متحد في الماهية مع البياض الموجود في العاج او الصلاة الموجودة في المكان المباح كما ان الغصب الماخوذ بشرط لا أيضا ماهية واحدة سواء وجد في ضمن الصلاة ام في ضمن فعل آخر فلا محاله يكون التركيب بينهما في مورد اجتماعهما انضماميا نظير الهيولى

٢٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والصورة ويستحيل اتحادهما ليكون التركيب اتحاديا وهذا بخلاف معروض المبادئ ـ اي الذات ـ فان ماهيته تختلف في الخارج ولا تكون وحدة ماهية العرض موجبة لوحدة ماهية معروضة كما ان تعدد الاعراض القائمة به لا يوجب تعدده مثلا الذات التي يقوم بها المبدا في مورد اجتماع الحلاوة والبياض كالسكر ذات وفي مورد الافتراق من طرف الحلاوة كالدبس ذات اخرى وفي مورد الافتراق من طرف البياض كالعاج ذات ثالثة فماهية ذات المعروض لا تتعدد بتعدد المبادي القائمة بها فلا محاله يكون التركيب بين العنوانين الصادقين عليها في مورد الاجتماع كالابيض والحلو والمصلي والغاصب اتحاديا لان المفروض وحدة ذات المعروض وجود او ماهية والتعدد انما هو في العرضين القائمين به وبتعدد العرض لا يقتضي تعدد معروضه ـ الى ان قال في ص ٣٣٨ ـ صدق كل عنوان اشتقاقي على ذات معلول لقيام مبدإ الاشتقاق بها وتكون جهة الصدق في صدق عنوانين اشتقاقيين على ذات واحدة جهة تعليلية اذ لا تعدد في ذات المعروض لا وجودا ولا ماهية بل التعدد في الاعراض القائمة بها وعليه يكون صدق كل من العنوانين كالمصلي والغاصب لشخص واحد معلولا لعلة غير ما هو علة لصدق الآخر التركيب بين العنوانين اتحادي لا انضمامي ـ واما جهة الصدق في صدق كل من المبادي ـ اي العلم والعدالة ـ على فرده المتحقق في مورد الاجتماع فهي جهة تقييديه لان المفروض ان كلتا الماهيتين المأخوذتين بشرط لا بعينهما موجودة في مورد الاجتماع وان التركيب بينهما انضمامي وعليه تكون الحركة الخارجية من جهة وجود ماهية الصلاة فيها فردا من الصلاة ومن جهة وجود ماهية الغصب فيها فردا من الغصب ومعني كون الجهة تقييديه في المقام هو كون الفرد الواحد مندرجا تحت ماهيتين حقيقة لكون التركيب بينهما انضماميا فكون

٢٨٣

مقولة مستقلة في مركز البحث ولو توطئة لمورد النزاع مبني على البنائين الاخيرين (١) كما لا يخفى ، وان كان العنوانان من العناوين

______________________________________________________

الجهة تقييدية في المقام يوجب توسعة الفرد الواحد واندراجه تحت ماهيتين ـ الصلاة من مقولة والغصب من مقولة أخرى منضمة اليها اعني بها مقولة الاين ومن الواضح ان المقولات كلها متباينة يمتنع اتحاد اثنين منها في الوجود وكون التركيب اتحاديا ـ فالحركة الموجودة في الصلاة مباينة للحركة الموجودة في ضمن الغصب لفرض انهما من مقولتين متباينتين فعرض كون الحركة الواحدة مصداقا للصلاة والغصب معا يستلزم اتحاد مقولتين متباينتين في الوجود وهو محال ـ ومن ذلك يظهر ان محقق الغصب انما هو نفس هيئة الكون في المكان التي هي عبارة عن مقولة الاين واما الصلاة فهي من مقولة اخرى وعليه يكون التركيب بينهما تركيبا انضماميا نظير التركيب الانضمامي بين الهيولى والصورة. ونتيجة ذلك كله ان تركب الشيء الذي يصدق عليه مفهومان وعنوانان بينهما العموم من وجه المنتزعين من وجود واحد يكون التركيب بينهما انضماميا ويكونان من مقولتين مختلفتين كالصلاة فانه من مقوله الفعل والغصب من مقوله الاين واشغال المحل لا الفعل الشاغل للمحل حتى يكونان من مقولة واحدة بخلاف الشيء الذي يصدق عليه العنوانان من المشتقات كالعالم العادل فان ما يصدق عليه الذات المتلبسة بالمبدإ ولا تتعدد الذات الواحدة بتعدد العنوان الصادق عليها بسبب تلبسها بمبادئه.

(١) اشارة الى الجواب عنه وتوضيحه ذكر المحقق الماتن في النهاية ج ٢ ص ٤١٨ بان مجرد اختلاف العنوانين العرضين المنتزعين من مجمع واحد مع امكان انفكاكهما عن الآخر في غير المجمع لا يقتضي كونهما من مقولتين متغايرتين وكون التركيب بينهما انضماميا بل ح كما يمكن كونهما من مقولتين مختلفتين.

٢٨٤

العرضية (١) المقدّرة لوجودات واحدة او الماهيّة (٢) كذلك (٣) فلا شبهة في عدم لزوم كونهما من مقولتين بل كل مقولة قابل (٤) لتحديد مرتبة من وجوده وينتزع عنه عنوان ومرتبة اخرى من هذا الوجود وينتزع عنه آخر مع كون ما بازاء العنوانين في الخارج وجود ومقولة واحدة بلا تعدد في المجمع ح وجودا ولا مقولة وفي مثله لا يكون التركيب في المجمع من حيث الوجود الا اتحاديا نعم هنا شيء آخر (٥) وهو أن مثل هذين العنوانين

______________________________________________________

(١) أي الصورة السابعة المتقدمة المعبر عنها الثالثة.

(٢) اي على القولين من اصل هو الوجود او الماهية.

(٣) كذلك يمكن أيضا كونهما من مقولة واحدة بحيث كان التركيب بينهما اتحاديا في المجمع وكان الاختلاف بينهما في الحد محضا كما في المثال المتقدم ـ اي الجامع بين زيد وعمر وفلا نعيد ـ اذ من الممكن ان يكون كل من الصلاة والغصب من مقولة الفعل غايته منضما ببعض النسبيات الأخر فتكون الصلاة مثلا عبارة عن الافعال المخصوصة المقترنة بالاضافات المعهودة من الترتيب والموالات ونشوها عن قصد الصلاتية الجامعة بين كونها في الدار المغصوبة او في غيرها والغصب عبارة عن الفعل الشاغل للمحل الغير بدون اذنه ورضاه الجامع بين افعال الصلاة وغيرها من الافعال الأخر ومع امكان ذلك لا محاله لا يكون برهان عقلي يقتض كون الغصب من مقولة الاين وعبارة عن اشغال المحل بالفعل في فرض كون الغصب من مقولة الفعل ـ الى ان قال اي هذا اولا واما ثانيا ـ

(٤) لعل الصحيح قابلة.

(٥) ومن هذا البيان ظهر أيضا عدم صحة ابتناء القول بجواز الاجتماع على

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

كون التركيب بين العنوانين في المجمع انضماميا لا اتحاديا بل وانما المدار كله في ذلك كما سيجىء إن شاء الله تعالي على اختلاف العنوانين وتغايرهما بتمام المنشأ على معني كون المحكي في كل عنوان غير المحكي في العنوان الآخر وعدم اختلافهما كذلك فاذا كان العنوانان متغايرين بتمام المنشأ نقول فيه بالجواز من غير فرق بين كونهما من مقولتين ممتازتين الملازم لكون التركيب بينهما في المجمع انضماميا او من مقولة واحدة كما في الاجناس بالقياس الى فصوله والقراءة بالقياس الى الجهر بها حيث نقول بانه من الممكن ح كون إحدى الجهتين من هذا الوجود الوحداني وهي الجهة الحيوانية تبعا لقيام المصلحة بها محبوبة والجهة الأخرى منه وهي الجهة الناطقية مبغوضة ومتعلقة للنهي من دون سراية الحكم من احد الحيثيتين الى الحيثية الاخرى وهكذا في مثال القراءة وحيثية الجهر بها حيث يمكن الالتزام فيه بجواز الاجتماع من جهة امكان كون اصل القراءة تبعا لقيام المصلحة بها محبوبا وحيثية الجهر المنتزع عن مرتبه من الصوت الزائد عن اصل القراءة مبغوضة ومنهيا عنها مع وضوح كون التركيب بين العنوانين في امثال ذلك اتحاديا لا انضماميا. وقد مر توضيحه أيضا وسيأتى واجاب عن المحقق النائيني أيضا استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٩ اولا ان ما ذكره من لزوم وجود مطابق لكل مفهوم من مفاهيم مبادي المشتقات حيث تصدق ولو في مورد واحد انما يتم بامرين احدهما كون المفهوم من الاعراض التسعة ثانيهما لزوم ان يكون لكل عرض وجود خاص به واذا سلمنا صحة الامر الثاني فلا نسلم ان مبدأ كل مشتق هو من الاعراض التسعة التي اذا صدق مفهوم احدها في الخارج استلزم صدقه لوجود مصداقه بوجود خاص به بل المفاهيم التي يكون مبادي للمشتقات اعم ـ اي اعم من ان يكون لمنشا انتزاعه وجود مقولي كالعلمية والقادرية وان لم يكن لها ما بازاء في الخارج لكن المبدا وهو العلم والقدرة موجود فيه او ـ من المفاهيم العرضية لان بعضها من الامور الاعتباريّة

٢٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المحضة التي ليست منشأ لانتزاع في الخارج لتكون من حيثيات ما له وجود في الخارج مثلا مفهوم الملكية وما يشتق منها ليس الاعراض التسعة فان هذه الامور من الاعتبارات العقلائية التي تحصل ببناء العقلاء وتواطيهم عليها ومثلها لا يستلزم صدق شىء منه في الخارج مطابق له فيه يشار اليه او يلاحظ كونه موجودا ولو بوجود منشأ انتزاعه في الخارج بل يعتبر العقلاء بحدوث سبب الاملاك ـ ومن هذا القبيل مفهوم الغصب فان العقلاء اعتبر والتصرف في مال الغير بغير اذنه ظلما واعتبر الشارع المقدس الاوضاع الخاصة واذكارها عبادة وعبر عنها بالصلاة وعليه لا محذور في صدق كلا المفهومين الاعتباريين على حركة واحدة او مقولة واحدة او مقولات متعددة في مورد واحد وبهذا يظهر لك عدم استلزام صدق المفاهيم الاعتبارية المزبورة على وجود واحد حقيقة للمحذورين اعني بهما وجود الماهيتين المتباينتين لوجود واحد وتميز الجنس ـ أي الجنس الواحد ـ بفصلين ـ اي كما قيل المحقق النائيني يستلزم تفصل الجنس الواحد أعني به الحركة بفصلين ـ الصلاة والغصب في عرض واحد وهو غير معقول وفي زيد عالم زيد قادر ذات متصفا بالعلم وبالقدرة بفصلين ـ لان ذلك انما يلزم حيث يكون المفهومان من المفاهيم العرضية المقولية التي تكون من الاعيان الخارجية او من حيثيات الاعيان الخارجية واما المفاهيم الاعتبارية المحضة التي يحصل مطابقها في الخارج بنفس بناء العقلاء وتواطيهم على وجوده كالتعظيم والتحقير اللذين يتحقق احدهما بمثل القيام للقادم ويتحقق الآخر بمثل صرف الوجه وتصغير الخد عند ملاقات بعض الاصدقاء فانها يمكن ان تصد على وجود واحد ومقولة واحدة في وقت واحد بلا استلزام ذلك لشىء من المحذورين وثانيا ان قوله بالفرق بين المشتق ومبدئه حيث التزم بان الشيء الذي يصدق عليه العنوانان المشتقان مركب منهما تركيبا اتحاديا وان الشيء الذى تصدق عليه مبادئ العنوانين مركب منهما تركيبا انضماميا لان المفهوم المشتق ملحوظ لا بشرط

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ومفهوم المبدا ملحوظ بشرط لا انما يتم بناء على قول المشهور من اهل العربية من دخول الذات في مفهوم المشتق فيلزم من صدق العنوانين المشتقين على شيء واحد ان يكون ذلك الشيء الواحد مصداقا للعنوانين مع وحدته باعتبار مفهوم الذات المركب منه ومن مفهوم المبدا مفهومهما واما على قول بعض اهل المعقول من انه لا فرق بين المشتق ومبدئه إلّا بالاعتبار المزبور اعني به لحاظ مفهوم المشتق لا بشرط ومفهوم مبدئه بشرط لا فلا يكاد يتم الفرق بينهما باعتبار الثمرة المترتبة عليه اعني بها كون التركيب في مورد صدق العنوانين المشتقين اتحاديا وفي مورد صدق مفهوم المبدءين انضماما وذلك لان لحاظ المفهوم باللحاظين المزبورين لا يوجب تغيرا جوهريا في ذات الملحوظ في مقام تحققه في الخارج وانما يوجب ذلك اللحاظ مغايرة في نحو التعقل. وبمثل ذلك تقريبا اجاب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٣٧ والتحقيق في هذا المقام ان يقال ان الفعل الصادر من المكلف اذا كان من سنخ الماهيات المتاصلة فالامر كما افاده قدس‌سره ضرورة انه لا يختلف ماهية الشىء باختلاف وجوده في الخارج واما اذا كان الفعل الصادر من سنخ المفاهيم الانتزاعية التي لا يحاذيها شيء في الخارج كما هو الحال في الغصب فالامر ليس كما افاده قدس‌سره ضرورة انه لا مانع من انتزاع مفهوم واحد جامع لمصاديقه من افعال متعددة مختلفة الماهيات فالغصب الجامع لكل تصرف في مال الغير بغير اذنه قد ينتزع من مقولة الاين كما في التصرف في دار الغير بالكون فيها وقد ينتزع من مقولة أخرى كما في لبس ثوب الغير او اكل خبزه بغير اذنه فالغصب المتحقق في ضمن التصرف في الدار مغاير بحسب ماهية منشإ انتزاعه للغصب المتحقق في ضمن لبس ثوب الغير او اكل خبزه بغير اذنه. ولعل اللبس والأكل ليسا من مقولة الاين بل الاين هو اشغال المحل بالارض فانه المكان الشاغل واما اللبس من مقوله الوضع ـ والاكل من مقولة الفعل.

٢٨٨

تارة (١) مأخوذ كل واحد (٢) من مرتبة من الوجود المزبور الممتاز عن المرتبة الاخرى (٣) المأخوذ غيره منها بتمام الحقيقة بلا اشتراكهما في مرتبة محفوظة فيهما ولا في حيثية مشتركة بينهما اصلا (٤) واخرى (٥) مأخوذ ان من مراتب الوجود الواحد مع فرض اشتراكهما في جهة من الجهات وحيثية من الحيثيات (٦) وح ففى الصورة الاولى (٧) كان المجمع مركبا من الحيثيتين بتركيب انضمامي في عالم الحيثية وان كان التركيب فيه من حيث الوجود اتحاديا (٨) وفي مثله (٩) لا قصور في سراية المحبوبيّة من الطبيعي الى فرده وكذا

______________________________________________________

(١) هو القسم الخامس المتقدم كالصلاة والغصب ان كانا من مقولتين او ينتزع كل واحد من مرتبة من الوجود لكن حيثيّتان مختلفتان.

(٢) كالصلاة من مقولة الفعل.

(٣) كالغصب من مقولة الاين.

(٤) لكونهما مقولتان متباينتان او على المختار ومختاره انهما ماخوذتان كل واحد منهما عن مرتبة من الوجود من دون اي ربط وجهة مشتركة بينهما اصلا.

(٥) هو القسم السادس المتقدم كالعالم العادل.

(٦) اي الذات الواحدة تنتزع عنها الجهتين.

(٧) اي اختلافهما في تمام المنشا والحيثية والتركيب انضمامي.

(٨) اي الوجود واحد لكن من مرتبه منه ينتزع الصلاة وتكون محبوبا ومن مرتبة منه ينتزع الغصب وتكون مبغوضا.

(٩) وح يجوز الاجتماع فانه ولو يسري المحبوبية الى الفرد وكذا المبغوضيّة الى الفرد لكن لا يسري الحكم من فرد الى فرد آخر.

٢٨٩

المبغوضية من دون سراية من فرد كل الى غيره اذا المفروض (١) ان في المجمع اجتمع فرد كل واحد في ضمن حيثية مخصوصة وقضية السراية من الطبيعي الى الفرد ليس الا كون بإزائه من الحيثية الخارجية جالبا لما في طبيعة من الحكم بلا سراية الحكم من غيره اليه ولا منه الى غيره ومجرّد وحدتهما وجود الا يمنع عن جمع المتضادين في الحيثيتين المحفوظتين فيه بلا لزوم اجتماع الضدين في مركز فردوا؟؟؟ جهة واحدة (٢) نعم في الصورة الاخيرة (٣) بواسطة اشتراك الفردين في جهة من الجهات وحيثية من (٤) الحيثيات لا يبقي مجال الجمع بين الحكمين في المجمع (٥) ولو بمرتبة المحبوبية (٦) والمبغوضية لان سراية الحكم من كل طبيعي الى فرده يقتضي اجتماع الحكمين المتضادين في جهة واحدة

______________________________________________________

(١) هذا هو الوجه لعدم السراية من فرد الى فرد لان العنوانين ولو منتزع من وجود واحد والتركيب اتحادي لكن بحيثيتين ومرتبتين من الوجود بحيث ما ينطبق عليه كل من العنوانين في الفرد مباين مع غيره بتمام المنشا ولا يسري منه الى غيره وغيره اليه.

(٢) فلا يلزم اجتماع الضدين لانهما جهتان مختلفتان وفردان متغايران.

(٣) اي اشتراكهما في الذات واختلافهما في العنوان.

(٤) اي الذات.

(٥) يكون التركيب اتحاديا ولا يمكن الجمع بين الحكمين ولو بمرتبة من المحبوبية والمبغوضية.

(٦) فان المجمع ذات واحدة فان سر الحكم من الطبيعي الى الفرد يلزم اجتماع الحكمين المتضادين في جهة واحدة محفوظة في المجمع وهو حده واطواره على ما تقدم لا وجودين او من مرتبتين من الوجود الواحد.

٢٩٠

محفوظة في المجمع في ضمن فرد كل واحد من الطبيعتين كما هو ظاهر هذا كله في شرح المقام الاول وفي هذا المقام (١) قلنا انه لدى القائل بسراية الحكم من الطبيعي الى فرده لا نزاع بين الطرفين في كبرى الفرضين (٢) بل القائل بالاحتياج (٣) يلتزم بالجواز في الفرض الأول (٤) كما ان القائل بالجواز يلتزم بالامتناع في الفرض الثاني (٥) وانما مركز بحثهم وجدالهم في ان الصغرى (٦) من مثل الصلاة في الدار المغصوبة صغرى اي واحد من الكبريين فتمام هم القائل بالجواز في مسألة الصلاة في المغصوب ارجاعه المثال الى الفرض الأول وجعل الجهتان في المثال تقييديتان باصطلاحه وتمام هم القائل بالامتناع ارجاعه المثال المزبور الى صغريات الكبرى الثانية وجعل الجهتان فيه تعليليان بملاحظة ان تعدد الجهات صار سببا لسراية الحكم الى حيثية واحدة مشتركة في ضمنهما وجعل التركيب بينهما من هذه الجهة المشتركة اتحاديا وجودا وحيثية بخلاف الاخير فانه جعل التركيب بينهما انضماميا حيثية وان كان اتحاديا وجودا نعم القائل بعدم سراية الحكم

______________________________________________________

(١) اي المقام الاول تبين.

(٢) انه على القول بسراية الحكم من الطبيعي الى الفرد الكبرى مسلم كما مر.

(٣) لعل الصحيح ـ بالامتناع ـ

(٤) أي ما كان اختلافهما في تمام المنشا فيجوز حتّى على القول بالامتناع.

(٥) أي اختلافهما في جزء المنشا واشتراكهما في الجزء الآخر فالقائل بالجواز أيضا لا يجوّز ذلك.

(٦) اي النزاع ح في الصغرى ان الصلاة والغصب يكون اختلافهما في تمام المنشأ او جزء المنشأ.

٢٩١

من الطبيعي الى الفرد في فسحة عن انحاء اختلاف العناوين بل يلتزم بالجواز في المثال المزبور بلا نظر منه الى كونه مصداق اي نحو من العنوانين ولذا اشرنا سابقا ان القائل بالامتناع معارض له في كبراه (١) بعد فرض كونه من مصاديق الكبرى الاخيرة لديه وبعد (٢) ما عرفت جهات المطلب وشتات المقصد ينبغي ختم الكلام اولا في اثبات

______________________________________________________

(١) نعم على القول بعدم سراية الحكم الى الفرد انما النزاع في الكبرى من السراية وعدم السراية لا الصغرى فانه على القول به يلزم القول بالجواز.

في نسبة العنوانين

(٢) الامر الثامن اخرج المحقق النّائينيّ موارد عن محل النزاع في اجتماع الامر والنهي منها ما ذكره في الفصول ص ١٢٦ ثم لا فرق في موضع النزاع بين ان يكون بين الجهتين عموم من وجه كالصلاة والغصب وبين ان يكون بينهما عموم مطلق مع عموم المأمور به كما لو امره بالحركة ونهاه عن التداني الى موضع مخصوص فتحرك اليه فان الحركة والتداني طبيعتان متخالفتان وقد اوجدهما في فرد واحد والاولى منهما وبعض المعاصرين خص موضع النزاع بالقسم الاول الى آخره ولكن ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤١ قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه ان محل الكلام في المقام هو ما اذا كان ما تعلق به الامر والنهي طبيعتين متغايرتين بينهما عموم وخصوص من وجه وصدر بانفسهما من المكلف في الخارج بايجاد واحد ليصح النزاع في كون الجهتين تعليليتين او تقييديتين فيخرج عن محل الكلام ما اذا كانت النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا كما اذا امر بالصلاة ونهى عن الصلاة في الدار المغصوبة

٢٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وجه الخروج ان المفهوم العام وان كان يغاير المفهوم الخاص بالعموم والخصوص بلحاظ مقام التصور والادراك إلّا انه متحد معه في الخارج ووجود الخاص في الخارج بعينه هو وجود العام فما هو مصداق المنهي عنه هو بنفسه مصداق المامور به فليس هناك جهة ينطبق المامور به على الموجود الخارجي باعتبارها وجهة اخرى ينطبق المنهي عنه عليه باعتبارها ليصح تعلق الامر بإحداهما والنهي بالأخرى وح يدخلان في باب التعارض فلا بد من اعمال قواعده من تحكيم دليل الخاص على دليل العام وتخصيص العام به. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٥ بان مغايرة وجود متعلق الامر لوجود متعلق النهي في مورد الاجتماع توجب لخروجه عن محل النزاع لا دخوله فيه واتحاد المتعلقين وجودا وتعددهما عنوانا في مورد الاجتماع يوجب دخوله في محل النزاع لان محل النزاع عند المشهور هو الوجود الواحد ذو الجهتين اللتين يكون بإحداهما متعلقا للامر وبالأخرى متعلقا للنهي سواء كان بين الجهتين عموم وخصوص من وجه ام كانت إحداهما اخص من الاخرى مطلقا وانما النزاع في ان وحدة الوجود هل توجب سراية النهي من الجهة التي تعلق بها الى الجهة التي تعلق بها الامر وبالعكس او لا توجب وحدة الوجود لتلك السراية واما مع فرض تعدد الوجود في الخارج فلا موجب للنزاع في الجواز والامتناع والسراية وعدمها بل لا محيص عن القول بالجواز عند جميع اهل الفن ، نعم العنوانان اللذان احدهما اخص من الآخر مطلقا انما يدخل مصداقهما في محل النزاع اذا كان اخصهما حصة من طبيعة متعلق النهي وقد تعلق النهي تلك الحصة الخاصة والامر تعلق بالاعم او بالعكس كما اذا قال المولى صل ولا تغصب في الصلاة فان النهي في مثله قد تعلق بحصة خاصة من الغصب وهي الحصة الملازمة لبعض افراد الصلاة والظاهر ان هذا المعنى هو مقصود

٢٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

صاحب الفصول حيث عمم محل النزاع الى ما لو كان بين العنوانين عموم وخصوص مطلقا واما اذا كان اخصهما الذي تعلق به النهي حصة من طبيعة متعلق الامر كما اذا قال صل ولا تصل في الحمام فلا يصح دخول مصداقهما في محل النزاع لفرض ان الامر قد تعلق بالطبيعي الذي يكون متعلق النهي حصة منه وبما ان الطبيعي بتحقق في جميع حصصه يلزم تحقق الامر المتعلق به في جميع تلك الحصص تبعا له ومنها الحصة المنهي عنها فيلزم اجتماع الامر المتعلق به في جميع تلك الحصص تبعا له ومنها الحصة المنهي عنها فيلزم اجتماع الامر والنهي في واحد حقيقة اعني به الصلاة في الحمام مثلا. فيكون من باب النهي في العبادة ومنها أيضا ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٤٢ وكذلك يخرج عن محل الكلام ما اذا كانت نسبة العموم والخصوص من وجه بين موضوعي الحكمين دون نفس متعلقيهما كما في قضيتي اكرم العالم ولا تكرم الفاسق او اكرم العلماء ولا تكرم الفساق ـ أي الموضوع متعلق المتعلق عالم وفاسق والمتعلق أكرم ـ فان كلا من العنوانين الاشتقاقيين بما انه مأخوذ لا بشرط والتركيب بينهما اتحادي كما عرفت تكون ذات واحدة وهوية واحدة مجمعا للعنوانين والتعدد انما هو في نفس المبدءين اللذين لا يصحح تعلق التكليف بانفسهما وانما هما جهتان تعليليتان لانطباق العنوانين على معنونهما فيستحيل تعلق الوجوب والحرمة باكرام ذات واحدة فيقع التعارض بين الدليلين لا محالة ولا بد من اعمال قواعده. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٦ ثم ان موضوع النزاع يعم ما اذا كان متعلق الامر والنهي طبيعة واحدة ولكن كان موضوع كل منهما اي المتعلق المتعلق ـ مغايرا للآخر سواء كان تغايرهما بالعموم والخصوص من وجه اعم بالعموم والخصوص المطلق كما اذا قيل اكرم العالم ولا تكرم الفاسق وارحم الحيوان ولا ترحم العقور ـ الى

٢٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ان قال ـ ان موضوع الحكم لا يلزم ان يكون من العناوين المشتقة بل يجوز ان يكون من الجوامد اي كالصلاة كما هو الغالب فان كان موضوع الحكم من العناوين المشتقة يتم ما ذكر مع القول بكون المشتق منتزعا من الذات بتوسيط المبدا اذ عليه يكون المبدا جهة تعليلية لصدق المشتق او القول بدخول الذات في مفهوم المشتق اذ عليه أيضا يشترك العنوانان في الذات فلا يوجب تغاير متعلق الامر والنهي فيرد المحذور وان قلنا بان عنوان المشتق منتزع عن الذات بملاحظة صدور المبدا منها او اتصافها به بنحو يكون صدور المبدا منها او اتصافها به علة لانتزاع العنوان الخاص من تلك الذات فيكون مفهوم المشتق ح نفس الذات من حيث صدور المبدا الخاص منها او من حيث اتصافها به على ان يكون القيد خارجا والتقيد به داخلا فلا محالة تكون الذات مع وحدتها حصتين او اكثر باعتبار تقيداتها الموجبة لاختلاف مفاهيم المشتقات مع اتحادها من حيث ذات المعني اعني به الذات فاذا صدقت العناوين المشتقة على مصداق واحد وجودا فلا محاله يكون ذلك المصداق الواحد متعددا باعتبار اضافاته الى مبادئ تلك المشتقات الصادقة عليه وبهذا الاعتبار يتعدد موضوع الامر والنهي المتعلقين بطبيعة واحدة وأوضح من هذا تعداد للموضوع ما اذا كان العنوان المشتق نفس المبدا المنتسب الى ذات ما او نفس المبدا الملحوظ لا بشرط فان صدق العنوانين المشتقين على ذات واحدة يكشف عن وجود مطابقهما في تلك الذات فيكون موضوع الامر غير موضوع النهي في الخارج حقيقة ولا محالة يكون تعدد الموضوع موجبا لتعدد متعلق الخطابين كما في مثل اسجد لله تعالى ولا تسجد للصنم. ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٧ والتحقيق عندنا هو عدم كون المقام من باب اجتماع الامر والنهي لان العرف يرى مضادة ومعارضة بين قول القائل اكرم العالم ولا تكرم الفاسق

٢٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فانه يرى ان الامر والنهي يتعارضان في مورد الاجتماع ولا يراه من باب التزاحم بان يرى مصلحة للعلم موجبة للاكرام ومفسدة للفسق الموجبة للنهي عنه ليحصل التزاحم بل يرى انهما يتكاذبان ويتعارضان. ومنها أيضا ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٤٢ ومنه يظهر خروج مثل اشرب الماء ولا تغصب عن محل الكلام فيما اذا كان الماء بنفسه مغصوبا فانه ح يكون كل تصرف متعلق به غصبا فيقع الشرب مصداقا للغصب فيستحيل كونه مامورا به اذا لمفروض انه ليس هناك غير الجهة المنهي عنها جهة اخرى منضمة اليها قابلة لتعلق الامر بها بل الغصب والشرب يتحدان في الخارج والتركيب بينهما اتحادي نعم لو كانت حرمة الشرب ناشئة من جهة اخرى غير ناحية التصرف فيه كما اذا وقع الشرب في الدار المغصوبة لتحققت هناك جهتان انضماميتان إحداهما شرب الماء والاخرى كونه في الدار المغصوبة فيكون الشرب فيها داخلا في محل الكلام أيضا. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٧ لا فرق فيما هو محل الكلام في هذا المقام بين مثل صل ولا تغصب وبين مثل توضأ ولا تغصب أو اشرب الماء ولا تغصب فكما ان الصلاة في المكان المغصوب تكون من صغريات مسألة جواز الاجتماع كذلك الوضوء بالماء المغصوب او شربه ـ الى ان قال ـ فانا لا نرى فرقا بينهما الوجدان مضافا الى ان ذلك مخالف لما بني عليه في المقام وهو ان متعلق الامر والنهي بما انهما طبيعتان من فعل المكلف لا محالة يكون صدقهما في الخارج كاشفا عن وجود مطابق لكل منهما في مورد الصدق فاذا فرض صدق الوضوء والغصب على الوضوء بالماء المغصوب فلا مناص له من القول بتحقق مصداقين لكل منهما في هذا المورد او العدول عن المبني المزبور. فيكون الباب باب التزاحم على القول بكون باب اجتماع الامر والنهي من باب التزاحم واجاب عن ذلك استادنا

٢٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الخوئي أيضا في هامش الاجود ج ١ ص ٣٤٢ ما افاده (قدس الله نفسه) من كون الشرب مصداقا للغصب في المثال وان كان متينا جدا فلا يعقل تعلق الامر به بعد كون منهيا عنه إلّا انه يناقض ما افاده قدس‌سره فيما تقدم من استحالة اتحاد المبادي بعضها مع بعض بدعوى انه يستلزم اتحاد مقولتين متباينتين ضرورة انه لا فرق بين الصلاة والشرب من هذه الجهة اصلا فاذا امتنع اتحاد الصلاة مع الغصب بدعوى ان لكل منهما ماهية محفوظة في مورد الافتراق والاجتماع فيستحيل اتحادهما امتنع اتحاد الشرب والغصب أيضا ثم لا يخفي عليك انه بناء على خروج اجتماع الشرب والغصب في المثال عن محل الكلام كما هو الصحيح لا بد أيضا من خروج الوضوء بالماء المغصوب عن محل الكلام فيتقيد الامر بالوضوء بغير الماء المغصوب واقعا وعليه يترتب انه لا بد من الالتزام بفساد الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ذلك حال الجهل بالغصب اذا التخصيص ح واقعي والجهل بالغصب لا يوجب كون المنهي عنه في الواقع مامورا به بسبب الجهل بالنهي وسيأتي ان تصحيح العبادة باتيان المجمع حال الجهل يختص بما اذا كان المورد من موارد اجتماع الامر والنهي ولا يعم موارد النهي عن العبادة وعليه فحكم شيخنا الاستاد قدس‌سره بصحة الوضوء المزبور ناشئ من الغفلة عما افاده في المقام او انه استند فيه الى دعوى بعضهم الاجماع على صحته. ومنها أيضا ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٣ وكذلك يخرج عن محل الكلام ما اذا كانت نسبة العموم والخصوص من وجه بين فعلين توليديين كما في اكرام العالم والفاسق المتحقق بفعل واحد فيما اذا كان الاول مامورا به والثاني منهيا عنه فاذا اكرم زيد العالم وعمرا الفاسق بقيام واحد فذلك القيام لا يكون مصداقا للمامور به والمنهي عنه معا وذلك لما عرفت مرارا من ان الفعل التوليدي متحد مع ما يتولد منه في الخارج وعنوان له

٢٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وكل حكم يتعلق به يتعلق بما يتولد منه قهرا ولذا بنينا على خروج المقدمات السببية بهذا المعنى عن محل الكلام في بحث وجوب المقدمة وقلنا ان الوجوب المتعلق بذي المقدمة يتعلق بنفسه بالمقدمات السببيّة حقيقة فيكون واجبة بنفس وجوبه لا بوجوب آخر غيري مترشح منه وعليه فالقيام في مفروض المثال بما انه موجود واحد وليس له إلّا هوية واحدة يمتنع اجتماع الوجوب والحرمة فيه لحيثيتين تعليليتين فيدخل الدليلان بذلك في باب التعارض فلا بد من اعمال قواعده ورفع اليد عن احدهما تعيينا او تخيير الى ان قال في ص ٣٤٧ فيما اذا كان المامور به سببا توليديا وكان المنهي عنه مسببا توليديا عنه أو بالعكس او كان احد المسببين محكوما بالوجوب والآخر بالحرمة وهذا فيما اذا كانت السببية المزبورة دائمية خارج عن محل الكلام قطعا واما اذا لم تكن دائمية بل كانت بنحو الاتفاق وكانت النسبة بين المامور به والمنهي عنه عموما وخصوصا من وجه كما هو المفروض فلا مناص من فرض شىء آخر يضم الى ذات السبب ليكون به سببا تاما ضرورة انه يستحيل ان يكون السبب تاما في نفسه ومع ذلك تكون السببية اتفاقية وح فذلك الشيء المتمم للسبب اما ان يكون اضافة القصد الى الفعل او اضافة شيء آخر اليه فهنا قسمان اما القسم الاول وهو ما اذا كان تتميم السبب باضافة القصد الى الفعل ـ كما اذا امر باكرام زيد ونهى عن اكرام عمر وقام قاصدا به اكرامهما فهو خارج عن محل النزاع في المقام لان القصد بنفسه بما انه لم يتعلق به التكليف بل تعلق بالفعل المقصود به الاكرام مثلا كما انه لا يوجب انضمام حيثية أخرى الى القيام في الخارج يكون التركيب في امثال المورد اتحاديا والحيثية تعليلية فلا محاله يكون القيام ـ محكوما بالوجوب لذاته لانطباق عنوان اكرام زيد عليه ومحكوما بالحرمة لانطباق عنوان اكرام عمر وعليه فتكون الجهتان تعليليتين فيدخل الدليلان

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

بذلك في باب التعارض واما القسم الثاني اعني به ما اذا كان تتميم السبب باضافة شيء آخر الى الفعل فهو داخل في محل الكلام والقائل بجواز الاجتماع يرى ان ذات السبب محكوم محكوم بحكم والحيثية المنضمة اليه محكومة بحكم آخر كما هو الحال في غير الافعال التوليدية. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١١٢ قد تكرر منا ان محل النزاع هو الوجود الواحد ذو الجهتين اللتين لا يكون بازاء شيء منهما وجود يخصها وبما ان الاعراض المقولية لها وجود في الخارج يخصها ينحصر النزاع في الامور الاعتبارية التي يكون قوامها باعتبار المعتبر كالصلاة والغصب ولا فرق في هذه الامور الاعتباريّة بين كونها بنفسها من افعال المكلف كالصلاة والغصب وبين كونها بالواسطة من افعال المكلف كالافعال التوليدية مثل الاحراق المتولد من القاء المحترق في النار ـ الى ان قال ـ لا وجه لها في الظاهر اي كلام المحقق النّائينيّ ـ لان الافعال التوليدية وان لم تكن مقدورة اولا وبالذات إلّا انها مقدورة ثانيا وبالعرض للقدرة على اسبابها والمقدور عليه بالواسطة مقدور وهذا المقدار من القدرة كاف في جواز التكليف عقلا بلا شبهة وبما ان ظاهر الخطاب هو تعلق التكليف بنفس الفعل التوليدي فلا موجب لصرفه عن ظاهره وادعاء تعلق التكليف واقعا بنفس السبب ليتفرع عليه ما ذكر. فيكون من باب التزاحم على القول بكون باب اجتماع الامر والنهي من باب التزاحم ومنها ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٧ اذا كان متعلق الامر مثلا فردا من المقولات ومتعلق النهي متمما للمقولة ـ اي التي تعلق بها الآخر ونعني بمتمم المقولة ما يمتنع عروضه للجوهر بلا وساطة عرض من اعراضه كالشدة والضعف والابتداء والانتهاء مثلا وهذا ينقسم الى قسمين فان متمم المقولة تارة يكون منوعا لها ويجعلها ذات مراتب من دون أن يكون موجودا آخر في قبالها

٢٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

كالشدة والضعف والسرعة والبطء فان الشدة في البياض والسرعة في الحركة مثلا انما تنتزعان من مرتبة خاصة من البياض والحركة وما به الاشتراك في مراتب شيء واحد عين ما به الامتياز فيها فلا البياض الشديد ولا الحركة السريعة يزيدان على حقيقة البياض والحركة لشىء ولا البياض الضعيف ولا الحركة البطيئة يفقدان من حقيقة البياض او الحركة شيئا فالشدة والضعف او السرعة والبطء موجودان بنفس وجود البياض والحركة لا بوجود آخر ومثل هذا القسم خارج عن محل الكلام في مبحث الاجتماع الامر والنهي واخرى لا يكون كذلك بل يكون ـ اي متمم المقولة ـ امرا انتزاعيا من اضافة مقولة الى شيء كالابتداء والانتهاء فان السير الخارجي الذي هو فرد لمقولة حقيقة ينتزع منه الابتداء بالاضافة الى البصرة مثلا فالابتداء موجود خارجي متمم لمقولة السير باعتبار صدوره من البصرة ومثل هذا القسم داخل في محل الكلام نظير ما اذا توضأ من الآنية المغصوبة او آنية الذهب او الفضة فان الوضوء باعتبار نفسه الذي هو فرد من افراد المقولة مأمور به وباعتبار اضافته الى الاناء الذي يحرم التصرف فيه منهي عنه وليس نفس استعمال الاناء داخلا في إحدى المقولات التسع العرضية بل هو متمم لمقولة من المقولات دائما كالاكل والشرب والوضوء وامثال ذلك فمن يقول بجواز الاجتماع يقول به في المقام أيضا وإلّا فلا. كمقولة الاين حيث تضاف الى عرض آخر مثل ان يقال قام زيد في الدار وصام يوم الجمعة فان مقولة الاين في هذه الامثلة ونحوها قد وقعت مضافة الى عرض آخر وهو القيام والصيام واجاب عنه استادنا الخوئي على مسلكهم في هامش الاجود ج ١ ص ٣٤٧ قد ظهر مما تقدم ان القول بجواز اجتماع الامر والنهي يتوقف على اثبات تعدد وجود المأمور به والمنهي عنه خارجا ليكون التركيب بينهما انضماميا وعليه فما ان التصرف في الآنية المغصوبة او

٣٠٠