نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5711-33-9
الصفحات: ٥٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

التي لا يفرق فيها بين القليل والكثير والدفعة والدفعات لا مجال لدعوى هذه الكلية حيث امكن في النواهي الشرعية ان تكون المفسدة فيها على نحو صرف الوجود. ومنها ما افاده صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٢ قال وان كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما بان يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الأمر مرة والنهي اخرى ضرورة ان وجودها يكون بوجود فرد واحد وعدمها لا يكاد يكون الا بعدم الجميع كما لا يخفى ومن ذلك يظهر ان الدوام والاستمرار انما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة واحدة غير مقيدة بزمان او حال فانه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة الا بعدم جميع افرادها الدفعية والتدريجية وبالجملة قضية النهي ليس إلّا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له كانت مقيدة او مطلقة وقضية تركها عقلا انما هو ترك جميع افرادها. وتوضيحه ان لزوم التكرار والدوام والاستمرار في النهي انما هو من جهة انه لا يكاد يصدق ترك الطبيعي عقلا والانزجار عنه إلّا بترك جميع افراده الدفعية والتدريجية اذ حينئذ لا بد في مقام الاطاعة والامتثال النهي من ترك الطبيعي بماله من الافراد الدفعية والتدريجية وإلّا فمع تحقق فرد واحد لا يكاد يصدق الامتثال والطاعة بل يصدق العصيان والمخالفة وهذا بخلافه في الاوامر فانه بعد ما كان وجود الطبيعي بوجود فرد واحد يكتفي في مقام الاطاعة بايجاد فرد واحد من جهة تحقق تمام المطلوب وهو الطبيعي بوجود واحد واورد المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٥ بقوله وفيه انه ليس الكلام في مقام الاطاعة اذ لا شبهة في انه لا بد في مقام امتثال النهي عن الطبيعي من ترك جميع افراده الدفعية والتدريجية بل وانما الكلام في طرف العصيان والمخالفة في اقتضاء النهي لزوم بقية الافراد حتى بعد العصيان نظرا إلى اقتضائه لكون المبغوض هو الوجود الساري دون صرف الوجود وح فلا يفيد ما ذكر للدفع

٢٤١

استفادة الدوام من النهي ايضا غير طبع اطلاق المادة والتحقيق ان يقال كما مر سابقا ايضا (١) ان مرجع الإطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة ليس إلّا إلى جعل الطبيعة المهملة المحفوظة في ضمن جميع صور الماهية (٢) من المقيّدة (٣) والعارية عن القيد (٤)

______________________________________________________

الإشكال المزبور. واورد ايضا المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦١ بان طارد العدم الكلي لا مطابق له في الخارج لان كل وجود يطرد عدمه البديل له لا عدمه وعدم غيره فاول الموجودات أول ناقض للعدم ونقيضه عدم هذا الأول ولازم هذا الخاص العدم بقاء سائر الاعدام على حالها فان عدم الوجود الأول يستلزم عدم الثاني والثالث وهكذا لا انه عينها فما اشتهر من ان تحقق الطبيعة بتحقق فرد وانتفائها بانتفاء جميع افرادها لا اصل له حيث لا مقابلة بين الطبيعة الملحوظة على نحو تتحقق بتحقق فرد منها والطبيعة الملحوظة على نحو ينتفي بانتفاء جميع افرادها. مضافا إلى انه إذا كان المطلوب بالنهي عدم الطبيعة فعدم الافراد الدفعية والتدريجية حاصل في الزمان الأول فالترك في أول الازمنة ترك لجميع الافراد المذكورة فيكون امتثالا للنهي ومسقطا له فلا موجب للاستمرار.

(١) ومنها افاده المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٦ مقتضى الإطلاق وقرينة الحكمة عند عدم التقيد في كل من الأمر والنهي هو الحمل على الطبيعة المهملة التي هي مدلول اللفظ.

(٢) بما هي جامعة بين الطبيعة الصرفة والطبيعة السارية لا يكاد يتوجه الإشكال المزبور.

(٣) أي المحفوظة الطبيعة المهملة في المقيدة ، كصل متطهرا.

(٤) أي كذلك في المطلقة كتحرير رقبة.

٢٤٢

وغيرهما (١) تمام الموضوع للهيئة مثلا ومن المعلوم ان طبع تماميّته للموضوع تحقق تمامه بأوّل وجوده (٢) ولازمه سقوط الأمر المقصود منه الوجود بذلك اذ لا قصور في تماميّته لموضوع أمره واما في النهي (٣) حيث كان المقصود الاصلي اعدامه فطبع اطلاق الماهيّة المهملة يقتضي عدم صدق الاعدام عليها إلّا باعدام جميع افرادها حتى المتعاقبة منها اذ بوجودها ولو بعد وجوده يصدق ايضا وجود الطبيعة المهملة فلا مجال لاعدامها إلّا بترك ذلك ايضا وح هذه الجهة من الفرق بين الأمر والنهي انما جاء من ناحية

______________________________________________________

(١) أي كذلك في المهملة كقوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بقرة / ٤٣ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) مائدة ٣٨.

(٢) اذ ح يكون الفرق بين الأمر والنهي في اقتضاء الأول للاكتفاء بايجاد فرد واحد واقتضاء الثاني لعدم ايجاد شيء من الافراد واضحا حيث ان الاكتفاء بفرد واحد في الاوامر انما هو من جهة تحقق ما هو تمام المطلوب وهو الطبيعة المهملة بوجود فرد واحد فمن ذلك يسقط الأمر ويتحقق الامتثال بذلك.

(٣) واما في النواهي فعدم الاكتفاء بذلك انما هو من جهة اقتضاء طبع الإطلاق المزبور ـ أي الماهية المهملة باعدام جميع الافراد ـ لعدم ايجاد الطبيعة المهملة مطلقا ولو في ضمن ثاني الوجود وثالثه ومن ذلك حينئذ يستفاد ان ما هو المبغوض وما فيه المفسدة هو الطبيعي بوجوده الساري لا بصرف وجوده المنطبق على أول وجود ولازم ذلك ايضا هو لزوم الانزجار عن جميع افراد الطبيعي ولو مع العصيان والمخالفة.

٢٤٣

اختلافهما في المقتضي بالفتح (١) لا من ناحية طبع اطلاق المادة

______________________________________________________

(١) أي المقصود الاصلي فانه يوجب الفرق بينهما فالمقصود الأصلي من الأمر كون الطبيعة المهملة تمام الموضوع ويترتب عليه كون طبع الإطلاق تمامه بأول الوجود وفي النهي يكون المقصود الاصلي اعدام الموضوع فطبع الإطلاق هو ترك الجميع لا من جهة الامتثال والطاعة وسيأتي توضيحه ايضا ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٢ لا دلالة لصيغة النهي على المرة ولا التكرار كما ان الأمر ايضا لا يقتضي ازيد من البعث إلى صرف الوجود إلّا ان تكون قرينة على الدلالة على احدهما ولا يمكن اثبات السريان بمقدمات الإطلاق ايضا بان يقال ان المولى كان في صدد البيان ولم يبين قيد المرة فالطبيعة تدل على السريان لان المقسم وهو الطبيعة المهملة لا يكون فيه قيد السريان ولا عدمه فان الإطلاق قيد للطبيعة يجب اثباته كما ان التقييد ايضا كذلك ولكن بعد عدم امكان كون المهملة تحت الخطاب فبضميمة حكم العقل نفهم المراد وان المنهي جميع الافراد. وهذا هو المراد من كون طبع اطلاق الطبيعة المهملة ذلك هو السريان وان شئت توضيحا اكثر هو ما ذكره استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٨ بقوله هو ان يقال ان مادة كل أمر من الأمر والنهي لا تدل الا على الطبيعة المهملة التي تكون مقسما بالاضافة إلى القيود التي تنضم اليها وانما نحتاج إلى مقدمات الحكمة في مقام الخطاب لاجل استكشاف كون المراد من المادة هي تلك الطبيعة المهملة بلا دخل قيد فيها من زمان او مكان او غيرهما لان مقدمات الحكمة لا يستكشف بها ان المراد بمتعلق الأمر هو صرف الوجود او الطبيعة السارية وبمتعلق النهي هو صرف الترك أو ترك الطبيعة السارية وإلّا كان الإشكال المزبور متوجها بل يستكشف بها ان مفهوم المادة هو المراد بها بلا دخل قيد آخر في متعلق الأمر او النهي زيادة على مفهوم المادة فاذا ثبت ان المراد بالمادة هو ذلك استقل العقل في مقام امتثال الأمر بكفاية الاتيان بتلك الطبيعة المهملة في فرد ما اذ ايجاد الطبيعة المهملة يتحقق بايجاد احد اقسامها

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

واللابشرط القسمي أي الطبيعة المرسلة ذاتا لا يرى» العرف قيدا وذلك يكشف عن ان المراد هي الطبيعة المرسلة ذاتا وبما ان الطبيعة المرسلة تكون قابلة لتعلق الحكم بها على نحو الشيوع البدلي والشيوع الساري يتوقف تعيين احدهما على معين وعدم امكان الشيوع الساري في الأمر يعين الشيوع البدلي وهو يساوق صرف الطبيعة وهي تحصل بذلك واما في مقام امتثال النهي فالعقل يستقل بلزوم ترك جميع افراد الطبيعة المنهي عنها العرضية والطولية لان المقصود بالنهي هو الزجر عن الاتيان بالطبيعة المهملة المنهي عنها ولا يتحقق الانزجار عنها إلّا بترك جميع افرادها العرضية والطولية. وفي تعبيره مرتين بالطبيعة المرسلة نوع تجوز والمراد الطبيعة المهملة أي مرسلة عن الإطلاق والتقييد لا انها مهملة في قوة الجزئية ولذا عبر بالمطلقة أي اللابشرط المقسمي. ان المراد بالمادة هو ذلك استقل العقل في مقام امتثال الأمر بكفاية الاتيان بتلك الطبيعة المهملة في فرد ما اذ ايجاد الطبيعة المهملة يتحقق بايجاد احد اقسامها واللابشرط القسمي أي الطبيعة المرسلة ذاتا لا يرى» العرف قيدا وذلك يكشف عن ان المراد هي الطبيعة المرسلة ذاتا وبما ان الطبيعة المرسلة تكون قابلة لتعلق الحكم بها على نحو الشيوع البدلي والشيوع الساري يتوقف تعيين احدهما على معين وعدم امكان الشيوع الساري في الأمر يعين الشيوع البدلي وهو يساوق صرف الطبيعة وهي تحصل بذلك واما في مقام امتثال النهي فالعقل يستقل بلزوم ترك جميع افراد الطبيعة المنهي عنها العرضية والطولية لان المقصود بالنهي هو الزجر عن الاتيان بالطبيعة المهملة المنهي عنها ولا يتحقق الانزجار عنها إلّا بترك جميع افرادها العرضية والطولية الخ وفي تعبيره مرتين بالطبيعة المرسلة نوع تجوز والمراد الطبيعة المهملة أي مرسلة عن الإطلاق والتقييد لا انها مهملة في قوة الجزئية ولذا عبر بالمطلقة أي اللابشرط المقسمي.

٢٤٥

نعم (١) هذا الإشكال انّما يتسجل على مسلك من تخيّل (٢) ان

______________________________________________________

(١) قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٢٨ ثم لا يخفى ان الأمر والنهي يشتركان في ان كلا منهما يتعلق بالماهية التي لم يلحظ فيها الوجود والعدم ويفترقان في ان هيئة النهي تدل على طلب اعدام المادة وهيئة الأمر تدل على طلب ايجادها فيكون متعلق الطلب في طرف الأمر هو صرف وجود الطبيعة كما ان متعلق الطلب في طرف النهي هو صرف ترك الطبيعة ولذا لا يتحقق امتثاله إلّا بترك جميع افراد متعلقة بخلاف الأمر فان امتثاله يتحقق بايجاد أول وجود من افراد متعلقة ، وفيه اولا قد عرفت ان النهي ليس طلب اعدام الماهية والأمر طلب وجودها بل الأمر موضوع للبعث والنهي للزجر على ما مر وثانيا ان متعلق الأمر الطبيعة المهملة لا صرف الوجود من الطبيعة كما هو قائل به وعليه يجري الإشكال كما سيأتي.

(٢) وإلى ذلك أشار المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٥ ان مبني الإشكال وأصله إنما نشأ من جهة توهم كون مقتضى الإطلاق وقرينة الحكمة هو الطبيعة الساذجة الصرفة الغير القابلة للانطباق الاعلى أول الوجود اذ ح يتوجه الإشكال بانه إذا كان طبع الإطلاق في الاوامر عند عدم التقيد بالسريان ونحوه يقتضي مطلوبية صرف الطبيعي المنطبق على أول وجود وبذلك يكتفي في مقام الاطاعة وسقوط الأمر بايجاد فرد واحد من جهة انطباق تمام المطلوب وهو الطبيعي الصرف عليه كذلك طبع الإطلاق في النهي عند عدم التقيد بالسريان ونحوه يقتضي ايضا كون المبغوض هو صرف الطبيعي المنطبق على أول وجود ولازم ذلك هو عدم لزوم ترك بقية الافراد عند العصيان والمخالفة بايجاد فرد واحد بلحاظ انطباق ما هو تمام المبغوض عليه مع انه ليس كذلك فما وجه التفرقة ح بين الأمر والنهي.

٢٤٦

نتيجة مقدمات الحكمة مطلوبية الطبيعة الصرفة قبال المقيّدة الذي هو مسمى باللابشرط القسميّ (١) اذ ح كان مجال الإشكال السابق في النواهي باقيا اذ الطبيعة الصرفة إذا (٢) تحقق لا يتصور له (٣) تكرر وجود لان صرف الشيء غير قابل للتكرر بنحو التعاقب فمهما تحقق في الخارج يسقط النهي عنه ولا يكاد يبقى في ثاني الوجود لعدم انطباق الصرف كما هو ظاهر واما بناء على ما ذكرنا (٤) من ان نتيجة المقدمات ليس إلّا جعل الماهيّة المهملة الجامعة للمطلقة والمخلوطة تمام الموضوع فلا يكاد مجال للاشكال المزبور اذ ح منشأ الفرق بين الأمر والنهي (٥) اختلافهما في كيفية

______________________________________________________

(١) أي الطبيعة المرسلة.

(٢) أي إذا تحقق الصرف باول وجود.

(٣) أي للصرف تكرر الوجود فان صرف الوجود ان تحقق تحقق فلا مجال التكرر الوجود.

(٤) وهي الطبيعة المهملة فطبعها تقتضي الفرق بين الأمر والنهي باطلاقها بعد ما كانت هي تمام الموضوع للحكم.

(٥) والحاصل والحاصل ان مادة النهي مفادها الزجر فالاطلاق يقتضي الزجر عن الطبيعة المهملة الجامعة بين المرسلة والمقيدة والرجز كذلك زجر عن جميع افراده فالافراد التدريجية إذا كانت افراد للطبيعة المهملة المنهى عنها فكل واحد منها لا بد ان يكون موضوعا للزجر وهو عين الاستمرار بخلاف الأمر فان يقتضي تحققها بفرد واحد فان الحصص المشتركة وجود إنما كانت مجتمعة تحت وحدة مشتركة بينها هي الطبيعة فكل وجود من تلك الوجودات يصح ان يضاف إلى الجهة الواحدة كما يصح ان يضاف إلى الحصة الخاصة فوجود زيد وجود لحصة من الانسان ووجود للانسان الطبيعي ولأجل ذلك صار يكفي في وجود الطبيعة وجود فرد ولا يكفي في عدمها عدم فرد بل لا بد من عدم جميع الافراد.

٢٤٧

الاقتضاء اذ الأمر يقتضي وجود الماهيّة وبديهي انّ وجود الماهية الجامعة المحفوظة في ضمن المجرّدة والمخلوطة بتمامه يتحقّق باوّل وجوده فلا يبقى ح مجال للاقتضاء الأمر شيئا كما ان النهي يقتضي عدم هذا الجامع بين المجرّدة والمخلوطة ولا يكاد يتحقق الا بعدم تمام الافراد حتى الافراد المتعاقبة التدريجية ولو من جهة كونها أحد مصاديقهما وذلك عمدة الفارق بين الأمر والنهي مع فرض اتّحادهما في كيفية الإطلاق وما هو نتيجة مقدمات الحكمة كما لا يخفى وتوضيح المقام بازيد من ذلك موكول إلى محله إن شاء الله تعالى ثم لا يخفى ان طبع النهي لما كان الردع عن الوجود فطبع الاطلاق كما يقتضي الدوام بنحو شرحناه كذلك يقتضي الفورية (١) اذ لازم اعدام الطبيعة من حين الانشاء عدم وجوده من حين النهي وبذلك أيضا يفرق النواهي عن الاوامر بعدم اقتضائها في الأمر فورية ولا تراخ ولا الادامة ايضا بخلافه في النواهي فانه ربما ينتهي بالآخرة الادامة والفورية كما لا يخفى (٢) والله العالم.

______________________________________________________

(١) الجهة الخامسة : ان النهي يقتضي الفورية فان النهي يدل على مبغوضية جميع الافراد من زمان وجوده فانه لازم اعدام الطبيعة بخلاف الأمر فانه لا يقتضي كذلك والحاكم بذلك هو العرف والعقلاء حسب محاوراتهم.

(٢) الجهة السادسة : قسموا النهي إلى اقسام ولا بأس بالاشارة اليها قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٢٩ ثم ان ترك الطبيعة تارة يكون مطلوبا استقلالا وملحوظا بالمعنى الاسمى بان يكون المطلوب خلو صحيفة الوجود عن تلك الطبيعة فيكون ترك الافراد ح ملازما للمطلوب لا نفسه ـ أي هو السلب الكلي على نحو العام المجموعي وذلك كأكل الفوم فانه بعصيان واحد يسقط

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

النهي لرائحة فمه به ـ واخرى يكون مرآتا وبنحو المعنى الحرفي توصلا به إلى طلب ترك افرادها فالمطلوب في الحقيقة هو ترك نفس تلك الافراد ويلزمه خلو صحيفة الوجود عن الطبيعة ـ أي ان المطلوب هو العام الاستغراقي ـ أي الاصولي ـ الانحلالي بحيث تكون جميع وجودات الطبيعة مبغوضة ولكل وجود عصيان يخصه ـ ويتفرع على الأول انه إذا عصى النهي بايجاد فرد من تلك الطبيعة سقط النهي ولا يبقى لامتثاله بعده مجال اصلا ـ أي عصيانه باوّل وجود الطبيعة ويسقط النهي ح رأسا ـ واما على الثاني فعصيان النهي بايجاد بعض افراد المنهي عنه لا يوجب سقوطه عن غيره من افراد الطبيعة المنهي عنها لان النهي إذا كان انحلاليا وكان كل فرد من افراد المنهي عنه محكوما بحكم مستقل فسقوط النهي في بعض الافراد لا يوجب سقوطه في غيره وهذا القسم هو الغالب في موارد النهي سواء كان له موضوع خارجي ـ أي متعلق المتعلق ـ كلا تشرب الخمر ـ ام لم يكن له ذلك بل كان المتعلق للنهي فعل المكلف الذي لا تعلق له بموضوع خارجي كما في لا تكذب من دون فرق في ذلك بين كون ترك الطبيعة مطلوبا نفسيا كما في المثالين المتقدمين وكونه مطلوبا غيريا كما في النهي عن الصلاة في النجس لان النهي في كلا المقامين ظاهر في الانحلال. وقال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٩٤ انه يتصور وجهان آخران في باب النواهي احدهما ان يكون المطلوب هو ترك مجموع الافراد بمعنى ان ارتكاب جميع الافراد مبغوض فلا يتحقق عصيانه إلّا بارتكاب الجميع كما ربما يدعي ظهور مثل قوله لا تأكل كل رمانة في البستان في ذلك فلو اكل جميع رمانات البستان الا واحدة لم يكن فاعلا للمنهى عنه أي ذلك ايضا كقوله عليه‌السلام لا تهجر الفراش اربعة اشهر فمجموع التروك من حيث المجموع مبغوض للمولى فاذا هجر الفراش في تمام المدة الا يوما واحدا لم يعص ـ

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ثانيهما ان يكون المطلوب في النهي على نحو القضية المعدولة المحمول بحيث يكون المطلوب في مثل لا تشرب الخمر هو كون الشخص لا شارب الخمر على وجه يكون وصفا للمكلف ـ أي خلو صفحة الوجود عن هذه الطبيعة فيكون ترك افرادها محصلا لهذا العنوان البسيط قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٣٣ ثم انه لا دلالة للنهي على ارادة الترك لو خولف او عدم ارادته ـ أي إذا عصى المكلف وخالف النهي بفعل المنهي عنه في زمان فلا دلالة للنهي على وجوب تركه في الازمنة اللاحقة وعدمه بعد ما لم يحرز كونه من احد اقسام النهي المتقدم ذكره وإلّا فواضح ـ بل لا بد في تعيين ذلك من دلالة ـ أي دليل آخر ـ ولو كان اطلاق المتعلق من هذه الجهة ولا يكفي اطلاقها من سائر الجهات. ككون النهي نفسيا او غيريا فلا يمكن التمسك باطلاق المتعلق لتعيين انه نفسي او غيري قال استادنا الآملي في المجمع ص ١٢ ج ٢ ثم انه على فرض كون النهي للسريان قال المحقق الخراساني بان المكلف إذا عصى الامتثال في بعض الازمان يكون النهي باقيا في غيره سواء قلنا بتعدد المطلوب او وحدته لان النهي إذا كان ساريا ينحل إلى الافراد في كل زمان طوليا وبالنسبة إلى كل فرد عرضيا لان النهي كاشف عن المفسدة ولا تختص مفسدتها بزمان دون آخر وفيه انه على ذلك ايضا يمكن ان يكون المجموع من حيث المجموع تحت النهي بحيث لو عصى فرد منه لا يبقى مجال لدرك مصلحة ترك بقية الافراد فمن أين يقال لا فرق بين تعدد المطلوب ووحدته فانه على الأول يمكن ان يكون النهي باقيا بعد العصيان بخلافه على الثانية فيجب البحث عن اثبات وحدة المطلوب وتعدده واما الكشف عن المفسدة مطلقا فائضا يمكن منعه لاحتمال حصول المفسدة بعصيان الفرد وعدم الاثر لا بيان سائر الافراد لحصول ما يحترز عنه بفرد واحد نعم في مقام الاثبات يمكن ان يقال ان قيد المجموعية من حيث المجموع

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بعد السريان يحتاج إلى مئونة زائدة فان الظاهر ان كل فرد يكون منهيا عنه وان لم يكن الامتثال بالنسبة إلى سائر الافراد ولكن لا يمكن رفع القيد بالاطلاق المقامي ولا باصالة عدم كونه قيدا ، نعم تجري البراءة بالنسبة إلى الحكم.

وقال استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٢٧ ثم ان المصلحة إذا كانت قائمة بترك طبيعة فتارة تكون المصلحة قائمة بمجموع التروك ـ إلى ان قال ـ واخرى تكون المصلحة قائمة بكل واحد من التروك وثالثة تكون قائمة بعنوان بسيط متولد عن مجموع التروك في الخارج فعلى الأول لا بد من جعل حكم واحد متعلق بمجموع التروك فلا يحصل امتثاله إلّا إذا تحقق جميع التروك في الخارج وهذا هو الحال في اقسم الثالث ايضا غاية الأمر ان المأمور به في القسم الأول أمر مركب من التروك الخارجية وفي القسم الثالث أمر بسيط متولد منها واما القسم الثاني فالمجعول في مورده أحكام متعددة تعلق كل واحد منها بترك فرد من افراد تلك الطبيعة ـ ويترتب على ذلك انه إذا شك في صدق تلك الطبيعة ـ على فعل خارجي لشبهة موضوعية جاز ارتكابه لرجوع الشك فيه إلى الشك في حكم مستقل والمرجع فيه هي البراءة عقلا ونقلا واما القسم الأول فالرجوع فيه إلى البراءة وعدمه يبتني على القول بالرجوع إلى البراءة في موارد الشك في الأقل والاكثر الارتباطيين وعدمه ـ واما القسم الثالث فلا مناص فيه عن القول بالاشتغال لرجوع الشك فيه إلى الشك في تحقق الامتثال بعد العلم بالتكليف. واما القسم الثالث من المحقق النائيني ايضا المرجع فيه البراءة لان الشك في اصل التكليف واما القسم الثالث اليد ذكره استادنا الخوئي ايضا المرجع هو البراءة لانه نشك ان الأمر البسيط المنبسط على الاجزاء يكون على عشرة أجزاء او تسعة فالزائد مشكوك والمرجع فيه البراءة ويكون كالخط الطويل والقصير.

٢٥١

مقالة (١) في جواز اجتماع الامر والنهي في شىء واحد يكون مجمع الخطابين وقد اختلفت كلمتهم فيه بمنتهى الاختلاف بحد غير قابل للايتلاف (٢) وتنقيح المرام يحتاج الى بيان مقدمة ربما نكتفي بها لتوضيح المقام بلا احتياج الى المبادي التي كثّرها الاعلام

______________________________________________________

في اجتماع الامر والنهي

(١) نموذج ٢ قد اختلفوا في جواز اجتماع الامر والنهي في وجود واحد بجهتين ولكونه مجمع العنوانين على اقوال ثالثها الجواز عقلا والامتناع عرفا قال الشيخ الانصارى في مطارح الانظار ص ١٢٩ انهم اختلفوا فيها على قولين فذهب اكثر اصحابنا وجمهور المعتزلة وبعض الاشاعرة كالباقلاني الى الامتناع بل عن جماعة منهم العلامة السيد الجليل في احقاق الحق والعميدى وصاحبي المعالم والمدارك وصاحب التجريد الاجماع عليه بل ادعى بعضهم الضرورة وليس بذلك البعيد واكثر الاشاعرة على الجواز ووافقهم جمع من افاضل متاخرى اصحابنا كالمحقق الخوانساري في تداخل الاغسال من المشارق وجمال الدين والمحقق الشيرواني والسيد الشارح للوافية والمحقق القمي بل نسبه الى ظاهر السيد في الذريعة والاردبيلي بل حكاه عن الفضل بن شاذان مستظهرا من كلامه انه من مسلمات الشيعة واستظهره من الكلينى أيضا ـ الى ان قال ـ وقد ينقل في المقام قول ثالث وهو التفصيل بين العقل والعرف فيجوز عقلا ولا يجوز عرفا ونسبه بعضهم الى الاردبيلى في شرح الارشاد.

(مسألة اصولية)

(٢) وتوضيح المقصد يقتضي رسم امور الامر الاول قال في الكفاية ج ١

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ص ٢٣٦ انه حيث كان نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت المسألة من المسائل الاصولية. فانها تقع في طريق استنتاج صحة العبادة وفسادها الذين هما من الاحكام الكلية الفرعية كالصلاة في الدار المغصوبة في صورة الجهل به فيحكم بصحتها برهانا لا بالاجماع على القول بالجواز وعلى فرض عدم جواز الاجتماع في صورة الجهل بالغصبية يتمسك بالاجماع وفي صورة العلم به لا يمكن ان يكون للعبادة امر فمن قال بلزوم وجود الامر في صحة العبادة كصاحب الجواهر لا يمكنه تصحيح العبادة بدونه قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ لا من مباديها الاحكامية. ويظهر ذلك من شيخنا الاعظم الانصارى في المطارح ص ١٢٦ قال وقد يظهر من بعض آخر ان البحث فيها يرجع الى البحث عن مقاصد الاصول فانها يستنبط منها صحة الصلاة في الدار المغصوبة وفسادها وليس بشيء فان الصحة وافساد لا يترتبان على الجواز والعدم بل التحقيق أن الصحة متفرعة على عدم التعارض والتناقض بين مدلولي الامر والنهي وتشخيص ذلك موقوف على مسالة الجواز والامتناع فهذه المسألة من مبادئ المسألة الاصولية وهي وجود التعارض وتحقق التناقض بين الادلة وعدمه فالحكم الفرعى لا يترتب على هذه المسألة بدون توسيط والاولى ان يقال بان البحث فيها انما هو بحث عن مبادى الاحكامية حيث يناسب عند ذكرها وتحققها ذكر بعض احكامها واوصافها ـ اى عوارض الحكم ومبادئه من ملازمة وجوب شيء لوجوب مقدمته ومن جواز اجتماع الحكمين مع تضادهما كما تقدم. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ بقوله فانه مضافا الى بعده لا يناسب أيضا ظهور عنوان البحث وهو جواز الاجتماع وعدم جوازه وإلّا لاقتضى تحرير عنوانه بالبحث عن لوازم

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجوب والحرمة ـ قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ولا التصديقية. لكل علم مبادئ تصورية وهو تصور الموضوع وتصول المحمول وتصور النسبة ومبادئ تصديقية هو التصديق بثبوت النسبة والاذعان به قال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٣ ولكن التحقيق ان المسألة من المبادى التصديقية ضرورة انه لا يترتب فساد العبادة على القول بالامتناع بل القول به يوجب دخول دليلي الوجوب والحرمة في باب التعارض واجراء احكامه عليهما ليستنبط من ذلك حكم فرعى وقد عرفت فيما تقدم ان الميزان في كون المسألة أصولية هو ترتب نتيجة فرعية عليها بعد ضم صغرى نتيجة تلك المسألة اليها وليس ذلك متحققا فيما نحن فيه قطعا وعليه فالنزاع في الجهة الاولى ـ اى الامتناع ـ يدخل في مبادي بحث التعارض كما أن النزاع في الجهة الثانية أي الجواز ـ يدخل في مبادئ بحث التزاحم. وتوضيح ذلك ذكر استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٨٣ رجح شيخنا الاستاد كونها من الاخير باعتبار آن البحث في هذه المسألة في المقام الاول في انها هل تكون من صغريات باب التعارض اولا وفي المقام الثانى في ان التزاحم الذي بينهما في مقام الامتثال هل يرتفع لوجود المندوحة اولا وحيث ان هذه البابين من المسائل الأصولية فيكون البحث عن كون شيء من مصاديق موضوعهما بحثا عن المبادى التصديقية لتحقق موضوعهما لا المبادى التصديقية لاصل المسألة الأصولية لان المبدا التصديقى لها عبارة عن الدليل الذي يستند الاصولي اليه في اثبات محمولات المسألة لموضوعها ومعلوم ان هذه المسألة ليست مدركا لاثبات احكام التعارض والتزاحم ولكن الحق ان هذه مسألة

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

اصوليه الى آخر كلامه واجاب عنه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٣٣ بل التحقيق ان هذه المسألة من المسائل الأصولية لان ترتب صحة العبادة على القول بالجواز كاف في كون المسألة اصولية لان وقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط الذي هو ملاك كون المسألة اصوليه يكفى فيه كونها كذلك في الجملة ولا يعتبر فيه كون نتيجة المسألة على جميع التقادير واقعة في طريق الاستنباط مثلا مسالة البحث عن حجية الخبر الواحد مسألة تقع نتيجتها في طريق الاستنباط على تقدير القول بحجيته لانه اذا لم نقل بها لم تقع نتيجتها في طريق الاستنباط ابدا لكن المسألة مع ذلك اصولية بلا اشكال فالقول عدم الجواز في محل البحث وان لم يترتب عليه القول بفساد العبادة إلّا ان ترتب القول بالصحة بالاتيان بالجمع على القول بالجواز كاف بنفسه في كون المسألة اصولية. قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ولا من المسائل الكلامية. قال المحقق المشكيني في هامش الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ومن هنا علم صحة ادراجها في الكلام من حيث ترتب صحة العقوبة والمثوبة وعدمه أيضا.

واجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٥ لا وجه له لان البحث عن امر تكويني اذا رجع الى وجود التكليف وعدمه يكون كلاميا لا البحث عن الثواب والعقاب فقط ـ فان موضوعه المبدا والمعاد وليس في البقاء كذلك ـ وقال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٢ تكون المسألة كلامية باعتبار انها يبحث فيها عن استحالة اجتماع الحكمين في مورد واحد وجوازه وبما ان الامر والنهي من الامور الواقعية يصح البحث عن امتناع اجتماعهما وجوازه الخ واجاب استادنا الخوئي في هامشه المسائل الكلامية وان كانت مسائل عقلية إلّا انه ليس كل مسالة عقلية يتكلم فيها عن الاستحالة والامكان مسالة كلامية وذلك ظاهر لا يكاد يخفى. بل ما له مساس بالعقائد الدينية كما عن المحقق

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٣ ـ وقال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٥ قال ولا يخفى على المتدبر ان موضوع الفلسفة والكلام واحد كما قرر في محله فلا وجه لما عن شيخنا النّائينيّ من ان البحث عن واقعة من الواقعيات لا يكون مربوطا بالكلام بل مربوط بالفلسفة ـ اي البحث عن كل حقيقة من الحقائق يكون كلاميا. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ ولا من المسائل الكلامية أيضا اذ ذلك مضافا الى ما عرفت من النتيجة نقول بان المهم عند الفريقين بعد ان كان في سراية النهى الى متعلق الامر وموضوعه عند وحدة المجمع وجودا وعدمه يكون مرجع البحث الى البحث عن اصل اجتماع الحكمين المتضادين وعدمه في موضوع واحد ومن المعلوم حينئذ عدم ارتباط ذلك بمسألة التكليف بالحال كى يندرج بذلك في المسائل الكلامية المتنازع فيها بين الاشاعرة وغيرهم اذ ح على السراية يكون التكليف بنفسه محالا حتى بمبادئه من الاشتياق والمحبوبية باعتبار كونه من اجتماع الضدين في موضوع واحد لا انه تكليف بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف كما لا يخفي.

قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ولا من المسائل الفرعية. قال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٣ باعتبار انه يبحث فيها عن صحة الاتيان بالمجمع وحصول الامتثال به وعدمها. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ فبعيد غايته عن ظاهر عنوان البحث المزبور حيث لا يكاد مناسبته مع كونها فرعية ـ اي جواز الاجتماع وعدمه ـ وهذا بخلاف مسألة مقدمة الواجب وان كان التحقيق أيضا خلافه كما عرفت. قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ وان كانت فيها ـ اي في هذه المسألة ـ جهاتها ـ اي جهات هذه العلوم ـ كما لا يخفى ضرورة ان مجرد ذلك لا يوجب كونها منها اذا كانت فيها جهة اخرى يمكن عقدها معها من المسائل اذا لا مجال ح لتوهم عقدها من غيرها في الاصول وان عقدت كلامية

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

في الكلام وصح عقدها فرعيه او غيرها بلا كلام. ولقد عرفت ما فيه

مسألة عقلية

الامر الثاني قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٧ انه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه ـ اي كون مسالة جواز الاجتماع وعدمه اصوليه ـ ان المسألة عقلية ولا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع والامتناع فيها بما اذا كان الايجاب والتحريم باللفظ كما ربما يوهمه التعبير الامر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول إلّا انه لكون الدلالة عليهما ـ اي على الامر والنهي ـ بهما ـ اي بلفظ الدال على الوجوب والتحريم ـ كما هو اوضح من ان يخفى وذهاب البعض الى الجواز عقلا والامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللفظ ـ اي على الامتناع ـ بل بدعوى ان الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنان وانه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ـ اي اذا لامتناع من الاحكام العقلية ولو بتبع نظر العرف ـ وإلّا ـ اي وان كان المراد دلالة اللفظ عرفا على الامتناع ـ فلا يكون معني محصلا للامتناع العرفي غاية الامر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع. وبذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ ثم انه مما ذكرنا ظهر أيضا كون المسألة عقلية محضة حيث كانت من الملازمات العقلية الغير المستقلة فكان ذكرها في المقام ح لمحض المناسبة لا انها لفظية كما ربما يوهمه التعبير بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ولذلك يجري هذا النزاع فيما لو كان بثبوت الوجوب والحرمة بغير اللفظ من اجماع ونحوه أيضا واما القول بالامتناع العرفي فليس المقصود منه دلالة اللفظ على الامتناع بل المقصود منه هو كون الواحد ذي الوجهين واحدا بنظر العرف وان كان اثنين

٢٥٧

فنقول وبه التكلان ان المراد (١) من الواحد في العنوان هو مجمع العنوانين ولو كليا كما هو المناسب لاصولية المسألة المستخرج

______________________________________________________

بحسب الدقة العقلية كما هو واضح. وقال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٣ ويمكن ان تكون المسألة اصولية عقلية اما كونها عقلية فلما اشرنا اليه سابقا من ان الاحكام العقلية على قسمين فتارة يحكم العقل بشىء من دون توسط حكم شرعى كحكمه بحسن شىء او قبحه وهذا القسم يسمى بالمستقلات العقلية واخرى يحكم بشيء بعد صدور حكم شرعي من المولي كمباحث الاستلزامات كلها ويسمي هذا القسم بالاحكام العقلية غير المستقلة ومسألتنا هذه من القسم الثاني فانها يبحث فيها عن استلزام اجتماع متعلقى الحكمين في مورد واحد لسقوط احدهما وعدم استلزامه له. وتبعوه الاساتذة وهو الصحيح.

المراد بالواحد

(١) الامر الثالث ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٣ المراد بالواحد مطلق ما كان ذا وجهين ومندرجا تحت عنوانين باحدهما كان مورد موردا للأمر وبالآخر للنهي وان كان كليا مقولا على كثيرين كالصلاة في المغصوب. فطبيعة الصلاة الواقعة في المغصوب حيث انها باعتبار صدقها على كثيرين تكون كليا ومع ذلك يكون ذا وجهين ومجمعا للعنوانين قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٢ ثم ان الوحدة جنسية ـ اي كالبقر والغنم من جنس واحد وهو الحيوان ـ ونوعية ـ اي الوحدة النوعية كالرومي والزنجي من نوع واحد وهو الانسان ـ وصنفية ـ اي كالرضويين والحسنيين من صنف واحد وهو اولاد هاشم ـ وشخصيه ـ اي كوجود زيد ـ وارادة الواحد الشخص يوجب خروج الواحد

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الجنسي المعنون بعنوانين كليين كالحركة الكلية المعنونة بعنوان الصلاتية والغصبية المنتزعة من الحركات الخارجية المعنونة بها عن محل النزاع مع انه لا موجب لا خراجه. قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٤ وانما ذكر لاخراج ما اذا تعدد متعلق الامر والنهي ولم يجتمعا وجودا ولو جمعهما واحد مفهوما كالسجود لله تعالى والسجود للصنم مثلا ـ اي الواحد السنخي الذي لا يكون مجمعا للعنوانين كما في السجود لله وللشمس والقمر ونحو ذلك مما تعدد فيه متعلق الامر والنهي وجودا مع كونهما واحدا بالجنس ـ لا لاخراج الواحد الجنسى او النوعي كالحركة والسكون الكليين المعنونين بالصلاتية والغصبية. قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٢ وهنا قسم آخر من الوحدة وهي الوحدة في الوجود فان العناوين الموصوف بها الكلي المنطبق على افراده تارة تكون من الاوصاف المتقابلة كعنوان السجود لله وعنوان السجود للصنم فان كلي السجود المعنون بهما لا يعقل انطباقه على هوية واحدة واخرى من الاوصاف الغير المتقابلة كعنوان الصلاة والغصب فان كلي الحركة المعنوية بهما قابل للصدق على هوية واحدة ومنه علم ان دخول الواحد الجنسي او النوعي او الصنفي لا يقتضي دخول مثل السجود لله وللصنم كما ان ارادة الوحدة من حيث الوجود لا يستدعي خروج الواحد من حيث الجنس وشبهه مطلقا من محل النزاع فالتقييد بالواحد لمجرد اخراج المتعدد من حيث الوجود لا الاخراج الكلي في قبال الشخص. لكن الظاهر هو تعدد البحث وان في هذا الامر يكون الكلام في الواحد الشخصي والكلي وفي الامر الآتي يكون الكلام في تعدد الوجود ووحدته فالصحيح ما ذكره صاحب الكفاية لا يختص بالواحد الشخصي بل يعم الكلي كالحركة الكلية ويكون الاول مما اختاره صاحب الفصول قال في ص ١٢٦ فنقول الوحدة قد تكون بالجنس وهذا مما لا ريب في

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

جواز الاجتماع فيه في الجملة كالسجود حيث اجتمع فيه الامر والنهي باعتبار ايقاعه له تعالى وللصنم وقد تكون الوحدة بالشخص وح الى آخر كلامه وذكر استادنا الحكيم في الحقائق ج ١ ص ٣٤٨ ان المتوهم هو العضدي قال هذا رد لما عن العضدى من ان المراد من الواحد الواحد بالوحدة الشخصية ـ الى ان قال ـ الظاهر ان مراد العضدى من الوحدة الشخصية الوحدة الوجودية في مقابل الوحدة الجنسية مع تعدد الوجود كما يظهر من ملاحظة تمثيله للواحد بالجنس بالسجود المامور به المنهي عنه بلحاظ وجودين له متباينين لا الشخص المقابل للكلى فلاحظ ـ اي الذي قد عرفت مردوديته ـ مع أن خروج الكلي عن محل النزاع لا ضير فيه لان الغرض تصحيح العبادة الشخصية لا الكلية فتامل. ولعل تبع في ذلك كلام المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٣ اذا بنينا على ان الحيثيتين في محل الكلام تقييديتان والتركيب بينهما انضمامي فعلى القول بتعلق الاحكام بالطبائع يكون الكليان الموجودان في الخارج منضمين احدهما الى الآخر كما انه على القول تعلق الاحكام بالافراد يكون الفردان الموجودان اللذان ينتزع عنهما الكليان منضمين احدهما الى الآخر ـ الى ان قال ـ وان كان الصحيح كما عرفت ذلك في محله هو عدم تعلق الامر بالمشخصات ولو تبعا وان كانت لا بد من وجودها حين وجود الطبيعي المتشخص بها كما هو الحال في المشخصات عند تعلق الارادة التكوينية بصرف الطبيعة غير الملحوظة معها شيء من مشخصاتها ـ الى ان قال في ص ٣٥٣ ـ والحق عندنا هو القول بالجواز ـ فالصلاة الموجودة في المجمع لا تنقص عن حقيقة الصلاة بشيء كما ان الغصب الموجود فيه لا ينقص من حقيقة الغصب لشىء وقد عرفت استحالة اشتمال هوية واحدة على الصلاة والغصب مثلا باعتبار كون الحركة الواحدة جنسا لهما ـ فينتج جميع ذلك كون التركيب في المجمع انضماميا ـ ان التركيب

٢٦٠