نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5711-33-9
الصفحات: ٥٨٤

الجواهر (١) ولكن الظاهر عدم بناء الأصحاب في فرض التقصير وضيق الوقت على ذلك بل ظاهرهم التزامهم باتيان الصلاة حال المشي محافظا لاجزائها بمقدار لا يستلزم الغصب الزائد بحيث لو تمكن عن الركوع أيضا ماشيا يركع ويومئ في سجوده ولا يقعد في تشهده وسلامه (٢) كما ان بنائهم (٣) أيضا في فرض القصور في غصبه عدم خروجه وبقائه في سعة الوقت (٤) فضلا عن ضيقه (٥)

______________________________________________________

(١) قال في الجواهر ج ٨ ص ٢٩٤ و ٢٩٥ ضرورة كونه على هذا الفرض كالدخول تصرفا فيه ـ فلا قبح ح في تكليفه بالخروج مع تحريمه عليه ـ فقد عرفت ان مقتضى ما ذكرنا صحة تلك الهيئة من الصلاة وان لم يتشاغل بل مقتضاه صحة الصلاة جالسا مثلا لو فرض مساواته القيام في المبادرة للخروج من المغصوب ـ إلى ان قال ـ لا مانع من التزام ذلك كله ان لم ينعقد اجماع على خلافه.

(٢) لكن يقول المحقق الماتن ان بناء الأصحاب في ضيق الوقت ليس على ذلك ماشيا بمقدار لا يزيد في الغصب ويومي للسجود ولا يقعد في تشهده وسلامه هذا في فرض التقصير وانه بسوء الاختيار قد دخل في الغصب وفي ضيق الوقت.

(٣) اما اذا كان قاصرا في غصبه ولم يكن بسوء الاختيار فبنائهم على عدم صحة صلاة الكامل حتى في الزمان الملجأ وهو الذي بمقدار الخروج من الغصب وقد عرفت منا انه بمقتضى القواعد يجوز.

(٤) اي كان الوقت واسعا يمكن أن يصلي خارج الغصب وكان بمقدار يساوي من الصلاة مع زمن الخروج فبنائهم على انه ليس له ان يصلي كاملا في الغصب ولا تصح.

(٥) اي في ضيق الوقت وكان زمن الصلاة اكثر مقدارا من زمن الخروج فلا تصح عندهم مزج الركعات الكاملة بالناقصة في الزيادة على مقدار زمن الخروج فبنائهم على عدم ذلك وليس منشؤه الا الاجماع فانه لا ينطبق على القواعد العامة.

٤٨١

بضميمة التفكيك بين الركعات مثلا من حيث الكمال والنقص كما اشرنا إليه واثبات هذه الدعاوي منهم بمقتضى القواعد في نهاية الاشكال فلا وجه للمصير إلى ما ذهبوا اليه من التفصيل (١) بين السعة والضيق بترك الصلاة في المغصوب رأسا واتيانها في خارجها في الاول واتيان الصلاة ناقصا حال المشي الخروجي محافظا لاجزائه الغير الموجب للغصب الزائد في الثاني من دون فرق منهم بين تقصيره في الغصب وقصوره الا (٢) دعوى الاجماع وإلّا فللنظر فيما اختاروه في هذه الفروض كمال مجال (٣) والله العالم بحقيقة الحال مقالة (٤) في أن النهي بشيء هل يقتضي فساده

______________________________________________________

(١) فان المشهور ذهبوا إلى ان في السعة بترك الصلاة إلى خارج الغصب ولا تصح صلاته بدونه وفي الضيق يصلي حال الخروج وياتي بما يمكن من الاجزاء بما لا يوجب الغصب الزائد وتصح صلاته ح ولا فرق في الصورتين بين ان يكون الغصب بسوء الاختيار وعدمه.

(٢) والعمدة الدليل لهذا التفصيل هو الاجماع لا غير.

(٣) وإلّا فمحل مناقشة كما عرفت وقال في الفصول ص ١٤١ ثم لا يذهب عليك ان فرض المسألة في توسط الارض المغصوبة من باب المثال وإلّا فالكلام يجري في نظائره مما لا حصر له كنزع الثوب المغصوب واخراج الآلة من فرج الزانية ورد المال المغصوب إلى مالكه وغير ذلك. إلى هنا نكتفي عن بحث اجتماع الامر والنهي.

(٤) نموذج ٣ في اقتضاء النهي عن الشيء للفساد وعدمه خلاف بين الأعلام وينبغي تقديم أمور.

٤٨٢

أم لا ، والظاهر (١) أن الغرض من الفساد عدم ترتب الأثر المقصود منه من سقوط القضاء والإعادة عند الفقيه (٢) في غير المعاملات وعدم ترتب النتيجة المقصودة بانشائه في المعاملات (٣) كما (٤) أن

______________________________________________________

(١) الأمر الأول في بيان المراد من الفساد في العنوان وتوضيحه قد تقدم وأشار إليه في الكفاية وغيرها واستادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٥ ثم ان المراد بالصحة والفساد في محل النزاع هو كون الشيء وافيا بالأمر المطلوب حصوله به ويقابله الفساد وهو كون الشيء غير واف بالأمر المطلوب حصوله به ولا ريب في أن الصحة في العبادات والمعاملات لها آثار تترتب عليها كما أن الفساد موجب لانتفاء جميع تلك الآثار وكل من يتعلق له غرض بالصحة فيهما يعرفها ويشير اليها بالأثر الذي يهمه من آثارها المختلفة ، كما أنه يعرف الفساد بعدم ترتب ذلك الأثر على الموجود الفاسد.

(٢) مثلا الفقيه يهمه من صحة العبادة اسقاط المأتي به منها للقضاء أو الاعادة فلهذا عرفها بأن الصحيح هو ما أسقط القضاء والاعادة.

(٣) وفي المعاملات بما أن الغرض المقصود ترتيب النتيجة عليها بانشائها فإن لم يترتب عليها شرعا كان فاسدا كالتمليك والتملك في البيع والزوجية في النكاح ونحوهما.

(٤) الأمر الثاني الفرق بين هذه المسألة وهي النهي المتعلق بالعمل والمسألة السابقة وهي اجتماع الأمر والنهي فيه عويصة جدا ، وذكروا في الفرق بينهما وجوها :

الوجه الأول : ذكر في الفصول ص ١٤١ ، اعلم أن الفرق بين المقام والمقام المتقدم هو أن الأمر والنهي هل يجتمعان في شيء واحد أو لا ، أما في المعاملات فظاهر ـ أي لعل الوجه فيه أنه لا مجال لاحتمال الفساد في المعاملة مطلقا لو كانت من صغريات مسألة الاجتماع بخلاف العبادة فانها قد تكون فاسدة فيحتاج إلى ابداء الفرق بين المسألتين ـ وأما في العبادات فهو أن النزاع هناك

٤٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فيما إذا تعلق الأمر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة وان كان بينهما عموم مطلق ـ أي كالانسان والضاحك ـ وهنا فيما إذا اتحدتا حقيقة وتغايرتا بمجرد الاطلاق والتقييد بان تعلق الأمر بالمطلق والنهي بالمقيد ، كصل ولا تصل في الدار المغصوبة ، وأجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١١ ولكنه فاسد لما عرفت من اختلاف المباني والمشارب في الجواز إذ نقول ح بعدم تماميته على جميع المشارب المزبورة حتى مشرب مكثرية الحدود إذ عليه يجري هذا النزاع ولو مع اتحاد المتعلقين حقيقة كقوله صل ولا تصل في مكان كذا ، حيث تكون الصلاة ح ببعض حدودها تحت الامر وببعض حدودها الاخرى تحت النهي ، ومن ذلك قلنا بعدم احتياج مثل هذا المسلك إلى اختلاف العنوانين بحسب الجهة والمنشأ كما في مسلك تعدد الجهة وأنه يكتفى فيه بمجرد اختلاف انحاء حدود شيء واحد وجهة فاردة ، وهو الصحيح أيضا.

الوجه الثاني : ذكر في الكفاية ج ١ ص ٢٣٤ الفرق بين هذه المسألة ـ أي اجتماع الامر والنهي ـ ومسألة النهي في العبادات هو أن الجهة المبحوث عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي أن تعدد الوجه ـ أي الصلاة ـ والعنوان ـ أي الغصب ـ في الواحد يوجب تعدد متعلق الأمر والنهي بحيث يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه واحد أو لا يوجبه ـ أي التعدد ـ بل يكون حاله حاله فالنزاع في سراية كل من الأمر والنهي إلى متعلق الآخر لاتحاد متعلقيهما وجودا أو عدم سرايته لتعددهما وجها ـ أي يكون النزاع في اصل ثبوت الأمر والنهي في حال الاجتماع ـ وهذا بخلاف الجهة المبحوث عنها في المسألة الأخرى فان البحث فيها في أن النهي في العبادة أو المعاملة يوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجه اليها ، نعم لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة ، والجواب عنه أولا ما ذكره المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٢ لا يخفى عليك أن الجهة التي يناط بها وحدة الموضوع وتعدده هي

٤٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الجهة التقييدية المقوّمة للموضوع ، وأما الجهة التعليلية فهي واسطة لثبوت المحمول لموضوعه فلا معنى لأن تكون مقومة لموضوعه ومن الواضح أن تعدد القضية بتعددها موضوعا ومحمولا أو موضوعا فقط أو محمولا فقط وهو من القضايا التي قياساتها معها وليست مسائل العلم إلّا القضايا المشتركة في غرض واحد ـ إلى أن قال ـ ومما ذكرنا تبين أن اقتضاء تعدد الوجه والعنوان لتعدد متعلق الأمر والنهي وعدمه وإن كان هو الباعث على عقد مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي لكنه لا يتقيد به موضوع المسألة بل موضوع المسألة اجتماع الأمر والنهي ومحمولها الجواز والامتناع وإن كان مناط الجواز تعدد المتعلق بتعدد الوجه والعنوان ، ومناط الامتناع عدم التعدد بتعدد الوجه والعنوان ولا واقع لموضوعية موضوع لمحمول إلّا كونه بعنوانه مأخوذا في مقام تحرير المسألة وتقريرها موضوعا للمحمول المثبت له والمنفي عنه ، وتحرير المسألة قديما وحديثا على النهج المحرر في العنوان في الكتاب وغيره.

وفيه أن مجرد التحرير لا يوجب الفرق بينهما والعمدة في الفرق هي السراية وعدمها وفي النهي عن الشيء لا أمر حتى يوجب السراية كما هو واضح.

وثانيا أجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١١ قال ولكن فيه ما لا يخفى إذ نقول بأنه لا وجه لجعل المسألة على الامتناع وتقديم جانب النهي من صغريات تلك المسألة الآتية لضرورة وضوح الفرق مع ذلك بين المسألتين حيث ان الفساد في المقام على الامتناع وتقديم النهي انما كان مستندا إلى العلم بالنهي لا إلى النهي بوجوده الواقعي بل في الحقيقة يكون الفساد في المقام ح من جهة انتفاء قصد القربة من جهة انه مع العلم بالنهي لا يكاد يتحقق القرب المعتبر في صحة العبادة بخلافه في المسألة الآتية حيث إن الفساد فيها إنما كان مستندا إلى نفس النهي بوجوده الواقعي ومن ذلك لا يكاد يفرق فيها بين العلم بالنهي أو الجهل به فتفسد العبادة على كل حال ومن المعلوم أنه لا يكون

٤٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجه فيه إلّا من جهة انتفاء الملاك والمصلحة فيها وكشف النهي عنها عن تخصيص الملاك والمصلحة من الأول بما عدا الفرد المنهي عنه من الأفراد الآخر. وعليه لا يمكن ان تكون نتيجة المسألة الأولى وإن قلنا بامتناع الاجتماع وتقديم جانب النهي من صغريات المسألة الثانية.

الوجه الثالث : ما ذكره المحقق النائيني في الأجود ج ٢ ص ٣٨٥ قال الفرق بين هذه المسألة ومسألة اجتماع الأمر والنهي هو أن محط البحث في المسألة السابقة كما عرفت انما هو أن متعلق الأمر والنهي في مورد الاجتماع هل هو هوية واحدة والتركيب بينهما اتحادي ليكون الدليلان الدالان على الوجوب والحرمة متعارضين أو انهما هويتان وان أحدهما غير الآخر وجودا ليكون التركيب انضماميا ولا يقع التعارض بين دليلي حكميهما وبعبارة أخرى النزاع في تلك المسألة انما هو في أن العبادة المجتمعة نحو اجتماع مع المنهي عنه هل يسري اليها النهي المتعلق بما هو مجتمع معها بدعوى أن التركيب بينهما اتحادي أو انه لا يسري اليها لكون التركيب بينهما انضماميا وكون متعلق النهي مغايرا لمتعلق الأمر في الخارج ، وأما النزاع في المقام فهو في أن النهي بعد الفراغ عن تعلقه بعبادة أو معاملة هل يدل على فسادها أو انه لا يستلزم فساد ما تعلق به منهما ، فالفرق بين المسألتين في غاية الوضوح. وما ذكره من السراية وعدمها نظير الوجه الثاني المتقدم وتقدم الكلام فيه وتقدم الإشكال في التركيب الانضمامي والاتحادي في مسألة الاجتماع أيضا.

الوجه الرابع : ما أفاده المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤١٢ ومن ذلك ـ أي الفرق بين المسألتين حيث ان الفساد في باب الاجتماع على الامتناع وتقديم جانب النهي مستندا إلى العلم بالنهي من جهة انتفاء قصد القربة لا إلى النهي بوجوده الواقعي بخلافه في مسألة النهي عن الفعل حيث أن الفساد مستند إلى نفس النهي بوجوده الواقعي بلا فرق بين العلم بالنهي أو الجهل به ـ يندرج تلك المسألة في مسألة تعارض الدليلين وتكاذبهما من جهة تكاذب الدليلين ح

٤٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وتمانعهما في أصل الملاك والمصلحة أيضا مضافا عن تمانعهما في مقام الحكم فلا بد من اعمال قواعد التعارض فيهما بالرجوع إلى المرجحات السندية وهذا بخلاف المقام ـ أي مسألة الاجتماع ـ حيث انه باعتبار وجود الملاكين فيهما يندرج في صغريات مسألة التزاحم ولو على الامتناع أيضا نظرا إلى تحقق المزاحمة ح بين الملاكين في عالم التأثير في الرجحان والمرجوحية كما يكشف عنه حكمهم بصحة العبادة في الغصب مع الغفلة أو الجهل بالموضوع أو الحكم عن قصور لا عن تقصير ولو مع البناء على تقديم جانب النهي حيث انه لو لا ذلك لما كان وجه لحكمهم بالصحة مع الجهل بالموضوع أو الحكم بل لا بد من الحكم بالبطلان وفساد العبادة ، لكن المحقق النائيني ذهب انه على الامتناع كما تقدم من باب التعارض لا التزاحم ، قال في الاجود ج ١ ص ٣٥٥.

وقد تحصل مما ذكرناه ان تصادق العنوانين على مورد واحد يوجب تحقق التعارض بين دليلي الامر والنهي في ما اذا كانت الجهتان تعليليتين كما اذا امر المولى باكرام المصلي ونهي عن اكرام الغاصب فلا بد ح من الرجوع الى قواعد التعارض واما اذا كانت الجهتان تقييديتين والتركيب انضماميا فان قلنا بتعلق الامر بالطبائع وخروج المشخصات عن حيز الطلب كما هو الصحيح فلا تعارض بين الدليلين اصلا واما اذا قلنا بتعلقه بالافراد وسراية الطلب الى المشخصات فلا بد من القول بالامتناع وبذلك تقع المعارضة بين دليلي الحكمين لا محاله ـ الى ان قال في ص ٣٥٧ قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه انه لو بنينا على كون التركيب في مورد الاجتماع اتحاديا والجهة تعليلية فلا مناص عن القول بالامتناع فيدخل الدليلان بذلك في باب التعارض فان الصلاة والغصب مثلا لو فرض انطباقهما على هوية واحدة امتنع الامر بها والنهي عنها فعلا فيقع التعارض بين اطلاقي دليليهما لما عرفت من ان حقيقة التعارض انما هو تنافي الدليلين في مرحلة جعل الاحكام على موضوعاتها المقدر وجودها من دون دخل لعجز المكلف عن الامتثال في تحقق التنافي بينهما وان حقيقة التزاحم انما

٤٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

هو تنافي الحكمين في مقام الامتثال الناشي من عجز المكلف عن امتثالهما معا ـ الى ان قال في ص ٣٦٠ فلان التزاحم في الملاكات باعتبار تاثيرها في حكم الحاكم وان كان مما لا ينكر إلّا انه اجنبي عن التزاحم في محل الكلام فان التزاحم في محل الكلام انما هو في ما اذا تم كل من الحكمين في نفسه وجعل على موضوعه المقدر وجوده ولكن وقع التزاحم في مقام الامتثال لفرض عدم قدرة المكلف على امتثال كليهما وصلوح كل منهما لان يكون شاغلا للمكلف بامتثاله عن امتثال غيره ورافعا لموضوعه اعني به القدرة على ايجاد متعلقه فاذا فرض كون احد الحكمين اهم من الآخر تعين ذلك في كونه معجزا عن امتثال الآخر دون العكس لكن تعجيزه عنه انما هو على تقدير وصوله الى المكلف ولزوم امتثاله بحكم العقل واما في ظرف الجهل به فبما انه لا يكون شاغلا للمكلف بامتثاله لا يكون معجزا له عن امتثال غيره فلا محاله يكون التكليف في طرف المهم بلا مزاحم وهذا بخلاف التزاحم في الملاكات باعتبار تاثيرها في حكم الحاكم فان المناط فيه هو علم الامر وجهله بها بلا دخل لعلم المكلف وجهله بها اصلا فاذا كان المولي جاهلا بمفسدة الغصب او جاهلا بامكان اجتماع الغصب مع الصلاة في مورد ما فلا محاله يامر بالصلاة مطلقا ولو كانت مفسدة الغصب في الواقع غالبة على مصلحة الصلاة فيتوقف التزاحم في مقام تاثير الملاك في الحكم على علم الامر بوجود المصلحة مطلقا وبوجود المفسدة كذلك وبجواز اجتماع العنوانين في بعض الموارد سواء كان المامور عالما بالملاك ام لم يكن عالما به وعليه فاذا كان احد الملاكين ارجح من الآخر في نظر الامر كان التاثير له لا محاله وكان الحكم في مورد الاجتماع على طبقه فيخرج المجمع بذلك عن خير الحكم الآخر رأسا اذا المفروض غلبة ارجح الملاكين على الآخر في مقام التاثير في نظر الامر فلا يوجب جهل المكلف بالملاك الغالب مع فرض كونه هو المؤثر في نظر الامر دخول المجمع تحت الحكم الآخر بعد خروجه عنه واقعا وبالجملة تعدية حكم التزاحم في مقام

٤٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الامتثال بعد تمامية الحكمين في حد ذاتهما الى التزاحم في مقام تاثير الملاكات فى الاحكام ناشئة من الغفلة عن الفرق بين التزاحمين. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١٣ اذ فيه ما لا يخفى اذ نقول بانه لا وجه لما افيد الا الجمود بظاهر لفظ تزاحم الحكمين وإلّا فلا نعني نحن من باب التزاحم الا صورة الجزم بوجود الملاكين والغرضين في المورد مع ضيق خناق المولي من تحصيلهما الذي من نتائجه لزوم تقديم اقوى الملاكين منهما وان كان اضعف سندا من الآخر ـ الى ان قال ـ كما انه لا نعني من باب التعارض إلا صورة عدم احراز الملاكين والغرضين في المورد بل صورة العلم بعدم وجود الغرض في احد الموردين الذي من نتائجه ايضا الرجوع الى قواعد التعارض من الترجيح بالمرجحات السندية ـ الى ان قال ـ وعلى ذلك فكل مورد احرز فيه وجود الغرضين كان ذلك داخلا في باب التزاحم ويجري عليه احكامه من غير فرق في ذلك بين ان يكون تزاحم الغرضين والملاكين في عالم تاثيرهما في الرجحان والمرجوحية كما في المقام على الامتناع او كان التزاحم بينهما في عالم الوجود ومقام التاثير في فعلية الحكمين ـ إلى ان قال ـ بعد ان احرز في المقام وجود الملاكين والغرضين على الاطلاق في المجمع ولو على القول بالامتناع بشهادة اعمالهم فيه نتائج باب التزاحم وحكمهم بصحة الصلاة مع الجهل بالغصبية او بحرمته فلا وجه لاخراج مورد التصادق على الامتناع عن باب التزاحم وادراجه في صغريات باب التعارض على خلاف مشي القوم في ذلك وهذا كان تكرار لما تقدم حرصا على البيان والتثبيت

٤٨٩

الغرض (١) من الفساد في هذه المسألة (٢) هو الفساد الواقعي الناشئ عن قصور في مصلحته (٣) لا الفساد (٤) الناشئ عن قصوره عن التقرب به مع (٥) عدم قصوره في المصلحة المقتضية للأمر به واقعا وذلك لان (٦) ظاهر العنوان في اقتضاء النهي بوجوده الواقعي للفساد ومثل ذلك لا يشمل الصورة الثانية (٧) إذ المقتضي (٨) له هو النهي بوجوده العلمي وإلّا فهي بوجوده الواقعي

______________________________________________________

(١) قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٠ قد مر سابقا وجه الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة ومحصل الفرق بينهما هو رجوع البحث في المقام حسب ما هو ظاهر العنوان إلى اقتضاء النهي بوجوده الواقعي للفساد.

(٢) ـ اي النهي عن الشيء من العبادات والمعاملات ـ

(٣) بملاحظة كشفه ولو بالملازمة العرفية عن عدم الملاك والمصلحة في متعلقه ومن ذلك يدور الفساد وعدمه على الاقتضاء مدار وجود النهي واقعا وعدمه كان المكلف عالما بالنهي ام جاهلا به.

(٤) وهذا بخلافه في تلك المسألة حيث ان الفساد فيها على الامتناع انما يدور مدار العلم بالنهي لا مدار النهي بوجوده الواقعي النفس الامري.

(٥) اي المصلحة والمحبوبية والملاك موجود في كليهما ـ

(٦) اي الدليل على كون الغرض من الفساد في هذه المسألة هو الفساد الواقعي ظاهر عنوان النزاع في اقتضاء النهي فانه يؤثر في الفساد بوجوده الواقعي ـ

(٧) اي على ذلك يباين الصورة الثانية ـ اي التي يمنع التقرب.

(٨) اي الغرض من المبغوضية والنهي في الصورة الثانية بوجوده العلمي لا الواقعي ـ

٤٩٠

عن عذر لا يقتضي الفساد التقربي (١) ومن هذه الجهتين (٢) أمكن دعوى اختصاص هذه المسألة بباب التعارض وكانت من شئونها وغير مرتبط بباب التزاحم (٣) وعليه فلا مساس بين هذه المسألة والمسألة السابقة على ما أسلفنا نعم (٤) لو جعلنا الفساد في العنوان

______________________________________________________

(١) ومن ذلك ايضا عرفت بنائهم على صحة عبادة الجاهل القاصر او الناسي اذا اتي بها في مكان مغصوب وعليه فلا تكون لإحدى المسألتين مساس بالاخرى بوجه من الوجوه.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٣ هو ان الفساد على القول به ينشا من نفس النهي سواء تنجز ام لم يتنجز بخلاف الفساد المترتب على النهي في المسألة السابقة فانه مترتب على تنجزه لا على وجوده في نفس الامر مطلقا ولذا بنينا على صحة الصلاة في المكان المغصوب في وصورة الجهل.

(٣) والوجه في ذلك ما عرفت في بيان الفرق بين المسألتين من ان مورد الاجتماع في المسألة الاولي لا بد ان يكون مندرجا في باب التزاحم وهذه المسألة مندرجة في باب التعارض وفساد العبادة في مورد الاجتماع على فرضه لا بد ان يكون ناشئا عن احد امرين اما جهة كون الفعل غير صالح للتقرب به واما من جهة عدم تاتي نية القربة من المكلف وكلا الامرين من آثار تنجز النهي على المكلف واما فساد العبادة بملاك ان النهي في العبادة يوجب الفساد فانما هو من جهة التعارض الكاشف عن عدم ملاك الامر في العبادة المنهي عنها وانت تعلم ان النهي بوجوده الواقعي يدل على عدم ملاك الامر في متعلقه ولا دخل في تنجزه في دلالته على ذلك.

(٤) ثم يستدرك المحقق الماتن عن ذلك ويقول لو كان الفساد في مسالة النهي عن الفعل اعم من الفساد الواقعي والتقربي فلا محاله يصير على الامتناع.

٤٩١

أعم من الفساد التقربي فلا محيص من جعل المسألة السابقة (١) صغرى لهذه المسألة (٢) إذ مرجعه (٣) إلى أن النهي متوجه إلى متعلق الأمر أم لا والقائل بالامتناع يلتزم بالتوجه فتحقق له صغرى هذه المسألة (٤) ولكن أنت خبير (٥) بأنه بعد اثبات توجه النهي إلى موضوع الأمر لا نزاع لأحد في منعه عن التقرب بمثله بل لا أمر له ح

______________________________________________________

(١) اي مسالة اجتماع الامر والنهي صغري.

(٢) اي لهذه المسألة وهو النهي عن الشيء.

(٣) لان النهي توجه إلى نفس ما تعلق به الأمر وهو اقوى فيتقدم وكان فاسدا تقريبا ويكون صغري النهي في العبادة.

(٤) ولذا تقدم عن صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٥ نعم لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة. بل هناك اشكال ادق اورده استادنا الحكيم في حقائق الاصول ج ١ ص ٣٥١ بقوله ويمكن ان يدفع بان اطلاق الفساد في تلك المسألة وان كان يقتضي عدم الفرق بين الحالات المشار اليها لكن يلزمه حمله على بعض الحالات كما يقتضيه جعل ثمرة مسالة ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ان تكون العبادة التي هي ضد الواجب الاهم من صغريات مسالة دلالة النهي على الفساد مع ان الفساد في العبادة التي هي ضد لا يشمل جميع الاحوال بل هو نظير المقام ومنه يظهر المنع من اختصاص مسالة الفساد بصورة عدم المقتضي الملحق بها بباب التعارض فان العبادة التي هي ضد واجدة للملاك قطعا كما تقدم.

(٥) فاجاب المحقق الماتن عن ذلك بانه لو تعلق النهي بنفس ما تعلق به الامر ولم يكن مغايرا متعلقهما ولو بالحدود كقوله دعي الصلاة ايام اقرائك فلا نزاع في انه مانع عن التقرب به بل لا امر له ومبغوض ومبعد في جميع الحالات.

٤٩٢

وكان مبعّدا محضا بنهيه فكيف يتقرب به (١) و (٢) ح لا يبقى المجال للبحث عن هذا الفساد وذلك أيضا.

شاهد آخر (٣) لعدم شمول الفساد في العنوان الفساد التقربي فينحصر الفساد فيه بالفساد الواقعي الناشئ عن القصور في اقتضائه (٤) فيختص مثل هذا النزاع بباب التكاذب (٥) في عالم الاقتضاء ولا يشمل باب التزاحم بخلاف المسألة السابقة فإنه كما أسلفنا مختص بباب التزاحم ومن شئونه ولا يشمل باب التكاذب في المقتضي بل ولئن بنينا على توهم بعض (٦) من كون

______________________________________________________

(١) ولا يمكن التقرب به لمبعديته وتقديم جانب النهي.

(٢) فهذا الفساد لا مجال للبحث عنه من عدم امكان التقرب بما تعلق به النهي لعدم الامر له اصلا حتى يمكن التقرب به فالفرق الاساسي هو ما ذكرناه من المبغوضية الواقعية في مسألتنا والمبغوضية العلميه في المسألة السابقة.

(٣) ومما ذكرنا من ان عدم امكان التقرب يترتب على كل نهي يكون قرينة وشاهدا على ان المراد في النهي عن العبادة والمعاملة هو الفساد الواقعي.

(٤) لعدم وجود المصلحة في العمل اصلا وينحصر بالمفسدة.

(٥) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥١ كيف وقد عرفت ان الفساد في تلك المسألة انما هو من جهة خلو المتعلق عن الملاك والمصلحة ومن ذلك لو قام دليل على الصحة في قبال النهي لوقع بينهما التكاذب ويرجع فيهما إلى قواعد باب التعارض ومثل ذلك ينافي جدا بنائهم على صحة صلاة الجاهل بالغصبية كما هو واضح.

(٦) تقدم ان المحقق النائيني على الامتناع جعلها من باب التعارض.

٤٩٣

المسألة السابقة أيضا داخلة في باب التعارض أمكن الفرق بينهما (١) في خصوص التعارض من التكاذب في الاقتضاء (٢) أو التكاذب في فعلية الحكم (٣) وربما (٤) ينتج بهما فرقا في صورة الجهل بالنهي الفعلي قصورا من حيث الصحة والفساد وعدمه واقعا فتدبر (٥).

______________________________________________________

(١) فالمحقق الماتن يجعل الفرق بين التعارض بين تلك المسألة ومسألة النهي في العبادة.

(٢) وان التعارض في مسالة النهي عن الشيء التكاذب في الاقتضاء والمصلحة والمفسدة بان تحدث التكاذب في اصل الملاك وان النهي ينفي ملاك الامر من رأس ويثبت المفسدة.

(٣) وفي مسالة الاجتماع على الامتناع يكون التكاذب في فعلية الحكم بان كان الملاكان تام ولذا استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٥ في بيان كلام المحقق النائيني قال واما القول بالامتناع فلا محاله يبتني على كون المجمع وجودا واحدا انتزع منه لبعض المناسبات عنوان تعلق به الامر كما انتزع منه عنوان آخر تعلق به النهي حيث لا تزاحم بين ملاكيهما فاذا حدثت المزاحمة بين ملاكيهما بالاجتماع في الوجود الواحد فلا بد من الكسر والانكسار او التكافؤ وعليه تقع المعارضة بين دليل الامر ودليل النهي في مورد الاجتماع فاذا رجح وقدم دليل النهي على دليل الامر يكشف ذلك عن انكسار ملاك الامر في مورد الاجتماع وقد تقدم بيان ذلك مفصلا.

(٤) والثمرة العملية انه لو كان التعارض في الاقتضاء فيكون النهي موجبا للفساد الواقعي ومبغوض في جميع الحالات منها العلم والجهل وان كان في الفعلية فيصح في حال الجهل دون العلم فيعتبر تنجز النهي.

(٥) ولعل الامر بالتدبر انه يبقي الاشكال في الضد ولو لم يتعرض له فانه ينتقض ذلك ويحتاج إلى التامل فيه.

٤٩٤

ثم (١) المراد من الاقتضاء (٢) هل هو الاقتضاء في عالم الثبوت وان

______________________________________________________

(١) الامر الثالث ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ٢ ص ٣٨٥ ثم ان هذه المسألة من المسائل الاصولية قطعا فان نتيجه البحث كبرى كلية اذا انضمت اليها صغرها انتجت نتيجة فقهية بلا توسط شيء آخر وهذا بخلاف المسألة السابقة فانك قد عرفت ان نتيجتها لا تقع في طريق الاستنباط بلا واسطة. تقدم ان باب الاجتماع من المسائل الأصولية فراجع وتقدم في اوائل الكتاب ان المسألة الأصولية ما يقع في طريق الاستنباط سواء كان بلا واسطة او مع الواسطة واما مسألة النهي عن الشيء فاظهر افراد المسألة الأصولية من وقوع نتيجتها في طريق استثناء الحكم الكلي الالهي مثلا ورد النهي عن صلاة الخائض وقد ثبت في الاصول ان النهي عن العبادة يوجب الفساد فعبادتها فاسدة ايام عادتها.

(٢) الامر الرابع ان المسألة عقلية او لفظية يظهر من صاحب الكفاية وغيره ان المسألة يقطيه قال في الكفاية ج ١ ص ٢٨٣ انه لا يخفي ان عدّ هذه المسألة من مباحث الالفاظ انما هو لاجل انه في الاقوال قول بدلالته على الفساد في المعاملات مع انكار الملازمة بينه وبين الحرمة التي هي مفاده ـ اي النهي ـ فيها ـ اي النزاع عند هذا القائل في الدلالة اللفظية النهي على الفساد ـ ولا ينافي ذلك ان الملازمة على تقدير ثبوتها في العبادة انما تكون بينه بين الحرمة ولو لم تكن مدلولة بالصيغة ـ اي استفيد من عقل او اجماع ـ وعلى تقدير عدمها ـ اي عدم الملازمة تكون منتفية بينهما لا مكان ان يكون البحث معه في دلالة الصيغة بما نعم ـ اي الدلالة المطابقة على الفساد ـ دلالتها بالالتزام اي الملازمة العقلية ـ فلا يقاس بتلك المسألة ـ اي اجتماع الامر والنهي ـ التي لا يكاد يكون لدلالة اللفظ بها مساس. وهذا هو مختار المحقق العراقي كما ستعرف ولكن يظهر من

٤٩٥

دلالة اللفظ عليه من مباديه (١) وان تمام المقصود ان المبغوضية

______________________________________________________

المحقق النائيني في الاجود ٢ ص ٣٨٥ خلافه قال ولا يخفى ان هذه المسألة من المسائل الاستلزاميّة العقلية ولا ربط لها بمباحث الالفاظ اصلا لوضوح ان غاية ما يدل عليه النهي باللزوم البين بالمعني الاعم انما هو عدم الامر بمتعلقه لتضادهما واما عدم تحقق الملاك فيه ليحكم العقل بفساده فليس اللفظ دالا عليه قطعا والسر في ذكر المسألة في مباحث الالفاظ انما هو ان الاصوليين لم يعقدوا عنوانا خاصا للاحكام العقلية غير المستقلة اعني بها مباحث الاستلزامات بل ذكروا كلا منها في مورد لاجل مناسبة ما ومن الظاهران المناسب للتعرض لهذه المسألة انما هي مباحث النواهي فلذلك ذكروها فيها هذا بناء على المختار من كفاية اشتمال العبادة على الملاك في صحتها وأما بناء على ما ذهب اليه صاحب الجواهر من اشتراط الامر في الصحة فكون المسألة من مباحث الالفاظ لا يخلو من وجه. ويظهر من المحقق العراقي ان البحث يعم كصاحب الكفاية بيان ذلك قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٤ هل المراد بالاقتضاء في العنوان هو التاثير والاستلزام في مقام الثبوت بمعني ان مدلول النهي بذاته يقتضي ويستلزم فساد ما تعلق به النهي فيما اذا كان عبادة فلا محاله يكون البحث على ذلك عقليا في مقام الثبوت ـ اي كما اختاره شيخنا الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٥٧ ومن هنا يظهر ان المسألة لا ينبغي ان يعد من مباحث الالفاظ فان هذه الملازمة على تقدير ثبوتها انما هي موجودة بين مفاد النهي بالمتعلق بشيء وان لم يكن ذلك النهي مدلولا بالصيغة اللفظية وعلى تقدير عدمها انما يحكم بانتفائها بين المعنيين ـ

(١) اي ان دلالة اللفظ اجنبي عن البحث وانما يكشف عن وجود النهي كغير اللفظ من الادلة اللبية فيكون اللفظ من مباديه واسبابه.

٤٩٦

الملازمة للمفسدة هل ملازم مع عدم المصلحة المقتضية للمصلحة ام لا (١) او المراد من الاقتضاء (٢) اعم من الاقتضاء ثبوتا واثباتا اذ من صغرياتها (٣) صورة ظهور النهي للارشاد إلى عدم

______________________________________________________

(١) اي ان تمام المقصود هو ان النهي والمبغوضية يلازم عقلا عدم الامر والمصلحة والملاك اصلا فيكون من المباحث الملازمات العقلية كمبحث مقدمة الواجب ـ او ان المراد بالاقتضاء المزبور هي دلالة النهي نفسه التزاما على عدم كون متعلقه مشروعا وعليه يكون البحث لفظيا في مقام الاثبات وظاهر كلام القائلين بالدلالة على الفساد هو الاعم.

(٢) اي الاعم من الاقتضاء ثبوتا بالملازمة العقلية او اثباتا بنفس الدلالة اللفظية ـ بمعني ان النهي ان كان مولويا كانت دلالته على الفساد باقتضاء مدلوله للفساد وان كان النهي ارشاديا كانت دلالته عليه بنفسه التزاما.

(٣) اي النهي تارة مولوي تحريمي فالملازمة عقلية في مرحلة الثبوت ويدل عليه اللفظ بالدلالة الالتزامية وأخرى ارشادي إلى عدم المشروعية ولا تدل على الحرمة فبالمطابقة يدل على الفساد فيكون البحث في دلالة اللفظ على عدم المصلحة في متعلقه مطابقه او التزاما وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٢ واما الاقتضاء في المقام فهو كما عرفت عبارة عن الاقتضاء بحسب مقام الاثبات باعتبار كشف النهي عن عدم ملاك الامر والمصلحة في متعلقه لا الاقتضاء بحسب مقام الثبوت وإلّا فمن الواضح عدم الملازمة عقلا بين حرمة الشىء وانتفاء ملاك الامر والمصلحة في متعلقه وعليه تكونه المسألة من المسائل اللفظية لا من المسائل العقلية كما هو واضح الخ ـ واما القائلون بعدم دلالته على الفساد فلا محاله ينحصر وجه انكارهم للدلالة في الاقتضاء بمعني التاثير والاستلزام في مقام الثبوت فيكون متعلق النزاع عندهم هو النهي المولوي دون الاعم اذ لا يعقل ان يقول عاقل بعدم فساد العبادة التي تعلق النهي بها ارشادا إلى عدم كونها مشروعة.

٤٩٧

المشروعية بلا مبغوضية فيه اذا لبحث في مثله ممحض في دلالة اللفظ ليس الّا الظاهر هو الثاني (١) وح المراد من النهي في العنوان ايضا اعم من النهي الحقيقي الكاشف من المبغوضيّة والمفسدة في المتعلق (٢) أو مطلق صيغة النهي القابل للارشاد به (٣) على الوجه المسطور وايضا (٤) ظاهر العنوان من اقتضاء النهي للفساد لا يكون إلا جري الكلام في اقتضاء النهي بمدلوله عدم المصلحة فيه اما لملازمة المفسدة لعدمها (٥) او لصرف دلالة النهي بدوا على عدمها ولو ارشادا (٦) وهذا المقدار لا يقتضي وجود مقتضي الصحة

______________________________________________________

(١) يختار المحقق الماتن الاعم فيعم.

(٢) النهي المولوي الذي ملاكه المفسدة والمبغوضية والمبعدية في نفس متعلقه.

(٣) والنهي الارشادي الذي ارشاد إلى عدم المشروعية ونقصان متعلقه دون ان يدل على التحريم.

(٤) هذه الجملة اشارة إلى ان عنوان اقتضاء النهي للفساد بعد ما كان البحث اعم من الدلالة الالتزامية العقلية بالملازمة في مقام الثبوت بين النهي وعدم المصلحة في المتعلق بحيث لا مقتضي للقول بالصحة عقلا لو تعلق النهي عن شيء او في مرحلة الاثبات والدلالة المطابقية على الفساد وعدم المصلحة في متعلقه كما في النواهي الإرشادية إلى عدم المشروعية فلا مقتضي للقول بصحة المتعلق اصلا لعدم ملاكها فيه كما هو واضح.

(٥) اي ثبوتا.

(٦) اي اثباتا.

٤٩٨

في البين (١) و (٢) توهم (٣) ان البحث المزبور لولاه كان لغوا لكفاية

______________________________________________________

(١) فلا تدل على مقتضي الصحة بل تدل على عدمه.

(٢) الامر الخامس في الاصل العملي في المسألة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٥ انه لا اصل في المسألة يعول عليه عند الشك وح لو كان هناك ظهور عرفي فهو وإلّا يبقي المدعي بلا دليل نعم الاصل في المسألة الفرعية كما عرفت كان هو الفساد سواء فيه العبادات او المعاملات حيث كان الاصل في المعاملات عدم ترتب النقل والانتقال وفي العبادات عدم المشروعية عند الشك في الملاك فيها. لكن في الكفاية ج ١ ص ٢٩٠ نعم كان الاصل في المسألة الفرعية الفساد لو لم يكن هناك اطلاق او عموم يقتضي الصحة في المعاملة. واورد عليه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧٨ بقوله ولا معنى لكلام المحقق الخراساني من ان الاصل الفقهي في كل مسالة يجب ان يلاحظ لو لا وجود عام يرجع اليه لان العام الذي يكون ملاحظا مع الخاص او المطلق مع المقيد اذ اسقط بالتعارض في مورد الاجتماع لا يبقى عام آخر يرجع اليه بوجه فكيف يقول انه مشروط بعدم وجود العام بل من المحرز عدمه. لكن فيه لو كان عام تحتاني مثلا عمومات المضار به وتعارضت مع الخاص في مورد الاجتماع وتساقطا فعمومات الفوق وهو تجارة عن تراض واو فوا بالعقود باق على حالها ونتمسك بها لاجل صحة هذه المعاملة فلا تصل النوبة إلى الاصل العملى في المسألة الفقهية اللهم إلّا ان يقال ان عمومات الفوق وعمومات نفس المسألة في رتبة واحدة يتعارضان مع الخاص وهذا خلاف بناء الاصحاب هذا على مختار صاحب الكفاية من انه على الامتناع من مصاديق المقام واما على المختار من عدم ربطه بالمقام اصلا كما مر فلا موضوع للتعارض اصلا.

(٣) هنا وهم ودفع اما الوهم ان بحث كون النهي يدل على الفساد يلزم انه لو لا ذلك اقتضى النهي الصحة وإلّا لا معنى للبحث كذلك ويكون لغوا.

٤٩٩

اصالة عدم المشروعية في فساد العمل ولو لم يكن في البين نهي (١) مدفوع (٢) بان الغرض من البحث اثبات الفساد اجتهاديا بحيث لو قام دليل على الصحة يصلح النهي المزبور للمعارضة واصالة عدم المشروعية لا يفي لذلك كما هو ظاهر (٣)

______________________________________________________

(١) وذلك لان اصالة عدم المشروعية حاكمة بفساد العمل فلا يحتاج إلى النهي اصلا وإلى ثبوت الملازمة والدلالة الالتزامية يشير اليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥١ واما ما افيد من عدم الثمرة ح نظر إلى لزوم الحكم بالفساد ح ولو على تقدير عدم النهي بمقتضى أصالة عدم المشروعية الخ وبمثل ذلك يجري في المعاملات قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧٠ ثم انه قيل في المعاملات بان البحث عن الصحة والفساد متوقف على شمول دليل الامضاء لها فعدم الامضاء يكفي لعدم الصحة فضلا عن ان تكون منهية عنها فلا فائدة للبحث عن صحتها وفسادها لأصالة عدم الصحة في المعاملات.

(٢) فاجاب عنه المحقق الماتن قدس‌سره ما ملخصه ان البحث في باب النهي عن الشيء في ان المسألة بالبرهان والاجتهاد هل يلازم الفساد ام لا حتى لو فرضنا اثبات الفساد بذلك وقام الدليل على الصحة يكون معارضا لذلك ولا بد من اعمال التعارض.

(٣) واصالة عدم المشروعية اصل عملي لا يمكن قيام المعارضة مع الدليل ومحكوم للدليل وبذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥١ فمدفوع بظهورها فيما اذا قام دليل بالخصوص على الصحة فانه على الاول يتعيّن الاخذ بدليل الصحة من جهة حكومته على اصالته بخلافه على الثاني حيث انه يقع بينها المعارضة فيرجع فيهما إلى قواعد باب التعارض. والجواب عن المعاملات قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧١ وفيه ان المعاملات كانت

٥٠٠