نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5711-33-9
الصفحات: ٥٨٤

ففي هذه الصورة أمكن دعوى بقائه على ظهوره في المولوية (١) ولقد عرفت انه لا يقتضي فساد العبادة واقعا وانما (٢)

______________________________________________________

(١) أي في هذا الفرض يكون ظاهرا في المولوية ومن موارد مسألة الاجتماع.

(٢) قد تقدم أن النهي لا يكون إلا في صورة التنجز المانع عن التقرب به أما عند الجهل فلا محذور لوجود الملاك ثم ان صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٩٢ وكذا القسم الثاني ـ أي الجزء ـ بلحاظ أن جزء العبادة عبادة إلا أن بطلان الجزء لا يوجب بطلانها إلا مع الاقتصار عليه لا مع الاتيان بغيره مما لا نهي عنه إلا أن يستلزم محذورا آخر ـ أي كالقران بين السورتين على القول بكونه موجبا للبطلان وقراءة العزائم والزيادة العمدية ـ وأما القسم الثالث فلا يكون حرمة الشرط والنهي عنه موجبا لفساد العبادة إلا فيما كان عبادة ـ أي كالوضوء ـ كي يكون حرمته موجبا لفساده المستلزم لفساد المشروط به. وأورد عليه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٤ قال وهو ـ أي النهي المتوجه إلى الشرط ـ أيضا موجب لفساد العبادة لان فقدان الشرط يوجب فقدان المشروط وروح هذا المطلب هو عدم امكان التبديل والرجوع إلى الزيادة والنقصان ويستفاد من كلام المحقق الخراساني الفرق بين الشرط والجزء بظن أن فقده يوجب فقد المشروط فلذا يوجب النهي عنه فساد العبادة وهو غير صحيح لما مر منا فان روح النهي عن الشرط هو عدم امكان التبديل ، وقال المحقق النائيني في الأجود ج ٢ ص ٣٩٩ ، وأما النهي عن شرط العبادة أو وصفها فان رجع إلى النهي عن نفس العبادة كان حكمه حكمه وذلك مثل النهي عن الاجهار بالقراءة الراجع إلى النهي عن القراءة الجهرية في الحقيقة لان القراءة الجهرية بما أنها حصة خاصة من مطلق القراءة كان النهي عن الاجهار بها نهيا عن نفس تلك الحصة الخاصة فهو يندرج في باب النهي عن جزء العبادة إذا كانت القراءة جزءا لها

٥٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي بابه الأمر عن نفس العبادة إذا كانت القراءة بنفسها عبادة مستقلة وأما في غير ذلك فلا موجب لفساد العبادة بالنهي عن شرطها او وصفها لعدم سراية النهي عنهما اليها بوجه أصلا وهذا ظاهر في النهي عن الوصف ، وأما في النهي عن الشرط فلان شرط العبادة الذي تعلق به النهي انما هو المعنى المعبر عنه باسم المصدر ـ أي التستر في باب الصلاة مثلا ـ وأما المتعلق للنهي فهو المعنى المعبر عنه بالمصدر ـ أي الستر بلباس كذا ـ فما هو متعلق النهي ـ أى الستر ـ ليس شرطا للعبادة ـ أي أمر مقارن للتستر وهو حرام ـ وما هو شرط لها لم يتعلق به النهي ـ أي التستر مثلا الصلاة مشروطة بالتستر فلو فرضنا حرمة لبس خاص فان لم يكن النهي عنه نهيا عن الصلاة معه فهو لا يوجب بطلانها لفرض مغايرة متعلقه لها ـ أي المقارن الحرام لا يوجب فساد العبادة ـ فيكون حاله حال النظر إلى الاجنبية في أثناء الصلاة ـ أي لا يوجب فسادها ـ وأجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٤ وفيه أن النهي عن التستر هو النهي عن الستر فان الايجاد والوجود واحد فعلى هذا فساد الشرط يوجب فساد المشروط لفساده مثل الاجزاء ، وعلى أي قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٨ وأما النهي المتعلق بالشرط فالنهي المولوي فيه أيضا غير مقتض لفساده إلا إذا كان فيه جهة ارشاد إلى خلل فيه فيفسد وبفساده يفسد المشروط أيضا في فرض الاقتصار على الشرط المنهي بلحاظ انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ـ إلى أن قال ـ وعلى ذلك لا بد للفقيه من ملاحظة خصوصيات الموارد والقرائن الخاصة لاحراز أن النهي مولوي محض أو ارشادي وإلا فمع خلو المورد عن القرينة كان النهي ظاهرا في المولوية ولكن ظاهر الاصحاب في غير النواهي النفسية عند عدم القرينة على بعض المحتملات هو الحمل على

٥٤٢

يقتضي فسادها من جهة القصور في التقرب به في صورة اجتماع عنوانه مع عنوان المامور به في جهة مشتركة بينهما وإلّا فلا يقتضي الفساد اصلا كما اشرنا اليه في المسألة السابقة فراجع ومن (١) هذه البيانات (٢) ظهر حال النهي عن المعاملات بالمعنى الاعم (٣) اذ يجري فيها جميع ما ذكرنا من لوازم مولوية النهي النفسي

______________________________________________________

الارشاد إلى المخلية والمانعية من غير فرق بين الجزء أو الشرط أو الوصف ولعله من جهة ظهور ثانوي ـ اي كما تقدم ـ في النواهي الغيرية في الارشاد إلى المانعية والمخلية بلحاظ ورودها في مقام بيان كيفية العبادة وحدودها كما كان ذلك هو الشأن أيضا في الأوامر المتعلقة بالاجزاء والشرائط الخ ، وقد تقدم أيضا الاشارة اليه لكن عندي أن النواهي النفسية المتعلقة بذات العبادة دالا على عدم الملاك والفساد وكذا الجزء والشرط لغلبة النهي ، نعم لو تعلق بأمر آخر فهو كلام آخر فان مقتضى النهي ليس إلا عدم الملاك والمصلحة اصلا كصلاة الحائض.

(١) المقام الثاني في المعاملات بالمعنى الأعم.

(٢) أي ما ذكر من كون النهي في العبادة لا يقتضي الفساد بذاته على ما تقدم مفصلا يظهر الكلام في المعاملات مع جريان الصور المتقدمة في العبادات فيها.

(٣) تقدم أن المراد من المعاملات بالمعنى الأعم هو ما لا يعتبر فيه قصد التقرب من العقود والايقاع والاحكام كاحياء الموات والحيازات وغيرهما مما يقبل الصحة والفساد.

٥٤٣

فيها (١) نعم (٢) ظهورها ثانويا في الارشاد إلى دفع توهم

______________________________________________________

من جهة وضوح عدم الملازمة بين حرمة المعاملة ومبغوضيتها وبين فسادها وعدم ترتب النقل والانتقال حيث أنه بعد عدم توقف صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال على رجحانها او عدم مبغوضيتها فقهرا يمكن صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال ولو مع كونها مبغوضية محرمة

(١) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ وملخص الكلام فيه هو عدم اقتضاء مجرد النهي عنها للفساد ما لم يكن في مقام الارشاد إلى خلل فيها وذلك.

(٢) قال في الكفاية ج ١ ص ٢٩٨ نعم لا يبعد دعوى ظهور النهي عن المعاملة في الارشاد إلى فسادها لكنه في المعاملات بمعنى العقود والايقاعات لا المعاملات بالمعنى الأعم المقابل للعبادات فالمعول ـ اي في المعاملات بالمعنى الاعم ـ هو ملاحظة القرائن في خصوص المقامات ومع عدمها لا محيص عن الأخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة وقد عرفت أنها غير مستتبعة للفساد لا لغة ولا عرفا. ولكن فيه لا يبعد عدم الفرق بين العبادات والمعاملات بالمعنى الأخص وبين المعاملات بالمعنى الأعم في الظهور في الارشاد إلى الفساد ولو أن المحقق الماتن قد أشكل في ذلك في المقام ، لكن لا يبعد أن يقال إن النهي التحريمي عن ذات المعاملة نهيا مولويا تحريميا كما يدل على الفساد كما في حرم الربا ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، وحرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ونحو ذلك الدالة على الفساد وعدم الملاك والمصلحة ، نعم لو كان النهي متعلقا بأمر خارج كالنهي عن البيع وقت النداء فهو لا يدل على الفساد وهو خارج عن الكلام ، هذا بحسب المتفاهم العرفي في الاذهان وارتكازاتهم كذلك النهي عن المعاملة بالمعنى الأعم كالنهي عن الحيازة في الارض الخراجية يوجب الفساد بحسب المتفاهم العرفي من نهي الشارع وما دل على ملكية الحيازة والنهي عن الاستنجاء بالمطاعم المحرمة.

٥٤٤

المشروعية محل اشكال اذ (١)

______________________________________________________

(١) هذا تعليل لعدم ظهور النهي بالظهور الثانوي في الارشاد في المقام لأن المعاملات غالبا ليس فيها توهم المشروعية حتى يكون ارشاد إلى دفع ذلك وفيه أن الارشاد في المعاملات كثيرة جدا ككونه سحت ونحوه مما يكون النهي ارشادا إلى الفساد ، لكن عمم المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٧ لذلك وقال الأمر الارشادي هو البعث بداعي اظهار النصح وإراءة رشد العبد وخيره فيما تعلق به فيتفاوت بتفاوت المتعلق من حيث كونه عبادة أو معاملة أو غيرهما فان كان عبادة نفسية فرشده وخيره هو القرب والثواب المترتب عليها ـ أي في قبالها النهي يكون ارشادا الى المفسدة ـ وان كان جزء أو شرط كان إراءة لجزئيته وعدم تحقق المركب بدونه ـ أي في فرض النهي ارشاد إلى المانعية وكذلك في الشرط ـ واظهارا لشرطيته وعدم تحقق المشروط بدونه وان كان معاملة فالامر المترقب منها نفوذها وصحتها فيكون الرشد والخير الذي كان البعث اظهارا له هو النفوذ والصحة ـ أي النهي عن المعاملة ارشاد إلى عدم نفوذها ـ وان كان من الأمور الخارجية ذوات المنافع والمضار فالارشاد اليها ارشاد إلى تحققها ـ أي في النهي ارشاد إلى عدم تحققها ومنه اتضح وجه عدم ظهور الامر والنهي في الارشاد إلى الصحة والفساد في غير المعاملات بالمعنى الأخص فان النفوذ وعدمه هو الاثر المترقب من المعاملة بما هي معاملة دون غيرها فتدبر نعم حيث أن الصحة مجرد ترتب الأثر وإن لم يكن عين النفوذ وأثر الغسل مثلا هي الطهارة صح أن يكون النهي عن الغسل بالمضاف مثلا ارشاد إلى عدم ترتب أثره عليه وهي الطهارة وتخصيصه بالمعاملات بالمعنى الأخص بلا وجه.

٥٤٥

ليس فيها غالبا مثل هذا التوهم نعم (١) لو كان في البين مثله لا غرو بدعوى اقتضائه الفساد كما لا يخفي (٢) كما ان (٣) النهي بجزئها (٤) أو شرطها (٥) أو بوصف (٦) مقارن لها او مفارق (٧) ظاهره في الارشاد إلى نفى الجزئيّة او المانعيّة على التفصيل المتقدم نعم (٨) لو تعلق النهي.

______________________________________________________

(١) وكذا لو كان قرينة على الارشاد إلى عدم المصلحة فيه فلا محالة يقتضي الفساد.

(٢) هذا لو كان النهي عن أصل العنوان والمعاملة بالمعنى الأعم كالحيازة او التحجير او نحوهما.

(٣) أما لو كان النهي عن جزئها أو شرطها أو نحو ذلك فقد بلغ من الكثرة حدا صارت به من القرائن العامة على كون الأمر فيها للارشاد إلى الجزئية والشرطية والمانعية بحيث يعمل عليه ما لم تقم قرينة على خلافه.

(٤) أي جزء المعاملة بالمعنى الأعم كالنهي عن التحجير بالحجر المغصوب فان الحجر جزء مقوم للحيازة والاستنجاء بالمطعوم المحترم.

(٥) اي الشرط كذلك كالنهي عن الماء المغصوب في الغسل لرفع الخبث والماء وان كان جزءا مقوما لكن شرطه الإباحة مثلا.

(٦) الوصف المقارن كحيازة مسلم آخر له ولو مقارنا له.

(٧) كتحجير الأرض لاجل حضانة الخمر فيه فانها منهي عنه ويكون ارشادا إلى المانعية ووصف مفارق فلو بدله إلى المسجدية او الزراعة فيرتفع النهي ففي جميع ذلك ارشاد إلى الجزئية والشرطية والمانعية.

(٨) هذا الاستدراك عن ظهور النهي في الارشادية بتصور فرض آخر للنهي عن المعاملة ويكون ظاهرا في المولوية ولا يقتضي الفساد لا الفساد الواقعي ولا من ناحية التقرب بيان ذلك.

٥٤٦

بعنوان آخر (١) قابل للانطباق عليها (٢) لا يكون للارشاد (٣) بل على طبع ظهوره في المولوية النفسية (٤) ولقد عرفت انه لا يقتضي الفساد الواقعي (٥) كما انه لا يقتضي الفساد التقربي مع وجود امر فيه ايضا (٦) بعد عدم اعتبار القربة في مثله وهو ظاهر (٧) وأما النهي (٨) عن المعاملة بالمعنى الاخص فنقول ان النهي (٩) تارة (١٠) متعلق بنفس عنوان المعاملة الناشئة

______________________________________________________

(١) لو فرضنا أن النهي تعلق بعنوان آخر كالغصب كما أن الأمر تعلق بعنوان التحجير والحيازة.

(٢) وانطبق العنوان الذي متعلق النهي على متعلق الأمر بكون الحجر مغصوبا مثلا.

(٣) ففي هذا الفرض لا يكون النهي للارشاد لكونه متعلقا بعنوان آخر.

(٤) وظاهر في المولوية النفسية في مورد الاجتماع كالافتراق.

(٥) لكن لا يقتضي هذا النهي للفساد الواقعي لما عرفت من عدم منافات المبغوضية مع نفوذ المعاملة.

(٦) كما لا يقتضي عند تنجز النهي والعلم به الفساد التقربي لعدم اعتبار قصد القربة في المعاملات بالمعنى الأعم.

(٧) فلا وجه للفساد أصلا كما لا يخفى.

(٨) المقام الثالث في المعاملات بالمعنى الاخص لو تعلق بها النهي.

(٩) النهي عن المعاملات بالمعنى الاخص يكون على صور.

(١٠) الاولى أن يتعلق النهي بنفس عنوان المعاملة كالنهي عن البيع والصلح ونحوهما كقوله عليه‌السلام لا تبع ما ليس عندك ، والنهي عن بيع الغرر والربوي ونحو ذلك مما هو متعلق بالعنوان وقد يعبر عنه بالمسبب ومنه النهي عن بيع المصحف والعبد المسلم للكافر فان المبغوض انتقال المصحف بالبيع الى الغير وقوعه تحت سلطته لا صيغة البيع.

٥٤٧

عن عقده كالبيع والصلح وأمثالهما ، وأخرى (١) متعلق بعنوان عقده الذي هو بمنزلة السبب له وثالثة (٢) بجزء عقده أو بشرطه أو بوصفه المقارن أو المفارق ورابعة (٣) بالتسبب من عقده إلى نفسه ، وخامسة (٤) بنتيجة المعاملة من التصرف في أحد العوضين مثلا وهكذا الكلام في

______________________________________________________

(١) الثانية ان يتعلق النهي بعنوان السبب والعقد كالنهي عن البيع وقت النداء لصلاة الجمعة وهو اجراء صيغة البيع أو غيرها من الاسباب المفوتة لصلاة الجمعة ولا يكون نفس المسبب اعني به النقل والانتقال والتسبب إليه مبغوضين لعدم مزاحمة شيء منهما للصلاة وانما المزاحم نفس السبب.

(٢) وثالثة يتعلق النهي بجزء عقده كالقبول أو بشرطه كالفارسية أو بالوصف كبيع العنب بوصف ان يعمل خمرا في المفارق وبيع العبد المسلم للكافر في الوصف المقارن.

(٣) ورابعة بالتسبب من عقده إلى نفسه مثل النهي عن بيع المنابذة ـ أي المعاملة بنبذة وطرحه ـ فان المبغوض هو المعاملة بهذا النحو لا من جهة مبغوضية السبب ولا من جهة مبغوضية المسبب فان تهيئة الاسباب بهذا النحو الذي يصير ربويا مثلا مبغوضا للشرع ، قال الفاضل المشكيني في حاشيته على الكفاية ج ١ ص ٢٩٧ أو يتعلق بالتسبب لا بذات السبب ولا بالمسبب كما في ملكية الزيادة بالبيع الربوي فانه لو قامت الهبة مقام البيع لما كانت هي والملكية مبغوضة فالمبغوض هو التسبب بالبيع إلى الملكية.

(٤) وخامسة بأن يتعلق النهي إلى الأثر ونتيجة المعاملة كقوله عليه‌السلام ثمن العذرة سحت ، وثمن الميتة سحت ، وصرح بهذه الاقسام في الكفاية وغيرها قال في الكفاية ج ١ ص ٢٩٦ : كانت الحرمة متعلقة بنفس المعاملة بما هو فعل

٥٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

بالمباشر أو بمضمونها بما هو فعل بالتسبب ـ أي يترتب عليه المسبب المبغوض كسلطنة الكافر على المصحف ـ أو بالتسبب بها ـ أي التسبب بسبب خاص كالزيادة بالبيع الربوي ـ إليه وان لم يكن السبب ولا المسبب بما هو فعل من الأفعال بحرام الخ وناقش في ذلك المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٥ قال : لا يخفى ان المعقول في كل معاملة حقيقية أمور ثلاثة ، أحدها العقد الانشائي مثلا وهو ذات السبب ـ أي المعبر عنه في الكفاية نفس المعاملة كعقد البيع وقت النداء ـ وثانيها التسبب به إلى الملكية مثلا وهو العقد التوليدي فان ايجاد الملكية ليس من الافعال التي تتحقق بمباشرة المكلف إذ ليس المبدا فيه عرضا من اعراضه القائمة به كنفس العقد اللفظي القائم به وبعبارة أخرى ليس المبدا قائما به حقيقة وبلا واسطة في العروض بل فعل يتولد من فعل آخر قائم به حقيقة بالمباشرة وهذا الفعل قد يعبر عنه بالمسبب لان العقد آلة هذا الايجاد ـ أي المراد بالتسبب ايجاد المسبب بما أنه مسبب عن سببه والفرق بينه وبين الملكية اعتباري كالايجاد والوجود ـ وثالثها نفس الملكية ـ أي المضمون ـ وقد يعبر عنه بالاثر والمسبب أيضا وقد مر غير مرة ان الايجاد والوجود متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار فمن حيث قيامه بالمكلف قيام صدور ايجاد من حيث قيامه بالماهية قيام حلول واتحاد وجود لا يتعقل غير هذه الأمور الثلاثة فما أفاده قدس‌سره في القسم الثاني ـ أي مضمونها بما هو فعل بالتسبيب والمراد ايجاد السبب بما انه سبب إلى مسببه ـ ان أريد به ايجاد الملكية فهو وإن كان فعلا تسببيا إلّا انه عين التسبب إلى وجود الملكية فلا معنى لجعله مقابلا له وان أريد به وجود الملكية فهو وان كان في قبال التسبب إليه اعتبارا ـ أي لأنّه

٥٤٩

الايقاعات (١) غير فرض النهي عن جزئه (٢) لعدم تصور جزء فيه لا في المسبب ولا في السبب أما صورة (٣) تعلق النهي بنفس المسبب عن عقد أو ايقاع فالظاهر أن نهيه المولوي نفسيا أم غيريا لا يقتضي فساد المعاملة بمعنى عدم ترتبه على انشائه المقصود منه ترتبه لعدم منافات بين مبغوضيّته وترتبه ولو لاقتضاء مبغوضية وجوده من قبل انشائه بعد عدم اعتبار قرب فيه نعم ما اعتبر فيه التقرب كالصدقات

______________________________________________________

معنى اسم المصدري لا المصدري وهو الايجاد ـ إلّا انه بهذا الاعتبار ليس فعلا لا مباشرة ولا تسبيبا إذ الملكية باعتبار صدورها من المكلف فعل له لا باعتبار وجودها في نفسه. ولذا كان عليه المناسب إما ترك ذكر التسبب اكتفاء بذكر المضمون لأنّه عينه أو ذكر التسبيب كما ذكر التسبب لأنّه غير نفس المعاملة اعتبارا ، والأمر سهل لكن فيه قد عرفت الفرق بينهما فلا نعيد.

(١) كالظهار فإنه حرام سببه لكن يترتب الأثر عليه والطلاق والعتق ونحو ذلك من الايقاعات.

(٢) أما الايقاعات فلا يتصور النهي عن الجزء فيه لعدم اعتبار القبول فيه هذا في السبب وكذا المسبب لأنّه امر بسيط وهو علقة الفراق والبينونة والحرية ونحوها وعلى أي يقع الكلام في هذه الصور باعتبار أن النهي هل يقتضي الفساد أم لا.

(٣) الأولى أن يتعلق النهي بنفس المسبب عقدا كان أو ايقاعا ، قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٩٤ في المعاملات ونخبة القول ان النهي الدال على حرمتها لا يقتضي الفساد لعدم الملازمة فيها لغة ولا عرفا بين حرمتها وفسادها اصلا. وتقدم عن المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ وملخص الكلام فيه هو

٥٥٠

يشكل أمره (١) لان لازم التقرب بالعنوان رجحانه المنافي معه نهيه (٢) فما عن أبي حنيفة من أن النهي عن الشيء يقتضى

______________________________________________________

عدم اقتضاء مجرد النهي عنها للفساد ما لم يكن في مقام الارشاد إلى خلل فيها وذلك من جهة وضوح عدم الملازمة بين حرمة المعاملة ومبغوضيتها وبين فسادها وبين عدم ترتب النقل والانتقال حيث انه بعد عدم توقف صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال على رجحانها أو عدم مبغوضيتها فقهرا يمكن صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال ولو مع كونها مبغوضية محرمة الخ ، ولا فرق في الحرمة النفسية والغيرية.

(١) ففي مثل الصدقة يعتبر فيه قصد التقرب والنهي مع العلم والتنجز يمنع التقرب فلا محالة لا يمكن التقرب به لان التقرب لا يحصل بالأمر المبغوض ولا بد وأن يكون العنوان الراجح.

(٢) هذا أحد الأقوال في المسألة من عدم فساد المعاملة بالنهي وهنا قولين آخرين أحدهما ان النهي المولوي يقتضي فساد المعاملة. ثانيهما ان النهي المولوي يقتضي صحة المعاملة ، أما القول الأول وهو فساد المعاملة بالنهي عنها فقد ذهب إليه المحقق النائيني في الأجود ج ٢ ص ٤٠٤ وأما دلالة تعلق النهي بالمسبب على فساد المعاملة فلان صحة المعاملة تتوقف على ثلاثة أمور : الأول كون كل من المتعاملين مالكا للعين أو بحكمه ليكون أمر النقل بيده ولا يكون أجنبيا عنه. الثاني أن لا يكون محجورا عن التصرف فيها من جهة تعلق حقّ الغير بها أو لغير ذلك من أسباب الحجر ليكون له السلطنة الفعلية على التصرف فيها. الثالث أن يكون ايجاد المعاملة بسبب خاص وآلة خاصة وعلى ذلك فاذا فرض تعلق النهي بالمسبب وبنفس الملكية المنشأة مثلا كما في النهي عن بيع المصحف والعبد المسلم من الكافر كان النهي معجزا مولويا للمكلف عن الفعل

٥٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

ورافعا لسلطنته عليه فيختل بذلك الشرط الثاني المعتبر في صحة المعاملة أعني به كون المكلف مسلطا على المعاملة في حكم الشارع ويترتب على ذلك فساد المعاملة لا محالة وعلى ما ذكرناه يترتب تسالم الفقهاء على فساد الاجارة على الواجبات المجانية فان المكلف بعد خروج العمل عن سلطانه لكونه مملوكا له تبارك وتعالى لا يمكنه تمليكه من الغير باجارة ونحوها ، وحكمهم ببطلان منذور الصدقة فان المكلف بنذره يكون محجورا عن كل ما ينافي الوفاء بنذره فلا تنفذ تصرفاته المنافية له وحكمهم بفساد معاملة خاصة إذا اشترط في ضمن عقد خارجي عدمها كما إذا باع زيد داره واشترط على المشتري عدم بيعها من عمرو فان الشرط المزبور لوجوب الوفاء به يجعل المشتري محجورا من البيع المزبور ، فلا يكون نافذا إلى غير ذلك من الموارد المشتركة مع المقام في الملاك أعني به استلزام النهي المولوي عن معاملة حجر المكلف عنها المترتب عليه فساد تلك المعاملة وعدم ترتب الأثر عليها شرعا. وأجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٩٠ وفيه أن المعاملات التي تقع إما أن تكون موجبة لحصول الملكية في الوعاء المناسب له كما عن بعض أو لا تكون موجبة لذلك بل ليس الملكية إلّا اعتبار عند اعتبار فاذا اعتبر العقلاء شيئا ملكا لزيد بعد اعتبار عمرو أنه ملك له بعوض يكون هذا معنى الملكية ولا معنى لها إلّا هذا كما عن بعض ، فعلى كلا التقديرين لا وجه لما ذكره قدس‌سره لأن هنا ثلاثة أشياء ، أحدها امضاء الشارع واعتباره البيع وامضائه بقوله (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وقوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، وقوله : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ.) وثانيها اعتبار العقلاء عند مبادلة مال بمال الملكية في الوعاء المناسب لها أو في عالم الاعتبار. ثالثها نفس الفعل الصادر عن الفاعل فهنا نقول لا معنى لأن يتعلق نهي الشارع بفعله وهو امضائه البيع مثلا ولا أن

٥٥٢

الصحة (١) إنما يتم في غير العبادي وإلّا ففيها غير قابل

______________________________________________________

يتعلق ببناء العقلاء لأنه أمر مسلم عندهم وهم يعتبرون الملكية من دون النظر إلى الشرع فيبقى الثالث متعلقا للنهي وهو الفعل الصادر ومبغوضية الفعل لا يدل على مبغوضية ما هو أثره عند العقلاء وعند الشرع بل يمكن الانفكاك بينهما فالنهي معجز مولوي عن الفعل لا عن الأثر وهو الحكم الوضعي فلا يمكن المساعدة مع شيخنا العلامة النائيني.

وقال استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٠ فان اقتضى ما يستفاد من النهي المولوي عن المسبب هو كونه مبغوضا للمولى وأنه يريد من العبد تركه في ظرف النهي ، وأما كون العبد بالنهي عاجزا عن ايجاده فلا دلالة له عليه بأي نحو من أنحاء الدلالات. وأما فساد الإجارة المتعلقة بالواجبات المجانية فهو مستند إلى الدليل الذي دل على لزوم الإتيان بها مجانا ولا رب له بالمدعى المزبور وأما بطلان بيع المنذور به التصدق فهو من الأحكام التي وقع فيها الخلاف ، والتحقيق صحة بيعه وإن كان حراما كما هو الشأن في نظائره. وفيه أن النهي عن المسبب معناه عدم إمضاء الشارع لهذه المعاملة وعدم شمول (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) لهذه الحصة لان الملكية الكافر للمصحف منهي عنه وعليه لازمه الكشف عن عدم الملاك كما سيأتي أيضا.

(١) هذا هو القول الثاني من اقتضاء النهي لصحة المعاملة قال في الكفاية ج ١ ص ٢٩٩ حكى عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة وعن الفخر أنه وافقهما في ذلك والتحقيق أنه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب ـ أي كالنهي عن بيع المصحف ـ أو التسبيب ـ أي كالظهار فان التسبيب به إلى الفراق بين الزوجين مبغوض ولكن لو لم يترتب الفراق على الظهار كان النهي عن الظهار لغوا ـ لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالأمر ولا يكاد يقدر عليهما إلّا

٥٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فيما كانت المعاملة مؤثرة صحيحة ، وأما إذا كان عن السبب ـ أي كبيع وقت النداء المفوت لصلاة الجمعة ـ فلا لكونه مقدورا وإن لم يكن صحيحا ، نعم قد عرفت أن النهي عنه لا ينافيها ـ أي الصحة الخ. وبينه استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨١ بوجه أدق قال : فقد يقال في تقريبها ـ أي الصحة ـ أن متعلق النهي المولوي لا بد أن يكون مقدورا للمكلف فعلا وتركا وكون النهي المولوي دالا على الفساد أعني عدم تحقق المسبب لا يتصور إلّا بنحوين من الاقتضاء لذلك أحدهما كونه مشير إلى فساد متعلقه أعني به المسبب وكاشفا عن عدمه وحينئذ يكون وجوده لغوا محضا لان النهي المولوي هو انشاء الزجر عن الفعل المبغوض بداعي جعل الداعي الى تركه واذا كان الشيء فاسد في نفسه فلا موجب لجعل الداعي الى تركه ثانيهما هو كون النهي المولوي بنفس وجوده مستلزما لفساد المنهي عنه وامتناع وجوده من المكلف وح يلزم من وجود النهي عدمه لأن النهي المولوي مشروط بالقدرة على فعل متعلقه وتركه فاذا فرض أن وجود النهي يستلزم امتناع وجود المنهي عنه فقد استلزم وجوده انتفاء شرط وجوده والمشروط ينتفي بانتفاء شرطه وإذا امتنع أن يكون النهي المولوي دالا على فساد متعلقه لما تقدم فهو أيضا يقتضي أن يكون دالا على صحة متعلقه لأن امتناع كون متعلقه فاسدا يوجب كونه صحيحا ولا نعني بدلالته على الصحة إلّا ذلك هذا ولا يخفى أن دعوى كون النهي المولوي دالا على الصحة مطلقا غير صحيحة لأن المعاملة إن كانت من مجعولات الشرع موضوعا وحكما فلا ريب في أن النهي المولوي عن مسببها يدل على صحته لما ذكر قبلا وإن كانت من مجعولات العرف موضوعا وحكما بمعنى أنها من المعاملات العرفية التي لم يرد من الشرع امضائها أو كانت عرفية وقد امضاها الشرع ، فالنهي المولوي في هذين

٥٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الموردين لا يدل على الصحة لاحتمال أن يكون المسبب باعتبار العرف مبغوضا للشارع فينهى عنه وان لم يعتبره صحيحا مثلا الملكية المسببة عن البيع الربوي المعتبر في العرف مبغوضة للشارع فاذا نهي عنه مولويا لم يكن نهيه هذا دالا على صحة هذه الملكية في نظر الشارع لجواز أن تكون الملكية بهذه المعاملة غير معتبرة في الشرع كما هو المفروض في المعاملة الربوية نعم يدل النهي المولوي على صحة الملكية المسببة عن البيع الربوي في نظر العرف لما ذكرنا من اشتراط كون المنهي عنه مولويا ممكن الوقوع من المنهي ، إن قلت هذا التقريب معقول ومقبول في النهي عن المسبب في المعاملة العرفية التي لم يرد من الشارع امضائها ، وأما المعاملة التي أمضاها الشارع فهي ح تكون بالامضاء شرعية فلا محالة يكون النهي المولوي عن مسببها نهيا عن المسبب الشرعي فيدل على الصحة وأكثر المعاملات التي بأيدي المتشرعة من هذا القبيل قلت امضاء الشارع للمعاملة العرفية لا يخرجها عن كونها معاملة عرفية وثبوت الحكم الوضعي الشرعي لها لا ينفي الحكم العرفي عنها فاذا تعلق النهي المولوي بمسبب معاملة عرفية أمضاها الشرع ولم تعين القرينة مورد النهي أوجب احتمال النهي بملاحظة الحكم العرفي اجمال الخطاب ومعه لا تكون للنهي دلالة على الصحة في نظر الشارع فيكون المرجع في الحكم بالصحة هي العمومات وعلى كل حال فلا فائدة لكون النهي دالا على الصحة إلّا في الموارد التي لا دليل فيها من الشرع على الصحة وتلك الموارد منحصرة في المعاملات العرفية التي لم يرد من الشارع امضائها وفي مثلها لا يدل النهي المولوي إلّا على صحة المسبب في نظر العرف الذين اعتبروا تلك المعاملة وثبوت صحته في العرف لا يجدي شيئا في الشرع فلا محالة يكون المرجع عند الشك هي أصالة الفساد.

٥٥٥

لسماعه (١) نعم (٢) ذلك كله انما يصح لو لا كون النهي في مقام الرد عن العقلاء في بنائهم على ترتبها على انشائها وإلّا (٣) أمكن دعوى كونها في مقام نفي مشروعية المعاملة الموجبة لفسادها شرعا وربما يستظهر ذلك أيضا من كلّية النواهي الواردة في مورد المعاملات العقلائية إذ هي ظاهرة في الرادعية الكافية لاثبات

______________________________________________________

(١) ففساد هذا القول لما مر عن قريب في كلام صاحب الكفاية ولمنافات النهي للتقرب في باب العبادات ، أما المعاملات فقد عرفت الكلام فيها.

(٢) يعني ما تقدم من عدم دلالة النهي على الصحة ولا الفساد لو لم يكن النهي في مقام ردع العقلاء عن بنائهم على ترتب الأثر على انشائها فحينئذ يدل النهي على المبغوضية فقط على المختار.

(٣) ولو كان النهي في مقام الردع عن بناء العقلاء على ترتيب الآثار فلا محالة يكون ظاهرا في نفي المشروعية الموجبة لفسادها شرعا ، قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٠ نعم قد يكون النهي دالا على الإرشاد إلى عدم الامضاء وعدم النفوذ في بعض الموارد ولكن ذلك أيضا بمقتضى بعض القرائن الخارجية كما في البيع الربوي مثلا وفي بيع المصحف بالكافر وحينئذ فعلى ذلك لا بد في مقام الحكم بفساد المعاملة من جهة النهي من احراز كونه في مقام الارشاد إلى عدم الجعل والامضاء وإلّا فطبع النهي لا يقتضي إلّا المولوي التحريمي الذي عرفت عدم اقتضائه للفساد ، لكن فيه قد عرفت ان النهي عن الربا وبيع المصحف للكافر ونحوهما نهي مولوي تحريمي مع ذلك يدل على الفساد لا نهي ارشادي وإلّا لا تدل على التحريم وهذا واضح ويكون نهيا مولويا لا ارشاديا.

٥٥٦

الفساد (١) اللهم (٢) إلّا أن يدعى أن غاية الامر اقترانه بما يصلح

______________________________________________________

(١) ولعل النواهي الواردة في المعاملات العرفية العقلائية الدارجة بين الناس تكون ظاهرة في الرادعية عما عليه العرف والعقلاء وكاف لاثبات الفساد كبيع المنابذة ونحوه ، قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٨٢ وأما إذا لم تكن هناك قرينة خاصة تعين حقيقة النهي فيمكن أن تكون الضابطة العامة في النواهي المتعلقة بالمعاملات العرفية سواء دل على إمضاء نوعها عموم أم لم يدل هي كون تلك النواهي ردعا عن تلك العمومات لكونها مخلة بالنظام العام وارشاد إلى عدم إمضائها فما كان منها غير مشمول بنوعه لعموم من عمومات الامضاء كان النهي المتعلق به ردعا للمكلفين عن الأخذ بسيرة العرف في تلك المعاملة وما كان منها مشمولا بنوعه لعموم من عمومات الامضاء كان النهي المتعلق به ردعا للمكلفين عن الاخذ بسيرة العرف في تلك المعاملة وما كان منها مشمولا بنوعه لعموم من عمومات الامضاء كان النهي عن صنف من أصناف نوع تلك المعاملة ردعا عن ذلك الصنف وتخصيصا للعموم الدال على إمضاء نوع المعاملة. فيدل على الفساد على الوجه الذي ذكرنا.

(٢) إشارة إلى دفع ووهم قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٩١ لا يقال أن المعاملات تحتاج إلى امضاء الشارع فحيث يكون النهي عنها لا يكون لنا طريق لكشف امضائه فلا تصح المعاملة معه لانا نقول حيث ان اعتبارها يكون عقلائيا يصير النهي المنفصل كالمخصص المنفصل وحيث أنه مجمل من حيث الدلالة على الفساد أو المبغوضية فقط والمخصص المجمل لا يسري اجماله إلى العام فيكون دليل الامضاء بحاله إذا كان هو العمومات مثل أحل الله البيع وأوفوا بالعقود.

٥٥٧

للقرينية من توهم كونه لدفع المشروعية وذلك يقتضي نفي ظهوره في المولوية لا ظهوره في الرادعية (١) وح فمع (٢) الشك في رادعيّة أصالة عدم الردع يقتضي الصحة لكشفه عن امضائهم لان الاطلاق المقامي ولو لم يكن لفظيا يقتضي امضاء عملهم ما لم يكن في البين ردع وأصل فتأمل (٣) ومن هذه البيانات ظهر أيضا حال الصادر عن عنوان السبب

______________________________________________________

(١) فإن غاية ما يقتضي هو عدم ظهور النهي في المولوية بهذه القرينة دون الرادعية عن امضاء البناء.

(٢) يقول المحقق الماتن فمع الشك في الرادعية يحرز عدم الردع باصالة عدم الردع ولازمه الصحة وذلك فإن الإطلاق اللفظي ولو لا تشمله على الفرض لكن المقامي موجود وإلّا يكون المولى هو الذي أخل بغرضه بعد ما لم يكن القيد من الأحكام العقلية الواضحة.

(٣) لعله إشارة إلى ما ذكره استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٣ إلّا أنه يمكن أن يقال إن النهي عن بعض المعاملات لا يوجب ظهوره في الردع عنها والارشاد إلى عدم امضائها بل ذلك يوجب اجماله لان احتمال كونه مولويا مكافئ لاحتمال كونه ردعا عن المعاملة وإرشادا إلى عدم امضائها وتكافؤ الاحتمالين فيما يراد بالنهي يوجب اجماله ، وح فان لم يكن عموم أو إطلاق يدل على الامضاء فلا يمكن استكشاف الامضاء لاحتمال كون ذلك النهي ردعا وارشادا إلى عدم الامضاء فلا محالة يكون المرجع اصالة الفساد وان كان هناك عموم أو اطلاق يدل على امضاء نوع المعاملة فلا مانع من التمسك به لصحة المعاملة التي تعلق بها النهي لان اجماله يسقط عن المعارضة وبما أنه منفصل فلا يسري اجماله إلى العام أو المطلق الدال على امضاء نوع المعاملة.

٥٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

بقى شيء وهم ودفع ، قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ وأما توهم منافات حرمة المعاملة ومبغوضيتها مع الجعل تأسيسا أو امضاء لما بيد العرف فمدفوع بمنع التنافي بينهما من جهة إمكان أن تكون المعاملة ممضاة ومؤثرة في النقل والانتقال على تقدير تحققها ومع ذلك كانت محرمة وحينئذ فلا يستلزم مجرد تخصيص الجواز التكليفي أو تقييده تخصيص دليل الجواز الوضعي المثبت لصحة المعاملة ولو كانا ثابتين بدليل واحد كما لو قلنا بان مثل عموم الناس مسلطون مثبت للجواز الوضعي والتكليفي حيث انه بدليل النهي يخصص عمومه من جهة الجواز التكليفي دونه من جهة الجواز الوضعي أيضا كما هو واضح نعم لو كان قضية النهي هو مبغوضية المعاملة بشراشر وجودها حتى بالقياس إلى حدودها الراجعة إلى الجعل والامضاء لكان لدعوى التنافي المزبور كمال مجال ولكن من الواضح عدم قابلية مثل هذا المعنى لتعلق النهي المولوي به فان المعاملة بهذا المعنى خارج عن تحت قدرة المكلف فعلا وتركا فلا يمكن ح تعلق النهي المولوي بها بل وانما القابل لتعلق النهي به إنما هو التوصل إلى وجود المعاملة من ناحية سببه في ظرف تحقق أصل الجعل من الشارع لأنّه هو الذي يكون تحت قدرته واختياره فعلا وتركا ومعلوم أن مبغوضية المعاملة من تلك الجهة غير منافية مع ارادة الجعل والامضاء من جهة إمكان أن تكون المعاملة مبغوضة ومحرمة ايجادها من المكلف ومع ذلك كانت صحيحة ومؤثرة فيما هو الاثر المقصود منها وهو النقل والانتقال ، وفيه يلزم لغوية جعل التأسيس والامضاء لان الممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، فان يجعل ترتب الآثار لشيء يكون أبديا مبغوضا تلك المعاملة وليس له سبب مباح وممتنعا شرعا يكون قبيحا عقلا إلّا أن يتعلق النهي بأمر خارج عن تلك المعاملة أو بينهما عموم من وجه وكلاهما خارجان عن محل الكلام.

٥٥٩

من عقد كذائي أو ايقاع كذلك (١) إذ جميع ما ذكرنا من المسبب جار فيه أيضا ، وأما النهي عن جزء السبب أو شرطه أمكن فيها

______________________________________________________

(١) الثانية ان يتعلق النهي بعنوان السبب والعقد او الايقاع يقول المحقق الماتن جميع ما ذكرنا في المسبب يجري فيه وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ من جهة وضوح عدم الملازمة بين حرمة المعاملة ومبغوضيتها وبين فسادها وعدم ترتب النقل والانتقال ـ الى أن قال ـ من غير فرق في ذلك بين أن يكون النهي متعلقا بالسبب وهو العقد أو المسبب وهو النقل والانتقال او بالتسبب الى المسبب بالسبب فعلى جميع التقادير لا دلالة لنهي بما انه نهى مولوي على الفساد خصوصا على الآخرين حيث انه يمكن دعوى اقتضائهما للصحة نظرا الى معلومية انه لو لا ترتب المسبب وتحققه لما كان مجال للنهي عنه وح ينحصر وجه الفساد بما اذا كان للارشاد الى خلل فيها. وتوضيحه اكثر من ذلك ما ذكره استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٧٩ النهي عن السبب بما اذا كان مولويا فلا يدل على فساد السبب كما لا يدل على صحته ضرورة أن كون السبب مبغوضا لا يستلزم فساده بمعنى عدم ترتب اثره عليه اذ لا منافات بين كون الشيء فيه استعداد وصلاحية للتأثير اثر خاصا به سواء كان امرا اعتباريا كاسباب المعاملات بالمعنى الاعم فضلا عن الاخص عرفا وشرعا ام كان امرا حقيقيا كالاسباب التكوينية مثل النار المماسة للورق وبين كون وجوده في بعض الاوقات ذا مفسدة تستدعي النهي عنه فاذا كان ثمة دليل يدل على كون الشيء ، الفلاني سببا للاثر الكذائي حيث يوجد فلا يدل النهي المولوي عن ايجاده في بعض الاوقات على عدم تأثيره الاثر الذى كان يترتب عليه قبل النهي فكما ان النهي عن ايجاد السبب التكويني لا يدل على عدم ترتب اثره عليه بل لا يتوهم احد من العقلاء التنافي بين النهي المولوي وترتب اثره

٥٦٠