نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٣

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5711-33-9
الصفحات: ٥٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

من الفروض المتقدمة ـ اي الفعل الواحد المشترك بين جهتى الامر والنهي كحركة المكلف في المكان المغصوب ـ فلا شبهة في انه من العنوانين اللذين لا ترى بهما إلا جهة واحدة ومع وحدة الجهة المرئية يستحيل اتصافهما بالمتضادين وان كانا من حيث المفهومية اثنين ولكن مرآتيهما عن الواحد صارت منشأ للغفلة عن اثنينيتهما وتمام التوجه ح إلى وحدتهما منشأ ومحكيا والعقل في مثلهما يابى عن التصديق بتعلق المتضادين بهما كابائه عن تصديق محبوبية صورة الانسان ومبغوضية صورة أخرى منه لمحض حكايتهما عن جهة واحدة ـ إلى ان قال ـ ففي مثله نقول ان تمام توجهه إلى الجهة الواحدة وغفلته عن اثنينية الصورة صار منشأ للغفلة عن اثنينية الارادة الناشئة عن اثنينية صورتهما بل يراهما ح ارادة واحدة قائمة على شيء واحد وهذا بخلاف العنوانين المختلفين من غير جهة اختلاف الصورة فانه ح لا تكون الغفلة عن تعدد الصورة منشأ للغفلة عن تعددهما فيلزم ح المحذور المتقدم كما هو ظاهر وأيضا نقول ان مدار عدم جواز الاجتماع ليس على مجرد وحدة الوجود خارجا وذلك لان معية المحبوبية والمبغوضية بعد ما كانت في التعلق تابعة للجهات المتصورة الحاكية عن الوجود وكان تعلقها بها بتبع قيام المصلحة والمفسدة به الملحوظ فيها حكم العقل بالتقسيم الى المؤثر فيها فلو كان العنوانان من قبيل الاول القابل للتقسيم في لحاظ العقل إلى جهة مؤثرة في المصلحة وجهة أخرى مؤثرة في المفسدة فلا يابى العقل عن ملاحظة كل جهة في ان تتعلق بها المحبوبية او المبغوضية حسبما يري فيها من المصلحة او المفسدة اذ من المعلوم ان المانع من اجتماعهما ليس إلّا حيثية اجتماع الضدين والمفروض عدم اول الامر إلى ذلك اي جهة الامر منطبقة على بعض فعل المكلف وجهة النهي على بعضه الآخر بنحو لا يكون ما يصدق عليه متعلق الامر نفس ما

٣٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

يصدق عليه متعلق النهي مع وحدة وجود ذلك الفعل ـ لان الجهة المتعلقة للمحبوبية ليست إلّا ما تستند اليه المصلحة بلا سراية المحبوبية إلى غير هذه الجهة كما ان المبغوضية أيضا متعلقه بالجهة الوافية بالمفسدة من دون سراية المبغوضية منها إلى الجهة الأخرى ابدا لان المفروض ان تعلق الحب بشيء تابع لمقدار من الوجود الوافي بالمصلحة وحيث فرضنا ان المصلحة لم تكن قائمة بشراشر جهات الوجود بل ببعض حيثياته من دون دخل الحيثية الاخرى فيه ابدا فلا مجال لسراية المحبوبية إلى زيد من هذا المقدار وهي الجهة الأخرى الوافية بالمفسدة بلا مزاحم لطرو المبغوضية عليه نعم لا يمكن تعلق البحث والزجر الفعليين نحو كل منهما لان حالهما من تلك الجهة حال المتلازمين الغير القابل لتعلق ذلك بهما ولكن مثل هذه الجهة اجنبي عن محل الكلام كما اشرنا اليه سابقا فعمدة هم القائل بالجواز هو جعل المقام من قبيل المتلازمين القابلين لرجحان احدهما ومرجوحية الآخر في ان واحد وان لم يكونا قابلين لتعلق البحث والزجر الفعليين بهما لشبهة التكليف بما لا يطاق ومن التامل فيما ذكرنا ظهر حال القسم الاخير من صور تعدد العناوين فان الجهة المشتركة لا تتصف إلّا بإحدى الصفتين من المحبوبية المحضة او المبغوضية كذلك واما الجهة الفارقة فلا باس بتوجه المحبة نحوها ولو بملاحظة دخلها في المصلحة واشاهد على ذلك هو توجه الارادة نحو ايجادها عند فرض الاضطرار إلى الجهة المشتركة اذ ذلك برهان جزمي على تأثير المصلحة الضمنية في رجحانها مع فرض عدم قابلية ضميمتها لها لفرض غلبة المفسدة فيها بنحو تكون علة تامة لمبغوضيتها من دون صلاحية الاضطرار اليها للمنع عنها وان كان مانعا عن الزجر عنها فعلا وبواسطة ذلك نقول انه لا باس بتعلق الامر الفعلي بتحصيل الخصوصية الدخيلة في مصلحته في هذه الصورة ولذا قلنا في الجاهل

٣٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بالغصبية او المضطر اليه انه لا باس باتيان الصلاة بداعي الامر بجعلها صلاة لا بداعي الامر بتمام الصلاة الذي يكون عبارة عن حركة خاصة لفرض مبغوضية ذات الحركة وان كان صدورها عن عذر نعم مع عدم تعلق عذر بالجهة المبغوضية لا تصلح الجهة الزائدة لتعلق البحث اليها مع فعلية الزجر عنها تعيينا بل تبقي على صرف رجحانها وان كان لا يثمر هذا المقدار في صحة العبادة بملاحظة مبعدية ذات الحركة الدخيلة في عباديتها كما اشير اليه ولكن ذلك المقدار لا يخرج المقام عن مورد اجتماع المحبوبية والمبغوضية غاية الأمر انه لما لم تكن الجهة الراجحة تمام حقيقة العبادة فلا تثمر في صحتها عند وقوع ذات العمل مبعدا نعم لو كان عنوان العبادة من قبيل القسم الاول اي المتلازمين فلا باس بالالتزام بصحة العبادة أيضا لان المفروض ان ما هو المعنون بالعنوان العبادي من جهة الوجود راجع بتمامه لا بجزء منه فلا بأس ح باتيانه بداعي رجحانه ولا تضر به مبعدية الجهة الاخرى المتحدة معه وجود اذ ذلك المقدار لا يضر به مقربية الجهة الاخرى كالمتلازمين فقد ظهر بما ذكرنا ان ما لا يثمر في جواز اجتماع المحبوبية المبغوضية من العناوين هو ما كان من قبيل الوسط من المفروض ـ اي المجمع المشترك بين جهتي الامر والنهي دون الاول منه ـ اي مركبا من وجودين منضمين ـ والآخر ـ اي الفعل الواحد غير المشترك بين جهتي الامر والنهي كما مر ـ كما ان ما يثمر في صحة العبادة بإتيان المجمع هو ما كان من قبيل الاول منها دون الآخر وقد ظهر بما ذكرنا أيضا ان مدار الجواز والامتناع في الاجتماع المزبور هو وحدة المعنون بما هو معنون وتعدّده فلا يثمر تعدد العنوان في الجواز مع وحدة المعنون كما لا يضر به وحدة الوجود مع تعدد المعنون بعنوانية. وذكرناه بطوله لما ترتب عليه اللوازم والآثار كما هو الصحيح وحرصا على توضيح المراد والمختار قال

٣٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٣ وقد تلخص من جميع ما ذكرنا ان المختار هو جواز الاجتماع في فرض اختلاف العنوانين وتغايرهما بتمام المنشأ على نحو كان منشأ انتزاع كل عنوان بتمامه غير ما ينتزع عنه العنوان الآخر من غير فرق بين كون العنوانين من مقولتين كعناوين الاوصاف الحاكية عن الكم والكيف والاين او من مقولة واحدة كان التركيب بينهما في المجمع اتحاديا او انضماميا ومن غير فرق بين كون الامر كالنهي متعلقا بالطبيعة السارية او بصرف وجودها ولا بين تعلق الامر بالعناوين والصور الذهنية او بالمعنونات الخارجية ولا بين وقوف الطلب على نفس الطبيعي او السراية إلى الافراد وعدم جواز الاجتماع فيما لم يكن تغاير العنوانين بهذا النحو سواء كان اختلافهما في صرف كيفية النظر دون المنظور أو كان اختلافهما في المنشأ وفي المنظور أيضا لكن لا بتمامه بل بجزء منه اذ ح بالنسبة إلى الجهة المشتركة بينهما يتوجه محذور اجتماع الضدين وهما الحب والبغض في امر وحداني. فعليه يجوز الاجتماع على تفصيل قد مر ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٣٤ الأقوى عندنا هو جواز اجتماع الامر والنهي في مقام الجعل لا في مقام الامتثال مع كون النزاع في الباب عندنا من المتزاحمين في العامين من وجه لوجود المقتضي وعدم المانع اما وجود المقتضي فلإطلاق الدليل اي دليل الامر بالصلاة ودليل النهي عن الغصب حتّى في صورة الاجتماع فكل ينادي بمؤداه من المصلحة او المفسدة فيكون الصلاة والغصب جهتين من الوجود الواحد كالمشرق والمغرب له وينتزع كل منهما من مرتبة من الوجود بالمنشار العقلي بمعنى انه يكون محبوبا بالجهة الصلاتية ومبغوضا بالجهة الغصبية ولا اقول كما مر بان الارادة تكون على طبقه ولا الجعل الانشائي ولا العقلي بل المولى يرى المحبوب ويرى انه يضاده المبغوض فيقول في بنفسه يا حيف ان

٣٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المكلف لا يقدر على اتيانه لمزاحمته بضده فهو يحبه من جهة ويبغضه من جهة اخرى ان العمدة في المقام من اشكال اجتماع الامر والنهي هو طلب المحال لا اجتماع الضدين وحيث لا نقول في المقام بوجود الامر والنهي والارادة والكراهة لاستحالته لا يبقي وجه للمحالية واما المانع فقد توهم في المقام ان المقصود ليس السراية وعدمها بل الفعل الواحد لا يمكن ان يكون له جهتان تعليليتان مضادتان لان الحركة الواحدة لا يمكن ان تكون محبوبة للجهة الصلاتية ومبغوضة الجهة الغصبية وهذه الجهة مغفولة لا ينظر اليها لانها خارجة والذي يكون مورد النظر هو الواحد وفيه اوّلا النقض بالمصلحة والمفسدة فانه كيف يقول المحقق الخراساني وغيره بان المصلحة والمفسدة يمكن ان تكونان لفعل واحد ويكون الداعي للاتيان هو المصلحة فكلما قالوا فيهما نقول في المحبوبية والمبغوضية وثانيا ان الجهات ولو كانت مغفولة ولكن تكون حاكية مثل الالفاظ الدالة على المعاني وهذا غير مربوط بالنهي في العبادات فان النهي تعلق بذات الصلاة بالجهة الصلاتية فيها وفي المقام لا يكون كذلك بل يكون النهي بعنوان الغصبية. والعمدة كلا منا في استدلاله وهو متين قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٨ الحق هو القول بالامتناع كما ذهب اليه المشهور وتحقيقه على وجه يتضح به فساد ما قيل أو يمكن ان يقال من وجوه الاستدلال لسائر الاقوال يتوقف على تمهيد مقدمات إحداها انه لا ريب في الاحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها ـ اي المرتبة الثالثة للحكم فان للحكم مراتب أربع عند صاحب الكفاية الأولى مرتبة الاقتضاء اعني الصلاح والفساد المستتبعين للحسن والقبح الذاتيين الثانية مرتبة الانشاء الثالثة مرتبة الفعلية وهو البعث والزجر بمعني الاعلام الرابعة مرتبة التنجز وهو عدم معذورية العبد وقيام الحجة عليه مع القدرة وذهب جماعة إلى انه ليس للحكم الا مرتبتان

٣٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الانشاء ـ أي إبراز الإرادة ـ والفعلية لان المراد منه ما كان مجعولا تشريعا والأولى والاخيرة من الامور التكوينية وبالفعل ليس محل البحث عن ذلك وسيأتي إن شاء الله في محله ـ وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البحث نحو واحد في زمان والزجر عنه في ذلك الزمان وان لم يكن بينها مضادة ما لم تبلغ إلى تلك المرتبة لعدم المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الانشائية قبل البلوغ اليها كما لا يخفى فاستحالة اجتماع الامر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال ـ اي بغير المقدور ـ بل من جهة انه بنفسه محال فلا يجوز عند من يجوز التكليف بغير المقدور أيضا الخ ووجهه انه تكليف بالوجود والعدم وهما نقيضان يستحيل اجتماعهما والجواب عن هذه المقدمة هو ما اشار اليه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٣٨ مع توضيح منا فهو ان الاحكام على قول البعض لا تكون متضادة لانها اعتباريات وهي لا يجيء فيه بحث التضاد فان البعث والزجر يكونان من الاعتبارات الشرعية القابلة للاجتماع ـ اي كما افاد استادنا الحكيم في الحقائق ج ١ ص ٣٦٨ لا اشكال في ثبوت المنافاة بين البعث والزجر الخارجيين اي ما هو من لوازم الامر اما البحث والزجر الاعتباريان المعبر عنهما بالايجاب والتحريم فالتنافي والتعاند انما هو بين ملاكيهما مثلا ملاك وجوب الشيء كونه ذا مصلحة بلا مزاحم فاذا كان الشىء كذلك ترجح وجوده على عدمه فتعلقت به الارادة امر به بداعي حفظ وجوده فاذا امر به كذلك انتزع عنه عنوان البحث والايجاب والوجوب والالزام ونحوها من الاعتبارات وملاك حرمة الشيء كونه ذا مفسدة بلا مزاحم فاذا كان كذلك ترجح عدمه على وجوده فتعلقت به الكراهة فاذا تعلقت به الكراهة نهى عنه بداعي حفظ عدمه فاذا نهي عنه كذلك انتزع عنوان الزجر والتحريم والمنع وغير ذلك من الاعتبارات فتنافي عناوين

٣٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

التكليفية وتعاندها انما هو لتنافي ملاكاتها انتهى ـ على ان التضاد انما يكون في الخارج ولا يتحقق في صقع الارادة والكراهة وفي المقام لا نقول باجتماعهما أيضا في هذا الصقع بل نقول بان الحب والبغض يمكن اجتماعهما فيما قبل الارادة لا قبل الارادة والكراهة. كل ذلك مأخوذ من المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٧٠ قال تحقيق المقام ان حديث تضاد الاحكام التكليفية وان كان مشهور الكنه مما لا اصل له لما تقرر في محله من ان التضاد والتماثل من اوصاف الاحوال الخارجية للامور العينية وليس الحكم بالاضافة إلى متعلقة كذلك سواء اريد به البعث والزجر الاعتباريان العقلائيان او الارادة الكراهة النفسيتان اما اذا كان الحكم عبارة عن البعث والزجر فلان البعث والزجر عبارة عن المعنى الاعتباري المنتزع عن الانشاء بداعي جعل الداعي ـ إلى ان قال ـ فلما محاله يكون متعلقه المقوم له والمشخص هو الفعل بوجوده العنواني الفرضي الموافق لافق الامر الاعتباري والمسانخ له وتوهم ان الفعل بوجوده العنواني أيضا لا يعقل ان يكون معروضا لوصفين متضادين او متماثلين مدفوع بانه لا تضاد ولا تماثل الا في الواحد الشخصي واما الواحد الطبيعي من الجنسي والنوعي ونحوهما مما له نحو من الكلية من دون تشخص وتعين وجودي فيجتمع فيه الاوصاف المتباينة بداهة ان طبيعي الفعل مورد لاحكام متعددة ولو من موالي متعددين بالنسبة الى عبيد كذلك ـ الى أن قال ـ فاتضح من جميع ما ذكرنا ان البحث والزجر ليسا من الاحوال الخارجية بل من الامور الاعتبارية وان متعلقهما ليس من الموجودات العينية بل العنوانية وان الوحدة المفروضة ليست شخصيه بل طبيعيه فلا موجب لتوهم اجتماع الضدين من البعث نحو شيء والزجر عنه ـ إلى ان قال ـ واما اذا كان الحكم عبارة عن الارادة والكراهة فهما وان كانتا من المقولات الحقيقية والموجودات العينية إلّا ان موضوعهما

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

النفس ومتعلقهما الفعل اما من حيث الموضوع فلا مانع من اجتماع ارادات وكراهات كذلك في زمان واحد لبساطة النفس وتجردها فلا تضيق النفس عن قبول الإرادات متعددة او كراهات كذلك في زمان واحد ـ إلى ان قال ـ واما من حيث المتعلق فنقول لا ريب ان الشوق المطلق مثلا لا يوجد في النفس بل يوجد متشخصا بمتعلقه ويستحيل ان يكون الخارج عن افق النفس مشخصا لما في افق النفس والالزام اما كون الحركات الأينية والوضعية القائمة بالجسم نفسانيه او كون الارادة النفسانية من عوارض الجسم خصوصا في الارادة التشريعية فانه كيف يعقل ان تكون الحركات القائمة بالمكلف مشخصة لارادة المولي مضافا إلى ما عرفت من ان البعث ومبدأه الارادة التشريعية موجودان وان لم يوجد الفعل اصلا فكيف يعقل ان يتشخص الارادة المحققة بما لا تحقق له ولا يتحقق اصلا مضافا إلى ان طبيعة الشوق بما هو شوق لا تتعلق الا بالحاصل من وجه والمفقود من وجه اذا الحاصل من جميع الجهات لا جهة فقد ان له كي يشتاق اليه النفس والمفقود من جميع الوجوه لا ثبوت له بوجه كي يتعلق بالشوق فلا بد من حصوله بوجود العنواني الفرضي ليتقوم به الشوق ولا بد من فقدانه بحسب وجوده التحقيقي كي يكون للنفس توقان إلى اخراجه من حد الفرض والتقدير إلى حد الفعلية والتحقيق ما مر وسيجيء إن شاء الله تعالى تفصيل القول فيه. وذكرنا بطوله لما فيه فائدة وفيه اما عن الشق الاول فقد ذكرنا مرارا ان النفس له الخالقية ومجتمع في النفس الامور المتباينة والمتناقضة في زمان واحد لكن الكلام في الارادة والكراهة بالنسبة إلى امر واحد من المولى سيما من المولى الحقيقي حيث انهما العلم بالمصلحة والعلم بالمفسدة كيف يجتمعان معا ولذا قلنا انه محال وان ما يتصور هو اجتماع الحب والبغض دون الارادة والكراهة وقد تقدم مفصلا ولذا قال استادنا البجنوردي

٣٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

في المنتهى ج ١ ص ٤٠٥ بان الصفات النفسانية وان كانت قائمة بالنفس ولكن قد يقع التضاد بينها باعتبار متعلقاتها فلو قلنا بسراية الارادة والكراهة إلى الخارج ولو كان بتوسيط الصورة الذهنية فلا محالة يتحقق اجتماع الضدين بهذا الاعتبار. واما عن الثاني قضية انه لا وجه لتعلقها بالوجود الفرضي مع انه فرض مجرد وما هو في الخارجي وجودا حقيقي وهو المطلوب حقيقة فلا محاله كما مر مرارا أيضا يتعلق بالصورة الذهنية الحاكية عن الخارج بحيث ان ما في الخارج يأتي في الذهن ويتعلق بها الارادة او الكراهة وان شئت عبرت عنه بالوجود الزعمي ثم قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٩ ثانيتها انه لا شبهة في ان متعلق الاحكام هو فعل المكلف وما هو في الخارج يصدر عنه ـ اي الصلاة ـ وهو فاعله وجاعله لا ما هو اسمه وهو واضح اي اسم الفعل كالصلاة ـ ولا ما هو عنوانه ـ اي كالملكية والزوجية ونحوهما ـ مما قد انتزع عنه ـ اي عن الخارج باعتبار تلبس الذات بمبدإ اعتباري بحيث لو لا انتزاعه تصوّر او اختراعه ذهنا لما كان بحذائه شيء خارجا ويكون خارج المحمول كالملكية والزوجيّة والرقية والحريّة والمغصوبية إلى غير ذلك من الاعتبارات والاضافات ـ اي بخلاف المحمول بالضميمة كالضرب والقيام والقعود ـ ضرورة ان البعث ليس نحوه ـ اي نحو الاسم والعنوان ـ والزجر لا يكون عنه وانما يؤخذ في متعلق الاحكام آلة للحاظ متعلقاتها والاشارة اليها بمقدار الغرض منها والحاجة اليها لا بما هو هو وبنفسه وعلى استقلاله وحياله. والجواب عنه قد تقدم مرارا وسيأتي أيضا في التنبيهات ان الافعال الخارجية ليست موضوعة للاحكام فان ظرف الفعل ظرف سقوط الحكم لا ثبوتها بل موضوعها الصور الذهنية الحاكية عن الخارج بنحو لا ترى الا خارجية فلذا يسري إلى كل منهما ما للاخرى لكن بالعناية فتري الصور الذهنية موضوعات للغرض مع ان موضوعه حقيقة هو

٣٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الخارجي ويري الخارجي موضوعا للحكم والارادة والكراهة مع ان موضوعها حقيقة هو نفس الصورة وذكر استادنا الآملي المجمع ج ١ ص ٣٩ فلان متعلق الحكم ليس الخارج لانه ظرف سقوطه ولا اقول انه علة للسقوط لان معلول الامر لا يمكن ان يكون علة لسقوطه ولا اقول ان الطبيعة المقرونة بالوجود يتعلق بها التكليف لانها مع الوجود لا يمكن ان يكون البعث اليها والزجر بل الطبيعي مرآتا عن الخارج يكون مصب الحكم هذا اولا وثانيا لا يلزم من ذلك سراية الحب والبغض إلى الخارج حتى يشكل بان الوحدة باقية لان العناوين حاكيات عن الخارج بل هما في صقع النفس ولا اشكال في اجتماعهما فيها. ولكن المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٧١ ذكر واما الاستدلال على عدم تعلق البعث والزجر بالهوية الخارجية بدعوى ان الفعل بوجوده الخارجي يسقط البعث والزجر فكيف يكون معروضا لهما لمباينة العروض المساوق للثبوت مع السقوط فقد مر ما فيه في مبحث الترتب حيث ان الفعل لو كان مسقطا للبعث لزم علية البعث لعدم نفسه بل ينتهي امد البعث بوجود المبعوث اليه والبعث حال الاطاعة والعصيان موجود وإلّا لسقط بغير الاطاعة والعصيان. ثم قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٥٠ ثالثتها انه لا يوجب تعدد الوجه والعنوان بتعدد المعنون ولا تنثلم به وحدته فان المفاهيم المتعددة والعناوين الكثيرة ربما تنطبق على واحد ـ اي كما في زيد العالم الهاشمي وربما ينطبق على المتعدد كما في زيد العالم وعمرو الهاشمي وعلى اي حال ـ وتصدق على الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة بل بسيط من جميع الجهات ليس حيث غير حيث وجهة مغاير لجهته اصلا كالواجب تبارك وتعالي. واجاب عن هذه المقدمة المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٥٢ قال وهذا الاستدلال وان كانت صحة اكثر مقدماته بديهية إلّا ان المقدمة الثالثة منها غير صحيحة وذلك لما

٣٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ذكرناه سابقا من انه يستحيل انتزاع مفهومين بينهما عموم من وجه من موجود واحد بجهة واحدة بل لا بد من ان يكون ذلك بجهتين وقد تقدم ان قياس المقام بصدق المفاهيم المتعددة على الباري جل وعلا قياس في غير محله وعليه فالقول بالامتناع يبتني على كون الجهتين اللتين لا بد منهما في صدق المفهومين على المجمع تعليليتين ليكون التركيب اتحاديا فيستحيل الاجتماع كما ان القول بالجواز يبتني على كون الجهتين تقيديتين والتركيب انضماميا فانه على ذلك لا يلزم محذور اجتماع الضدين في شىء واحد وقال في صفحه ٣٣٥ ان كل مفهومين اما ان يكون صدق كل منهما على افراده متحدا مع صدق الآخر على افراده في ملاك الصدق وجهته او تكون جهة الصدق في احدهما مغايرة لجهة الصدق في الآخر وعلى الاول فلا محاله تكون النسبة بينهما هو التساوي اي كما في صدق مفهوم الضاحك وصدق مفهوم الكاتب على الانسان ويستحيل صدق احدهما على شىء دون الآخر وتوهم ان الصدق من جهة واحدة لا يستلزم التساوي بين المفهومين كما في المفاهيم الصادقة على ذاته المقدسة تعالى مدفوع بما عرفت في آخر المشتق من ان صدق المفاهيم على الذات المقدسة يغاير نحو صدقها على الذوات الأخرى فانها مفاهيم مقولة بالتشكيك والمرتبة العالية من كل صفة في ذلك المقام الشامخ متحدة مع المرتبة العليا من الصفة الاخرى وذكرنا هناك مثالا خارجيا لتصوير ذلك في صفات النفس فقياس صدق المفاهيم المتعددة على الذات المقدسة بصدق المفاهيم الصادقة على غيرها قياس مع الفارق. واجاب عن الاخير استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٣٥ لا يخفى ان ملاك كون النسبة بين مفهومين هو التساوي انما هو ثبوت الملازمة بين صدقيهما خارجا كما في صدق مفهوم الضاحك صدق مفهوم الكاتب على الانسان واما كون جهة

٣٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الصدق في احد المفهومين متحدة مع جهة الصدق في المفهوم الآخر فهو ملاك ثبوت الترادف بين المفهومين لا ملاك كون النسبة بينهما التساوي كما هو ظاهر. واجاب عن الشق الاول في هامش الاجود ج ١ ص ٣٥٢ قد ظهر مما ذكرناه ان امتناع صدق العامين من وجه على شيء واحد من جهة واحدة ولزوم كونه من جهتين لا ينافي كون المصداق الخارجي واحدا وجودا وذلك لما تبين من ان نسبة العموم من وجه لا تتحقق الا بين عنوانين عرضيين او بين عنوان ذاتي وعرضي ومن الضروري انه يمكن صدق عنوانين عرضيين على شىء واحد كما يمكن صدق العنوان العرضي على ما يصدق عليه العنوان الذاتي فمجرد تعدد العنوان لا يجدي في جواز اجتماع الامر والنهي بدعوى انه يستلزم كون التركيب انضماميا كما ذهب اليه شيخنا الاستاد نعم لا يلزم ان يكون متعلق الامر والنهي في جميع موارد اجتماع الامر والنهي من قبيل العنوانين العرضيين المنطبقين على شىء واحد او يكون احدهما من قبيل العناوين الذاتية والآخر عنوانا عرضيا منطبقا عليه فلا بد من ملاحظة كل مورد بخصوصه ثم الحكم فيه بجواز الاجتماع او امتناعه. وقد عرفت مرارا ما هو الحق في جواز الاجتماع فلا نعيد واورد على الشق الاول من كلام المحقق النّائينيّ استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص ١٢٢ بقوله ولا يخفى ما في الايراد المزبور فانه ليس مراد المستدل بالدليل المذكور من امكان صدق العناوين المتغايرة على الشىء الواحد هو امكان انتزاع تلك العناوين المتغايرة المتكثرة من الشىء الواحد من جهة واحدة بل مراده امكان صدق العناوين المتغايرة على الشىء الواحد وانتزاعها منه ولو باعتبار جهات متكثرة فيه وقد قرب امكان ذلك بوقوعه في المقام الاقدس اعني به صدق الصفات الحسني على ذات واجب الوجود لذاته تعالي مع كمال وحدته ولكن ذلك لا ينافي اعتبار جهات

٣٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

متكثرة في تلك الذات البسيطة التامة ليصح بلحاظ تلك الجهات انتزاع تلك الصفات من الذات المقدسة حل شانها ، واما ما افاده من ان صدق العناوين المتغايرة على الفعل الواحد ان كان باعتبار جهتين تقييديتين فالصدق كذلك يكشف كون التركيب بينهما في ذلك الواحد تركيبا انضماميا وان كان باعتبار جهتين تعليليتين كان التركيب اتحاديا فهو خلط بين العناوين المقولية والعناوين الاعتباريّة وقد عرفت ان احد العنوانين اذا كان اعتباريا كان التركيب اتحاديا لصدق العنوانين على معنون واحد ولا يحتاج ذلك إلى كون الجهة تعليلية ولذا لم يعرض شيخ مشايخنا صاحب الكفاية للتفصيل بين الجهة التقييدية والجهة التعليلية لانه قد جعل محل البحث في هذه المسألة هو ما جعله المشهور محلا للنزاع في الجواز والامتناع وهو الواحد ذوا الجهتين ولا محاله يلزم فيما هو محل النزاع عندهم ان تكون احدى الجهتين عنوانا اعتباريا سواء كانت الاخرى كذلك ام كانت عنوانا مقوليا. واورد على صاحب الكفاية استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص ١٢٣ بقوله نعم يرد عليه ان الجواز والامتناع لا يدوران مدار سراية الامر من العنوان إلى معنونه وعدم سرايته بل يدوران مدار دخول احد العنوانين في الآخر وعدمه فاذا دخل احد العنوانين في الآخر لزم القول بالامتناع لسراية الامر بمبادئه إلى متعلق النهي وبالعكس وان لم نقل بسراية الامر من العنوان إلى معنونه واذا لم يدخل احد العنوانين في الآخر لزم القول بالجواز وان سرى الامر من العنوان إلى وجود المعنون كما اذا فرضنا وجودا واحدا يكون بعضه مصداقا لعنوان وبعضه الآخر مصداقا لعنوان آخر فانه في مثله لا يلزم سراية الامر ولا شيء من مبادئه إلى متعلق النهي ولا العكس لفرض ان الحد الذي يكون مصداقا لعنوان المامور به ليس نفس الحد الذي يكون للمنهي عنه. وقال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٤٠ واما ما

٣٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قاله من ان الوحدة الحقيقية في الله تعالى لا تنثلم بواسطة تعدد الجهات مثل العلم والقدرة ففيه ان صدق العالم عليه وعلى غيره وان كان بالنظر البدوي بمعنى واحد وان مطابق العلم فيه تعالي كمطابق العلم في قولنا زيد عالم ولكن في الواقع بينهما فرق كثير فان علم الممكن بمعلومه بقدر وجوده الامكاني المحدود ولا يمكن الاحاطة له بالمعلوم الممكن فضلا عن الاحاطة بخالقه والممكنات فيها جهة الكثرة بخلافه تعالى فانه في مرتبة ذاته يكون بسيطا من جميع الجهات ولا يقبل القسمة لا في الوهم ولا في العقل واما في مرتبة ما دون الذات وهي مرتبه فعله تعالى فيمكن انتزاع جهات الكثرة فان المخلوقات منه تعالى ولها تكثر فلا يقاس وحدته بوحدة الممكنات. ولعل وجه تنظر وتشبيه ولا يعتبر ان يكون المشبه مساويا للمشبه به في جميع الجهات فلنرجع إلى كلام صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٥٠ رابعتها انه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد الا ماهية واحدة وحقيقة فارده لا يقع في جواب السؤال عن حقيقته بما هو الا تلك الماهية فالمفهومان المتصادقان على ذلك لا يكاد يكون كل منهما ماهية وحقيقة كانت عينه في الخارج كما هو شان الطبيعي وفرده فيكون الواحد وجود او احدا ماهية وذاتا لا محاله فالمجمع وان تصادقا عليه متعلقا الامر والنهي إلّا انه كما يكون واحدا وجودا يكون واحدا ماهية وذاتا ـ إلى ان قال اذا عرفت ما مهدناه عرفت ان المجمع حيث كان واحدا وجودا وذاتا كان تعلق الامر والنهي به محالا ولو كان تعلقهما به بعنوانين لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه متعلقا للاحكام لا بعناوينه الطارية عليه. وبعد ما عرفت ان المقدمات غير تامة فلا ينتج النتيجة اصلا.

٣٥٤

منفعته والله العالم بحقائق احكامه وينبغي التنبيه على امور منها (١)

______________________________________________________

في قيد المندوحة

(١) ذكر الاصوليون لهذه المسألة تنبيهات التنبيه الاولى في اعتبار قيد المندوحة وجود فرد آخر غير المجمع في جواز الاجتماع وعدمه ام لا فيه اقوال قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٩ انه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال ـ اي قدرة المكلف على امتثال الامر بغير مورد الاجتماع ـ بل ربما قيل بان الاطلاق انما هو للاتكال على الوضوح اذ بدونها يلزم التكليف بالمحال ـ اي التكليف بغير المقدور وهو قبيح ـ ولكن التحقيق مع ذلك عدم اعتبارها فيما هو المهم في محل النزاع من لزوم المحال وهو اجتماع الحكمين المتضادين ـ اي الكلام من جهة تضاد الامر والنهي نفسيهما الموجب لامتناع الجمع بينهما ويكونان معا تكليفا محالا لانه جمع بين الضدين كالامر والنهي بشيء واحد او ليس جمعا بينهما في شيء واحد فلا يكون محالا كالامر والنهي بشيئين ـ نعم لا بد من اعتبارها في الحكم بالجواز فعلا لمن يرى التكليف بالمحال محذورا ومحالا. يعني لو بنينا على الجواز لا بد من اعتبار المندوحة في الحكم بالجواز من جهة القدرة بناء على امتناع التكليف بالمحال سيما من المولى الحكيم هذا على مختار صاحب الكفاية من عدم دخالة المندوحة في المقام ونعم ما قال لان قيد المندوحة اجنبي من تكليف المحال وسيأتي واختار ذلك المحقق النائيني أيضا في الفوائد ج ١ ص ٤٤١ حيث قال هل وجود المندوحة يكفي في رفع غائلة التزاحم والتكليف بما لا يطاق او انه لا يكفي والاقوى في هذا المقام عدم الكفاية وان كان مقتضى ما تقدم عن المحقق الكركي من كفاية القدرة على

٣٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الطبيعة في الجملة ولو في بعض الافراد في صحة تعلق التكليف بها وانطباقها على الفرد المزاحم للمضيق او الاهم ويتحقق الاجزاء عقلا هو كفاية وجود المندوحة في المقام ايضا وان كان فرق بين المقام وبين ما افاده المحقق من حيث ان المراد بالمندوحة في المقام انما هي بالنسبة الى الافراد العرضية حيث ان للمكلف ايجاد الصلاة في الدار المباحة وفي المسجد وفي الدار الغصبية فتكون الصلاة في الدار الغصبية من احد افراد الصلاة العرضية والمراد من المندوحة في مقالة المحقق هي المندوحة بالنسبة إلى الافراد الطولية لان كلامه انما كان في الواجب المضيق المزاحم لبعض افراد الواجب الموسع في بعض الوقت ولكن هذا الفرق لا يكون فارقا في المناط فان مناط كفاية المندوحة في الافراد الطولية هو القدرة على الطبيعة في الجملة ولو في غير الفرد المزاحم المضيق هذا المقدار يكفى في حسن التكليف عقلا اذ لا يلزم التكليف بما لا يطاق لقدرة الفاعل على ايجاد الطبيعة ولو في الجملة فلا مانع من شمول اطلاق الامر بالصلاة للفرد المزاحم للازالة وتنطبق الطبيعة المأمور بها عليه قهرا فيتحقق الاجزاء عقلا وهذا الكلام كما ترى يجزي في الافراد العرضية أيضا لتمكن المكلف من ايجاد الصلاة مثلا في غير الدار الغصبية وهذا المقدار يكفى في صحة التكليف بالصلاة ويكون الفرد الماتي به من الصلاة في الدار الغصبية مما تنطبق عليه الطبيعة هذا ولكن اصل المبني عندنا فاسد كما تقدم في مبحث الترتب حيث ان القدرة المعتبرة في التكاليف لا ينحصر مدركها بحكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق بل القدرة معتبرة ولو لم يحكم العقل بذلك لمكان اقتضاء الخطاب القدرة على متعلقه حيث ان حقيقة الخطاب هو البحث على احد طرفي المقدور وترجيح احد طرفي الممكن فيعتبر في التكليف مضافا إلى قدرة الفاعل التي يحكم بها العقل القدرة على الفعل التي يقتضيها الخطاب والفرد

٣٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المزاحم للازالة او للغصب فيما نحن فيه ليس مقدورا عليه لان المانع الشرعي كالمانع العقلي فلا تنطبق عليه الطبيعة المامور بها بما انها مامور بها لان الانطباق من حيث السعة والضيق يدور مدار سعة القدرة وضيقها وليس للقدرة سعة تشمل الفرد وعليه لا تصح الصلاة في الدار الغصبية باطلاق الامر بالصلاة كما انه لا يمكن تصحيحها بالامر الترتبي لاستلزامه الامر بتحصيل الحاصل او الامر بالمجال اذ لا معني لقوله لا تغصب وان غصبت بالصلاة فصل لانه يكون من تحصيل الحاصل او ان غصبت بغير الصلاة فصلي لانه يكون من طلب المحال اما تصحيحها بالملاك فربما يتوهم انه لا مانع عنه ولازم ذلك صحة الصلاة في الدار الغصبية ولو عن علم وعمد ولكن يمكن دفع الاشكال بانه ليس لازم القول بالجواز في المقام الاول هو الصحة في صورة العمد لان الصلاة في الدار الغصبية وان كانت مشتملة على الملاك إلّا انها لمكان اتحادها مع الغصب في الايجاد والصدور كان ذلك مانعا عن التقرب بها لبغضها الفاعلى وعدم اتصاف صدورها منه بالحسن الفاعلى لخلطه بين المامور به والمنهي عنه في الايجاد والصدور والحسن الفعلي لا يكفى في التقرب ما لم ينضم اليه الحسن الفاعلى بحيث يصدر من الفاعلى حسنا إلى ان قال هذا كله اذا كان للمكلف مندوحة واما اذا لم يكن للمكلف مندوحة بل انحصر مكان الصلاة في الدار الغصبية فهذا تارة بسوء اختياره واخرى لا بسوء اختياره كالمحبوس في الدار الغصبية فان كان عدم المندوحة لا بسوء اختياره فهذا مما لا اشكال في صحة الصلاة منه في الدار الغصبية واما اذا كان ذلك بسوء الاختيار إلى آخر كلامه وسيأتي مفصلا بيانه واورد عليه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٦٨ اشكالا مبنائيا قال قد عرفت فيما تقدم ان حقيقة الوجوب ليست إلّا عبارة عن اعتبار كون فعل ما على ذمة المكلف وهذا المعني في نفسه لا

٣٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

يقتضي اعتبار القدرة على ذلك الفعل وانما تكون القدرة معتبرة بحكم العقل في مقام الامتثال دون مرحلة التكليف الا في موارد تلزم اللغوية من الاعتبار المزبور وعليه يترتب ان الحق في المقام هو القول الجواز من الجهة الثانية فيصح الاتيان بالمجمع بداعي امتثال الامر بالطبيعة ولو كان ذلك حال العلم والعمد أيضا بل التحقيق جواز ذلك حتى على القول باقتضاء طلب شيء اعتبار القدرة عليه لان حرمة ما يكون مقارنا لفرد المامور به لا تجعل ذلك الفرد غير مقدور عليه ليخرج بذلك عن حيز الامر ضرورة ان عدم القدرة على شيء اما ان يتحقق بالعجز عنه تكوينا واما بالنهي عن نفس ذلك الشيء او عن مقدماته المتوقفة عليه عقلا لان الممنوع شرعا كالممتنع عقلا واما في غير ذلك فلا موجب لدعوى كون فعل ما غير مقدور عليه اصلا ومن الواضح ان الاتيان بفرد المامور به في ضمن المجمع بما انه مقدور عليه تكوينا وغير منهي عنه شرعا اذا المفروض عدم سراية النهي عن ملازمه اليه لا موجب لكونه خارجا عن حيز الامر فلا وجه لدعوى اختصاص الطلب بغير الفرد المجمع مع المنهي عنه خارجا وعليه فلا مانع من صحة الامتثال باتيان المأمور به في ضمن المجمع ولو كان ذلك في حال العلم والعمد. وتقدم الكلام في اشتراط القدرة وسيأتي أيضا في بعض التنبيهات والمحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٤ في اعتبار المندوحة وعدم اعتبارها قال قد مران حيثية تعدد المعنون بتعدد العنوان وعدمه حيثية تعليلية الجواز وعدمه لا تقييدية مقومة للموضوع لئلا يحتاج عنوان البحث إلى التقييد بعدم المندوحة ليتمحض البحث في خصوص الجواز والامتناع من حيث خصوص التضاد وعدمه وجعل البحث جهتيا ومن حيث كذا مع عدم مساعدة العنوان غير صحيح مع ان الغرض الاصولي حيث انه يترتب على الجواز الفعلي فلا بد من تعميم البحث واثبات الجواز من جميع الوجوه

٣٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

اللازمة من تعلق الامر والنهي بواحد ذي وجهين لا الوجوه العارضة من باب الاتفاق فلا يقاس المندوحة وعدمها بسائر الجهات الاتفاقية المانعة من الحكم بالجواز فعلا لا يقال بعد القول باستحالة التكليف بما لا يطاق لا فرق بين وجود المندوحة وعدمها لان امتثال الامر والنهي في المجمع محال على اي حال فان القدرة على امتثال الامر في غير المجمع لا تصحّح الامر بالمجمع لانا نقول سيأتي منا إن شاء الله تعالى امكان الفرق بين وجود المندوحة وعدمها بناء على تعلق الامر بايجاد الطبيعة من دون لحاظها فانية في افرادها بل بمجرد الفناء في حقيقة الوجود من دون لحاظ الكثرات فان الوجود المضاف إلى الطبيعة هكذا مقدورة بالقدرة على فرد في الخارج دون ما اذا لم يكن مقدورا بوجه اصلا نعم يمكن ان يقال بعدم لزوم التقييد بعدم المندوحة من طريق آخر وهو انه لو كان تعدد الوجه مجديا في تعدد المعنون لكان مجديا في التقرب به من حيث رجحانه في نفسه فان عدم المندوحة يمنع عن الامر لعدم القدرة على الامتثال ولا يمنع عن الرجحان الذاتي الصالح للتقرب به فكما ان تعدد الجهة يكفي من حيث التضاد كذلك يكفى من حيث ترتب الثمرة وهي صحة الصلاة فلا موجب التقييد بعدم المندوحة لا على القول بالتضاد لكفاية الاستحالة من جهد التضاد في عدم الصحة ولا على القول بعدم التضاد لما عرفت من كفاية تعدد الجهة من حيث التقرب أيضا. هذا كله ولكن المحقق العراقي قد فصل على اختلاف المسالك في المسألة ذلك استادنا الآملي في المنتهى ص ١٢٤ ان محذور الاجتماع امران احدهما هو اجتماع الضدين لو سري الامر بمبادئه إلى متعلق النهي وبالعكس ثانيهما هو لزوم التكليف بما لا يطاق لو كانت الارادة والكراهة فعليتين في مورد الاجتماع اما لزوم اجتماع الضدين فوجود المندوحة لا يدفعه ولا يمنعه اذا كان اجتماع الامر والنهي في الواحد ذي الجهتين مستلزما لسراية كل منهما إلى متعلق الآخر كما ان عدم المندوحة لا يوجب السراية اذا كان تعدد الجهة مانعا من السراية المذكورة واما لزوم التكليف بما لا يطاق فيختلف حسب اختلاف الامر في اعتبار المندوحة باختلاف مباني القول بالجواز.

٣٥٩

انه على القول بالجواز بمناط عدم السراية من الطبيعي إلى فرده (١) امكن دعوى الفرق (٢) بين مقام المحبوبيّة والمبغوضية وبين الارادة الفعلية والكراهة اذ في عالم المحبوبية والمبغوضية (٣) لا مانع (٤) في المجمع بين محبوبية الطبيعة ومبغوضية الفرد حتّى مع عدم المندوحة وانحصار امر الطبيعة بالفرد الحرام وهذا بخلاف مقام الارادة الفعلية (٥) اذ (٦) مع انحصار الامر بالفرد المحرم

______________________________________________________

(١) فعلى مبني من يري ان الأمر والنهي لا يسري شىء منهما من متعلقه إلى فرده الخارجي لان الخارج بالإضافة إلى المكلف به موطن سقوط التكليف لا موطن ثبوته.

(٢) لا بد من التفصيل على هذا المبني بين الحب والبغض والارادة والكراهة.

(٣) اي الاول وهو مقام المحبوبية والمبغوضية.

(٤) لا مانع من تعلق بعض مبادئ التكليف كالحب والبغض بمتعلق التكليف ولو لم يكن نفس التكليف فعليا لعدم المندوحة مع فعلية التكليف الآخر اذا لا يلزم محذور من تعلق الحب بالطبيعة المامور بها وتعلق البغض بالطبيعة المنهي عنها لان محذور التكليف بما لا يطاق مختص بفعلية نفس التكليف ـ اي تعلق البعض بالفرد ومع انحصار الطبيعة المامور بها بالفرد لعدم سراية الحكم من الطبيعة إلى الفرد.

(٥) اي الثاني وهي الارادة الفعلية والكراهة كذلك فلا يمكن الاجتماع لان الكراهة متعلقه بالفرد والارادة متعلقة بالطبيعة لكن الامتثال بايجاد الفرد ففي الفرد يلزم اجتماع الضدين.

(٦) لا مناص عن اعتبار وجود المندوحة اذ مع عدمها لا يكون إلّا احد التكليفين فعليا لاستحالة فعليتهما معا من الحكيم حيث لا يستطيع المكلف الا على امتثال احدهما.

٣٦٠