هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

الحرف والصناعات مثلا اتصاف زيد بانه قائم انما يتحقق اذا تلبس بالقيام فعلا لان القيام يؤخذ على نحو الفعلية مبدأ الوصف اى قائم ويفرض الانقضاء بزوال فعلية القيام عنه.

واما اتصافه بانه عالم بالنحو او انه قاضى البلد فليس بمعنى انه يعلم ذلك فعلا او انه مشغول بالقضاء بين الناس فعلا بل بمعنى ان له ملكة العلم او منصب القضاء فما دامت الملكة او الوظيفة الموجودتين فهو متلبس بالمبدا حالا وان كان نائما او غافلا نعم يصح ان نتعقل الانقضاء اذا زالت الملكة او سلبت عنه الوظيفة وحينئذ يجرى النزاع فى ان وصف القاضى مثلا هل يصدق حقيقة على من زال عنه منصب القضاء وكذلك الحال فى مثل النجار او الخياط فلا يتصور فيها الانقضاء الا بزوال حرفة النجارة وصنعة الخياطة والخلاصة ان النزاع فى المشتق انما هو فى وضع الهيئات مع قطع النظر عن خصوصيات المبادى المدلول عليها بالمواد التى تختلف اختلافا كثيرا فظهر عن هذا التفصيل جريان النزاع فى المشتق مطلقا اى سواء كان المبدا من الفعليات او من الملكات او من الحرف والصناعات.

ودفع قول صاحب الفصول بتخصيص النزاع فيما كان المبدأ من الفعليات.

قوله : خامسها ان المراد بالحال فى عنوان المسألة هو حال التلبس الخ

يبحث ان المراد من الحال ما هو فى قوله ان المشتق حقيقة فى خصوص ما تلبس بالمبدا فى الحال اى هل المراد حال التلبس او حال النطق فقال المصنف ان المراد بالحال فى عنوان المسألة هو حال التلبس لا حال النطق.

توضيحه ان المراد من الحال التى تكون سببا لتصيير التلبس بالمبدا حقيقة هو حال النسبة فاعلم ان المراد بالحال هو الظرف فيكون ما هو ظرف للنسبة بيد المتكلم مثلا يقول كان زيد عالما فجعل ظرف النسبة فيما مضى اما حال النطق لا يكون فى اختيار المتكلم فيقع حال النطق قهرا فى زمانه.

فثبت ان المراد من قولهم ان المشتق حقيقة فى خصوص ما تلبس بالمبدا فى

١٢١

الحال هو حال النسبة لا حال النطق واذا عبر بحال الجرى فالمراد هو حال النسبة اما قول مصنف ان المراد بالحال فى عنوان المسألة هو حال التلبس فهو سهو من القلم او الناسخ لان المراد هو حال النسبة.

ولا يخفى ان الميزان فى كون المشتق حقيقة او مجازا هو حال النسبة وحال التلبس اى ان اتحدا فيما انقضى او فى الحال او فيما سيكون فهو حقيقة.

الحاصل ان اطلاق المشتق بلحاظ حال النسبة والتلبس حقيقة مطلقا سواء كان بالنظر الى ما مضى او الحال او الاستقبال وذلك بالاتفاق مثلا زيد ضارب امس حقيقة لان حال جرى النسبة والتلبس كلاهما واقع فيما مضى وكذا زيد سيكون ضاربا غدا فانه حقيقة ايضا لان حال جرى النسبة والتلبس كلاهما واقعان فيما سيكون وهكذا زيد ضارب الآن اى حقيقة لان حال جرى وحال التلبس يكونان فى زمان الحاضر فى قبال الماضى والمستقبل.

لا يخفى ان مثل زيد ضارب مجاز بالاتفاق اذا كان التلبس فى الغد لان اطلاق المشتق على الذات يكون فعلا بلحاظ حال النسبة والاسناد قبل الزمان التلبس لانه سيتلبس به فيما بعد هو مجاز بالاتفاق بعلاقة الاول او المشارفة.

واما اطلاق المشتق على الذات فعلا اى بلحاظ حال النسبة والاسناد لانه كان متلبسا ومتصفا به سابقا فهو محل الخلاف والنزاع فقال قوم بانه حقيقة وقال آخرون بانه مجاز.

فاعلم ان زمان جرى النسبة يكون بيد واختيار المتكلم فيمكن ان يجعله فى الحال او فيما مضى او فيما سيكون اما زمان التلبس فهو خارج عن اختيار المتكلم مثلا تلبس زيد بالضاربية خارج عن اختيار المتكلم.

قوله : ويؤيد ذلك اتفاق اهل العربية الخ.

قد ظهر ان المراد من الحال فى عنوان المسألة هو حال النسبة لا حال النطق واستدل على ذلك بان نحو زيد ضارب امس او سيكون ضاربا حقيقة وان كان

١٢٢

المراد حال النطق فلا يصح كونهما حقيقة لان فى نحو زيد ضارب امس قد سبق التلبس بالمبدا ولا يكون فى هذا الزمان اى زمان النطق متلبسا وكذا زيد سيكون ضاربا اى يكون الاستعمال المشتق فى هذين المثالين حقيقة باعتبار اتحاد زمان النسبة والتلبس وهذا الاستعمال اتفاقى حتى عند الخصم.

وذكر المصنف مؤيدا من اتفاق اهل العربية على عدم دلالة الاسم على الزمان حاصل هذا التأييد ان اهل العربية اتفقوا على عدم دلالة الاسم على الزمان فيشمل هذا الاتفاق الصفات الجارية على الذوات اى هذا الصفات ايضا لا يدل على الزمان فيكون اعتبار الزمان باختيار ويد المتكلم وقد علم ان حال وزمان النطق لا يكون باختيار المتكلم والزمان الذى يكون باختيار المتكلم هو زمان النسبة.

فثبت من هذا الاتفاق ان المراد من حال هو حال النسبة وان كان المراد حال النطق فلا بد ان يكون بالوضع لا باختيار المتكلم لانه لا يقدر ان يجعل حال النطق فى احد الازمنة.

ولا يخفى ان المشتق لا يدل بالوضع على الزمان فيثبت ان المراد من الزمان الذى يدل المشتق عليه هو حال وزمان النسبة لانه يكون فى اختيار المتكلم.

قوله : لا يقال يمكن ان يكون المراد بالحال زمانه الخ.

اى ان قلت يمكن ان يكون المراد بالحال حال النطق لانه يتبادر عند الاطلاق مثلا اذا قيل ان المشتق حقيقة فى خصوص ما تلبس بالمبدا فى الحال فيتبادر من هذا حال النطق مثلا زيد آكل يتبادر منه حال النطق.

وجوابه علم مما سبق فى قوله ان المراد هو حال النسبة ضرورة ان مثل كان زيد ضاربا امس الخ اى المراد من الحال هو حال النسبة بالضرورة وان قلت ان كون المشتق ظاهرا بالانصراف من الاطلاق او بقرينة الحكمة فى حال النطق والمراد من مقدمة الحكمة او قرينة الحكمة هى اذا كان المولى في مقام البيان لا فى مقام الاجمال والاهمال فيجب عليه بيان تمام مراده.

١٢٣

فيقال فى محل النزاع ان كان مراد المتكلم حال النسبة فيجب عليه بيانه لما لم يبين فعلم ان كون المشتق ظاهرا فى حال النطق بالانصراف لانه فرد ظاهر فاجاب بقوله لانا نقول اى اقول انتم معترفون ان حال النطق لا يعلم من حاق اللفظ بل يعلم من الانصراف وليس هذا محل النزاع لان القائلين فى كون الحال هو حال النسبة هم بصدد تعيين ما وضع له المشتق لا لتعيين ما يراد منه بالقرينة وحينئذ لا يثبت ان ما وضع له المشتق هو حال النطق.

سادسها انه لا اصل فى هذه المسألة يعول عليه الخ.

اى اذا لم يوجد الدليل على كون المشتق للاعم او الاخص فهل يمكن التمسك بالاصول لاثبات كون المشتق لأيهما قال صاحب الكفاية لا اصل فى نفس هذا المسألة يعوّل عليه عند الشك اما اعمى فيقول انه يمكن التمسك بالاصل لاثبات الاعمى بوجهين الاول اذا شك فى لحاظ الخصوصيّة فتجرى اصالة عدم الخصوصية وثبت كونه للاعم.

الوجه الثانى انه يقال فى باب التعارض اذا دار الامر بين الحقيقة اى اشتراك المعنوى والمجاز فيقدم قدر المشترك على المجاز لاجل غلبته فى مقام الاستعمال فيقال فى رد هذين الوجهين عن الاخصى انا نجرى اصالة عدم ملاحظة العموم اى يقول الاخصى انتم تجرون اصالة عدم ملاحظة الخصوصية ونحن نجرى اصالة عدم ملاحظة العموم فيتعارضان ويتساقطان.

ونقول ثانيا ما المراد من الاصل ان كان المراد منه الاستصحاب فلا دليل هنا لحجيته ولا يجوز التمسك به لان هذا الاستصحاب يكون اصلا مثبتا ويشترط فى حجية الاستصحاب ان يكون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى اما استصحاب عدم لحاظ الخصوص فلا يكون امرا مجعولا وايضا لا يكون له اثرا مجعولا.

توضيحه ان عدم لحاظ الخصوص لا يكون حكما شرعيا وايضا لا يستلزم حكما

١٢٤

شرعيا لان لازم لهذا المستصحب اى عدم لحاظ الخصوص هو ملاحظة انعقاد الظهور اللفظ فى العموم فليس هذا اللازم مجعولا شرعيا وان كان المراد من الاصل اصالة البراءة فهو يقتضى عدم الكون المشتق حقيقة على من انقضى عنه التلبس بالمبدا اشار الى هذا المصنف.

بقوله فاصالة البراءة فى مثل اكرم كل عالم يقتضى عدم وجوب الاكرام ما انقضى عنه المبدا قبل الايجاب الخ.

مثلا يكون جرى النسبة والايجاب فى شهر الشوال اما تلبس بالمبدا فكان فى شهر الشعبان كذا فى المقام اذا كان التلبس بالمبدا فى شهر الرمضان وجرى النسبة والايجاب فى شهر الشوال فلا يجب اكرام العالم لان الامر صادر عن الموالى بعد انقضاء التلبس بالمبدا فلا يكون هذا الشخص عالما فى حال صدور الامر.

فان قلت المراد من الاصل هو بناء العقلاء قلت لم يثبت بناء العقلاء على كون المشتقات حقيقة فيمن انقضى عنه المبدا.

والجواب عن الوجه الثانى فنقول لا دليل على ثبوت غلبة الاستعمال للاشتراك المعنوى ولو سلم ثبوت الغالبة للاشتراك المعنوى فلا دليل على حجية هذه الغلبة فلا تصح هذه الغلبة صغرى وكبرى اما عدم صحة الصغرى فلا تكون غلبة الاستعمال فى العموم ولو سلم الغلبة فلا تكون هذه الغلبة دليلا.

قوله : فاعلم ان الأقوال فى المسألة وان كثرت الخ.

فيبحث هنا فى اصل المسألة وهو هل يكون المشتق للعموم او للخصوص.

والمتقدمون يقولون انه لا فرق بين المشتقات اى ان كانت للعموم فيكون كلها للعموم وان كانت للخصوص فكذلك لكن كثرت الاقوال بين المتأخرين لاجل توهمهم ان المشتق يختلف باختلاف مباديه لان المبدا فى بعض المشتقات حرفه وصناعة وفى بعضها قوة وملكة وفى بعضها فعلى اذا كان المبدا فى المشتق حرفة

١٢٥

او ملكة فكان المشتق للعموم واذا كان المبدا فعليا فكان المشتق للخصوص.

وايضا يقولون ان كان المشتق محكوما عليه فيكون لعموم ويقولون إن ثبت الضد للمشتق فيكون للخصوص وان لم يثبت الضد للمشتق فيكون للعموم من اراد زيادة التوضيح راجع الى قوانين الاصول.

فالمختار هو اعتبار التلبس فى الحال اى اذا كان ظرف النسبة والتلبس واحدا فيكون استعمال المشتق حقيقة والدليل على المختار هو تبادر خصوص المتلبس بالمبدا فى الحال وكذا صحة السلب عما انقضى عنه التلبس مثلا يصح سلب الضارب عمن انقضى عنه الضرب.

قوله كيف وما يضادها بحسب ما ارتكز من معناها فى الاذهان الخ.

هذا دليل الآخر على اعتبار التلبس فى الحال لكن المصنف جعله تحت لواء صحة السلب.

توضيحه اذا كان زيد قائما فيما مضى.

فيصح عنه سلب القيام فى زمان الحال.

قوله : وكيف ما يضادها.

اشارة الى جهة وسبب صحة السلب اعنى بعد انقضاء تلبسه بالقيام يصدق ما يضاده اى قعود مثلا لانه بعد زوال احد الضدين يجيء ضد الآخر مثلا فيما نحن فيه اذا انقضى تلبسه بالقيام لصدق عليه ضرورة تلبسه بالقعود ولا يصح تلبسه بالقيام على ما ارتكز بينهما من المضادة.

قوله : ولا يرد على هذا التقرير ما اورده بعض الاجلة.

اى اذا استدل على اعتبار التلبس فى الحال بالتضاد يلزم الدور لتقرير ان العلم بالموضوع له للخصوص يتوقف على العلم بالتضاد ومن المعلوم توقفه على العلم بكون الموضوع هو الخصوص.

والجواب عنه ان العلم التفصيلى بالوضع يتوقف على العلم بالتضاد وهو

١٢٦

موقوف على العلم الاجمالى بالوضع للخصوص.

مع أنّه يمكن القول بان العلم بالتضاد مأخوذ من العرف فلا يلزم من التوقف العلم التفصيلى بالوضع على العلم التفصيلى بالتضاد دور.

وقد مر نظير هذا الدور فى قوله السابع ان تبادر المعنى من اللفظ وانسباقه الى الذهن فى نفسه وبلا قرينة علامة كونه حقيقة فيه فاشكل هنا بان العلم بالموضوع موقوف على بالتبادر لانه علة للعلم بالموضوع له على قولكم والعلم بالتبادر ايضا موقوف على العلم بالموضوع له لانه لو لا وضعه له لما تبادر.

فاجيب عنه ان العلم التفصيلى بكونه موضوع له موقوف على التبادر اما التبادر

فهو موقوف على العلم الاجمالى الارتكازى بالموضوع له فلا دور هنا لوجود مغايرة بين الموقوف والموقوف عليه بالاجمال والتفصيل وكذا فى المقام.

قوله : ان قلت لعل ارتكازها لاجل الانسباق الخ.

اى ان قلت ليس التضاد من حيث الارتكاز بل يكون لاجل كثرة استعمال المشتق فى خصوص المتلبس بالمبدا قلت لا يكاد يكون لذلك اى لا يكون التضاد لاجل كثرة استعمال المشتق فى المتلبس بالمبدا لان استعماله فيمن انقضى عنه المبدا ايضا كثير لو لم يكن بالاكثر.

ان قلت على هذا يلزم ان يكون فى الغالب او الاغلب مجازا الخ.

اى اذا كان استعمال المشتق فى الاعم كثيرا فيلزم كثرة المجاز.

توضيحه اذا لم يكن التضاد لاجل كثرة الاستعمال فى الخصوص وكان الاستعمال فى الاعم كثيرا ايضا فيلزم كثرة المجاز وهو بعيد ولا تكون كثرة المجاز مناسبة لحكمة فى الوضع لان الحكمة فى الوضع ان يفهم المقصود من غير القرينة وان يكون فهمه سهلا.

١٢٧

قوله : لا يقال كيف وقد قيل هذا الكلام.

اشارة الى ان كثرة المجاز لا تنافى حكمة الوضع لان اكثر محاورات مجازات قوله : فان ذلك لو سلم.

اى يقال فى الجواب اولا لا نسلم كثرة الاستعمال فى المجاز لانا لا نلاحظ جميع المعانى المجازية الى المعنى الحقيقى بل نلاحظ المعنى الحقيقى الى احدى المعانى المجازية مثلا يكون للمعنى الحقيقى مائة فرد ويكون فى مقابله اربعة المعانى المجازية لكل المعانى المجازية خمسون فردا.

اما اذا لوحظ جميع الافراد المعانى المجازية الى افراد المعنى الحقيقى فتلزم كثرة المجاز لكن لا يلاحظ كذلك بل يلاحظ المعنى الحقيقى مع احد المعانى المجازية مثلا فى فرض المذكور كانت المعانى المجازية اربعة وكان لكل هذه المعانى الاربعة وخمسون فردا فيلاحظ المعنى الحقيقى الذى له مائة فرد مع المعنى المجازي الذى له خمسون فردا وكذا يلاحظ بعد هذا مع المعنى المجازي الآخر.

ويقال ثانيا لو سلمنا كثرة المعانى المجازية فتكون هذه الكثرة من باب الاتفاق لكثرة الحاجة فى بعض الموارد الى التعبير عن هذا المعنى المجازي لكن هذا لا ينافى حكمة الوضع.

قوله : قلت هذا جواب لقوله.

ان قلت على هذا حاصله قلت أوّلا لا يضران يستعمل اللفظ فى المعنى المجازي كثيرا وثانيا ان استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدا لا يكون هذا الاستعمال المجازي كثيرا لان الاستعمال فيما انقضى عنه المبدا على نحوين توضيحه ان استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدا تارة يكون بنحو الحقيقة مثلا اذا كان جرى النسبة والتلبس كلاهما فيما مضى فيكون هذا الاستعمال حقيقة.

اما اذا كان التلبس فيما مضى وجرى النسبة فى الحال فيكون مجازا.

١٢٨

فظهر من هذا البيان ان الاستعمال فيما انقضى عنه المبدا على نحو المجاز لا يكون كثيرا لان استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدا يصح ان يكون حقيقة ومجازا.

ان قلت لا يصح استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى والمجازي لمعاندتهما.

قلت ان اللفظ قد يستعمل فيما لا يصح استعماله فيه الّا بالتجوز كما فى استعمال اسد فى الرجل الشجاع اذ لا يصح استعماله فى الحيوان المفترس لان القرينة معاندة لارادة المعنى الحقيقى.

وقد يستعمل فيما يمكن فيه كل من التجوز والحقيقة اى لا معاندة بينهما كما فى المقام فان استعمال المشتق بالنسبة الى زمان الجرى ما لم يعلم فيحتمل كون الملحوظ حال التلبس فيكون حقيقة لان لحاظ النسبة يكون فى يد المتكلم اى يجعل زمان الجرى فى زمان التلبس مثلا كان التلبس فيما مضى ويجعل جرى النسبة ايضا فيما مضى او كان التلبس فيما مضى ويجعل جرى النسبة فى الحال فيكون مجازا ونظير ما نحن فيه اذا قلنا ان الشمس موضوعة للجرم فيكون استعمالها فى ضوء مجازا وان قلنا ان الشمس موضوعة للضوء فيكون استعمالها فيه حقيقة.

ولا يخفى عليك انه مع التمكن الاستعمال الحقيقى فلا وجه للاستعمال المجازي

قوله : وهذا غير استعمال اللفظ فيما لا يصح استعماله الخ.

هذا الكلام اشارة الى ما قلنا آنفا ان المعنى المجازي على القسمين الاول لا يكون المعنى المجازي معاندا للمعنى الحقيقى كما فى المقام والثانى يكون المعنى المجازي معاندا للمعنى الحقيقى فلا يكون فى هذا المقام اى مقام الاول المعنى المجازي مانعا من استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى.

ثم إنّه اورد على الاستدلال بصحة السلب الخ.

استدل القائلون بالخصوص بالاوجه الثلاثة.

الأول التبادر اى تبادر خصوص المتلبس بالمبدا فى الحال.

١٢٩

الثانى صحة السلب عما انقضى عنه المبدا.

الثالث التضاد مثلا يكون زيد قاعدا فلا يصح ان يقال انه قائم باعتبار ما مضى لوضوح التضاد بين القاعد والقائم.

فقد اورد على وجه الثانى اعنى انه لا يصح كون صحة السلب دليل للقائلين بالخصوص توضيحه هل يكون المراد بصحة السلب مطلقا بان يصح السلب القيام عن زيد بلحاظ الحال وما مضى معا فهو غير سديد لان صحة السلب مطلقا مستلزم للكذب اذا كان زيد قائما فيما مضى او يكون المراد صحة السلب مقيدا فهو غير مفيد لان المقصود هو صحة السلب المطلق.

هنا مقدمة لتوضيح المقصود وهى المفهومان اما ممتنع اجتماعهما فى الخارج فهما متباينان او ممكن اجتماعهما فى الخارج فهما اما متساويان او اعم واخص مطلق او من وجه وايضا يقال بين نقضى الاعم والاخص مطلقا اعم واخص مطلقا لكن بعكس العينين فنقيض الاعم اخص ونقيض الاخص اعم مثلا كل انسان حيوان فهو اعم اخص مطلقا ومرجعه الى موجبة كلية موضوعها الاخص ومحمولها الاعم وسالبة جزئية موضوعها الاعم ومحمولها الاخص نحو كل انسان حيوان وبعض الحيوان ليس بانسان هذا عين القضيّة.

اما نقيضها فيكون بين المفهومين اعم واخص مطلقا لكن بعكس العينين فنقيض الاعم اخص اى لا حيوان يصير اخص ونقيض الاخص اعم اى لا انسان يصير اعما.

ولا يخفى ان كون الشىء اعما او اخص يلاحظ باعتبار المصداق لا المفهوم فيكون لا حيوان اخص بلحاظ المصداق لان مصداقه هو لا بقر ولا فرس ولا انسان بعبارة الاخرى يقال ان افراد لا حيوان الشجر والحجر وهكذا فيكون لا حيوان اخص بلحاظ هذه الافراد اما لا انسان فيكون اعما بلحاظ المصداق اى بلحاظ الافراد فيكون افراده اكثرا من افراد لا حيوان لان لا انسان يشمل الشجر والحجر والبقر الغنم هكذا اما لا حيوان فلا يشمل البقر والعلم هكذا اذا تمت المقدمة.

١٣٠

فاشرع فى ذى المقدمة حاصله انه ان اريد بصحة السلب صحته مطلقا فهذا غير سديد لان صحة السلب مطلقا مثلا يستلزم سلب القيام عن زيد فى ما مضى وفى الحال اى لا يكون زيد قائما فى الحال وما مضى كما قلنا فى نحو لا حيوان انه لا يكون انسانا ولا فرسا ولا بقرا.

اذا قلنا فى المقام بصحة سلب القيام عن زيد مطلقا يلزم الكذب لانه كان متلبسا بالقيام فيما مضى كما اشار اليه صاحب الكفاية بقوله فغير سديد.

واما ان اريد بصحة بالسلب صحة السلب مقيدا فهو غير مفيد.

توضيحه ما قلناه فى ترتيب المقدمة ان النقيض الاعم اخص ونقيض الاخص اعم مثلا لا انسان اعم من لا حيوان وكذا فى المقام فيكون سلب المقيد اعما اذا قلنا ان زيدا ليس بقائم الآن فيصير اعما وافراده كثيرا لانه يدل على ثبوت القيام فيما مضى لذا قال صاحب الكفاية فهو غير مفيد اى اذا اريد صحة سلب القيام عن زيد مقيدا فى الحال فلا يفيد هذا السلب لكون المشتق فيما انقضى عنه المبدا يستعمل مجازا لان علامة المجاز هى صحة السلب المطلق لا المقيد.

قوله : وفيه انه ان اريد بالتقييد المسلوب الخ.

اجاب المصنف عن اشكال الذى يرد على استدلال الاخصى بصحة السلب عما انقضى عنه المبدا.

حاصل الجواب ان القضية السالبة على اقسام :

الاول ان لا يكون فيها القيد اصلا نحو زيد ليس بضارب فانه لا يصح كونه ضاربا ولو فى زمان الماضى.

الثانى ان يكون المسلوب مقيدا والمراد به هو المشتق نحو زيد ليس بضارب فى حال الانقضاء الآن فلا يكون صحة السلب فى هذا القسم علامة للمجاز.

حاصله ان اريد تقييد المسلوب اى المشتق فلا تكون صحة السلب مقيدا علامة نحو زيد ليس بضارب فى حال الانقضاء الآن وينطبق اشكالكم فى هذا القسم اى

١٣١

لا تجرى صحة السلب عما انقضى عنه المبدا ولا يصح الاستدلال بصحة السلب لما قلنا ان نقيض الاخص يصير اعما اى سلب المقيد يصير اعما لانه اذا قلنا زيد ليس بضارب فى حال الانقضاء الآن فيكون مفهومه ان زيدا ضارب فيما مضى.

فظهر مما ذكرنا ان تسليم المصنف عدم العلامية على تقدير كونه قيدا للمسلوب اى المشتق واما على تقدير كونه قيدا للمسلوب عنه او السلب فيصح كون صحة السلب علامة للمجاز.

الثالث ان يكون المسلوب عنه مقيدا والمراد من المسلوب عنه هو الموضوع كالزيد فى مثال المذكور نحو زيد المنقضى عنه الضرب ليس بضارب الآن وهذا لا اشكال فى صحته وكونه علامة للمجاز اعنى انه لا يكون متصفا بالضاربية الآن مطلقا اى لا تكون ضاربية الّتي انقضت ولا الضاربية الحالية.

الرابع ان يكون السلب مقيدا نحو زيد ليس فى حال الانقضاء بضارب يعنى هذا العدم يتحقق فى هذا الحال اى ليس زيد متصفا بالضاربية مطلقا فى الحال فلا يكون زيد فى الحال متصفا بالضاربية حتى الضاربية التى كانت فيما مضى لا اشكال فى صحة هذين القسمين وكونهما علامتين للمجاز.

قوله : ثم لا يخفى انه لا يتفاوت فى صحة عما انقضى عنه المبدا الخ.

الحاصل انه لا فرق فى صحة السلب عما انقضى عنه التلبس بالمبدا بين كون المشتق لازما وكونه متعديا مثلا لا فرق فى هذا الحكم بين القائم والقاعد والضارب والناصر اى تصح صحة السلب عما انقضى عنه المبدا فى كلها بلا فرق واذا اتحد حال جرى النسبة وحال التلبس فيكون هذا الاستعمال حقيقة.

اما اذا اختلف حالان فيكون مجازا عند الاخصى وحقيقة عند الاعمى نحو زيد ضارب فيمن كان متلبسا بالضرب سابقا كان هذا الاستعمال مجازا عند الاخصى وكذا زيد قائم واشار الى هذا المصنف بقوله وان كان بلحاظ الحال فهو ان كان صحيحا الّا انه لا دلالة على كونه بنحو الحقيقة.

١٣٢

قوله : كما لا يتفاوت فى صحة السلب عنه بين تلبسه بضد المبدا الخ.

اى كذا لا فرق فى صحة السلب عما انقضى عنه التلبس بالمبدا بين تلبسه بضد المبدا وعدم تلبسه.

قوله : حجة القول بعدم الاشتراط وجوه.

اى يقابل الاعمى لاثبات مذهبهم بادلة التى استدل الاخصى لمذهبهم استدل الاعمى لعدم اشتراط اتحاد الحالين اى حال التلبس وحال جرى النسبة بوجوه.

الاول التبادر.

اى استدل الاعمى بان يتبادر من المشتق التلبس بالمبدا آنا ما اى يتبادر من المشتق التلبس بالمبدا فى احد زمانين نحو زيد ضارب يتبادر كون زيد متلبسا بالضرب فى الحال او فيما مضى.

الثانى عدم صحة السلب فى مضروب عمن انقضى عنه المبدا.

اى الدليل الثانى هو عدم صحة السلب عمن انقضى عنه المبدا فى نحو المضروب والمقتول فيصح الحمل وينطبق على من انقضى عنه المبدا ايضا لا بان يحمل على خصوص من كان متلبسا بالمبدا.

قوله وفيه ان عدم صحيحته فى مثلهما الخ

اى يشكل على وجه الثانى بان المقتول والمضرب على المعنيين مثلا القتل يستعمل على قطع الاوداج وكذا يستعمل على عدم الروح والمضروب يكون اسما لشخص مؤلم وكذا يستعمل على الهتك ولا يخفى عليك عدم ثبوت الدعوى والنزاع فى المبدا بل يكون البحث والنزاع فى الهيئة اذا استعمل المضروب فى المهتوك فيدوم الجرى والتلبس بالمبدا ويكون زمان الجرى والتلبس واحدا لمداومة التلبس بالمبدا فى المضروب بمعنى المذكور اى المهتوك ولا يصح سلب المضروب عنه وكذا المقتول فانه اخذ المبدا فيه على نحو يكون باقيا بان يراد من القتل فى

١٣٣

المقتول عدم الروح لا ازهاقها اى يتوسع المبدا فيه الى الحال فلا يصح سلب المضروب والمقتول اذا استعملا فى المعنيين المذكورين اما اذا استعملا فى المعنيين الآخرين يصح السلب.

قوله الثالث استدلال الامام عليه‌السلام الخ.

هذا دليل الثالث للاعمى لاثبات مطلوبهم حاصله ان الناس يسألون عن الامام عليه‌السلام من مسئلة الخلافة اى الخلفاء الثلاثة قال امام عليه‌السلام لا يكون خلافتهم حقا واستدل بقوله تعالى لا ينال عهدى الظالمين والمراد من العهد منصب الامامة اى لا ينال الظالمين والمراد منهم عباد الاصنام والظلم على الله.

كانت هذه الآية فى قضية حضرت ابراهيم الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام لما اعطى الله له منصب الرسالة فسئل ابراهيم عليه‌السلام عن ذريته من امر الرسالة فقال الله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) والمراد الظلم على الله عبادة الاصنام اما الاستدلال بهذه الآية فى المقام فيكون فى مسئلة الخلافة والامامة.

توضيحه ان الامام عليه‌السلام قال هم الظالمون مع ان ظلمهم كان سابقا على زمان خلافتهم فيصدق عليهم الظالمية حقيقة باعتبار ما مضى فاقتبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الاستدلال من قوله تعالى هنا فاخذ ما ذكر لاستدل الاعمى على استعمال المشتق حقيقة فيما انقضى عنه التلبس.

والجواب منع التوقف على ذلك بل يتم الاستدلال ولو كان موضوعا للخصوص.

توضيح ذلك يحتاج الى ترتيب المقدمة وهى ان الاوصاف العنوانية والمشتقات التى تؤخذ فى موضوعات تكون على ثلاثة اقسام.

احدها ان يكون اخذ العنوان من حيث إنّه مشير الى موضوع الحكم لا دخل له فى الحكم اى لا يكون لهذا العنوان مدخل لاتصاف الموضوع بالحكم.

توضيح المطلوب بمثال الخارج جاء شخص الى على عليه الصلاة والسلام

١٣٤

من اجل سؤال الاحكام فقال عليه‌السلام بعد سؤال السائل عليك بهذا الجالس والمراد من الجالس احد اصحابه فلا مدخل للجالسية فى علة الحكم لان العلة والسبب لهذا الحكم هو العلم اما العنوان فجعل مشيرا الى علة الحكم وسبيلا اليها لان الموضوع والعلة للحكم وهو العالمية وكان هذا العنوان فى المقام طريقا الى معرفة هذا الموضوع.

ثانيها ان يكون لاجل الاشارة الى علية المبدا الخ.

اى يجعل المشتق عنوانا للحكم حدوثا فقط نحو قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) وكذا قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) فالسرقة والزناء جعل عنوانا لموضوع الحكم حدوثا لا بقاء لان مدة الزناء لا تزيد عن دقائق.

ثالثها ان يكون كذلك مع عدم الكفاية الخ ،

اى قسم الثالث ما يكون العنوان علة للحكم حدوثا وبقاء كالاستطاعة للحج انها علة للحكم بقاء الى آخر ذى حجة ومثال الآخر كالتغير الماء بالنجاسة فى احد أوصافه الثالثة اللون والطعم والريح فان التغير الماء بالنجاسة فى احد الاوصاف علة للنجاسة الماء اخذ حدوثا وبقاء لانه يطهر بزوال التغير ولو بنفسه.

وحاصل الجواب بعد ترتيب هذه المقدمة ان الاستدلال بهذا الوجه انما يتم لو كان اخذ العنوان فى الآية الشريفة على نحو قسم الأخير اى يكون العنوان علة للحكم بقاء وحدوثا لكن اخذ العنوان فى الآية الشريفة يكون من القسم الثانى اى يكون العنوان علة للحكم حدوثا لا بقاء يعنى ان حدوث المبدا كافى لثبوت الحكم اى حدوث هذا العنوان يكون كافيا فى ثبوت الذم لصاحب هذا العنوان اذا كان الشخص عبدا للصنم آنا ما فلا يناله منصب الامامة والخلافة لان لهما جلالة قدر ورفعة محل فالمناسب لذلك ان لا يكون من تلبس ويتقمص بهذا المنصب متلبسا بالظلم اصلا فلا يصح استدلال الاعمى بهذه الآية الشريفة.

١٣٥

ان قلت نعم لكن الظاهر ان الامام عليه‌السلام الخ.

هذا تتمة الاستدلال السابق حاصله ان الامام عليه‌السلام يطلق عنوان الظالم عليهم حقيقة باعتبار ما مضى وليس المراد من اطلاق الظلم عليهم مجازا وانما يصح الاطلاق الحقيقى باعتبار ما انقضى عنه المبدا اذا كان وضع المشتق للاعم كما قال به الاعمى.

قلت لو سلم اى ولو سلم ان الظهور المشتق كان فيما انقضى عنه التلبس بالمبدا حقيقة فلا ينفع هذا الظهور للأعمى لما قلنا ان المجاز على القسمين.

احدهما لا يعاند للمعنى الحقيقى اى يجتمع هذا المعنى المجازي مع المعنى الحقيقى.

والآخر يعاند للمعنى الحقيقى اى المعنى المجازي لا يجتمع مع المعنى الحقيقى.

اما فى المقام فيكون المراد المعنى المجازي الذى يجامع المعنى الحقيقى بان يجعل زمان الجرى مطابقا لزمان التلبس فيحصل الاتحاد بينهما فيصير المعنى الحقيقى هذا لا ينفع للقائلين بالاعم لان معنى الآية يكون كذلك والله عالم من كان ظالما ولو آنا ما فى زمان السابق لا ينال عهدى ابدا.

قوله : ومنه قد انقدح ما فى الاستدلال على التفصيل بين محكوم عليه والمحكوم به الخ.

يعلم من هنا انه لا يصح استدلال آخر للاعمى ايضا توضيحه ان الاعمى يفرق بين المشتقات فيما اذا كانت محكوم عليه فتكون للاعم نحو قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) واذا كانت محكوم به فتكون للاخص قد علم جوابه مما سبق من انه لا فرق بين المشتقات من هذه الحيثية لان العنوان اخذ هنا علة للحكم حدوثا لا بقاء.

١٣٦

بقى امور الاول ان مفهوم المشتق على ما حققه المحقق الشريف الخ.

اى هناك امور ستة فقال فى امر الاول انه ما ثبت عند الاذهان من معنى المشتق لا يصح عند المصنف وسلب هذا المعنى من يدكم وكان المتبادر عند الاذهان ان معنى المشتق هو ذات ثبت له المبدا.

فرتبت هنا مقدمة وهى انه لا يكون كل شىء ضروريا ولا نظريا بل يكون بعضه ضروريا وبعض الآخر نظريا.

والمراد من النظر ما يحتاج الى النظر العرفى والمراد من النظر ترتيب امور المعلومة لتحصيل امور المجهولة مثلا المعرف بالكسر مركب من الجنس والفصل فيكون المراد من النظر ترتيب الجنس والفصل لتحصيل معرف الذى تكون مجهولا.

فان قلت المراد من النظر هو ترتيب الامور فيكون جمعا والمراد من المعرف هو الجنس والفصل فلا يصح اطلاق الامور فى المعرف لانه ليس بجمع.

قلت المراد من الامور هو جمع منطقى لان المنطق منقول عن اللغة اليونانية ليست لها التثنية كاللغة الفارسية.

ويشكل ايضا ان المعرف قد يكون حدا تاما وقد يكون حدا ناقصا وكذا يكون رسما تاماً وقد يكون رسما ناقصا مثلا اذا كان المعرف مثل ضاحك فليس هنا ترتيب الامور لان الضاحك امر واحد فاجيب عن هذا الاشكال بان المراد من الضاحك ذات ثبت له المبدا ويصح اطلاق الامور على الضاحك بهذا للمعنى.

واعترض المحقق الشريف على هذا الجواب بان الذات ليست مأخوذة فى مفهوم الضاحك كما اشار المصنف الى هذا الاعتراض.

بقوله ان مفهوم المشتق على ما حققه المحقق الشريف فى بعض حواشيه الخ.

توضيحه على قوله ان الذات لا تكون مأخوذة فى مفهوم المشتق.

اما وجه عدم اخذ الذات فى المشتق على قوله فهو اما ان يكون مصداقا او

١٣٧

مفهوما كلاهما لا يصح لانه اذا اخذ مفهوم الذات فيصير المشتق عرض عام اى لا يكون هذا المشتق فصلا بعبارة اخرى لا يطرد هذا التعريف لدخول عرض العام فيه.

اما اذا اخذ مصداق الذات فيلزم انقلاب الممكنة الى الضرورية مثلا الانسان كاتب قضية ممكنة اذا اريد من الكاتب مصداقيه والمراد من مصداقه هو الانسان فيصير الانسان كاتب بمنزلة الانسان انسان هذه القضية ضرورية لان اتصاف الانسان بالانسانية ضروريه كما بين فى محله اى المنطق.

هذا ملخص ما افاده المحقق الشريف من انه لا يدل المشتق على الذات التى ثبت لها المبدا ويشكل عليه كما قال المصنف.

بقوله وقد اورد عليه فى الفصول الخ.

اى يكون معنى المشتق ذات ثبت له المبدا والمراد من الذات هو المفهوم اى شىء ثبت له المبدا اما على القول المنطقيين فاذا جعل المشتق فصلا يجرد عن المفهوم مثلا الناطق اذا جعل فصلا للانسان يكون بعد التصرف فيه اى بعد تجريده عن المفهوم هذا الجواب عن الفصول.

لكن صاحب الكفاية اجاب على نحو الآخر وقد رجحه اى قال ان مثل الناطق لا يكون فصلا حقيقتا لان معرفته يكون مشكلا بل لا يعرف الفصل الحقيقى اصلا او نقول ان المراد من الفصل الحقيقى هو آثار الوجود لا نفس الوجود على اى حال فلا يكون الناطق فصلا وان قال المنطقى ان الناطق فصل ليس هذا إلا لتغرير الناس فلا يصح قولهم ان الحيوان والناطق من الذاتيات الانسان والضاحك من عوارض الانسان لان الذاتيات لا تعرف اصلا.

قال شيخنا الاستاذ ان الناطق والضاحك مستويان لان الناطق ايضا لازم الذات فلا يرد اشكال الذى بينه المحقق الشريف من دخول العرض فى الذاتيات لكن يرد اشكال الآخر اى دخول العرض العام فى الخاص ولا بأس فيه لما يثبت ان الناطق عرض لا من الذاتيات ولا يخفى ان العلم بالخاص ما يحتاج اليه دائما فلا بد فى مقام التعريف

١٣٨

العلم بالعرض الخاص ولوازم القريبة والبعيدة والعام ويسمى العرض الخاص بالجنس والفصل وكذا لوازم البعيدة فتسمى بالعوارض والاعراض.

والمراد من اللوازم البعيدة ما لا يكون عروضها بنفسها بل تحتاج الى الواسطة يكون هنا اشكال الآخر على كون الناطق فصلا حاصله ان الناطق اما ان يكون بمعنى الادراك فهو كيف نفسانى لا يصح كونه مقوما للجوهر وان كان المراد من الناطق النطق الظاهرى فهو كيف مسموع ايضا لا يصح كونه مقوما للانسان لان المقوم ما يكون ذاتيا.

قال صاحب الكفاية لنا شاهد على عدم كون الناطق مقوما للانسان لانه اذا قيل الانسان جسم حيوان حساس متحرك بالإرادة فتكون هذه الجملة مقوما للانسان اذا كان الناطق مقوما فيلزم ان يكون للشّيء الواحد فصلان ومقومان اذا وجد للشيء الواحد مقومان فيصر الشى الواحد شيئين.

قوله : والتحقيق ان يقال ان مثل الناطق ليس بفصل حقيقى الخ.

الفصل الحقيقى هو ما يكون ذاتيا للشّيء ومبدأ لصورته التى بها شيئيته.

والفصل المشهورى هو ما يكون لازما له ومن اظهر خواصه.

توضيحه ان الناطق فصل فى الاصطلاح المنطقيين لا للحكيمى لانه ليس حق للمنطقى فى بيان حقيقة الاشياء فيكون الناطق فصلا مشهوريا اى الفصل يستعمل على اقسام كالكلى والكلى على ثلاثة اقسام كما بين فى محله وهى عبارة من المنطقى والطبيعى والعقلى.

فان لاحظ العقل نفس ذات الموصوف بالكلى مع قطع النظر عن الوصف مثلا يعتبر الانسان بما هو انسان من غير التفات الى انه كلى او غير كلى اى ذات موصوف بما هو عند هذه الملاحظة يسمى الكلى الطبيعى ويقصد به طبيعة الشىء وحقيقة بما هى.

وان لاحظ العقل مفهوم الوصف بالكلى وحده وهو ان يلاحظ العقل مفهوم

١٣٩

ما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين فان مفهوم الكلى بما هو عند هذه الملاحظة يسمى الكلى المنطقى لا وجود له إلا في العقل.

وان لاحظ العقل المجموع من الوصف والموصوف فان الموصوف بما هو موصوف بالكلى يسمى الكلى العقلى لانه لا وجود له الا فى العقل لاتصافه بوصف العقلى فان الكلى الموجود فى الخارج لا بد ان يكون جزئيا حقيقيا.

فاعلم ان المقصود من هذه المقدمة اى بيان اقسام الكلى هو ان الفصل يستعمل فى غير هذا المعنى الذى اشتهر عند المنطقيين مثلا الناطق الذى ذكر انه لازم للفصل الحقيقى فصل طبيعى ونفس الفصلية فصل منطقى ومجموعهما فصل عقلى والمراد من الفصل هنا الفصل المنطقى المشهورى هو الفصل الطبيعى اى المراد من فصل المشهورى هو المقوم للشّيء.

فى معنى المشتق على مسلك صاحب الفصول

قوله : ثم قال إنّه يمكن ان يختار الوجه الثانى الخ

اى قال صاحب الفصول يمكن ان يؤخذ الموضوع ذاته ولا يلزم اشكال الذى اورده المحقق الشريف من انه يلزم من اخذ الذات فى المفهوم المشتق انقلاب الامكان الى الضرورة.

توضيح قول صاحب الفصول ان معنى الانسان كاتب الانسان انسان كاتب فلا يكون اتصاف الانسان بانسان الكاتب ضروريا بل يكون هذا الاتصاف ممكنا قال شيخنا الاستاد ان المشتق مركب من الداخل والخارج اى من الضرورى وغيره اى الانسان والكتابة فالمركب من الداخل والخارج خارج والمركب من الضرورى وغيره غير ضرورى بعبارة اخرى ان النتيجة تابعة للاخس من المقدمتين فيكون امكان الكتابة أخس لذا يراد من الانسان كاتب بان يكون وجود الكتابة وعدمه ممكنا.

اما ان كان معنى الانسان كاتب الانسان انسان فيلزم انقلاب الممكنة الى الضرورية

١٤٠