هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

عن زمان الوجوب ولا يخفى ان الواجب والمادة والوجود بمعنى واحد ويسمى هذا القسم الواجب المعلق لتعليق الفعل لا وجوبه على زمان غير حاصل بعد كالحج مثلا فانه عند حصول الاستطاعة يكون وجوبه فعليا ولكن الواجب معلق على حصول الموسم.

اما توضيح هذا التقسيم فيقال ان من تقسيمات الواجب تقسيمه الى المعلق والمنجز وحاصل ما افاد صاحب الفصول فى تعريفهما هو ان المنجز عبارة عن واجب الذى يتعلق وجوبه على المكلف من غير توقف حصول ذلك الواجب على امر غير مقدور له كالمعرفة باصول الدين فانها واجبة من غير توقفها على امر خارج عن قدرته.

والمعلق بخلافه كالحج فى الموسم فانه يتوقف على امر غير مقدور للمكلف وهو الوقت.

وبهذا ظهر الفرق بين الواجب المعلق الفصولي الذى هو اناطة الواجب بامر غير مقدور وبين الواجب المشروط المشهورى الذى هو اناطة الوجوب بامر غير متحقق بعد حاصل الفرق ان المراد من الواجب المعلق الفصولي ان يكون الوجوب فعليا وسابقا زمانا على فعلية الواجب لكن يتأخر زمان الواجب عن زمان الوجوب اى وجود الواجب يتأخر عن زمان الوجوب.

والمراد من الواجب المشروط المشهورى ما يكون وجوبه متأخرا ومنوطا بامر غير متحقق اى لم يكن وجوبه فعليا بل يكون مقيدا بحصول الشرط.

قد تم الى هنا ثلاث جمل الاولى تكون لصاحب الفصول اى قسم الواجب الى المنجز والمعلق والثانية للشيخ فانه انكر الواجب المعلق الثالثة لصاحب الكفاية فانه قائل بصحة واجب المعلق لكن قال لا وقع لهذا التقسيم اى لا تكون الفائدة لهذا التقسم.

فان قلت ما النسبة بين واجب المعلق الفصول وواجب مشروط الشيخ فاى

٢٨١

نسبة من نسب الاربعة بينهما اقول يعلم من عبارة صاحب الفصول انه يكون بينهما اعم واخص مطلق توضيحه ان صاحب الفصول عرف الواجب المعلق بانه يتوقف على امر غير مقدور للمكلف فيعلم من هذه العبارة انه يكون بين واجب معلق الفصول وواجب مشروط الشيخ اعم واخص مطلق.

توضيحه ان كل واجب معلق واجب مشروط عند الشيخ وبعض واجب مشروط عند الشيخ ليس واجبا معلقا عند الفصول لان الشيخ عرف الواجب المشروط بان يتوقف حصوله على امر ولم يقل بان يتوقف حصوله على امر غير مقدور اى لم يكن غير مقدور فى عبارة الشيخ فتحصل مادة الافتراق من جانب الواجب المشروط الشيخى فى المورد الذى يتوقف حصول الواجب على امر مقدور.

قوله : لا يخفى ان شيخنا العلامة اعلى الله مقامه حيث اختار فى الواجب المشروط ذاك المعنى الخ.

اى قال الشيخ ان الواجب المشروط ما يكون الشرط قيدا للمادة اى جعل الشرط من قيود المادة ثبوتا واثباتا والمراد من الثبوت بان يكون الشرط من قيود المادة واقعا والمراد من الاثبات بان يكون الشرط من قيود المادة لبّا ودليلا فظهر ان الواجب المشروط عند الشيخ هو الواجب المعلق عند الفصول.

قوله : نعم يمكن ان يقال انه لا وقع لهذا التقسيم الخ.

اى غرض المصنف من هذه الجملة الاعتراض على الفصول بعد دفع اشكال الشيخ عنه وحاصل الاعتراض على تقسيم الفصول الواجب الى المنجز والمعلق هو ان المعلق والمنجز كليهما من الواجب المطلق المقابل للمشروط ومقتضى اطلاق الوجوب وفعليته هو اطلاقه وفعليته فهذا التقسيم لغو بالنسبة الى وجوب المقدمة لوجوبها فعلا على التقديرين حيث ان مناط وجوبها هو اطلاق وجوب ذى المقدمة موجود فى كل من المنجز والمعلق فلا اثر لهذا التقسيم الى وجوب المقدمة اصلا اشار الى هذا صاحب الكفاية بقوله يمكن ان يقال انه لا وقع لهذا التقسيم وحاصله

٢٨٢

ان مجرد كون الواجب حاليا فى المنجز واستقباليا فى المعلق لا يجدى فى صحة التقسيم الى المنجز والمعلق بعد كون الوجوب فى كلا القسمين حاليا ومطلقا والمفروض ان الأثر هو وجوب المقدمة بناء على الملازمة مترتب على اطلاق وجوب ذى المقدمة من دون دخل لحالية الواجب واستقباليته فى ذلك الحاصل انه لا فائدة فى تقسيم الواجب الى المنجز والمعلق.

فى بيان الاشكال الذى اورد المحقق النهاوندى

على الواجب المعلق

قوله : ثم إنّه ربما حكى عن بعض اهل النظر من اهل العصر اشكال فى الواجب المعلق الخ.

قد ظهر ان صاحب الفصول قسم الواجب الى المنجز والمعلق واشكل بعض اهل النظر عليه والمراد من اهل النظر هو المحقق النهاوندى ووافقه فى هذا الاشكال جماعة من الأكابر.

حاصل الاشكال انه قاس وشبه الارادة التشريعية بالارادة التكوينية وقد ذكر الفرق بينهما فى مبحث الارادة والطلب واذكر حاصله هنا لان الاعادة خير من الحوالة وايضا كان من عادة شيخنا الاستاد الاعادة.

فنقول ان الارادة على قسمين اى التكوينية والتشريعية والمراد من ارادة التكوينية ما كان له الطرفان وهما عبارة من المريد والمراد اى تعلق الارادة بنفس فعل المريد.

والمراد من ارادة التشريعية ما كان لها ثلاثة اطراف اى المريد والمراد والمراد منه وتعلق الارادة التشريعية بفعل شخص آخر قد حقق فى محله ان الارادة التكوينية لا ينفك عن المراد فشبه بعض اهل النظر الارادة التشريعية بالارادة التكوينية اى قال ان الارادة التشريعية لا تنفك عن المراد ايضا كالارادة التكوينية.

٢٨٣

اذا ثبت قياس الارادة التشريعية على الارادة التكوينية فنقول ان البعث والطلب كانا من الارادة التشريعية لكن جعلت كالارادة التكوينية فكذا البعث والطلب لا ينفكان عن المطلوب والمبعوث اليه فثبت من هذا البيان بطلان الواجب المعلق لان البعث والطلب فى الواجب المعلق حالى لكن المطلوب والمبعوث اليه استقبالى فتنفك الارادة عن المراد.

حاصل هذا الاشكال الذى هو احد اشكالات الواجب المعلق ان الارادة التشريعية كالارادة التكوينية فى كونهما مشتركين فيما تتوقف عليه الارادة من العلم والتصديق بالغاية والميل وفيما يترتب على الارادة من تحريك العضلات وحصول الفعل بعده ومن المعلوم ان المراد التكوينى لا ينفك عن زمان تحريك الذى لا ينفك عن زمان الارادة ولا بد ان يكون المراد التشريعى فلا ينفك عن زمان امر الذى لا ينفك عن زمان ارادة التشريعية والواجب المعلق ليس كذلك لكون المراد فيه متأخرا زمانا عن الارادة لان المفروض استقباليته فيكون من قبيل تخلف المعلول عن العلة.

قلت فيه هذا دفع الاشكال قال شيخنا الاستاد ان الانسان يحصل العلم فى زمان الشباب ليأخذ المطلوب فى زمان المتأخر ان زال شىء من المباحث من الذهن فيبكى هذا الشخص لانه لم يصل الى المطلوب ويكون العلم نفيسا لانه يصل الانسان الى المطلوب فثبت هنا الانفكاك بين الارادة والمراد.

توضيح دفع الاشكال وهو يرجع الى الوجهين :

احدهما منع امتناع انفكاك ارادة التكوينية التى هى المقيس عليها عن المراد

وثانيهما منع امتناع انفكاك فى المقيس وهو الارادة التشريعية ولو مع تسليم امتناع الانفكاك فى المقيس عليها.

اما وجه الأول فحاصله ان الارادة كما تتعلق بالأمر الحالى وكذلك تتعلق بامر الاستقبالى اذا كان المراد بعيد المسافة وذات مقدمات كثيرة محتاجة الى زمان مديد فان اتعاب نفس فى تحصيلها ليس الّا لاجل تعلق ارادته بما لا يحصل الّا بها

٢٨٤

فان السفر المحتاج الى المقدمات انما هو للوصول الى المراد وهو تحصيل المال مع انفكاكه عن ارادة وهكذا ارادة تحصيل العلم وقراءة الدرس ومشقاته واتعاب النفس فى تحصيله ليس الّا لأجل تعلق ارادته بما يحصل فى الزمان المتأخر.

واما وجه الثانى فهو ظاهر اى ليس المانع فى انفكاك المراد عن الارادة فى الارادة التشريعية.

الحاصل اى حاصل الاشكال والجواب ان بعض اهل النظر اشكل على الواجب المعلق وانكره قال ان الارادة التشريعية كالارادة التكوينية اى لا ينفك الطلب عن المطلوب الظاهر ان الارادة محتاجة الى المقدمات وهى التصور والعزم والجزم والتصديق بالفائدة والميل ودفع الموانع اذا تمت هذه المقدمات تجىء الارادة وقد شبه المستشكل الارادة التشريعية بالارادة التكوينية فى عدم انفكاكها عن المراد فظهر وجه انكار البعض الواجب المعلق لانه يلزم فيه انفكاك الارادة عن المراد تم الى هنا حاصل الاشكال.

فنذكر ان شاء الله حاصل الجواب فنقول ان الارادة تتعلق تارة فى الامر الحالى نحو ارادة الشخص للتكلم فلا تنفك هذه الارادة عن المراد.

وتتعلق تارة فى الامر الاستقبالى نحو ارادة الشخص الزيارة بعد ايام فتنفك هذه الارادة عن المراد فظهر عدم صحة المقيس عليها اى لا يصح امتناع انفكاك الارادة التكوينية عن المراد فى بعض المورد بل يصح انفكاكها عن المراد كالتعلق الارادة فى الأمر الاستقبالى.

قال شيخنا الاستاد من اين يجيء هذا الغلط والمراد من الغلط هو عدم انفكاك الارادة التكوينية عن المراد اصلا فما السبب لهذا الغلط قلنا السبب لهذا ما قرع سمعهم ان الارادة مستتبعة لتحريك العضلات تجىء عقب الداعى وعقب درك الملائمات وعقب الشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد اذا تمت هذا المقدمات فتجىء الارادة نحو المراد ولا تنفك عنه قد انشأ بعضهم الشعر بهذه المضمون :

٢٨٥

عقب داع وعقب در كنا ملائمات

شوقا مؤكدا ارادة سما

اى يسمى هذا الشوق المؤكد ارادة اذا كان بعد الداعى وبعد ادراك الملائمات فيستتبع هذا الشوق المراد لتبعية هذا الشوق للمتبوع الذى هو المراد والمطلوب لان وجود التابع فرع لوجود المتبوع.

فيقال فى الجواب سلمنا ان المراد من ان الشوق المؤكّد هو الارادة لكن يتصور على ثلاثة اقسام.

القسم الأول ما لا يحتاج المراد فيه الى المقدمات مثلا اذا حصل الشوق المؤكد فلا يحتاج الى المئونة والمقدمات ويكون هذا الشوق محركا للعضلات نحو المراد فلا تنفك فى هذه الصورة الارادة عن المراد.

القسم الثانى ما يحتاج فيه تحريك العضلات نحو المراد الى المقدمات مثلا يحصل المراد بعد ثلاثة اشهر فتنفك فى هذه الصورة الارادة عن المراد ويكون تحريك العضلات الى الامر الفرعى لا فى اصل المقصود.

والمراد القسم الثالث ما تكون الارادة فيه الى الامر المتأخر الذى لا يحتاج الى المئونة لكن يحتاج هذا الامر الى الوقت فقط فلا يكون فى هذه الصورة تحريك العضلات لا الى الفرع ولا الى الاصل.

فظهر مما ذكر عدم انفكاك الارادة عن المراد فيما لا يحتاج المراد الى المئونة والوقت واما فيما يحتاج المراد الى المئونة او الوقت فتنفك الارادة عن المراد.

هذا ثانى الوجهين لدفع الاشكال عن الواجب المعلق

قوله : هذا مع أنّه لا يكاد يتعلق البعث الا بامر متأخر عن زمان البعث الخ.

هذا ثانى الوجهين اللذين اجاب بهما المصنف عن اشكال المحقق النهاوندى والمراد من هذا الجواب فساد مقايسة الارادة التشريعية بالتكوينية لكون القياس

٢٨٦

مع الفارق.

حاصله انه لو سلمنا امتناع الانفكاك فى الارادة التكوينية فلا بد من الالتزام بالانفكاك فى الارادة التشريعية وهى ارادة الفعل من الغير باختياره حيث ان المأمور لا ينبعث عن الامر نحو المأمور به الا بعد تصور الامر وما يترتب على موافقته ومخالفته من استحقاق المثوبة والعقوبة ليحصل له الداعى الى الاتيان بالمأمور به فلا محاله يتأخر الانبعاث الذى هو ظرف الواجب عن زمان البعث ويتحقق الانفكاك بينهما.

توضيحه بعبارة اخرى ان قياس الارادة التشريعية بالارادة التكوينية قياس مع الفارق لان بعث الفعل يكون لاحداث الداعى فى الشخص المأمور وايضا العلم بالفعل يحصل باسماع اى يكون البعث الى الفعل فى الزمان الاول والاتيان بالواجب فى الزمان الثانى فيكون زمان الواجب وظرفه متأخرا عن ظرف البعث والطلب.

ومن يقول ان البعث لا يتقدم زمانا على المراد فهو غير مرضى لان تأخر المراد والمقصود عن البعث والطلب ظاهر واذا حصل تأخر المبعوث اليه عن البعث قليلا هذا كاف فى جواز انفكاك المراد عن الارادة وانفكاك المبعوث اليه عن البعث.

ولا فرق بين الطول والقصر فى الفاصلة اذا كانت الفاصلة محالا فلا فرق بين أن تكون دقيقة او سنة وان امكنت الفاصلة دقيقة امكنت سنة ايضا لان الحاكم فى باب الامكان والاستحالة هو العقل ولا يفرق العقل بين أن تكون الفاصلة قليلة او كثيرة.

قد ذكر هنا الجواب عن الاشكال الذى اورد المحقق النهاوندى على الواجب المعلق.

قال شيخنا الاستاد ان اكثر الواجبات تكون معلقا لان التكليف الواقعى الذى يكون فى متعلقه مصلحة او مفسدة اما ان يصير فعليا واما ان لا يصير فعليا بان تقوم الامارة على خلافه فثبت فى هذه الصورة انفكاك الطلب عن المطلوب اى فى صورة

٢٨٧

قيام الامارة على خلاف الحكم الواقعى ينفك الطلب عن المطلوب والبعث عن المبعوث اليه.

قوله : وربما اشكل على المعلق ايضا بعدم القدرة على المكلف به الخ

هذا اشكال آخر من اشكالات على الواجب المعلق حاصله انتفاء القدرة على الواجب المعلق حين الوجوب مع انها من الشرائط العامة للتكليف ومقتضى شرطيتها انتفاء الوجوب بانتفائها فالحج فى الموسم قبل الوقت لعدم القدرة عليه غير واجب وكذا غيره من الواجبات المعلقة لعدم القدرة عليها حين ايجابها.

دفع الاشكال الذى ورد على الواجب المعلق

قوله : وفيه ان الشرط انما هو القدرة على الواجب فى زمانه الخ.

هذا دفع الاشكال توضيحه ان القدرة على الواجب التى هى من شرائط الوجوب هى القدرة على الواجب فى زمانه لا فى زمان الوجوب اى تشترط القدرة حين العمل لا حين التكليف ففى الواجب المعلق ثابتة القدرة على المكلف به حين العمل.

ونظيره ما ذكر فى باب النذر اى يقال هناك ان الرجحان شرط فى متعلق النذر لكن هذا الرجحان شرط حين العمل فى النذر ولا يخفى ان الشرط على قسمين عقلى وشرعى اما رجحان النذر فهو شرعى.

الحاصل ان القدرة شرط فى الواجب حين العمل سواء كان تعبديا ام توصليا قد ذكر نظير هذا الاشكال فى الواجب التعبدى من ان قصد الامتثال لا يؤخذ فى نفس العبادة شرعا وذلك لعدم قدرة المكلف على قصد الامتثال لان هذا القصد يجيء من جانب الأمر وقبل مجىء الأمر لا يقدر المكلف على قصد الامتثال فقد اجيب عن هذا الاشكال ان القدرة حاصلة للمكلف وقت العمل وفى حال الامتثال.

٢٨٨

وحاصل الجواب بعبارة اخرى ان الشرط يتصور على اقسام من المقدم والمقارن والمتأخر فتكون القدرة فى الواجب المعلق من باب الشرط المتأخر الذى هو من شروط المقارن حقيقة بناء على ما حققه المصنف من كون الشرط هو وجوده اللحاظى الذى هو من المقارن حيث ان القدرة بوجودها العلمى شرط للارادة لا بوجودها الخارجى اذا حصل للشخص العلم بحصول القدرة فى المستقبل فيصح الأمر حالا لان الشرط هو الوجود العلمى لا التكوينى.

اذا كان الأمر كذلك فلا يلزم انخرام للقاعدة العقلية وهى تقدم العلة بتمام اجزائها على المعلول رتبة ومقارنتها له زمانا وجه عدم الانخرام ان تقدم الوجود العلمى كاف اى اذا كان الشرط مقدما علما فهو كاف فى تقدم العلة على المعلول.

قوله : ثم لا وجه لتخصيص المعلق بما يتوقف حصوله على امر غير مقدور الخ.

هذا ايضا من اشكالات الواجب المعلق الحاصل ان المهم فى الواجب المعلق وجوب تحصيل المقدمات غير المقدورة فى زمان الواجب فانه على القول بالواجب المعلق يجب تحصيلها قبل الوقت ومن المعلوم عدم تفاوت فى هذا المهم بين كون الأمر المعلق عليه الواجب مقدورا كالاستطاعة لمن يقدر على تحصيلها وبين كونه غير مقدور كالوقت لمناسك الحج.

الظاهر انه لا يتفاوت فى المهم وهو وجوب المقدمات غير المقدورة فى زمان الواجب بين كون الامر المعلق عليه الواجب غير مقدور قبل زمان الواجب وبين كونه مقدورا وعليه فلا وجه لتخصيص المعلق بكون المعلق عليه غير مقدور.

قد اختلف النسخ فى بيان الواجب المعلق وعمم فى هذه النسخة المقدور المتأخر الى كونه موردا للتكليف وعدم كونه موردا للتكليف مثلا اذا قلت ان جاء زيد فاكرمه فطلب الاكرام الآن ولا يكون المجيء موردا للتكليف اى تعلق الطلب فى الاكرام الذى يحصل بعد المجيء فيتعلق الطلب فى الواجب المعلق حالا لكن

٢٨٩

يحصل المراد فى الاستقبال اى يكون ظرف الواجب فى الاستقبال لكن الشرط المقدور عمم الى كونه سواء دخل تحت الطلب ام لم يدخل.

بعبارة اخرى سواء طلب الأمر الشرط ام لم يطلب قال شيخنا الاستاد هذه النسخة صحيحة لورود الاشكال فى نسخ الأخر.

الحاصل انه لا يرد الاشكال فى الواجب المعلق لان المكلف قادر لتحصيل الشرط فى زمان العمل ويعتبر فى الشرط الوجود العلمى لا التكوينى قلت علمت سابقا ان الاشكال فى الواجب المعلق هو انفكاك الارادة عن المراد واجيب عن هذا الاشكال ان الشرط فى الواجب يكون من باب الشرط المتأخر وان لم تكن القدرة للمكلف فعلا لكن علم ان القدرة تحصل له فى الغد فلا يلزم التكليف بغير المقدور.

واما الفرق بين الواجب المعلق والمشروط فانه يترشح الوجوب فى الواجب المعلق من ذى المقدمة الى المقدمة بناء على الملازمة دون الواجب المشروط اى لا يمكن ترشح الوجوب من ذى المقدمة الى مقدمة فى الواجب المشروط لانه لا وجوب فيه قبل مجىء الشرط بل يحصل الوجوب بعد حصول الشرط.

لكن لا يفرق الواجب المعلق والمشروط فى النتيجة لان المقدمة فيهما تكون من باب المقدمة المفوّتة فتكون هذه المقدمة واجبة التحصيل فى كليهما سواء كانت هذه المقدمة داخله فى مورد التكليف ام لا والمراد من المقدمة المفوّتة ما يصير عدم تحصيلها سببا لتفويت الواجب قال صاحب الكفاية :

وليس الفرق حينئذ بين الواجب المشروط والمعلق الا كونه مرتبا بالشرط الخ.

اى اذا كانت المقدمة من باب الشرط المتأخر فلا فرق حينئذ بين الواجب المشروط والمعلق فى كون وجوب المقدمة حاليا.

واما على قول شيخنا الاستاد فانه لا فرق فى وجوب المقدمة بين الواجب المشروط والمعلق لان المقدمة تكون فيهما من باب المقدمة المفوّتة ولا خلاف فى

٢٩٠

ان الوجوب فى المقدمة المفوّتة كان حاليا لكن يجيء الفرق بين الواجب المشروط والمعلق من وجه آخر وهو ان الشرط فى الواجب المشروط قيد للوجوب والهيئة واما فى الواجب المعلق فكان الشرط قيدا للمادة.

بعبارة اخرى ان الوجوب فى الواجب المشروط مرتبط بالشرط واما فى الواجب المعلق فكان الواجب مرتبطا بالشرط.

قوله : تنبيه قد انقدح من مطاوى ما ذكرناه ان المناط فى فعلية وجوب مقدمة الوجودية الخ.

يبين هنا أوّلا معنى التنبيه اصطلاحا تبعا لشيخنا الاستاد والمراد من التنبيه عند اهل الفن ما يستعمل فى مورد الذى يستحضر ما سبق وينتظر ما سيأتى فلا يستعمل فى كل مورد بلا قيد وبلا شرط والمراد من قول المصنف.

قد انقدح من مطاوى ما ذكر هو احضار لما سبق الخ.

اى اذا علمت ما سبق علمت ما سيأتى قد ظهر سابقا ان النزاع وقع فى المقدمات الوجودية فى ثبوت الملازمة بين وجوب المقدمة وذى المقدمة شرعا لان ثبوت الملازمة عقلا لا خلاف فيه ولان العقل يحكم بوجوب المقدمة من غير التردد.

ولا يخفى ان وجود المقدمة معلول لوجوب ذى المقدمة والمناط فى وجوب المقدمة هو وجوب ذى المقدمة.

لكن لا يثبت الوجوب للمقدمات الوجودية فى بعض الموارد اى لا يترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة فى بعض الموارد فلا يثبت فى هذا المورد تابعية المقدمة لذى المقدمة لان المقدمة الوجودية كانت عنوانا للمكلف كالمسافر والحاضر والمستطيع.

الحاصل انه لا يترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة الوجودية فى الموارد الثلاثة :

٢٩١

الأول اذا اخذت المقدمة على نحو يستحيل ان يكون موردا للتكليف كما اذا اخذ هذا القسم عنوانا للمكلف كالمسافر والحاضر والمستطيع فلا يترشح الوجوب من ذى المقدمة الى هذه المقدمة التى اخذت عنوانا للمكلف فيستحيل أن تكون هذه المقدمة موردا للتكليف لان مع عدم هذا العنوان لا يكون الوجوب لذى للمقدمة اذا حصل هذا العنوان حصل الوجوب له فان ترشح الوجوب من ذى المقدمة الى هذه المقدمة تعلق الطلب فى هذا المقدمة فيكون طلبها تحصيلا للحاصل.

الثانى : اذ اخذت المقدمة فى ذى المقدمه على نحو اتفاق حصولها وتقدير وجودها بلا اختيار او باختيار بعبارة اخرى اذا جعل الفعل المقيد موردا للتكليف بان يقيد الفعل بوجود المقدمة اتفاقا او يقيد الفعل بحصولها تقديرا فلا يصح فى هذا المورد ترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة لان الوجوب لا يحصل لذى المقدمة الا بعد حصول المقدمة فان وجب حصول المقدمة لزم طلب الحاصل وهو محال.

الثالث : اذا كانت المقدمة مقدمة للوجوب ايضا اى يرجع بعض المقدمات الوجودية الى المقدمة الوجوبية كما اذا كانت المقدمة عنوانا للمكلف فترجع الى المقدمة الوجوبية قد ذكر سابقا ان المقدمة الوجوبية لا تدخل فى حريم النزاع.

فائدة : ان كل موضوع شرط للحكم وكل شرط موضوع للحكم مثلا اذا كان الشرط عنوانا للمكلف المسافر والحاضر كان هذا الشرط موضوعا للحكم ايضا فيصير هذا الشرط مقدمة للوجوب.

قوله : ضرورة انه ان مقدمة الوجود لا يكاد أن تكون هناك مقدمة الوجوب ايضا الخ.

اى تعليل لاعتبار شرائط المزبورة فى وجوب المقدمة تقريبه قد تقدم ان مقدمة الوجوب يمتنع وجوبها لانها قبل حصولها كالاستطاعة للحج لا وجوب للحج حتى يسرى منه الى الاستطاعة وبعد حصولها يمتنع وجوبها لكونه من طلب الحاصل.

٢٩٢

قوله : اذا عرفت ذلك فقد عرفت انه لا اشكال اصلا فى لزوم الاتيان بالمقدمة الخ.

اى قد ثبت فعلية وجوب ذى المقدمة واما بنحو الشرط المتأخر المفروض وجوده فلا اشكال فى لزوم الاتيان المقدمة قبل زمان الواجب اذا لم يقدر عليه فى زمانه الظاهر انه لا يلزم من اتيان المقدمات قبل زمان الواجب الّا ايجادها قبل الاتيان بالواجب وهذا ليس بمحذور للزوم ذلك فى زمان الواجب ايضا على جميع الاقوال فى وجوب الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب اذا لم يقدر عليه فى زمانه قد ثبت وجوب المقدمة حينئذ عقلا فلا اشكال فيه.

اما على مسلك الفصول والشيخ قدس‌سرهما فلكون القيد راجعا الى المادة ومقتضاه فعلية الوجوب.

واما على مسلك الغير من وجوب المشروط المشهورى فلجواز الشرط المتأخر بالمعنى المتقدم من ان الشرط هو وجود العلمى الذى مرجعه الى الشرط المقارن.

وايضا يجب الاتيان ببعض المقدمات قبل زمان الواجب كالغسل فى الليل فى شهر رمضان وغيره مما وجب عليه الصوم فى الغد.

توضيحه انه يكشف بالبرهان الإني عن سبق وجوب الواجب والمراد بالبرهان الإني الاستدلال بالمعلول على العلة لينفى هنا اشكال وجوب المقدمة قبل مجىء وقت ذيها حيث ان وجوب المقدمة معلول لوجوب ذيها فيستكشف من وجوب المقدمات قبل وقت ذيها وجوب ذيها.

هنا احضار ما سبق من الاشكال

قوله : فقد انقدح بذلك انه لا ينحصر التفصى عن هذه العويصة الخ

قد قلنا سابقا ان المراد من التنبيه هو استحضار لما سبق وانتظار ما سيجىء وهذه الجملة المذكورة ايضا استحضار لما سبق فنقول اولا ان العويصة من عاص

٢٩٣

يعوص او يعاص اذا كان ماضيه عوص بكسر العين عاص اى اشكل العويصة اى المشكل قد ذكر فى السابق ان المقدمة تابعة الذى المقدمة فى الاطلاق والتقييد فاشكل فى بعض الموارد من ان وجوب المقدمة فعلى دون ذى المقدمة كالتعلم والمعرفة فان وجوب مثل هذه المقدمات فعلى ولا تكون هذه المقدمات تابعة لذيها فيلزم الاشكال من التقدم المعلول على العلة وزيادة الفرع على الاصل.

قال مستشكل فما تقولون فى جواب الاشكال الذى يرد فى الشرعيات فى بعض الموارد نقول فى الجواب ان وجوب ذى المقدمة فى اكثر الموارد فعلى فصح قول من يقول ان وجوب ذى المقدمة فعلى يترشح الوجوب منه الى المقدمة فيكون المناط فى وجوب وفعلية المقدمة وجوب وفعلية ذيها.

اما اشكالكم بانه لا وجوب ولا فعليه لذى المقدمة فى بعض الموارد فهو توهم من عندك ويكون وجوب ذى المقدمة فى هذه المورد فعليا لكن المستشكل لم يدرك.

قد ذكر سابقا عدم وجوب ذى المقدمة فعلا فى الموارد الثلاثة وقد قيل فى هذه الموارد انه لا يترشح الوجوب من ذى المقدمه على المقدمة للزوم طلب الحاصل قد ظهر وجه لزوم طلب الحاصل فيما سبق فارجع هناك.

اذا علم جواب العويصة والاشكال فلا حاجة الى التمسك فى دفع الاشكال الى الواجب المعلق وكون الشرط قيدا للمادة قد ذكر ان الشرط فى بعض الموارد يكون من الشرط المتأخر مثلا السفر الى الحج يكون بنحو شرط المتأخر اذا كان الشرط المتأخر فيكون وجوب الحج فعليا كذا وجوب السفر ويمكن وجوب الحج على نحو الواجب المعلق اى يكون الشرط قيدا للواجب.

اما مسئلة الغسل فيكون ايضا بنحو الشرط المتأخر توضيحه قال مستشكل فى مسئلة الغسل ان الغسل وجب فى الليل لصوم الغد.

فيقال فى الجواب ان الغسل فى هذه المسألة يكون بنحو الشرط المتأخر

٢٩٤

بالنسبة الى صوم الامس ويمكن ان يكون وجوب الصوم بنحو الواجب المعلق فالوجوب يكون فعليا والواجب استقباليا اى وجوب الصوم فعلى فى الليل لكن وجوده استقبالى.

هنا مسئلة فقهية لتوضيح الجواب عن الاشكال مثلا اذا قصد شخص الصوم فى اول الليل فنام لكن قصد صوم الغد فثبت فى هذا المثال الوجوب اول الليل لكن يكون ظرف الواجب عند طلوع الفجر.

وكذا اذا ثبت رؤية الهلال وجب الصوم لكن وجوده عند طلوع الفجر وكذا اذا قصد صوم شهر رمضان بنية واحدة فهو كاف قد ظهر من هذا المثال ان وجوب الصوم فعلى اما وجوده استقبالى الى آخر الشهر.

الحاصل ان الشروط المتقدمة او المتأخرة كلها من شروط المتقارنة لان الوجود العلمى مقارن اى فى حال وجوب ذى المقدمة علم حصول المقدمة فيما بعد.

لكن استثنى الموارد الثلاثة اى لا يترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة الوجودية فى هذه الموارد.

الاول اذا كانت المقدمة الوجودية مقدمة للوجوب ايضا فلا يترشح الوجوب من ذى المقدمة على المقدمة.

الثانى ان يكون الشرط عنوانا للمكلف كالمسافر والحاضر قال بعض ان هذا القسم من المقدمة الوجودية يرجع الى المقدمة الوجوبية لان كل الموضوع شرط وكل الشرط موضوع فالشرط الذى جعل عنوانا للمكلف الذى هو موضوع يرجع الى شرط الوجوب.

الثالث ان الفعل مقيد بفرض وجود المقدمة فى مورد التكليف ففى هذه الموارد الثلاثة استثنيت المقدمة الوجودية من ان يترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة.

وجه الاستثناء فى الأول ظاهر لان المقدمة الوجوبية واجبة قبل وجوب ذى

٢٩٥

المقدمة فان ترشح الوجوب من ذى المقدمه على المقدمة لزم طلب الحاصل.

وكذا فى الثانى اى فيما اخذ الشرط عنوانا للمكلف فان ترشح الواجب من ذى المقدمة الى المقدمة فى هذه الصورة لزم ايضا طلب الحاصل.

لكن فى المورد الثالث اى فى المورد الذى قيد الفعل بفرض وجود المقدمة يلزم شبيه طلب الحاصل اذا ترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة وجه هذا اللزوم ان الوجوب يحصل لذى المقدمة على تقدير حصول المقدمة اذا حصلت المقدمة اتفاقا يجب ذى المقدمه فان ترشح الوجوب من ذى المقدمة على المقدمة لزم طلب الحاصل على هذا الفرض.

ولا يخفى قد ذكر هذه الاقسام الثلاثة سابقا كان ذكرها فى هذا المورد تكراراً لكن سبب التكرار اوافق شيخنا الاستاد وايضا لا يخلو من النكتة.

تم الى هنا احضار ما سبق ويشرع الآن فى انتظار ما سيأتى ان شاء الله.

فان قدح بذلك انه لا ينحصر التفصى عن هذه العويصة بالتعلق بالتعليق الخ.

فسر شيخنا الاستاد هذه العبارة اى لا ينحصر التفصى عن الاشكال بتعلق الواجب بالواجب المعلق.

قد ذكر فى عبارة المصنف ان قدح مرتين فبين فى الاول انه ورد الاشكال فى بعض المقدمات اى المقدمات التى تقدم وجوبها فى الشرعيات واجيب عن هذا الاشكال بان الشرط قيد للواجب او يكون الشرط بنحو الشرط المتأخر قال صاحب الكفاية بقوله فانقدح بذلك ان الجواب عن العويصة لا ينحصر بالتعلق اى بوجوب تعليقى وايضا لا ينحصر الجواب بكون الشرط من قيود المادة ان قلت حصل الجواب عن هذا الاشكال سابقا فلا يحتاج الى الجواب قلت فان قدح بذلك اى بين صاحب الكفاية فى تكرار ان قدح ثانيا انه لا اشكال فى تقدم وجوب المقدمة

٢٩٦

على وجوب ذى المقدمة واتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب ولا اشكال فى جعل الوجوب للمقدمة قبل وجوب ذيها.

فان قلت ما الدليل على تقديم وجوب المقدمة.

بعبارة شيخنا الاستاد از كجا بدانم كه وجوب مقدمة جلو انداخته شده.

قلت اذا قام الاجماع بان هذه المقدمة واجبة الآن فيكشف بدليل انى عن وجوب الواجب.

الحاصل انه بالبرهان الإني اى الاستدلال من المعلول على العلة يكشف وجوب ذى المقدمة فان وجوب المقدمة معلول ووجوب ذى المقدمة علة فيكشف من وجوب المقدمة وجوب ذى المقدمة لكن لو حصل العلم بعدم وجوب ذى المقدمة لاستحال اتصاف المقدمية بوجوب الغيرى لانه يلزم وجود المعلول من دون العلة اى وجوب المقدمة من دون وجوب ذى المقدمة.

ان قلت لنا دليل على وجوب المقدمة فى بعض الموارد قلت يكون وجوب المقدمة هنا من باب تهيؤ الى ذى المقدمه بعبارة اخرى هذا الوجوب للمقدمة تهيئى لا للغيرى كما قال محقق اردبيلى قدس‌سره انه يجب معرفة احكام الصلاة قبل وجوبها.

تتمة قد عرفت اختلاف القيود فى وجوب التحصيل وكونه موردا للتكليف الخ.

قد سبق انه لا يكون وجوب الغيرى للمقدمة الوجودية فى الموارد الثلاثة الاول اذا كانت المقدمة الوجودية مقدمة وجوبية ايضا.

الثانى اذا جعلت المقدمة الوجودية عنوانا للمكلف الثالث اذا قيد الفعل بفرض وجود المقدمة قد ذكر شرح هذه الموارد سابقا ويبحث فى تتمة عن المورد الذى لا يعلم ان القيد يرجع الى المادة او الهيئة اذا كانت المقدمة قيدا للمادة فيتصور على القسمين.

٢٩٧

الاول يقيد الفعل على فرض وجود المقدمة فلا يكون الوجوب للمقدمة قد تقدم وجه عدم الوجوب.

الثانى أن تكون المقدمة قيدا للمادة وموردا للتكليف فتجب هنا لان هذه المقدمة تدخل تحت الطلب واذا ظهر كون القيد للهيئة او المادة فلا اشكال هنا اما فى مورد الاحتمال وعدم ظهور فيرجع الى الاصول العلمية.

قال الشيخ فى تقريرات اذا شك ان الشرط قيد للهيئة او المادة فلا يكون القيد فى هذا المورد للهيئة استدل فى عدم رجوع القيد الى الهيئة بدليلين.

الدليل الاول ان اطلاق الهيئة شمولى واطلاق المادة بدلى والظاهر الاطلاق الشمولى مقدم على الاطلاق البدلى.

الدليل الثانى ان القيد اذا كان للهيئة يقيد المادة ايضا واما اذا كان القيد للمادة فلا يكون للهيئة.

والظاهر ان القيد خلاف الاصل اذا كان شىء خلاف الاصل فاتيانه فى الاقل اولى من اتيانه فى الاكثر.

كذا فى المقام ان جعل القيد للمادة هو اولى لان هذا التقييد اقل من التقييد الذى يرجع الى الهيئة لانه اذا رجع القيد الى الهيئة يلزم تقييد الاكثر اى تقييد الهيئة والمادة بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية.

بلا هميشه بالاى ضعيف مى باشد كذا در مقام قيد از براى ماده مى باشد اطلاق هيئة بجاى خود باقى است.

الحاصل ان اطلاق الهيئة شمولى واطلاق المادة بدلى ولا شك ان الاطلاق الشمولى مقدم على البدلى.

توضيحه ان العام الشمولى هو اقوى من البدلى لذا تقدم على البدلى مثل اكرم عالما ولا تكرم فاسقا فالعموم فى نحو عالما بدلى لانه نكره قد ظهر ان نكرة تدل على العام البدلى واما العموم فى نحو فاسقا شمولى لان فاسقا نكرة وقعت فى

٢٩٨

سياق النفى والنكرة اذا وقعت فى سياق النفى تدل على الاستغراق والظاهر انه فى المثال المذكور عمل فى العام الشمولى اى لا تكرم فاسقا.

قوله فلاجل انه لا يبقى لتقييد الهيئة محل حاجة الخ.

اى اذا ذكر القيد وشك فى رجوعه الى الهيئة او المادة قيل يرجع الى المادة والفرق بينهما اذا كان القيد للهيئة فلا وجوب هنا بدون القيد.

واما اذا كان القيد للمادة فلا يوجد الواجب بدونه قد ذكر ما فى تقريرات الشيخ من كون القيد يرجع الى المادة يذكر الآن الصغرى والمراد من الصغرى اذا كان القيد للهيئة كان للمادة ايضا والمراد من الكبرى اذا دار الامر بين التقييدين والتقييد الواحد فالتقييد الواحد اولى وجه الاولوية ان التقييد وان لم يكن موجبا للمجازية لانه يكون بتعدد الدال والمدلول لكن يكون التقييد خلاف الاصل فنعمل على خلاف الاصل بمقدار الضرورة ففى المقام يرجع القيد الى المادة هذا القدر ضرورى لان القيد اذا لم يرجع الى شىء يلزم كونه لغوا واما الهيئة فتبقى على اطلاقها ان رجع الى الهيئة يلزم خلاف الاصل الاكثر من قدر الضرورة لان تقييد الهيئة يلزم تقييد المادة وقد ذكر هذا فى التقريرات الشيخ الاعظم.

قوله : وانت خبير بما فيهما اما اولا فلان مفاد اطلاق الهيئة الخ.

قد اشكل صاحب الكفاية على ما قيل حاصل الاشكال انك قد حفظت شيئا وغاب عنك الاشياء سلمنا ان العام الشمولى هو اقوى من العام البدلى كما ذكر فى نحو اكرم عالما ولا تكرم فاسقا وقلنا انا نعمل بالعام الشمولى اى لا تكرم فاسقا ونرفع اليد من العام البدلى اى اكرم عالما سلمنا الى هنا كل ما ذكر فى تقريرات الشيخ الاعظم لكن غاب عن ذهنك بعض الاشياء فيقال لتوضيح ما غاب عن ذهنكم ان العام الشمولى والبدلى يتصور على اربعة اقسام الاول ان يكون كل منهما بالوضع والثانى ان يكون كل منهما بمقدمات الحكمة الثالث ان يكون العام الشمولى بمقدمات الحكمة والعام البدلى بالوضع فقد غاب عن ذهنك الاشياء اى هذه الموارد

٢٩٩

الثلاثة فانه لا يقدم فى هذه الموارد العام الشمولى على البدلى الرابع ان يكون العام الشمولى بالوضع والبدلى بالمقدمات الحكمة قد حفظت هذا المورد وثبت قولكم ان العام الشمولى يقدم على البدلى فى هذا المورد فقط ولا يكون قولكم بنحو قاعدة كلية.

ان قلت هل تصح مقدمات الحكمة لاثبات كل العام الشمولى والبدلى قلت نعم ان مقدمات الحكمة تصلح لاثبات كل عام ومطلق بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية

آيا مقدمات حكمة مى تواند كه عام شمولى وبدلى را درست نمايد جواب بلى مقدمات حكمة هر كار مى كند مثلا احل الله البيع اطلاق شمولى يصح هذا الاطلاق بمقدمات الحكمة وكذا اعتق رقبة قد علم سابقا ان صيغة افعل تدل على مطلق الطلب لان المولى والمتكلم يكون فى مقام البيان لو كان المقصود المقيد لنصب القرينة الحاصل ان كرم عالما يكون المطلق بتعدد الدال والمدلول.

قوله : واما الثانى فلان التقييد وان كان خلاف الاصل الا ان العمل الذى يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة الخ.

يشرح هنا الاشكال على الدليل الثانى والمراد منه تقدم ان القيد خلاف الاصل وهو ينحصر بمقدار الضرورة فيكفى رجوع القيد الى المادة على هذه الضرورة وقد قلنا ان القيد اذا رجع الى الهيئة يحصل قيدان واذا رجع الى المادة يحصل قيد واحد قد مر تفصيل هذا البحث ان القيد خلاف الاصل ينحصر بقدر الضرورة اذا رجع الى المادة فهو كاف.

فبحث اولا ما المراد من الاصل فيقال المراد من الاصل هو الظهور والمقصود من قوله ان القيد خلاف الاصل اى خلاف الظاهر وان كان للاصل المعانى الآخر ايضا مثلا يكون الاصل بمعنى الاستصحاب والقاعدة قد ذكر للاصل فى اول قوانين سبعة معان فارجع هناك فيكون الاصل فى المقام بمعنى الظاهر.

ونذكر هنا قاعدة اخرى لتوضيح ما نحن فيه والمراد منها الفرق بين الرفع

٣٠٠