هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

بعبارة اخرى اذا استعمل لفظ العين فى الجارية فيفنى اللفظ فى هذا المعنى لان اللفظ قالب له ويكون فى هذا الاستعمال ايجاد المعنى بوجود اللفظ اذا قلت رأيت عينا فيكون المراد نفس المعنى لذا يسرى قبح المعنى الى اللفظ كما يسرى الى لفظ الغائط قبح المعنى.

الحاصل ان اللفظ كيف مسموع والمقصود هو المعنى ومن يقول ان اللفظ يستعمل فى المعنيين يكون كأحول العينين اى يرى شيئا واحدا بانه اثنان.

فعلم ان وضع اللفظ للمعنى اعتبارى اى هو هو اعتبارى لا حقيقى مثلا لفظ حسن وضع للشخص المعين فى الخارج فيكون المراد ذاك الشخص المعين بسبب اعتبار معتبر لانه يعتبر هو هو فان استعمل حسن فى المعنى الآخر تلزم ان يجعل هذا المعنى معنى آخر اى ينقلب هذا المعنى الى المعنى الآخر هو باطل بالوجدان لان اللفظ جعل وجها للمعنى الذى عبره الواضع.

قال صاحب الكفاية بل بوجه نفسه اى وضع اللفظ للمعنى يكون على النحو الذى جعل اللفظ نفس المعنى.

قوله : فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقا مفردا كان او غيره فى اكثر من المعنى بنحو الحقيقة او المجاز.

اى قد علم ان المراد من جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى وفانيا فيه.

واعترض صاحب الكفاية على المعالم حيث قال صاحب المعالم لنا على الجواز انتفاء المانع فيصح استعمال اللفظ فى اكثر من المعنى فى المفرد مجازا وفى التثنية والجمع حقيقة والدليل لصاحب المعالم على كونه مجازا فى المفرد هو التبادر الوحدة من المفرد عند اطلاق اللفظ فيفتقر ارادة المعنيين منه الى الغاء اعتبار قيد الوحدة فيصير اللفظ مستعملا فى خلاف موضوعه لكن وجود العلاقة المصححة للتجوز اعنى العلاقة الكل والجزء يجوّزه فيكون مجازا.

اعترض شيخنا الاستاد على صاحب المعالم حاصل الاعتراض ان اللفظ المفرد

١٠١

وضع لطبيعة المعنى لا للمعنى المقيد بقيد الوحدة او المعنى المقيد بالوجود الخارجى او الوجود الذهنى ولو فرض كون المعنى مقيدا بالوحدة واستعمل فى الاكثر مجازا فلا يصح استدلال صاحب المعالم بان وجود علاقة الكل والجزء يجوّزه فيكون مجازا وجه عدم الصحة لان وضع اللفظ للمعنى مع قيد الوحدة يصير هذا الوضع الطبيعة بشرط الشى اى بشرط الوحدة واما اذا استعمل فى اكثر من معنى فيصير الطبيعة بشرط لا اى بشرط عدم وحدة.

الظاهر ان الطبيعة بشرط لا وبشرط شىء تكونان من المتباينين فلا يصح استعمال احد المتباينين فى الآخر قط قد علم مذهب صاحب معالم والاشكال الذى يرد عليه فى استعمال لفظ المشترك فى اكثر معنى اذا كان مفردا.

قال صاحب معالم الدليل لنا على كون استعمال اللفظ فى اكثر من معنى فى التثنية والجمع حقيقة انهما فى قوة تكرار المفرد بالعطف الا ترى انه يقال جاءنى زيدان وزيدون كانه قال جاءنى زيد وزيد.

وكذا قولنا عينان واعين فتكون لفظة عينان بمنزلة عين وعين فتدل احدهما على الجارية والآخر على الباكية فثبت على قول صاحب معالم استعمال اللفظ فى اكثر من معنى فى التثنية والجمع حقيقة.

قال صاحب الكفاية فلا وجه للتفصيل بالجواز فى التثنية والجمع على نحو الحقيقة الحاصل ان صاحب الكفاية لا يصح استعمال اللفظ فى اكثر فى معنى مطلقا اى سواء كان مفردا او التثنية او الجمع قد ذكر الاستدلال على عدم الجواز فى المفرد.

اما الدليل على عدم الجواز فى اكثر من معنى فى التثنية والجمع فقال صاحب الكفاية ان التثنية والجمع وان كان بمنزلة التكرار فى اللفظ لكن لا يستعمل لفظ التثنية والجمع فى الاكثر من معنى مثلا اذا قلت هنا عينان اى يراد فردان من الذهب او الفضة او الباكية او الجارية ولا يطلق عينان على الجارية والباكية ولا على الذهب والفضة.

١٠٢

فظهر من البيان المذكور ان عينين يستعمل فى معنى واحد بعبارة اخرى ان المراد من عينين هو طبيعة واحدة اى الباكية او الجارية وليس المراد من عينين الطبيعتين اى ليس المراد من عينين الجارية والباكية.

وايضا ان الاعلام اذا ثنيت تأول بالمسميات ولا تثنّى من غير تأويل لعدم تعدد فيها مثلا اذا ثنّى زيد يؤول زيدان بالمسميين وكذا جئنى بعنين يؤول بالمسميين فلا استعمال فى الاكثر من معنى.

قال صاحب الكفاية لو اريد مثلا من العينين فردان الجارية وفردان من الباكية وعلى هذا وان كان استعمال العينين فى المعنيين لكن لا يجدى حديث التكرار التثنية والجمع فى صحة هذا الاستعمال فيرد هنا الاشكال الذى ورد فى استعمال لفظ المفرد على الاكثر من معنى.

قوله : وهم ودفع لعلك تتوهم ان الاحبار دالة على ان للقرآن بطونا الخ.

اى استدل مجوزون بان للقرآن بطونا سبعة او سبعين هذا دليل على وقوع استعمال اللفظ فى اكثر من معنى فلا شك انه اذا ثبت للقرآن سبعة او سبعون بطنا يدل ثبوت البطون للقرآن على ضرورة وقوع استعمال اللفظ فى الاكثر من معنى وهذا الدليل اقوى من الجواز اى استدل مجوزون بالاخبار الدالة على ان للقرآن بطونا فيدل هذا الدليل على وجوب الاستعمال فى الاكثر فضلا عن جوازه.

والجواب عن هذا الاستدلال ان المراد من استعمال اللفظ فى الاكثر من معنى ان يستعمل فى الاكثر بالاستقلال واما اذا استعمل اللفظ فى الاكثر فى معنى العام الشامل هذا لا نزاع فيه والجواب الآخر ان القرآن لم يستعمل فى السبعة او سبعين بطونا بل كان المراد استعمال القرآن فى معنى اما البطون الآخر فلم يستعمل اللفظ فيها بل تراد فى نفسها فى حال الاستعمال ولم يكن ارادتها من اللفظ.

وايضا يقال ان المراد من البطون هو لوازم المعنى الموضوع له ولكن كانت

١٠٣

افهامنا قاصرة عن ادراكها.

والجواب الآخر ان الفاظ القرآن نزلت سبع مرات او سبعين وفى كل مرة اريد منها معنى.

قد تمت الى هنا الاجوبة التى ذكرها صاحب الكفاية اى قد استدل المستدل للاستعمال فى الاكثر من معنى بالاخبار الدالة على ان للقرآن بطونا سبعة لكن صاحب الكفاية اشكل على هذا الاستدلال.

بعبارة اخرى قد اجاب صاحب الكفاية عن هذا الاستدلال بالاجوبة المذكورة لكن اعترض على صاحب الكفاية بان ظاهر اخبار البطن كون كل واحد من البطون مستقلا فى الحكم ومناطا للنفى والاثبات.

ولا يخفى ان المراد من البطن جوف كل شىء فتكون المعانى فى جوف الالفاظ لان الالفاظ قالب للمعانى.

الكلام فى المشتق

الثالث عشر انه اختلفوا فى ان المشتق فى خصوص ما تلبس بالمبدا الخ.

اى هنا تمت الامور التى تذكر فى المقدمة فيكون هذا البحث متمما للامور التى ذكرت اول الكتاب فى قوله اما المقدمة ففى بيان امور يبحث فى هذا الامر عن المشتق.

قد اختلفوا فيه على اقوال قال بعض ان المشتق حقيقة فى ما تلبس بالمبدا فى الحال وبعض الآخر ان المشتق حقيقة فيما تلبس بالمبدا فى الحال وفى ما انقضى عنه المبدا وقيل إنّه حقيقة مطلقا اى فيما يتلبس بالمبدا فى المستقبل حقيقة ايضا.

فليعلم اولا ان المراد من المشتق والمبدا والتلبس ما هى فنقول ان المشتق ما يجرى على الذات اى يحمل عليها ويحكى عنها والمراد من المبدا اى المادة والمراد من الذات ما هو متلبس بالمبدا وثبت له المبدا مثلا فى نحو ضارب اى

١٠٤

ذات ثبت لها الضرب والمراد من التلبس اى وجود المبدا للذات بعبارة فارسية اعنى ذات آن ماده را داشته باشد.

فيبحث هنا انه ما وضع له المشتق ما هو فيقال ان المشتق ما وضع للذات التى تلبس بالمبدا فى الحال قيل المشتق ما وضع للاعم منه وما انقضى عنه المبدا واما المتأخرون فيقولون ان المشتق وضع للذات صدر عنها المبدا سواء كانت متلبسة بها ام لا بعبارة اخرى ان قلنا للاعم فيكون حقيقة فيمن صدر عنه المبدا سواء كان متلبسا به فى الحال او انقضى عنه وان قلنا للاخص فيكون الثانى مجازا اى فيما انقضى عنه المبدا.

توضيح المبحث : الاعمى يقول ان المشتق ما وضع للجامع والمعنى العام فيكون وضعه مشتركا معنويا مثلا المشتق ما وضع لمن صدر عنه المبدا سواء كان فى الحال او الماضى والاخصى يقولون انه للخصوص ما تلبس بالمبدا فى الحال فيكون استعماله فيمن انقضى عنه المبدا مجازا بعلاقة ما كان وان استعمل فيما يتلبس بالمبدا فى الاستقبال فيكون مجازا بعلاقة ما يؤول اليه.

واعلم ان المراد من المشتقات التى يكون محل البحث هى المشتقات الاسمية التى تحمل على الذات فيخرج عنها الافعال لانها لا تحمل عليها مثلا يضرب لا يحمل على زيد اى لا يصح ان يقال هو هو وكذا يخرج عنها المصادر اما المصدر الثلاثى فكونه غير مشتق واما مصدر مزيد فيه فلا يحمل على الذات لان الاسم المعنى لا يحمل على الذات.

قد ظهر انه يبحث فى المقام عن المشتق الاصولى لا النحوى يكون بينهما عموم وخصوص من وجه.

فمادة اجتماعهما كاسماء الفاعلين والمفعولين.

ومادة الافتراق عن المشتق النحوى كالافعال والمصادر فانها لا تكون مشتقا عند الاصولى لانها لا تجرى على الذات اى لا تحمل عليها ولا تكون حاكية عنها وجه عدم

١٠٥

الحمل ان معنى الحمل هو الاتحاد بين الشيئين لان معناه ان هذا ذاك وليس هذا الاتحاد بين الذات والافعال والمصادر ومادة الاقتران عن المشتق الاصولى ما يدل على الوصفية وان كان عند النحاة معدودا من الجوامد كلفظ الاخ والزوج والرق ونحو ذلك لا يكون هذه المذكورات مشتقا عند النحاة لان المشتق عندهم ما يكون مأخوذ من المصدر.

فائدة : اعلم ان المشتق ينقسم الى الاقسام الثلاثة : الحلولى والصدورى والانتزاعى.

الاول ـ نحو البياض فانه يكون للجسم بنحو الحلول اى يحتاج حلول البياض فى الجسم الى الموجد اى محتاج مى شود حلول شىء بسوى حلول دهنده.

القسم الثانى ـ المشتق الصدورى والمراد منه ما يكون بنحو الايجاد عن الشخص كالضارب فالضرب صادر عن زيد مثلا يكون نفسه موجدا له.

الثالث ـ المشتق الانتزاعى والمراد منه ما يعتبر باعتبار المعتبر بعبارة اخرى يخرج الى الوجود باعتبار المعتبر مثلا زوجية والملكية يكون وجودهما باعتبار المعتبر.

فعلم ان المراد من المشتق هى ذات متصفة بالمبدا والاتصاف على ثلاثة اقسام اعنى ان المشتق ينتزع عن مقام الذات لاجل اتحاد الذات بالمبدا من حيث الحلول او الصدور او الانتزاع قد بين شرح هذه الثلاثة.

ولا يخفى ان التلبس بالمبدا يتصور على ثلاثة اقسام الاول ان يكون النسبة فى الحال وكذا التلبس بعبارة اخرى يكون زمان النسبة والتلبس واحدا.

والثانى ـ أن تكون النسبة فى الحال والتلبس فيما مضى.

والثالث ـ أن تكون النسبة فى الحال والتلبس فيما سيأتى سيتضح ان الاشكال والنزاع انما هو فيما انقضى عنه التلبس بالمبدا.

الحاصل ان المراد من المشتق فى محل لبحث هو المشتق الاصولى اى يحمل على الذات لكن مفهوم المشتق ينتزع عن الذات.

١٠٦

ولا يخفى ان انتزاع المشتق ليس عن نفس الذات كالانسانية التى تنتزع عن نفس ذات الانسان اى الحيوان الناطق.

اما المشتق فلا ينتزع عن مرتبة الذات بل ينتزع المشتق عن مقام اتصاف الذات بالامر الخارج والمراد من الامر الخارج هنا هى المادة مثلا تتصف الذات اولا بالضرب فينتزع عن هذا المقام اى ينتزع المشتق عن مقام اتصاف الذات بالمبدا اى ينتزع الضارب بعد اتصاف الذات بالضرب ويتحد ضارب مع الذات اى يحتمل عليها بنحو الحلول او الصدور او الانتزاع قد علمت امثلتها آنفا.

قوله : واختلاف انحاء التلبسات حسب تفاوت مبادى المشتقات الخ.

توهم بعض بانه لا يجرى النزاع فى المشتقات التى تدل مباديها على الصناعة والحرفة والملكة قال صاحب الكفاية لا توجب هذه المذكورات خروج المشتق عن محل النزاع.

الحاصل انه يختلف المبدا بالمداومة وعدمها فيداوم بالشأنية والصناعة والملكة والمراد من الشأنية كالمفتاح اى كان من شأنه افتتاح القفل والمراد من الملكة كالاجتهاد والصناعة ما هى تحتاج الى الاستاد والحرفة لا تحتاج اليه.

وبعبارة اخرى الفرق بين الصناعة والحرفة ان الصناعة هى ملكة حاصلة من التمرن على العمل كالكتابة والخياطة والحرفة ما يكتسب له مما لا يفتقر الى ذلك كالاحتطاب والاحتشاش.

فاعلم ان اختلاف المبدا صار سببا لاشتباه صاحب الفصول حيث قال لا يجرى النزاع فى المشتقات التى كان المبدا فيها من الشأنية والصناعة والملكة وكذا صار سبب اشتباهه ذكر الامثلة باسم الفاعل واسم المفعول اى جعل صاحب الفصول النزاع فى هذه الامثلة.

قال شيخنا الاستاذ ان مقام صاحب الفصول اجل من ان يصير المثال سببا لاشتباهه لان ذكر المثال لا يخفى للطلبة فضلا عن الاجلة بانه لا يفيد نفى ما عداه مثلا

١٠٧

محل نزول الآية لا يفيد الحصر وكذا المورد لا يكون موجبا للتخصيص بعبارة اخرى اثبات الشىء لا يفيد نفى ما عداء.

تنبيه : واعلم ان المراد من الحال هو حال النسبة لا حال النطق لانه لا ينفك عن حال التكلم ولا يمكن ان يبحث ان حال النطق اما ان يكون فى الماضى او الحال او الاستقبال فقد ظهر ان المراد من الحال هو حال النسبة اذا كان الامر كذلك فيصير الاقسام المتصورة كثيرة مثلا نقول زيد ضارب امس اذا كان جرى النسبة والتلبس كلاهما فى الامس فيكون هذا الاستعمال حقيقة وان كان فى هذا المثال التلبس فى امس الامس فيكون المختلف فيه وان كان التلبس فى هذا المثال فى غد الامس فيكون هذا الاستعمال مجازا.

توضيح محل النزاع بذكر المثال مثلا زيد ضارب الآن ان كان جرى النسبة والتلبس كلاهما فى الآن فيكون هذا الاستعمال حقيقة وان كان التلبس فى الامس فهو مختلف فيه وان كان التلبس فى الاستقبال فهو مجاز بالاتفاق وكذا ان قلت زيد ضارب غدا ان كان جرى النسبة والتلبس كلاهما فى الغد فهو حقيقة وان كان التلبس قبل الغد فهو مختلف فيه وان كان فى غد الغد فهو مجاز بالاتفاق.

قوله : ثم إنّه لا يبعد ان يراد بالمشتق فى محل النزاع مطلق ما كان مفهومه ومعناه جاريا على الذات.

اى المراد من المشتق فى محل النزاع هو المشتق الاصولى اعنى ما يحمل على الذات ويكون حاكيا عنها سواء كان له منشا الاشتقاق ام لا.

وبعبارة اخرى المشتق ما يحمل على الذات سواء كان عرضا او عرضيا والمراد من العرض المبادى المتأصلة كالبياض اى المبادى التى وجدت فى الخارج والمراد من العرضى المبادى الاعتبارية كالزوجية والرقية.

ولا يخفى ان هذا الفرق بين العرض والعرضى خلاف اصطلاح المنطقيين حيث انهم يطلقون العرض على نفس المبدا كالبياض والعرضى على المشتق كالابيض

١٠٨

توضيح الفرق بين العرض والعرضى على المذهب الاصولى ان العرض ما يكون محمولا بالضميمة الذات ويكون من المبادى المتأصلة اى كان له الوجود الخارجى واما العرضى فهو ما كان من المبادى الاعتبارية وليس له الوجود الخارجى لكن منشأ انتزاعه موجود فى الخارج كالزوجية والرقية فظهر الفرق بين العرض والعرضى على المذهب الاصولى.

مسألة الرضاع

قوله : كما يشهد به ما عن الايضاح فى باب الرضاع.

فان قلت ان المراد من المشتق هو اللفظ الذى اخذ من اللفظ الآخر مع اشتماله على حروفه فيختص النزاع بالمشتق النحوى ولا يتعدى الى المشتق الاصولى لانه من الجوامد قلت ان المشتق على القسمين النحوى والاصولى وايضا لو فرض حصر المشتق على النحوى.

بالفارسية اگر شما گذشت نمى كنيد از مشتق نحوى پس من در مقابل مى گويم كه نزاع مذكور در بعضى جوامد نيز جارى مى شود.

قوله : كما يشهد به ما عن الايضاح فى باب الرضاع فى مسئلة من كان له زوجتان كبيرتان ارضعتا الزوجة الصغيرة.

توضيح ما ذكر فى هذه المسألة من كانت له زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة ارضعت كبيرتان الصغير تحرم المرضعة الاولى والصغيرة وجه حرمة الاولى اى الزوجة التى ارضعت الزوجة الصغيرة فلانها تصير ام الزوجة اى تصير ام الزوجة الصغيرة مع شرائط الرضاع وايضا تصير الزوجة الصغيرة بنت الزوجة فثبت حرمة الزوجة الكبيرة المرضعة الاولى والزوجة الصغيرة ولا يخفى ان الزوجة الصغيرة التى بلغت ستة اشهر مثلا يصح عقدها عن الولى.

فيقال ان النزاع وقع فى المرضعة الثانية توضيحه ان حرمة المرضعة الثانية

١٠٩

الكبيرة تبتنى على النزاع فى المشتق فان قلنا إنّه للاعم اى يكون المشتق حقيقة فيما انقضى عنه المبدا ايضا فتكون الزوجة الصغيرة زوجة وقلنا ان المشتق حقيقة فيما انقضى عنه المبدا فظهر على هذا انه تصدق الزوجية على الزوجة الصغيرة باعتبار ما مضى وكذا يصدق ان المرضعة الثانية ام الزوجة واما اذا قلنا ان المشتق حقيقة فى خصوص ما تلبس بالمبدا فى الحال فلا تحرم المرضعة الثانية لعدم صدق ام الزوجة عليها فى الحال.

الحاصل ان الزوجية داخلة فى محل النزاع وان كانت من الجوامد عند النحاة

توضيح المبحث بمثال الآخر اذا طلق رجل زوجته فهل تصدق الزوجية عليها بعد الطلاق فيقال يتوقف صدق الزوجية على اطلاق المشتق فيما انقضى عنه المبدا بعبارة اخرى ان قلنا ان المشتق حقيقة فيما انقضى عنه التلبس بالمبدا فيصدق فى مثال المذكور اسم الزوجة على المطلقة.

فثبت ان بعض الجوامد محل للنزاع ايضا يعبر عنه بالمشتق الاصولى وبعبارة اخرى ان الزوجية عرضى وداخلة فى محل النزاع.

ولا بأس اشارة الى الفرق بين الذاتى والعرضى والمراد من الذاتى ما تنتفى الذات بانتفائه مثلا اذا انتفى الحيوان الناطق انتف الانسان والمراد من العرضى هو ما لا تنتفى الذات بانتفائه.

واعلم ان النوع والذاتى لا يدخلان فى محل النزاع المذكور وانما يختص النزاع بالعناوين العرضية المتولدة من قيام احد المقولات بمحالها ولا اشكال فى خروج عناوين الذاتية التى يقوم بها الذات وما به قوام الشىء كحجرية الحجر والانسانية الانسان وما شابه ذلك من المصادر الجعلية التى بها قوام الشىء فلا يصح اطلاق الحجر على ما لا يكون متلبسا بعنوان الحجرية فعلا ولا اطلاق الانسان على ما لا يكون متلبسا بالانسانية فعلا لان قوام الذات اى انسان وحيوان انما يكون بالعناوين الذاتية اى الانسانية والحيوانية فلا يصح اطلاق الحجر على ما لا يكون متلبسا بعنوان

١١٠

الحجرية فعلا وكذا الانسان.

فلا يقال للتراب انه انسان باعتبار انه احد العناصر التى يتولد منها الانسان وذلك لان انسانية الانسان ليست بالتراب بل انما تكون بالصورة النوعية التى بها يمتاز الانسان من غيره بل التراب لم يكن انسانا فى حال من الحالات حتى فى حال تولد الانسان منه فضلا عن حال عدم التولد فاذا لم يكن التراب فى حال كونه عنصر الانسان مما يصح اطلاق اسم الانسان عليه فكيف يصح اطلاق اسم الانسان عليه فى غير ذلك الحال مع أنّه لا علاقة بينه وبين الانسان حتى علاقة الاول والمشارفة لان التراب لا يصير انسانا ولا يئول اليه.

قال شيخنا الاستاذ ان الصورة النوعية يؤخذ عن مقام الذات اى الانسانية تؤخذ عن الانسان واما الجنس وفصل فيؤخذ ان عن الصورة النوعية مثلا الحيوان الناطق يؤخذ عن الانسانية وايضا النوع يؤخذ عن مقام الذات مثلا يقال الانسان نوع لانه نفس الذات واما الجنس والفصل فيؤخذان عن الذاتيات مثلا الحيوان الذى يكون منسوبا الى الذات فيقال له الجنس وكذا الناطق الذى منسوب الى الذات يقال له الفصل لكن وجه التسمية الجنس والفصل بالذات ان المنسوب الى الذات ذاتية.

حاصل الكلام انه فرق بين اسماء الذوات من الاجناس والانواع والاعلام وبين اسماء العرضيات فانه فى الاول لا يصح اطلاق الاسم عليها الا فى حال ثبوت الذات بما لها من صور النوعية التى بها يتحقق عنوان الذات كحيوانية الحيوان وانسانية الانسان وزيدية زيد بخلاف الثانى اى اسماء العرضيات فانه يصح اطلاق الاسم عليها وان لم تكن متلبسة بالعرض فعلا بعلاقة اول والمشارفة وكذا الكلام فى علاقة ما كان فان زيدا ضارب الفاقد للضرب فى الحال هو الذى كان ضاربا بالامس حقيقة فصح اطلاق الضارب عليه بعلاقة ما كان.

وهذا بخلاف الكلب الواقع فى المملحة بحيث صار ملحا فان هذا الملح

١١١

لم يكن كلبا اذا الكلبية انما هى بالصورة النوعية التى لم تكن فعلا فظهر اختصاص النزاع بالعرضيات دون الذاتيات لان الذاتيات لا تبقى بعد انتفاء الصورة النوعية وظهر ايضا ان النزاع يجرى فى العرض والعرضى والمراد من العرض المبادى المتأصلة كالبياض ويكون الخارج ظرفا لوجوده واما العرضى فهى المبادى الاعتبارية لا المتأصلة كالزوجية ولا يكون الخارج ظرفا لوجوده.

بعبارة اخرى ان العرض محمول بالضميمة ويكون له ما بازائه فى الخارج والعرضى خارج محمول ايضا ولكن ليس له ما بازائه فى الخارج بل ثبت فى الخارج منشأ انتزاعه مثلا حر وزوج لا يكون له منشأ اشتقاق وان كانا منشأ الاشتقاق لشيء الآخر مثلا زوج منشأ الاشتقاق للزوجية وكذا الحر منشأ الاشتقاق للحرية.

الحاصل ان العرض محمول بالضميمة وهو خارج عن حقيقة الذات اى ذات الموضوع لكن يحمل على الموضوع مع الضميمة الذات وكان له وجود فى الخارج واما العرضى فهو خارج محمول على الذات نحو الاربعة زوج وهذا رق وهذا حر ولا يخفى ان العرضى لا يكون موجودا فى الخارج.

الاشكال فى جريان النزاع فى اسم الزمان

قال المصنف فيما سبق وقبل الخوض فى المسألة الخ ينبغى تقدم امور الخ

احدها ان المراد من المشتق هو الاصولى ويقول هنا ثانيها ان المراد من المشتق لذى يجعل محل النزاع هو جار على الذوات التى كانت باقية فى حالين مثلا مقتل اذا كان اسم المكان يصح ان يجعل محلا للبحث لان المكان الذى كان فيما مضى ثابت فى حال جرى النسبة ويشكل لاجل اشتراط بقاء الذات فى ادراج مثل اسم الزمان فى محل النزاع ان الذات ينعدم فيه لان الذات فيه هو الزمان هو مبنى على الانصرام والانقطاع فمثل مقتل الحسين عليه‌السلام لا يمكن ادراجه فى محل النزاع لان كل من الزمان والقتل قد انقضى فلا يصح ان يقال ان هذا اليوم مقتل

١١٢

الحسين عليه‌السلام بعبارة آخرى حقيقة الزمان سيال ولا يجتمع احد اجزائه مع جزء الآخر قط.

كما قال مولانا امير المؤمنين عليه‌السلام الماضى ماضى والمضارع فاين فاغتنم الفرصة بين العيدين.

واعلم ان الموجودات على قسمين التدريجى الوجود والدفعى الوجود والاول ما لا يجتمع اجزائه كاجزاء الزمان والثانى اى الدفعى الوجود ما يجتمع اجزائه.

قوله : ويمكن حل الاشكال الخ.

اى يكون المشتق حقيقة فى الاعم اعنى سواء كان فيمن تلبس بالمبدا او فيما انقضى عنه المبدا رتبت مقدمة اولا فى رد من قال ان مثل اسم زمان خارج عن محل النزاع وهى يسأل عنكم هل ينتفى الكلى بانتفاء احد افراده.

والجواب ظاهر اى كلى لا ينتفى بانتفاء احد افراده وايضا ان كان انتفاء احد الافراد موجبا لانتفاء الكلى فما وقع الخلاف فى لفظ الجلالة وقد وقع الخلاف فى لفظ الله قال بعض انه علم لذات الواجب الوجود وقال بعض انه اسم للمفهوم الكلى مثلا وضع للمعبود لكن قد انحصر فى الذات الواجب الوجود فهذا الانحصار لا يصير موجبا لانتفاء الكلى.

فنقول بعد هذه المقدمة ان المقتل عبارة عن الزمان الذى وقع فيه القتل وهو يوم العاشر من المحرم ويوم العاشر لم يوضع لخصوص هذا اليوم المنحوس الذى وقع فيه القتل بل وضع لمعنى الكلى متكرر فى كل سنة وكان ذلك اليوم الذى وقع فيه القتل فردا من افراد ذلك المعنى العام المتجدد فى كل سنة فالذات فى اسم الزمان انما هو ذلك المعنى العام هو باق حسب بقاء حركة الفلكية وقد انقضى عنه المبدا الذى هو عبارة عن القتل فلا فرق بين الضارب والمقتل اذ كما ان الذات فى مثل الضارب باقية وقد انقضى عنه الضرب فكذا الذات فى مثل

١١٣

مقتل الذى هو عبارة عن يوم العاشر من المحرم باقية لتجدد ذلك اليوم فى كل سنة وقد انقضى عنها القتل نعم لو كان الزمان فى اسم الزمان موضوعا لخصوص تلك القطعة الخاصة من الحركة الفلكية التى وقع فيها القتل لكانت الذات فيه متصرمة كتصرم نفس المبدا الا انه لا موجب للحاظ الزمان كذلك.

ونقول ايضا ان امتناع الافراد لا يصير موجبا لانتفاع الكلى مثلا الممتنع الوجود كلى وافراده ممتنع فى الخارج ولا ينتفى هذا الكلى بامتناع افراده وكذا فى ما نحن فيه فان اسم الزمان داخل فى محل النزاع لان انتفاء فرد الذى قد انحصر فيه الكلى لا يوجب انتفاء الكلى.

قوله : الثالث من الواضح خروج الافعال والمصادر الخ.

قد بين سابقا ان مورد البحث هو المشتق الاصولى اى ما يحمل على الذات فيخرج من محل البحث المصادر مزيد فيها والافعال لانهما لا يحملان على الذات اما المصدر المزيد فيه فواضح لان المزيد كالمجرد فى الدلالة على الحدث القائم بالذات فلا تحمل المصادر على الذات الحاصل ان المصادر داخلة فى طبيعة بشرط لا اى بشرط عدم الحمل.

اما الافعال فلان للفعل هيئة ومادة توضيحه ان الفعل مركب من النسبة والحدث اى المعنى المصدرى قد ثبت ان المصدر لا يحمل على الذات والنسبة ايضا لا تكون قابلة للحمل لانها المعنى الحرفى كما اشار الى هذا المصنف.

بقوله وان الافعال انما تدل على قيام المبادى بها قيام الصدور الخ.

اى ان الفعل يسند الى الفاعل بنحو الصدور او الحلول او الطلب او الترك قد ثبت ان النسبة معنى حرفى لا يحمل على الذات كما ان الحرف لا يحمل عليها.

وقال بعض ان الفعل يدل على الزمان كما علم من تعريفه هو ان الفعل كلمة تدل على معنى فى نفسه مقترنة باحد الازمنة الثلاثة فلا يحمل من هذه الجهة ايضا ويرد هذا الوجه بان الفعل يدل على الزمان التزاما ولا يكون الزمان جزءا للموضوع

١١٤

له اما النسبة الى الفاعل فتكون جزءا للموضوع له والفعل قد يسند الى الزمان او الى المجردات فلا يدل على الزمان وان كان الزمان جزءا للموضوع له فيكون فى مثل هذه الموارد مجازا مع أنّه لا يقول احد بالمجازية.

قوله : ازاحة شبهة قد اشتهر فى السنة النحاة الخ.

اى قد اشتهر فى السنة النحاة ان الفعل يدل على معنى فى نفسه مقترن باحد الازمنة الثلاثة مثلا فعل الماضى يدل على ما مضى وفعل مضارع مشترك معنوى بين الحال والاستقبال فهذه الشهرة صارت دليلا لمن يقول ان الزمان جزء من معنى الفعل فاجاب المصنف.

بقوله ضرورة عدم دلالة الامر والنهى عليه.

لان افعل ولا تفعل تدلان على طلب المادة ولا يكون الزمان جزءا للمعنى فيهما

ان قلت ان افعل ولا تفعل تدلان على طلب المادة فى زمان الحال قلت ان الزمان يكون فيهما من التكوينيات كما يكون زيد موجودا فى الزمان اى الزمان يكون فيه من لوازم وجوده فى الخارج اما قول الاعلام ان الفعل يدل على الزمان فمرادهم كون الزمان لازما للفعل مثلا فعل الماضى يدل على النسبة المتحققة وفعل المضارع يدل على النسبة المترقبة فتستلزم هذه النسبة الزمان.

اما الفرق بين الماضى والمستقبل فان كلهما وضعا للنسبة الخاصة مثلا الماضى وضع للنسبة المتحقّقة فتستلزم هذه النسبة الخاصة الزمان الماضى وكذا المضارع وضع للنسبة المترقبة فتستلزم هذه النسبة الخاصة الزمان المستقبل او الحال.

ويستدل ايضا على منع الدلالة الفعل على الزمان بان الفعل على اقسام منها ما يدل بمادته على المعنى الذى ينطبق على الزمان نحو سبق وغير فان معنى السبق ينطبق على الزمان الماضى والغير ينطبق على الزمان الحال والاستقبال ومنها ما يسند الى نفس الزمان مثل أشاب الصغير وافنى الكبير كر الغداة ومر العشى فان الفعل فى

١١٥

هذه الاقسام لا يدل على الزمان لعدم الاحتياج اليه.

ومنها ما يسند الى المجرد مثل علم الله تعالى ولا اشكال فى تجريد هذه الاقسام عن الزمان ان اخذ الزمان فى مفهوم الفعل اما سبب التجريد فى الاولين اى اذا دل الفعل بمادته على معنى ينطبق على الزمان نحو سبق ان لم يجرد عن الزمان يلزم ان يكون الزمان فى الزمان بناء على هذا يجرد الفعل عن الزمان وكذا اذا اسند الى المجرد مثل علم الله تعالى فيجرد فى هذا المورد الفعل عن الزمان لان هذا الفعل واقع فى الزمان بعبارة الاخرى يكون هذا الفعل مقدما على الزمان.

فان قلنا فى هذه الموارد بتحرير الفعل عن الزمان فيلزم ان يكون بعد التجريد عن الزمان مستعملا فى المعنى المجازي وهو الخلاف المعلوم من حالهم اى الذى يعلم من حالهم ان الاستعمال فى هذه الموارد يكون على النحو الحقيقه لان قولهم علم زيد وعلم الله تعالى سواء فى الدلالة على المعنى الحقيقى فثبت الى هنا عدم الدلالة الفعل على الزمان وعدم كونه مدلولا للفعل.

قوله : ويؤيده ان المضارع يكون مشتركا معنويا الخ.

اتى الدليل الآخر لعدم الدلالة الفعل على الزمان حاصله اى ان دل فعل المضارع على الزمان فيكون مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال فيحتاج الى الجامع الذى ينطبق على كل منهما ان قلت الجامع هو الزمان وهو ينطبق على كل الحال والاستقبال قلت لا يصح جعل الزمان جامعا لوجهين الاول يلزم ان يكون المضارع مشتركا بين الازمنة الثلاثة لان الزمان يدل عليها ولا يقول احد باشتراكه بين هذا الازمنة الثانى يلزم التساوى بين معنى المضارع وجملة الاسمية مثلا زيد ضارب لانه يكون لها معنى صح انطباقه على كل واحد من الأزمنة مع انها لا تدل على احد الازمنة اصلا اى اتفقوا بان الجملة الاسمية لا تدل على الزمان.

١١٦

قوله ربما يؤيد ذلك الخ

حاصل هذا التأييد ان الماضى قد استعمل فى المستقبل حقيقة وكذا المضارع قد استعمل فى الماضى حقيقة كما يظهر من مثل قوله يجيئنى زيد بعد عام وقد ضرب قبله بايام وقد استعمل ضرب فى الاستقبال لان مجىء زيد يكون بعد عام وكذا ضربه يكون فى المستقبل مثلا يضرب بعد عشرة اشهر هذا مثال لاستعمال الماضى فى المستقبل.

وقوله جاء زيد فى شهر كذا وهو يضرب فى ذلك الوقت وهذا مثال لاستعمال المضارع فى الماضى توضيحه مثلا يقال فى شهر رمضان المبارك جاء زيد فى شهر رجب المرجب وهو يضرب فى ذلك الوقت اى فى شهر رجب فيكون يضرب بمعنى ضرب فيكشف من هذا الاستعمال اى استعمال الماضى فى المستقبل ان زمان الماضى لا يكون جزء المعنى لضرب اى فعل الماضى وكذا يكشف ان زمان المستقبل لا يكون جزء المعنى ليضرب.

ان قلت ان المراد من الماضى والمستقبل الاضافى لا الحقيقى فيكون فى مثال ضرب ماضيا بالنسبة الى المجيء وكذا يضرب يكون مستقبلا بالنسبة الى المجيء

فنقول : ان المراد من يقول ان الفعل يدل على الماضى والمستقبل هو الماضى والمستقبل الحقيقى لا الاضافى فيكون يضرب فى مثال المذكور للماضى حقيقة وكذا ضرب يكون للمستقبل حقيقة فى قوله يجيئنى زيد بعد عام وقد ضرب قبله بايام.

توضيحه ان العام يكون ثلاثمائة وثلاثة وستين يوما ففى مثال المذكور يجيء زيد بعد ثلاثمائة والثلاثة وستين يوما وايضا يقول ضرب قبل المجيء بمضى ثلاثمائة وخمسين يوما فيكون ضرب فى المستقبل حقيقة لان هذه السنة تكون فى المستقبل قوله جاء زيد فى شهر كذا وهو يضرب فى ذلك الوقت قد سبق توضيحه آنفا ان يضرب يكون للماضى حقيقة.

١١٧

قوله : ثم لا بأس بصرف عنان الكلام الى بيان ما به يمتاز الحرف لاجل اطراد فى الاستطراد الخ

اى قد جرى كلام المصنف لاجل اطراد فى الاستطراد الى بيان ما به يمتاز الحرف عما عداه.

والمراد من اطراد اعنى تتابع فى الاستطراد اى يسوق كلامه على وجه يلزم منه كلام آخر وبعبارة اخرى ان المراد من الاستطراد الكلام يجر الكلام مثلا كان مقصوده خروج الافعال عن عنوان النزاع فى باب المشتق فجرى كلامه فى ذكر الفرق بين الاسم والفعل من باب الاستطراد وكذا صرف كلامه الى ذكر الفرق بين الاسم والحرف لاجل متابعة استطراد المذكور فيكون ذكر الفرق بين الاسم والحرف وو بين الفعل والاسم استطرادا وصيدا بلا قصد.

قال المصنف انه لا فرق بين الاسم والحرف بحسب المعنى انما الفرق بينهما من حيث الاستعمال ولا يوجد الاستعمال الا مع القصد فوضع الحرف ليقصد منه معناه فى غيره ووضع الاسم ليقصد منه معناه فى نفسه.

ولا يخفى عليك ان كلام المصنف فى هذا المقام لا يكون تكررا مع ذكره سابقا لانه لم يذكر جميع مباحث التى ذكرت سابقا ويزيد بعض مباحث التى لم تبين سابقا فيكون قول المصنف هنا مقابلا للمشهور يعنى لم يلاحظ فى الاسم الاستقلال وكذا لم يلاحظ فى الحرف عدم الاستقلال الحاصل ان الاسم والحرف وضعا لطبيعة المعنى.

الكلام فى كون الحرف آلة وحالة لغيره

وانما الفرق بينهما وضع الحرف ليستعمل واريد منه معنا حالة لغيره وآلة لغيره.

مثلا قوله سرت من البصرة الى الكوفة تكون لفظة من حالة لغيره

او آلة لغيره الفرق فيهما اى حالة وآلة ان قصدت ان حال البصرة ان يبتدأ السير بها

١١٨

اى جعلت ابتداء للسير فتكون من حالة للغير وان قصدت ان الحرف اى من جعلت آلة اى صارت سببا للجعل البصرة ابتداء السير فتكون آلة للغير اما ابتداء الاسمى فلا يكون حالة وآلة للغير نحو الابتداء خير من الانتهاء.

قوله : فلفظ الابتداء لو استعمل فى معنى الآلي ولفظة من فى معنى الاستقلالى لما كان مجازا واستعمالا فى غير ما وضع له وان كان بغير ما وضع له

اى عرفت فيما تقدم عدم الفرق بين معنى الاسم والحرف فلو استعمل احدهما فى موضع الآخر لما كان مجازا واستعمالا فى غير ما وضع له.

فان قلت يرد الاشكال على المصنف لانه قال اولا لا يكون استعمال احدهما فى موضع الآخر استعمالا فى غير ما وضع وقال ايضا.

وان كان بغير ما وضع له اى استعمال احدهما فى موضع الآخر يكون استعمالا فى غير ما وضع له فيكون ذيل كلامه منافيا لصدره.

قلت ليس المراد من غير الموضوع له المعنى المجازي بل المراد من قوله وان كان بغير ما وضع له هو الاستعمال فى غير ما قيد به فى مقام الاستعمال مثلا اريد من الحرف فى مقام الاستعمال بان يكون حالة وآلة لغيره واذا لم يك كذلك فيقال ان استعماله يكون بغير ما وضع له اى يكون استعماله بغير ما قيد الاستعمال به.

قوله : فالمعنى فى كليهما فى نفسه كلى طبيعى الخ.

فاعلم ان المعنى فى كليهما فى نفسه كلى طبيعى يصدق على كثيرين لكن قيد هذا الكلى باللحاظ الاستقلالى او الآلى فيصير بعد التقييد باللحاظ كليا عقليا يكون هذا الكلى العقلى مخالفا لما يسمى عند المنطقى كليا عقليا.

توضيحه ان الكلى العقلى عند المنطقى ما هو مركبة من العارض والمعروض وبعبارة اخرى يلاحظ المجموع من الموصوف والوصف مثلا فى قولنا الانسان كلى يلاحظ العقل الانسان بوصف كونه كليا.

١١٩

اما المراد من الكلى العقلى عند الاصولى فهو الكلى الطبيعى المقيد بلحاظ الاستقلالى او الآلى وايضا الكلى الطبيعى اذا لوحظ وجوده فى الخارج او الذهن يكون جزئيا فصار لحاظ الوجود فى الكلى الطبيعى منشأ للخلط فى المعنى الحرفى وقال بعض ان معنى الحرف جزئى فخلطوا بين تصور الوجود والمعنى وجعل اعتبار الوجود فى الذهن للكلى الطبيعى معنا حرفيا مع ان ثبوت المغايرة فيهما اى اعتبار الوجود والمعنى الحرفى اوضح من ان يخفى لان معنى الحرف هو كلى طبيعى اشار الى هذا المصنف

بقوله : وان كان بملاحظة ان لحاظ وجوده ذهنا كان جزئيا ذهنيا الخ

قد عرفت ان اللحاظ عين الوجود الذهنى وانه ما لم يكن تشخص فى البين لا يتحقق لانهما متساوقان فيكون حينئذ المقيد باللحاظ مقيدا بالوجود وجزئيا ذهنيا فيصير المقيد باللحاظ جزئيا ذهنيا وان كان فى عين كونه كذلك كليا عقليا لما عرفت من انه لا منافات بين الكلية العقلية وجزئية الذهنية.

الاشكال فى جريان النزاع فى بعض المشتقات

قوله : رابعها ان اختلاف المشتقات فى المبادى الخ.

الظاهر كونه اشارة الى دفع ما يتوهم من كون بعض المشتقات حقيقة فى الاعم اتفاقا نظير المجتهد والمثمر.

توضيحه ان النزاع هنا لا يجرى فى بعض المشتقات الجارية على الذات مثل النجار والخياط والطبيب والقاضى ونحو ذلك مما كان للحرف والصنعة بل فى هذه من المتفق عليه انه موضوع للاعم ومنشأ التوهم انا نجد صدق هذه المشتقات حقيقة على من انقضى عنه التلبس بالمبدا وذلك نحو صدق الخياط او النجار على من كان نائما او كان مسافرا للزيارة.

فاجاب المصنف عن هذا التوهم بقوله رابعها توضيحه ان المبدأ يختلف باختلاف المشتقات لانه تارة يكون من الفعليات واخرى من الملكات وثالثة من

١٢٠