هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

قوله : ولا يبعد دعوى كونه حقيقة فى الطلب فى الجملة اى لا يكون كل طلب امرا بل اذا وجد من العالى.

ولا يخفى ان هذين المعنيين يكونان بحسب العرف واللغة اما بحسب الاصطلاح فقد استعمل فى القول المخصوص اى صيغة افعل اذا قلت امر فلان فيكون مفهومه انه قال افعل كذا او قال بما يفيد معناه حاصله ان الامر فى الاصطلاح حقيقة فى القول المخصوص.

قال صاحب الكفاية لا يصح اصطلاحا كون الامر حقيقة فى القول المخصوص اى افعل وما هو بمعناه اما وجه عدم صحة هذا المعنى فان الامر يكون منشا للاشتقاق ولا يمكن ان يكون القول المخصوص منشا للاشتقاق لان منشأ الاشتقاق هو المعنى الحدثى اما صيغة افعل فلا تدل على الحدث لان افعل مع فاعله جملة ولا شك ان الجملة من الجوامد فلا تدل على الحدث لان معنى الامر اى افعل يراد منه الشىء الخارجى لا الشىء الحادث.

وقد ظهر ان الاشتقاق من الامر ظاهر ويقال امر يأمر آمر وهذا دليل على عدم كون الامر حقيقة فى قول المخصوص.

قوله : ويمكن ان يكون مرادهم هو الطلب الخ.

اى يمكن ان يجاب عن اشكال المذكور حاصل الجواب ان الاشكال وارد اذا كان القول بمعنى اسم المصدر اما اذا كان بالمعنى المصدرى فيكون المعنى الحدثى او كان المضاف محذوفا اى طلب القول المخصوص فالطلب يكون معنى حدثا لكن لا نزاع فى المعنى الاصطلاحى وانما المهم بيان المعنى العرفى واللغوى.

قوله : وما ذكر فى الترجيح عند تعارض هذه الاحوال الخ.

اى يرجح بعض الاشتراك وبعض الآخر الحقيقة وبعض الآخر القدر المشترك قال المصنف لا دليل على الترجيح وان ما ذكر فى الترجيح فى باب تعارض الاحوال

١٦١

استحسانية اى كل شخص يجعل ما عند نفسه ذو مصلحة حسنا.

ولا يخفى انه لا يكون الشىء بمحض حسنه عند شخص دليلا وان الشىء يكون دليلا بجعل الشارع.

قوله : فلا بد فى التعارض من الرجوع الى الاصل الخ.

اى قد ذكر لمادة الامر معان عديدة حتى بعض الى سبعة وعد منها

الطلب والشىء اما اذا تعارض هذه المعانى فلا بد من الرجوع الى الاصل فى مقام العمل مثلا اذا قال المولى امرت فى يوم الجمعة فلا يعلم ان المراد ما هو ان كان مراد المولى من الامر الطلب فيثبت كوننا مكلفين بتكليف واما ان كان الامر بمعنى الآخر فلا يثبت التكليف لنا فيرجع هنا الى الاصول العملية.

قوله : الجهة الثانية الظاهر اعتبار العلو فى معنى الامر.

وعلى كل حال لا اشكال فى ان الطلب من معانى الامر ولكن ليس كل طلب امرا بل اذا كان الطالب عاليا وقال صاحب الكفاية الصيغة اذا اراد العالى بها الطلب يكون من مصاديق الامر لكنه بما هو طلب المطلق او مخصوص فتكون هنا خمسة اقوال :

الاول : ان يكون الطالب عاليا ومستعليا.

الثانى : ان يكون الطالب عاليا وان لم يكن مستعليا.

والثالث : ان يكون مستعليا ان يعد نفسه من العالى وان لم يكن عاليا فى الواقع

الرابع : ان يكون عاليا او مستعليا.

الخامس : ان يكون مطلقا اى لا يعتبر فيه العلو والاستعلاء ذكر صاحب الكفاية الاقوال كلها اما مبناه فالمراد من الامر الطلب المخصوص اى طلب العالى من السافل ولا فرق فى العالى ان يكون شرعا او عقلا او عرفا.

١٦٢

قوله : واما احتمال اعتبار احدهما فضعيف.

اى قول الرابع ضعيف قلنا آنفا انه من يقول يعتبر ان يكون الطالب عاليا او مستعليا قال صاحب الكفاية هذا ضعيف.

ان قلت ان تقبيح الطالب السافل من العالى دليل على كون طلبه امرا لان تقبيح العقلاء يكون لاجل الامر اى يقولون لهذا الشخص السافل انك لم تأمره (القاعدة) الادبية لم مركب من لام التعليل وما الاستفهامية وتسقط الالف الساكنة بعد دخول اللام الحاصل يعلم من قولهم انك لم تأمره ان الطلب السافل المستعلى يكون امرا.

قلت التقبيح والتوبيخ انما يكون لاجل استعلائه اما الاطلاق الامر على طلبه يكون بالعناية والمجاز.

قوله : الجهة الثالثة لا يبعد كون لفظ الامر حقيقة فى الوجوب الخ.

يعنى بعد اخذ العلو فى معناه فهو حقيقة فى الالتزام ومفاده حينئذ الالزام من العالى لانسباقه عنه عند اطلاقه وكذا توبيخ التارك للمأمور به يدل على كون لفظ الامر للوجوب.

ويذكر هنا المؤيد حاصله ان بريرة قالت للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أتأمرني يا رسول الله قال صلى‌الله‌عليه‌وآله لا اى لا آمر لك بل انما انا شافع.

ولا يخفى انما الاستفهام يحسن اذا كان الامر للوجوب.

تفصيل هذه القضية ان بريرة كانت امة للشخص اشتراها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة فتزوجتها لشخص وزوجها كان عبدا ثم اعتقتها فلما علمت بريرة بخيارها فى نكاحها بعد العتق ارادت بريرة ان تفسخ الزوجية فجاء زوجها الى الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال انا احب ان اعيش مع بريرة فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لبريرة ارجعى الى زوجك فقالت أتأمرني يا رسول الله قال صلى‌الله‌عليه‌وآله لا اى لا آمر بل انما انا شافع انما يحسن الاستفهام اذا كان الامر للوجوب.

وكذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا ان اشق على امتى لامرتهم بالسواك وجه التأييد فى هذه

١٦٣

الرواية ان الامر الاستحبابى موجود بالسواك فعلم ان المراد من امر الذى يوجب المشقة هو الوجوبى.

قوله : والاستدلال بان فعل المندوب طاعة وكل طاعة فهو فعل المأمور به.

اى هذا الاستدلال العقلى يدل لكون الامر للوجوب واجاب المصنف عن هذا الاستدلال بقوله فيه ما لا يخفى اى لا يصح كلية الكبرى فى هذا القياس لانه لا يكون كل طاعة فعل المأمور به الحقيقى وان اريد من المأمور به المعنى الاعم فلا يدل على المطلوب.

من هنا يشرع فرق الطلب والارادة

قوله : الجهة الرابعة الظاهر ان الطلب الذى يكون هو معنى الامر ليس هو الطلب الحقيقى.

قد ظهر ان الطلب الذى يعتبر فيه ان يكون الطالب عاليا يكون الطلب الانشائى ولا يكون المراد الطلب الحقيقى الذى يكون المقابل الانشائى (مقدمة) ان الالفاظ وضعت لطبيعة تسمّى لا بشرط المقسمى ليست مرهونة بموطن من المواطن بل تكون لنفس الطبيعة قد توجد فى الذهن وقد توجد فى الخارج اى سواء وجد المصداق الخارجى ام لم يوجد صدق المفهوم بعد وضع اللفظ للمعنى.

ولا يخفى ان الاعلام الشخصية موضوعة في مقابل المصاديق مثلا مصداق زيد هو الشخص المسمى وغير علم الشخص كالترجى مصداقه هو الكيف النفسانية وكذا العلم اى المصداق له هو الكيف النفسانى وان غير الاعلام الشخصية موضوع للمفهوم.

واعلم ان المفاهيم لا تكون على طريق واحد لان بعض المفاهيم تكون دائرته اوسع من بعض كمفهوم الحيوان وبعض آخر تكون دائرته ضيقا كمفهوم الانسان

١٦٤

فمفهوم الطلب هو طلب العالى من السافل ومصداقه الصفة القائمة بالنفس اى الشىء الموجود اما ان يكون وجوده فى الذهن او فى الخارج.

ولا يخفى انه ما يستفاد منه هو المصداق لا المفهوم لان المفهوم يكون للشرح والتفصيل اما فيما نحن فيه فيكون للامر مفهوم ومصداق اما مفهومه فهو الطلب وبالفارسية اى خواستن ومصداقه فيكون لمفهوم الامر مصداقان.

احدهما الطلب الانشائى هو ايجاد الشىء باللفظ قد عبر شيخنا الاستاد من هذا المصداق بمصداق بلا أثر بالفارسية اى مصداق بى كار وبى قيمت وثانيهما الصفة القائمة بالنفس ويعبر من هذا المصداق بمصداق ذى اثر بالفارسية مصداق كارگر وقيمت دار فيحمل على الامر الطلب الحقيقى بالحمل الشائع الصناعى وهو ما يكون الاتحاد بين الموضوع والمحمول فى الوجود والمصداق فيحمل هذا المصداق اى الصفة القائمة بالنفس على الامر ولا يحمل بحمل الشائع المصداق الاول اى الطلب الانشائى لا يحمل على الامر بحمل الشائع الصناعى وان كان الطلب الانشائى مصداقا للامر اما بتعبير شيخنا الاستاد فهو مصداق بلا اثر بالترجمة الفارسية مصداق بى كاره وبى قيمت مى باشد لذا لا يحمل على الامر بالحمل الشائع.

قال شيخنا الاستاد ما ذكر من التفصيل هو مراد صاحب الكفاية بقوله الظاهر ان الطلب الذى يكون هو معنى الامر ليس هو الطلب الحقيقى الذى يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعى بل الطلب الانشائى الذى لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا بل طلبا انشائيا اى لا يراد من الامر الطلب الحقيقى اى الصفة القائمة بالنفس بل يراد الطلب الانشائى الذى لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا حتى يشمل الطلب الحقيقى.

الحاصل ان لفظ الامر موضوع للطلب والمراد من هذا الطلب هو الطلب الانشائى لا الحقيقى وان الطلب الانشائى لا يحمل بالحمل الشائع وان كان هذا الطلب من مصداق الامر ولكن كان مصداقا بلا اثر فلا يكون حينئذ عند الحكماء هذا الحمل حملا شايعا بل يكون حملا بلا اثر كحمل الحجر على الانسان فقد ظهر مما ذكر ان

١٦٥

الامر وضع لحصة من الطلب اى الطلب الانشائى ويكون هذا الطلب مصداقا للامر.

فما تقول فى الارادة فيشرع من هنا مبحث الطلب والارادة وبعض الاصوليين جعلوا فى هذا المقام كل المباحث فى مباحث الطلب والإرادة.

قال صاحب الكفاية انا الفت الفوائد وبيّنت فيها معنى الحرف والاسم وكذا معنى الطلب والارادة قلت هنا ان الطلب والإرادة بمعنى واحد وقلنا ان معنى الامر هو الطلب الانشائى وهذا الطلب لا يحمل بحمل الشائع لانه يعتبر فى هذا الحمل ان يكون الحمل على المصداق وايضا يعتبر ان يكون ذا اثر فالطلب الانشائى لا يكون مصداقا ذا اثر لان اثره يكون قليلا وضعيفا اى اثر الذى يكون بصيغة افعل او بمادة الطلب او بمادة الامر او غيرها يعد فى العرف بمنزلة العدم كما يسلب العرف الانسانية من بعض الاشخاص وان كان هذا الشخص انسان واقعا فالطلب يحمل على الصفة القائمة بالنفس بالحمل الشائع ولا يحمل على الطلب الانشائى بهذا الحمل لان شرطه منتفى فاختار صاحب الكفاية مذهب الحكماء فى هذا الحمل ـ اى يعتبر الحكماء فى الحمل الشائع ان يكون المصداق ذا اثر.

الكلام يجر الكلام اذا كان الطلب الحقيقى صفة قائمة بالنفس والطلب الانشائى ما ينشأ بصيغة افعل او بمادة الامر او بمادة الطلب فما الارادة فلا بأس فى المقام بالاشارة الى اتحاد الطلب والارادة وتغايرهما حيث جرت سيرة الاعلام على التعرض لذلك فى هذا المقام وان لم يكن له كثير الارتباط به ـ وعلى كل حال ذهب صاحب الكفاية الى اتحاد الطلب والإرادة وكذا المعتزلة اما الاشاعرة فذهبت الى تغايرهما وان ما بحذاء احدهما غير ما بحذاء الآخر.

فنشرع اولا بما اختاره صاحب الكفاية قال ان الارادة الحقيقية والطلب الحقيقى متحدان مصداقا لان الصفة القائمة بالنفس مصداق لهما وان الارادة الانشائية والطلب الانشائى متحدان مصداقا لان الطلب الانشائى مصداق لهما اما الانسباق والانصراف صار سببا للفرق بينهما اى بين الارادة والطلب لان الطلب يستعمل كثيرا فى الطلب

١٦٦

الانشائى واما الارادة فتستعمل كثيرا على عكس لفظ الطلب اى ينسبق عنها عند اطلاقها الارادة الحقيقية وقال انا حققنا وجه اتحادهما فى بعض فوائدنا ونتعرض هنا ايضا ان الدليل لاتحادهما هو الوجدان والضرورة اى نستدل لاتحاد الطلب والارادة بالبديهيات فلا نحتاج الى مزيد البيان واقامة البرهان.

واعلم ان البديهيات على ستة انواع بحكم الاستقراء وهى الاوليات والمشاهدات والتجربيات والمتواترات والحدسيات والفطريات.

والمراد من الاوليات هى قضايا يصدق بها العقل لذاتها اى بدون سبب خارج عن ذاتها بان يكون تصور الطرفين مع توجه النفس الى النسبة بينهما كافيا فى الحكم والجزم بصدق القضية مثل قولنا الكل اعظم من الجزء (والنقيضان لا يجتمعان).

قال صاحب الكفاية ان الانسان لا يجد غير الارادة القائمة بالنفس صفة اخرى القائمة بها اى ان الموجود فى النفس والمترتبة عليها حركة العضلات هى امور ثلاثة التصور والتصديق بالفائده والشوق المؤكد المعبر عنه بالارادة بعبارة اخرى نقول لا اشكال فى توقف الفعل الاختيارى على مقدمات من التصور والتصديق بالفائده والعزم ويعبر عن هذه الثلاثة بمقدمات الإرادة.

وكذا يتوقف الفعل الاختيارى على الارادة التى توجد بعد هذه المقدمات وايضا لا بد بعد هذه المقدمات من مقدمة الاخرى هى عبارة من دفع الموانع فيوجد بعد هذه المقدمات الشوق المؤكد المعبر عنه بالإرادة انا لا نوجد الشىء الآخر فى انفسنا غير الارادة ومقدماتها اى لا يكون هنا الشى الآخر حتى يسمى طلبا.

الحاصل ان الارادة الحقيقية هى نفس الطلب الحقيقى وكذا الارادة الانشائية هى نفس الطلب الانشائى.

فائدة ـ ذهبت الاشاعرة الى تغاير الطلب والارادة وذهبت المعتزلة الى اتحادهما والمراد منهما الطائفتان من اهل السنة والجماعة.

١٦٧

وفرقهما ان الاشاعرة التزمت بالجبر وارادوا بذلك اثبات السلطنة للبارى تعالى فوقعوا فى المحذور الآخر وهو نفى العدل عنه جلّ وعلى والمعتزلة التزمت بالتفويض وتخيلوا عدم حاجة الممكن فى بقائه الى العلة وانه يكفى فيه علة الحدوث فوقعوا فى محذور سلب السلطنة مع ان هذا التخيل فاسد لا ينبغى ان يصغى اليه بداهة ان الممكن بحسب ذاته يتساوى فيه الوجود والعدم ويحتاج فى كل آن الى ان يصله الفيض من المبدا الفياض.

لما ذهبت الاشاعرة الى تغاير الطلب والإرادة قالوا بالكلام النفسى اى قالوا ان مفهوم القرآن وساير كتب السماوى قديم وقائم بذاته تعالى الحاصل ان الأشاعرة يقولون ان فى النفس شيئا معنويا سماهم فى الاوامر والنواهى بالطلب كما قال الشاعر منهم ان الكلام لفى الفؤاد وانما جعل اللسان على الكلام دليلا اى يكون الكلام فى القلب والمراد من القلب فى المقام هو النفس الناطقة وليس المراد من القلب فى المقام الشكل الصنوبرى واستدلت الاشاعرة على مغايرتهما بان الامر اذا كان للاختيار او الاعتذار فيوجد الطلب من دون الارادة لان المراد من الارادة هو الشوق المؤكّد وليس هذا الشوق فى مقام الاختيار والاعتذار والجواب عنه يعلم من استدلالكم انه لا يكون فى المقام الارادة الحقيقية فنسلم عدم هذه الارادة ونسلم ان ارادة الحقيقة تنفك من طلب الانشائى.

قال صاحب الكفاية وان لم يكن بينا ولا مبينا فى الاستدلال المغايرة الطلب الانشائى مع الارادة الإنشائية والذى يتكفله الدليل هو الانفكاك بين الارادة الحقيقة والطلب الانشائى هذا لا يضر بدعوى الاتحاد اصلا.

قوله : ثم إنّه يمكن مما حققنا اى يقع الصلح بين الطرفين.

اى قال صاحب الكفاية يمكن الصلح بين الاشاعرة والمعتزلة وقال المصلح ان المراد من الاتحاد بينهما هو اتحاد الارادة الحقيقية والطلب الحقيقى والارادة الانشائية والطلب الانشائى والمراد من المغايرة هو ثبوتها بين الطلب الانشائى والارادة

١٦٨

الحقيقية قوله فافهم اشارة الى عدم امكان الصلح لان بعض الادلة الاشعرى صريحة فى دعوى المغايرة بين الارادة الحقيقية والطلب الحقيقى.

قوله : دفع وهم الخ.

المراد من الوهم هو الاشكال الذى اورد على المصنف.

توضيحه يقول المستشكل ان جملة خبريه تدل على العلم بالنسبة فيكون هذا العلم مدلولا للجمل الخبرية وهذا المدلول يسمى كلاما نفسيا وكذا الكلمة التى تدل على الترجى والتمنى فيكونان مدلولين لهذه الكلمة ويسمى كلاما نفسيا.

والجواب عن هذا الوهم والاشكال اقول اولا ان المدلول ليس كلاما نفسيا لان الكلام النفسى الشىء الذى لا يكون له اللفظ وثانيا ان هذه الصفات المشهورة ليست مدلولات للكلام بل يكون المدلول شيئا آخر فيكون المدلول فى الجمل الخبرية ثبوت النسبة فى الموجبة وسلب النسبة فى السالبة.

واما فى الجمل الانشائية فالمدلول هو الانشاء اى انشاء التمنى او الترجى فلا تكون هذه الصفات المشهورة مدلولات لكلام فتكون هذه الصفات من الدواعى والاغراض.

ولا يخفى ان افعال الانسان لا بد ان يكون مسبوقة بالدواعى والاغراض والغايات حتى تكون هذه الدواعى للبهائم ولا فرق أن تكون هذه الدواعى العقلائية او غيرها

وبينا سابقا ان المعنى الاسمى والحرفى متحدان وضعا وانما يكون الفرق بينهما بالغايات والاغراض فتكون الغاية فى الاسم الاستقلالية وفى الحرف الآلية واعلم ان الترجى والتمنى عن الله تعالى لا يكون بالمعنى الحقيقى بل يكونان للتوبيخ والتهديد.

قوله : ان هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام خبر لقوله ليس غرض الاصحاب.

١٦٩

قوله : فى نفس الامر.

اى نفس الامر اعم من ان يكون فى الذهن نحو الانسان نوع او فى الخارج نحو الانسان كاتب اما نفس الامر فى الجمل الانشائية فهو وجود المعنى الانشائى باللفظ

قوله : ربما يكون هذا منشأ الانتزاع الخ.

اى يكون ثبوت المعنى منشأ لانتزاع الآثار لانه اذا وجد المعنى وجد الاثر العقلى او العادى مثلا اذا وجد عقد البيع وجد الملكية وكذا اذا وجد عقد النكاح وجدت الزوجية.

قوله نعم لا مضايقة فى دلالة مثل صيغة الطلب الخ

اى قال صاحب الكفاية انه لا تكون هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام لكن اذا دلت عليها الصيغة الطلب او الاستفهام او التمنى فتكون هذه الدلالة بدلالة الالتزامية اى قال صاحب الكفاية لخصمه انكم مصرون فى دلالة الصيغ المذكورة على الصفات المشهورة لا مضايقة لنا فى هذه الدلالة لكونها الدلالة الالتزامية.

قوله : وضعا او اطلاقا.

اى يكون وضعا قيدا للاستعمال لا للموضوع له ولا يخفى انه اذا كان لفظ وضعا قيدا للموضوع له فتكون هذه الصفات المذكورة مدلولا للصيغ المذكورة فثبت مدعى الخصم واما اذا كان قيدا للاستعمال فيقصد انّ هذه الصفات تكون فى النفس لاجل استعمال اللفظ فى المعنى والمراد من الاستعمال ان يفني اللفظ فى المعنى فيكون الاستعمال غير الموضوع له.

الحاصل ان استعمال اللفظ فى المعنى لا بد ان يكون بالداعى والمراد من الاطلاق اى اطلاق اللفظ الى هذه المذكورات.

١٧٠

قوله اشكال ودفع الخ.

اما لاشكال فيقول الخصم ان الارادة والطلب متغايران لان الطلب يوجد فى بعض الموارد من دون الارادة اى ينفك الطلب عن الارادة كما فى اوامر الامتحانية وفى مقام الاعتذار فلا يكون فى مثل هذا المقام الارادة.

وقال صاحب الكفاية ان المراد من الاشكال هو اللزوم التالى الفاسد فى اتحاد الطلب والارادة الحاصل انه سئل عن الخصم هل يكون الكفار مكلفين بالاصول والفروع.

والجواب انه لا شك ان الكفار مكلفون بالفروع والاصول ولا يخفى ان التكليف عليهم يكون قطعيا وجزميا اذا تمت هذه المقدمة فتنتج ان الله تعالى اراد التكليف عن الكفار بالارادة الحقيقة وبالطلب الحقيقى فكيف تتخلف الإرادة عن المراد ولا بد ان لا تتخلف الارادة عن المراد لانه تعالى اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ولا يخفى انه ليس المراد من قوله تعالى كُنْ فَيَكُونُ صوتا قرع على الاذان بل المراد عن هذا القول الارادة الحقيقة فثبت مما ذكر تغاير الطلب والارادة لان الكفار مكلفون بالاصول والفروع اى ثبت طلب التكليف عليهم فقط وبالجملة ثبت مما ذكر انفكاك الطلب والارادة لان مخالفة الكفار عن التكليف تدل على عدم ارادة التكليف منهم بالارادة الحقيقة.

قوله واما الدفع.

اى يقال فى دفع الاشكال ان لله تعالى ارادتين التكوينية والتشريعية ويكون للارادة التكوينية جزءان وهما المريد والمراد سواء كانت الارادة عن الله ام عن غيره تقتضى الجزءين مثلا اذا اراد الانسان النطق فتوجد المراد اى النطق وتكون للارادة التشريعية ثلاثة اجزاء وهى المريد والمريد المريد والمراد منه اى تكون الارادة التكوينية بعمل المريد اما الارادة التشريعية فتكون بفعل الغير وفرقهما بالترجمة الفارسية.

١٧١

اى در اين مقام نفس عبارة استاد آية الله شيخ صدرا قدس‌سره ذكر مى شود ايشان مى فرمود اراده تكوينية دو چيز مى خواهد اى مريد ومراد.

بعبارة استاد در اراده تكوينية خود مريد مى چرخد اما اراده تشريعيه سه چيز مى خواهد مريد ومراد ومراد منه يعنى كسى باشد كه بچرخاند نه اينكه خود مريد بچرخد پس در اراده تكوينية صحيح مى باشد كه مريد ومراد از ديگرى منفك نمى شود وتخلف نمى كنند چونكه خود مريد مى چرخد لذا مريد ومراد تخلف نمى كنند اما در اراده تشريعيه در اكثر موارد مريد ومراد تخلف مى كنند مثلا تكاليف كه از جانب خداوند عالم آمده بايد ما بچرخانيم پس بعضى انجام مى دهند وبعضى انجام نمى دهند

الحاصل ان الله تعالى كلف الناس بتكليف الجدى لكن هذا التكليف يكون بار التشريعية اى ليفعله الغير فيفتح هنا الباب الآخر انه اذا ثبتت الارادة التشريعية على الكفار هل تكون منهم الارادة التكوينية والجواب نعم اى يكون للكفار كل من الارادتين لكن اذا توافقا فلا بد من الاطاعة اما اذا خالف الارادة التكوينية عن الارادة التكوينية عن الارادة التشريعية فيلزم الكفر والعصيان فنقول ويبقى فى المقام اشكال الجبر لانه خالف الارادة التكوينية عن الارادة التشريعية فثبت الكفر والعصيان لاجل الإرادة اى تعلق ارادة الله على كفرهم فلا يكونون مستحقين على العقاب لان كفرهم لا يكون باختيارهم مثلا اذا كانت الارادة التشريعية ادخلوا فى دين الله والارادة التكوينية لا تدخلوا فى دين الله فيلزم الجبر اى يكون كفرهم بالاجبار عن الله تعالى

والجواب عن اشكال اللزوم الجبر فليعلم اولا معنى الفعل اختيارى وغير الاختيارى والمراد من فعل الاختيارى ما هو مسبوق بالارادة ومقدمات الارادة فتعلق ارادة الله تعالى بان تريد الفعل وتأتى به ويقال لهذا الفاعل انه فاعل بالتسخير لانه اراد الفعل بتسخير ارادة الغير ولا يكون هذا الفاعل فاعلا بالجبر لان الفاعل بالجبر ما لا يكون فعله بارادته.

هنا بحث هل الكفار مكلفون بالفروع والاصول او المكلفون بالاصول فقط

١٧٢

ولا شك ان المسلمين مكلفون فى الفروع والاصول اما قول الحق فان الكفار ايضا مكلفون بالفروع والاصول.

ان قلت الشرط فى التكليف ان يكون التكليف مقدورا للمكلف والكفار لا يكونون قادرا على الفروع ولا تصح منهم لان الشرط فى صحة الفروع ان يكون المكلف مسلما فلا تكون الفروع مقدورة للكفار لعدم الاسلامية فيهم.

قلت : ان الفروع مقدورة للكفار لان المقدور على القسمين احدهما بلا واسطة وثانيهما مع الواسطة فالفروع مقدورة للكفار بان يسلموا اولا ويأتوا بالفروع ثانيا.

فان قلت على ما ذكر يلزم من وجود التكليف على الكفار عدمه لان الكفار اذا اسلموا يلغوا ما كان فى زمان كفرهم ولهذا لا يجب قضاء الفرائض على الكفار بعد اسلامها.

والجواب ان للتكليف الكفار على الفروع فى حال كفرهم يكون لاتمام الحجة بتعبير شيخنا الاستاد بالفارسية اگر كفار مكلف باشند بفروع به سبب اينكه قدرت دارند كه اسلام بياورند بعد عمل ايشان صحيح مى شود پس كسى اشكال مى كند بنابراين لازم مى آيد از وجود تكليف عدم آن چون وقتى كه مسلمان شدند همه از راه خود مى روند مقصود زمان كافر بودن مى باشد كه آيا تكليف صحيح مى باشد يا نه جواب اين تكليف بالاى كفار مثل چوب زدن وشلاق زدن مى باشد اى كناية از شرمسار ساختن وسرزنش كردن مى باشد.

قوله : قلت انما يخرج بذلك عن الاختيار.

اى قد علم مما سبق ان افعال العباد تكون بالاختيار اعنى ان الله تعالى اراد من العبد ان يفعل عن ارادة ولا يكون فعل العبد كحركة يد المرتعش ان قلت ان الكفر والعصيان من الكافر والعاصى ولو كانا مسبوقين بارادتهما الا انهما منتهيان الى ما لا يكون بالاختيار اى ينتهى فعل المكلف الى الارادة الازلية والمشيئة الالهية اذا كان الامر كذلك فيقبح العقاب لان الفعل لا يكون باختيار المكلف بل يكون

١٧٣

الفعل ومقدماته تابعا لارادة الله.

قلت العقاب انما يتبع الكفر والعصيان اى الكفر والعصيان يكونان تابعين للارادة ومقدماتها اما الارادة فهى تابعة للسعادة والشقاوة وهما تابعتان للذات اى السعادة والشقاوة لا تكونان مجعولتين بجعل الشارع وتكونان من الذاتيات ولا يخفى ان الذاتى على قسمين احدهما الذاتى فى الباب الايساغوجى وهو يحكى عن الذات او جزئها كالحيوان والناطق والقسم الثانى هو الذاتى فى باب البرهان وهو ما ينتزع عن الشىء هو يحمل عليه بعبارة اخرى ان الذاتى فى باب البرهان ما هو تابع للذات ولازم لها والمراد منه فى المقام هو الذاتى فى باب البرهان اى ما كان لازما للشّيء ولا ينفك عنه.

الحاصل ان الجاعل يوجد الانسان فقط ولا يجعله سعيدا وكذا لا يجعله شقيا لان بعض الاشياء يكون ضروريا ولا يحتاج الى الجاعل وبعض الآخر يحتاج الى الجاعل كالممكنات مثلا زوجية لازمة للاربعة وكان وجودها للاربعة ضروريا فلا يحتاج الى الجاعل.

فاقول ان العقاب يكون بالفعل الاختيارى لانه لازم للعصيان والعصيان لازم للارادة ومقدماتها واما الارادة فهى لازمة للشقاوة فهى لا تكون مجعولة لان المجعول وجود شخص لا شقاوته وسعادته كما يقال ما جعل المشمش مشمشة اى جعل الله تعالى المشمش لا كونه مشمشا وكذا جعل الجاعل الاربعة لا الزوجية فتكون الشقاوة فعلا اختياريا وكذا السعادة وتكون مقتضية للفعل لا العلة التامة فان الشقاوة التى تكون فعلا اختياريا تجسم فى العقاب كما روى ان الاعمال تجسم يوم القيامة.

لكن يأتى فى المقام سؤال الآخر اى يسأل هنا لم خلق الله تعالى الشخص الشقى

فيقال فى الجواب مثل ما قيل فى جواب ابليس حاصل هذا الجواب والسؤال ان الابليس سئل عن الله تعالى يا رب انت عالم انى عصيتك لم خلقتنى فقال الله تعالى فى جواب ابليس هَلْ تَعْلَمُ أني حكيم فسكت ابليس.

١٧٤

ولا يخفى ان الاستفهام هنا اى فى قوله هل تعلم خرج عن المعنى الحقيقى ويكون للتقرير اى يحمل الابليس على الاقرار والاعتراف فقد ظهر مما ذكر ان الكفر والعصيان تابعان للاختيار الناشى عن مقدمات الناشئة عن الشقاوة الذاتية اللازمة للذات فان السعيد سعيد فى بطن أمه والشقى شقى فى بطن أمه والناس معادن كمعادن الذهب والفضة.

واعلم ان المراد من البطن هو المعنى المعروف اى ان الله تعالى عالم بكون السعيد سعيدا فى بطن أمه وكذا الشقى والمراد من هذا الحديث والناس معادن كمعادن الذهب والفضة اى الناس يختلف كاختلاف الذهب والفضة.

قلم اينجا رسيد سر بشكست اعنى هرچه در اين مقام بحث شود احتمالات زياد مى شود بهتر هست كه كلام قطع شود قال شيخنا الاستاد يقطع الاشكال سهلا على قول البعض اى قال بعض ان الارادة لا تكون علة للفعل بل تكون داعية للفعل فيكون نفس الفعل بالاختيار.

قوله : وهم دفع.

والمراد من الوهم ان الارادة عن الله هو علمه بصلاح فعل المكلف اى ارادة التشريعية اما الارادة التكوينية فهو علم بنظام ومصالح العامة اى ظهر مما ذكران المراد من ارادة التشريعية وهو علم بالمصلحة فى فعل المكلف وايضا ظهران مذهبكم اتحاد الطلب والارادة فيلزم على هذا ان الله تعالى انشأ العلم ويكون المنشأ هو العلم اذا كان الامر كذلك فلا يكون فى المقام الا كرّ ما فرّ عنه.

اما الدفع قلت سابقا انما يتحد الطلب والارادة مصداقا فيتحد كل صفات الله مصداقا ولا يتصور التجزى فى الله تعالى لان التجزى يستلزم التركيب اما مفهوما فيفرق الطلب والارادة لكن يبقى هنا اشكال الآخر اى اذا كانت الارادة التكوينية عن الله تعالى العلم بالنظام على النحو الكامل التام فيكون علمه تعالى علة التامة للمعلوم اى يكون علمه تعالى علة للشقاوة والعصيان فيصح قول الشاعر (اگر من مى نخورم

١٧٥

علم خدا جهل بود) والجواب ان علمه تعالى لا يكون علة تامة.

قوله قال امير المؤمنين عليه‌السلام كمال توحيده الاخلاص له وكمال الاخلاص له نفى الصفات عنه اى الصفات التى كانت قائمة بالذات منتفية عنه تعالى بل تكون صفات كماليته تعالى عين ذاته.

والحاصل ان صفاته تعالى الثبوتية ترجع الى الصفة الواحدة فتكون عين ذاته تعالى فتتحد صفاته تعالى مصداقا لا مفهوما واما المخلوقات فتختلف صفاتها مصداقا ومفهوما.

توضيحه ان كل مخلوق يحتاج الى الجنس والفصل ويكون له جنس قريب وبعيد وفصل قريب وبعيد وكذا يكون للمخلوق العوارض القريبة والبعيدة فتصير هذه المذكورات سببا لاختلاف المخلوق مصداقا اما الله تعالى فلا يكون له جنس ولا فصل لانهما مستلزمان للتركيب تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولا اشكال فى تركيب حقيقة المخلوق.

فظهر مما ذكر انه من قال باتحاد الارادة والطلب مفهوما يكون من اشتباه المصداق بالمفهوم كما بين فى المنطق ان المغالطة ثلاثة عشر قسما احدها اشتباه المصداق بالمفهوم.

ولا يخفى ان المغالطات توجد لاجل التوهمات لذا عبر المصنف عنها بلفظ الوهم وقد دفع هذا الوهم حاصل الدفع ان الطلب والارادة يتحدان مصداقا لا مفهوما فيأتى هنا اشكال الآخر وهو اذا اختلف الطلب والارادة مفهوما فيلزم ان يحكى مفاهيم المتعددة عن الشىء الواحد.

والجواب انه لا يصح ان يحكى المفاهيم المتعددة عن الشىء الواحد بالنسبة لنا اما بالنسبة الى الله تعالى يجوز ان يحكى عنه تعالى المفاهيم المتعدّدة فعلم مما ذكره اتحاد ارادة التكوينية والطلب مصداقا لكن يسأل هنا هل يتحد اراده التكوينية مع العلم قال شيخنا الاستاد تحتاج هذه المسألة الى الفكر ولا يكونان متحدين عندنا

١٧٦

لان الارادة تكون من صفات الفعل مثلا اذا قلت ان الله تعالى اراد شيئا اى اوجده.

ان قلت قد تكون الارادة بمعنى الاظهار والفكر قلت هذا المعنى يكون فى المخلوق لانه لا يكون فى الله تعالى التروى والفكر كما ورد فى الخبر عن الله تعالى انا لا نتردد فى شىء.

فيشكل هنا ان الله تعالى تردد فى قبض روح نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والجواب ان تردد فى قبض روحه كان عن جبرئيل وكان حقيقة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لكن فعل المحب ينسب الى المحب مجازا كقوله (ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى).

الحاصل ان ارادة الله تعالى هى عين فعله تعالى ولا يكون لله تعالى التروى والفكر مثلا اذا قال كن فيكون كقوله تعالى (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

ولا يخفى ان الانسان اوجد الافعال بالمقدمات الاختيارية قال شيخنا الاستاد انه لا يكون كل المقدمات اختيارية وما كان اختياريا هو دفع الموانع فقط كما بين فى المجلد الثانى من كفاية الاصول.

الفصل الثانى فيما يتعلق بصيغه الامر وفيه مباحث الخ.

وكان البحث فى فصل الاول فى مادة الامر وبين من باب المناسبة بحث الطلب والارادة وكذا مبحث الجبر والاختيار وكان البحث هنا فى صيغة الامر اى ما معنى صيغة الامر وقد ذكر فى بعض الموارد اربعة عشرة معنى لصيغة الامر فليعلم حقيقة الامر اى هل يكون الجميع معنى حقيقيا او يكون احدها معنى حقيقيا وكان الباقى الدواعى لان كل شىء يحتاج الى الداعى.

مثلا يقال ان صيغة الامر تكون للترجى والتسجيل والتسخير فيكون كلها الدواعى وكان معنى صيغة الامر انشاء الطلب.

مثلا اذا قال المولى جئنى بالماء كان معنى صيغة الامر طلب الماء وكان لهذا الطلب الداعى النفسانى كالعطش وكذا اذا امر المولى العبد بالسير الى مكان كان

١٧٧

الداعى النفسانى لطلب السير.

وقد يكون الداعى التهديد لكن المعنى لا يتغير اى يكون معنى الصيغة الطلب الانشائى وكذا يكون الداعى التمنى.

كقول امرئ القيس الا ايها الليل الطويل انجلى بصبح اذ ليس الغرض طلب الانجلاء من الليل اذ ليس ذلك فى وسعه لكنه يتمنى ذلك تخلصا عما عرض له فى الليل فكان التمنى داعيا للطلب فيكون كل هذه المذكورات داعيا الى الطلب وكان المعنى فى الجميع الانشاء اى انشاء التمنى وانشاء الترجى ويقال له انشاء المادة فان كانت القرينة لمتعين الداعى فلا بحث وان لم يكن القرينة له اى لم يعلم ان الداعى ما هو هل هو الصفة النفسانية او غيرها فيحمل عند عدم القرينة ان الداعى الصفة النفسانية لكثرة استعمالها.

او يقال ان ما ذكر قيدا للوضع بنحو ان يكون التقيد داخلا والقيد خارجا اى يكون وضع صيغة مقيدا بالتمنى او الترجى وهكذا لكن نفس التمنى ونحوه خارجان عن الموضوع له وبعبارة اخرى ان القيد يكون للاستعمال لا الموضوع له.

اختلاف الداعى فى الطلب الانشائى

قوله : فلا وجه للالتزام بانسلاخ صيغها الخ.

اى قد ظهر مما ذكر ان صيغة افعل موضوعة للطلب الانشائى ولكن الداعى مختلف وقد ذكر صاحب الكفاية ان مطلق صيغ موضوع لانشاء المادة.

فلا يصح ما ذكر ابن هشام فى المغنى فى قوله قد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقى فترد لثمانية معان وجه عدم صحة هذا القول ان كلمة الاستفهام موضوعة لانشاء الاستفهام لكن الداعى مختلف لان الداعى قد يكون طلب الفهم وقد يكون التقرير او التحبيب او التوبيخ فظهر مما ذكر ان لا وجه للالتزام بانسلاخ الصيغ عن هذه الصفات الحقيقية ولا وجه لاستعمال هذه الصيغ فى غير هذه الصفات اذا

١٧٨

وقعت فى كلام الله تعالى.

ان قلت ان ارادة هذه المعانى عن الله تعالى مستلزم للمحال مما لازمه العجز او الجهل فقلت ان المستحيل انما هو الحقيقى هذه الصفات لا الانشائى الايقاعى. قد علم انه لا اشكال فى ارادة انشاء الاستفهام او التمنى هكذا اما اذا وقعت هذه المذكورات فى كلامه تعالى فقد استعملت فى المعانى الايقاعية الانشائية ايضا لكن لم يقصد فى كلامه تعالى ثبوتها حقيقة بل يكون مجازا لامر الآخر من اظهار المحبة او الانكار او التقرير.

الحاصل ان المعنى هو شىء واحد اى الانشاء والايقاع لكن الداعى قد يكون التقرير وقد يكون التوبيخ الى غير ذلك.

المبحث الثانى فى ان الصيغة حقيقة فى الوجوب او فى الندب الخ.

قد ظهر مما سبق ان صيغة الامر وضعت لانشاء الطلب لكن الدواعى مختلفة اما هنا فيبحث ان الصيغة حقيقة فى الوجوب او فى الندب او فى هما.

قال صاحب الكفاية ولا يبعد تبادر الوجوب عند الاستعمال والمراد من الوجوب هو ما لا يرضى الآمر بتركه اما الندب فهو ما يرضى الآمر بتركه.

قوله : ويؤيده عدم صحة الاعتذار.

لا يخفى ان صاحب الكفاية ذكر هذه الجملة بلفظ تأييد وهو حسن واما من ذكر هذه الجملة بلفظ الدليل فيرد عليه ان عدم صحة الاعتذار يصح اذا كان الطلب من العالى واما اذا كان الطلب من المساوى فيصح الاعتذار فيكون الدليل اخص من المدعى.

الحاصل انه قد يتوهم ان الاولى جعل النزاع فى الايجاب لا الوجوب حتى يشمل الاوامر الصادرة من المساوى او السافل فانه لا وجوب فيهما لعدم ترتب الذم والعقاب مع ان الايجاب موجود.

فان قلت ان موضوع البحث فى المقام خاص لانه يبحث فى المقام من اوامر

١٧٩

التى كانت فى الكتاب والسنة ولا شك فى كون هذه الاوامر من العالى فتدل على الحتم.

وربما يتوهم ان محمول المسألة لا بد ان يكون عرضا ذاتيا لموضوع العلم مثلا الرفعية والنصبية محمول للمسألة فى علم النحو ويكون هذا المحمول عرضا ذاتيا للكلمة كذا فى المقام ان كون صيغه الامر للوجوب عرضا ذاتيا للاوامر التى تكون فى الكتاب والسنة قلت ان الصدور الامر من العالى لا ينحصر فى الشارع لان اوامر الذى يصدر من الكفار على عبيدهم تكون من العالى ولا تكون للوجوب.

والجواب عن التوهم ان الاعمية لا تجعل العرض غريبا بل المعيار عدم تحقق الواسطة فى العروض وهذا العدم متحقق فى المقام لان كون صيغة الامر للوجوب سواء صدر من العالى ام المساوى يكون هذا عرضا ذاتيا لموضوع علم الاصول اى الكتاب والسنة.

وايضا نقول ان موضوع علم الاصول لا تنحصر فى الادلة الاربعة بل كلى ينطبق على موضوعات مسائله فيكشف عن هذا البيان ان محل البحث كون صيغة الامر للوجوب سواء كانت الاوامر فى الكتاب او السنة ام لا.

قوله : وكثرة الاستعمال فيه الخ.

هذا رد على صاحب المعالم حيث يقول ان صيغة الامر حقيقة فى الوجوب لغة وعرفا لكن توقف فى اوامر الواردة عن الأئمة الاطهار عليهم‌السلام لكثرة استعمالها فى الندب بحيث صار من مجازات الراجحة والمراد منها هى التى كثر استعمالها بالنسبة الى ساير المجازات ويكون استعمال فى المجازات الراجحة مساويا للحقيقة.

واجاب المصنف عنه ان الكثرة بمجردها لا توجب التوقف فى المعنى الحقيقى بل اذا لم يكن الاستعمال فى المعنى الحقيقى ايضا كثيرا وهو هنا ممنوع لان الوجوبات فى الشرع كثيرة لانها من جهة الاهتمام بها قد وقع السؤال عنها كثيرا.

الحاصل ان استعمال صيغة الامر فى الندب فى كلام الأئمة عليهم‌السلام يكون مع

١٨٠