هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

من ان الشرط هو الوجود الذهنى والعلمى واما فى شرط المأمور به فيكون الشرط طرف الاضافة فما الفرق بينهما قلت ان الشرط فى المأمور به هو الوجود الدهرى

واعلم ان الوجود الزمانى والدهرى والمراد من الوجود الزمانى ما يكون فيه التقدم والتأخر واما المراد من الوجود الدهرى الزمانيات المجتمعة مثلا ما يكون فى الزمانيات من المتفرقات يكون فى الوجود الدهرى من المجتمعات فلا يكون الله تعالى من الزمان والزمانيات بل كان الله تعالى فوق الزمان والزمانيات ذكر شيخنا الاستاد هنا نظيرا لتوضيح الوجود الدهرى والزمانى قال ابن سينا انك ترى القطار من الروزنة ولا يخفى انك ترى ما يسير ويعبر من مقابل الروزنة ولا يمكن الرؤية فى زمان واحد للجميع واما ان كنت على السطح فرأيت كل قطار الابل فى آن واحد.

اذا ذكر هذا النظير فاعلم ان الخلق يرى الموجودات من الروزنة فيكون كل الموجودات فعلية وتكون متفرقة فى الوجود عندنا اما عند الله تعالى فلا تكون الموجودات متفرقة ولا يكون عنده تعالى الصباح والمساء لانه تعالى محيط بالاشياء.

الحاصل ان الموجودات عند الله تعالى موجودة بالوجود الدهرى واما الموجودات عند الخلق فموجودة بالوجود الزمانى فعلم ان شرط المأمور به موجود بالوجود الدهرى فيكون الشرط والمشروط فى الوجود الدهرى واحدا ولا يتصور فيهما التقدم والتأخر.

فقد اجاب المحقق القمى عن هذا الاشكال بالاجوبة المفصلة وكتب هذه الاجوبة طلاب درسه وذكر المصنف فى فوائده هذه الاجوبة لكن فسر الوجود الدهرى على الوجه الآخر قال إنّه يكون للاشياء نسبة الى الفاعل ونسبة الى القابل اذا نسبت الى القابل يكون الاشياء عنده متفرقة واما اذا نسبت الاشياء الى الفاعل فيكون الاشياء عنده مجتمعة مثلا اذا نسبت الاشياء الى الله تعالى فتكون مجتمعة عنده تعالى لان الله محيط بالاشياء.

٢٦١

قوله : الامر الثالث تقسيمات الواجب منها تقسيمه الى المطلق والمشروط.

قد ذكر فصل فى مقدمة الواجب وقبل الخوض فى المقصود ينبغى رسم امور الأول الظاهر ان المبحوث عنه فى هذه المسألة البحث عن الملازمة بين وجوب ذى المقدمة ووجوب المقدمة فتكون مسئلة اصولية وقال بعض انه يبحث عن وجوب المقدمة فتكون مسئلة فقهية وقال بعض انها مسئلة كلامية قال صاحب الكفاية انها مسئلة اصولية ولا يكون مورد الاستطراد.

قد علم ان الامر الثانى فى بيان تقسيم المقدمة الى المقارن والمقدم والمؤخر.

وبين فى امر الثالث تقسيم الواجب الى المطلق والمشروط واعلم ان الواجب اذا قيس وجوبه الى شىء آخر خارج عن الواجب فهو لا يخرج عن احد نحوين الاول ان يكون متوقفا وجوبه على ذلك الشىء وهذا الشىء ماخوذا فى وجوب الواجب على نحو الشرطية كوجوب الحج بالقياس الى الاستطاعة وهذا هو المسمى بالواجب المشروط لاشتراط وجوبه بذلك الشىء الخارج.

الثانى ان يكون وجوب الواجب غير متوقف على حصول ذلك الشىء الآخر كالحج بالقياس الى قطع المسافة وان توقف وجوده عليه هذا هو المسمى بالواجب المطلق لان وجوبه مطلق غير مشروط بحصول ذلك الشىء الخارج ومنه الصلاة بالقياس الى الوضوء والغسل والساتر.

قال صاحب الكفاية قد ذكر لكل منهما تعريفات وحدود ولا يخفى انها تعريفات لفظية لشرح الاسم ليست بالحد ولا بالرسم اى لا تكون التعريفات الحقيقية التى يشترط فيها أن تكون جامعة ومانعة.

وبعبارة اخرى يشترط فى التعريف الحقيقى ان يكون مطردا ومنعكسا اما التعريفات اللفظية فلا يشترط أن تكون جامعة ومانعة ولا تكون موردا للنقض والابرام لان التعريف اللفظى قد يكون بالاعم وقد يكون بالاخص اذا ثبت ان التعريف اللفظى

٢٦٢

قد يكون بالاعم فلا يكون محلا للنقض والابرام.

الحاصل انهم عرفوا الواجب المطلق والمشروط بالتعريفات المختلفة عرف صاحب الفصول ان الواجب المطلق لا يتوقف بعد وجود الشرائط العامة على الشىء الآخر والمشروط ما يكون بعكسه اى يتوقف بعد وجود الشرائط العامة على الشىء الآخر ويقول الخصم عرف لنا مورد الذى لا يتوقف الواجب بعد الشرائط العامة على الشىء الآخر يقال فى الجواب ان معرفة الله تعالى واجبة لا يتوقف بعد الشرائط العامة على شىء آخر يقال له ما تقول فى الصلاة لان الصلاة موقوفة بعد الشرائط العامة على الوقت لان الصلاة قبل الوقت لا تكون واجبة وكذا الصوم.

الحاصل ان هذا التعريف لا يكون جامعا وعرف بعض الآخر ان الواجب المطلق ما لا يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده مثلا وجود الصلاة موقوف على الساتر والاستقبال والوضوء لكن وجوبها لا يكون موقوفا عليها ويقال هذا التعريف لا يصح ايضا لان الوجوب ووجود الصلاة موقوفان عليها.

قال صاحب الكفاية هذه التعريفات لفظية لا يحتاج الى النقض والابرام.

فاعلم ان المصنف ذكر هذه التقسيمات لتعرف ان كل الواجب تجب مقدماته ام لا.

فائدة هل يكون للمطلق والمشروط اصطلاح الخاص للاصولى ام يكونان بالمعنى العرفى مثلا المطلق ما لا يكون له قيد والمشروط ما يكون له قيد هذا المعنى العرفى مراد هنا فيبحث فى المقام اذا لم يكن للمطلق قيد فهل يشترط عدم القيد حقيقة ام بالاضافة اى يكون الواجب الواحد واجبا مشروطا بالقياس الى الشىء وواجبا مطلقا بالقياس الى شىء آخر فالمشروط والمطلق امران اضافيان.

ثم اعلم ان كل واجب هو واجب مشروط بالقياس الى الشرائط العامة وهى البلوغ والقدرة والعقل فالصغير والعاجز والمجنون لا يكلفون بشىء فى الواقع.

قد علم الى هنا ان المراد من تعريف المطلق والمشروط هو تعريف لفظى

٢٦٣

اى تبديل اللفظ باللفظ الآخر ولا يخفى ان تعريف الشىء قبل اثبات الوجود تعريف لفظى مثلا اذا عرف العنقاء فهو تعريف لفظى واما اذا كان التعريف بعد اثبات الوجود فهو حد.

قال شيخنا الاستاد هذه الجملة عن شرح الاشارات واعترض على صاحب الكفاية بانه اذا كان المراد تعريفا لفظيا فلا وجه لقوله تعريفات لفظية لشرح الاسم لان شرح الاسم لا يكون من تعريفات لفظية كما ذكر من شرح الاشارات ان شرح الاسم يمكن ان يكون بعد اثبات الوجود فيتبدل الى الحد.

قوله : الظاهر ان الواجب المشروط كما اشرنا اليه نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط الخ.

قال صاحب الكفاية ان الشرط فى الجملة الشرطية قيد لنفس الوجوب بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط اشار الى هذا صاحب الكفاية بقوله كما هو ظاهر الخطاب التعليقى اى كون نفس الوجوب مشروطا.

الحاصل ان صاحب الكفاية خالف فى هذا المقام لاستاده لانه قال الظاهر فى الجملة الشرطية ان القيد يرجع الى الوجوب وبعبارة اخرى الشرط والقيد يرجع الى الهيئة اى يكون الواجب واجبا مشروطا اما حكى عن شيخه العلّامة ان الشرط يرجع الى المادة قال صاحب الكفاية ضرورة ان الظاهر خطاب إن جاءك زيد فاكرمه كون الشرط من قيود الهيئة اى وجوب الاكرام مقيد بالشرط لا المادة ولا يكون نفس الاكرام ووجوده مقيدا بالشرط.

فثبت على قول صاحب الكفاية ان الواجب فى مثال المذكور الواجب المشروط وايضا قال ان شيخنا العلّامة جعل الشرط من قيود المادة فنازع هنا صاحب الكفاية مع استاده قال شيخنا الاستاد الشيخ صدرا ان صاحب الكفاية لم يدرك مباحث الالفاظ فى مجلس درس استاده لكن لما قرء تقريراته التى كتبها بعض الطلّاب استفاد ان مذهب الاستاد رجوع القيد الى المادة فيمكن ان يكون مذهب استاده ايضا رجوع

٢٦٤

القيد الى الهيئة لكن بيان التقريرات قاصرة عن المقصود قد تم اعتراض الذى اورد شيخنا الاستاد فى هذا المقام.

فائدة قد ذكر فى المنطق ان القضية الشرطية والحملية وذكرت للقضية الشرطية ثلاثة احتمالات.

احدها ان يكون القيد للنسبة فى الجملة اى نسبة المحمول الى الموضوع وثانيها يحتمل ان يكون للموضوع الذى ذكر فى الجزاء مثلا فى المثال المذكور يكون قيد للاكرام اى المادة.

ثالثها ان يكون القيد للمجموع اى الشرط والجزاء كما ذكر فى المنطق ان المراد من الجملة الشرطية هو تعليق النسبة للنسبة الاخرى اى كان الشرط والجزاء قبل الدخول الأدات جملتين مستقلين اى يصح السكوت فى كل منهما لكن بعد دخول ادات خرجتا عن الاستقلال وجعلتا جملة واحدة لان الأدات تربط احدى الجملتين فى الاخرى.

قاعدة ان الفعل اللغوى والنحوى اذا اريد من الفعل الهيئة والمادة كلاهما يسمى الفعل النحوى وان اريدت المادة فقط يسمى الفعل اللغوى اختلفوا فى مقام العمل فقال بعضهم ان العمل على المعمول للمادة وقال البعض الآخر ان العمل للهيئة.

الحاصل ان القيد فى القضية اما ان يكون للفعل اللغوى اى المادة واما ان يكون للفعل النحوى اى المادة والهيئة واما ان يكون للهيئة والطلب فقط واما ان يكون للمادة المنتسبة اى الجملة الجزاء بان يربط القيد جملة الجزاء الى الشرط قد اختار المصنف ان القيد يربط الهيئة الى الشرط وبعبارة اخرى يربط الطلب والوجوب الى الشرط وحكى اى حكى صاحب الكفاية عن استاده العلّامة الشيخ الانصارى ان القيد يربط المادة ولا يخفى ان يذكر فى العبارة ان القيد يربط النسبة والطلب انهما به معنا وكذا يقال ان القيد للبعث والوجوب والهيئة فاعلم ان كلها به معنا.

٢٦٥

وحاصل الكلام ان هناك نزاعا بين الشيخ وغيره وهو ان القيود المأخوذة فى الخطابات الشرعية هل ترجع الى مدلول الهيئة ليكون نفس الوجوب مشروطا بها فلا بعث ولا طلب حقيقة قبل حصول القيد.

وبعبارة اخرى لا وجوب حقيقة قبل حصول الشرط قال الشيخ العلامة ان القيود ترجع الى المادة حتى يكون الواجب مقيدا والوجوب مطلقا.

ولا يخفى ان الواجب والمادة بمعنى وملخص ما افاده فى ذلك يرجع الى دعويين احداهما السلبية والاخرى الايجابية اما الاولى فوجهها عدم قابلية معنى الهيئة للتقييد حتى يرجع القيد الى الوجوب وذلك لان كون الوضع فى الحروف عاما والموضوع له خاصا وجزئيا حقيقيا وكذا الهيئة الظاهر ان الجزئى غير قابل للتقييد والاطلاق الذين هما من شئون واوصاف المعانى الكلية وبما ان الهيئة وضعت لخصوصيات افراد الطلب فالموضوع له والمستعمل فيه فرد خاص من الطلب وهو غير قابل للتقييد وعليه فلا معنى لكون الشرط من قيود الهيئة على مذهب الشيخ (قدس‌سره) مثلا زيد لا يكون قابلا للتقييد وكذا فرد الخاص من الطلب قال شيخنا الاستاد ان الجزئى قابل للتقييد الحالى مثلا زيد قابل للتقييد باعتبار الأحوال وكذا الطلب.

واما الدعوى الثانية وهى لزوم كون الشرط قيدا للمادة فوجهها شهادة الوجدان بعدم اشتراط الارادة فى شىء من الموارد بل المشروط هو المطلوب فيثبت بالوجدان ان الوجوب لا يكون مقيدا وانما المقيد هو الواجب والمطلوب.

توضيحه ان العاقل اذا تصور شيئا فان لم تتعلق به ارادته فلا كلام فيه وان تعلقت به فلا يخلو ذلك عن صورتين احداهما ان تتعلق به بلا قيد كما اذا طلب الماء مطلقا.

وثانيتهما ان تتعلق مع القيد كما اذا طلب الماء بقيد برودة وهذه الصورة تتصور على وجهين احدهما ان يكون القيد غير الاختيارى كالبلوغ والوقت المقيد فيهما الصلاة وثانيهما ان يكون القيد اختياريا كالاستطاعة وتملك نصاب فى اموال الزكوية

٢٦٦

وكذا هاب الى المسجد لاتيان الصلاة وكتطهير الثياب فى وقت الصلاة.

والحاصل ان هذا القسم تارة يجب تحصيله واخرى لا يجب ذلك على اختلاف الاغراض فالتقييد فى هذه الصور راجع الى المراد كما عرفت فى طلب الماء فان برودة مثلا من القيود المراد وهو الماء فالقيد سواء كان اختياريا ولازم التحصيل او غيره ام كان القيد غير اختيارى قيد للمادة وهو الواجب لا الوجوب اذ لا شرط فيه وانما الشرط فى المادة فثبت بشهادة الوجدان عدم التقييد الارادة والطلب وظهر ان الرجوع القيود طرا ومن الاختيارية وغيرها الى الواجب والمراد.

فى قوله : كما نسب ذلك الى شيخنا العلامة.

وهو شيخنا الاعظم الانصارى (قدس‌سره) اى قال الشيخ (قدس‌سره) ان القيد يرجع الى المادة لبّا اى الوجدان يشهد على ذلك اى قال الشيخ العلامة انه يمتنع ان يكون الشرط من قيود الهيئة واقعا وفى نفس الامر حاصله ان امتناع كون الشرط من قيود الهيئة انما يكون لمانع ثبوتى وهو عدم قابلية الهيئة للقيد لكون معناها جزئيا حقيقيا لا لمانع الاثباتى وهو قصور اللفظ عن افادة تقييد الهيئة.

قوله : مع الاعتراف بان قضية القواعد العربية ان الشرط من قيود الهيئة ويشكل هنا بالتنافى بين امتناع تقييد الهيئة وبين كون تقييدها مقتضى القواعد العربية.

اى قال الشيخ اولا يمتنع تقييد الهيئة لبّا واعترف ايضا بان تقييد الهيئة مقتضى القواعد العربية ليس هذا الا التنافى والتناقض.

والجواب هذا التنافى يندفع بتعدد الجهة اذ امتناع التقييد انما يكون لمانع ثبوتى اى فى نفس الامر يمتنع تقييد الهيئة واما كون تقييد الهيئة مقتضى القواعد العربية فانما يكون الى الظهور اللفظى المستند الى وضع ادوات الشرط لارتباط الجزاء بالشرط ولا منافات بين هذا الارتباط وبين امتناع تقييد الهيئة لجهة خارجية

٢٦٧

اذ المانع الخارجى لا يمنع عن ظهور اللفظ فى الاناطة والتعليق.

قوله : وما يكون من الامور الاختيارية قد يكون مأخوذا فيه على نحو يكون موردا للتكليف كالصوم المقيد باقامة عشرة ايام للمسافر فى محل لمن عليه قضاء الصوم وضاق وقته بمجيء شهر رمضان القابل.

فان الاقامة بناء على تعيين القضاء بضيق الوقت واجبة وكالصلاة المقيدة بالطهارة والاستقبال وغيرهما من القيود الاختيارية الواقعة فى حيز التكليف مع كون وجوب الصلاة مطلقا بالاضافة اليها.

وقد لا تكون الامور الاختيارية موردا للتكليف كالاستطاعة لمن تمكن من تحصيلها وكذا تملك النصب الزكوية ونحوهما من شرائط الوجوب فانها لم تقع موردا للتكليف بل انشاء الوجوب منوطا بها ولذا لا تجب تحصيلها.

الحاصل ان اختلاف وقوع الشىء مطلقا ومقيدا ناش من اختلاف الاغراض الداعية الى ذلك الشىء بداهة اختلاف الشىء اطلاقا وتقييدا بسبب اختلاف الاغراض كاختلافه كذلك باختلاف المصالح والمفاسد اذ قد تتعلق بوجود الشىء مطلقا وقد تتعلق به مقيدا.

قوله : من غير فرق فى ذلك بين القول بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد والقول بعدم التبعية.

وجه عدم الفرق فيه انه على تبعية الاحكام يكون اختلاف المذكور ناشئا من اختلاف المصالح وعلى القول بعدم تبعية الاحكام للمصالح يكون اختلاف المذكور ناشئا من اختلاف الاغراض مثلا ان كان الغرض من طلب الماء اطفاء النار فلا اشكال فى حصوله من مطلق الماء وان كان حارا وان كان الغرض من طلبه تبريد كبد او بدنه فلا يحصل الا بالماء البارد.

٢٦٨

قوله : هذا موافق لما افاده بعض الافاضل.

والمراد منه العلامة الميرزا ابو القاسم النورى اى لا فرق بين ما قلنا من مذهب الشيخ الاعظم وبين مقرر

بحثه العلامة.

قوله : ولا يخفى ما فيه اما حديث عدم الاطلاق فى مفاد الهيئة الخ.

هذا رد للدعوى السلبية وهى عدم كون الشرط قيدا للهيئة على ما افاده الشيخ (قدس‌سره).

حاصل الرد هو قابلية الهيئة للتقييد لما حققه المصنف فى المعانى الحرفيّة من كون المعنى الحرفى كالمعنى الاسمى كليا قابلا للاطلاق والتقييد فكل من الموضوع له والمستعمل فيه فى الحروف عام والخصوصية تنشأ من ناحية الاستعمال فيمتنع دخلها فى الموضوع له وعليه فالمعنى الحرفى كلى قابل للتقييد كالمعنى الاسمى فلا مانع حينئذ من رجوع القيد الى الهيئة لكون معناها على هذا كليا لا جزئيا حقيقتا.

قوله : مع أنّه لو سلم انه فرد فانما يمنع عن التقييد لو انشأ او لا غير مقيد.

هذا جواب آخر عما استدل به الشيخ على امتناع تقييد الهيئة اى قال صاحب الكفاية انا لا اسلم مبناءكم بان الهيئة وضعت لمعنى الجزئى بل معناها كلى واقول ثانيا بعد تسليم وضع الهيئة لمعنى الجزئى ان للتقييد معنيين احدهما ايجاد الشىء مضيقا نظير ضيق فم الركية والآخر تضييق ما اوجد موسعا وبعبارة اخرى تارة يكون لحاظ التقييد قبل الانشاء كما اذا قيد وجوب الحج بالاستطاعة ثم انشأ هذا الوجوب مقيدا بالاستطاعة.

الحاصل ان المنشآت قبل الانشاء تكون كليا مثلا زوجية قبل الهيئة الانشائية تكون كليا مثلا قبل ايجاد لفظ زوجت تكون كليا وكذا الملكية فيكون ما ذكر كليا طبيعيا لان الكلى الطبيعى لا يكون منحصرا فى الكلية والجزئية لان الكلى

٢٦٩

الطبيعى باعتبار وجوده فى الخارج يكون جزئيا فظهر مما ذكر ان المنشآت بعد الانشاء لا تكون قابلة للتقييد اما قبل الانشاء فتكون قابلة للتقييد والتقييد الممتنع هو بعد الانشاء.

فمحصل هذا الجواب ان الطلب الخاص الذى هو مفاد الهيئة لم يقيد بشىء بعد انشائه بالصيغة بل هو على حاله عند انشائه من دون تغير نعم انشاء ذلك مقيدا بمعنى ان المتكلم تصور الطلب بجميع خصوصياته المقصودة له فانشاه بالهيئة ودلت القرينة على الخصوصية من باب تعدد الدال والمدلول لا انه أنشأ او لا مطلقا ثم قيده والمراد من تعدد الدال والمدلول ان الدال الاول يكون قبل الانشاء والدال الثانى يكون بعد الإنشاء بعبارة اخرى ان الهيئة تدل على الطلب والشرط يدل على التقييد قوله فافهم لعله اشارة إلى أن المعنى الحرفى على مذهب الشيخ بذاته جزئى حقيقى لا ان جزئيته من ناحية الانشاء فلا اطلاق له فى حد ذاته حتى يصح انشاؤه مقيدا.

قوله : فان قلت على ذلك يلزم تفكيك الانشاء عن المنشأ الخ.

اى اذا قلنا بمقالة صاحب الكفاية ان القيد للهيئة لا قيدا للمادة فيلزم الاشكال على صاحب الكفاية وهو انفكاك الانشاء زمانا عن المنشأ وهو محال للزوم انفكاك المعلول عن علته توضيحه ان الطلب لا يحصل الّا بعد حصول شرطه حسب الفرض والمفروض ان الإنشاء حالى ولمنشإ وهو الطلب استقبالى فينفك الإنشاء عن المنشأ وهو محال للزوم انفكاك المعلول عن علته حيث ان الانشاء علة للمنشإ فلا محيص عن رجوع الشرط الى المادة كما هو رأى الشيخ قدس‌سره.

قوله : قلت المنشأ اذا كان هو الطلب على تقدير حصوله الخ.

هذا جواب للاشكال وحاصله ان الانشاء ان كان علة تامة كانشاء الوجوب للصلاة مثلا بلا قيد فلا يلزم انفكاك بينهما اصلا وان كان جزء العلة كما اذا نشأ الوجوب للحج بشرط الاستطاعة والملكية للموصى له بشرط موت الموصى فلا محذور فى الانفكاك

٢٧٠

لورود الانشاء على المقيد فحصوله بمجرد الانشاء مستلزم للخلف فوزان الانشاء فى هذا المورد وزان الارادة فى انه اذا تعلقت بشىء متأخر فلا يقع المراد قبله والا يلزم الخلف وكذا انشاء فاذا تعلق بشىء مقيدا بأمر متأخر فلا يقع المنشأ قبله.

قوله : وانشاء امر على تقدير كالاخبار به اى بالامر بمكان من الامكان

اى انشاء الامر على فرض المزبور كالأخبار بالأمر مثلا الأخبار بعزم زيد على اكرام عمرو فى الغد على تقدير مجيئه لا يوجب تعليق مخبر به تعليقا فى الأخبار فكذلك تعليق المنشأ لا يوجب تعليقا فى الانشاء كما يشهد به اى بامكان انشاء امر على تقدير الشرط كانشاء تمليك معلق على الموت وكشرط فى عقد بعد مضى زمان كان يبيع داره لزيد بشرط ان يكون له او لغيره الخيار بعد سنة وكالنذر المعلق على شرط غير حاصل حال انشائه.

قوله : اما حديث لزوم رجوع الشرط الى المادة لبّا ففيه الخ.

والمراد من الحديث الصحبة اى كان للشيخ الصحبتان احداهما السلبى قد تقدم جوابها وثانيتهما الايجابى يذكر جوابها هنا.

الحاصل ان المصنف اشكل على الدعوى الايجابية التى ادعاها الشيخ من رجوع القيد الى المادة لبّا ملخص اشكال المصنف على هذه الدعوى هو صحة رجوع القيد الى الهيئة وعدم امتناعه من غير فرق فى ذلك بين القول بتبعية الأحكام لما فى انفسها من المصالح والمفاسد كما عليه البعض وبين القول بتبعيتها لما فى متعلقاتها من المصالح والمفاسد كما عليه الأكثر اما على الأول فواضح لانه بعد الاتفاق على الشىء ان كانت المصلحة فى طلبه مطلقا فيطلبه فعلا غير متعلق على شىء والّا فيطلبه معلقا عليه ولا يصح ان يطلبه مطلقا وعلى كل تقدير فالهيئة هى التى يرد عليها الاطلاق والتقييد فلا يرجع القيد حينئذ الى المادة كما ذهب اليه الشيخ.

واما على الثانى اى بناء على تبعيتها لما فى متعلقاتها من المصالح والمفاسد فربما يتراءى بحسب النظر البدوى كون الشرط من قيود المادة اذ المفروض دخل

٢٧١

الشرط فى المصلحة القائمة بالمادة المتعلقة بالطلب لكن النظر الثانوى يقتضى خلاف ذلك لان تبعية على هذا المسلك انما تكون فى الاحكام الواقعية لا بما هى فعلية.

الحاصل ان الأحكام الانشائية تابعة للمصالح والمفاسد فى متعلقاتها فان لم يمنع عن فعليتها مانع ولو من ناحية المكلف لعدم استعداده كانت الأحكام فى الفعلية ايضا تابعة لتلك المصالح والمفاسد والّا اختصت التبعية بالأحكام الإنشائية ولا يصير الطلب حينئذ فعليا.

الحاصل ان مجرد تبعية الأحكام لما فى متعلقها من المصالح والمفاسد لا يوجب رجوع الشرط الى المادة.

قوله : ضرورة ان التبعية كذلك انما تكون فى الاحكام الواقعية الخ.

واعلم ان غرض المصنف اثبات عدم التلازم بين الانشائية والفعلية وجواز انفكاكهما فاستند الى وجوه.

الأول مخالفة احكام الفعلية فى موارد الاصول حيث يعلم اجمالا ان هذا الحكم مخالف الأحكام المجعولة فتلك الأحكام تبقى على انشائيتها ولا تصير فعلية مع قيام الاصول على خلافها اى احكام الواقعية تبقى على مرتبه الانشاء.

الوجه الثانى لاثبات عدم التلازم بين الانشائية والفعلية ان الامارات قائمة على خلاف احكام الواقعية وهى مانعة عن فعلية الاحكام الواقعية فتبقى الاحكام على انشائيتها فى مورد قيام الامارات على خلافها.

الوجه الثالث لاثبات عدم التلازم بين الانشاء والفعلية ان الشارع لم يبين بعض الأحكام فى اول البعثة تسهيلا لهم حتى يرغبون ويميلون فى الدين فتلك الأحكام لم تصر فعلية فى اول البعثة.

الرابع اى الوجه الرابع لاثبات عدم التلازم بين الانشائية والفعلية وبقاء بعض الأحكام على الانشائية الى زمان ظهور خاتم الاوصياء عجل الله تعالى فرجه كما يقال سيأتى بشرع جديد اى يكون اظهاره وفعليته فى زمان ظهور خاتم الأوصياء عجل الله

٢٧٢

فرجه وان كان انشاءه فى عصر نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الحاصل ان الأحكام الواقعية فى هذه الموارد لم تصر فعلية فالوجوب المشروط حينئذ فعلى بعد وجود شرطه دون الانشائى فالشرط يرجع الى الهيئة حتى على المبنى المشهور من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد فى متعلقاتها ولذا يحمل ما دل الى بقاء الحلال والحرام الى يوم القيامة على احكام الانشائية ليصح بقاؤها مع فرض عدم فعليتها لان فعليتها مشروطة بارتفاع موانعها وهذا المقدار من ارتباط فعلية الطلب كاف فى اثبات جواز رجوع الشرط الى الهيئة.

قوله : فان قلت فما فائدة الانشاء اذا لم يكن المنشأ به طلبا فعليا وبعثا حاليا.

اى بعد ما ثبت صاحب الكفاية جواز رجوع الشرط الى الهيئة وبطل لزوم رجوعه الى المادة.

فاستشكل على نفسه بلفظ ان قلت بانه يلزم حينئذ لغوية الانشاء وعدم الفائدة فيه اذا المفروض ترتب المنشأ وهو مفاد الهيئة على الشرط لم يحصل بعد فالوجوب حينئذ ليس فعليا ولا يخفى ان فائدة الانشاء هو اثبات الوجوب بالانشاء.

قلت ان للانشاء فائدتين : احداهما عدم الحاجة الى انشاء الجديد بعد حصول الشرط ، وثانيتهما ان الخطاب المشروط يكون فعليا اى يكون بعثا فعليا بالاضافة الى واجد الشرائط وتقديريا بالنسبة الى فاقدها.

قوله : ثم الظاهر دخول المقدمات الوجودية للواجب المشروط فى محل النزاع ايضا الخ.

واعلم ان المقدمات اما تكون وجودية واما وجوبية والمراد من المقدمات الوجوبية ما يكون وجوب ذى المقدمة متوقفا عليها كالاستطاعة بالنسبة الى الحج والمراد من المقدمات الوجودية ما يتوقف وجود ذى المقدمة عليه كقطع المسافة بالنسبة الى الحج.

٢٧٣

الحاصل ان المقدمات الوجودية للواجب المشروط داخلة فى محل النزاع اى هل تكون المقدمات الوجودية واجبة شرعا ام لا ولا ريب فى خروج المقدمات الوجوبية للواجب المشروط عن حريم النزاع اما وجه عدم دخول المقدمات الوجوبية فى محل النزاع فانه لا وجوب لذى المقدمة بدون المقدمة الوجوبية واذا ثبتت المقدمة الوجوبية ثبت الوجوب لذى المقدمة اذا كان الأمر كذلك فلا يتعلق الطلب للمقدمة لان تعلق الطلب للمقدمة يكون لايجاب ذى المقدمة والظاهر انه بعد جود المقدمة الوجوبية ثبت الوجوب لذى المقدمة فلو طلبت ووجبت المقدمة لايجاب ذى المقدمة لزم تحصيل الحاصل توضيحه مثلا الاستطاعة مقدمة لوجوب الحج اذا حصلت وجب الحج فلا تجب ولا تطلب هذه المقدمة لايجاب الحج لان الحج بمحض وجود هذه المقدمة واجبة فان طلبت هذه المقدمة لايجاب الحج لزم تحصيل الحاصل.

عبارة شيخنا الاستاد بالفارسية پس مقدمات وجوبيه داخل در محل نزاع نيست چونكه تا آن مقدمه نباشد وجوب از براى ذى المقدمه نيست وقتى كه مقدمه آمد ديگر جاى طلب از براى آن نيست چونكه لازم مى آيد تحصيل حاصل.

قد ذكر ان القيد فى القضية الشرطية يكون للهيئة والطلب والبعث وبعبارة اخرى يكون القيد فى القضية الشرطية للوجوب.

ولا يخفى ان هذا على مذهب صاحب الكفاية لكن مذهب الشيخ ان القيد يكون للمادة لبّا اذا ظهر هذا فاعلم ان الشرط اذا كان قيد للطلب والبعث يكون من المقدمات الوجوبية فلا يدخل فى محل النزاع.

واما على قول الشيخ كما ذكر فان الشرط يكون من قيود المادة ويكون من المقدمات الوجودية فلا تدخل فى محل النزاع ايضا اى قال شيخنا الاستاد ان هذا القسم من المقدمات الوجودية لا يدخل فى محل النزاع ايضا لان هذا القسم من المقدمات وقع فوق الطلب ولا تكون هذه المقدمة داخلة تحت الطلب كما ذكر مرارا انه لا يجب تحصيل مثل هذه المقدمة.

٢٧٤

الحاصل قال المصنف ان المقدمات الوجودية للواجب المشروط داخلة فى محل النزاع ايضا فلا وجه لتخصيصه اى محل النزاع بمقدمات الواجب المطلق غاية الامر تكون المقدمات الوجودية تابعة لذى المقدمة.

اى المقدمات الوجودية تكون فى وجوبها الغيرى مطلقا او مشروطا تابعة لذى المقدمة فى الاطلاق والاشتراط فعلم ان وجوب الغيرى المقدمى تابع لوجود نفسى فيهما.

قال شيخنا الاستاد بالفارسية كاسه از آش داغ تر نمى شود وفرع بر اصل زياد نمى شود.

فلا يصح ان يكون المقدمة واجبا مطلقا وذو المقدمة واجبا مشروطا.

فى خروج المقدمات الوجوبية عن حريم النزاع

قوله : واما شرط المعلق عليه الايجاب فى ظاهر الخطاب فخر وجه مما لا شبهة فيه ولا ارتياب الخ.

هذا شروع فى حكم مقدمات الوجوبية المعبر عنها بالشرائط الوجوبية هذه المقدمات خارجة عن حريم النزاع اما وجه خروجها بناء على مذهب المشهور من رجوع الشرط الى الهيئة فهو كونها من اجزاء علة الوجوب اى هذا الشرط يكون من اجزاء العلة لوجوب ذى المقدمه ولا يجب ذو المقدمة بدونه.

والظاهر انه يمتنع ترشح الوجوب من المعلول على عليته فيمتنع فى المقام ترشح الوجوب من وجوب الحج مثلا الى الاستطاعة التى هى شرط وجوبه لانه قبل تحقق الاستطاعة لا وجوب للحج حتى يترشح على الاستطاعة وبعد تحققها لا معنى لوجوبه لكونه من طلب الحاصل المحال فثبت امتناع اتصاف المقدمة الوجوبية بالوجوب.

فعلم خروج المقدمات الوجوبية عن حريم النزاع بناء على مذهب المشهور

٢٧٥

واما على مختار الشيخ الاعظم من رجوع الشرط الى المادة فان الشرط وان كان من المقدمات الوجودية التى يجب تحصيلها بناء على الملازمة بين وجوب المقدمة وذى المقدمة الا هذا الشرط ليس واجب التحصيل لانه اخذ فى الواجب على نحو لا يجب تحصيله بل وجوده الاتفاقى دخيل فى الواجب ومصلحته فلا موجب للزوم تحصيله.

قال شيخنا الاستاد يخرج هذا القسم من المقدمات الوجودية من حريم النزاع ايضا لان هذا القسم من المقدمات الوجودية يقع فوق الطلب وما كان هذا القسم من المقدمات داخلا تحت الطلب مثلا الشرط فى الجملة الشرطية وقع فوق دائرة الطلب وليس تحت اختيارنا فلهذا يخرج هذا القسم من المقدمات الوجودية عن حريم النزاع كما قال صاحب الكفاية بقوله.

الا انه أخذ على نحو لا يكاد يترشح عليه الوجوب منه.

اى شأن هذا الشرط الذى يرجع الى المادة لا يكاد يترشح الوجوب على هذا الشرط من الواجب اى من ذى المقدمة وقد ذكر وجه عدم ترشح الوجوب من ذى المقدمة الى هذه المقدمة آنفا.

قوله : نعم على مختاره قدس‌سره لو كانت مقدمات وجودية غير معلق عليها الوجوب الخ.

هذا استدراك على مسلك الشيخ وحاصله ان شرط الوجود على القسمين وبعبارة اخرى ان المقدمة الوجودية على القسمين.

احدهما ما تؤخذ فى ذى المقدمة على نحو لا يجب تحصيله بان كان الشرط وجوده الاتفاقى كما عرفت توضيحه فى نحو الاستطاعة.

وثانيتهما ما تؤخذ فى الواجب اى فى ذى المقدمة على النحو الذى يسرى الوجوب من ذى المقدمة اليها اذ المفروض كون الوجوب حاليا والواجب استقباليا فيجب ايجاد المقدمة فعلا فالواجب المشروط على مختار الشيخ (قدس‌سره) هو

٢٧٦

بعينه الواجب المعلق فى اصطلاح صاحب الفصول.

قوله : هذا فى غير المعرفة والتعلم من المقدمات.

اشار صاحب الكفاية الى ان ما ذكر من وجوب مقدمات واجب المشروط بناء على القول بوجوب المقدمة يجرى فى جميع المقدمات الا المعرفة والتعلم.

واما التعلم فلا يبعد القول بوجوبه مطلقا حتى فى الواجب المشروط على مسلك المشهور وهو كون الشرط قيدا للوجوب قبل حصول الشرط اى يجب التعلم قبل حصول الشرط الواجب.

قال شيخنا الاستاد قد ظهر ان وجوب المقدمة فى الاطلاق والتقييد تابع لوجوب ذى المقدمة ولا يصح ان يكون وجوب المقدمة مطلقا ووجوب ذى المقدمة مشروطا لانه يلزم زيادة الفرع على الاصل بعبارة استاد كاسه از آش داغ تر نمى شود.

فما تقولون فى وجوب المعرفة والتعلم فانهما واجبان مطلقا سواء كان ذو المقدمة واجبا مطلقا ام مشروطا فيمكن ان يكون ذو المقدمة واجبا مشروطا والمقدمة واجبا مطلقا كالمعرفة والتعلم ولا يكونان تابعين لذى المقدمة.

الحاصل ان المعرفة والتعلم يكونان من مقدمات الاحكام ولا يكونان تابعين للاحكام لانهما واجبان قبل الاحكام مثلا تعلم احكام الصلاة يجب قبل وجوب الصلاة لانه مشروط بدخول الوقت فثبت عدم تابعية وجوب المقدمة لذى المقدمة والجواب فنقول ان المعرفة والتعلم كان وجوبهما مطلقا حتى فى واجب المشروط اى يكون المعرفة والتعلم واجبا مطلقا وان كان ذو المقدمة واجبا مشروطا ولكن ليس الوجه فى وجوبهما الملازمة بين وجوبى المقدمة وذيها وجه عدم الملازمة هنا هو عدم كون التعلم من المقدمات الوجودية التى هى مورد الملازمة لوضوح عدم كون التعلم من علل وجود الواجب ليكون من المقدمات الوجودية التى يتوقف عليها وجوده وذلك لامكان الاتيان بالعبادات فى حال الجهل احتياطا.

بعبارة اخرى انه لا تكون الملازمة بين التعلم ووجوب الصلاة مثلا لان ذى

٢٧٧

المقدمة لا يكون واجبا لعدم حصول شرطه فلا وجوب حتى يترشح على المقدمة والتعلم واجب قبله فالوجه فى وجوب التعلم هو حكم العقل بذلك للعلم الاجمالى بالاحكام الموجب للفحص عنها مضافا الى روايات آمرة بتعلم الاحكام.

الكلام فى اطلاق الواجب على الواجب المشروط

قوله : تذنيب لا يخفى ان اطلاق الواجب على الواجب المشروط الخ.

الغرض من هذا التذنيب تحقيق حال اطلاق الواجب على الواجب المشروط الذى لا يجب الابعد حصول الشرط من حيث الحقيقة والمجاز.

ومحصل ما افاده فى ذلك ان اطلاق الواجب على المشروط ان كان بلحاظ حال النسبة اى حصول الشرط كان على نحو الحقيقة كما تقدم فى مباحث المشتق بلا تفاوت بين كون المشتق حقيقة فى حال التلبس وبين كونه حقيقة فى الاعم منه ومن الانقضاء اى يكون اطلاق المشتق فى الصورتين على نحو الحقيقة فيما اتحد فيه زمان جرى النسبة والتلبس.

واما اذا كان اطلاق الواجب على المشروط بلحاظ قبل حصول الشرط فهو مجاز على مذهب المشهور وذلك لما تقدم فى المشتق من الاتفاق على كونه مجازا فيما لم يتلبس بعد بالمبدا بعلاقة الاول او المشارفة كما عن الشيخ البهائى (قدس‌سره)

ويكون هذا الاطلاق حقيقة على مذهب شيخ الاعظم الانصارى من رجوع الشرط الى المادة لاطلاق وجوب وفعليته وكون الواجب استقباليا فوجوب الحج قبل الموسم على مختاره يكون فعليا ونفس الحج استقباليا.

فثبت ان اطلاق الواجب على الواجب المشروط بلحاظ حال قبل حصول الشرط يكون حقيقة على مذهب الشيخ الاعظم (قدس‌سره) واما على المختار ومذهب الشيخ البهائى (قده) فيكون هذا الاطلاق مجازا لان الواجب يكون من المشتقات قد علم فى باب المشتق ان الاطلاق فيما لم يتلبس بعد يكون مجازا بعلاقة الاول او المشارفة.

٢٧٨

قوله : واما الصيغة مع الشرط فهى حقيقة على كل حال الخ.

يعنى سواء ارجع الشرط الى الهيئة ام الى المادة توضيح المطلب هو انه بعد بيان حال اطلاق الواجب على الواجب المشروط من حيث الحقيقة والمجاز اى قد علم انه حقيقة على مذهب الشيخ الاعظم ومجاز على المختار بعلاقة الاول او المشارفة.

اذا عرفت حال الواجب فلا بد من معرفة حال الصيغة ايضا مع الشرط كقول القائل حج ان استطعت ويبحث ان هذا الاستعمال حقيقى او مجازى فنقول توضيحا لكلام المصنف ان الصيغة قد استعملت فى معناها حقيقة اما على مسلك الشيخ فلكون الطلب مستفاد من الصيغة غير مشروط بشىء واما على مسلك المشهور والمختار فلكون الطلب المستفاد من الصيغة وتقيده مستفادا من دال آخر كقوله ان استطعت فى المثال فالصيغة لم يستعمل الّا فى معناها وهو انشاء الوجوب.

كما هو الحال فيما اذا اريد منها المطلق المقابل المقيد الخ.

والمراد من قوله كما هو الحال الخ تنظير ارادة الطلب المطلق من الصيغة الذى هو بمعنى الارسال بارادة الطلب المقيد منها فى كون كل من الاطلاق والتقييد العارضين للطبيعة بدال يخصه وعدم لزوم المجاز اصلا وذلك لان الصيغة وضعت للطلب المقسمى المنقسم الى المطلق والمقيد.

فالاطلاق وتقيده خارجان عن المعنى الموضوع له وارادتهما منوطة بالقرينة فلو اريد احدهما بدون القرينة لزم المجاز اذ المفروض خروج الاطلاق والتقييد عن المعنى الموضوع له فاستعمال الصيغة فى طلب المرسل او المقيد بلا قرينه ودال آخر يكون مجازا.

بعبارة اخرى ان الصيغة اذا كانت مشروطة بالشرط تكون لمطلق الطلب والمراد من مطلق الطلب الطبيعة المهملة التى تقع مقسم للطلب المطلق والمقيد.

٢٧٩

قال المصنف انا اوافق الشيخ فى ان الصيغة وضعت لمطلق الطلب اى للطبيعة المهملة فكان كل من الاطلاق والتقييد العارضين للطبيعة بدال آخر لكن المراد من دال آخر على قول الشيخ هى مقدمات الحكمة اى يقيد الطلب بسبب مقدمات الحكمة بطلب المطلق اما المراد من دال آخر على مسلك المصنف هى القرينة الخاصة كما تقول اعتق رقبة مؤمنة كان تقييد الرقبة بالقرينة الخاصة.

الحاصل انه لا فرق فى كون الصيغة لمطلق الطلب اى للطبيعة المهملة عند المصنف وغيره.

فائدة الفرق بين مطلق الطلب وطلب المطلق ان مطلق الطلب هو اللابشرط المقسمى الذى يقع المقسم للطلب المطلق والمقيد والمراد من طلب المطلق هو قسم من مطلق الطلب.

قوله فافهم لعله اشارة الى ان كل من الاطلاق والتقييد وان كان بدال آخر غير الصيغة الّا انه يمكن احراز الاطلاق بالقرينة الحكمة ان تمت مقدماتها بخلاف التقييد فانه يحتاج الى قرينة خاصة قلنا آنفا ان المراد بدال آخر على مسلك الشيخ هى المقدمات الحكمة.

المعلق والمنجز

قوله : ومنها تقسيمه الى المعلق والمنجز الخ.

اى ينقسم الواجب الى المعلق والمنجز والقائل بهذا التقسيم هو صاحب الفصول فقط لذا قال المصنف قال فى الفصول انه ينقسم باعتبار آخر.

توضيحه اذا كانت فعلية الوجوب مقارنة زمانا لفعلية الواجب بمعنى ان يكون زمان الواجب نفس زمان الوجوب ويسمى هذا القسم الواجب المنجز كالصلاة بعد دخول وقتها فان وجوبها فعلى والواجب هو الصلاة فعلى ايضا.

واذا كانت فعلية الوجوب سابقة زمانا على فعلية الواجب فيتأخر زمان الواجب

٢٨٠