هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

متعلق الامر فلا يصح التمسك بالاطلاق فى متعلق الامر.

توضيحه انه لا يصح تقييد المادة شرعا والمراد من المادة المتعلق الامر اى لا يصح تقييده بقصده الامتثال فلا يصح الاطلاق.

بعبارة اخرى لا يؤخذ قصد الامتثال فى متعلق الامر ولا يخفى ان المادة والمتعلق بمعنى.

الحاصل انه لا يتمسك باطلاق المادة لاثبات الواجب التوصلى لكن يتمسك باطلاق الهيئة الى اثبات الوجوب.

قد علم فى مبحث الاعمى والصحيحى ان الاطلاق لفظى ومقامى والاطلاق اللفظى كاعتق رقبة اذا كان المولى فى مقام البيان لا فى مقام الاجمال والاهمال ويشرط ان يكون الآمر حكيما اذا كان المولى فى مقام البيان لا بد من تفهيم مقصوده فيفهم من اطلاق كلامه انه مقصوده والثانى الاطلاق المقامى اى يكون المولى فى مقام بيان كل ما له دخل فى غرضه اما اطلاق اللفظى فيكون المولى فى مقام بيان كل ما له دخل فى متعلق الامر مثلا اقيموا الصلاة فيكون المولى اولا فى بيان ما له دخل فى متعلق الامر ويكون ثانيا فى مقام بيان كل ما له دخل فى غرضه.

واعلم انه لا يلزم ان يكون الاطلاق اللفظى فى كل المقام الذى يكون فيه اطلاق المقامى الحاصل انه لا يتمسك بالاطلاق اللفظى لانه يعلم من لسانه ان يؤخذ كل ما له دخل فى المتعلق فلا يصح التمسك بالاطلاق اللفظى لان قصد الامتثال يكون له مدخل فى المتعلق لكن لا يؤخذ فيه شرعا وكذا لا يؤخذ فى المتعلق قصد الوجوب وقصد الوجه لان اشكال الذى يرد فى اخذ قصد الامتثال يرد فى اخذهما فى متعلق الامر لكن يجرى الاصل العقلائى فى بعض الموارد مثلا اذا شك ان المولى يكون فى مقام البيان او الاهمال لكن اذا شك فى انه يكون المولى فى مقام بيان كل ما له دخل فى غرضه ام لا فلا يصح التمسك بالاطلاق المقامى.

٢٠١

نعم اذا كان الآمر فى مقام بصدد البيان لتمام ما له دخل فى حصول غرضه الخ.

اى اذا احرز ان الآمر كان فى مقام بيان تمام ما له دخل فى حصول غرضه لكن سكت فى المقام ولم ينصب القرينة على دخل قصد الامتثال فيصح التمسك هنا باطلاق المقامى.

لكن اذا لم يحرز ان الآمر كان بصدد بيان تمام ما له دخل فى حصول غرضه فلم يصح هنا التمسك باطلاق مقامى ولا بد فى هذا المقام من الرجوع الى ما يقتضيه الاصل او الاصل العقلائى.

واعلم انه احراز كل ما له دخل فى غرض المولى مشكل وبعبارة شيخنا الاستاد هذا الاطلاق قليل فلا بد من الرجوع الى الاصول العملية اذا لم تكن الادلة الاجتهادية اذا عرفت ما ذكر من عدم التمسك بالاطلاق وقطعت اليد من الدليل الاجتهادى وصلت النوبة الى الاصول العملية واستدل البعض على اصالة التعبدية بوجوه.

الاول ان المولى انما يأمر عبده بشىء فالامر بنفسه جعل للداعى والمحرك مطلقا فاذا قام هناك قرينة على التوصلية فذاك والّا كان مقتضى نفس الامر هو التعبدية وفيه ان الامر الداعى الى العمل ليحصل له الفراغ فهو مسلم الّا انه اجنبى عن التعبدية لاشتراك هذا المعنى بين جميع الواجبات تعبدياتها وتوصلياتها.

الوجه الثانى قوله تعالى وما امروا الّا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حيث استدل بها على تعبديه وعبادية جميع اوامر الله تبارك وتعالى خرج ما خرج ويبقى الباقى تحت العموم.

وفيه أوّلا ان هذا المعنى مستلزم لتخصيص الاكثر فان الواجبات الشرعيّة الّا قليلا منها التوصليات فيكشف بلزوم تخصيص الاكثر عن عدم ارادة هذا المعنى.

وثانيا ان مفاد الآية بقرينة سابقها وهو قوله عزوجل لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى يأتيهم البينة ثم ان المؤمنين فى مقام

٢٠٢

العبادة لم يؤمروا الّا بعبادة الله دون غيره لا ان كل امر ورد فى الشرع فهو عبادى فالآية فى مقام تعيين المعبود وقصر العبادة عليه لا فى مقام بيان حال الاوامر.

الوجه الثالث قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله الاعمال بالنيات فدل على ان العمل بلا نية كلا عمل فما لم تقم قرينة على صحة العمل بلا نية فلا يعتد به ويكون لغوا فى مقام الامتثال وفيه ان المستفاد من التفاسير الواردة فى كلمات الأئمة سلام الله عليهم اجمعين لهذا الكلمات الجامعة ان المراد منها هو ان لكل امرئ ما نوى فان كان العمل لله فيجعله الله لنفسه والّا فلما عمله من اجله كما ورد عنهم عليهم‌السلام ان المجاهد ان جاهد لله فالعمل له تعالى وان جاهد لطلب المال والدنيا فله.

فاعلم انه لا مجال هنا الا لاصالة الاشتغال الخ.

قد علم انه لا يتمسك بالاطلاق الذى هو من الادلة الاجتهادية لان التمسك له فيما يمكن فيه الاطلاق اذا لم يصح التمسك بالاطلاق وصلت النوبة الى الاصول العملية.

فائدة واعلم انه قال بعض ان قصد الوجه والتميز يكونان كقصد الامتثال اى لا يصح التمسك فيهما بالاطلاق بل يرجع فيهما الى الاصول العملية ولكن بعض الآخر قالوا انه لا اشكال فى قصد الوجه والتميز بان يتمسك فيهما بالاطلاق لانهما يكونان مما يغفل عنه العامة والمراد منها عموم الناس كالعالم وغيره والذكور والاناث والقروى والبدوى واما ما لا يغفل عنه العامة كقصد القربة فانه لا يغفل عنه العامة حتى اهل البادية فيتمسك فى هذا المورد بالاشتغال.

فائدة الفرق بين قصد الوجه والتميز ان قصد الوجه يكون فى الكلى مثلا يقصد فى الصلاة الواجبة الوجوب وكذا فى الصلاة المندوبة الندب اما قصد التميز فيكون فى الكلى واجزائه مثلا يتميز الأجزاء كاجزاء الصلاة وتشخص ان فلان جزئها واجب وفلان مستحب مع علمه باصل الصلاة انها واجبة أو مستحبة.

ولا يخفى ان فرقهما يحتمل ذكره فيما سبق لكن جرت عادتنا بتكرار بعض

٢٠٣

المطالب فى حين التحصيل.

الحاصل قال صاحب الكفاية لا مجال هاهنا الّا لاصالة الاشتغال اى لا يجرى هنا الاصالة البراءة لان البراءة تجرى فى مورد الذى يكون الشك فى التكليف مثلا اذا كان فى الاقل والأكثر غير الارتباطيين الشك فى التكليف تجرى البراءة.

اما اذا علم التكليف فلا يجرى هنا الاصالة البراءة بل تجرى اصالة الاشتغال اى يجب اتيان المشكوك حتى يخرج المكلف عن عهدة التكليف مثلا يعلم المكلف اشتغال ذمته بالصلاة لكن لا يعلم انها مركبة من عشرة اجزاء أو من اثنين عشرة جزءا فيستلزم الاشتغال اليقينى البراءة اليقينية ولا تجرى البراءة ان كان دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.

قوله : ولو قيل بالاصالة البراءة فيما اذا دار الخ.

هذا كلام الشيخ فى الرسائل اى قال الشيخ ان العلم فى مسئلة دوران الأمر بين الأقل والأكثر منحل الى علم تفصيلى والى وجوب الأقل وشك بدوى فى وجوب الأكثر فتجرى البراءة فيه.

قال صاحب الكفاية لا تجرى البراءة لوجود الفرق بين هذه المسألة اى مسئلة الأقل والأكثر وبين المقام لان العقل يحكم فى المقام باتيان ما يقطع بحصول الغرض.

ان قلت هل تجرى البراءة الشرعية فى المقام مثلا الناس فى سعة مما لا يعلمون.

قلت لا تقل ذلك لان الرفع يكون بيد الشارع فيما كان وضعه بيد الشارع وقد علم انه لا يكون وضع قصد الامتثال بيد الشارع اى ظهر فى السابق عدم اخذ قصد الامتثال فى متعلق الامر شرعا اى لم يجعل الشارع قصد الامتثال فى متعلق الأمر فلم يك رفعه بيد الشارع بعبارة اخرى انما تجرى اصالة البراءة الشرعية فيما كان وضعه ورفعه بيد الشارع معا ولا يكون فى المقام كذلك.

ولا يخفى ان الشارع يرفع ما كان وضعه بيده اذا لم تصح اصالة البراءة شرعا فظهر انه تكون عقلية.

٢٠٤

ان قلت كلما كان له مدخل فى نظر الشارع فى المأمور به فيصح ان يكون وضعه بيد الشارع مثلا قصد القربة له مدخل فى نظر الشارع اذا ثبت هذا فيكون رفعه بيد الشارع.

قلت ان الأجزاء والشرائط ما يكون وضعهما بيد الشارع اما قصد القربة لا يكون وضعه بيد الشارع الحاصل انه لا تجرى فى المقام البراءة شرعية ولا يخفى ان حديث الرفع يكون فى مقام الامتنان وهو فى الشىء الذى يكون بيد المانّ.

قاعدة كل ما حكم به العقل حكم به الشرع فكذا فى المقام اذا حكم العقل بصحة اخذ قصد الامتثال فيحكم الشرع بصحته.

والجواب ان هذه القاعدة تجرى فى سلسلة العلل ومناط الاحكام لا فى سلسلة المعلولات ونفس الاحكام مثلا اذا ادرك العقل حسن الشىء او قبحه فيحكم الشرع بما ادركه العقل ولا تكون الملازمة بين الحكم العقل والشرع اذ يمكن ان يحرم الشىء عند العقل ولا يحرم عند الشرع وبالعكس.

وايضا ان قلنا بالملازمة بين الحكم العقل والشرع فيلزم الدور او التسلسل توضيحه اذا كانت الملازمة بين الحكم العقل والشرع يكون كل منهما لازما للآخر وأيضا كل لازم يتوقف على ملزومه مثلا حكم العقل يتوقف على حكم الشرع وكذا يتوقف حكم الشرع على حكم العقل لان كل منهما لازم للآخر وان ذهب الى ما لا نهاية له فيلزم التسلسل لان حكم العقل مستلزم لحكم الشرع وايضا مستلزم هذا الحكم الشرعى الحكم العقل وكذا هذا لحكم العقلى مستلزم لحكم الشرع هكذا.

الحاصل انه اذا قلنا بالملازمة بين حكم العقل والشرع فيوجد فى كل الحكم العقلى الحكم الشرعى وبالعكس.

المبحث السادس قضية اطلاق الصيغة الخ.

الواجب اما نفسى أو غيرى المراد من الواجب النفسى سواء كان شىء الآخر واجبا ام لا هذا واجب مثلا الصلاة واجبة مع قطع النظر عن وجوب الوضوء المراد

٢٠٥

من واجب غيرى ما كان وجوبه بغيره وايضا ينقسم الواجب الى العيني والكفائى والمراد من الواجب العيني هو ما يفعله المكلف بشخصه والمراد من الكفائى هو ما فعله المكلف او غيره.

وايضا ينقسم الى التعيينى والتخييرى والفرق بينهما والواجب ان لم يك البدل له فهو تعيينى وان كان له البدل فهو تخييرى.

واعلم انه يكون مقابل الواجب النفسى الغيرى ومقابل العيني الكفائى ومقابل التعيينى التخييرى وينقسم الواجب الى ستة اقسام اما ظهوره فيكون فى الثلاثة اى نفسى وعينى وتعيينى وجه ظهور الوجوب فى هذه الثلاثة لان الغيرى والكفائى والتخييرى محتاجة الى المئونة الزائدة ومزيد البيان على اصل الصيغة وبعبارة اخرى تحتاج هذه الثلاثة الى قيد اذا ذكرت صيغة افعل بدون القيد فتحمل فى وجوب النفسى والعيني والتعيينى لاجل ظهورها فى هذه الثلاثة.

والمراد من القرينة فى واجب تخييرى مثلا امر المولى بقوله افعل هذا وذاك كما اذا امر المولى فى كفارة شهر رمضان اعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين او اطعم ستين مسكينا وكذا القرينة فى وجوب غيرى مثلا امر المولى بقوله افعل الوضوء ان اتيت الصلاة.

المبحث السابع انه اختلفوا القائلون بظهور صيغة الامر فى الوجوب.

اى كان البحث فيما لم تقع صيغة الامر ابتداء بل وقعت بعد الحظر.

الحاصل ان الامر وقع على الشىء الذى منع اولا مثلا اذا حللتم فاصطادوا كان الامر بالاصطياد بعد المنع منه فى حال الاحرام وكذا فى باب الجهاد فانه يجب على الكفاية لكن منع منه فى اشهر الحرام وهى ذوالقعده وذوالحجة والمحرم ورجب لقوله تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) اى امر بعد انسلاخها للجهاد

قد علم مما سبق ان صيغة الامر اذا كانت ابتداء يتبادر منها الوجوب لكن اختلفوا فيها اذا وقعت بعد الحظر فى انه هل يبقى الظهور الاولى فقال البعض تكون بعد الحظر

٢٠٦

للاباحة وبعض الآخران زالت علة الحرمة يعود الظهور الاولى الى مكانه وان بقيت علة الحرمة فلا تكون صيغة الامر للوجوب.

قال صاحب الكفاية انه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال اى لا يتمسك بموارد الاستعمال لان المورد جزئى والجزئى لا يكون كاسبا ولا مكتسبا فاذا وقعت صيغة الامر بعد المنع تصير مجملة ولا تكون ظاهرة فى واحد منها الا بالقرينة الاخرى.

المبحث الثامن الحق ان الصيغة الامر مطلقا لا دلالة لها على المرة الخ

فقد اطالوا القول فى مسئلة المرة والتكرار وذهب الى الدلالة الامر على المرة طائفة والى التكرار طائفة اخرى واذا لاحظت ادلة الطرفين ترى انها خالية عن السداد ولم يكن فيها ما يدل على المدعى فانه من جملة ادلة القائلين بالتكرار تكرار الصلاة فى كل يوم.

وهذا كما ترى فان تكرار الصلاة فى كل يوم انما هو لمكان قيام الدليل وان الامر بالصلاة من قبيل الاوامر الانحلالية التى تعددت حسب تعدد موضوعاتها وليس هذا محل الكلام بل محل الكلام انما هو بالنسبة الى موضوع واحد كتكرار اكرام العالم الواحد كما اذا قال اكرم عالما ولا اظن ان يلزم احد فى افادة مثل هذا الامر للتكرار كما لا يستفاد المرة ايضا والاكتفاء بالمرة لمكان ان الامر لا يقتضى إلا طرد العدم وهو يتحقق باول الوجود لا ان الامر بالدلالة اللفظية يدل على ذلك.

وايضا يقال فى الجواب وحاصله ان الاستدلال بالتكرار الصوم والصلاة بانه ان لم يكن الامر للتكرار لما تكرر الصوم والصلاة اقول لا يصح هذا الاستدلال.

بعبارة شيخنا الاستاد لا تقل هذا الكلام لما قلنا اولا ان الجزئى لا يكون كاسبا ولا مكتسبا وان مورد الاستعمال جزئى لا يصلح الاستدلال به وكذا لا يصح الاستدلال بالمرة بالحج بانه لو كان الامر للتكرار لتكرر الحج فى كل سنة مع أنّه يكفى الحج مرة واحدة وجه عدم الصحة الاستدلال ان هذا المورد جزئى لا يصلح الاستدلال به

الحاصل ان صيغة الامر لا تدل على المرة ولا تكرار بل يعمل على القرينة او تدل

٢٠٧

الصيغة على المرة والتكرار باعتبار العقل مثلا يحكم العقل فى باب اوامر بوجود طبيعة ولا يمكن وجود الطبيعة بدون المرة واما فى باب النواهى فتدل صيغة النهى على ترك الطبيعة فيحكم العقل فى تكرار الترك لحصول ترك الطبيعة به فثبت ان الصيغة لا تدل على المرة والتكرار وضعا.

ثم لا يذهب عليك ان الاتفاق على ان مصدر المجرد الخ.

توضيحه بعبارة شيخنا الاستاد ان المصدر له مادة وهيئة مثلا المادة نحو (ض ، آ ، ب) بلا تقييد بالصورة والمراد بالهيئة ما يكون مقيدا بالصورة فقال صاحب الفصول ان النزاع يكون فى الهيئة ولا يخفى ان الهيئة تكون لطلب الماهية والمراد من المادة مصدر مجرد عن اللام والتنوين والمصدر باعتبار كونه مادة للمشتقات يكون للطبيعة لكن المادة خارجة عن محل النزاع واستدل صاحب الفصول بقول السكاكى بان المصدر مادة للمشتقات يكون للطبيعة والجواب عن هذا الاستدلال لا ينفع قول السكاكى فى هذا المقام لان قول السكاكى لا يكون حجة للاصولى الحاصل ان المصدر لا يكون المبدا للمشتق وان قيل ان المصدر مبادى المشتقات لكن المصدر من المشتقات ولا يكون من مبادئ المشتقات قد سبق فى مبحث المشتق ان الفرق بين المصدر وغيره هو من حيث لا بشرط لا اى يكون المصدر من قبيل بشرط لا وبشرط عدم الحمل فيقال فى جواب الفصول ان المادة ما تكون تسير فى جميع الصور.

وبعبارة اخرى ان المراد من المادة ما يوجد فى جميع مشتقاتها مثلا الحديد مادة لآلات الصنائع يصير ويوجد معها وان اختلف الصورة فيها لكن المادة تلك المادة فيكون المشتق واحدا للهيئة كفاعل ومفعول ونحوهما فلا يصح كون المصدر مادة لانها تسير مع جميع المشتقات وليس المصدر كذلك والفرق ان المصدر ما يكون بشرط لا اى بشرط عدم الحمل والمشتقات ما تكون لا بشرط.

الحاصل ان المراد من المادة فى المشتقات مثلا ضرب هى (ض ، آ ، ب) اى من غير لحاظ التركيب والصورة وهذه الحروف تسير فى مشتقاتها كلها ولا يخفى

٢٠٨

ان المراد من المادة اعم من أن تكون فى عالم التكوين او فى عالم الالفاظ فلا يصح قول الفصول من ان المصدر مادة للمشتقات.

فقال صاحب الفصول فى ردهم ما تقولون ما اشتهر من كون المصدر اصلا فى الكلام قلت أوّلا قد اختلف فيه قال الكوفيون ان الاصل فى الكلام هو الفعل وقال اهل البصرة ان الاصل فى الكلام هو المصدر.

وثانيا ان المراد بالاصل ليس المادة بل مراد من الاصل ما وضع اولا فقول البصريين ان المصدر اصل فى الكلام ليس مرادهم كون المصدر مادة بل مرادهم ان الهيئة المصدرى وضعت اولا اما الهيئة فعلية فوضعت بعد ذلك اما قول الكوفيون فهو ان المادة ثابتة اولا والمراد منها ض ، ر ، ب فى نحو ضرب فوضعت هيئة فعلية بعد المادة فى مرتبة ثانية ووضعت هيئة مصدرية فى مرتبة ثالثة.

الحاصل ان المراد من الاصل فى قولهم ما يأتى اولا وليس المراد من الاصل المادة.

ويعبر هذا المبحث بالفارسية اى بحث مرة وتكرار اگرچه بيان شد اما از جهت توضيح تكرارا بعبارة فارسى بيان مى شود پس اقوال زياد است راجع در مرة وتكرار لكن از اول دو تا قول است اقوال ديگر از شعبات مرة وتكرار مى باشد مثلا مرة چند قسم است وكذا تكرار ذكر آن اقسام فائده ندارد.

پس وارد مى شويم در اصل بحث صاحب فصول مى گويد نزاع در هيئت مى باشد چون سكاكى ادعاى اتفاق نموده كه مصدر خالى از الف ولام تنوين از براى ماهية مى باشد اما اگر با تنوين باشد از براى يك فرد مى باشد از باب تعدد دال ومدلول وكذا اگر الف ولام داشته باشد يا عهد ذهنى مى باشد ويا عهد خارجى ويا استغراقى مى باشد در اين صورت نيز از باب تعدد دال ومدلول مى باشد.

اما مصدر مجرد از براى ماهية مى باشد پس مصدر كه ماده است از براى طبيعت مى باشد پس صيغه افعل كه از مشتقات آن مى باشد نيز از براى طبيعت مى باشد در

٢٠٩

جواب صاحب فصول گفته مى شود كه بحث ما در علم اصول مى باشد قول سكاكى در علوم عربية مى باشد.

وجواب ديگر از براى صاحب فصول اينست كه مصدر ماده نيست بلكه مصدر از مشتقات مى باشد مراد از مادة معرب مايه مى باشد اى بنياد شىء مراد از مادة آن است كه بدون صورت باشد وبتمام صورت متلبس مى شود نه دفعة بلكه تدريجا باشد واين هم مخفى نماند كه مصدر با مشتقات در مقابل ديگرى مى باشد چونكه مصدر بشرط لا است اى بشرط عدم الحمل ومشتقات لا بشرط مى باشد پس مصدر مبادى مشتقات نيست.

بعبارة شيخنا الاستاد مراد از مادة آن است كه راه برود در جميع مشتقات وكذا لفظ آن نيز بايد در جميع مشتقات راه برود پس مصدر مادة نيست چونكه در جميع مشتقات راه نمى رود وسير نمى كند اى لفظ مصدر در جميع مشتقات سير ندارد چونكه ضرب مثلا حركات مخصوص دارد كه غير حركات وسكونات ضرب ويضرب مى باشد ومادة آن است كه لفظا ومعنا در تمام مشتقات سير نمايد پس قول صاحب فصول صحيح نيست كه مى گفت مصدر مادة از براى مشتقات مى باشد.

بعد ان قلت است مى گويد مشهور است كه مصدر اصل كلام است وقتى كه مصدر اصل كلام شد ثابت مى شود كه مصدر ماده مى باشد از براى مشتقات.

جواب مى گويم اختلاف است بعضى مى گويند كه اصل در كلام مصدر مى باشد وبعض ديگر مى گويند كه اصل در كلام فعل مى باشد پس بصريون مى گويند اصل در كلام مصدر مى باشد اما كوفيون مى گويند اصل در كلام فعل مى باشد پس در علم صرف كدام اين دو تا قول دانسته مى شود مى گويد در علم صرف قول كوفيون دانسته مى شود چونكه طريق اعلال چنين است ضرب يضرب ضربا فهو ضارب وذاك مضروب لذا در علم صرف اصل كلام فعل قرار داده شده.

جواب مى گويم ثانيا مراد از اصل مبدأ نيست اصل با مادة فرق دارد بايد

٢١٠

معناى ماده دانسته شود مراد از مادة ماهية بدون صورت مى باشد پس ماده اول صورتى را كه متلبس بآن مى شود همان صورت مصدرى مى باشد بنا بر قول كسانى كه مى گويند مصدر اصل كلام است بعد بالتبع آن باقى صورتها مى آيد يا اينكه آن مادة اولا متلبس مى شود بصورت فعل بنا بر قول كسانى كه مى گويند فعل اصل است باقى بالتبع آن مى آيند.

در شرعيات نيز نظير اين ما ذكر است كه خداوند عالم اول يك جوهرى را خلق فرموده بعد آن جوهر بصورت آب گرديده اى در خلقت عالم اختلاف است بعضى مى گويند اول آب خلق شده بعد ارض از آن پيدا شده بعضى بعكس مى گويند مراد از دحو الارض اين است كه اول آب بود بعد ارض از آن خلق شده.

حاصل آنكه مراد از مادة آن است كه بدون صورت مى باشد چونكه اگر يك شىء خودش صورت داشته باشد صورت ديگر با آن جمع نمى شود اما به نوبت مى شود كه آن صورت برود صورت ديگر بيايد اما مادة محفوظ است لكن يتشكل باشكال المختلفة پس دانسته شد كه مادة بدون صورت مى باشد.

لكن اختلاف در اين مى باشد كه مادة اول صورت مصدرى را پوشيده ويا اول صورت فعلية را پوشيده پس اينكه مى گويند مصدر اصل كلام است مراد همان تلبس صورت مى باشد پس مادة مصدر با مادة مشتقات فرق ندارد اى مباينت ندارند از حيث مادة وكذا معناى مصدر با معناى مشتق مباينت ندارد بلكه لفظ وصورت مصدر با لفظ وصورت مشتقات مباينت دارند.

قوله : معناه ان الذى وضع اولا بالوضع الشخصى.

اى اينكه گفته مصدر اصل كلام است چونكه مصدر مادة دارد وهيئت دارد پس ماده وضع شخصى دارد اما هيئت وضع نوعى دارد مثلا هيئت افعل ويفعل وضع نوعى دارد اول ماده وضع شخصى دارد بعد از جهت ملاحظه آن وضع شده بوضع نوعى ويا شخصى ساير صيغ.

٢١١

قوله : مما جمعه معه.

اى بيان ساير صيغ چنان است كه جمع نموده ماده آن چيز را معه اى مع الذى وضع اولا قاعده ادبى فاعل جمعه لفظ متصور مى باشد ضميرى كه در جمعه است بما برمى گردد ضميرى كه در معه است بالذى وضع برمى گردد.

وضمير فى كل منها عود مى كند بصيغ وضمير منه عود مى كند بمصدر.

حاصل عبارة چنين است آن چيزى كه وضع شده اولا يوضع شخصى كه بعد از آن از جهت مناسبت وبالتبع او ساير صيغ وضع شده واين ساير صيغ مناسبت بآن دارد كه جمع نموده اين ساير صيغ را با چيزى كه وضع شده اولا ماده لفظ از براى آن اى ماده مصدر با ماده آن صيغ مناسبت دارد اما صورت مصدر با صور باقى مشتقات مباينت دارد.

قوله : ثم المراد بالمرة والتكرار هل هو الدفعة والدفعات الخ.

اى كان البحث فى دلالة صيغة افعل على المرة والتكرار قال صاحب الكفاية ان صيغة افعل وضعت لطلب الطبيعة لا تدل على المرة والتكرار لان الدلالة عليهما تحتاج الى الدال.

الحاصل ان الصيغة تكون لطلب الطبيعة وليست الدالة على المرة والتكرار ولم توجد المرة والتكرار من غير دال هى عبارة الاستاد اما عبارة القوانين فان الصيغة لا تدل على المرة والتكرار لان العام لا يدل على الخاص والمراد من العام الطبيعة والمراد من الخاص المرة والتكرار.

ولو سلمنا المرة والتكرار فما المراد منهما اى هل يكون المراد منهما الدفعة والدفعات او الفرد والافراد فان قلت فما الثمرة فيهما قلت اذكر الثمرة فيما بعد واذكر الآن مثلا لتوضيح المطلوب مثلا تكون عباد لشخص وقال انتم احرار فى سبيل الله فثبت الحرية لكلهم اذا كان المطلوب الدفعة اما اذا كان المطلوب الدفعات فلا يجزى

٢١٢

هذا العتق بل يحتاج الى الدفعة الاخرى لكن اذا كانت المرة بمعنى الفرد والافراد فيقع واحد منها على صورة المطلوبة دون غيره واما اذا كانت بمعنى الافراد فلا يجزى الفرد.

وقال صاحب الفصول يحسن البحث ان كان المراد الدفعة والدفعات اما ان كان المراد الفرد والافراد فلا يحسن البحث هنا بل يحسن ان يجعل من مبحث الآتى من ان الأمر هل يتعلق بالطبيعة او بالفرد.

ويقال عند ذلك وعلى تقدير تعلقه بالفرد هل تقتضى التعلق بالفرد الواحد او المتعدد والمراد من بحث الآنى هو ان الأمر يتعلق بالطبيعة او بالفرد قال صاحب الفصول ان كان المراد الفرد أو الافراد فليجعل هذا البحث تتمة للمبحث الآتى وقال صاحب الكفاية هذا المبحث مستقل ليست العلاقة بين هذا المبحث ومبحث الآتى وتوهم الفصول فاسد قوله وتوهم انه لو اريد بالمرة الفرد لكان الانسب مبتدأ وقوله فاسد خبره ولا يخفى ان هذا الخبر وقع بعد سطور اى جعل بحث الفرد أو الافراد من مبحث الآتى فاسد لعدم العلقة والارتباط بينهما.

الحاصل قال صاحب الفصول ان كان المراد من المرة والتكرار الفرد والافراد كان الانسب ان يجعل هذا المبحث تتمة للمبحث الآتى من ان الامر هل يتعلق بالطبيعة او بالفرد قال صاحب الفصول لما جعل بحث المرة والتكرار فى هذا المقام علم ان المراد من المرة والتكرار هو الدفعة والدفعات لا الفرد والافراد لكن قال صاحب الكفاية هذا التوهم فاسد لان الفرد والافراد يستعملان على المعنيين احدهما ما يكون مقابلا للطبيعة وثانيهما الوجود والوجودات لان الوجود لا يمكن بدون الفرد لذا يعبر عن الوجود بالمرة والفرد فيكون الفرد والمرة بمعنى وجود واحد والتكرار والافراد بمعنى الوجودات.

ولا يخفى ان استعمال الفرد فى الوجود يكون من باب المجاز يحتاج هذا الاستعمال الى العلاقة وقال بعض ان استعمال اللفظ فى المعنى المجازي يكون بالوضع

٢١٣

النوعى الحاصل ان مناقشة الفصول ليست بتام لان الفرد يكون بمعنى الوجود اما فى مبحث الآتى فيكون مقابل الطبيعة مثلا يبحث فى الآتى هل يكون الامر للطبيعة او الفرد.

قال شيخنا الاستاد المرة والتكرار يكونان موردا للبحث فى كل المعنيين سواء كانا بمعنى الفرد والافراد ام الدفعة والدفعات لان الفرد يكون بمعنى الوجود والافراد تكون بمعنى الوجودات فيبحث هل يكون الامر للمرة اى الوجود او يكون للتكرار اى وجودات متعددة.

ان قلت ان الطبيعة من حيث هى لا ثمرة لها بل تكون الثمرة للطبيعة باعتبار الوجود ولا شك ان وجود الطبيعة يكون بخصوصية فرديه فما الفرق بين ان يكون متعلق الامر فردا او الطبيعة.

قلت اذا كان المتعلق الطبيعة فلا مدخل للخصوصية الفردية لان المتعلق هو الطبيعة نفسها وهذه الخصوصية تجىء من باب لابدية اى لا بد عند وجود الطبيعة من وجود الفرد وخصوصية ولو فرض وجود الطبيعة بدون الفرد الخارجى لم يك الوجه لاحتياجنا الى هذا الفرد الخارجى اما اذا كان المتعلق الامر الفرد فيكون للخصوصية الفردية مدخل فيه مثلا اذا كان متعلق الامر صلاة الظهر فلا بد هنا من الخصوصية الفردية كما قال صاحب الكفاية.

بقوله : وانما عبر بالفرد لان وجود الطبيعة فى الخارج هو الفرد غاية الامر خصوصيته وتشخصه على القول بتعلق الامر بالطبائع يلازم المطلوب وخارج عنه.

اى المطلوب هو الطبيعة يلازم هذا المطلوب الفرد اذا قصد وجودها لكن هذا الفرد خارج عن المطلوب اما اذا تعلق الامر بالافراد فيكون نفس الافراد مطلوبا وتكون الخصوصية الفردية مقوما للمطلوب.

٢١٤

قوله : تنبيه لا اشكال بناء على القول بالمرة فى الامتثال وانه لا مجال الخ.

اى اراد المصنف ان يبين الثمرة بين القولين اى بين مختاره والمرة والتكرار فالثمرة فى المرة والتكرار واضحة لانه اذا كان الامر للمرة يكفى الاتيان مرة واحدة واما اذا كان للتكرار فلا تكفى مرة واحدة بل نحتاج الى الثانية والثالثة لكن الثمرة على مختار المصنف اعنى اذا كان الامر لطلب الطبيعة فالمرة والتكرار خارجان عن حريم النزاع.

والحاصل ان الثمرة بين المرة والتكرار وبين مختار المصنف فيقال انه اذا كان الامر للمرة يكتفى بها ولا يجوز الاتيان ثانيا واما على التكرار فيجوز ثانيا وثالثا لكن اذا كان للمرة فلا يجوز الاتيان ثانيا وثالثا للزوم الامتثال بعد الامتثال هذا لا يجوز سيجىء شرحه إن شاء الله.

واما على مختار المصنف فلا يخلو الحال اما ان لا يكون هناك اطلاق الصيغة فى مقام البيان بل يكون فى مقام الاجمال والاهمال فان كان اطلاق الصيغة فى مقام البيان فلا اشكال فى الاكتفاء بالمرة فى مقام الامتثال وانما الاشكال فى جواز الاتيان ثانيا وثالثا ولكن اذا لم يك اطلاق الصيغة فى مقام البيان بل فى مقام الاهمال والاجمال فيرجع الى اصول العملية كالبراءة والاشتغال.

والفرق بين الاجمال والاهمال ان الاهمال يكون من جانب المتكلم والاجمال يكون من جانب اللفظ بان يكون مشتركا.

بعبارة اخرى ان الاهمال يكون من جانب متكلم اعنى بان لا يكون المتكلم فى مقام البيان ولا فى مقام الاخفاء واما الاجمال بان يكون المتكلم فى مقام الاخفاء فنسب الاجمال والاخفاء كلاهما الى المتكلم فيكون هذا الفرق مخالفا لفرق الاول من ان الاهمال يكون من جانب المتكلم والاجمال يكون من جانب اللفظ.

واعلم ان الاهمال على القسمين احدهما ما يكون في مقابل الوضع اى المهمل

٢١٥

ما لم يكن موضوعا وثانيهما ما يكون منسوبا الى المتكلم والمراد في مقام المعنى الثانى ولا تختلط بينهما.

قال المصنف ان الامر يكون لطلب الطبيعة فيقتضى الاطلاق جواز الاتيان بالمأمور به ثانيا وثالثا كما قال المصنف.

بقوله والتحقيق ان قضية الاطلاق انما هو جواز الاتيان ثانيا وثالثا.

الحاصل انه لا يكون لما الدليل على الاتيان على المرة الثانية والثالثة.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية مقام اثبات لنگ است اى لا يكون الدليل على الاتيان ثانيا وثالثا وان صح مقام الثبوت بالاطلاق.

فنبحث فى مقام الثبوت ان المكلف اذا اوجد المأمور به مرة واحدة حصل الامتثال ويسقط به الامر لان اتيان بالمأمور به يكون لحصول الغرض ولا يخفى ان الغرض يحصل بالاتيان مرة واحدة فلا يبقى المجال لاتيان المأمور به بداعى الامتثال الآخر.

توضيحه ان الاتيان بالمأمور به ان كان لحصول الغرض فى المرّة الثانية فقد حصل الغرض فى المرة الاولى والمراد من الغرض هو حصول المصالح فى باب الأوامر ودفع المفاسد فى باب النواهى فيقال ان كان الاتيان بالمأمور به علة لحصول الغرض فلا يجوز الاتيان بالمأمور به ثانيا وثالثا لان مجىء الأمر كان لحصول الغرض وقد حصل هذا الغرض فان بقى الأمر بعد حصول الغرض يلزم بقاء المعلول من دون العلة هذا فاسد.

ولا يخفى ان هذا البحث يكون فى مرتبة الثبوت والامكان اى ان كان الاتيان بالمأمور به علة تامة فلا معنى للاتيان به ثانيا وثالثا لان الغرض قد حصل بالمرة اولى وما اذا لم يكن الاتيان بالمأمور به علة تامة لحصول الغرض فهل تستوى المرة الاولى والثانية فى كونهما معلولين لحصول الغرض او لم يحصل الغرض فى المرة الاولى فيجب الاتيان ثانيا لحصول الغرض وتكون المرة الثانية قوية من الاولى كما اذا امر

٢١٦

المولى بالماء ليشرب أو يتوضأ فاتى به ولم يشرب ولم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال باتيان فرد آخر فيبحث فى المقام هل يشترط أن تكون المرة الثانية اولى من المرة الاولى أو لا يشترط بل يكفى تساويهما فى الرتبة.

قد ذكر نظيره فى الفقه مثلا من اتى بالصلاة منفردا فاقامت الجماعة بعده يجوز الاتيان فى الصلاة جماعة مرة ثانية ولا يخفى ان الاتيان الاول يكون مشروطا بشرط المتأخر اى بشرط عدم اقامة الجماعة فى زمان البعد اذا اقامت الجماعة فيصح تبديل هذا الامتثال بالآخر الاحسن ولا يخفى انه ما ذكر من البحث كان فى مقام الثبوت ولم يبحث عن مقام الاثبات لعدم الدليل فيه.

المبحث التاسع الحق انه لا دلالة للصيغة على الفور ولا على التراخى الخ

قال المصنف انه لا دلالة لصيغة الأمر على الفور والتراخى كما قال صاحب المعالم انها لا تدل على الفور والتراخى بل تدل على مطلق الفعل وايهما حصل كان مجزيا قد مر نظيره فى المرة والتكرار من ان مدلول الأمر طلب الحقيقة وكذا فى المقام.

الحاصل ان الفور والتراخى خارجان عن حقيقة الفعل وانهما من صفات الفعل فلا دلالة للامر عليهما اى لا تقتضى الصيغة الفور والتراخى فلا تدل عليهما لان صيغة الامر تكون لطلب ايجاد الطبيعة والمادة فلا يدل العام على الخاص.

فيسأل هنا ما المراد من الفور وكذا ما المراد من التراخى فنقول المراد من الفورية ما يجب اتيانه فى اول ازمنة الامكان والمراد من التراخى ما لا يكون اتيانه مقيدا فى اول ازمنة الامكان وبعبارة اخرى لا يكون التشديد والتضييق فى التراخى بشرط ان لا يوصل حد التهاون وعدم المبالاة.

واعلم ان الاصوليين اختلفوا فى دلالة صيغة الامر على الفور والتراخى على اقوال.

الاول انها موضوعة للفور.

٢١٧

الثانى انها موضوعة للتراخى.

الثالث انها موضوعة لهما على نحو اشتراك اللفظى.

الرابع انها غير موضوعة لا للفور ولا للتراخى ولا للاعم منهما لا دلالة على احدهما بوجه من الوجوه بل يستفاد احدهما من القرائن الخارجية ومختار صاحب الكفاية هو الاخير لان الفور والتراخى محتاجان الى الدليل وقد عرفت ان صيغة افعل انما تدل على النسبة الطلبية كما ان المادة لم توضع الا لنفس الحدث غير ملحوظ معه شىء من خصوصياته الوجودية وعليه فلا دلالة لها ولا بهيئتها ولا بمادتها على الفور او التراخى

فقد قيل بوجود الدليل على الفور فى جميع الواجبات الا ما دل عليه دليل خاص على جواز التراخى فيه بالخصوص وقد ذكروا لذلك آيتين.

الاولى قوله تعالى (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وتقريب الاستدلال بها ان ان المسارعة الى المغفرة لا تكون الا بالمسارعة الى سببها وهو الاتيان بالمأمور به وعليه فيكون الاسراع الى الفعل المأمور به واجبا.

والثانية قوله تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) فان الاستباق بالخيرات عبارة اخرى عن الاتيان بها فورا.

والجواب عن الاستدلال بكلتا الآيتين الاول ما اجاب به شيخنا الاستاد ان الجزئى لا يكون كاسبا ولا مكتسبا اى المورد الجزئى لا يصلح ان يكون دليلا.

الثانى ما اجاب به المصنف عن الاستدلال ان الخيرات وسبب المغفرة كما تصدق فى الواجبات تصدق على المستحبات ومن البديهى عدم وجوب المسارعة فيها وكيف وهى يجوز تركها رأسا اذا كانتا شاملتين للمستحبات بعمومها كان ذلك قرينة على ان طلب المسارعة ليس على نحو الالزام ولا يكون تركها مستتبعا للغضب بل لو سلمنا اختصاصهما بالواجبات لوجب صرف صيغة افعل عن الوجوب وحملها على الاستحباب نظرا الى انا نعلم عدم وجوب الفورية فى اكثر الواجبات ان كان وضعها للوجوب يلزم تخصيص الاكثر باخراج كثير الواجبات عن عمومها ولا شك

٢١٨

ان الاتيان بالكلام العام مع تخصيص الاكثر واخراجه عن عموم بعد ذلك قبيح فى محاورات العرفية ويعد الكلام عند العرف مستهجنا مثلا اذا قال الشخص بعت اموالى ثم يستثنى واحدا فواحدا حتى لا يبقى تحت العام الا قليلا لا شك فى ان هذا الكلام يعد مستهجنا لا يصدر من حكيم العارف اذن لا يبقى مناص من حمل الآيتين على الاستحباب لانه لو كان المسارعة الاستباق واجبين كان البعث بالتحذير عن ترك المسارعة والاستباق اولى

والحاصل ان الامر لا يكون للوجوب لانه لو كان للوجوب لزم التحذير عن ترك فيكون عدم التحذير عن الترك قرينة لعدم الوجوب كما قال المصنف.

بقوله لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذير عنهما انسب كما لا يخفى فافهم.

اشارة الى انه لو كان كذلك فيلزم التحذير عن الترك فى كل الواجبات لكن يكون فى الواجبات البعث لا التحذير عن الترك.

قوله : ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق الخ

اى يكون الامر بالمسارعة والاستباق ارشاديا والمراد منه انه لو ورد من الشارع امر فى مورد حكم العقل كقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) فهذا لامر ارشادى اى انه امر لاجل الارشاد الى ما حكم به العقل اعنى انه امر من حيث هو العاقل

ولا يخفى على احد ان الامر الارشادى لا يكون للوجوب قال الشيخ قدس‌سره فى الرسائل ان المراد من الاوامر الارشادية ما لا يترتب على موافقتها ومخالفتها شىء غير ما يترتب على المادة اى لا يكون الثواب فى موافقة الامر ولا عقاب فى مخالفته بل يترتب الثواب والعقاب على المادة مثلا لا يكون الثواب فى نفس الاطاعة بل يكون الثواب على اتيان الصلاة قال شيخنا الاستاد ان الاوامر ارشادية ما يكون فى سلسلة المعلولات الاحكام.

بعبارة اخرى ان الأمر الارشادى هو نفس حكم العقل فى معلولات الأحكام الشرعية مثل اطيعوا الله والرسول يكون فى سلسلة المعلولات كالصلاة والصوم اما

٢١٩

اذا كان حكم العقل فى سلسلة العلل فهو نفس الأحكام الشرعية.

قوله : تتمه بناء على القول بالفور فهل قضية الامر الاتيان فورا الخ.

والحاصل انه ان قلنا بالفور فهل يقتضى الأمر الاتيان فورا ففورا فيقال هذا الأمر مبنى على الوجهين فان كان مفاد الصيغة وحدة المطلوب فلا يقتضى الأمر الاتيان فورا ففورا بل يثبت العصيان بمجرد المخالفة اما اذا كان مفاد الصيغة تعدد المطلوب فيجب عليه الاتيان فى زمان الثانى.

قال صاحب الكفاية ولا يخفى انه لو قيل بدلالتها على الفورية لما كان لها دلالة على نحو المطلوب اى لا يكون الدليل على وحدة المطلوب ولا على تعدده فليرجع الى الأدلة الاجتهادية او الاصول العملية.

الفصل الثالث الاتيان بالمأمور به على وجهه يقتضى الاجزاء الخ.

اى يعنون فى المقام ان الاتيان بالمأمور به هل يقتضى الأجزاء ام لا عبارة شيخنا الاستاد ان الاتيان بالمأمور به هل يقتضى الأجزاء مطلقا.

فقدم المصنف اولا بحث المفردات فيقال ما المراد من الاقتضاء وما المراد من الأجزاء.

واعلم ان فهم الجملة موقوف على فهم المفردات مثلا زيد قائم موقوف فهمه على معرفة معنى المفردات اى زيد وقائم لذا شرع المصنف بفهم المفردات فقال الظاهر ان المراد من الوجه فى العنوان هو النهج اى المراد من الوجه هو طريق الواضح كما تقول عملت هذا العمل على وجه عملك اى على نهج وطريق عملك.

وقد ذكر هذا المعنى فى المطول والمختصر عند قوله كان علم البلاغة وتوابعها من جل العلوم ويكشف عن وجوه الأعجاز فى نظم القرآن.

الحاصل ان الوجه فى هذا المقام بمعنى الطريق مثلا يكون للمأمور به الأجزاء والشرائط اذا كان واجدا لهذه الأجزاء والشرائط يقال له على وجهه وطريقه لما كان هذه المسألة مبنائيا فلا يفرق على مبنى المصنف بين ان يكون النهج عقليا او شرعيا

٢٢٠