هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٨

متزلزلة اى لم يحصل لها الاستقرار لانها تصعد وتنحدر وبعبارة اخرى تكون لهذه المسائل السير الصعودى والنزولى.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية مراد از مسائل اصولية آن است كه يك مرتبه سير صعودى دارد ومرتبه ديگر سير نزولى دارد مراد از سير صعودى مثلا مى گويند امر از براى وجوب مى باشد بعد سير نزولى دارند كه بعض ديگر مى گويند امر از براى وجوب نيست پس تا زمانى كه صعود ونزول دارند آن را مى گويند مسئلة اصولية وقتى كه يك طرفه شد مثلا ثابت شد كه امر از براى وجوب است اين مى شود نتيجه مسئله اصولية پس همين نتيجه در طريق استنباط احكام شرعية واقع مى شود اى مراد از طريق استنباط آن است كه در جواب لم سائل واقع مى شود

مثلا اذا سئل السائل لم صلاة الجمعة واجبة فيقال ان المولى امر بالصلاة والامر للوجوب فنرجع الى ما نحن فيه اى قلنا آنفا ان شيخنا الاستاد اشكل على بعض الاصوليين باشكالين.

الاشكال الاول ان المراد من المسألة الاصولية ما لا يكون له الاستقرار كما بينا والشىء الذى لم يكن له الاستقرار لا يصح ان يقع فى طريق استنباط الاحكام.

الاشكال الثانى لا يصح قولهم ان النتيجة المسائل الاصولية تقع فى طريق استنباط الاحكام اى فى صغرى القياس او كبراه فلا يصح وقوع النتيجة فى الصغرى او الكبرى الا فى قياس الاستثنائى وهذا مشكل ايضا بل كان المراد من وقوع النتيجة فى طريق الاستنباط وقوعها فى جواب لم فى قول سائل.

فى بيان الاستدلال للصحيحى

قوله : وكيف كان فقد استدل للصحيحى بوجوه الخ.

قد بيّن المصنف هنا اصل المطلوب من ان الفاظ العبادات عند البعض موضوعة لصحيح.

٨١

فان قلت الدليل ما هو قلت استدل للصحيحي بوجوه.

احدها التبادر اى يسبق الى الذهن عن الفاظ العبادات الصحيح.

وثانيها عدم صحة السلب عن الصحيح وصحة السلب عن الفاسد اى اذا لم تكن الصلاة واجدة لجميع الاجزاء والشرائط فيصح سلب الصلاة عن هذه الصلاة الفاسدة وقد علم ان عدم صحة السلب علامة للحقيقة وصحة السلب علامة للمجاز.

ثالثها الاخبار التى تدل على ثبوت الآثار للصلاة ولا شك ان الآثار تكون للصلاة الصحيحة لا الفاسدة وكذا تكون الدليل على هذا الاخبار التى تدل على نفى الحقيقة عن بعض افراد الصلاة كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا صلاة الّا بفاتحة الكتاب تدل هذه على نفى حقيقة الصلاة اذا لم تك مشتملة على الفاتحة توضيح الدلالة ان لا يكون لنفى الجنس والحقيقة فتدل على ان المراد من الصلاة المنفية ما كان ظاهرا فى نفى الحقيقه بمجرد فقد ما يعتبر شطرا او شرطا اى لا تطلق الصلاة على الفاسدة حقيقة

ولو فرض كون الصلاة اسما للاعم فلا يصح فى الجملة المذكورة نفى الصلاة حقيقة.

ان قلت قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب يكون لنفى الصلاة الصحيحة باعتبار تقدير الصفة او مضاف اليه اى لا صلاة صحيحة الا بفاتحة الكتاب ولا صلاة كاملة لجار المسجد الا فى المسجد فلا يصح الاستدلال بما ذكر لنفى حقيقة الصلاة من الصلاة الفاسد.

قلت لا دليل هنا على حذف الصفة او للمضاف اليه فيكون تقدير الصفة او المضاف اليه خلاف الظاهر.

فاعلم ان نفى الحقيقة على القسمين احدهما نفى الحقيقة حقيقة مثل لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وثانيهما نفى الحقيقة ادعاء مثل يا اشباه الرجال لا رجال فيكم فلا يصح فى مثل هذا القول نفى حقيقة الرجال حقيقة.

اما فى مورد البحث فيكون المراد نفى الحقيقة حقيقة ولا يخفى ان نفى الحقيقة

٨٢

والماهية والجنس بمعنى.

واعلم ان صاحب الكفاية نقل الى هنا كلام الشيخ عن التقريرات فالظاهر ان كلامه فى التقريرات يدل على الصحة فى مقام الثبوت اى يمكن تقدير الصفة لكن لا يصح مقام الاثبات والاستدلال لعدم الدليل والقرينة على ذلك المحذوف فيكون التقدير مخالفا للظاهر.

لكن كلام صاحب الكفاية ظاهر بعدم صحه مقام الثبوت ايضا توضيح كلامه ان الامثلة المذكورة كلها تكون لنفى الحقيقة حتى مثل لا صلاة لجار المسجد الّا فى المسجد اى يصح فى هذا المثال نفى الحقيقة ادعاء قد ذكر آنفا ان نفى الحقيقة على القسمين حقيقة وادعاء.

والمراد من نفى الحقيقة حقيقة ان يكون هذا النفى بالارادة الجدية ويكون مرادا جديا.

والمراد بنفى الحقيقة ادعاء عدم كون هذا النفى بالارادة الجدية فيعتبر من نفى الحقيقة ادعاء بالمجاز سكاكى فيكون المراد فى مثل لا صلاة لجار المسجد الّا فى المسجد المبالغة فى اعطاء الثواب لمن صلى فى المسجد.

اما نفى الصلاة عن المصلى فى غير المسجد فيحمل على نفى الحقيقة ادعاء وان حمل هذا المثال على نفى الكمال فيفوت الغرض وهى المبالغة المذكورة اى لم يك المراد نفى الحقيقة ادعاء.

بعبارة اخرى ان لم يكن المراد مجاز السكاكى فيكون كلام المولى كلام العامى المرذول يعنى يكون خاليا عن المبالغة.

قوله : رابعها دعوى القطع بان طريقة الواضعين الخ.

اى اذا اخترع المخترع فيخترعه للصحيح عقلا وعادة وكذا فى المقام اذا وضع الواضع اللفظ للمعنى فيضعه للصحيح لا للاعم.

ولا يخفى ان الشارع فى مخترعاته يوافق العقلاء ويخترع الفاظ العبادات

٨٣

فيجعلها اسما للعبادات الصحيحة وايضا الحكمة تقتضى وضع اللفظ للصحيح والمراد من الحكمة تفهيم المعنى الصحيح باللفظ.

قال صاحب الكفاية الّا انها قابلة للمنع اى هذه الدعوى وان كانت غير بعيدة لكنها قابلة للمنع توضيحه انه يمكن ان يتخطى الشارع عن طريق العقلاء لمصلحة التى كانت عنده.

فى بيان الاستدلال للاعمى

قوله : قد استدل للاعمى ايضا بوجوه الخ.

قد استدل بعض للاعم بان الفاظ العبادات تلائم لكل الصحيح والاعم فوضع اللفظ لكل منهما.

قد ذكر صاحب الكفاية للاستدلال بالاعم وجوها.

الاول التبادر اى يتبادر من الفاظ العبادات الاعم.

قال صاحب الكفاية قد عرفت الاشكال فيه بان تبادر الاعم يتوقف على تصوير الجامع وقد عرفت عدم امكان تصوير الجامع على الاعم اذا لم يمكن تصوير الجامع فتنتفى القضية بانتفاء الموضوع لان الموضوع له هو الجامع قد انتفى على القول بالاعم فيكون انتفاء الجامع سببا لانتفاء وضع اللفظ للاعم.

الدليل الثانى للاعمى هو عدم صحة السلب اى استدل بعض للاعم بعدم صحة السلب مثلا من يأتى بالصلاة التى لا تكون مشتملة لجميع الاجزاء والشرائط فلا يصح سلب الصلاة عن هذه الصلاة الفاسد اشكل عليه صاحب الكفاية وفيه منع لما عرفت توضيحه انه يصح سلب الصلاة عن هذه الصلاة المذكورة بالمطابقة واما بالعناية والمجاز فلا يصح سلب الصلاة عنها والمراد بالعناية ان يقال لهذا الشخص انه اتى بالصلاة الفاسد اى اطلاق الصلاة الفاسدة يكون بالعناية والمجاز فلا يصح سلب الصلاة عن هذه الصلاة الفاسدة باعتبار ان تطلق الصلاة عليها مجازا لكن هذا

٨٤

القسم من عدم صحة السلب لا يفيد فى المقام لان عدم صحة السلب علامة للحقيقة اذا كان بنحو الحقيقة اما اذا كان عدم صحة السلب بنحو المجاز فلا يفيد اثبات الحقيقة.

قوله : ومنها صحة التقسيم الى الصحيح سقيم الخ.

استدل الاعمى بتقسيم الصلاة الى الصحيحة والفاسدة.

اراد المستدل ان يتصور المعنى العام الذى يصح تقسيمه اى يكون الموضوع له فى الفاظ العبادات مشتركا معنويا كالحيوان ولا يخفى ان المراد من تقسيم العام هو التقسيم الى الافراد الحقيقة لا الى الفرد الحقيقى والمجازي لان هذا مستلزم لتقسيم الشىء الى نفسه والى المعنى الحقيقى والى غيره اى المعنى المجازي.

قد اشكل على هذا الاستدلال توضيحه ان التقسيم اعم من الحقيقه والمجاز لانه يمكن تقسيم المعنى العام المجازي الى افراده ويعبر عن هذا المعنى العام المجازي بعموم المجاز والمراد منه ان يتصور المعنى العام المجازي ويقسم هذا المعنى العام الى المعنى الحقيقى والمجازي ولا يخفى ان اللفظ يستعمل مجازا فى القدر المشترك فيقسم هذا القدر المشترك الى المعنى الحقيقى والمجازي.

قوله : ومنها استعمال الصلاة وغيرها فى غير الواحد من الاخبار فى الفاسدة الخ

قد استدل الاعمى لمذهبهم بان الصلاة تستعمل فى الفاسدة فى الاخبار كثيرة ومنها قوله عليه الصلاة والسلام بنى الاسلام على خمس الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ولم يناد احد بشىء كما نودى بالولاية فاخذ الناس بالاربع وتركوا هذه.

توضيحه ان قوام الدين على خمس والواحدة من هذه الخمس الولاية فاخذوا بالاربع وتركوا هذه اى الولاية ولا يخفى ان الصلاة من غير الولاية فاسدة لكن تستعمل الصلاة على صلاتهم فيظهر ان هذا الاستعمال عندهم حقيقة.

وايضا استدل القائل بالاعم فى قوله عليه‌السلام دع الصلاة ايام اقرائك والظاهر ان

٨٥

ان القدرة على التكليف من الشرائط العامة فالامرأة الحائض لا تقدر على الصلاة الصحيحة اذا كان الأمر كذلك فلا يصح امر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها بترك الصلاة الصحيحة لان هذا الأمر تكليف على غير المقدور فعلم من الروايتين المذكورتين ان الفاظ العبادات موضوعة للاعم.

وفيه ان الاستعمال اعم من الحقيقة ويمكن ان يكون هذا الاستعمال مجازا بعلاقة المشابهة فى الصورة.

توضيح الاشكال على الاستدلال للاعم على الرواية الاولى ان يتصرف فى لفظ الاخذ بان الأخذ اعتقادى وواقعى والمراد من الأخذ فى المقام اعتقادى فيصير المعنى ان بعض الناس يأخذون الصلاة الصحيحة باعتقادهم وليس المراد الأخذ بالصحيح الواقعى بل تكون الصلاة عندهم صحيحة باعتقادهم لا فى الواقع.

وامّا نقول ان صلاتهم مشابهة للصلاة الصحيحة فلا تكون الصلاة الحقيقة.

واما الاشكال على الاستدلال الثانى قد علم ان الاستدلال فى الرواية الثانية هو امر المولى بقوله دع الصلاة ايام اقرائك وقد علم ان الصلاة الصحيحة للامرأة الحائض غير مقدور فلا يصح ان يطلب تركها عن امرأة الحائض لانه تكليف بغير مقدور اما ان كان المراد الاعم فيصح طلب ترك الصلاة عن المرأة الحائض.

لكن الاشكال على الاستدلال فى هذه الرواية فنقول ان الأمر على القسمين مولوى وارشادى والمراد من أمر المولوى ما يكون فى اطاعته ثواب وفى مخالفته عقاب بعبارة اخرى الأمر المولوى ما تكون المصلحة او المفسدة فى متعلقه والمراد من الأمر الارشادى ما يكون ارشادا الى حكم العقل وتأكيدا لحكم العقل وارشادا لحسن الشىء.

والحاصل ان الأوامر الارشادية تكون كاوامر الطبيب اذا امر الطبيب على اكل الشىء فهو ارشاد الى حسنه واذا نهى الطيب عن اكل الشىء فهو ارشاد الى عدم حسنه فلا يلزم من اطاعة هذا الأمر استحقاق الثواب ولا من مخالفته استحقاق العقاب

٨٦

فيكون فى الرواية المذكورة الأمر للارشاد ولا يشترط فى الاوامر الارشادية ان يكون متعلقها مقدورا.

توضيحه قوله عليه‌السلام دع الصلاة ايام اقرائك انه يكون دع امرا لفظا ونهيا معنى فيرشد الى حسن الصلاة فى ايام الطهر وعدم حسنها فى ايام الحيض لوجود المانع فلا يكون فى مخالفة هذا الأمر استحقاق العقاب اى امر المولى بترك الصلاة وخالفت الحائض بان أتت الصلاة فلا تكون مستحقة للعقاب للمخالفة ولا يكون الاتيان باركانها واجزائها محرما عليها لكن اذا دخلتها فى الدين فتكون تشريعا محرما.

فاعلم ان الحرمة على القسمين ذاتى وعرضى والمراد من حرمة ذاتى كحرمة الخمر والحرمة العرضى كحرمة التشريع والمراد منه ادخال ما لم يك من الدين فى الدين اى اذا قصدت الحائض التقرب بها فتكون الصلاة تشريعا محرمة واما اذا أتت الحائض الصلاة من غير قصد التقرب فلا تكون محرمة بل تكون حسنة وقد ذكر انه يستحب لها الجلوس فى مصلاها وتذكر الله تعالى بقدر الصلاة وكذا لا اشكال فى اتيان القيام والقعود والركوع والسجود بشرط ان لا تقصد التقرب.

قوله : ومنها انه لا شبهة فى صحة تعلق النذر وشبهه الخ.

هذا دليل الخامس للاعمى هذا الدليل مركب من المقدمتين.

المقدمة الاولى اذا نذر شخص بان لا يصلى فى الحمام كان نذره صحيحا لان شرط النذر ان يكون متعلقه راجحا هذا الشرط موجود فى المقام لان ترك الصلاة فى الحمام راجح.

اما المقدمة الثانية فيلزم الحنث فى اتيان الصلاة فى الحمام وتجب الكفارة على الحانث وهذا دليل للاطلاق الصلاة على الصلاة الفاسدة.

واعلم ان الحرمة كالوجوب اما أن تكون بعنوان اولى كحرمة الخمر واما أن تكون بالعنوان الثانوى مثلا اذا نذر شخص بان لا يصلى فى الحمام فيكون اتيان

٨٧

الصلاة فى الحمام محرما عليه بالعنوان الثانوى وان لم تكن الصلاة فى الحمام محرمة عليه بالعنوان الاولى بل كانت مكروهة والظاهر ان العنوان الثانوى يوجد بالنذر والعهد واليمين اى اذا تعلق النذر او العهد واليمين على ترك الصلاة فى الحمام فتكون بعد تعلق النذر بتركها محرمة وفاسدة واذا أتى بها الناذر بتركها فيلزم الحنث لصدق اسم الصلاة عليها.

فقد علم الى هنا ان الفاظ العبادات اسام للاعم لان الصلاة فى الحمام بعد تعلق النذر بتركها محرمة ولا تجتمع العبادة مع الحرمة وايضا يلزم من وجودها عدمها اى اراد شخص الناذر ايجاد الصلاة الصحيحة فى الحمام فيلزم من وجود هذه الصلاة عدمها بعبارة اخرى يلزم أن تكون صلاته صحيحة وفاسدة هذا محال.

فائدة : النذر على قسمين الاول المطلق كمن نذر اعطاء الدرهم لفلان.

الثانى المعلق كمن قال ان شفى الله تعالى مريضى فلله على اعطاء درهم وهو اى النذر المعلق ايضا على القسمين الاول نذر الزجر كمن قال ان شربت تتن فلله على اعطاء درهم يسمى هذا النذر زجرا لانه نذر ترك المباح ومنع نفسه عن فعل المباح فان شرب هذا الشخص التتن فلم يعطى الدرهم يلزم الحنث فى مقابل عدم اعطاء الدرهم الثانى نذر الشكر وهو كمن قال ان لم اشرب التتن فلله على اعطاء الدراهم فلم يشرب التتن واعطى درهما سمى هذا النذر شكرا لله تعالى في مقابل نعمة التى هى ترك شرب تتن فان شرب التتن ولم يعطى الدرهم يلزم الحنث.

قوله : قلت لا يخفى انه لو صح ذلك لا يقتضى الا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح.

اى لو سلم استعمال الصلاة فى الفاسدة فلا يقتضى إلا عدم صحة تعلق النذر فى الصحيح لا عدم وضع اللفظ له شرعا.

الحاصل ان لفظة الصلاة وضعت شرعا للصلاة الصحيحة اما استعمالها فى

٨٨

الفاسدة فيكون مجازا لان الاستعمال اعم من الحقيقة هذا اشكال الاول على استدلال الاعمى.

اما اشكال الثانى عليه فان كلام الناذر اشارة الى ترك الصلاة الصحيحة لا الى ترك الصلاة الفاسدة يحتاج توضيح هذا الاشكال الى ترتيب المقدمة وهى الوجوب نفسى وشرطى والمراد من الوجوب النفسى كازالة النجاسة عن المسجد والمراد من وجوب الشرطى كوجوب نزح جميع ماء البئر او مقدار كر او سبعين دلوا سمى هذا الوجوب شرطيا لان وجوب نزح الجميع او سبعين مشروط باستعمال ماء البئر للشرب او استعماله فيما يشترط فيه الطهارة كذا فيما نحن فيه ان صحة الصلاة فى مثل هذا المقام شرطية.

توضيحه اذا قال الناذر لله على ان لا اصلى فى الحمام فكان مفهوم لكلامه على ان لا اصلى الصلاة الصحيحة التى لو لم يتعلق النذر على تركها التى مشروطة بعدم تعلق النذر على تركها فيصدق عليها الصحة لولائية لا الفعلية اى المراد هو صلاة صحيحة لو لا النذر.

فان قلت لم لا يكون مراد الناذر الصلاة الفاسدة التى يتعلق النذر على تركها قلت ان الصلاة معروضة والنذر عارض عليها ويجيء الفساد عن جانب العارض اى النذر ويعلم بالضرورة ان الشىء الذى يجيء عن جانب العارض لا يؤخذ فى المعروض اى الصلاة فيجىء فى المقام الفساد من ناحية النذر لا يؤخذ فى المعروض اى الصلاة قد ظهر مما ذكر انه لا يصح ان يريد الناذر الصلاة الفاسد ، لان الفساد يجيء من ناحية العارض اى النذر لا يؤخذ فى المعروض.

توضيحه بعبارة اخرى ان العارض والمعروض يشبهان بالعلة والمعلول فالمعروض يشبه بالعلة والعارض يشبه بالمعلول ولا شك ان المعلول مرتب على العلة اى مرتبة المعلول مؤخرة عن مرتبة العلة وكذا عوارض المعلول مؤخرة عن عوارض العلة كذا في مقام البحث مثلا الصلاة كالعلة والنذر كالمعلول فمرتبة النذر مؤخرة عن الصلاة

٨٩

وكذا الفساد الذى يجيء من ناحية النذر مؤخرة عن الصلاة ايضا ويظهر من هذا البيان عدم اخذ الفساد فى الصلاة.

توضيحه ان اخذ الفساد فى الصلاة فيقدم من مرتبته ويلزم ان يجعل المؤخر مقدما فيعلم انه لا يؤخذ الفساد فى متعلق النذر اى الصلاة فتظهر الثمرة فيمن أتى بالصلاة الناقصة اى الصلاة الفاقدة لبعض الاجزاء او الشرائط فلا يلزم الحنث لان متعلق النذر هو ترك الصلاة الصحيحة لا الفاسدة.

ولا يخفى ان المراد من الصلاة الصحيحة هى الصحيحة لو لا تعلق النذر عليها وايضا تظهر الثمرة لو تعلق النذر بترك الصلاة المطلوبة بالفعل اى ان كان مراد الناذر ترك الصلاة المطلوبة الصحيحة الفعلية فيمكن منع حصول الحنث بفعلها لان هذه الصلاة تكون فاسدة بعد تعلق النذر.

البحث فى جريان النزاع فى الفاظ المعاملات

قوله : بقى هنا امور الاول ان اسامى المعاملات ان كانت موضوعة للمسببات

قد بين المصنف فى هذه الخاتمة امورا ثلاثة الاول هل وضعت الفاظ المعاملات للصحيح او الاعم قال صاحب الكفاية ان كانت اسامى المعاملات موضوعة للمسببات فلا مجال للنزاع بكونها للصحيح او الاعم لان المسببات منوطة باسبابها فان وجدت الاسباب وجدت المسببات والا فلا اى يبحث فيها من الوجود والعدم فلا تكون مورد البحث للصحيح والاعم.

فليعلم اولا معنى الصحيح والفساد فى باب المعاملات والمراد من الصحيح فى باب المعاملات هو التام والمراد من الفاسد هو غير التام ولكن يكون شأنه التام فعلم انه لا مجال للنزاع فى كون المعاملات موضوعة للصحيحة او الاعم اذا كانت موضوعة للمسببات واما اذا كانت موضوعة للاسباب فالنزاع فيها ممكن اى يبحث

٩٠

فيها بانها هل وضعت اسامى المعاملات للاسباب التامة التى تكون مؤثرة او للاعم اى التام او غير والمراد من غير التام ما لا تكون الشرائط فيها موجودة.

واما المسببات فليست كذلك ويكون فيها تقابل الايجاب والسلب اى اما تكون موجودة او معدومة اى ان وجدت الاسباب والشرائط فالمسببات موجودة والا فلا ولكن من شأنها أن تكون موجودة بعد وجود شرائطها.

والحق ان اسامى المعاملات وضعت للاسباب الصحيحة لانها باقية على وضعها الاولية ولانها وضعت لغة للاسباب التامة والمؤثرة مثلا لفظ البيع والاجارة والنكاح والطلاق وضعت للعقد المؤثر اى وضعت هذه الالفاظ للايجاب والقبول فلفظ البيع وضع للايجاب والقبول اللذين يؤثران بالاثر المطلوب اى العلاقة الملكية وكذا النكاح وضع للايجاب والقبول الذين يؤثر ان باثر كذا اى العلاقة الزوجية.

بعبارة شيخنا الاستاد اذا وجد عقد النكاح اى الايجاب والقبول توجد المعركة التى تنتهى الى جريان الدم.

والمراد من المعاملات ما تكون بمعنى الاعم لانها وقعت في مقابل العبادات سواء كانت من العقود او الايقاعات قد علم فرقهما ان العقود يحتاج الى الايجاب والقبول والايقاعات تحتاج الى طرف واحد اى الايجاب فقط.

قوله : بل الاختلاف فى المحققات والمصاديق الخ.

اى لا يكون الاختلاف فى عقد البيع فى المعنى عند الشرع والعرف بل يقول كل منهما ان أسامى المعاملات موضوعة لعقد المؤثر ولكن كان الاختلاف بينهما فى المحققات والمصاديق والمراد من المحققات هى اشياء التى تكون موجبة لوجود الاثر فى الخارج وبعبارة اخرى تقع مصداقا للاثر فى الخارج مثلا اختلف اهل الشرع والعرف فى بيع الربوى فيحكم العرف بانه مصداق لاثر عقد البيع لكن الشارع يتخطأ العرف فى ذلك اى يقول ان بيع الربوى لا يكون مصداقا لاثر عقد البيع اما جهة الفرق فان العرف لا يلاحظ ما هو شرط فى تأثير العقد.

٩١

توضيحه ان المبيع اما ان يكون من المكيل والموزون او النقود او غيرها وايضا اما ان يكون البيع بجنسه او بغيره فان كان المبيع من المكيل او الموزون او النقود واوقع البائع البيع بجنسها فقد اشترط الشارع فى تأثير عقد البيع عدم زيادة العينية او الحكمية واما العرف فلا يشترط هذا الشرط المذكور فى تأثير العقد ويقول اهل العرف ان البيع الربوى يكون مصداقا لاثر عقد البيع.

قوله : الثانى ان كون الفاظ المعاملات اسامى للصحيحة لا توجب اجمالها الخ.

اى قد بين المصنف فى هذه الخاتمة ان الفاظ المعاملات وضعت للصحيح اذا قلنا انها موضوعة للاسباب.

واما اذا قلنا انها موضوعة للمسببات فلا مجال فيها للنزاع فى كونها موضوعة للصحيح او الاعم بل يبحث فيها عن الوجود والعدم فيبحث فى هذا الامر الثانى فى بيان الثمرة بين القولين وقد ظهر فى باب العبادات فى بيان الثمرة جواز التمسك بالاطلاق على الاعم وعدم جواز التمسك بالاطلاق على الصحيح.

واما فى باب المعاملات فيجوز التمسك بالاطلاق على القول بالصحيح ايضا وان لم يجز التمسك باطلاق فى باب العبادات على القول بالصحيح.

توضيحه ان المعاملات امضائية لا تأسيسية والمراد من الامضائى ما كان موجودا او لا فيمضيه الشارع لمصلحة او يرده الشارع لعدم المصلحة فيه والمراد من التأسيس ما يوجد بعد عدمه واذا كانت المعاملات الامضائية فيصح التمسك بالاطلاق فيها اذا شك فى جزئية شىء او شرطيته فيها لانها تستعمل فى معانيها الاولية وهى معينة لا اجمال فى الاجزاء وشرائطها ولا يعتنى فيما شك بل يتمسك فى اطلاق احل الله البيع واوفوا بالعقود.

وبعبارة اخرى ان الموضوع عند العرف موجود فى باب المعاملات فيجىء الحكم عن الشارع بعده مثلا بيع المعاطاة ثابت عند العرف فنشك فى صحتها شرعا

٩٢

ولا يعتنى بهذا الشك بل يتمسك باطلاق احل الله البيع وكذا فى بيع السلف فيتمسك فيما ذكر بالاطلاق لانه اذا كان المولى في مقام البيان يتمسك فى ظاهر كلامه واما اذا لم يك الاطلاق مرادا له فيلزم عليه البيان ونصب القرينة.

وقد ظهر من هذا البيان ان الشرائط التى تعتبر عند العرف تعتبر عند الشارع ايضا لانه منهم وداخل فيهم ولا يخفى ان الشارع اذا تخطئ العرف يكون من اجل اشتباه العرف فى المصداق ويكون هذا المورد خارجا عن ما نحن فيه اى لا يوافق الشارع العرف فى هذا المورد لانهم مخطئون فى المصداق ولا يخفى ان الشارع يوافق العرف فى اصل المعنى وما اعتبروا من الاجزاء والشرائط.

فعلم الى هنا ان التمسك بالاطلاق فى باب المعاملات بناء على الصحيح جائز ايضا واما فى باب العبادات فقد ظهر مما سبق عدم جواز التمسك بالاطلاق بناء على الصحيح.

قوله : نعم لو شك فى اعتبار الشىء فيها عرفا الخ.

اى ثبت الى هنا التمسك بالاطلاق فى باب المعاملات عند الصحيحى ايضا واما اذا شك واجمل اجزائها عند اهل العرف مثلا اذا شك فى بيع الدار او العقار فى اعتبار الصيغة اى هل تعتبر الصيغة فيه او تكفى المعاطاة فلا يتمسك بالاطلاق هنا عند الصحيحى لانه يجرى فى هذا المورد اصالة عدم التأثير اذا لم يؤت ما شك.

الثالث اذا دخل شىء وجودى او عدمى الخ.

واعلم انه يختلف الاقوال على الصحيح فيقول بعضهم الصحيح ما يوجد فيه الاجزاء والشرائط جميعا ويقول بعضهم الصحيح ما يوجد فيه الاجزاء والشرائط مطلقا اى سواء وجد كلاهما او احدهما وقال بعضهم الصحيح ما يوجد فيه الاجزاء فقط وقالت الطائفة الاخرى بالعكس ولا يخفى ان هذه الاقوال ثابتة فى مرتبة الامكان.

اما صاحب الكفاية فيبحث هنا من القسم الاول اى الصحيح ما يوجد فيه

٩٣

جميع الاجزاء والشرائط مثلا الصلاة ان كانت واجدة الجميع الاجزاء والشرائط فهى صحيحة.

فائدة : الفرق بين الجزء والشرط ان كان القيد والتقييد كلاهما داخلين فى المقيد فهو جزء توضيحه ان الركوع والسجود والقيام والقعود كلها داخلة فى الصلاة.

بعبارة اخرى ان الصلاة مركبة من القراءة والركوع والسجود الخ فكلها داخلة فى الصلاة اى فى هذه المذكورات القيد والتقيد كلاهما داخلان فى المقيد اى الصلاة.

والمراد من التقيد هو النسبة كالنسبة الصلاة الى القراءة والركوع والسجود اى صلاة منسوبة الى القراءة والركوع والسجود والمراد من القيد هو نفس الركوع والسجود والقيام والقعود الخ.

واما ان كان التقيد داخلا دون القيد فهو شرط نحو الطهارة والاستقبال بالنسبة الى الصلاة فان التقيّد اى نسبة الصلاة الى الطهارة والاستقبال داخلة فى الصلاة دون نفسهما.

توضيحه بمثال الآخر اذا قلت جاءنى غلام زيد فالقيد اى زيد خارج ومقيّد اى نسبة الغلام الى الزيد داخل اعنى ثبوت المجيء لغلام منسوب الى زيد لا له حاصل الفرق بين الجزء والشرط ان كان القيد والتقيد كلاهما داخلين فى المقيد فهو جزء وان كان التقيد داخلا فى المقيد دون القيد فهو شرط.

فائدة : قد بين هنا شيخنا الاستاد فرق الطبيعة والوجود وكان هذا الفرق لتوضيح الاجزاء والشرائط فالانسان واجد للطبيعة والوجود مثلا الانسان مركب من الاجزاء الطبيعة اما كون الانسان طويل القامة او وجهه حسن او وجهه كالقمر فسميت هذه المذكورات الوجود ولا يخفى ان المراد من الوجوب ما يكون سببا لتشخيص الشى فالوجود فى باب العبادات ما يكون سببا لتشخيص المأمور به واعلم ان الشى

٩٤

تنتفى بانتفاء اجزائه اى بانتفاء جميع الاجزاء او اكثرها او جزء واحد اذا كان من الاجزاء الرئيسة كالرأس فى الانسان ولكن اذا انتفت مشخصات الانسان كطول القامة او حسن الوجه فلا ينتفى.

وايضا الجزء وجودى وعدمى وكذا الشرط ان قلت البحث فى المقام فى الجزء الوجودى لانه مؤثر والعدمى ليس بمؤثر قلت العدمى مؤثر فى بعض موارد اذا قلت ليس لى الدار يؤثر هذا الكلام لغيرك وكذا فى قول الفقهاء فى باب الصلاة من ان يقال يجب الترك التأمين وكذا ترك الضحك اذا كان فيه صوت فجعل فيما ذكر الشىء العدمى شرط.

واعلم ان الشرط اما ان يكون مقدما كالطهارة للصلاة او مقارنا كالستر لها او يكون لاحقا كالأغسال الليلية على المستحاضة بالاستحاظة الكثيرة فانها شرط لصحة صوم يوم الماضى ذكر صاحب الكفاية الشروط المذكورة بعبارة اخرى.

فى قوله كما اذا اخذ الشى مسبوقا او ملحوقا له.

توضيحه ان لفظة له منازع فيها اى نازع مسبوقا وملحوقا فيها ولا شك ان المسبوق والملحوق كان من الامور النسبية اى اذا صدق المسبوق صدق السابق وكذا الملحوق فيكون المراد من الشىء فى عبارة المصنف العبادة وضمير له راجع الى ما فى قوله كما المراد من لفظ ما هو الشرط.

اى اخذت العبادة المسبوقة بالشرط السابق او اخذت ملحوقة بالشرط اللاحق

الحاصل ان الجزء والشرط اما يكونان داخلين فى قوام الشى اى ينتفى الشى بانتفائهما او بانتفاء احدهما واما ان يكونان لتحصيل الخصوصية.

بعبارة الاستاد بالفارسية در بعض موارد جزء ويا شرط از براى خوشگل شدن مى باشد اى يصير عدم هذا الجزء او الشرط سببا لنقصان الشىء بعبارة اخرى ينقص كمال الذى جاء من ناحية الجزء او الشرط ولا يرد النقص هنا على الماهية وقد اشار صاحب الكفاية الى هذا بقوله فيكون الاخلال بماله دخل باحد النحوين

٩٥

فى حقيقة المأمور به وماهيته موجبا لفساده لا محاله بخلاف ما له دخل فى تحققه وتشخيصه اعنى اذا كان القيد موجبا لمزية الشى فلا تنتفى الماهية بانتفاء هذا القيد قد عبر شيخنا الاستاد هذه العبارة باللفظة الرابعة ولا تكون لفظة الرابعة فى عبارة الكفاية اى قال الرابعة انه قد لا يكون الشىء جزءا ولا شرطا بل ثبت لنفسه حكم من الاحكام وجعل الشى الواجب او المستحب ظرفا للشيء الآخر مثلا الدعاء لاربعين مؤمنا جعل لنفسه حكم لكن جعلت الصلاة الوتر ظرفا لهذا الدعاء وكذا الاستنشاق مطلوب فى نفسه لكن جعل الوضوء ظرفا له وكذا المسجد فانه جعل ظرفا للصلاة ولا يكون جزءا او شرطا للصلاة ومثل هذا الشهر الرمضان فانه جعل ظرفا للصوم الحاصل انه لا يضر الاخلال بهذه المذكورات فى الماهية.

وقد صرح بهذا صاحب الكفاية.

بقوله : حيث لا يكون الاخلال به الا اخلالا بتلك الخصوصيات مع تحقق الماهية بخصوصية اخرى غير موجبة لتلك المزية بل كان موجبا لنقصانها كالصلاة فى الحمام الخ.

ولا يخفى عليك ان قسم الرابع خارج عن محل البحث لانه لا يكون جزءا ولا شرطا وكذا قسم الثالث اى ما يكون جزءا للجزء او شرطا للفرد والمراد متهما كالمستحبات الركوع والسجود فانهما لا تكونان داخلتين فى الماهية ولا يضر الاخلال بهما فى التسمية.

فبقى فى محل البحث قسمان منها احدهما الاجزاء التى كانت داخلة فى الماهية وثانيهما شرايط التى تكون داخلة فى الماهية لكن ليس دخلها فيها كدخل الاجزاء فيها لان المراد من الشرط ما كان التقيد داخلا فى الماهية دون القيد مثلا الطهارة شرط للصلاة فيكون التقييد اى النسبة الصلاة اليها داخلا فى الصلاة دون القيد اى الطهارة قد تقدم الفرق بين الجزء والشرط آنفا.

٩٦

البحث فى الامكان الوقوعى للاشتراك

الحادى عشر الحق وقوع الاشتراك للنقل والتبادر الخ.

اعلم انه لا خلاف فى الاشتراك المعنوى وانما الخلاف فى الاشتراك اللفظى والمراد منه ما كان مقابلا للترادف لانه ما وضعت الالفاظ المتعددة لمعنى واحد واما الاشتراك اللفظى فهو ما وضع اللفظ الواحد لمعان.

قال صاحب الكفاية الحق وقوع الاشتراك اللفظى وان احاله البعض اى قال البعض بعدم وقوع الاشتراك استدلوا على مطلوبهم بان الاشتراك منا فى لحكمة الوضع والمراد من الحكمة فيه التفهيم والتفهم.

والجواب عن هذا الاشكال ان الاشتراك لا يكون مخلا بالحكمة فى الوضع لان الاشتراك يحتاج الى نصب القرينة المعينة فتدل على المراد وايضا يمكن عدم المنافاة الاشتراك للحكمة وان لم تنصب القرينة لان الحكمة تقتضى فى بعض الموارد عدم التعيين.

الحاصل انه يبحث فى المقام من الامور الاربعة.

الاول يبحث من الامكان الذاتى للاشتراك.

الثانى من الامكان الوقوعى له.

الثالث هل وقع الاشتراك فى القرآن الكريم.

الرابع هل يجب وقوع الاشتراك.

فاعلم انه يبحث هنا عن المواد الثلاثة قد علم فى المنطق اذا كان الشىء واجبا او ممكنا فى الواقع يسمى هذا الواقع مادة القضية ويسمى اللفظ الذى يدل على هذا الواقع جهة القضية.

فنقول بعد هذه المقدمة لا نزاع فى ان الاشتراك فى الواقع ممكن ذاتا ووقوعا وانما النزاع فى وقوع الاشتراك فى القرآن قال بعض ان وقوع الاشتراك فى القرآن

٩٧

ممتنع للزوم التطويل بلا طائل اى ان وقع الاشتراك فى القرآن مع القرينة لزم التطويل بلا طائل وان وقع من دون القرينة لزم الاجمال كلاهما لا يجوز فى كلام الله تعالى.

قال صاحب الكفاية لا يرد اشكال الذى ذكر على طريق القضية المنفصلة حاصله ان وقع الاشتراك فى القرآن اما يلزم التطويل بلا طائل واما يلزم الاجمال.

توضيحه اى كلام صاحب الكفاية انه وقع الاشتراك فى القرآن ولا تلزم هذه القضية المنفصلة لاجل وقوع الاشتراك فى القرآن اى لا يلزم من وقوع الاشتراك فى القرآن التطويل بلا طائل او الاجمال.

الحاصل انه لا يلزم التطويل بلا طائل اذا كان لفظ المشترك فى القرآن مع القرينة لانه يمكن أن تكون القرينة حالية ويلزم التطويل بلا طائل اذا كانت القرينة مقالية.

وايضا لا يلزم تطويل المذكور وان كانت القرينة لفظية لانها قد تكون لغرض الآخر مثلا هنا ماء جار لان الماء يطلق على الجارى والكر اذا قلت هنا ماء جار فعلم انه ليس بماء الكر وكذا فى المقام اى لفظ العين مشترك بين الباكية والجارية اذا قلت هنا عين جارية فيخرج العين الباكية لان العين موضوعة للجارية والباكية وغيرهما ويفهم من لفظ جارية شىء زائد اى ماء جار.

وايضا الاشتراك والاجمال قد وقع فى كلامه تعالى قد اخبر فى كتابه الكريم بوقوعه قال الله تعالى فيه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات الظاهر ان الالفاظ المشتركة متشابهات وقد وقعت فى القرآن ويتعلق بها الغرض.

قال شيخنا الاستاد ان الغرض من وقوع الاشتراك والاجمال فى كلامه تعالى هو بقاء احتياج الناس الى باب المولى اى اذا كان اللفظ مجملا يحتاج ناس الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والى الأئمة عليهم‌السلام وبالعبارة الفارسيّة حكمت آوردن متشابهات در قرآن اين است كه مردم محتاج بدرب مولى باشند وديگر آنكه فضل علماء دانسته شود بسبب استنباط احكام.

الدليل الآخر لوقوع الاشتراك فى اللغات لان لا الفاظ متناهية والمعانى غير

٩٨

متناهية توضيح هذا الدليل ان الالفاظ تتركب من الثمانية وعشرين حرفا ولا خلاف فى ان المركب من المتناهي متناه.

بعبارة اخرى ان الالفاظ تتركب من حروف الهجاء وهى متناهية فالالفاظ متناهية ايضا اذا كان الامر كذلك فيحتاج الواضع الى الاشتراك فى الالفاظ ذكر صاحب الكفاية بقوله ربما توهم وجوب وقوع الاشتراك فى اللغات لاجل عدم التناهى المعانى فلا بد من تقسيم غير المتناهى فى المتناهى فقال هذا الاستدلال فاسد لانه يلزم على هذا الاستدلال كون الاوضاع غير المتناهية وجه هذا اللزوم انه اذا كانت الالفاظ المتناهية فتقسم وتوضع هذه الالفاظ للمعانى التى لا تنهى فيلزم ان يكون الاوضاع غير متناهية قد ذكر شيخنا الاستاد لا يصح الاستدلال بوقوع الاشتراك لاجل عدم التناهى المعانى لانه لا يمكن ان يضع الممكن الشىء غير المتناهى مثلا يعرب ابن قحطان ممكن فلا بد ان يكون فعله ممكنا ايضا.

توضيحه ان واضع اللغة يكون من الممكنات فلا يصح ان يكون فعله غير المتناهى بل لا بد ان يكون فعله متناهيا ايضا بعبارة اخرى ان الالفاظ موضوعة لاستفادة الموجودين ولا شك فى انهم متناهية واذا كانت المعانى غير المتناهية فيلزم ان يكون وضع الالفاظ لهذه المعانى غير مفيد لان الوضع يكون للافادة والاستفادة لكن اذا كان الوضع للممكنات المتناهية فلا يفيد الوضع بعد انتهاء هذه الممكنات.

بعبارة الاستاد الفاظ از براى من وشما وضع شده پس ما متناهى مى باشيم كسى نيست كه از آن معانى استفاده نمايند.

اما جواب الحقيقى فيقال ان الجزئيات تكون غير المتناهية لكن الكليات متناهية وايضا نقول ان الجزئيات غير المتناهية لا تحتاج الى الواضع لان باب المجاز واسع فتستعمل الالفاظ فى الجزئيات غير المتناهية مجازا.

قال صاحب الكفاية فافهم اى اشارة الى عدم الصحة الجواب توضيحه ان استعمال المجازي يحتاج الى وجود العلاقة بين المعنى الحقيقى والمجازي فيحتاج الاستعمال

٩٩

المجازي الى وجود الحقيقة.

قال شيخنا الاستاد الدليل على وقوع الاشتراك هو وقوعه قد علم سابقا ان المراد من مادة القضية هى حقيقتها وواقعيتها لان القضيّة فى الواقع اما واجبة واما ممتنعة واما ممكنة اذا وقع الشىء فيدل على الوجوب لان الشىء ما لم يجب لم يقع فكذا فيما نحن فيه ان الاشتراك واقع فى كلامه تعالى فيدل هذا الوقوع على الوجوب والضرورة لثبوت الاشتراك.

قوله : الثانى عشر قد اختلفوا فى جواز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد الخ.

يبحث فى هذا الامر بانه هل يمكن استعمال المشترك فى اكثر من معنى واحد فى آن واحد وكذا يبحث بانه هل يجوز استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى والمجازي فى آن واحد.

قد اختلفوا على هذا الاستعمال على اقوال اظهرها عدم جواز الاستعمال عقلا وان جاز هذا الاستعمال عرفا فليعلم اولا معنى الاستعمال ولا يخفى ان الاستعمال يطلق على المعنيين.

احدهما جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى بعبارة اخرى الاستعمال فناء اللفظ فى المعنى كفناء الوجه فى ذى الوجه والعنوان فى المعنون.

وثانيهما العلامة اى جعل اللفظ علامة للمعنى واذا كان الاستعمال بمعنى الثانى فلا يرد الاشكال فى جعل اللفظ علامة للشيئين لكن اذا جعلنا اللفظ وجها وعنوانا للمعنى فيرد الاشكال فى استعمال اللفظ فى المعنيين فى آن واحد.

توضيحه انه اذا جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى فيفنى اللفظ فى المعنى والمراد من الوجه وعنوان كون اللفظ لقبا للشخص كما اذا جعل لفظ اى عالم مثلا لقبا لزيد وقلنا جاءنى عالم فيفنى عالم فى زيد ولا يصح استعمال عالم اذا فى عمرو ايضا لانه اذا استعمل هذا اللفظ فى عمرو يلزم قلب الشىء الى ضده.

١٠٠