غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

على عمر في أول خلافته وقد القي له صاع من تمر على خصفة (١) فدعاني إلى الأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل ثم شرب من جرة (٢) كانت عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرر ذلك ثم قال : من اين جئت يا عبد الله؟ قلت : من المسجد قال : كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر ـ قلت : خلفته يلعب مع أترابه ، قال : لم أعن ذلك ، انما عنيت عظيمكم أهل البيت ، قلت : خلفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلاة وهو يقرأ القرآن ، قال : يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت : نعم ، قال : أيزعم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نص عليه؟ قلت : نعم ، وأزيدك ، سألت أبي عما يدعيه ، فقال : صدقت ؛ فقال عمر : لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمره ذرّ ، ومن قول لا يثبت حجة ، ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام ، لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش ابدا ، ولو وليها لا نقضت عليه العرب من أقطارها ، فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أني علمت ما في نفسه فأمسك وأبى الله إلا إمضاء ما حتم (٣). ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب «تاريخ بغداد» في كتابه مسندا (٤).

التاسع والعشرون : ابن أبي الحديد في الشرح قال أبو مخنف : جاءت عائشة إلى أمّ سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها : يا بنت أبي امية ، أنت أول مهاجرة من أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنت كبيرة امهات المؤمنين ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسم لنا من بيتك وكان جبرائيل أكثر ما يكون في منزلك ، فقالت أمّ سلمة : لأمر ما قلت هذه المقالة؟ فقالت عائشة : إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام ، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على ايدينا وبنا ، فقالت لها أمّ سلمة : إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك الا نعثلا ، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفاذكرك؟ قالت : نعم قالت : أتذكرين يوم أقبلعليه‌السلام ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال ،

__________________

(١) الخصفة : القفة تعمل من الخوص للتمر ونحوه.

(٢) الجرة : اناء من خزف له بطن كبير وعروتان وفم واسع.

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ٩٧.

(٤) أحمد بن طيفور أبو الفضل بن أبي طاهر المروزي ، محدث. شاعر. ولد ببغداد سنة ٢٠٤ ه‍ وتوفي بها عام ٢٨٠ ه‍ ، له تأليف كثيرة ومنها : «تاريخ بغداد في أخبار الخلفاء والامراء وأيامهم» توجد ترجمته في : الوافي بالوفيات : ٧ : ٨ ـ ١٠ ، تاريخ الخطيب البغدادي : ٤ / ٢١١ ، الفهرست لابن النديم ١ / ١٤٦ ، معجم الادباء : ٣ / ٨٧ ـ ٩٨ ، الاعلام : ١ / ١٣٨.

٢٤١

فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما ، فما لبثت أن رجعت باكية فقلت : ما شأنك ، فقلت : إني هجمت عليهما وهما يتناجيان فقلت لعلي ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام فما تدعني يا بن أبي طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ وهو غضبان محمر الوجه فقال : ارجعي وراءك ، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ، ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الإيمان فرجعت نادمة ساقطة؟ فقالت عائشة : نعم ، اذكر ذلك. قالت : واذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانت تفلين (١) رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه فرفع رأسه وقال : ليت شعري ايتكن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط ، فرفعت رأسي (٢) من الحيس فقلت : أعوذ بالله وبرسوله من ذلك ، ثم ضرب على ظهرك وقال : إياك أن تكونيها يا حميراء (٣) أما أنا فقد أنذرتك قالت عائشة : نعم اذكر ذلك. قالت : واذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر له وكان عليّ يتعاهد نعلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيخصفها ، ويتعاهد أثوابه فيغسلها فبقيت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا الى الحجاب ودخلا يحادثاه فيما أرادا ، ثم قالا : يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا ، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا! فقال لهما أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو اسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا ، ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت له : وكنت أجرأ عليه منا ، من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال خاصف النعل ، فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت : يا رسول الله ما ارى إلا عليا ، فقال هو ذاك. فقالت عائشة : نعم اذكر ذلك ، قالت فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت إنما أخرج للاصلاح بين الناس ، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت : أنت ورأيك ، فانصرفت عائشة عنها ، وكتبت أمّ سلمة بما قالت وقيل لها الى علي (٤).

قال ابن أبي الحديد عقيب هذا الخبر : فإن قلت : فهذا نص صريح في إمامة علي عليه‌السلام فما تصنع أنت وأصحابك المعتزلة به! فاجاب بجواب لا طائل تحته متكلف حمية لمذهب المعتزلة ، حمية الجاهلية. اعوذ بالله تعالى من الغواية بعد تبين الهدى.

وقد تقدم في الباب الثاني عشر من طريق العامة روايات في النص على الأئمة الاثني عشر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإمامة والخلافة والوصاية تؤخذ من هناك.

__________________

(١) في المصدر : تغسلين.

(٢) في المصدر : فرفعت يدي.

(٣) في المصدر : وقال : اياك أن تكونيها ، ثم قال : يا بنت أبي امية اياك أن تكونيها ، يا حميراء ، أما أنا فقد أنذرتك.

(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ٧٧ ـ ٧٨.

٢٤٢

الباب الخامس عشر

في نص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمير المؤمنين وبنيه الاحد عشر

بأنهم الخلفاء والأوصياء بعده صلوات الله عليهم

من طريق الخاصة مضافا الى ما سبق من الروايات في الباب الثالث عشر

وفيه أربعة وثلاثون حديثا :

الأول : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا علي بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (١) قال : حدّثنا أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله قال : حدثني سليمان بن مقبل المدني (٢) قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد قبا ومعه نفر من أصحابه فلما بصر بي تهلل وجهه وتبسم حتى نظرت إلى بياض أسنانه تبرق ، ثم قال إليّ يا علي (٣) فما زال يدنيني حتى ألصق فخذي بفخذه ، ثم أقبل على أصحابه فقال : «معاشر أصحابي أقبلت إليكم الرحمة باقبال علي بن أبي طالب أخي إليكم ، معاشر أصحابي إن عليا مني وأنا من علي ، روحه من روحي وطينته من طينتي ، وهو أخي ووصيي وخليفتي على امتي في حياتي وبعد موتي ، من اطاعه اطاعني ، ومن وافقه وافقني ، ومن خالفه خالفني» (٤).

الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن المؤدب قال : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد بن بشار ، عن عبيد الله الدهقان ، عن درست بن أبي منصور الواسطي ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء ، عن ثابت بن دينار ، عن سعد بن طريف الخفاف ، عن الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أنا خليفة رسول الله ووزيره ووارثه ، أنا أخو رسول الله ووصيه وحبيبه ، أنا صفي رسول الله وصاحبه ، أنا ابن عم رسول الله وزوج ابنته وأبو

__________________

(١) في المصدر : والمخطوطة : علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي.

(٢) في المصدر : المدائني.

(٣) في المصدر : الي يا علي الي يا علي :

(٤) أمالي الصدوق ص ٣١ ـ ٣٢ ط ـ النجف الاشرف.

٢٤٣

ولده ، أنا سيد الوصيين (١) ، أنا الحجة العظمى ، والآية الكبرى ، والمثل الأعلى ، وباب النبي المصطفى، أنا العروة الوثقى ، وكلمة التقوى ، وأمين الله تعالى ذكره على أهل الدنيا» (٢).

الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه‌الله ، قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن خالد البصري ، عن جعفر بن سليمان (٣) عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ عليا وصيي وخليفتي ، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي ، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن ناواهم فقد ناواني ، ومن جفاهم فقد جفاني ، ومن برّهم فقد برني، وصل الله من وصلهم ، وقطع من قطعهم ونصر من أعانهم (٤) ، وخذل من خذلهم ، اللهم من كان له من أنبيائك ثقل وأهل بيت فعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا» (٥).

الرابع : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدب (٦) قال :

حدّثنا أحمد بن علي الاصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدثني جعفر بن الحسن ، عن عبد الله بن موسى العبسي ، عن محمد بن علي السلمي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ابن عبد الله الأنصاري أنه قال : لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إن في علي خصالا لو كانت واحدة منها في جميع الناس اكتفوا بها فضلا ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مني كهارون من موسى ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مني وأنا منه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مني كنفسي ، طاعته طاعتي ، ومعصيته معصيتي ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حرب علي حرب الله وسلم عليّ سلم الله ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حب علي ايمان وبغضه كفر ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حزب عليّ حزب الله وحزب أعدائه حزب الشيطان ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ قسيم

__________________

(١) في المصدر : ووصي سيد النبيين.

(٢) أمالي الصدوق : ص ٣٤ ط ـ النجف الاشرف ، البحار : ٣٩ / ٣٣٥.

(٣) في المصدر : حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سليمان.

(٤) في المصدر : ونصر من نصرهم ، وأعان من أعانهم.

(٥) أمالي الصدوق ص ٤٢٣.

(٦) في المصدر : حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدب.

٢٤٤

الجنة والنار ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فارق عليا فقد فارقني ومن فارقني فقد فارق الله عزوجل ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة» (١).

الخامس : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدب ، عن علي بن أحمد بن علي الاصفهاني (٢) ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدّثنا محمد بن علي الكوفي ، عن سليمان بن عبد الله الهاشمي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري (٣) يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي بن أبي طالب : «يا علي أنت أخي ووصيي ووارثي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي (٤) ، محبك محبي ، وعدوك عدوي ، ومبغضك مبغضي ، ووليك وليي» (٥).

السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، قال : حدّثنا أبي ، عن محمد ابن عبد الجبار ، عن أبي أحمد الأزدي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ان الله تبارك وتعالى آخى بيني وبين علي بن أبي طالب وزوجه ابنتي من فوق سبع سماواته ، وأشهد على ذلك مقربي ملائكته ، وجعله لي وصيا وخليفة ، فعليّ مني وأنا منه ، محبه محبي ومبغضه مبغضي ، وان الملائكة لتتقرب إلى الله بمحبته» (٦).

السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي ، عن علي بن عثمان ، عن محمد بن الفرات عن أبي جعفر بن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ان علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي ، وحجة الله وحجتي ، وباب الله وبابي ، وصفي الله وصفيي ، وحبيب الله وحبيبي ، وخليل الله وخليلي ، وسيف الله وسيفي ، وهو أخي وصاحبي ووزيري ووصيي ، محبه محبي ، ومبغضه مبغضي ، ووليه وليي وعدوه عدوي ، وحربه حربي ، وسلمه سلمي ، وقوله قولي ، وأمره أمري ، وزوجته ابنتي ، وولده ولدي ، وهو سيد الوصيين وخير امتي اجمعين» (٧).

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٧٩ ، البحار : ٣٧ / ٩٥.

(٢) في المصدر : عن علي بن أحمد الاصبهاني.

(٣) في المصدر : عن المفضل ، عن جابر الجعفي ، قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري.

(٤) في المصدر : وبعد وفاتي.

(٥) أمالي الصدوق ص ١١٠.

(٦) أمالي الصدوق ص ١١٠.

(٧) أمالي الصدوق ص ١٧٩ ـ ١٨٠ ، بشارة المصطفى ص ٣٧ ، البحار : ٣٧ / ص ١٣٧.

٢٤٥

الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي ، حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، قال : حدّثنا محمد بن ظهير ، قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أخي يونس البغدادي ببغداد ، قال : حدّثنا محمد بن يعقوب النهشلي ، قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرائيل، عن ميكائيل ، عن اسرافيل ، عن الله جل جلاله أنه قال : «أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخلق بقدرتي ، واخترت منهم من شئت من انبيائي ، واخترت من جميعهم محمدا حبيبا وخليلا وصفيا ، وبعثته رسولا إلى خلقي ، واصطفيت له عليا فجعلته له أخا ووصيّا ووزيرا ومؤديا عنه من بعده إلى خلقي ، وخليفتي على عبادي ليبين لهم كتابي ، ويسير فيهم بحكمي ، وجعلته العلم الهادي من الضلالة ، وبابي الذي أوتى منه ، وبيتي الذي من دخله كان آمنا من ناري ، وحصني الذي من لجأ إليه حصنته ، من مكروه الدنيا والآخرة ، ووجهي الذي من توجه إليه لم اصرف وجهي عنه ، وحجتي في السماوات والارضين على جميع من فيهن من خلقي ، لا أقبل عمل عامل منهم إلا بالاقرار بولايته مع نبوّة أحمد (محمد) رسولي ، وهو يدي المبسوطة على عبادي ، وهو النعمة التي أنعمت بها على من أحببته من عبادي ، فمن أحببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته ومعرفته ، ومن أبغضته من عبادي أبغضته لانصرافه عن معرفته وولايته ، فبعزتي وجلالي أقسمت أنه لا يتولّى عليا عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة ، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلا أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير»(١).

التاسع : ابن بابويه : حدّثنا أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن الحسين بن يزيد ، عن اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله العلوي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من سره أن يجوز على الصراط كالريح العاصف ، ويلج الجنة بغير حساب فليتول وليي وصفيي (٢) وصاحبي وخليفتي على أهلي وامتي علي بن أبي طالب ، ومن سره أن يلج النار فليترك ولايته ، فوعزة ربي وجلاله إنه لباب الله الذي لا يؤتى إلّا منه ، وإنه الصراط المستقيم ، وإنه الذي يسأل الله عن ولايته

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ١٩٦ ـ ١٩٧ ، عيون أخبار الرضا : ٢ / ٤٨ ـ ٤٩ ، البحار : ٣٨ / ٩٨.

(٢) في المصدر : صفيي ووصيي.

٢٤٦

يوم القيامة» (١).

العاشر : ابن بابويه قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور ، قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سليمان ابن مهران ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي أنت أخي وأنا أخوك ، يا علي أنت مني وأنا منك ، يا علي أنت وصيي وخليفتي وحجة الله على امتي بعدي ، لقد سعد من تولاك وشقي من عاداك» (٢).

الحادي عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا عبد الله ابن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الاصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدّثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد ، عن حماد بن زيد ، عن عبد الرّحمن السراج ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب : «إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي على نجيب من نور وعلى رأسك تاج قد أضاء نوره وكاد يخطف أبصار أهل الموقف فيأتي النداء من عند الله جل جلاله أين خليفة محمد رسول الله فيقول : ها أنا ذا فينادي المنادي : يا علي أدخل من أحبك الجنة ومن عاداك النار فأنت قسيم الجنة ، وأنت قسيم النار» (٣).

أقول : نافع في هذا السند هو نافع مولى عمر بن الخطاب ، وهو على مذهب الخوارج ، وعبد الله ابن عمر ، هو ابن عمر بن الخطاب ، وهو من رءوس النواصب في زمان أمير المؤمنين عليه‌السلام فأنظر إلى ما ترويه الخوارج عن النواصب بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نص على أن أمير المؤمنين عليه‌السلام هو الخليفة بعده ، وقد تقدم هذا الحديث في الباب الرابع عشر بروايته عن عبد الله بن عمر من طريق العامة وهو الحديث الخامس عشر من الباب (٤).

الثاني عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن محمد بن موسى قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدّثنا عبد الرحيم بن علي بن سعيد الجبلي قال : حدّثنا الحسن بن نضر الخزاز قال : حدّثنا عمر بن طلحة ، عن اسباط بن نصر (٥)

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٢٥٥ ، البحار : ٣٨ / ٩٧ ـ ٩٨.

(٢) أمالي الصدوق ص ٣٢٢ ، البحار : ٣٨ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

(٣) أمالي الصدوق ص ٣٢٢.

(٤) راجع ص ٢٧٠ ـ ٢٨١ ـ من هذا الجزء.

(٥) في المصدر : نضر.

٢٤٧

عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير قال : أتيت عبد الله بن عباس فقلت له يا بن عم رسول الله إني جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب واختلاف الناس فيه فقال ابن عباس : يا بن جبير جئتني تسألني عن خير خلق الله من الأمة بعد محمد نبي الله ، جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة وهي ليلة القربة ، يا بن جبير جئتني تسألني عن وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره وخليفته وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته. والذي نفس ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا ، واشجارها أقلاما ، وأهلها كتابا ، فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب وفضائله من يوم خلق الله عزوجل الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك وتعالى (١).

الثالث عشر : ابن بابويه قال : أخبرنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدّثنا تميم بن بهلول قال : حدّثنا عبد الله ابن صالح بن أبي سلمة النصيبي قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير (٢) ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «أنا سيد الاولين والآخرين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين ، وهو أخي ووارثي وخليفتي على أمتي ، ولايته فريضة ، واتباعه فضيلة ، ومحبته إلى الله وسيلة ، فحزبه حزب الله ، وشيعته أنصار الله وأولياؤه أولياء الله ، وأعداؤه أعداء الله ، وهو إمام المسلمين ، وولي المؤمنين وأميرهم بعدي» (٣).

الرابع عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رحمه‌الله ـ عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان عن زرارة ، وإسماعيل ابن عباد النصري (٤) عن سليمان الجعفي ، عن أبي عبد الله (٥) قال : «لما اسري بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وانتهى إلى حيث ما أراد الله تبارك وتعالى ناجاه ربه جل جلاله ، فلما أن هبط إلى السماء السابعة (٦) ناداه : يا محمد؟ قال له لبيك ربي قال له : من اخترت من امتك يكون بعدك لك خليفة؟ قال : اختر لي ذلك فتكون أنت المختار لي ، فقال له : اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب» (٧).

الخامس عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن عيسى القمي ـ رضي الله عنه ـ قال : حدثني علي

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٤٩٩.

(٢) في المخطوطة عن بشر بن جبير ، عن عائشة.

(٣) أمالي الصدوق ص ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، البحار : ٣٨ / ١٠٧.

(٤) في المخطوطة : العصري ، وفي المصدر : القصري.

(٥) في المصدر : أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام

(٦) في المصدر : الرابعة.

(٧) أمالي الصدوق ص ٥٢٩ ـ ٥٣٠ ، البحار : ٣٨ / ١٠٧ ـ ١٠٨.

٢٤٨

ابن محمد ماجيلويه قال : حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد الأسدي ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي أنت أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي وأمتي ، في حياتي وبعد مماتي ، محبك محبي ومبغضك مبغضي ، يا علي : أنا وأنت أبوا هذه الأمة ، يا علي أنا وأنت والأئمة من ولدك سادات (١) في الدنيا وملوك في الآخرة ، من عرفنا فقد عرف الله ، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزوجل» (٢).

السادس عشر : الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثني أبي (٣) قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : اين خليفة الله في ارضه؟ فيقوم داود النبي عليه‌السلام فيأتي النداء من عند الله عزوجل : لسنا إياك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة، ثم ينادي مناد ثانيا : اين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فيأتي النداء من قبل الله عزوجل يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه ، وحجته على عباده ، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ، يستضيء بنوره ، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنات. قال : فيقوم الناس الذين تعلّقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة ، ثم يأتي النداء من عند اللهعزوجل ألا من ايتم (٤) بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب ، فحينئذ (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ)» (٥).

__________________

(١) في المصدر : سادة.

(٢) أمالي الصدوق ص ٥٨٧.

(٣) كذا ورد السند في المصدر : حدّثنا الشيخ السعيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد ابن الحسن الطوسي ـ رضي الله عنه ـ بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله قال : حدّثنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ـ رحمه‌الله ـ في شعبان سنة خمس وخمسين وأربعمائة قال : أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ـ رحمه‌الله تعالى ـ قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدثني أبي ...

(٤) في المصدر : من تعلق.

(٥) البقرة : ١٦٦. والحديث أخرجه الشيخ الطوسي في أماليه : ١ / ٦١ ، ٦٢ ط النجف الاشرف.

٢٤٩

السابع عشر : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد (١) ـ قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله بن موسى قال : حدّثنا محمد بن عبد الرّحمن العرزمي قال : حدّثنا المعلى بن هلال ، عن الكلبي ، عن عبد الله بن العباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «أعطاني الله خمسا وأعطى عليا خمسا : أعطاني جوامع الكلم ، وأعطى عليّا جوامع العلم ، وجعلني نبيّا وجعله وصيا ، وأعطاني الكوثر ، وأعطاه السلسبيل ، وأعطاني الوحي ، وأعطاه الإلهام ، وأسري بي إليه ، وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إليّ ونظرت إليه».

قال : ثم بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت له : ما يبكيك فداك أبي وأمي؟ فقال : «يا بن عباس إن أول ما كلّمني به ربي أن قال : يا محمد انظر تحتك فنظرت إلى الحجب قد انخرقت ، وإلى أبواب السماء قد انفتحت ، ونظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه إليّ فكلمني وكلمته ، وكلّمني ربي عزوجل ، فقلت : يا رسول الله بم كلمك ربك؟ قال : قال لي : يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فأعلمه ، فها هو يسمع كلامك ، فأعلمته وأنا بين يدي ربي عزوجل فقال لي : قد قبلت وأطعت.

فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ففعلت فرد عليهم‌السلام ، ورأيت الملائكة يتباشرون به ، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلّا هنّوني وقالوا : يا محمد والذي بعثك لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عزوجل لك ابن عمك ، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رءوسهم إلى الأرض ، فقلت : يا جبرائيل لم نكس حملة العرش رءوسهم؟ فقال : يا محمد ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش فإنهم ، استأذنوا الله عزوجل في هذه الساعة فاذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه ، فلما هبطت جعلت اخبره بذلك وهو يخبرني به فعلمت أني لم اطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه».

قال ابن عباس : فقلت : يا رسول الله أوصني. فقال : عليك بمودة علي بن أبي طالب والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب وهو تعالى أعلم ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه ، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شيء ثم أمر به إلى النار.

__________________

(١) في المصدر : حدّثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا الشيخ السعيد الوالد ـ رحمه‌الله ـ قال : أخبرنا محمد بن محمد قال.

٢٥٠

«يا بن عباس والذي بعثني بالحق نبيا إن النار لأشد غضبا على مبغض عليّ منها على من زعم أن لله ولدا.

يا بن عباس لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه (١) ولن يفعلوا ، لعذبهم الله بالنار. قلت : يا رسول الله وهل يبغضه أحد؟ قال : يا بن عباس نعم ، يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا. يا بن عباس إن من علامة بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق نبيا ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني ، ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي».

قال ابن عباس : فلم أزل له كما أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصاني بمودته ، وإنه لأكبر عملي عندي.

قال ابن عباس : ثم مضى من الزمان ما مضى وحضرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة حضرته ، فقلت له : فداك أبي وأمي يا رسول الله قد دنا أجلك فما تأمرني؟ فقال : «يا بن عباس خالف من خالف عليا ولا تكونن لهم ظهيرا ولا وليا» : قلت : يا رسول الله فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟ قال : فبكىعليه‌السلام حتى اغمي عليه ، ثم قال : «يا بن عباس قد سبق فيهم علم ربي ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله تعالى ما به من نعمة».

يا بن عباس إذا أردت أن تلقي الله وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن أبي طالب ، ومل معه حيث مال ، وارض به إماما ، وعاد من عاداه ووال من والاه».

«يا بن عباس احذر أن يدخلك شك فيه ، فانّ الشك في علي كفر بالله تعالى» (٢).

الثامن عشر : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد (يعني المفيد) قال : حدّثنا أبو نصر محمد بن الحسين المقري ، قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن علي المرزباني قال : حدّثنا جعفر بن محمد الحنفي قال : حدّثنا يحيى بن هاشم السمسار قال : حدّثنا عمرو بن شمر قال : حدّثنا حماد ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله بن خزام (٣) قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : يا رسول الله من وصيك؟ قال : «فأمسك عني عشرا لا يجيبني ، ثم قال : يا جابر ألا اخبرك عما سألتني؟ فقلت : بأبي أنت وأمي أم والله لقد سكت عني حتى ظننت إنك وجدت عليّ. فقال : ما وجدت عليك يا جابر ، ولكن كنت أنتظر ما يأتني من السماء ، فأتاني جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا محمد ربك يقول : إن علي بن أبي طالب وصيك وخليفتك على أهلك وأمتك والذائد عن حوضك وهو صاحب لوائك يقدمك

__________________

(١) في المصدر : بغض علي.

(٢) أمالي الطوسي : ١ / ١٠٢ ـ ١٠٤.

(٣) في المصدر : حزام. والصحيح جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي كما في المعاجم.

٢٥١

إلى الجنة. فقلت : يا رسول الله أرأيت من لا يؤمن بهذا الحديث أقتله؟ قال : نعم. يا جابر ما وضع هذا الوضع إلا ليبايع عليه ، فمن بايعه كان معي غدا ، ومن خالفه لم يرد عليّ الحوض أبدا» (١).

التاسع عشر : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد (يعني المفيد) قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (يعني ابن قولويه) قال : حدثني أبي قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد الله ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي إن الله تعالى أمرني أن أتخذك أخا ووصيا ، فأنت أخي ووصيي وخليفتي على أهلي في حياتي وبعد موتي ، من تبعك فقد تبعني ومن تخلف عنك فقد تخلّف عني ، ومن كفر بك فقد كفر بي ، ومن ظلمك فقد ظلمني. يا علي أنت مني وأنا منك ، يا علي لو لا أنت لما قوتل أهل النهر. قال : فقلت : يا رسول الله ومن أهل النهر؟ قال : قوم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» (٢).

العشرون : الشيخ في أماليه قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن الوليد (٣) قال : حدثني محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ابن عمر ، عن أبي عبد الله الصادق ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : بلغ أمّ سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن مولى لها (يتنقص) ينتقص عليا ويتناوله ، فأرسلت إليه فلما صار إليها قالت له : يا بني بلغني انّك (تتنقص) تتنقص عليّا وتتناوله؟ قال نعم يا اماه ، قالت له : اقعد ثكلتك امك حتى احدثك بحديث سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم اختر لنفسك ، إنا كنا عند رسول الله تسع نسوة وكانت ليلتي ويومي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .. فأتيت الباب فقلت : أدخل يا رسول الله؟ قال لا ، قالت : فكبوت كبوة ، وساق الحديث بطوله وفيه يا أمّ سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي (٤).

والحديث تقدم بطوله في الباب الثالث عشر من طريق ابن بابويه بالاسناد عن الصادق عليه‌السلام(٥).

الحادي والعشرون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا محمد ابن جعفر الرزاز القرشي قال : حدّثنا جدي لأمي محمد بن عيسى القيسي قال : حدّثنا إسحاق بن

__________________

(١) أمالي الطوسي : ١ / ١٩٣.

(٢) أمالي الطوسي : ١ / ٢٠٣.

(٣) في المصدر : محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد.

(٤) أمالي الصدوق ص ٣٤٠ ـ ٣٤١. أمالي الطوسي : ٢ / ٣٨ ـ ٤٠.

(٥) راجع ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩ من هذا الجزء.

٢٥٢

يزيد الطائي قال : حدّثنا هاشم بن البريد ، عن أبي سعيد التميمي قال : سمعت أبا ثابت مولى أبي ذر ـ رحمه‌الله ـ يقول : سمعت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ تقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلأت الحجرة من أصحابه : «أيها الناس يوشك أن اقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ، ألا إني مخلّف فيكم كتاب ربي عزوجل وعترتي أهل بيتي». ثم أخذ بيد علي عليه‌السلام فرفعها فقال : «هذا عليّ مع القرآن والقرآن مع علي ، خليفتان بصيران لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض ، فأسألهما ما ذا خلفت فيهما» (١).

الثاني والعشرون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا أبو سعيد البصري قال : حدّثنا محمد بن صدقة العنبري قال : حدّثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما صلاة الفجر ثم انفتل وأقبل علينا يحدثنا ، فقال : «أيها الناس من فقد الشمس فليتمسك بالقمر ، ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين». قال : فقمت أنا وأبو أيوب الأنصاري ومعنا أنس بن مالك فقلنا : يا رسول الله من الشمس؟ قال : «أنا». فإذا هو صلى‌الله‌عليه‌وآله قد ضرب لنا مثلا ، فقال : «أن الله تعالى خلقنا فجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلّما غاب نجم طلع نجم. فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر». قلنا : فمن القمر؟ قال : «أخي ووصيي ووزيري وقاضي ديني وأبو ولدي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب». قلنا : فمن الفرقدان؟ قال : «الحسن والحسين» ، ثم مكث مليا فقال : «وفاطمة هي الزهرة ، وأهل بيتي هم مع القرآن ، والقرآن معهم لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض» (٢).

الثالث والعشرون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا الفضل بن محمد البيهقي قال : حدّثنا هارون بن عمرو المجاشعي قال : حدّثنا محمد بن جعفر بن محمد قال : حدّثنا أبي أبو عبد الله. قال : المجاشعي : حدّثنا الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام قال : حدثني أبي موسى ابن جعفر ، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين قال : حدثني عمر ، وسلمة ابنا أبي سلمة ربيبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «انهما سمعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في حجته (٣) :

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٢ / ٩٢ ـ ٩٣.

(٢) أمالي الطوسي : ٢ / ١٣٠ ـ ١٣١.

(٣) في المصدر : في حجته حجة الوداع.

٢٥٣

علي يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين ، علي أخي ومولى المؤمنين من بعدي (١) ، وهو الخليفة في الأهل والمؤمنين بعدي» (٢).

الرابع والعشرون : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل قال : حدّثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي قال : حدّثنا أحمد بن عبيد الله الفداني (٣) قال : حدّثنا الربيع بن يسار قال :

حدّثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ في حديث الشورى واحتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام عليهم بفضائله وسوابقه ، وما قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من النص عليه بما يقتضي أنه الإمام والخليفة بعده ، وكلّهم يوافقونه فيما ذكره من ذلك إلى أن قال : «فهل فيكم أحد استخلفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهله وجعل أمر ازواجه إليه من بعده غيري» قالوا : لا (٤).

الخامس والعشرون : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدثني محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الاشجعي قال : حدّثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن أبي الرواس (٥) الخثعمي قال : حدثني عدي بن زيد الهجري ، عن أبي خالد الواسطي قال إبراهيم بن محمد : فلقيت أبا خالد عمرو بن خالد ، فحدثني عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : «كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه ، فكان رأسه في حجري والعباس يذب عن وجه رسول الله فاغمي اغماء (٦) ثم فتح عينيه فقال : يا عباس يا عم رسول الله اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. فقال العباس : يا رسول الله أنت أجود من الريح المرسلة وليس في مالي وفاء لدينك وعداتك. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ثلاثا يعيده عليه والعباس في كل ذلك يجيبه بما قال أوّل مرة ، قال فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأقولنها لمن يقبلها ولا يقول يا عباس مثل مقالتك. فقال : يا علي اقبل وصيتي ، واضمن ديني وعداتي. قال فخنقتني العبرة وارتج جسدي ، ونظرت إلى رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذهب ويجيء في حجري ، فقطرت دموعي على وجهه ولم أقدر أن اجيبه ثم ثنى فقال : يا علي اقبل وصيتي ، واضمن ديني وعداتي. قال : قلت نعم بأبي وأمي. قال : أجلسني فاجلسته ، فكان ظهره في صدري فقال: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ووصيي وخليفتي في أهلي.

__________________

(١) في المصدر : وهو مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أن الله ختم النبوة بي ، فلا بني بعدي ، وهو الخليفة ..

(٢) أمالي الطوسي : ٢ / ١٣٤.

(٣) في المصدر : العدلي.

(٤) أمالي الطوسي : ٢ / ١٥٩ ـ ١٦٦.

(٥) في المصدر : ابن الرواس.

(٦) في المصدر : فاغمى عليه اغماءة.

٢٥٤

ثم قال : يا بلال هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها ، ومنطقتي التي أشدها على درعي ، فجاء بلال بهذه الأشياء فوقف بالبغلة بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا علي قم فاقبض. قال : فقمت وقام العباس فجلس مكاني ، فقمت فقبضت ذلك فقال : انطلق به إلى منزلك ، فانطلقت به ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر إليّ ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إليّ فقال : هاك يا علي هذا لك في الدنيا والآخرة ، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين فقال : يا بني هاشم ، يا معشر المسلمين لا تخالفوا عليّا فتضلّوا ، ولا تحسدوه فتكفروا ، يا عباس قم من مكان علي فقال : تقيم الشيخ وتجلس الغلام ، فاعادها عليه ثلاث مرات ، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عباس يا عم رسول الله لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك فيدخلك سخطي عليك النار، فرجع فجلس» (١).

وروى هذا الحديث الشيخ مرة أخرى هكذا في مجالسه : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزّاز أبي العباس القرشي قال : حدّثنا أيوب بن نوح ابن دراج قال : حدّثنا محمد ابن سعيد بن زائدة ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن محمد بن علي ، وعن زيد بن علي كلاهما عن أبيهما علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب (٢) قال : «لمّا ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري والبيت مملو من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، والعباس بين يديه يذبّ عنه بطرف ردائه ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغمى عليه ساعة ويفيق أخرى (٣) ثم وجد خفّة ، فأقبل على العباس فقال : يا عباس يا عم النبي اقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي ، واقض ديني ، وأنجز عداتي وأبرئ ذمتي ، فقال العباس : يا نبي الله أنا شيخ ذو عيال كثير غير ذي مال ممدود ، وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة ، فلو صرفت ذلك عني إلى من اطوق له مني. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما إني ساعطيها من يأخذها بحقها ، ومن لا يقول مثل ما تقول ، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد ، يا علي اقبل وصيتي وأنجز مواعيدي ، وأدّ ديني ، يا علي اخلفني في أهلي ، وبلّغ عني من بعدي. قال علي عليه‌السلام : فلما نعي إليّ نفسه رجف فؤادي ، والقى عليّ لقوله البكاء ، فلم أقدر أن أجيبه بشيء ، ثم عاد لقوله فقال : يا علي او تقبل وصيتي؟ قال : فقلت وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن ابين : نعم يا رسول الله. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله يا بلال

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.

(٢) في المصدر : الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب.

(٣) في المصدر : ويفيق ساعة.

٢٥٥

ائتني بسوادي ، ائتني بذي الفقار ، ودرعي ذات الفضول ، ائتني بمغفري (١) ذي الجبين ورايتي العقاب ، ائتني بالعنزة والممشوق ، فأتى بلال بذلك إلا درعه كانت يومئذ مرتهنة. ثم قال : ائتني بالمرتجز والعضباء ، ائتني باليعفور والدلدل ، فأتى بهما فوقفهما في الباب ثم قال : ائتني بالأتحمية (٢) والسحاب فاتاه بهما ، فلم يزل يدعو بشيء شيء. فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب ، فطلبها فاتي بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار ، ثم قال : يا علي قم فاقبض هذا ومد اصبعه وقال : في حياة مني وشهادة من في البيت لكيلا ينازعك أحد من بعدي ، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي فقال : يا علي أجلسني ، فاجلسته وأسندته إلى صدري.

قال علي عليه‌السلام : فلقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وان رأسه ليثقل ضعفا وهو يقول ـ يسمع اقصى أهل البيت وأدناهم ـ : إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب ، يقضي ديني وينجز موعدي ، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا عليا ولا تخالفوا أمره فتضلوا ، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا ، أضجعني يا علي ، فاضجعته فقال : يا بلال ائتني بولدي الحسن والحسين ، فانطلق فجاء بهما فاسندهما إلى صدره فجعل صلى‌الله‌عليه‌وآله يشمهما. قال علي عليه‌السلام فظننت أنّهما قد غمّا ـ قال أبو الجارود يعني أكرباه ـ فذهبت لاخذهما عنه فقال : دعهما يا علي يشماني ويتزودا مني وأتزود منهما فسيلقيان من بعدي أمرا عضالا ، فلعن الله من يخيفهما ، اللهم إني استودعكهما وصالح المؤمنين» (٣).

السادس والعشرون : ابن بابويه قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور ، قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن خلفائي وأوصيائي ، وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر : أولهم أخي وآخرهم ولدي. قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : علي بن أبي طالب قيل : فمن ولدك؟ قال المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي ، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض

__________________

(١) المغفر والمغفرة : زرد يلبسه المحارب تحت القلنسوة.

(٢) في المصدر : بالانجية.

(٣) أمالي الطوسي : ٢ / ٢١٣ ـ ٢١٤.

٢٥٦

بنوره ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب» (١).

السابع والعشرون : محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة ، ومحمد بن همام بن سهل ، وعبد العزيز ، وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس ، عن رجالهم ، عن عبد الرزاق بن همام ، قال : حدّثنا معمر بن راشد ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين عليه‌السلام ننزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة والسمت ، معه كتاب في يده حتى أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام فسلم عليه فقال (٢) : إني من نسل حواري عيسى (٣) ، وكان أفضل حواريه الاثني عشر (٤) ، وأحبهم إليه ، وآثرهم عنده ، وإن عيسى أوصى إليه ، ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته ، فلم يزل أهل هذا البيت على دينه ، ومتمسكين عليه ، لم يكفروا ولم يرتدوا ، ولم يغيروا ، وتلك الكتب عندي ، إملاء عيسى (٥) وخط أبينا بيده ، فيها كل شيء يفعل الناس من بعده ، واسم ملك ملك منهم ، وإن الله تبارك وتعالى يبعث رجلا من العرب من ولد إسماعيل من إبراهيم خليل الله (٦) ، من أرض يقال لها تهامة ، من قرية يقال لها مكّة يقال له أحمد، له اثنا عشر اسما ، وذكر مبعثه ومولده ومهاجرته ، ومن يقاتله ، ومن ينصره ، ومن يعاديه ، وما يعيش ، وما تلقى امته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء ، وفي ذلك الكتاب ثلاث عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خلقه (٧) وأحبّ من خلق الله إلى الله ، والله ولي لمن والاهم ، وعدو لمن عاداهم ، من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضل ، طاعتهم لله طاعة ، ومعصيتهم لله معصية ، مكتوبة أنسابهم وأسماؤهم ونعوتهم ، وكم يعش كل واحد منهم (٨) واحدا بعد واحد ، وكم رجل منهم يستر دينه (٩) ويكتمه من قومه ، ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس ، حتى ينزل عيسى ابن مريم على آخرهم فيصلي عيسى خلفه ويقول : إنكم الأئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم ، فيتقدم ويصلي بالناس وعيسى خلفه في الصف الأول ، أوّلهم أفضلهم وخيرهم ، وله مثل اجورهم واجور من أطاعهم واقتدى بهم (١٠) ، واسمه

__________________

(١) كمال الدين : ١ / ٢٨٠.

(٢) في المصدر : ثم قال.

(٣) في المصدر : أحد حواري عيسى ابن مريم.

(٤) في المصدر : وكان افضل حواري عيسى من الاثني عشر.

(٥) في المصدر : املاء عيسى ابن مريم.

(٦) في المصدر : من ولد إبراهيم خليل الله.

(٧) في المصدر : من خير خلقه.

(٨) في المصدر : كل رجل منهم.

(٩) في المصدر : يستتر بدينه.

(١٠) في المصدر : اهتدى بهم ، رسول الله واسمه ...

٢٥٧

محمد ، وعبد الله ، والفتاح ، ويس ، الخاتم ، والحاشر ، والعاقب ، والماحي ، والقائد ، ونبي الله ، وصفي الله ، وحبيب الله ، وإنه يذكر إذا ذكر ، من أكرم خلق الله (١) وأحبّهم إلى الله لم يخلق الله ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا من آدم فمن سواه خيرا عند الله ولا إلى الله أحب منه ، يقعده يوم القيامة على عرشه ، ويشفعه في كل من يشفع فيه ، باسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ محمد رسول الله ، وبصاحب اللواء يوم الحشر الأكبر أخيه ووصيه ووزيره وخليفته في امته وأحب من خلق الله إليه بعده علي ابن عمه لأبيه وأم ، وولي كل مؤمن ومؤمنة من بعده ، ثم أحد عشر من ولده (٢) أوّلهم يسمى باسم ابني هارون شبرا وشبيرا ، وتسعة من صلب أصغرهما ، واحدا بعد واحد آخرهم الذي يصلي خلفه عيسى ابن مريم (٣) ، وفي الحديث طول.

قلت : هذا الحديث ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه ، وكتابه عندي في السنة الحادية والمائة والألف (٤).

الثامن والعشرون : ابن بابويه : قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال : حدّثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال : حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال : حدّثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال : حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر ابن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم مني عليه» قال علي عليه‌السلام ، فقلت : «يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل»؟ قالعليه‌السلام : «يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك فإن الملائكة لخدامنا وخدّام محبينا ، يا علي (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (٥) بولايتنا. يا علي لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ، ولا الجنة ولا النار ، ولا

__________________

(١) في المصدر : من أكرم خلق الله على الله.

(٢) في المصدر : ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده.

(٣) كتاب الغيبة للنعماني ص ٣٥ ـ ٣٦ ، البحار : ٣٦ / ٢١٠ ـ ٢١٢.

(٤) سليم بن قيس ص ١٥٢ ـ ١٥٦ ط ـ دار الكتب الاسلامية ـ قم.

(٥) غافر : ٧.

٢٥٨

الأرض ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عزوجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله لأن أوّل ما خلق الله عزوجل أرواحنا فانطقنا بتوحيده وتمجيده ، ثم خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة لتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا ، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله (١) فلما شاهدوا كبر محلّنا كبرنا (٢) لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال ، وإنه عظيم المحل ، فلمّا شاهدوا ما جعل الله لنا من القدرة والقوة (٣) قلنا : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لتعلم الملائكة ان لا حول ولا قوة إلا بالله (٤) ، فلما شاهدونا ما أنعم الله به علينا واوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده ، ثم إن الله تعالى خلق آدم عليه‌السلام واودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما وكان سجودهم لله عزوجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون.

وإنه لما عرج بي إلى السماء : أذن جبرائيل مثنى مثنى (٥) ثم قال : تقدّم يا محمد ، فقلت : يا جبرائيل أتقدم عليك؟ قال : نعم لأن الله تبارك وتعالى اسمه فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين وفضلك خاصة ، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر ، فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل عليه‌السلام : تقدم يا محمد (٦) إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت اجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله ، فزج (٧) بي زجة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزوجل من ملكوته ، فنوديت يا محمد أنت عبدي (٨) وأنا ربك فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل فانك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجتي في بريتي ، لمن تبعك خلقت

__________________

(١) في المصدر : وانا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلّا الله. فلما شاهدوا.

(٢) في المصدر : كبرنا الله.

(٣) في المصدر : من العزة والقوة.

(٤) في المصدر : فقالت الملائكة : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فلما شاهدوا.

(٥) في المصدر : وأقام مثنى مثنى.

(٦) في المصدر : وتخلف عني ، فقلت : يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يا محمد ان هذا.

(٧) في المصدر : زخ.

(٨) في المصدر : فنوديت يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت يا محمد أنت عبدي.

٢٥٩

جنتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتك أوجبت ثوابي ، فقلت : يا رب ومن أوصيائي؟ فنوديت : يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش ، فنظرت ـ وأنا بين يدي ربي ـ إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا ، في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من أوصيائي ، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي امتي ، فقلت : يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أحبائي وأوليائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك، وخير خلقي بعدك. وعزتي وجلالي لاظهرنّ بهم ديني ، ولأعلين بهم كلمتي ، ولأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأملكنه (١) مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرن له الرياح ، ولأذلّنّ له الرقاب الصاب ، ولأرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ، ولامدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لاديمن ملكه ولأداولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة» (٢).

التاسع والعشرون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن المطلب ، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش الجوهري ، جميعا قال : حدّثنا محمد بن لاحق اليماني ، عن ادريس بن زياد (٣) الكفرتوثي قال : حدّثنا اسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السيفي ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم (٤) ، عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قال : خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «معاشر الناس إني راحل عن قريب (٥) ، ومنطلق إلى مغيب ، أوصيكم في عترتي خيرا ، وإياكم والبدع فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة وأهلها في النار.

معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة» فقال سلمان : يا رسول الله فما الشمس والقمر (٦)؟ وما الفرقدان؟ وما النجوم الزاهرة؟ فقال : «أنا الشمس وعلي القمر (٧) فإذا افتقدتموني فتمسكوا به

__________________

(١) في المخطوط : ولأمكنه.

(٢) كمال الدين : ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٦.

(٣) في الانصاف : وكفاية الاثر : ادريس بن زياد السبيعي.

(٤) في الانصاف : القاسم بن سليمان ، وفي كفاية الاثر : القسم بن سليمان.

(٥) في كفاية الاثر : راحل عنكم عن قريب.

(٦) في كفاية الاثر : ومن افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدي ، اقول قولي واستغفر الله لي ولكم.

قال فلما نزل عن منبره عليه‌السلام تبعته حتى دخل بيت عائشة فدخلت عليه وقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمعتك تقول : إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر ، وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين ، وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة ، فما الشمس؟ وما القمر؟.

(٧) في كفاية الاثر : اما الشمس فأنا ، واما القمر فعلي.

٢٦٠