غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

بعدي ، واما الفرقدان الحسن والحسين ، فإذا افتقدتموا القمر فتمسكوا بهما ، واما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين عليهم‌السلام والتاسع مهديهم. ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنهم الأوصياء والخلفاء بعدي ، أئمة أبرار ، عدد اسباب يعقوب ، وحواري عيسى ، قلت : فسمهم لي يا رسول الله ، قال : أوّلهم وسيّدهم علي بن أبي طالب ، وبعده سبطاي ، وبعدهما علي بن الحسين زين العابدين ، وبعده محمد بن علي باقر علم النبيين ، والصادق جعفر بن محمد ، وابنه الكاظم سمي موسى بن عمران ، والذي يقتل بأرض الغربة ، علي ابنه ، ثم ابنه محمد ، والصادقان علي والحسن ، والحجة القائم المنتظر في غيبته ، فإنهم عترتي من لحمي ودمي ، علمهم علمي ، وحكمهم حكمي ، من آذاني فيهم لا أناله الله شفاعتي» (١).

الثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو علي أحمد بن سليمان ، قال : حدثني أبو علي بن همام ، قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن جمهور العمي ، عن أبيه محمد بن جمهور ، عن حماد بن عيسى ، عن محمد بن مسلم قال : دخلت على زيد بن علي عليه‌السلام فقلت : إن قومي يزعمون أنك صاحب هذا الأمر؟ قال : لا ولكني من العترة ، قلت : فمن يلي هذا الأمر بعدكم؟ قال : سبعة من الخلفاء والمهدي منهم. قال ابن مسلم ثم دخلت على الباقر محمد بن علي عليه‌السلام فأخبرته بذلك ، فقال : صدق أخي زيد(٢) ، سيلي هذا الأمر بعدي سبعة من الأوصياء ، والمهدي منهم ، ثم بكى عليه‌السلام وقال : «كأني به وقد صلب في الكناسة». يا بن مسلم ، حدثني أبي ، عن أبيه الحسين قال : وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده على كتفي ، وقال : «يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل مظلوما ، إذا كان يوم القيامة نشر (٣) وأصحابه إلى الجنة» (٤).

الحادي والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي ، قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري ، قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات ، قال : حدّثنا محمد بن زياد الأزدي ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) (٥) هذه الكلمات؟ التي (٦) تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه ، وهو أنّه قال : «يا رب

__________________

(١) الانصاف ص ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، عن النصوص لابن بابويه ، ورواه الخزاز في كفاية الاثر ص ٦.

(٢) في المصدر : صدق أخي زيد ، صدق أخي زيد.

(٣) في البحار : حشر.

(٤) كفاية الاثر للخزاز ص ٤١ ، البحار : ٣٦ / ٢٠٠.

(٥) البقرة : ١٢٤.

(٦) في المصدر : قال : هي الكلمات التي.

٢٦١

أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ» ، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم، فقلت : يا بن رسول الله فما يعني عزوجل بقوله : (فَأَتَمَّهُنَ)؟ قال : «يعني أتمهن إلى القائمعليه‌السلام اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليه‌السلام» قال المفضل : فقلت له : يا بن رسول الله فأخبرني عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) (١) قال : «يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين عليه‌السلام إلى يوم القيامة». قال : فقلت له : يا بن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين وهما جميعا ولدا رسول الله وسبطاه ، وسيّدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليه‌السلام : «إن موسى وهارون كانا نبيّين مرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى ، ولم يكن لأحد أن يقول : لم فعل الله ذلك؟ فإن الإمامة خلافة الله عزوجل ليس لأحد أن يقول : لم جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن ، لأن الله تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعله وهم يسألون»(٢).

الثاني والثلاثون : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاثمائة قال : حدّثنا محمد ابن حميد الرازي قال : حدّثنا سلمة ابن الفضل الابرش قال : حدثني أحمد بن إسحاق بن عبد الغفار (٣) بن القاسم قال أبو المفضل : وحدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي واللفظ له قال : حدّثنا محمد بن الصباح الجرجرائي قال : حدّثنا سلمة بن صالح الجعفي (٤) ، عن سليمان الأعمش ، وأبي مريم جميعا ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله ابن عباس (٥) عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي(٦) يا علي إن الله تعالى أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين. قال : فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمت على ذلك وجاءني جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا محمد إنك إن لم تفعل ما امرت به عذبك ربك ، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام ، وأجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسّا من لبن ، ثم اجمع بني عبد المطلب حتى اكلمهم وابلغهم

__________________

(١) الزخرف : ٢٧.

(٢) معاني الاخبار ص ١٢٦ ـ ١٢٧.

(٣) في المصدر : محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار.

(٤) في المصدر : سلمة بن سالم.

(٥) في المصدر : عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس.

(٦) في المصدر : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «وانذر عشيرتك الاقربين» دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي :

٢٦٢

ما امرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم (١) وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا منهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلمّا اجتمعوا له صلى‌الله‌عليه‌وآله دعاني بالطعام الذي صنعت لهم ، فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جدية (٢) من اللحم فشقّها بأسنانه ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة ثم قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتى صدروا ما لهم بشيء من الطعام حاجة ، وما أرى إلا مواضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده أن كان الرجل الواحد (٣) ليأكل ما قدمته لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا وأيم الله ان كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلمّا أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكلّمهم ابتدره (٤) أبو لهب بالكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم محمد فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي من الغد : يا علي إنّ هذا الرجل قد سبقني الى ما قد سمعت من القول فتفرّق القوم قبل أن اكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثمّ اجمعهم لي. قال : ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة ، ثم قال : اسقهم ، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا ثم تكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني ربي عزوجل أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي؟ قال : فأمسك القوم وأحجموا عنها جميعا. قال : فقمت وإني لأحدثهم سنا ، وأرمصهم عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأخمشهم ساقا. فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به. قال : فأخذ بيدي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا. قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع» (٥).

الثالث والثلاثون : ابن طاوس في الطرائف ، عن عيسى بن المستفاد قال : سألت موسى الكاظمعليه‌السلام قال : قلت ما تقول فإن الناس قد أكثروا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، ثم عمر؟ فأطرق عني طويلا ثم قال : «ليس كما ذكروا ـ ثم ساق الحديث ـ وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي صلى بالناس دون أبي بكر ـ إلى أن قال ـ : ثم حمل فوضع على منبره فلم يجلس بعد ذلك على

__________________

(١) في المصدر : دعوتهم أجمع.

(٢) في المصدر : جذمة. والجذمة بكسر الجيم : القطعة.

(٣) في المصدر : الواحد منهم.

(٤) في المصدر : بدره.

(٥) أمالي الطوسي : ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٦.

٢٦٣

المنبر واجتمع إليه جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار (١) حتى برزن العواتق من خدورهن فبين باك وصائح ومسترجع وواجم والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب ساعة ويسكت ساعة ، وكان مما ذكر في خطبته أن قال : يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وساعتي هذه فليبلغ (٢) شاهدكم غائبكم ألا قد خلّفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى ، والبيان ما فرّط فيه من شيء (٣) حجّة الله لي عليكم (٤) وخلّفت فيكم العلم الأكبر ، علم الدين ونور الهدى ، علي بن أبي طالب وهو حبل الله ف (اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) (٥).

أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله ، من أحبّه وتولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله ، وأدّى ما وجب عليه ، ومن عاداه اليوم (٦) وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم لا حجّة له عند الله (٧).

__________________

(١) هكذا ورد صدر الحديث في كتاب «خصائص أمير المؤمنين» :

قلت : جعلت فداك قد اكثر الناس قولهم في أن النبي أمر أبا بكر بالصلاة ، ثم أمر عمر؟! فاطرق عني طويلا ثم قال : ليس كما ذكر الناس ، ولكنك يا عيسى كثير البحث عن الامور لا ترضى إلا بكشفها ، فقلت : بأبي أنت وأمي من اسأل ـ عما انتفع به في ديني ، ويهتدي به نفسي مخافة أن اضل ـ غيرك؟ وهل أجد احدا يكشف لي المشكلات مثلك؟ فقال : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما ثقل في مرضه دعا عليا عليه‌السلام فوضع رأسه في حجره ، واغمى عليه وحضرت الصلاة ، فأوذن بها ، فخرجت عائشة فقالت : يا عمر اخرج فصل بالناس. فقال لها : أبوك أولى بها مني ، فقالت : صدقت ، ولكنه رجل لين وأكره أن يواثبه القوم ، فصل أنت. فقال لها : يصلي هو وأنا أكفيه ان وثب واثب ، أو تحرك متحرك! مع أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مغمى عليه ولا أراه يفيق منها ، والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه ـ يعني عليا عليه‌السلام ـ فبادروا بالصلاة قبل أن يفيق ، فإنه إن أفاق خفت أن يأمر عليا عليه‌السلام بالصلاة ، وقد سمعت مناجاته له منذ الليلة يقول لعلي عليه‌السلام : الصلاة الصلاة. قال : قال : فخرج أبو بكر يصلي بالناس فظنوا أنه بأمر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يكبر حتى أفاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ادعوا لي عمي العباس ، فدعا له ، فحمله وعلي عليه‌السلام حتى أخرجاه فصلى بالناس وإنه لقاعد ، ثم حمل فوضع على المنبر ، ولم يجلس عليه بعد ذلك ، فاجتمع لذلك جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدرها.

(٢) في خصائص أمير المؤمنين : وساعتي هذه من الانس والجن ، ليبلغ شاهدكم.

(٣) في خصائص أمير المؤمنين : لما فرض الله تعالى من شيء.

(٤) في خصائص أمير المؤمنين : وحجتي وحجة وليي.

(٥) آل عمران : ١٠٣. وفي الخصائص انهى الآية بقوله تعالى : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

(٦) في خصائص أمير المؤمنين : ومن عاداه وأبغضه اليوم.

(٧) في خصائص أمير المؤمنين : أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا ، ـ

٢٦٤

أيها الناس الله الله في أهل بيتي فإنهم اركان الدين ، ومصابيح الظلم ، ومعادن العلم ، علي أخي ووارثي ووزيري واميني ، والقائم بأمري والوافي بعهده» (١) (٢).

الرابع والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين (٣) ، قال : حدّثنا محمد بن الحسين الكوفي ، قال : حدّثنا محمد بن محمود ، قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله الهلالي (٤) قال : حدّثنا أبو حفص الأعشى ، عن عنبسة بن الأزهر ، عن يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن النعمان ، قال : كنت عند الحسين عليه‌السلام إذ دخل عليه من العرب (٥) متلثم اسمر شديد السمرة فسلم عليه فرد الحسين عليه‌السلام فقال : يا بن رسول الله مسألة ، فقال : هات ، فقال : كم بين الإيمان واليقين؟ قال : «أربع اصابع» ، قال : كيف؟ قال : «الإيمان ما سمعناه واليقين ما رأيناه ، وبين السمع والبصر أربع اصابع» ، قال : كم بين السماء والأرض؟ قال : «دعوة مستجابة» ، قال : فكم بين المشرق والمغرب؟ قال : «مسيرة يوم للشمس» ، قال : فما غنى المرء؟ قال : «استغناؤه عن الناس» ، قال : فما أقبح شيء؟ قال : «الفسق في الشيخ قبيح ، والحدّة في السلطان قبيحة ، والكذب في ذي الحسب قبيح ، والبخل في ذي الغنى قبيح ، والحرص في العالم» : قال : صدقت يا ابن رسول الله فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل» ، قال : سمهم لي ، فأطرق الحسين عليه‌السلام رأسه مليا ثم رفع رأسه فقال : «نعم اخبرك يا أخا العرب ، إن الإمام والخليفة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين (٦) علي

__________________

ـ مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم ، إياكم واتباع الضلالة والشورى للجهالة ، ألا وإن هذا الامر له أصحاب قد سماهم الله عزوجل لي وعرفنيهم وابلغكم ما ارسلت به إليكم ولكني أراكم قوما تجهلون ، لا ترجعوا بعدي كفارا مرتدين ، تأولون على غير معرفة ، أو تبتدعون السنة بالاهواء ، وكل سنة وحديث وكلام خالف القرآن فهو زور وباطل ، القرآن إمام هاد وله قائد يهدي به ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وهو علي بن أبي طالب ، وهو ولي الأمر من بعدي ، ووارث علمي وحكمي ، وسري وعلانيتي ، وما ورثه النبيون قبلي ، وأنا وارث ومورث فلا تكذبنكم انفسكم.

(١) في الخصائص : علي أخي ووزيري واميني ، والقائم من بعدي بأمر الله ، والموفي بذمتي ، ومحبي سنتي ، وهو أول الناس ايمانا بي وآخرهم عهدا عند الموت ، وأولهم لقاء لي يوم القيامة ، فليبلغ شاهدكم غائبكم ، أيها الناس من كانت له تبعة فها انا ذا ، ومن كانت له عدة أو دين فليأت علي بن أبي طالب ، فإنه ضامن له كله حتى لا يبقى لاحد قبلي تبعة.

الحديث رواه الشريف المرتضى في خصائص أمير المؤمنين ص ٤٣ ـ ٤٦. ط. النجف الاشرف.

(٢) الصراط المستقيم : ٣ / ١٣٥ ، خصائص الأئمة : ٧٥.

(٣) في كفاية الاثر : علي بن الحسن.

(٤) في كفاية الاثر : الذهلي.

(٥) في كفاية الاثر : رجل من العرب.

(٦) في البحار : أبي أمير المؤمنين.

٢٦٥

ابن أبي طالب والحسن وأنا وتسعة من ولدي ، منهم علي ابني ، وبعده محمد ابنه ، وبعده جعفر ابنه ، وبعده موسى ابنه ، وبعده علي ابنه ، وبعده محمد ابنه ، وبعده علي ابنه ، وبعده الحسن ، وبعده الخلف المهدي التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان».

قال : فقام الأعرابي وهو يقول :

مسح النبي جبينه

فله بريق في الخدود

أبواه من أعلا قريش

وجدّه خير الجدود (١)

والروايات والأخبار في ذلك بهذا المعنى كثيرة يطول بها الكتاب ، ومن أراد الوقوف على أكثر ممّا ذكرنا هنا فعليه بكتابنا كتاب (الانصاف في النصّ على الأئمة الاثني عشر الأشراف) كتاب عملته في ذلك.

__________________

(١) كفاية الاثر ص ٣١ ، الانصاف ص ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، البحار : ٣٦ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥.

٢٦٦

الباب السادس عشر

في النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خم

بالولاية المقتضية للامارة والإمامة في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كنت مولاه فعلي مولاه

من طريق العامة وفيه تسعة وثمانون حديثا

الأول : من مسند أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عفان قال : حدّثنا حماد بن سلمة قال : حدّثنا زيد ابن علي بن ثابت ، عن البر بن غالب (١) قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره فنزلنا في غدير خم ونودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد علي فقال : «ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى. فأخذ بيد علي فقال : اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه قال فلقيه عمر (٢) فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب: أصبحت (٣) مولى كل مؤمن ومؤمنة» (٤).

الثاني : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عفان ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، قال : حدّثنا أبو عبيدة ، عن ميمون أبي عبد الله (٥) قال : قال زيد بن أرقم وأنا أسمع : نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بواد يقال له : واد خم فأمر بالصلاة فصلاها (٦) قال : فخطبنا وظلّل لرسول الله بثوب على شجرة (٧) من الشمس فقال : «ألستم تعلمون؟ ـ أو لستم تشهدون ـ أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى! قال : من كنت مولاه فعلي مولاه (٨) اللهم عاد من عاداه ، ووال من والاه» (٩).

الثالث : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي ، حدّثنا حسين بن محمد وأبو نعيم (١٠) قال :

__________________

(١) الصحيح : علي بن زيد ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب.

(٢) في المصدر : فلقيه عمر بعد ذلك.

(٣) في المصدر : اصبحت وامسيت.

(٤) مسند أحمد بن حنبل : ٤ / ٢٨١ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٨ و ٢٩ ، والغدير : ١ / ١٨ ـ ١٩.

(٥) في البداية والنهاية : أبي عبيد عن ميمون بن أبي عبد الله.

(٦) في المصدر : فصلاها بهجير.

(٧) في المصدر : على شجرة سمرة.

(٨) في المصدر : فمن كنت مولاه فإن عليا مولاه.

(٩) مسند أحمد بن حنبل : ٤ / ٣٧٢ ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٩. وللحديث مصادر كثيرة في الغدير ج : ٢٩ ـ ٣٧.

(١٠) في المصدر : أبو نعيم المعنى.

٢٦٧

حدّثنا فطر ، عن أبي الطفيل قال : جمع علي ـ رضي الله عنه ـ الناس في الرحبة ثم قال (١) : «أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم ما سمع لمّا قام»؟ فقام ثلاثون من الناس. وقال أبو نعيم : فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس : «أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» (٢).

الرابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا حجاج بن الشاعر قال : حدّثنا سيابة (٣) قال : حدثني نعيم بن حكيم قال : حدثني أبو مريم ورجل من جلساء علي (٤) أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم غدير خم: «من كنت مولاه فعلي مولاه». قال : فزاد الناس بعد : «وال من والاه وعاد من عاداه» (٥).

الخامس : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل قال : سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي مريم ، أو زيد بن أرقم ـ شعبة الشاك ـ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «من كنت مولاه فعلي مولاه». قال سعيد بن جبير : وأنا قد سمعت مثل هذا عن ابن عباس ، قال : أظنّه قال وكتمته (٦).

السادس : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا يحيى بن آدم قال : حدّثنا حبيش بن الحرث (٧) بن لقيط النخعي (٨) عن رباح بن الحرث قال : جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : السلام عليك يا مولانا. قال : كيف أكون مولاكم وانتم قوم عرب؟ قالوا سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم : «من كنت مولاه فهذا علي (٩) مولاه» قال رباح : فلمّا مضوا اتبعتهم وسألت من هم؟ (١٠) قالوا نفر من الأنصار فيهم أبو

__________________

(١) في المصدر : ثم قال لهم.

(٢) مسند أحمد بن حنبل : ٤ / ٣٧٠ ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٧ ، وفي آخرهما : «وعاد من عاداه ، قال : فخرجت وكأن في نفسي شيئا فلقيت زيد بن ارقم فقلت له : إني سمعت عليا رضي الله عنه يقول : كذا وكذا. قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له ذلك».

(٣) في المصدر : شبابة.

(٤) في المصدر : من جلساء علي عن علي ـ رضي الله عنه ـ.

(٥) مسند أحمد بن حنبل : ١ / ١٥٢ ، البداية والنهاية : ٢ / ٣٤٩ ، مجمع الزوائد : ٩ : ١٠٧ ، تاريخ الخلفاء ص ١٤ ، تهذيب التهذيب : ٧ : ٣٣٧ ، الغدير : ١ / ٥٤ ـ ٥٦.

(٦) فضائل أمير المؤمنين للامام أحمد ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٩ ، الغدير : ١ / ٣٥.

(٧) في البداية والنهاية : حسين بن الحرث ، وفي الغدير : حنش بن الحارث.

(٨) في البداية والنهاية : الاشجعي.

(٩) في البداية والنهاية : فإن هذا علي.

(١٠) في البداية والنهاية : فسألت من هؤلاء.

٢٦٨

أيوب الأنصاري (١).

السابع : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الملك ، عن أبي عبد الرّحمن الكندي ، عن زاذان أبي عمر قال : سمعت عليا في الرحبة وهو ينشد الناس : من شهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ما قال (٢)؟ فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (٣).

الثامن : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا ابن نمير قال : حدّثنا عبد الملك بن عطية العوفي قال : أتيت (٤) زيد بن أرقم فقلت له : إنّ خالي (٥) حدثني عنك بحديث في شأن علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ يوم غدير خم فأنا أحب أن أسمعه منك فقال : إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم فقلت له : ليس عليك مني بأس قال : نعم كنّا بالجحفة فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلينا ظهرا وهو آخذ بيد علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ فقال : «أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى! قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه». قال : فقلت له : هل قال (رسول الله) : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال : إنما أخبرك كما سمعت (٦).

التاسع : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن وهب قال : نشد علي الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشهدوا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (٧).

العاشر : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا شعبة بن أبي إسحاق سمعت عمرو وزاد فيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، وأحب من أحبه ، وابغض من أبغضه» (٨).

__________________

(١) فضائل أمير المؤمنين للامام أحمد ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٨ ـ ٣٤٩. الرياض النضرة : ٢ / ١٦٩ ، مجمع الزوائد : ٩ : ١٠٤.

(٢) في المصدر : يوم غدير خم وهو يقول ما قال.

(٣) مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٨٤ ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٩ ، مجمع الزوائد : ٩ : ١٠٧ ، صفة الصفوة : ١ / ١٢١ ، مطالب السئول ص ٥٤ ، كنز العمال : ٦ / ٤٠٧.

(٤) في المصدر : حدّثنا عبد الملك يعني : ابن أبي سليمان ، عن عطية العوفي قال : سألت.

(٥) في المصدر : ختنا لي.

(٦) مسند أحمد بن حنبل : ٤ / ٣٦٨.

(٧) مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٣٦٦ ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٨.

(٨) فضائل أمير المؤمنين للامام أحمد بن حنبل واللفظ فيه هكذا :

«حدّثنا عبد الله قال : حدثني أبي ، حدّثنا محمد بن جعفر ، حدّثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت عمر ـ ادام ـ

٢٦٩

الحادي عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي ، حدّثنا عفان ، حدّثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع النبي في حجة الوداع حتى كنّا بغدير خم فنودي فينا الى الصلاة جامعة (١) وكسح لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين شجرتين فأخذ بيد علي فقال : «ألست أولى (٢) بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى! قال ألست أولى (٣) بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى (يا رسول الله) قال : هذا مولى من أنا مولاه (٤) اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. فلقيه عمر فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب (٥) أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة» (٦).

الثاني عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا علي بن الحسن قال : حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي ليلى الكندي أنه حدثه قال : سمعت زيد بن أرقم يقول : ـ ونحن ننتظر جنازة ـ فسأله رجل من القوم فقال : يا أبا عامر أسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم يقول لعلي : «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ قال : نعم! قال أبو ليلى : فقلت لزيد بن أرقم : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نعم. قالها أربع مرات (٧).

الثالث عشر : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا معمر ، عن طاوس ، عن أبيه قال : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا الى اليمن علينا وخرج بريدة الأسلمي فبعث علي في بعض السبي فشكاه بريدة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (٨).

__________________

ـ وزاد فيه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، وأحب من أحبه. قال شعبة : أو قال : أبغض من أبغضه.

(١) في المصدر : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة.

(٢) في المصدر : تحت شجرتين ، فصلى الظهر ، وأخذ بيد علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ فقال : ألستم تعلمون أني أولى ..

(٣) في المصدر : قال : ألستم تعلمون أني أولى.

(٤) في المصدر : قال : فأخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

(٥) في المصدر : قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا يا بن أبي طالب.

(٦) مسند أحمد بن حنبل : ٤ / ٢٨١ ، ورواه جمع من الحفاظ وأئمة الحديث. راجع الغدير : ١ / ١٨ ـ ١٩.

(٧) التقريب للكندي : ٤٣٥ ، وفضائل أمير المؤمنين للامام أحمد : ٢ / ٦٦٣ ط. المدينة و ١٤ ط. بيروت.

(٨) رواه الإمام أحمد بن حنبل في فضائل أمير المؤمنين ولفظه :

«حدّثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ؛ عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : لما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا الى اليمن خرج بريدة الاسلمي معه فعتب على علي في بعض الشيء فشكاه بريدة الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كنت مولاه فعلي مولاه (فإن عليا مولاه).

٢٧٠

الرابع عشر : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا وكيع قال : حدّثنا الأعمش عن سعيد بن عبيد ، عن ابن بريدة ، عن بريدة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (١).

الخامس عشر : أحمد بن حنبل قال : حدّثنا الفضل بن دكين قال : حدّثنا ابن أبي عيينة (٢) ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن بريدة قال : غدوت مع علي الى اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكرت عليّا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتغير فقال : «يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين (٣) من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله! قال : من كنت مولاه فعلي مولاه» (٤).

السادس عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الله بن الصقر سنة تسع وتسعين ومأتين قال : حدّثنا يعقوب بن حمدان (٥) بن كاسب قال : حدّثنا سفيان بن أبي نجيح ، عن أبيه وربيعة الجرشي إنه ذكر علي عند رجل وعنده سعد ابن أبي وقاص فقال له سعد : أتذكر عليا؟ إن له مناقب أربعة لأن يكون لي واحدة منهن أحبّ إلي من كذا وكذا وذكر حمر النعم ، قوله : لاعطين الراية ، وقوله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وقوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ونسي سفيان واحدة (٦).

السابع عشر : من صحيح مسلم من الجزء الرابع منه ، على حد ثمانية عشر قاعدة من اوّله. قال: حدّثنا زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعا ، عن ابن عليّة. قال زهير : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثني يزيد بن حيان (٧) قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة ، وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم. فلمّا جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت ، يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصلّيت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا. ، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا بن أخي ، والله لقد كبرت سنّي ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما حدثتكم فاقبلوا ، وما لا فلا تكلّفونيه. ثم قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فينا

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٤٨ ، وفضائل أمير المؤمنين للامام أحمد. ولفظ الحديث فيه : «من كنت وليه فعلي وليه».

(٢) في المصدر : ابن أبي غنية.

(٣) في المصدر : ألست أولى بالمسلمين.

(٤) فضائل أمير المؤمنين ، لاحمد بن حنبل : ١٤ ط. بيروت.

(٥) في المصدر : حميد.

(٦) مستدرك الحاكم : ٣ / ١١٦.

(٧) في المصدر : حدثني أبو حيان ، حدثني يزيد بن حيان.

٢٧١

خطيبا بماء يدعى خمّا ، بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : «أمّا بعد : أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني (١) رسول ربي فاجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : اوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، اذكركم الله في أهل بيتي. اذكركم الله في أهل بيتي ، اذكركم الله في أهل بيتي» ، فقال له حصين : ومن أهل بيته؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده (٢).

الثامن عشر : من صحيح مسلم ـ أيضا ـ قال : حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا محمد بن فضيل.

ح ـ وحدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدّثنا جرير ، كلاهما عن أبي حيان ، بهذا الاسناد ، نحو حديث إسماعيل. وزاد في حديث جرير : كتاب الله فيه الهدى والنور. من استمسك به وأخذ به ، كان على الهدى ، ومن أخطأه ضلّ (٣).

التاسع عشر : من صحيح مسلم ـ أيضا ـ قال : وحدّثنا محمد بن بكار بن الريان ، حدّثنا حسان ـ يعني إبراهيم ـ عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم ، قال : دخلنا عليه فقلنا له : لقد صاحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصليت خلفه ، وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان. غير أنه قال : ألا وإني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله عزوجل هو حبل الله. من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على ضلالة. وفيه فقلنا : من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا. وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر. ثم يطلّقها فترجع إلى أهلها (٤) وقومها. أهل بيته أصله ، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (٥).

العشرون : من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (٦) قال : قال أبو جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام معناه : «بلّغ ما انزل إليك في فضل علي بن أبي طالب عليه‌السلام».

وفي نسخة أخرى ، إنه قال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) في علي. وقال : هكذا انزلت ،

__________________

(١) في المصدر : يأتي.

(٢) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧٣. ط / بيروت / ١٩٧٢.

(٣) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧٤.

(٤) في المصدر : أبيها.

(٥) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧٤.

(٦) المائدة : ٦٧.

٢٧٢

رواه جعفر بن محمد. فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي وقال : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (١).

الحادي والعشرون : الثعلبي أيضا قال : أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد ، حدّثنا مسلم الكجّيّ (٢) ، حدّثنا ابن منهال ، حدّثنا حماد ، عن علي بن يزيد ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء قال : لما أقبلنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع كنّا بغدير خم فنادى أنّ الصلاة جامعة ، وكسح للنبي تحت شجرة فأخذ بيد علي فقال : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، قال : هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه». قال : فلقيه عمر فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة (٣).

الثاني والعشرون : من تفسير الثعلبي قال : أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد القاضي (٤) ، حدّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ، حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسين ، عن حسان ، عن الكلبي (٥) ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية. نزلت (٦) في علي بن أبي طالب ، امر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يبلغ فيه فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليعليه‌السلام فقال : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» (٧).

الثالث والعشرون : الثعلبي ـ أيضا ، في تفسير قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (٨) قال : وسئل سفيان بن عيينة عن قول الله عزوجل : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فيمن نزلت؟ قال : سألتني (٩) ، عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك. حدثني جعفر بن محمد (١٠) ، عن آبائه صلوات الله عليهم قال : «لمّا كان رسول الله بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي صلوات الله عليه

__________________

(١) الغدير : ١ / ٢١٧. عن الكشف والبيان للثعلبي.

(٢) الصحيح : أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّيّ.

(٣) الغدير : ١ / ٢٧٤ ، عن الكشف والبيان.

(٤) في الغدير : القايني.

(٥) في الغدير : محمد بن الحسن السبيعي ، حدّثنا علي بن محمد الدهان والحسين بن إبراهيم الجصاص ، حدّثنا حسين بن حكم ، حدّثنا حسن بن حسين ، عن حبان عن الكلبي.

(٦) في الغدير : قال : نزلت.

(٧) الغدير : ١ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، عن الكشف والبيان.

(٨) المعارج : ١.

(٩) في الغدير : فقال : سألتني.

(١٠) في الغدير : أبي ، عن جعفر بن محمد.

٢٧٣

فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه. فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته وعقلها ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال : يا محمد (١) أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك (٢) ، وأمرتنا ان نصوم شهرا فقبلنا ، وأمرتنا أن نحج البيت فقبلنا ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه. فهذا شيء منك أم من الله؟ فقال : والذي لا إله إلا هو إنه من أمر الله. فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقّا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله وأنزل الله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ)(٣).

الرابع والعشرون : من الجمع بين الصحيحين للحميدي الحديث الخامس ، من افراد مسلم ، من مسند ابن أبي أوفى ، عن يزيد بن حيان قال : انطلقنا أنا وحصين ابن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد ابن أرقم فلما جلسنا إليه قال حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا. ، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا بن أخي والله لقد كبرت سني. وقدم عهدي. ونسيت بعض الذي أعي (٤) من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. فما حدثتكم فاقبلوه ، والا فلا تكلّفونيه (٥) ثم قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكة والمدينة. فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ، ثم قال : «أما بعد : ألا أيها الناس فانما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فاجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : كتاب الله فيه الهدى

__________________

(١) في الغدير : فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقة له حتى أتى الابطح فنزل عن ناقته فأناخها فقال : يا محمد.

(٢) في الغدير : وأمرتنا بالزكاة فقبلنا.

(٣) الكشف والبيان للثعلبي في تفسير سورة سأل سائل. وأخرج جمع من علماء أهل السنة في كتبهم المعتبرة منهم:

الحاكم الحسكاني الحنفي في كتابه (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل.

وأخرجه العلامة الزرندي الحنفي في كتابه : نظم درر السمطين ص ٩٣. ط النجف الاشرف.

وأخرجه العلامة ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص ٢٤ ط. النجف الاشرف.

ورواه الشبلنجي الشافعي في كتابه : نور الابصار ص ١١٦.

قد أفرد العلامة الاميني بحثا صافيا في الغدير : ١ / ٢٣٩ ـ ٢٦٦ ، جمع فيه نصوص من رواه من علماء أهل السنة في كتب التفسير والحديث فراجع.

(٤) في صحيح مسلم : كنت اعي.

(٥) في صحيح مسلم : وما لا ، فلا تكلفونيه.

٢٧٤

والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال : وأهل بيتي ، اذكركم الله في أهل بيتي». فقال له حصين : ومن أهل بيته؟ يا زيد! أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.

قال الحميدي : زاد في حديث جرير «كتاب الله فيه الهدى والنور ، من استمسك به ، وأخذ به، كان على الهدى ، ومن أخطأه ضلّ».

وفي حديث سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان نحوه ، غير أنّه قال : «ألا وإني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله ، وهو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على ضلالة. وفيه :

فقلنا من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا. وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله ، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده» (١).

الخامس والعشرون : من الجمع بين الصحاح الستة ـ من الجزء الثالث : من جمع أبي الحسن رزين العبدري إمام الحرمين في باب مناقب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ، وذلك على حد ثلث الكتاب ، من صحيح أبي داود السجستاني. وهو كتاب السنن ، ومن صحيح الترمذي ، قال ابن سريحة وزيد بن أرقم : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (٢).

السادس والعشرون : ومن الكتاب المذكور ، من الباب المذكور ، من صحيح أبي داود ـ وهو كتاب السنن ـ وصحيح الترمذي ، عن حصين بن سبرة أنه قال لزيد ابن ارقم : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سني ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما حدثتكم فاقبلوه ، وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة عند الجحفة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال : «أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي عزوجل فاجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : اوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، اذكركم الله في أهل بيتي ، اذكركم الله في أهل بيتي. فإنهما لن يفترقا حتى يلقوني على الحوض». فقال له حصين : ومن أهل بيته؟ أليس

__________________

(١) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧٣ ، ط. بيروت. ومر الحديث بسنده ولفظه في ص ٣٣٠ من هذا الجزء.

(٢) احقاق الحق : ٦ / ٢٢٩ ، عن الجمع بين الصحاح. ورواه الترمذي في جامعه ، ط. الهند ١٣١٠.

٢٧٥

نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته! ولكن قد تكون المرأة ثم تطلق فترجع إلى أهلها ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.

وفي رواية جرير عنه قال : كتاب الله فيه الهدى والنور ، من استمسك به كان على الهدى ومن أخطأه ضل (١).

السابع والعشرون : من مناقب الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الواسطي الشافعي قال : أخبرنا أبو يعلى علي بن عبيد الله بن العلاف البزاز إذنا قال : أخبرنا عبد السلام بن عبد الملك بن حبيب البزاز قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال : حدثني محمد بن أبي بكر بن عبد الرزاق ، حدثني أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلبي قال : حدثني مسلم بن إبراهيم ، حدثني نوح بن قيس الحدادي (٢) حدثني الوليد بن صالح ، عن ابن امرأة زيد بن ارقم قال : أقبل نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهن من شوك ثم نادى : الصلاة جامعة! فخرجنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم شديد الحر وإن منّا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الحر حتى انتهينا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال : «الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضل ، ولا مضل لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عمر من قبله ، وإن عيسى ابن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإني قد شرعت في العشرين ، ألا وإني يوشك أن أفارقكم ، وإني مسئول وأنتم مسئولون فهل بلغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد أنك عبد الله ورسوله ، قد بلغت رسالته ، وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره ، وعبدته حتى اتاك اليقين ، جزاك الله عنا خير ما جازى (٣) نبيا عن امته.

فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له؟ وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار (٤) حق ، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا بلى ، قال : أشهد (٥) أن قد صدقتم وصدقتموني ،

__________________

(١) صحيح مسلم : ٤ : ١٨٧٣ / ٣٦ ، ومطالب السئول : ١ / ٢٣.

(٢) في المصدر : الحداني. وهم طائفة ازديون من ولد حدان بن شمس.

(٣) في المصدر : خير ما جزى.

(٤) في المصدر : وأن النار.

(٥) في المصدر : فأني أشهد ان قد صدقتكم.

٢٧٦

ألا وإني فرطكم ، وإنكم تبعي ، توشكون أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقوني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما؟ قال ، فاعتل (١) علينا ما نقول الآن (٢) حتى قام رجل من المهاجرين فقال : بأبي أنت وأمي يا نبي الله ما الثقلان؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأكبر منهما كتاب الله سبب (٣) بيد الله وطرفه بايديكم ، فتمسكوا به ولا تضلّوا ، والأصغر منهما عترتي. من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي! فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ، ولا تقصروا عنهم فأني قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل ، ووليهما ولي ، وعدوهما لي عدو. ألا وإنها لم تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبوتها ، وتقتل من قام بالقسط منها ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام فرفعها وقال : من كنت وليه (٤) فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه قالها ثلاثا».

هذا آخر الخطبة (٥).

الثامن والعشرون : أبو الحسن بن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال : أخبرنا أبو الخير أحمد بن الحسين (٦) بن السماك قال : حدثني أبو محمد جعفر بن نصير الخلدي ، حدثني علي بن سعيد بن قتيبة الرملي قال : حدثني حمزة بن ربيعة (٧) القرشي ، عن مطرق الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة قال : من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة ، كتب له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير خم لمّا أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي بن أبي طالب فقال : «ألست أولى بالمؤمنين (٨) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه» ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب (٩) أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، فانزل الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١٠).

التاسع والعشرون : أبو الحسن بن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو الحسين علي بن عمر بن

__________________

(١) في المصدر : فاعيل علينا. يقال : علت الضالة اعيل : إذا لم تدر أي وجه تبغيها.

(٢) في المصدر : ما ندري ما الثقلان.

(٣) في المصدر : سبب طرف (طرفه) بيد الله.

(٤) في المصدر : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليه ..

(٥) المناقب لابن المغازلي ص ١٧ ـ ١٨.

(٦) في المصدر : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن الحسين.

(٧) في المصدر : حدّثنا ضمرة بن ربيعة.

(٨) في المصدر : بالمؤمنين من أنفسهم.

(٩) في المصدر : يا علي بن أبي طالب.

(١٠) المناقب لابن المغازلي ص ١٨ ـ ١٩. فرائد السمطين ـ السمط الأول ، الباب ١٣ عن أبي هريرة ، تاريخ بغداد ج ٨ : ٢٩٠ بسندين ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٦ و ٣٤٩ بألفاظ مختلفة.

٢٧٧

عبد الله بن شوذب قال : حدثني أبي قال : حدّثنا محمد بن الحين الزعفراني قال : حدثني أحمد بن يحيى بن عبد الحميد ، حدثني اسرائيل الملائي ، عن الحكم ، عن أبي سليمان المؤذن ، عن زيد بن أرقم قال : نشد علي الناس في المسجد قال : «أنشد الله رجلا سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» ، فكنت أنا فيمن كتم فذهب بصري (١).

الثلاثون : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال : حدّثنا الحسين بن محمد العلوي العدل قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن مبشر قال : حدّثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال: حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة وبكر بن سوادة ، عن قبيصة بن ذويب وأبي سلمة بن عبد الرّحمن ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بخم فتنحى الناس عنه ، وأمر عليا (٢) فجمعهم ، فلما اجتمعوا قام فيهم ، وهو متوسد علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

«أيّها الناس إنّه قد كرهت تخلّفكم عليّ حتى خيل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم تليني (٣) ، ثم قال : لكن علي بن أبي طالب أنزله الله مني بمنزلتي منه ، فرضي الله عنه كما أنا راض عنه ، فإنه لا يختار على قربي ومحبتي شيئا ، ثم رفع يديه وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه».

قال : فابتدر الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يبكون ويتضرعون ويقولون : يا رسول الله ما تنحينا عنك إلا كراهية ان نثقل عليك ، فنعوذ بالله سبحانه من سخط رسوله (٤) فرضي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم عند ذلك (٥).

الحادي والثلاثون : ابن المغازلي قال : حدثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الاصفهاني ـ قدم علينا واسطا ـ املاء من كتابه ، لعشر بقين من شهر رمضان سنة اربع وثلاثين وأربعمائة قال : حدثني محمد بن علي بن عمر بن المهدي قال : حدثني سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال : حدثني أحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي الاصفهاني قال : حدثني إسماعيل بن

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي ص ٢٣ ، البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٦.

(٢) في المصدر : فتنحى الناس عنه ، ونزل معه علي بن أبي طالب ، فشق على النبي تأخر الناس فأمر عليا.

(٣) في المصدر : أبغض إليكم من شجرة تليني.

(٤) في المصدر : فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسخط رسول الله.

(٥) المناقب لابن المغازلي ص ٢٥ ـ ٢٦ البداية والنهاية : ٧ : ٣٤٦ ، عن جابر وغيره.

٢٧٨

عمر البجلي قال : حدثني مسعر بن كدام ، عن طلحة بن مصرف ، عن عميرة بن سعد قال : شهدت عليا عليه‌السلام على المنبر ناشدا أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم يقول ما قال فليشهد فقام اثني عشر رجلا منهم أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول : «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه».

قال أبو الحسن بن المغازلي : ـ الراوي لذلك ـ قال أبو القاسم الفضل بن محمد : هذا حديث صحيح عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نحو من مائة نفس منهم العشرة ، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة. تفرد علي عليه‌السلام بهذه الفضيلة لم يشركه فيها أحد (١).

الثاني والثلاثون : ابن المغازلي من طريق أحمد بن حنبل يرفع الحديث إليه كراهية التطويل بذكر أول راو ، ومن يرفع الخبر إليه أحمد ، عن أبي طالب محمد بن عثمان يرفعه إلى أبي الضحى إلى زيد بن أرقم الحديث (٢).

الثالث والثلاثون : ابن المغازلي ، عن أحمد ، عن أبي طاهر محمد بن علي البيع ، عن أحمد بن الصلت الاهوازي يرفعه إلى عطية ، عن أبي سعيد الخدري الحديث (٣).

الرابع والثلاثون : ابن المغازلي الشافعي ، عن أحمد ، عن أبي طالب محمد بن أحمد بن عثمان عن محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي يرفعه إلى حبة العرني ، وعبد خير ، وعمر ، وذي مرة قالوا : سمعنا علي بن أبي طالب ينشد الناس في الرحبة بذكر يوم الغدير ، فقام اثنا عشر رجلا من أهل بدر منهم زيد بن أرقم فقالوا : نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي ص ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) المناقب لابن المغازلي ص ١٩ ـ ٢٠. واللفظ فيه :

أخبرنا أبو طالب محمد بن عثمان قال : حدّثنا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن البواب قال : حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، حدّثنا وهبان قال : أخبرنا خالد بن عبد الله ، عن الحسن بن عبد الله ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كنت وليه فعلي وليه ـ أو مولاه.

(٣) المناقب لابن المغازلي ص ٢٠ ولفظ الحديث فيه :

أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي البيع قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي قال : حدّثنا محمد بن جعفر المطيري قال : حدّثنا علي بن الحسين الهاشمي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.

٢٧٩

خم : «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» (١).

الخامس والثلاثون : ابن المغازلي ، عن أحمد بن عبد الوهاب ، عن الحسين بن محمد العدل العلوي الواسطي يرفعه إلى بريدة ، يذكر خروجه مع علي عليه‌السلام إلى اليمن وشكايته عليا ، وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك : «من كنت مولاه ، ومن كنت وليه فعلي وليه» وقد تقدم سياق الخبر (٢).

السادس والثلاثون : ابن المغازلي ، عن أحمد بن حنبل ، عن أبي الفضل محمد بن الحسين بن عبد الله البرخي الاصفهاني يرفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه ، علي عليه‌السلام قال : «قال رسول الله (٣) : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» (٤).

السابع والثلاثون : ابن المغازلي ، عن أحمد بن محمد البزاز قال : حدثني الحسين ابن محمد

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي ص ٢٠ ، واللفظ فيه :

أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد ، قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن المظفر بن موسى ابن عيسى الحافظ البغدادي قال : حدّثنا محمد بن علي بن إسماعيل قال : حدّثنا الحسين بن علي قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا سلمة بن الفضل الابرش قاضي الري ، عن الجراح الكندي عن أبي إسحاق الهمداني ، عن عبد خير ، وعمرو ذي مرة وحبة العرني قالوا : سمعنا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ينشد الناس في الرحبة : من سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقام اثني عشر رجلا من أهل بدر منهم زيد بن أرقم قالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.

(٢) هكذا ورد لفظ الحديث في المناقب لابن المغازلي ص ٢١ /

أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد العدل العلوي الواسطي قال : حدّثنا أبو عيسى جبير بن محمد الواسطي قال : حدّثنا حسين بن محمد قال : حدّثنا أبو معاوية قال : حدّثنا الاعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سرية واستعمل عليا عليه‌السلام ، فلما رجعنا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف وجدتم صحبة صاحبكم؟ قال : فشكوته ـ أو شكاه غيري ـ وكنت رجلا مكبابا فرفعت رأسي فإذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد احمر وجهه وهو يقول : من كنت وليه فعلي وليه.

(٣) كذا لفظ السند في المصدر : أخبرنا أبو الفضل محمد بن حسين بن عبيد الله البرجي الاصفهاني فيما كتب به الى أن أحمد بن عبد الرّحمن بن العباس الاسدي حدثهم : حدّثنا أبو حامد أحمد بن جعفر الاشعري قال : حدّثنا يعلي بن محمد بن جمهور ، عن أحمد ابن حمزة ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :.

(٤) المناقب لابن المغازلي ص ٢١ ـ ٢٢.

٢٨٠