غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

فسبحت الملائكة بتسبيحنا (١) ولو لا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبحون الله ولا كيف يقدسونه ، ثم إن الله خلق الهواء فكتب عليه لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، عليّ أمير المؤمنين وصيه ، به أيدته وبه نصرته ، ثم خلق الله الجن فأسكنهم الهواء وأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة ، ولعلي بالولاية ، فأقر منهم من أقر وجحد من جحد (٢) فأول من جحد إبليس لعنه الله فختم له بالشقاوة ، وما صار إليه. ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبّح فسبّحت فسبّحوا (٣) بتسبيحنا ، ولو لا ذلك ما دروا كيف يسبحون الله ثم خلق الله الأرض فكتب على أطرافها لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين وصيه ، به أيدته وبه نصرته ، فبذلك يا جابر قامت السماوات بلا عمد (٤) وثبتت الأرض ، ثم خلق الله تعالى آدم عليه‌السلام من أديم الأرض ونفخ فيه (٥) من روحه ثم أخرج ذريته من صلبه فأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية ، ولمحمد بالنبوة ، ولعلي بالولاية ، أقر منهم من أقر وجحد منهم من جحد. فكنا أول من أقر بذلك ، ثم قال لمحمد : وعزتي وجلالي وعلو شأني لولاك ولو لا علي وعترتكما الهادون المهديون الراشدون ما خلقت الجنة ولا النار ، ولا المكان ، ولا الأرض ، ولا السماء ، ولا الملائكة ، ولا خلقا يعبدني ، يا محمد أنت حبيبي ، وخليلي وصفيّي ، وخيرتي من خلقي ، أحب الخلق إليّ وأوّل من ابتدأت من خلقي (٦) ثم من بعدك الصديق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وصيك ، به أيّدتك ونصرتك ، وجعلته العروة الوثقى ونور أوليائي ، ومنار الهدى ، ثم هؤلاء الهداة المهتدون من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت ، فأنتم خيار خلقي (وأحبّائي ، وكلماتي ، وأسمائي الحسنى ، وأسبابي وآياتي الكبرى ، وحجتي فيما بيني وبين خلقي) (٧) فخلقتكم من نور عظمتي وأحتجب بكم عن من سواكم من خلقي ، وجعلتكم أستقبل بكم ، واسأل بكم ، وكل شيء هالك إلا وجهي ، وأنتم وجهي لا تبيدون ولا تهلكون ، ولا يبيد ولا يهلك من تولاكم ، ومن استقبلني بغيركم فقد ضل وهوى ، وأنتم خلقي وحملة سري ، وخزان علمي وسادة أهل السماوات وأهل الأرض ، ثم انّ الله تعالى هبط إلى الأرض في ظلل من الغمام (٨) والملائكة ، وأهبط أنوارنا أهل البيت معه ، فاوقفنا صفوفا بين

__________________

(١) في البحار : ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحت ، فسبحوا بتسبيحنا.

(٢) في البحار : فأقر منهم بذلك من أقر ، وجحد منهم من جحد.

(٣) المراد الجن.

(٤) في البحار : بغير عمد.

(٥) في البحار : فسواه ونفخ فيه.

(٦) في البحار : وأول من ابتدأت اخراجه من خلقي.

(٧) ما بين القوستين من زيادات النسخة المطبوعة ، وغير موجود في المخطوطة والبحار.

(٨) قال مصحح البحار : في بعض نسخ البحار [أهبط الى الأرض ظللا من الغمام].

٤١

يديه (١) نسبحه في أرضه كما سبحناه في سمائه ، ونقدسه في أرضه كما قدسناه في سمائه ، ونعبده كما عبدناه في سمائه ، فلما أراد الله اخراج ذرية آدم عليه‌السلام لأخذ الميثاق منهم بالربوبية (٢) فكنا أول من قال : (بلى) عند قوله : (ألست بربكم) (٣) ثم أخذ الميثاق منهم بالنبوة لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولعلي عليه‌السلام بالولاية ، فأقر من أقر ، وجحد من جحد».

ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : «فنحن أول خلق ابتدأ الله (٤) ، وأول خلق عبد الله وسبّحه ، ونحن سبب خلق الخلق ، وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين فبنا عرف الله وبنا وحّد الله ، وبنا عبد الله ، وبنا أكرم الله من أكرم من جميع خلقه وبنا أثاب الله من أثاب ، وعاقب من عاقب ، ثم تلا قوله تعالى : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (٥) [وقوله تعالى] : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (٦) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أول من عبد الله ، وأول من أنكر أن يكون له ولد أو شريك ، ثم نحن بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أودعنا بعد ذلك صلب آدم عليه‌السلام (٧) فما زال ذلك النور ينتقل من الأصلاب والأرحام من صلب إلى صلب ، ولا استقر في صلب إلا تبين عن الذي انتقل منه انتقاله ، وشرّف الذي استقر فيه ، حتى صار في عبد المطّلب ، فوقع بام عبد الله فاطمة فافترق النور جزءين : جزء في عبد الله ، وجزء في أبي طالب ، فذلك قوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٨) يعني في أصلاب النبيين وأرحام نسائه فعلى هذا أجرانا الله تعالى في الأصلاب ، والأرحام حتى أجرانا في أوان عصرنا وزماننا ، فمن زعم أنا لسنا ممن جرى في الأصلاب والأرحام وولدنا الآباء والامهات فقد كذب» (٩).

الثامن : الشيخ الطوسي في (مصابيح الأنوار) عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض الأيام صلاة الفجر ، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت : يا رسول الله ان رأيت أن تفسر لنا قول الله عزوجل (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (١٠) فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : «أمّا النبيون فأنا ، وأما الصديقون فأخي علي بن أبي طالب ، وأما

__________________

(١) أراد بذلك قربهم المعنوي الى الله تعالى.

(٢) في البحار : بأخذ الميثاق منهم له بالربوبية.

(٣) اشارة الى قوله تعالى : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى).

(٤) في البحار : فنحن أول خلق الله.

(٥) الصافات : ١٦٥ ـ ١٦٦.

(٦) الزخرف : ٨١.

(٧) في البحار : ثم أودعنا بذلك النور صلب آدم.

(٨) الشعراء : ٢١٩.

(٩) بحار الأنوار ٢٥ / ١٧ ـ ٢٠.

(١٠) النساء : ٦٨.

٤٢

الشهداء فعمي حمزة ، وأما الصالحون فابنتي فاطمة وولداها الحسن والحسين».

قال : وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟ قال : «وكيف ذلك يا عم»؟. قال العباس : لأنك تعرّف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا فتبسم النبي وقال : «أما قولك يا عم ألسنا نبعة واحدة فصدقت ولكن يا عم ، إن الله خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله آدم حيث لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ، ولا جنة ولا نار ، ولا شمس ولا قمر».

قال العباس : وكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟

قال : «يا عم لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا ثم تكلم بكلمة فخلق منها روحا فمزج النور بالروح فخلقني وأخي عليا وفاطمة والحسن والحسين فكنا نسبحه حين لا تسبيح ، ونقدسه حين لا تقديس ، فلما أراد الله أن ينشئ الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش ، فالعرش من نوري ونوري من نور الله ، ونوري أفضل من العرش.

ثم فتق نور أخي علي بن أبي طالب فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور علي ونور علي من نور الله ، وعلي أفضل من الملائكة.

ثم فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي ونور ابنتي فاطمة من نور الله عزوجل ، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض.

ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر ، فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ، ونور ولدي الحسن من نور الله ، والحسن أفضل من الشمس والقمر ، ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين ، ونور ولدي الحسين من نور الله ، وولدي أفضل من الجنة والحور العين.

ثم أمر الله الظلمات أن تمر بسحائب الظلم فاظلمت السماوات على الملائكة فضجت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت : إلهنا وسيدنا مذ خلقتنا وعرفتنا هذه الاشباح لم نر بؤسا فبحق هذه الاشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة ، فاخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلّقها في بطنان العرش فازهرت السماوات والأرض ، ثم اشرقت بنورها ، فلأجل ذلك سميّت الزهراء ، فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي اشرقت به السماوات والأرض؟ فاوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي ، وزوجة وليي ، وأخ نبيّي ، وأب حججي على عبادي ، أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه

٤٣

المرأة وشيعتها ومحبّيها إلى يوم القيامة».

فلما سمع العباس من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وثب قائما وقبّل ما بين عيني علي عليه‌السلام وقال : والله أنت يا علي الحجّة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر (١).

التاسع : شرف الدين النجفي في كتاب (تأويل الآيات الباهرة في فضائل العترة الطاهرة) قال : روي الشيخ محمد بن الحسن ، عن محمد بن وهبان ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن رحيم ، عن العبّاس بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة قال : قال : حدثني أبي ، عن أبي نصير يحيي بن أبي القاسم قال : سأل جابر ابن يزيد الجعفي جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام عن تفسير هذه الآية : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٢) فقال عليه‌السلام : «إنّ الله سبحانه لمّا خلق إبراهيمعليه‌السلام كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل : هذا نور محمد صفوتي من خلقي ، ورأى نورا إلى جنبه فقال : إلهي وما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور علي ابن أبي طالب ناصر ديني ، ورأى إلى جنبيهما ثلاثة أنوار فقال : إلهي وما هذه الأنوار؟ فقيل : هذه فاطمة فطمت محبّيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين فقال : إلهي وأرى تسعة أنوار قد حفّوا بهم؟ قيل : يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد علي وفاطمة ، فقال إبراهيم : إلهي بحق هؤلاء الخمسة إلا ما عرفتني من التسعة؟ قيل : يا إبراهيم ، أوّلهم علي بن الحسين وابنه محمد ، وابنه جعفر ، وابنه موسى ، وابنه علي، وابنه محمد ، وابنه علي ، وابنه الحسن والحجة القائم ابنه ، فقال إبراهيم : إلهي وسيدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل : يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم ، شيعة علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقال إبراهيم : وبما تعرف شيعته؟ قال : بصلاة الإحدى وخمسين ، والجهر ببسم الله الرّحمن الرحيم ، والقنوت قبل الركوع ، والتختم في اليمين ، فعند ذلك قال إبراهيم : اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين ، قال فأخبر الله في كتابه فقال : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٣).

العاشر : ابن بابويه في (كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر) قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد قال : حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى في شهر ربيع الأول سنة احدى وثمانين وثلاثمائة ، قال : حدثني أبو علي محمد بن همام قال : حدثني أبو علي بن كثير (٤) البصري قال :

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٥ / ١٦. باختلاف في اللفظ.

(٢) الصافات : ٣٧.

(٣) بحار الأنوار ٣٦ / ١٥١.

(٤) في المخطوط : عامر بن كثير.

٤٤

حدثني الحسن بن محمد بن أبي شعيب الحرّاني قال : حدّثنا سكين بن كثير (١) أبو بسطام ، عن شعبة بن الحجّاج ، عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك.

قال هارون : وحدّثنا حيدر بن محمد نعيم السمرقندي ، قال : حدّثنا أبو النضر محمد بن مسعود العياشي ، عن يوسف بن السحت البصري ، قال : حدّثنا منجاب بن الحرث ، قال : حدّثنا محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر عبد ربه قال : حدّثنا شعبة ، عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك قال : كنت أنا ، وأبو ذر وسلمان ، وزيد بن ثابت ، وزيد بن أرقم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل الحسن والحسين ، فقبّلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام أبو ذر فانكب عليهما وقبّل أيديهما ، ثم رجع فقعد معنا ، فقلنا له سرا : يا أبا ذر أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكب عليهما وتقبل أيديهما؟! فقال : نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفعلتم بهما أكثر مما فعلت، قلنا : وما ذا سمعت يا أبا ذر؟ قال : سمعته يقول لعلي ولهما : «والله (٢) لو أن رجلا صلّى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفع (٣) صلاته وصومه إلّا بحبّكم ، يا علي من توسل إلى الله عزوجل بحبكم فحق على الله أن لا يردّه ، يا علي من أحبّكم وتمسّك بكم فقد تمسّك بالعروة الوثقى».

قال : ثم قام أبو ذر وخرج وتقدّمنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلنا : يا رسول الله أخبرنا أبو ذر عنك بكيت وكيت ، فقال : «صدق أبو ذر ، والله ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر» ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بتسعة (٤) آلاف عام ، ثمّ نقلنا إلى صلب آدم عليه‌السلام ، ثم نقلنا من صلب آدم إلى أصلاب الطاهرين ، وإلى أرحام الطاهرات».

قلنا يا رسول الله : فاين كنتم؟ وعلى أي مثال كنتم؟ قال : «كنّا أشباحا من نور تحت العرش نسبّح الله ونحمده (٥) ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودّعني جبرائيل عليه‌السلام فقلت حبيبي جبرائيل أفي مثل هذا المقام تفارقني؟. فقال : يا محمد إني لا اجاوز هذا الموضع (٦) فتحترق أجنحتي ، ثم زخ (٧) بي في النور ما شاء الله ، فاوحى الله إلي يا محمد إني اطلعت إلى

__________________

(١) في المخطوط : مسكين بن كثير.

(٢) في الارشاد ، والبحار : يا علي والله.

(٣) في الارشاد والبحار : ما تنفعه.

(٤) في الارشاد والبحار : بسبعة.

(٥) في البحار وارشاد القلوب : نقدسه ونمجده.

(٦) في البحار وارشاد القلوب : اني لا اجوزه.

(٧) زخ به : اي دفع ورمى.

٤٥

الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيّا ثم اطلعت ثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك ووارث علمك والإمام من بعدك ، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ، ولا الجنة ولا النار ، يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت : نعم يا رب ، فنوديت يا محمد ارفع رأسك فرفعت رأسي ، وإذا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجّة يتلألأ من بينهم (١) كأنه كوكب دري فقلت : يا رب من هؤلاء ومن هذا؟ قال: يا محمد هم الأئمة من بعدك والمطهرون من صلبك وهذا الحجّة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ويشفي صدر قوم مؤمنين».

قلنا : بآبائنا وامهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجبا!

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعجب من هذا أنّ أقواما يسمعون منّي (٢) هذا ثمّ يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذوني فيهم ، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي (٣).

الحادي عشر : ابن بابويه من (النصوص) أيضا قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أبو طالب عبد الله بن أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري ، قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال : حدّثنا عبد الله بن شعيب قال : حدّثنا محمد بن زياد التميمي (٤) قال : حدّثنا سفيان بن عيينة قال : حدّثنا عمران بن داود قال : حدّثنا محمد بن الحنفية قال : قال أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «قال الله تبارك وتعالى : لأعذبنّ كلّ رعية دانت بطاعة إمام ليس مني وإن كانت الرعية في نفسها برة ، ولأرحمن كل رعية دانت بإمام عادل مني وإن كانت الرعية في نفسها غير برة ولا تقية» ، ثم قال : «يا علي أنت الإمام والخليفة بعدي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، وأنت أبو سبطي ، وزوج ابنتي ، من ذريتك الأئمة المطهرون ، فأنا سيد الأنبياء وأنت سيد الأوصياء ، وأنا وأنت من شجرة واحدة ، ولولانا لم يخلق الله الجنة ولا النار ولا الأنبياء ولا الملائكة».

قال : قلت : يا رسول الله فنحن أفضل من (٥) الملائكة؟ قال : «يا علي نحن خير خليقة الله على

__________________

(١) في ارشاد القلوب : والحجة بن الحسن يلألأ وجهه من بينهم نورا.

(٢) في البحار وارشاد القلوب : يسمعون مني هذا الكلام.

(٣) بحار الأنوار ٣٦ / ٣٠١ ، إرشاد القلوب ٢ / ٢٠٥.

(٤) في البحار : السهمي.

(٥) في البحار : أم.

٤٦

بسيط الأرض ، وخير من الملائكة المقرّبين ، وكيف لا نكون خيرا منهم وقد سبقناهم إلى معرفة الله وتوحيده؟ فبنا عرفوا الله ، وبنا عبدوا الله ، وبنا اهتدوا السبيل إلى معرفة الله.

يا علي أنت مني وأنا منك ، وأنت أخي ووزيري ، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وستكون بعدي فتنة صمّاء صيلم (١) يسقط فيها كلّ وليجة وبطانة ، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من ولد السابع من ولدك ، يحزن لفقده أهل الزمان والأرض (٢) فكم مؤمن ومؤمنة متأسف ومتلهف حيران عند فقده».

ثم أطرق مليّا ثم رفع رأسه وقال : «بأبي وأمي سميّي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه جيوب النور ـ أو قال : جلابيب النور ـ يتوقد من شعاع القدس ، كأني بهم آيس ما كانوا ، ثم ينادي بنداء يسمعه من البعيد كما يسمعه من القريب (٣) يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على المنافقين ، قلت : وما ذاك النداء؟ قال : ثلاثة أصوات في رجب : أولها ، ألا لعنة الله على الظالمين ، والثاني : أزفت الآزفة ، والثالث يرون بدنا بارزا مع قرن الشمس ينادي : ألا إن الله قد بعث فلان بن فلان حتى ينسبه إلى علي عليه‌السلام فيه هلاك الظالمين ، فعند ذلك يأتي الفرج ، ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم ، قلت : يا رسول الله فكم يكون بعدي من الأئمة؟ قال : بعد الحسين تسعة والتاسع قائمهم» (٤).

الثاني عشر : الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار صاحب التفسير في (ما نزل في القرآن في أهل البيت) قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن يونس الحنفي اليماني (٥) ، عن داود بن سليمان المروزي ، عن الربيع بن عبد الله الهاشمي ، عن أشياخ من آل (٦) علي بن أبي طالب قالوا : قال علي عليه‌السلام في بعض خطبه : «إنا آل محمد كنّا أنوارا حول العرش فأمرنا الله تعالى بالتسبيح فسبحنا وسبحت الملائكة بتسبيحنا ، ثم اهبطنا إلى الأرض فأمرنا بالتسبيح فسبّحنا فسبّح أهل الأرض بتسبيحنا (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (٧)».

ومن ذلك ما روي مرفوعا عن محمد بن زياد : قال سأل ابن مهران عبد الله بن العباس عن تفسير

__________________

(١) الامر الشديد والداهية.

(٢) في البحار : أهل الأرض والسماء.

(٣) في البحار : يسمعه من البعد كما يسمعه من القرب.

(٤) بحار الأنوار : ٣٦ / ٣٣٧.

(٥) في البحار : اليمامي.

(٦) في البحار : من آل محمد عن علي.

(٧) الصافات ١٦٥ ـ ١٦٦ ، والحديث رواه المجلسي في البحار : ٢٤ / ٨٨ ، عن كنز جامع الفوائد.

٤٧

قوله تعالى : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) فقال ابن عباس : إنا كنّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فلمّا رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تبسّم في وجهه وقال : «مرحبا بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف عام» فقلت : يا رسول الله أكان الابن قبل الأب؟ فقال : «نعم إن الله تعالى خلقني وخلق عليّا قبل أن يخلق آدم بهذه المدة ، خلق نورا فقسمه نصفين فخلقني من نصفه وخلق عليّا من النصف الآخر قبل الأشياء كلها ، ثم خلق الأشياء فكانت مظلمة فنورها من نوري ونور عليّ. ثم جعلنا عن يمين العرش ، ثم خلق الملائكة فسبحنا وسبحت الملائكة ، وهلّلنا وهلّلت الملائكة وكبّرنا فكبّرت الملائكة فكان ذلك من تعليمي وتعليم عليّ ، وكان ذلك في علم الله السابق (١) أن لا يدخل النار محبّ لي ولعلي ، ولا يدخل (٢) الجنة مبغض لي ولعلي ، ألا وإن الله عزوجل خلق ملائكة بأيديهم أباريق اللجين مملوءة من ماء الجنة من الفردوس ، فما من أحد من شيعة علي إلّا وهو طاهر الوالدين تقي تقي ، مؤمن بالله ، فإذا أراد أب واحدهم (٣) أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الذين بأيديهم أباريق ماء الجنة فيطرح (٤) من ذلك الماء في آنيته التي يشرب منها (٥) فيشرب من ذلك الماء فينبت الإيمان في قلبه كما ينبت الزرع ، فهم على بينة من ربهم ومن نبيهم ومن وصيه عليّ ومن ابنتي الزهراء ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم الأئمة من ولد الحسين».

فقلت : يا رسول الله ومن هم الأئمة؟ (٦) قال : «أحد عشر (٧) وأبوهم علي بن أبي طالب ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحمد لله الذي جعل محبّة عليّ والإيمان سببين ـ يعني سببا لدخول الجنّة وسببا للفوز من النار ـ (٨).

الثالث عشر : محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عبد الله ، عن علي بن حديد ، عن مرازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : «يا محمد إني خلقتك وعليّا نورا يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري فلم تزل تهلّلني وتمجدني ، ثمّ جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت

__________________

(١) في البحار : أن الملائكة تتعلم منا التسبيح والتهليل ، وكل شيء يسبح الله ويكبره ويهلله بتعليمي وتعليم علي، وكان في علم الله السابق.

(٢) في البحار : وكذا كان في علمه أن لا يدخل.

(٣) في ارشاد القلوب : فإذا أراد أحدهم.

(٤) في البحار : فقطر.

(٥) في البحار وارشاد القلوب : في إناءه الذي يشرب فيه.

(٦) في البحار : كم هم.

(٧) في البحار : أحد عشر مني.

(٨) بحار الأنوار : ٢٤ / ٨٨ و : ٢٦ / ٢٤٥ ، ارشاد القلوب ٢ / ١٩٥ ط بيروت.

٤٨

تحمدني وتقدّسني وتهلّلني وتمجدني ، ثمّ قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة محمد واحد وعليّ واحد والحسن والحسين ثنتان ، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن ، ثمّ مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا» (١).

الرابع عشر : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا الحسين بن عبيد الله الغضائري عن علي بن محمد العلوي ، قال : حدّثنا الحسين بن علي بن صالح بن شعيب الجوهري ، قال : حدّثنا محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن محمد ، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : حدّثنا الحسن بن علي صلوات الله عليه قال : سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «خلقت من نور الله عزوجل وخلق أهل بيتي من نوري وخلق محبّيهم من نورهم ، وسائر الخلق في النار» (٢).

__________________

(١) اصول الكافي ١ / ٤٤٠.

(٢) بحار الأنوار ١٥ / ٢٠.

٤٩

الباب الثالث

في أن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في الكعبة المشرّفة

من طريق العامة

من (مناقب الفقيه ابن المغازلي) الشافعي ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب قال : حدّثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن مسلم الختلي العلوي قال : حدثني عمر بن أحمد بن روح السّاجي ، حدثني أبو طاهر يحيى بن الحسن العلوي قال : حدثني محمد بن سعيد الدارمي ، حدّثنا موسى بن جعفر عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين قال : كنت جالسا مع أبي ونحن زوّار قبر جدنا عليه‌السلام وهناك نسوة كثيرة إذ أقبلت امرأة منهن فقلت لها : من أنت يرحمك الله؟ قالت : أنا زبدة بنت قريبة ابن العجلان من بني ساعدة فقلت لها : فهل عندك شيء تحدثينا؟ فقالت : اي والله حدثتني أمي أم عمارة بنت محارة بن نضلة (١) بن مالك بن العجلان الساعدي انّها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ اقبل أبو طالب كئيبا حزينا فقلت له ما شأنك يا أبا طالب؟ فقال : إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض ثم وضع يده على وجهه فبينا هو كذلك إذ أقبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «ما شأنك يا عم؟» فقال : إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض فأخذ بيده وجاء وقمن معه فجاء بها إلى الكعبة فاجلسها في الكعبة ثم قال : اجلسي على اسم الله ، قالت (٢) : فطلقت طلقة فولدت غلاما مسرورا نظيفا منظفا لم أر كحسن وجهه فسمّاه أبو طالب عليّا وحمله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أداه إلى منزلها.

قال علي بن الحسين : «فو الله ما سمعت بشيء قط إلا وهذا أحسن منه».

وروى هذا الحديث المالكي في (الفصول المهمة) عن علي بن الحسين عليهما‌السلام نقله من كتاب (المناقب) لأبي المعالي الفقيه المالكي قال : ولم يولد بالبيت الحرام قبله أحد سواه ، وهي فضيلة خصّها الله تعالى به اجلالا له واعلاء لرتبته ، وإظهارا لمكرمته وكان علي هاشميا من هاشميّين ، وأوّل من ولده هاشم مرتين (٣).

قلت : ان رواية أن أمير المؤمنين عليه‌السلام ولد في الكعبة بلغت حدّ التواتر ، معلومة في كتب العامة والخاصة (٤).

__________________

(١) في المناقب : عبادة بن نضلة.

(٢) في المناقب : قال.

(٣) الفصول المهمة لابن صباغ المالكي : ١٢ ط : النجف الاشرف.

(٤) هذه المنقبة من خصائص سيد الوصيين ذكرها له جمع كثير من علماء السنة نذكر أسمائهم وأسماء كتبهم ـ

٥٠

__________________

اجمالا وهم :

١ ـ جمال الدين الزرندي الحنفي المتوفي ٧٥٠ في كتابه (نظم درر السمطين) : ٨٠ ط : النجف الأشرف.

٢ ـ الحافظ أبو عبد الله النيسابوري الشافعي المتوفي ٤٠٥ في (المستدرك على الصحيحين) ٣ / ٤٨٣ ط : حيدرآباد. الفصول المهمة : ٣٠ وكذا تاريخ ابن الخشاب : ٨٨ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٤٩ المستدرك على الصحيحين :

٣ / ٤٨٣ ، أسد الغابة : ٤ / ٣١ ، كفاية الطالب : ٤٠٧.

٣ ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الشافعي المتوفى ٦٥٨ في (كفاية الطالب) ٢٦ و ٢٦١.

٤ ـ إبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي المتوفي ٧٢٢ في (فرائد السمطين) في نهاية السمط الأول من الجزء الأول.

٥ ـ محمد بن طلحة الشافعي المتوفى ٥٦٢ (مطالب السئول) : ١١ ط : طهران.

٦ ـ عبد الرّحمن الصفوري الشافعي المتوفى ٨٨٤ في (نزهة المجالس) ٢ / ١٦٦.

٧ ـ محمد مؤمن الشبلنجي الشافعي المتوفى ١٢٩٨ في (نور الابصار) : ٦٩.

٨ ـ علي بن إبراهيم الشافعي المتوفى ١٠٤٤ في (انسان العيون في سيرة الأمين والمأمون) ١ / ١٥٤ و ٣ / ٤٠٥.

٩ ـ يوسف بن مظفر الحنفي المتوفي ٦٥٤ في (تذكرة خواص الأئمة) : ٨.

١٠ ـ علي القاري الحنفي في (شرح الشفاء) ١ / ١٥١.

١١ ـ علاء الدين السكتواري الحنفي في (محاضرات الاوائل) : ١٢٠ و ٧٩١.

١٢ ـ محمد رستمخان البدخشي الشافعي المتوفي ١٢١٠ في (مفتاح النجا في مناقب آل العباء) (خ) توجد نسخة منه بمكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامة في النجف الاشرف.

١٣ ـ محمد صالح الترمذي الحنفي المتوفي ١٠٢٥ في (المناقب المرتضوية).

١٤ ـ عبد الله آمر تسري المتوفي ٥٦٨ في (أرجح المطالب) : ٣٨٨.

١٥ ـ محمود الآلوسي البغدادي المتوفي ١٣٢٤ في (شرح قصيدة عبد الباقي العمري) : ١٥ و ٧٥.

١٦ ـ محمد بن حمزة نقيب حلب في (غاية الاختصار) : ٩٧.

١٧ ـ نور الدين الشافعي في (السيرة النبوية) ١ / ١٥.

١٨ ـ شاه ولي الله أحمد الدهلوي المتوفي ١١٧٦ في (ازالة الخفاء).

١٩ ـ عباس محمود العقاد في (عبقرية الإمام) ١ / ٣٨.

٢٠ ـ عبد الحق الدهلوي الحنفي المتوفي ١٠٥٧ في (مدارج النبوة).

٢١ ـ علي جلال الدين في كتابه (الحسين) ١ / ١٦.

٢٢ ـ شاه محمد حسن الخشتي في (آينه تصوف) : ١٣١١.

٢٣ ـ علي بن الحسين المسعودي الشافعي المتوفي ٣٤٦ في (مروج الذهب) ٢ / ٤.

٢٤ ـ صدر الدين أحمد البردواني في (روائح المصطفى) : ١٠.

٢٥ ـ عبد الله البلخي في (التلخيص) : ١١.

٢٦ ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شمس الدين الذهبي المتوفي ٨٨٣ في (تلخيص المستدرك) ٣ / ٤٨٨.

٥١

الباب الرابع

في أن ميلاده عليه‌السلام في الكعبة من طريق الخاصة

الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان قال : حدثني أحمد بن محمد بن أيوب قال : حدّثنا عمر بن الحسن القاضي قال : حدّثنا عبد الله بن محمد قال : حدثني أبو حبيبة قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عائشة. قال محمد بن أحمد بن شاذان : وحدثني سهل بن أحمد قال : حدّثنا أحمد بن عمر الربيعي قال : حدّثنا زكريا بن يحيى قال : حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا شعبة عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن العباس بن عبد المطلب. قال ابن شاذان : وحدثني إبراهيم بن علي بإسناده عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام إذ أتت فاطمة عليها‌السلام بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين عليه‌السلام وكانت حاملة بأمير المؤمنين عليه‌السلام لتسعة أشهر وكان يوم التمام قال : فوقفت بإزاء البيت الحرام وقد أخذها الطلق فرمت بطرفها نحو السماء وقالت : أي رب إني مؤمنة بك وبما جاء به من عندك الرسول وبكل نبي من أنبيائك وبكل كتاب أنزلته وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل وإنه بني بيتك العتيق فأسألك بحق هذا البيت ومن بناه وبحق هذا المولود (١) الذي في أحشائي ، الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه وأنا مؤمنة (٢) إنه إحدى آياتك ودلائلك لمّا يسرت عليّ ولادتي.

قال العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب فلما تكلمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء رأينا البيت قد انفتح من ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا. ثم عادت الفتحة والتزقت باذن الله فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا فلم ينفتح الباب فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله

__________________

٢٧ ـ عبد الحميد الدهلوي في (سيرة الخلفاء).

٢٨ ـ محمد علي القفال الشافعي في (فضائل أمير المؤمنين).

٢٩ ـ حبيب الله الشنقيطي الشافعي في (كفاية الطالب) ٣٧.

٣٠ ـ سليمان القندوزي الحنفي المتوفي ١٢٩٣ في (ينابيع المودة) : ٢٥٥.

(١) في الأمالي والبحار : وبهذا المولود.

(٢) في الأمالي والبحار : موقنة.

٥٢

تعالى ، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام. قال : وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدث المخدرات في خدورهن. قال : فلما كان بعد ثلاثة أيام انفتح الباب من الموضع الذي كانت دخلت فيه فخرجت فاطمة وعليّ على يديها.

ثم قالت : معاشر الناس إن الله عزوجل اختارني من خلقه وفضلني على المختارات ممن مضى قبلي ، وقد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا ، وإن مريم بنت عمران هزت الجذع (١) اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطبا جنيا ، وإنّ الله تعالى اختارني وفضلني عليهما وعلى كل من مضى قبلي من نساء العالمين لأني ولدت في بيته العتيق وبقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة وأرزاقها (٢) ، فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال : يا فاطمة سمّيه عليا فأنا العلي الأعلى وإني خلقته من قدرتي وعز جلالي (٣) وقسط عدلي ، واشتققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي (٤) وهو أول من يؤذن فوق بيتي ويكسر الأصنام ويرميها على وجهها ويعظّمني ويمجدني ويهلّلني ، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من خلقي محمد رسولي ووصيه ، فطوبى لمن أحبه ونصره والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه.

قال : فلما رآه أبو طالب سرّ (٥) وقال علي عليه‌السلام : «السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته».

ثم قال : دخل (٦) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا دخل اهتز له أمير المؤمنين عليه‌السلام وضحك في وجهه وقال: «السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته».

قال : ثم تنحنح (٧) بإذن الله تعالى وقال : «بسم الله الرّحمن الرحيم (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٨). ـ إلى آخر الآية ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد أفلحوا بك ، وقرأ تمام الآية إلى قوله (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٩) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنت والله أميرهم تميرهم (١٠) من علومك فيمتارون ، وأنت والله دليلهم ، وبك يهتدون».

__________________

(١) في الأمالي : (ومريم بنت عمران حيث هانت ويسرت عليها ولادة عيسى فهزت الجذع اليابس).

وفي البحار : (وان مريم بنت عمران اختارها الله حيث يسر عليها ولادة عيسى فهزت الجذع).

(٢) وفي الأمالي : وأوراقها.

(٣) في الأمالي : وعزتي وجلالي.

(٤) في الأمالي والبحار : (وفوضت إليه أمري ، ووقفته على غامض علمي وولد في بيتي ، وهو أول من يؤذن ..).

(٥) في الأمالي : سره.

(٦) في الأمالي : قال : ثم دخل.

(٧) في المخطوطة : تجنح.

(٨) المؤمنون : ٢ ـ ٣.

(٩) المؤمنون : ١١ ـ ١٢.

(١٠) مير ميرا : أتاهم بالطعام والمئونة.

٥٣

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة : «اذهبي إلى عمّه حمزة فبشريه به». فقالت : «فإذا خرجت أنا فمن يرويه»؟ فقال : «أنا ارويه» فقالت فاطمة : «أنت ترويه»؟ قال : «نعم وذلك قول الله تعالى : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) (١)» قال : فسمي ذلك اليوم يوم التروية : فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من عليّ إلى عنان السماء. قال : ثم شددته وقمطته قماطا فبتر القماط (٢) ثم جعلته قماطين فبترهما فجعلته ثلاثة فبترها ، فجعلته أربعة أقمطة من رقّ مصر لصلابته فبترها ، فجعلته خمسة أقمط ديباج لصلابته فبترها كلّها ، فجعلته ستة من ديباج وواحدا من الأدم (٣) فتمطى فيها فقطعها كلها بإذن الله ، ثم قال بعد ذلك : «يا أمه لا تشدي يدي فإني أحتاج إلى أن ابصبص لربي باصبعي». قال : فقال أبو طالب عند ذلك : إنه سيكون له شأن ونبأ ، قال : فلما كان من غد دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على فاطمة ، فلما بصر علي عليه‌السلام برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سلم عليه وضحك في وجهه وأشار إليه أن خذني (٤) واسقني مما سقيتني بالأمس قال : فأخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت فاطمة : عرفه ورب الكعبة قال : فلكلام فاطمة سمي ذلك اليوم يوم عرفة يعني (٥) ان أمير المؤمنين عليه‌السلام عرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان اليوم الثالث وكان العاشر من ذي الحجة أذن أبو طالب في الناس جامعا وقال: هلموا إلى وليمة ابني علي. قال ونحر ثلاثمائة من الابل وألف رأس من البقر والغنم واتخذ وليمة عظيمة وقال : معاشر الناس ألا من أراد من طعام علي ولدي فهلموا وطوفوا بالبيت سبعا سبعا (٦) وادخلوا وسلّموا على ولدي عليّ ، فإن الله شرفه ، ولفعل أبي طالب شرف يوم النحر (٧).

__________________

(١) في الأمالي والبحار : فوضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لسانه في فيه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا. والآية في سورة البقرة : ٦٠.

(٢) في البحار : قال : ثم شدته وقمطته بقماط فبتر القماط. قال : فأخذت فاطمة قماطا جيدا فشدته به فبتر القماط.

(٣) أدم وادم : الجلد المدبوغ.

(٤) في البحار : خذني إليك.

(٥) في الأمالي : تعني.

(٦) في الأمالي : وطوفوا بالبيت سبعا.

(٧) الأمالي ٢ / ٣١٧ ـ ٣٢٠ ط : النجف ، بحار الأنوار ٣٥ / ٣٥ ـ ٣٩.

٥٤

الباب الخامس

في نسبه عليه‌السلام

من طريق العامة والخاصة.

فمن طريق العامة ما رواه أبو عبد الرّحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند والده أحمد بن حنبل.

أخبرنا السيّد الأجل العالم الطاهر الأوحد نقيب النقباء مجد الدين فخر الإسلام عز الدولة تاج الملّة ذو المناقب مرتضى أمير المؤمنين أبو عبد الله أحمد بن الطاهر الاوحدي ذي المناقب أبي الحسن علي بن الطاهر الاوحد أبي الغنائم المعمر بن محمد بن أحمد بن عبد الله الحسيني (١).

وعنه عن الشيخ الصالح أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الصيرفي ، عن الشيخ أبي طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف المقري المعروف بابن العلاف ، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، عن أبي عبد الرّحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي قال :

علي بن أبي طالب واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسم هاشم عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف المغيرة بن قصي واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن يشخب ـ وقيل اشخب ـ بن نبت بن قيدار بن إسماعيل ، وإسماعيل أول من فتق لسانه بالعربية المبينة التي نزل بها القرآن ، وأوّل من ركب الخيل وكانت وحوشا وهو ابن عرق الثرى خليل الله إبراهيم بن تارخ بن ناخور ـ وقيل التأخر ـ ابن ساروع بن ارغو بن فارغ وهو قاسم الأرض بين أهلها بن غابر وهو هود النبي عليه‌السلام بن شالخ بن ارفخشد وهو الراند (٢) بن سام بن نوح بن لمك وهو في لغة العرب ملكان بن المتوشلخ وهو المثوب بن اخنح وهو إدريس عليه‌السلام النبي بن يرد وهو اليارد بن مهلائيل بن قينان بن انوش وهو

__________________

(١) الصحيح : (محمد بن المعمر بن أبي الغنائم المعمر بن أحمد أبي عبد الله الحسيني) كما في عمدة الطالب ص ٣٢٢ ط ايران.

(٢) في المخطوطة : الراقد ، وفي البحار : الرافد.

٥٥

الطاهر بن شيث وهو هبة الله ويقال أيضا شاث بن آدم أبي البشر عليه‌السلام (١).

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إنه كان يقول : «إذا وصل إلى إبراهيم عليه‌السلام كذب النسّابون» يريد به ما بعد إبراهيم عليه‌السلام.

وقيل إنه إنما قال ذلك عليه‌السلام إذا وصل النسب الى معد بن عدنان (٢) والله أعلم وانما هذا هو النسب المتعارف.

ومن طريق الخاصة.

محمد بن علي بن بابويه قال : حدّثنا علي بن عيسى المجاور ـ رضي الله عنه ـ (٣) قال : حدّثنا علي بن محمد بن بندار ، عن أبيه ، عن محمد بن علي المقري ، عن محمد بن سنان ، عن مالك بن عطية ، عن ثوير بن سعيد ، عن أبيه سعيد بن علاقة ، عن الحسن البصري قال : صعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام منبر البصرة فقال : «أيها الناس انسبوني ، فمن عرفني فلينسبني وإلّا فأنا أنسب نفسي». أنا زيد بن عبد مناف بن عامر ابن عمرو بن المغيرة بن زيد بن كلاب. فقام إليه ابن الكواء (٤) فقال (٥) : يا هذا ما نعرف لك نسبا غير أنك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب. فقال له : «يا لكع (٦) ان أبي سماني «زيدا» باسم جده «قصي» وان اسم أبي «عبد مناف» فغلبت الكنية على الاسم ، وان اسم عبد المطلب «عامر» فغلب اللقب على الاسم ، واسم هاشم «عمرو» فغلب اللقب على الاسم ، واسم عبد مناف «المغيرة» فغلب اللقب على الاسم ، وان اسم قصي «زيد» فسمته العرب مجمعا لجمعه إياها من البلد الأقصى الى مكة فغلب اللقب على الاسم» (٧).

__________________

(١) رواه عن عبد الله بن أحمد بن حنبل بهذا السند واللفظ ابن بطريق في العمدة : ١١ ط ايران ، وذكره المجلسي في البحار : ٣٥ / ١٤ مرسلا.

(٢) ذكر الشيخ ابن شهرآشوب في «المناقب» : ١ / ١٥٥ ، قال : وروي عنه عليه‌السلام : إذا بلغ نسبي الى عدنان فامسكوا. واخرج ابن سعد في «الطبقات» : ١ ق ١ / ٢٨ ، عن ابن عباس «ان النبي عليه‌السلام كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن ادد ثم يمسك ويقول : كذب النسابون ، قال الله عزوجل : وقرونا بين ذلك كثيرا».

(٣) في معاني الاخبار : في مسجد الكوفة.

(٤) هو عبد الله بن الكواء الخارجي.

(٥) في معاني الاخبار : فقال له.

(٦) اللكع : اللئيم ، الاحمق.

(٧) أمالي الصدوق : ٥٤٠ ط النجف ، معاني الاخبار : ١٢٠ ـ ١٢١ ، بحار الأنوار ٣٥ / ٥١ ـ ٥٢.

٥٦

الباب السادس

في تكنيته عليه‌السلام بأبي تراب

من طريق العامة

أبو عبد الرّحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن والده قال : حدّثنا علي بن بحر ، حدّثنا عيسى بن يونس ، حدّثنا محمد بن إسحاق ، حدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن محمد بن خيثم أبي يزيد ، عن عمار بن ياسر قال : كنت أنا وعلي رفيقين في غزوة ذات العشيرة فلما نزلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقام بها رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل فقال لي علي : يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء (١) من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا إلّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : «يا أبا تراب» لما يرى عليه من التراب ، قال : «ألا احدثكما بأشقى الناس رجلين؟» قلنا : بلى يا رسول الله قال : «احيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه يعني قرنه حتى تبتل منه هذه يعني لحيته» (٢).

قلت : وروي هذا الحديث إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب فرائد السمطين بإسناده المتصل عن عمار بن ياسر قال : كنت أنا وعلي عليه‌السلام وساق الحديث إلى آخره (٣).

ومن الجزء الأول من صحيح البخاري في باب نوم الرجل من المسجد في نصف المجلدة أو زيادة على ذلك من أجزاء ثمانية قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال : «أين ابن عمك»؟ قالت: «كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقم عندي» فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لانسان : «انظر أين هو» فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقّه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسحه عنه ويقول : «قم أبا تراب قم أبا

__________________

(١) الدقعاء : الأرض لا نبات بها. التراب.

(٢) مسند أحمد ٤ / ٢٦٣.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ٣٨٤ / ح ٣١٦.

٥٧

تراب» (١).

ومن صحيح البخاري أيضا في الجزء الرابع من أجزاء ثمانية في ثلثه الأخير قال : حدّثنا عبد الله ابن مسلمة ، حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال : هذا فلان لأمير المدينة يدعو عليا عند المنبر قال : فيقول ما ذا؟ قال : يقول له أبو تراب ، فضحك وقال : والله ما سماه إلّا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان له اسم أحب إليه منه فاستعظمت الحديث سهلا وقلت يا أبا عباس كيف؟

قال : دخل عليّ على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أين ابن عمك قالت : «في المسجد» فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول : «اجلس يا أبا تراب مرتين» (٢).

ومن صحيح مسلم في ثالث كراس من الجزء الرابع من أجزاء ستة في باب فضائل علي بن أبي طالب قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز ـ يعني ابن أبي حازم ـ عن أبي حازم ، عن سهل ابن سعد قال : استعمل على المدينة رجل من آل مروان قال : فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليا قال : فأبى سهل فقال له : أما إذا أبيت فقل لعن الله أبا تراب فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب وان كان ليفرح إذا دعي بها فقال له : أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب؟ قال : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال : «أين ابن عمك»؟ فقالت : «كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقم عندي» فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لانسان : «انظر أين هو» فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسحه عنه ويقول : «قم أبا التراب ، قم أبا التراب» (٣).

ومن طريق المخالفين أيضا ما رواه أبو المؤيد موفق بن أحمد ـ وهو من أعيانهم ـ في كتاب فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أنبأني سيد القراء أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني قال : أخبرنا أبو الحسن بن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد

__________________

(١) صحيح البخاري ١ / ١١٤ ط ـ دار الطباعة العامرة ـ مصر.

قال العلامة الاميني قدس‌سره في الغدير ٦ / ٣٣٦ ، بعد ذكر الحديث : «عند الحفاظ في متن حديث سهل اضطراب ينبأ عن تصرف الاهواء فيه ، وفي بعض ألفاظه ابهام المباغضة بين أمير المؤمنين وابنة عمه الطاهرة الصديقة فاطمة ، وهما ـ سلام الله عليهما ـ بعيدان عن ذلك بما منحهما الله تعالى من العصمة بنص الكتاب الكريم».

(٢) صحيح البخاري ٤ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ط ـ دار الطباعة العامرة ـ مصر.

(٣) صحيح مسلم ٧ : ١٢٣ ـ ١٢٤ ـ ط ـ المكتب التجاري.

٥٨

الطبراني ، حدّثنا محمود بن محمد المروزي ، حدّثنا حامد بن آدم المروزي ، حدّثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما آخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه وبين المهاجرين والأنصار فلم يواخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم ، خرج علي عليه‌السلام مغضبا حتى أتى جدولا من الأرض فتوسد ذراعه وسفّت عليه الريح فطلبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى وجده فوكزه برجله فقال له : «قم فما صلحت إلا أن تكون أبا تراب ، أغضبت عليّ حين واخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أواخ بينك وبين أحد منهم؟ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي ، ألا من أحبك حف بالامن والإيمان، ومن أبغضك (١) أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله في الإسلام» (٢).

__________________

(١) في المخطوطة : أغضبك.

(٢) مناقب الخوارزمي : ٧.

وذكر ذلك العلامة الاميني في الغدير ٣ / ٢٠٠ وافرد لها بحثا في : ٦ / ٣٣٣ ، جمع فيه طرقها ومصادرها وقال : «وهذا الحديث صحيح السند مما استدرك به الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، وصححه الهيثمي ، أخرجه إمام الحنابلة في مسنده ٤ / ٢٦٣ والحاكم في المستدرك ٣ / ١٤٠ ، والطبري في تاريخه ٢ / ٢٦١ ، وابن هشام في السيرة النبوية ٢ / ٢٣٦ ، وابن كثير في تاريخه ٣ / ٢٤٧ ، والهيثمي في المجمع ٩ : ١٣٦ ، والسيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه ٦ / ٣٩٩ ، والعيني في عمدة القاري ٧ : ٦٣٠ ويجده القارئ من المتسالم عليه في طبقات ابن سعد : ٥٠٩ ، وعيون الاثر لابن سيد الناس ١ / ٢٢٦ ، والامتاع للمقريزي ١ : ٥٥ ، والسيرة الحلبية ٢ / ١٤٢ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٦٤ ، ومجمع الزوائد ٩ : ٠٠ ، والفصول المهمة لابن صباغ : ٢٢ ، وكفاية الطالب : ٨٢ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٣٦٣ ، والسنن الكبرى للبيهقي ٢ / ٤٤٦ ، وتذكرة سبط ابن الجوزي : ٤ ، ونزل الابرار : ١٥ ، والاصابة ٢ / ٥٠٩».

٥٩

الباب السابع

في تكنيته عليه‌السلام بأبي تراب

من طريق الخاصة

ابن بابويه قال : حدثني أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان ، حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدّثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبو الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران عن عباية بن ربعي قال : قلت لعبد الله بن عباس : لم كنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام أبا تراب؟ قال : لأنه صاحب الأرض ، وحجة الله على أهلها بعده ، وبه بقاؤها ، وإليه سكونها ، وقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنه إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة عليّ من الثواب والزلفى والكرامة قال : يا ليتني كنت ترابا (١) ، أي من شيعة عليّ (٢) وذلك قول الله عزوجل : (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٣).

وعنه قال : حدثني الحسين بن يحيى بن ضريس ، عن معاوية بن صالح بن ضريس البجلي قال : حدّثنا أبو عوانة (٤) قال : حدّثنا محمد بن يزيد وهشام الرباعي (٥) قال : حدثني عبد الله بن ميمون الطهوي ، قال : حدّثنا ليث ، عن مجاهد عن ابن عمر قال : بينا أنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في نخيل المدينة وهو يطلب عليا عليه‌السلام إذا انتهى الى حائط فاطلع فيه فنظر الى علي عليه‌السلام وهو يعمل في الأرض وقد اغبار فقال : «ما ألوم الناس أن يكنوك أبا تراب» ، فلقد رأيت عليا عفر (٦) وجهه وتغير لونه ، واشتد ذلك عليه فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألا ارضيك يا علي»؟ قال : «نعم يا رسول الله» فأخذ بيده فقال : «أنتأخي ووزيري وخليفتي في أهلي (٧) تقضي ديني وتبرئ ذمتي ، من أحبك في حياة مني فقد قضى له بالجنة ، ومن أحبك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن والإيمان ، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر ، ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة

__________________

(١) في هامش معاني الاخبار وفي البحار : ترابيا.

(٢) في معاني الاخبار والبحار : أي يا ليتني كنت من شيعة علي.

(٣) النبأ : ٤٠ ، والحديث يوجد في معاني الاخبار : ١٢٠ ، علل الشرائع : ٦٣ ، البحار ٣٥ / ٥١.

(٤) في البحار : عن معاوية بن صالح ، عن أبي عوانة.

(٥) في علل الشرائع : الزراعي ، وفي البحار : الزواعي.

(٦) في علل الشرائع : تمغر.

(٧) في علل الشرائع : وخليفتي بعدي في أهلي.

٦٠