غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

حدّثنا أحمد بن غنم بن حكيم قال : حدّثنا شريح بن مسلمة قال : حدّثنا إبراهيم بن يوسف ، عن عبد الجبار ، عن الأعشى الثقفي ، عن أبي صادق قال : قال علي عليه‌السلام : «هي لنا أو فينا هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)» (١).

الثاني والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي ما جيلويه قال : حدّثنا محمد بن يحيى العطار قال : حدّثنا جعفر بن محمد الكوفي قال : حدّثنا محمد بن حسين ابن زيد ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ليلة اسري بي إلى السماء كلّمني ربي جل جلاله فقال : يا محمد فقلت : لبيك ربي فقال : إن عليا حجتي بعدك على خلقي ، وإمام أهل طاعتي ، فمن اطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني فانصبه علما لامتك يهتدون به بعدك» (٢).

الثالث والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال : حدّثنا جعفر بن سلمة الأهوازي قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن إبراهيم بن موسى ابن اخت الواقدي قال : حدّثنا أبو قتادة الحراني ، عن عبد الرّحمن بن العلاء الحضرمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان جالسا يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : «اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي واكرم الناس عليّ فأحب من أحبهم ، وأبغض من أبغضهم ووال من والاهم ، وعاد من عاداهم (٣) واجعلهم مطهرين من كل رجس ، معصومين من كل ذنب ، وأيدهم بروح القدس» (٤).

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي أنت إمام أمتي ، وخليفتي عليها بعدي ، وأنت قائد المؤمنين إلى الجنة ، وكأني أنظر الى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور ، عن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن يسارها سبعون ألف ملك ، وبين يديها سبعون ألف ملك ، ومن خلفها سبعون ألف ملك تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة ، فأيما امرأة صلّت في اليوم والليلة خمس صلوات ، وصامت شهر رمضان ، وحجت بيت الله ، وزكّت مالها ، وأطاعت زوجها ، ووالت عليا بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة، وأنها لسيدة نساء العالمين» فقيل له يا رسول الله أهي سيدة نساء عالمها؟

__________________

(١) القصص : ٥ ، والحديث ذكره الصدوق في أماليه ص ٤٢٩.

(٢) أمالي الصدوق ص ٤٢٩.

(٣) في المصدر : وأعن من أعانهم.

(٤) في المصدر : بروح القدس منك.

١٨١

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ذاك مريم بنت عمران ، وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين وإنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين ، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون : يا فاطمة (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (١)» ثم التفت الى علي عليه‌السلام فقال : «يا علي إن فاطمة بضعة مني ، وهي نور عيني ، وثمرة فؤادي ، يسوؤني ما ساءها ، ويسرني ما سرها ، وإنها أول من يلحقني من أهل بيتي فاحسن إليها بعدي ، وأما الحسن والحسين فهما ابناي ، وريحانتاي ، وهما سيدا شباب أهل الجنة ، فليكونا عليك كسمعك وبصرك» ، ثم رفع صلى‌الله‌عليه‌وآله يده الى السماء فقال : «اللهم إني اشهدك أني محبّ لمن أحبهم ، ومبغض لمن أبغضهم ، وسلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، وعدوّ لمن عاداهم ، ووليّ لمن والاهم» (٢).

الرابع والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال : حدّثنا أبي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن الاشعث ابن سوار ، عن الاحنف بن قيس ، عن أبي ذر الغفاري رحمه‌الله قال : كنا ذات يوم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد قبا ونحن نفر من أصحابه إذ قال : «معاشر أصحابي يدخل عليكم من هذا الباب رجل هو أمير المؤمنين ، وإمام المسلمين» فنظروا (٣) وكنت فيمن نظر فإذا نحن بعلي بن أبي طالب قد طلع فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاستقبله وعانقه وقبّل ما بين عينيه وجاء به حتى اجلسه إلى جانبه ، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقال : «هذا إمامكم من بعدي ، طاعته طاعتي ، ومعصيته معصيتي وطاعتي طاعة الله عزوجل ومعصيتي معصية الله عزوجل» (٤).

الخامس والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضى الله عنه قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا محمد بن عبد الجبار ، عن أبي أحمد محمد بن زياد قال : حدّثنا إسماعيل بن الفضل ، عن ثابت بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن الله تبارك وتعالى أوحى إليّ أنه جاعل لي من أمتي أخا ووارثا ووصيّا فقلت : يا رب من هو؟ فأوحى إليّعزوجل يا محمد إنه إمام أمتك ، وحجتي عليها بعدك فقلت : يا رب من هو؟ فأوحى إليّ عزوجل يا محمد ذاك من أحبه يحبني ذاك المجاهد في سبيلي والمقاتل لناكثي عهدي والقاسطين في حكمي ،

__________________

(١) آل عمران : ٤٢.

(٢) أمالي الصدوق ص ٤٣٦ ـ ٤٣٧.

(٣) في المصدر : قال فنظروا.

(٤) أمالي الصدوق ص ٤٨٤.

١٨٢

والمارقين من ديني ذاك وليي حقّا زوج ابنتك وأبو ولدك علي بن أبي طالب» (١).

السادس والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني قال : حدثني الحسين بن علي قال : حدثني عبد الله بن سعيد الهاشمي قال : حدثني عبد الواحد بن غياث قال : حدّثنا عاصم بن سليمان قال : حدّثنا جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : صلّينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما سلّم أقبل علينا بوجهه ، ثم قال : «سينقض (٢) كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيّي ، وخليفتي ، والإمام بعدي». فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره ، وكان أطمع القوم في ذلك أبي ، العباس بن عبد المطلب ، فلما طلع الفجر انقض الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : «يا علي والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والخلافة والإمامة بعدي» ، فقال المنافقون : عبد الله بن أبي وأصحابه لقد ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى وما ينطق في شأنه إلا بالهوى ، فانزل الله تبارك وتعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (٣) يقول عزوجل : وخالق النجم إذا هوى (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ) يعني في محبة علي بن أبي طالب (وَما غَوى)، (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) في شأنه ، (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٤).

السابع والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا بهذا الحديث شيخ لأهل الري يقال له : أحمد بن الصقر الصائغ العدل قال : حدّثنا محمد بن العباس بن بسام قال : حدثني أبو جعفر محمد بن أبي الهيثم السعدي قال : حدثني أحمد بن الخطاب قال : حدّثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن أبيه ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن جده عن عبد الله بن عباس بمثل ذلك ، إلا أنه في حديث «يهوى كوكب من السماء مع طلوع الشمس فيسقط في دار أحدكم» (٥).

الثامن والثلاثون : ابن بابويه قال : وحدّثنا بهذا الحديث شيخ لأهل الحديث يقال له : أحمد بن الحسن القطان المعروف بأبي علي بن عبدويه (٦) قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن زكريا القطان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدّثنا محمد بن إسحاق الكوفي قال : حدّثنا إبراهيم بن

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٤٩٠.

(٢) في المصدر : أما إنه سينقض.

(٣) النجم : ٢.

(٤) أمالي الصدوق ص ٥٠٥ ـ ٥٠٦.

(٥) أمالي الصدوق ص ٥٠٦.

(٦) في المصدر : عبد ربه (عبدويه) العدل.

١٨٣

عبد الله الشجري (١) أبو إسحاق ، عن يحيى بن الحسين المشهدي ، عن أبي هارون العبدي ، عن ربيعة السعدي قال : سألت ابن عباس عن قول الله عزوجل : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) قال : هو النجم الذي هوى مع طلوع الفجر فسقط في حجرة علي بن أبي طالب وكان أبي العباس يحبّ أن يسقط ذلك النجم في داره فيحوز الوصية ، والخلافة والإمامة ، ولكن الله أبى أن يكون ذلك غير علي بن أبي طالب ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (٢).

التاسع والثلاثون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال : حدثني محمد ابن الحسين بن حفص قال : حدثني محمد بن هارون بن إسحاق (٣) الهاشمي المنصوري قال : حدّثنا قاسم بن الحسن الزبيري (٤) قال : حدّثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدّثنا قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، قال : لما كان يوم غدير خم أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديا فنادى الصلاة جامعة ، وأخذ بيد علي عليه‌السلام وقال : «اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» ، فقال حسان بن ثابت : يا رسول الله أقول في عليّ شعرا؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «افعل» ، فقال :

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم وأكرم بالنبي مناديا

يقول فمن مولاكم ووليكم؟

فقالوا : ولم يبدوا هناك التعاديا

إلهك مولانا وأنت ولينا

ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا

فقال له : قم يا علي فانني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

* * *

وكان عليّ أرمد العين يبتغي

لعينيه مما يشتكيه مداويا

فداواه خير الناس منه بريقه

فبورك مرقيا وبورك راقيا (٥)

__________________

(١) في المصدر : السنجري (السحري).

(٢) أمالي الصدوق : ص ٥٠٧.

(٣) في المصدر : أبو إسحاق.

(٤) في المصدر : الزبيدي.

(٥) أمالي الصدوق ص ٥١٤. وذكر الابيات العلامة الأميني رحمه‌الله في الغدير : ٢ / ٣٤ بلفظ :

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم وأكرم بالنبي مناديا

فقال فمن مولاكم ووليكم؟

فقالوا : ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت نبيّنا

ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا

فقال له : قم يا علي فانني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه

فكونوا له أتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم! وال وليه

وكن للذي عادا عليا معاديا

١٨٤

الأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن محمد الهمداني قال : أخبرنا المنذر بن محمد قال : حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الفضل ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه : «أيها الناس اسمعوا قولي ، واعقلوه عني فإن الفراق قريب أنا إمام البرية ، ووصيي سيد الخليقة ، وزوج سيدة نساء هذه الأمة ، وأبو العترة الطاهرة ، والأئمة الهادية ، وأنا أخو رسول الله ووصيه ، ووليه ووزيره ، وصاحبه ، وصفيه ، وحبيبه ، وخليله ؛ أنا أمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، وسيد الوصيين. حربي حرب الله ، وسلمي سلم الله ، وطاعتي طاعة الله ، وولايتي ولاية الله ، وشيعتي أولياء الله ، وأنصاري أنصار الله ، والذي خلقني ، ولم أك شيئا لقد علم المستحفظون من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى» (١).

الحادي والأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي قال : حدثني جعفر بن عبد الله التاريخي (٢) عن عبد الجبار بن محمد ، عن داود الشعيري ، عن الربيع صاحب المنصور ، عن جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام قال : قال المنصور للصادق عليه‌السلام : حدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب حديثا لم تروه العامة؟

فقال الصادق عليه‌السلام : «حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسري بي إلى السماء عهد الي ربي جل جلاله في علي ثلاث كلمات فقال : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعديك ، فقال عزوجل : إن عليا إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب المؤمنين ، فبشره يا محمد بذلك فبشره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فخر علي ساجدا شكرا لله عزوجل ، ثم رفع رأسه فقال : يا رسول الله بلغ من قدري حتى أني أذكر هناك؟

قال نعم وإن الله يعرفك وانك لتذكر في الرفيق الأعلى ، فقال المنصور : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (٣).

الثاني والأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال : حدّثنا محمد بن

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٥٤٢.

(٢) في المصدر : علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثني جعفر بن عبد الله النما ، الناونجي.

(٣) قطعة من حديث مفصل للامام الصادق عليه‌السلام مع المنصور ، ذكره بطوله الشيخ الصدوق في أماليه ص ٤٥٧ ـ ٥٥٠.

١٨٥

أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعد الخفاف عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لمّا عرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ناداني ربي جل جلاله : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فلي فاخضع ، وإياي فاعبد ، وعليّ فتوكل ، وبي فثق ، فاني قد رضيت بك عبدا وحبيبا ، ورسولا ، ونبيا ، وبأخيك (١) خليفة وبابا ، فهو حجتي على عبادي ، وإمام خلقي ، وبه يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يقام ديني ، وتحفظ حدودي ، وتنفذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، القائم منكم يعمر ارضي بتسبيحي ، وتهليلي (٢) ، وتكبيري وتحميدي ، وبه أطهر الأرض من أعدائي ، واورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمتي العليا وبه احيي عبادي وبلادي بعلمي ، وبه أظهر الكنوز والذخائر بمشيتي ، وإياه أظهر على الاسرار والضمائر بإرادتي ، وايده بملائكتي (٣) لتؤيده على انفاذ أمري واعلان ديني ، ذلك وليي حقا ، ومهدي عبادي صدقا» (٤).

الثالث والأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ـ مولى بني هاشم ـ قال : أخبرنا المنذر بن محمد قال : حدثني جعفر بن إسماعيل التمار (٥) الكوفي قال : حدثني عبد الله ابن الفضل ، عن ثابت بن دينار ، عن سعيد ابن جبير ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أنكر إمامة علي بعدي كان كمن أنكر نبوتي في حياتي ، ومن أنكر نبوتي في حياتي كان كمن أنكر ربوبية ربي عزوجل» (٦).

الرابع والأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد قال : حدثني الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (٧) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «علي مني وأنا من علي ، قاتل الله من قاتل عليا ، لعن الله من خالف عليا ، علي إمام الخليقة بعدي ، من تقدم عليا(٨) فقد تقدّم عليّ ، ومن فارقه فقد فارقني ، ومن آثر عليه فقد آثر عليّ ، أنا سلم لمن سالمه ، وحرب لمن حاربه

__________________

(١) في المصدر : وبأخيك علي.

(٢) في المصدر : وتهليلي وتقديسي.

(٣) في المصدر : وأمده بملائكتي.

(٤) أمالي الصدوق ص ٥٦٥.

(٥) في المصدر : البزاز.

(٦) أمالي الصدوق : ٥٨٦.

(٧) في المصدر : عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال :

(٨) في المصدر : من تقدم على علي.

١٨٦

ووليّ لمن والاه ، وعدو لمن عاداه» (١).

قلت : من أول الباب إلى هنا رواية الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه قدس‌سره في أماليه.

الخامس والأربعون : روى الشيخ أبو جعفر بن محمد بن الحسن الطوسي رحمه‌الله في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني الشيخ المفيد رحمه‌الله ـ قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن صالح قال : حدّثنا عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، عن مخول بن إبراهيم ، عن علي بن حزور ، عن الأصبغ ابن نباتة قال : سمعت عمار بن ياسر رضى الله عنه يقول : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : «إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب الى الله منها ، زينك بالزهد في الدنيا ، وجعلك لا ترزأ (٢) منها شيئا ولا ترزأ منك شيئا ، ووهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما ، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، فأما من أحبك وصدق فيك فأولئك جيرانك في دارك ، وشركاؤك في جنتك ، وأما من أبغضك وكذب عليك ، فحق على الله أن يوقفه موقف الكاذبين» (٣).

السادس والأربعون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد قال : حدثني أبي ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن إبراهيم قال : حدثني الحسين بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لما اسري بي إلى السماء وانتهيت الى سدرة المنتهى نوديت : يا محمد استوص بعلي خيرا فإنه سيد المسلمين، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة» (٤).

السابع والأربعون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد قال : حدّثنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال : أخبرنا إبراهيم ابن محمد الثقفي قال : حدّثنا عثمان ابن أبي شيبة ، عن عمرو بن ميمون ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام على منبر الكوفة : «أيها الناس إنه كان لي

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٥٨٩.

(٢) قال ابن الاثير في النهاية : ٢ / ٢١٨ / «لم يرزآني شيئا» اي لم يأخذا مني شيئا.

(٣) أمالي الطوسي : ١ / ١٨٤. ط : النجف الاشرف. البحار : ٤٠ / ٢٨.

(٤) أمالي الطوسي : ١ / ١٩٦.

١٨٧

من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر خصال ، لهن أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس ، قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت اقرب الخلائق إليّ يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار ، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما يتواجه منازل الاخوان في الله عزوجل وأنت الوارث مني ، وأنت الوصي من بعدي في عداتي واسرتي ، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي وأنت الإمام لامتي ، وأنت القائم بالقسط في رعيتي ، وأنت وليي ووليي ولي الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله» (١).

الثامن والأربعون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن سعيد المنقري قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد بن أبي هاشم قال : حدثني يحيى بن الحسين ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن سلمان الفارسي رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «يا معاشر المهاجرين والأنصار ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «هذا علي أخي ، ووزيري ، وخليفتي (٢). إمامكم فاحبوه لحبي ، واكرموه لكرامتي ، فإن جبرائيل أمرني أن أقول لكم ما قلت» (٣).

التاسع والأربعون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرني المظفر بن محمد البلخي قال : حدّثنا محمد بن جبير (٤) قال : حدّثنا عيسى قال : أخبرنا مخول بن إبراهيم قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن الأسود ، عن محمد بن عبيد الله ، عن عمر بن علي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن آبائه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن الله عهد إليّ عهدا فقلت : رب بيّنه لي؟ قال : اسمع قلت : سمعت قال : يا محمد إن عليا راية الهدى بعدك ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي الزمها الله المتقين فمن أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشره بذلك» (٥).

الخمسون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال : أخبرنا محمد بن هارون الهاشمي قراءة عليه قال : أخبرنا محمد بن مالك بن الأبرد النخعي قال : حدّثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي قال : حدّثنا غالب الجعفي (٦)

__________________

(١) أمالي الطوسي : ١ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٢) في المصدر : ووارثي وخليفتي.

(٣) أمالي الطوسي : ١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٤) في المصدر : جرير.

(٥) أمالي الطوسي : ١ / ٢٥٠.

(٦) في المصدر : الجهني.

١٨٨

عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لما اسري بي إلى السماء ، ثم من السماء إلى السماء ، ثم إلى سدرة المنتهى اوقفت بين يدي ربي عزوجل فقال لي : يا محمد فقلت لبيك ربي وسعديك قال : قد بلوت خلقي فأيهم وجدت اطوع لك؟ قال : فقلت رب عليا ، قال : صدقت يا محمد ، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ويعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟ قال : قلت اختر لي فإن خيرتك خير لي ، قال : قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا ونحلته (١) علمي وحلمي وهو أمير المؤمنين حقا ، لم يقلها أحد قبله ولا أحد بعده.

يا محمد : علي راية الهدى ، وإمام من أطاعني ، ونور أوليائي ، وهو الكلمة التي الزمتها المتقين. من أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشره بذلك يا محمد فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ربي قد بشرته فقال علي : أنا عبد الله وفي قبضته إن يعذبني فبذنوبي ولم يظلمني (٢) وان يتم لي ما وعدني فالله أولى بي.

فقال : اللهم اجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان (٣) قال : قد فعلت ذلك به يا محمد غير أني مختصه بشيء من البلاء لم اخص به أحدا من أوليائي. قال : قلت رب أخي وصاحبي. قال : إنه قد سبق في علمي أنه مبتلى ، ومبتلي به ، ولو لا علي لم يعرف أوليائي ولا أولياء رسلي».

قال محمد بن مالك : فلقيت نصر بن مزاحم المنقري فحدثني عن غالب الجهني ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لما اسري بي إلى السماء» وذكر مثله سواء.

قال محمد بن مالك : فلقيت علي بن موسى بن جعفر فحدثني عن أبيه (٤) ، عن جده ، عن الحسين بن علي ، عن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لما اسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى السماء ، ثم الى سدرة المنتهى» ـ وذكر الحديث بطوله (٥).

الحادي والخمسون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل قال : حدّثنا محمد ابن القاسم بن زكريّا المحاربي ، قال : حدّثنا حسين بن نصر بن مزاحم المنقري قال : حدّثنا إبراهيم

__________________

(١) في المصدر : فاني قد نحلته.

(٢) في المصدر : ولم يظلمني شيئا.

(٣) في المصدر : الإيمان بك.

(٤) في المصدر : فذكرت له هذا الحديث فقال : حدثني به أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه ..

(٥) أمالي الطوسي : ١ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤.

١٨٩

ابن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن منصور بن سابور الترجمي (١) عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة بن حصيب الأسلمي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «عهد إلي ربي تعالى عهدا فقلت : يا رب بيّنه لي ، فقال : يا محمد اسمع ، عليّ راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور من اطاعني ، وهو الكلمة التي الزمتها المتقين ، فمن أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشره بذلك. قال : قلت : أجل ، قلت : واجعل دينه الإيمان في قلبه. قال قد فعلت. ثم قال : إني مختصه ببلاء لم يصب به أحد من خلقي قال : قلت : أخي وصاحبي ، قال : ذلك مما قد سبق مني إنه مبتلى ومبتلي به» (٢).

الثاني والخمسون : الشيخ الطوسي في مجالسه قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل قال : حدّثنا أبو عبد الله بن محمد بن المطلب الشيباني (٣) سنة ست عشرة وثلاثمائة ـ وفيها مات ـ قال : حدّثنا إبراهيم بن بشر بالكوفة. قال : حدّثنا منصور ابن أبي نويرة الأسدي ، قال : حدّثنا عمرو بن شمر ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سعد بن حذيفة ابن اليمان ، عن أبيه قال : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الأنصار والمهاجرين اخوة الدين ، وكان يواخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : «هذا أخي» قال حذيفة : فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد المرسلين ، وإمام المتقين وسيد ولد آدم ، ورسول رب العالمين ، الذي ليس له من الأنام شبه ولا نظير ، وعلي بن أبي طالب أخوه (٤).

قلت : وروى هذا الحديث من طرق المخالفين أحمد بن حنبل في مسنده قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي يرفعه الى سعد بن حذيفة ، عن أبيه حذيفة بن اليمان قال : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين والأنصار وكان يواخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : هذا أخي ، قال حذيفة : فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيد المسلمين (٥) وإمام المتقين ، ورسول رب العالمين الذي ليس له شبيه ولا نظير وعلي أخوه (٦).

قال مصنف هذا الكتاب «هو أخوه» معناه هو نظيره فماله عليه‌السلام من الحالات والصفات هو لعلي عليه‌السلام إلا النبوة.

__________________

(١) في المصدر : البرجمي.

(٢) أمالي الطوسي : ٢ / ١٢٧.

(٣) في المصدر : أبو عبد الله بن المطلب الشيباني.

(٤) أمالي الطوسي : ٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٥) في بعض المصادر : سيد المرسلين.

(٦) رواه عن مسند أحمد بن حنبل : «القندوزي» في ينابيع المودة ص ٥٧ ، و «الامر تسرى» في أرجح المطالب ص ٤٢٤.

وذكره باللفظ المذكور : الحافظ ابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص ٣٨ ، وابن هشام في السيرة النبوية : ١ / ٥٠٤ وابن كثير في البداية والنهاية : ٣ / ٢٢٦.

١٩٠

الثالث والخمسون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويهرحمه‌الله قال : حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدّثنا محمد ابن جعفر الأسدي قال : حدثني موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر الجعفي قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام : «إن الله تعالى ضمن للمؤمن ضمانا. قال قلت: وما هو؟ قال ضمن له إن أقرّ لله بالربوبية ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوّة ، ولعلي عليه‌السلام بالإمامة ، وأدى ما افترض عليه أن يسكنه في جواره فقال قلت : هذه والله هي الكرامة التي لا يشبهها كرامة الآدميين. ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اعملوا قليلا تنعموا كثيرا» (١).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ١ / ٢٠١.

١٩١

فصل

في النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام في جملة الأئمة الاثني عشر

من طريق الخاصة

الرابع والخمسون : الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه في كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر بإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : «يا علي إن الله تبارك وتعالى وهب لك حب المساكين ، والمستضعفين في الأرض ، فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما فطوبى لك ولمن أحبّك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، يا علي أنت المدينة وأنت بابها وما تؤتى المدينة إلّا من بابها ، يا علي أهل مودتك كل أواب حفيظ (١) وأهل ولايتك كل أشعث ذي طمرين (٢) لو أقسم على الله عزوجل لأبر قسمه يا علي إخوانك في أربعة أماكن فرحون : عند خروج أنفسهم وأنا وأنت شاهدهم ، وعند المساءلة في قبورهم ، وعند العرض ، وعند الصراط.

يا علي : حربك حربي ، وحربي حرب الله ، وسلمك سلمي ، وسلمي سلم الله ، من حاربك فقد حاربني ، ومن حاربني فقد حارب الله ، ومن سالمك فقد سالمني ومن سالمني فقد سالم الله.

يا علي : بشر شيعتك أن الله قد رضي عنهم ورضوا بك لهم قائدا ورضوا بك وليا.

يا علي : أنت مولى المؤمنين وقائد الغر المحجلين ، وأنت أبو سبطي ، وأبو الأئمة التسعة من صلب الحسين ، ومنا مهدي هذه الأمة ، يا علي : شيعتك المنتجبون ، ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين» (٣).

الخامس والخمسون : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال : حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى ، قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور

__________________

(١) الاواب : التائب. والمراد بالحفيظ من يحافظ على توبته إذا تاب.

(٢) الاشعث : من كان شعره مغبرا متلبدا. والطمر : الثوب البالي. وهما هنا كنايتان عن عدم التوغل في زخارف الدنيا.

(٣) رواه المجلسي في البحار : ٣٦ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ عن كفاية الاثر.

١٩٢

الهاشمي (١) ، قال : حدّثنا عمار بن محمد الثوري قال : حدّثنا سفيان ، عن أبي الحجاف داود بن أبي عوف ، عن الحسن بن علي عليهما‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام : «أنت وارث علمي ، ومعدن حكمي ، والإمام بعدي ، فإذا استشهدت فابنك الحسن ، فإذا استشهد الحسن فابنك الحسين ، وإذا استشهد الحسين فابنه علي يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة اطهار ، فقلت : يا رسول الله فما أسماؤهم؟ قال : علي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي من صلب الحسين ، يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما» (٢).

السادس والخمسون : ابن بابويه قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب قال : حدّثنا أبو السيد أحمد بن محمد بن السيد المدني باصبهان ، قال : حدّثنا عبد العزيز ابن إسحاق بن جعفر ، عن عبد الوهاب بن عيسى المروزي ، قال : حدّثنا الحسن بن علي (٣) البلوي قال : حدّثنا عبد الله بن يحيى (٤) عن علي بن هاشم ، عن حزور ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت عمران بن حصين يقول : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي : «أنت الإمام (٥) والخليفة بعدي ، تعلّم الناس (٦) ما لا يعلمون ، وأنت أبو سبطي وزوج ابنتي ، ومن ذريتكم العترة الأئمة المعصومون» ، فسأله سلمان عن الأئمة فقال : «هم عدد نقباء بني إسرائيل» (٧).

السابع والخمسون : ابن بابويه قال : أخبرنا القاضي المعافي بن زكريا قال : حدّثنا علي بن عقبة ، عن ابيه قال : حدثني الحسين بن علوان ، عن أبي علي الخراساني ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن علي عليه‌السلام قال : «قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت الوصي على الأموات من أهل بيتي ، والخليفة على الأحياء من أمتي ، حربك حربي ، وسلمك سلمي ، أنت الإمام أبو الأئمة ، أحد عشر من صلبك أئمة مطهرون معصومون ، ومنهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ، فالويل لمبغضيهم (٨).

يا علي لو أن رجلا أحب في الله حجرا لحشره الله معه ، إن محبيك وشيعتك ومحبي أولادك

__________________

(١) في البحار : محمد بن أحمد بن عبد الله الهاشمي ، عن عيسى بن أحمد.

(٢) ذكره المجلسي في البحار : ٣٦ / ٣٤٠ عن كفاية الاثر.

(٣) في البحار : الحسين بن علي بن محمد البلوي.

(٤) في البحار : عبد الله بن نجيح.

(٥) في البحار : أنت وارث علمي ، وأنت الإمام.

(٦) في البحار : تعلم الناس بعدي.

(٧) رواه المجلسي ف البحار : ٣٦ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، عن كفاية الاثر.

(٨) في البحار : فالويل لمبغضكم.

١٩٣

والأئمة بعدك يحشرون معك ، وأنت معي في الدرجات العلى ، وأنت قسيم الجنة والنار ، تدخل محبيك الجنة ومبغضيك النار» (١).

الثامن والخمسون : ابن بابويه قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن هارون الدينوري ، قال : حدّثنا محمد بن العباس المصري قال : حدّثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري قال : حدّثنا حريز بن عبد الله الحذاء قال : حدّثنا إسماعيل بن عبد الله قال : قال الحسين بن علي عليه‌السلام : «لما أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢) سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تأويلها فقال : والله ما يعني بها غيركم ، وأنتم أولو الأرحام ، فإذا مت فأبوك عليّ أولى بي وبمكاني ، فإذا مضى أبوك فاخوك الحسن أولى به ، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به. فقلت : يا رسول الله فمن بعدي؟ قال : ابنك من بعدك (٣) فإذا مضى فابنه محمد أولى به من بعده ، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى به وبمكانه من بعده ، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده ، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى به من بعده ، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده ، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك ، فهذه الأئمة التسعة من صلبك ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، طينتهم من طينتي ، ما لقوم يؤذونني فيهم؟ لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة» (٤).

التاسع والخمسون : الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة : عن جماعة ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسن (٥) ، عن أحمد ابن محمد بن الخليل ، عن جعفر بن محمد المصري (٦) عن عمه الحسن ابن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في الليلة التي كانت فيها وفاته ـ لعلي عليه‌السلام: يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصيّته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ، ومن بعدهم اثنا عشر مهديا فأنت يا علي أول الاثني عشر الإمام ، سمّاك الله تعالى في سمائه عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين والصديق

__________________

(١) البحار : ٣٦ / ٣٢٥ ـ ٣٢٥.

(٢) الاحزاب : ٦.

(٣) في البحار : ابنك علي أولى بك من بعدك.

(٤) رواه المجلسي في البحار : ٣٦ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤ عن كفاية الاثر.

(٥) في المصدر : الحسين.

(٦) في المصدر : جعفر بن أحمد.

١٩٤

الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون والمهدي ، فلا تصلح هذه الأسماء لأحد غيرك ، يا علي أنت وصي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي ، فمن ثبّتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا منها بريء ولم ترني، ولم أرها في عرصة القيامة وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد باقر العلم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد التقي (١) فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه المستحفظ من آل محمد فذلك اثنا عشر إماما ، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين ثلاثة أسماء (٢) اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي ، هو أول المؤمنين» (٣).

الستون : ابن بابويه في كتاب النصوص قال : حدّثنا محمد بن عبد الله الشيباني ، والقاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي ، والحسين (٤) بن محمد بن سعيد ، والحسن بن علي بن الحسين (٥) الرازي ، جميعا قالوا : حدّثنا أبو علي محمد بن همان بن سهل الكاتب ، قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن جمهور القميّ (٦) عن أبيه محمد بن جمهور قال : حدثني عثمان بن عمر قال : حدّثنا شعبة بن سعيد بن إبراهيم عن عبد الرّحمن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبو بكر وعمر والفضل بن العباس وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود إذ دخل الحسين بن علي عليه‌السلام فأخذه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقبله ثم قال : «حزقة حزقة ، ترق عين بقة» ووضع فمه على فمه ثم قال : «اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه ، يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة ، تسعة من ولدك أئمة أبرار».

فقال له عبد الله بن مسعود : ما هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم في صلب الحسين؟ فأطرق مليا ، ثم

__________________

(١) في المصدر : محمد الثقة التقي.

(٢) في المصدر : له ثلاثة أسام.

(٣) الغيبة ص ٩٦ ـ ٩٧ ، ط النجف الاشرف ، وذكره المجلسي في البحار : ٣٦ / ص ٢٦٠ ـ ٢٦١.

(٤) في البحار : الحسن.

(٥) في البحار : الحسن.

(٦) في البحار : العمي.

١٩٥

رفع رأسه فقال : «يا عبد الله سألت عظيما ولكني أخبرك أن ابني هذا ـ ووضع يده على كتف الحسينعليه‌السلام ـ يخرج من صلبه ولد مبارك سمي جده علي عليه‌السلام يسمى العابد ونور الزهاد ، ويخرج الله من صلب عليّ ولدا اسمه اسمي ، وأشبه الناس بي ، يبقر العلم بقرا وينطق بالحق ويأمر بالصواب ، ويخرج الله من صلبه كلمة الحق ، ولسان الصدق». فقال له ابن مسعود : فما اسمه يا نبي الله؟ فقال : «يقال له: جعفر صادق في قوله وفعله ، الطاعن عليه كالطاعن عليّ ، والراد عليه كالراد عليّ». ثم دخل حسان بن ثابت وأنشد في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شعرا وانقطع الحديث.

فلما كان من الغد صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل بيت عائشة ودخلنا معه أنا وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن العباس ، وكان من دأبه صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سئل أجاب وإذا لم يسأل ابتدأ فقلت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين؟ قال : «نعم يا أبا هريرة. ويخرج الله من صلب جعفر مولودا نقيّا طاهرا أسمر ربعة (١) سمي موسى بن عمران؟ ثم قال له ابن عباس : ثم من يا رسول الله؟ قال : يخرج من صلب موسى علي ابنه يدعي بالرضا ، موضع العلم ، ومعدن الحلم ثم قالعليه‌السلام بأبي المقتول في أرض الغربة ، ويخرج من صلب علي ابنه محمد المحمود أطهر الناس خلقا وأحسنهم خلقا ؛ ويخرج من صلب محمد علي ابنه ، طاهر الحسب ، صادق اللهجة ؛ ويخرج من صلب علي الحسن ، الميمون النقي الطاهر الناطق عن الله ، وأبو حجة الله ؛ ويخرج من صلب الحسن قائمنا أهل البيت ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، له هيبة موسى ، وحكم داود ، وبهاء عيسى. ثم تلا : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢)» فقال له علي بن أبي طالب : «بأبي أنت وأمّي يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكرتهم؟» قال : «يا علي اسماء الأوصياء من بعدك ، والعترة الطاهرة والذرية المباركة» ، ثم قال : «والذي نفس محمد بيده لو أن عبدا عبد الله ألف عام ثم ألف عام بين الركن والمقام ، ثم أتاني جاحدا لولايتهم لأكبه الله في النار كائنا من كان».

قال أبو علي ابن همام : العجب كل العجب من أبي هريرة يروي هذه الأخبار ثم ينكر فضائل أهل البيت عليهم‌السلام (٣).

الحادي والستون : ابن بابويه قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد ابن علي الخزاعي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال : حدّثنا أبو هاشم عمر بن عبد الله

__________________

(١) الربعة : الوسيط القامة.

(٢) آل عمران : ٣٤.

(٣) رواه المجلسي في البحار : ٣٦ / ٣١٢ ـ ٣١٤ عن كفاية الاثر.

١٩٦

المقري قال : حدّثنا أسد بن موسى (١) قال : حدّثنا عبد الله بن حكيم الهمداني عن أبي بكر الرهني (٢) عن الحجاج بن أرطاة ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول للحسين بن علي : «أنت الإمام ابن الإمام وأخو الإمام تسعة من صلبك أئمة أبرار والتاسع قائمهم»(٣).

الثاني والستون : ابن بابويه قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الشيباني قال : حدّثنا محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثني محمد بن يحيى العطار ، عن سلمة بن الخطاب ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة ، وصالح بن عقبة جميعا عن علقمة الحضرمي (٤) ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «الأئمة اثنا عشر» قلت (٥) : يا ابن رسول الله فسمهم لي فقال : «من الماضين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ثم أنا» ، قلت : فمن بعدك يا ابن رسول الله؟ قال : «إني قد أوصيت إلى ابني موسى وهو الإمام بعدي» ، قلت : فمن بعد موسى؟ قال : «علي ابنه يدعى الرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان ، ثم بعد علي ابنه محمد ، ثم بعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن ، والمهدي من ولد الحسن ، ثم قال عليه‌السلام : حدثني أبي عن أبيه عن جده ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي إن قائمنا إذا خرج تجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدد رجال بدر فإذا حان وقت خروجه يكون له سيف مغمود يناديه السيف : قم يا ولي الله فاقتل أعداء الله»(٦).

الثالث والستون : ابن بابويه قال : حدثني علي بن الحسين بن محمد بن مندة قال : حدّثنا محمد ابن الحسين الكوفي المعروف بأبي الحكم قال : حدّثنا إسماعيل بن موسى بن إبراهيم قال : حدّثنا سليمان بن حبيب ، قال : حدثني شريك ، عن حكيم ابن جبير ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة ، فقال فيما قال في آخرها : «ألا وإني ظاعن عنكم عن قريب ، ومنطلق إلى مغيب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية ، وإماتة ما أحياه الله ، وإحياء ما أماته الله ، واتخذوا صوامعكم بيوتكم ،

__________________

(١) في المخطوطة : إسماعيل بن موسى.

(٢) في البحار : الراهبي.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢٩٥. كفاية الاثر ص ٤ ـ ٥ ، البحار : ٣٦ / ص ٢٩١.

(٤) في كفاية الاثر. علقمة بن محمد الحضرمي.

(٥) في كفاية الاثر : قال : قلت :.

(٦) كفاية الاثر ص ٣٦ ط ايران ، البحار : ٣٦ / ٤٠٩ ـ ٤١٠.

١٩٧

وعضوا على مثل جمر الغضا (١) ، واذكروا الله كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون.

ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء ، بين دجلة ودجيل والفرات ، فلو رأيتموها مشيّدة بالجص والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضة ، واللازورد المستسقى والمرمر والرخام وأبواب العاج والآبنوس ، والخيم والقباب والستارات ، وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر (٢) والشب ، وشيدت بالقصور ، وتوالت عليها بني الشيصبان (٣) أربعة وعشرون ملكا على عدد سني الملك (٤) ، فيهم السفاح والمقلاص والجموع والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعيار والصلعم والمستسغب والعلام والرهبان والخليع والسيار والمترف والكديد والأكتب والمسرف والكلب والوشمي والصلام والغسوق (٥) ، وتعمل القبة الغبراء ذات الفلاة الحمراء ، وفي عقبتها قائم الحق يسفر عن وجهه بين أجنحته الأقاليم كالقمر (٦) المضيء بين الكواكب الدرية ، ألا وان لخروجه علامات عشرة أولها : طلوع الكوكب ذي الذنب ، ويقارب من الجاري ، ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب ، ومن علامة إلى علامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر منا القمر الأزهر وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد».

فقال له رجل يقال له عامر بن كثير : يا أمير المؤمنين لقد أخبرتنا عن أئمة الكفر وخلفاء الباطل فاخبرنا عن أئمة الحق وألسنة الصدق بعدك ، قال : «نعم لعهد عهده إلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ، ورأيت اثني عشر نورا فقلت : يا رب انوار من هذه؟ فنوديت يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك فقلت :

__________________

(١) عضن عضا : أمسكنه باسنانه. الغضا : شجر من الاثل خشبه من أصلب الخشب وجمره يبقى زمنا طويلا لا ينطفي.

(٢) الساج : شجر عظيم صلب الخشب (معرب كاج). والعرعر : شجر يشبه السرو ينبت في الجبال. والصنوبر : شجر رفيع الورق دائم الخضرة.

(٣) في الانصاف : ملوك بني الشيبان ، وفي البحار : ملوك بني الشيصبان.

(٤) في كفاية الاثر : على عدد سني الملك الكديد ، وفي البحار : على عدد سني الكديد.

(٥) في الانصاف : والمهتور والعثار والمضطلم والمستصعب والعلام والرهبان والخليع والسيار والمترف والكديد والأكتب والمثرب والاكلب والوثيم والظلام والعينوق.

(٦) في الانصاف : يسفر عن وجهه بين الاقاليم كالقمر. وأسفر الصبح : أي أضاء.

١٩٨

يا رسول الله أفلا تسميهم لي؟ فقال : نعم أنت الإمام والخليفة بعدي ، تقضي ديني ، وتنجز عداتي ، وبعدك ابناك الحسن والحسين ، وبعد الحسين ابنه علي بن الحسين زين العابدين ، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالباقر ، وبعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق وبعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم ، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا ، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي ، وبعد محمد ابنه علي ويدعى بالتقي وبعد علي ابنه الحسن يدعي بالامين القائم من ولد الحسين سميي وأشبه الناس بي ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما». قال الرجل : يا أمير المؤمنين فما بال قوم وعوا ذلك من رسول الله ثم دفعوكم عن هذا الأمر وانتم الاعلون نسبا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفهما بالكتاب والسنة؟ قال : «أرادوا قلع أوتاد الحرم ، وهتك سور أشهر الحرم من بطون البطون ونور نواظر العيون ، بالظنون الكاذبة ، والأعمال البائرة ، بالاعوان الجائرة ، في البلدان المظلمة ، والبهتان المهلكة ، بالقلوب الجريّة فراموا هتك الستور الزكية ، وكسر آنية التقية (١) ومشكاة يعرفها الجميع ، عين الزجاجة ومشكاة المصباح وسبل الرشاد ، وخيرة الواحد القهار ، حملة بطون القرآن ، فالويل لهم من طمطام النار ، ومن رب كريم متعال ، بئس القوم من خفضني وحاولوا الادهان في دين الله ، فإن يرفع عنا محن البلوى حملناهم من الحق على محضه ، وإن يكن الاخرى فلا تأس على القوم الفاسقين» (٢).

الرابع والستون : ابن بابويه عن علي بن الحسين بن محمد قال : حدّثنا محمد بن الحسين ابن

__________________

(١) في البحار : وكسر آنية الله النقية.

(٢) رواه السيد البحراني في كتابه الانصاف ص ٢٣٢ ـ ٢٣٧ ـ ط ايران ١٣٨٦ ه‍ عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن بابويه ، ورواه الشيخ الخزاز القمي في كفاية الاثر ص ٢٨ ـ ٢٩ ط ايران ، وعنه الشيخ المجلسي في البحار : ٣٦ / ٣٥٤ ـ ٣٥٦. وقال بعد ذكر الحديث.

«الشيصبان اسم الشيطان ، وانما عبر عنهم بذلك لأنهم كانوا شرك شيطان. والمشهور أن عدد خلفاء بني العباس كان سبعة وثلاثين ، ولعله عليه‌السلام انما عد منهم من استقر ملكه وامتد ، لا من تزلزل سلطانه وذهب ملكه سريعا ، كالامين والمنتصر والمستعين والمعتز وأمثالهم.

والكديد إما كناية عن المعتز فالمراد بسنيه أعوام عمره فإن عمره حين مات كان أربعا وعشرين سنة ، فيكون ما ذكره عليه‌السلام عند العد على خلال فالترتيب ؛ أو كناية عن المقتدر ويكون المراد بسنيه مدة خلافته وكانت أربعة وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وثمانية عشر يوما وكان ثامن عشرهم وفي العد أيضا الكديد هو الثامن عشر والمتقي أيضا كانت مدّة خلافته أربعا وعشرين سنة وأشهرا ، فيحتمل أن يكون اشارة إليه بناء على سقوط جماعة قبله لعدم تمكنهم كما مر. وفي بعض النسخ «على عدد سني الملك» أي على عدد سني ملكهم وسلطنهم ، أهملها ولم يذكرها ، وفي روايات هذه الخطبة اختلافات كثيرة».

١٩٩

الحكم الكوفي ببغداد قال : حدثني الحسين بن حمدان الحصيبي قال : حدّثنا عثمان بن سعيد العمري. قال : حدّثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الحسني (١) قال : حدثني خلف بن المغلس قال : حدثني نعيم بن جعفر قال : حدثني أبو حمزة الثمالي ، عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسينعليهما‌السلام قال : «دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متفكر مغموم ، فقلت : يا رسول الله ما لي أراك متفكرا فقال : يا بني إن الروح الأمين قد أتاني فقال : يا رسول الله العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول لك : إنك قد قضيت نبوتك واستكملت ايامك ، فاجعل الاسم الاكبر وميراث العلم وآثار النبوة عند علي بن أبي طالب فاني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف بطاعتي (٢) وتعرف به ولايتي فاني لم أقطع علم النبوة من العقب من ذريتك (٣) ، كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم ، فقلت : يا رسول الله فمن يملك هذا الأمر بعدك؟ قال : أبوك علي بن أبي طالب أخي وخليفتي ويملك بعد علي الحسن ثم تملكه أنت وتسعة من صلبك ، يملكه اثنا عشر إماما ، ثم يقوم قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويشفي صدور قوم مؤمنين من شيعته» (٤).

الخامس والستون : ابن بابويه قال : أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي قال : حدّثنا أبو سليمان (٥) أحمد بن أبي هراسة قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، عن عبد الله ابن حماد الأنصاري قال : حدّثنا إسماعيل ابن أبي أويس ، عن أبيه ، عن عبد الحميد الأعرج ، عن عطاء قال : دخلنا على عبد الله بن عباس وهو عليل بالطائف وقد ضعف (٦) فسلمنا عليه وجلسنا ، فقال لي : يا عطاء من القوم؟ فقلت : يا سيدي هم شيوخ هذا البلد ، منهم : عبد الله بن سلمة ابن حضرم الطائفي ، وعمارة بن الأجلح ، وثابت بن مالك ، فما زلت أذكر له واحدا بعد واحد ثم تقدموا إليه وقالوا : يا ابن عم رسول الله إنك رأيت رسول الله وسمعت منه ما سمعت ، فاخبرنا عن اختلاف هذه الأمة فقوم قدموا عليا على غيره وقوم جعلوه بعد ثلاثة؟

__________________

(١) في كفاية الاثر والبحار : أبو عبد الله محمد بن مهران ، عن محمد بن إسماعيل الحسني.

(٢) في كفاية الاثر والبحار : تعرف به طاعتي.

(٣) في كفاية الاثر والبحار : من الغيب من ذريتك.

(٤) رواه السيد البحراني في الانصاف ص ٥٨ ـ ٥٩ ، عن الغيبة لابن بابويه. وذكره الخزاز في كفاية الأثر ص ٢٤ ، والمجلسي في البحار : ٣٦ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦.

(٥) في كفاية الاثر : أبو سليمان.

(٦) في كفاية الاثر ، والبحار : بالطائف ـ في العلة التي توفي فيها ونحن زهاء ثلاثين رجلا من شيوخ الطائف ـ وقد ضعف ...

٢٠٠