غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ١

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

الصَّادِقِينَ) (١)».

فقال سلمان يا رسول الله عامة هذا أم خاصة؟ قال : «أمّا المأمورون فعامة المؤمنين امروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة» قالوا : اللهم نعم.

قال : «انشدكم الله تعالى أتعلمون أني قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك لم خلفتني؟ فقال : إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟» قالوا : اللهم نعم.

فقال : «أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) (٢) إلى آخر السورة فقام سلمان فقال : يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس ، الذين اجتباهم الله ، ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم؟ قال : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة قال : سلمان بينهم لنا يا رسول الله؟ قال : أنا ، وأخي علي ، وأحد عشر من ولدي» قالوا : اللهم نعم.

قال : «أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال : يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال : يا رسول الله أكل أهل بيتك؟ فقال : لا ولكن أوصيائي منهم ، أولهم أخي ، ووزيري ، ووارثي ، وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي ، هو أولهم. ثم ابني الحسن ، ثم ابني الحسين ، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء لله في أرضه ، وحجته على خلقه ، وخزان علمه ، ومعادن حكمته ، من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله؟» فقالوا كلهم : نشهد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك ، ثم تمادى بعلي السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه وسألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه وما قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرا ، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حقّ (٣).

الخامس والثلاثون : الحمويني قال : أنبأني الإمام صدر الدين (٤) محمد بن أبي الكرام عبد الرزاق بن أبي بكر بن حيدر ، أخبرني القاضي فخر الدين محمد بن خالد الحقيقي الأبهري كتابة قال : أنبأنا السيد الإمام ضياء الدين فضل الله بن علي أبو الرضا الراوندي إجازة قال : أخبرنا السيد

__________________

(١) التوبة : ١١٩.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) فرائد السمطين ١ : ٣١٢ / ح ٢٥٠.

(٤) في المصدر : بدر الدين.

١٤١

أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسيني (١) ، أنبأنا الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ قدس الله روحه ـ أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ـ روح الله روحه ـ وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله ، وأبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي ، وأبو زكريا محمد بن سليمان الحراني قالوا كلهم : أنبأنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي رضي الله عنه قال : أخبرنا علي بن عبد الله الوراق الرازي قال : أنبأنا سعد بن عبد الله قال : أنبأنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن علوان ، عن عمر بن خالد ، عن سعيد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون» (٢).

السادس والثلاثون : الحمويني أيضا بإسناده هذا قال : قال أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه ، أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، عن أحمد بن مطرف بن سوار بن الحسين القاضي الحسني بمكة ، أنبأنا أبو حاتم المهلبي ، عن المغيرة ابن محمد ، أنبأنا عبد الغفار بن كثير الكوفي ، عن هيثم بن حميد ، عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس رضى الله عنه قال : قدم يهودي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقال له : نعثل فقال له : يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين ، فإن أجبتني عنها أسلمت على يدك؟ قال : «سل يا أبا عمارة» ، قال : يا محمد صف لي ربك ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه ، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز الأوصاف أن تدركه (٣) ، والاوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار الاحاطة به ، جل عما يصفه الواصفون ، ناء في قربه وقريب في نأيه ، كيف الكيف فلا يقال له كيف ، وأيّن الأين فلا يقال له أين ، هو منقطع الكيفية فيه والاينونية (٤) ، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد».

قال : صدقت يا محمد فأخبرني عن قولك : إنه واحد لا شبيه له. أليس الله تعالى واحد والانسان واحد؟ فوحدانيته أشبهت وحدانية الانسان؟ فقال عليه‌السلام : «الله تعالى واحد أحدي المعنى ، والانسان واحد ثنوي المعنى جسم وعرض ، وبدن وروح ، وإنما التشبيه في المعاني لا غير».

قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن وصيك من هو؟ فما من نبي إلا وله وصي ، وإن نبينا موسى ابن عمران أوصى إلى يوشع بن نون ، فقال : «نعم إن وصيي والخليفة من بعدي علي بن أبي طالب ،

__________________

(١) في المصدر : محمد بن معضد الحسني.

(٢) فرائد السمطين ٢ : ١٣٢ / ح ٤٣٠.

(٣) في البحار : تعجز الحواس أن تدركه.

(٤) في البحار : هو منقطع الكيفوفية والاينونية.

١٤٢

وبعده سبطاي الحسن والحسين ، يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار». قال : يا محمد فسمهم لي؟ قال : «نعم إذا مضى الحسين فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمد ، فإذا مضى محمد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى ، فإذا مضى موسى فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمد ، ثم ابنه علي ، ثم ابنه الحسن ثم الحجة بن الحسن فهذه اثنا عشر أئمة عدد نقباء بني إسرائيل» قال : فاين مكانهم في الجنة ، قال : «معي في درجتي».

قال : أشهد ان لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأشهد أنهم الأوصياء بعدك ، ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة ، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران عليه‌السلام أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له «أحمد» خاتم الأنبياء لا نبي بعده ، فيخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الاسباط ، فقال : «يا أبا عمارة أتعرف الاسباط؟» قال : نعم يا رسول الله! إنهم كانوا اثني عشر ، قال : «إن أولهم لاوي بن برخيا (١) ، وهو الذي غاب عن بني اسرائيل غيبة طويلة ثم عاد فأظهر الله شريعته بعد اندراسها ، وقاتل مع قرسطتا الملك حتى قتله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله كائن في أمتي ما كان في بني اسرائيل ، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ، وان الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى ، ويأتي على أمتي زمن لا يبقى من الإسلام إلّا اسمه ، ولا من القرآن إلّا رسمه ، فحينئذ يأذن الله تعالى له بالخروج ، فيظهر الإسلام ويجدد الدين ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : طوبى لمن أحبهم والويل لمبغضهم وطوبى لمن تمسك بهم» فانتفض نعثل وقام بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنشأ يقول :

صلى العلي ذو العلاء

عليك يا خير البشر

أنت النبي المصطفى

والهاشمي المفتخر

بك اهتدانا ربنا

وفيك نرجو ما أمر

ومعشر سميتهم

أئمة اثني عشر

حباهم رب العلى

ثم صفاهم من كدر

قد فاز من والاهم

وخاب من عادى الزهر

آخرهم يشفي الظما

وهو الإمام المنتظر

عترتك الاخيار لي

والتابعون ما أمر

من كان عنهم معرضا

فسوف يصلى في سقر (٢)

السابع والثلاثون : الحمويني ، أنبأني المشايخ الكرام السيد الإمام جمال الدين رضي الإسلام

__________________

(١) في البحار : فإن فيهم لاوي بن أرحيا.

(٢) فرائد السمطين ٢ : ١٣٢ / ح ٤٣١.

١٤٣

أحمد بن طاوس الحسيني والسيد الإمام النسابة جلال الدين عبد الحميد ابن فخار بن معد بن فخار الموسوي ، وعلامة زمانه نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحليون رحمهم‌الله كتابة ، عن السيد الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي ، عن شاذان بن جبرائيل القمي ، عن جعفر بن محمد الدورستي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه‌الله قال : حدثني أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قال : نبأنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن أبي الخير صالح بن أبي حماد والحسن بن طريف جميعا ، عن بكر بن صالح.

ح ـ وحدّثنا أبي ومحمد بن موسى بن المتوكل ، ومحمد بن علي ما جيلويه ، وأحمد بن علي بن إبراهيم ، والحسن بن إبراهيم بن ناتانة ، وأحمد بن زياد الهمداني رضي الله تعالى عنهم قالوا : حدّثنا علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم ـ روح الله روحهما ـ عن بكر بن صالح ، عن عبد الرّحمن ابن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أبي عليه‌السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري : «إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها».

فقال له جابر : في أي الاوقات شئت ، فخلا به أبي عليه‌السلام فقال : «يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما أخبرتك به ان في ذلك اللوح مكتوبا ، قال جابر: أشهد الله أني دخلت على امك فاطمة عليها‌السلام في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهنيها بولادة الحسين فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه زمرد ، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس ، فقلت أنا : بأبي وأمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت : هذا اللوح اهداه الله إلى رسوله فيه اسم أبي ، واسم بعلي ، واسم ابني واسماء الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليبشرني بذلك ، قال جابر فأعطتنيه امك فاطمة فقرأته وانتسخته ، فقال أبي : فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ قال : نعم ، فمشى معه أبي حتى انتهى إلى منزل جابر واخرج أبي صحيفة من رق ، فقال : يا جابر انظر في كتابك لأقرأ عليك ، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا ، فقال جابر فاشهد بالله أني رأيته هكذا في اللوح مكتوبا : بسم الله الرّحمن الرحيم : هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره ، وسفيره ، وحجابه ، ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين.

عظم يا محمد اسمائي ، واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، إني أنا الله لا إله إلا أنا قاصم الجبارين، ومذل الظالمين ، وديان الدين ، إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي ، أو خاف غير عدلي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، إني لم أبعث نبيا

١٤٤

فأكملت أيامه ، وانقضت مدته ، إلا جعلت له وصيا ، وإني فضلتك على الأنبياء ، وفضلت وصيك على الأوصياء ، واكرمتك ، بشبليك بعده ، وسبطيك حسن وحسين ، فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه ، وجعلت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة ، وختمت له بالسعادة فهو أفضل ممن استشهد ، وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التامة معه ، والحجة البالغة عنده ، بعترته اثيب واعاقب، أولهم سيد العابدين ، وزين أوليائي الماضين وابنه شبيه جده المحمود محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي ، سيهلك المرتابون في جعفر ، الراد عليه كالراد عليّ ، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر ، ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه وانتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس (١) لان خيط فرضي لا ينقطع (٢) وحجتي لا تخفى ، وان أوليائي لا يشقون ، ألا ومن جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غير آية من كتابي فقد افترى عليّ ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي ، إن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي ، وعليّ وليي وناصري ، ومن أضع عليه اعباء النبوة وأمنحه بالاضطلاع (٣) يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح ، إلى جنب شر خلقي حق القول مني لاقرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ، فهو وارث علمي ، ومعدن حكمي ، وموضع سري ، وحجتي على خلقي ، جعلت الجنة مأواه (٤) وشفعته في سبعين ألفا من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار ؛ وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري ، والشاهد في خلقي وأميني على وحيي ، وأخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن ، ثم اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيوب ، وسيذل أوليائي في زمانه ، ويتهادون رءوسهم كما يتهادون رءوس الترك والديلم ، فيقتلون ، ويحرقون ، ويكونون خائفين ، مرعوبين ، وجلين وتصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنين (٥) في نسائهم ، أولئك أوليائي حقا ، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل ، وأدفع الآصار(٦) والاغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون».

قال عبد الرّحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك ، فصنه

__________________

(١) حندس : الشديد الظلمة.

(٢) في كمال الدين : لان حفظه فرض لا ينقطع.

(٣) اضطلع : نهض به وقوي عليه.

(٤) في عيون الاخبار : لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه.

(٥) الرنين : الصوت الحزين.

(٦) الاصر :: ـ آصار : الثقل ، الذنب.

١٤٥

إلا عن أهله (١).

الثامن والثلاثون : الحمويني بإسناده هذا ، عن ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين المؤدب ، وأحمد بن هارون الفامي قالا : أنبأنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي ، عن محمد بن نعمة السلولي (٢) ، عن درست بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن جبلة عن أبي السفاتج ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر عليهما‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقدامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الأبصار ، فيه اثنا عشر اسما ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة أسماء في آخره ، وثلاثة أسماء في طرفه ، فعددتها فإذا هي اثنا عشر اسما ، فقلت : أسماء من هذا؟ قالت : «هذه أسماء الأوصياء أولهم ابن عمي وأحد عشر من ولدي ، آخرهم القائم» ، قال جابر : فرأيت فيها محمدا محمدا محمدا في ثلاثة مواضع ، وعليا عليا عليا عليا في أربعة مواضع (٣).

التاسع والثلاثون : الحمويني بإسناده عن أبي جعفر ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال : حدّثنا أبي ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : دخلت على فاطمة عليها‌السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد ، وأربعة منهم عليّ صلوات الله عليهم (٤).

الأربعون : الحمويني بالاسناد إلى أبي جعفر بن بابويه قال : أنبأنا محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال : حدّثنا الحسن بن إسماعيل قال : حدّثنا أبو عمرو سعيد بن محمد بن نصر القطان قال : حدّثنا عبيد الله بن محمد السلمي قال : حدّثنا محمد بن عبد الرحيم قال : حدّثنا محمد بن سعيد بن محمد قال : حدّثنا العباس بن أبي عمرو ، عن صدقة بن أبي موسى ، عن أبي نضرة قال : لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام عند الوفاة دعا بابنه الصادق عليه‌السلام ليعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي بن الحسين : لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين عليهما‌السلام لرجوت أن لا تكون أتيت

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ : ١٣٦ / ح ٤٣٢ ، كمال الدين : ١ / ٣٠٨ ـ ٣١١ ، عيون اخبار الرضا : ١ / ٣٤ ـ ٣٦.

(٢) في المصدر ، وكمال الدين : محمد بن مالك الفزاري الكوفي ، عن مالك السلولي عن درست.

(٣) فرائد السمطين ٢ : ١٣٩ / ح ١٣٣.

(٤) فرائد السمطين ٢ : ١٣٩ / ح ١٣٤.

١٤٦

منكرا ، فقال له : يا أبا الحسن إن الامانات ليست بالتمثال ، ولا العهود بالرسوم ، وإنما هي امور سابقة عن حجج الله تبارك وتعالى ، ثم دعا بجابر بن عبد الله فقال له يا جابر حدّثنا بما عاينت من الصحيفة؟ فقال له جابر : نعم يا أبا جعفر دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول الله لأهنئها بمولد الحسين عليه‌السلام فإذا بيدها صحيفة من درة بيضاء ، فقلت يا سيدة النسوان ما هذه الصحيفة التي اراها معك؟ قالت : «فيها أسماء الولاة من ولدي» فقلت لها : ناوليني لأنظر فيها ، قالت : «يا جابر لو لا النهي لكنت أفعل لكنه نهي أن يمسها إلا نبي أو وصي نبي ، أو أهل بيت نبي ، ولكنه مأذون لك أن تنظر إلى بطنها من ظاهرها».

قال جابر فقرأت فإذا فيها : أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى ، أمه آمنة بنت وهب ، وأبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى ، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ابن عبد مناف. أبو محمد الحسن بن علي. وأبو عبد الله الحسين بن علي التقي ، امهما فاطمة بنت محمد. أبو محمد علي بن الحسين العدل ، أمه شاه بانويه بنت يزدجرد بن شاهنشاه. أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب. أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة ، أمه جارية اسمها حميدة. أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، أمه جارية اسمها نجمة. أبو جعفر محمد بن علي الزكي ، أمه جارية اسمها خيزران. أبو الحسن علي بن محمد الامين ، أمه جارية اسمها سوسن ، أبو محمد الحسن بن علي الرفيق ، أمه جارية اسمها سمانة ، أبو القاسم محمد بن الحسن هو حجة الله القائم ، أمه جارية اسمها نرجس صلوات الله عليهم أجمعين.

قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه : جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم عليه‌السلام والذي أذهب إليه ما روي من النهي عن تسميته (١).

الحادي والأربعون : الحمويني أحد مشايخ العامة قال : أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي رحمه‌الله عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد الله بن أبي الفرج بن بردة السلمي (٢) رحمه‌الله بروايته ، عن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الصمد ، عن والده ، عن جده محمد ، عن أبيه ، عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسن الجوزي العلوي ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن علي المقري والفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم الفاني بروايتهم ، عن الشيخ

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ : ١٤٠ / ح ٤٣٥ ، كمال الدين : ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٧.

(٢) في المصدر : النبلي.

١٤٧

الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه‌الله جميع مصنفاته ورواياته قال : حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رضى الله عنه ـ قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثني محمد بن علي القرشي قال : حدثني أبو الربيع الزهراني قال : حدّثنا جرير ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد قال : قال ابن عباس : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إن لله تبارك وتعالى ملكا يقال له : دردائيل ، كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء والهواء كما بين السماء إلى الأرض ، فجعل يوما يقول في نفسه : أفوق ربنا جل جلاله شيء؟ فعلم الله تبارك وتعالى ما قال ، فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح ثم أوحى الله عزوجل إليه أن طر ، فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش ، فلما علم الله عزوجل إتعابه أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم فوق كل عظيم وليس فوقي شيء ولا أوصف بمكان ، فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة ، فلما ولد الحسين بن علي عليه‌السلام وكان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى الله عزوجل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان وطيبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا وأوحى الله تبارك وتعالى إلى حور العين أن تزينوا وتزاوروا لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله عزوجل إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله عزوجل لجبرئيل أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل ـ والقبيل ألف ألف من الملائكة ـ على خيول بلق ، مسرجة ملجمة ، عليها قباب الدر والياقوت ، ومعهم ملائكة يقال لهم : الروحانيون ، بأيديهم حراب من نور (١) أن هنئوا محمدا بمولوده ، وأخبره يا جبرائيل إني قد سميته الحسين ، فهنئه وعزه وقل له : يا محمد يقتله شر أمتك على شر الدواب ، فويل للقاتل ، وويل للسائق ، وويل للقائد.

قاتل الحسين أنا منه بريء وهو مني بريء لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا وقاتل الحسين أعظم جرما منه. قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون ان مع الله إلها آخر ، والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة.

قال : فبينا جبرائيل عليه‌السلام يهبط من السماء إلى الدنيا (٢) إذ مرّ بدردائيل فقال له دردائيل : يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا قال : لا ولكن ولد لمحمد

__________________

(١) في المصدر : أطباق من نور.

(٢) في المصدر : الى الأرض.

١٤٨

مولود في دار الدنيا وقد بعثني الله عزوجل إليه لأهنئه بمولوده ، فقال له الملك : يا جبرائيل بالذي خلقني وخلقك إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام وقل له : بحق هذا المولود عليك إلّا ما سألت ربك أن يرضى عني ويرد عليّ أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة ، فهبط جبرائيل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهنأه كما أمره الله عزوجل وعزاه ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تقتله أمتي؟ فقال له : نعم يا محمد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هؤلاء بأمتي أنا بريء منهم والله عزوجل بريء منهم ، قال جبرائيل : وأنا بريء منهم يا محمد ، فدخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على فاطمة عليها‌السلام فهنأها وعزاها فبكت فاطمة عليها‌السلام ، ثم قالت : يا ليتني لم ألده ، قاتل الحسين في النار ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وأنا أشهد بذلك يا فاطمة ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية ، قال عليه‌السلام والأئمة بعدي الهادي علي ، والمهتدي الحسن ، والناصر الحسين ، والمنصور علي بن الحسين ، والشافع محمد بن علي ، والنفاع جعفر ابن محمد ، والأمين موسى بن جعفر ، والرضا علي بن موسى ، والفعال محمد بن علي ، والمؤتمن علي بن محمد ، والعلام الحسن بن علي ، ومن يصلي خلفه عيسى ابن مريم عليه‌السلام القائم عليه‌السلام ، فسكنت فاطمة عليها‌السلام من البكاء.

ثم أخبر جبرائيل عليه‌السلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقصة الملك وما اصيب به ، قال ابن عباس : فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسين عليه‌السلام وهو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء ، ثم قال : اللهم بحق هذا المولود عليك ، لا بل بحقك عليه وعلى جده محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدرا فارض عن دردائيل ورد عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة (١) فالملك ليس يعرف في الجنة إلا بأن يقال هذا مولى الحسين بن علي ، وابن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

الثاني والأربعون : الحمويني من علماء العامة بإسناده قال : روى الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام ، حدّثنا محمد بن الفضل ، حدّثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي ، حدّثنا علي بن عاصم ، عن محمد بن علي بن موسى ، عن أبيه علي بن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مرحبا بك يا أبا عبد الله ، يا زين السماوات والأرض» ، قال أبي

__________________

(١) في كمال الدين : فاستجاب الله دعاءه ، وغفر للملك ، ورد عليه أجنحته ، ورده الى صفوف الملائكة ، فالملك لا يعرف.

(٢) فرائد السمطين ٢ : ١٥١ / ح ٤٤٦.

١٤٩

وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟ قال : «يا ابيّ والذي بعثني بالحق نبيا إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، وإنه مكتوب على يمين عرش الله مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام غير وهن ، وعزّ وفخر ، وعلم وذخر ، وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام ، أو يجري ماء في الأصلاب ، أو يكون ليل أو نهار ، ولقد لقن دعوات ما يدع بهن مخلوق إلا حشره الله عزوجل معه ، وكان شفيعه في آخرته ، وفرج الله عنه كربه ، وقضى الله بها دينه ، ويسر أمره ، وأوضح سبيله ، وقواه على عدوه ، ولم يهتك ستره» ، فقال له ابي بن كعب : ما هذه الدعوات يا رسول الله؟

قال : «إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد : اللهم إني أسألك بكلماتك ، ومعاقد عرشك ، وسكّان سماواتك ، وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من عسري يسرا ، فإن الله عزوجل ، يسهل أمرك ويشرح صدرك ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك» ، قال له ابي : يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب الحسين؟ قال : «مثل هذه النطفة كمثل القمر وهي نطفة تبيين وبيان يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه غويا» ، قال : فما اسمه وما دعاؤه؟ قال : «اسمه عليّ ، ودعاؤه يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم ويا باعث الرسل ويا صادق الوعد. ومن دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين وكان قائده إلى الجنة».

قال له ابي : يا رسول الله فهل له من خلف أو وصي؟ قال : «نعم له مواريث السماوات والأرض» ، قال : وما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسول الله؟ قال : «القضاء بالحق ، والحكم بالديانة ، وتأويل الأحكام ، وبيان ما يكون» ، قال : ما اسمه؟

قال : «اسمه محمد ، وإنّ الملائكة لتستأنس به في السماوات ويقول في دعائه : اللهم إن كان لك عندي رضوان وودّ فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي وطيب ما في صلبي ، فركّب الله عزوجل في صلبه نطفة مباركة زكية وأخبرني جبرائيل عليه‌السلام أن الله تبارك وتعالى طيّب هذه النطفة وسمّاها عنده جعفرا ، وجعله هاديا مهديا وراضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه : يا ديّان غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء ، ولهم عندك رضا ، فاغفر لهم ذنوبهم ، ويسر امورهم واقض ديونهم ، واستر عوراتهم، واغفر لهم الكبائر التي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لي من الغم فرجا. ومن دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة.

١٥٠

يا ابي وإن الله تبارك وتعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة وسماها عنده موسى» قال له ابي : يا رسول الله كلهم يتواضعون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا ، قال : «وصفهم لي جبرائيل عليه‌السلام عن رب العالمين جل جلاله» ، قال فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟ قال : «نعم يقول في دعائه : يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق ويا فالق الحب ، ويا بارئ النسم ومحيي الموتى ومميت الأحياء ، ودائم الثبات ، ومخرج النبات ، افعل بي ما أنت أهله. من دعا بهذا الدعاء قضى الله له حوائجه وحشره الله يوم القيامة مع موسى ابن جعفر ، وإن الله ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية وسماها عنده عليا يكون لله في خلقه رضيا في علمه وحكمه ، ويجعله حجّة لشيعته يحتجون به يوم القيامة وله دعاء يدعو به : اللهم صل على محمد وآل محمد واعطني الهدى ، وثبتني عليه ، واحشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع ، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة.

وإنّ الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية وسمّاها محمد بن علي فهو شفيع شيعته ووارث علم جده ، له علامة بينة وحجة ظاهرة إذا ولد يقول : لا إله الّا الله محمد رسول الله يقول في دعائه : يا من لا شبيه له ولا مثال ، أنت الله لا إله إلا أنت ولا خالق إلا أنت تفني المخلوقين وتبقى أنت ، حلمت عمن عصاك وفي المغفرة رضاك. من دعا بهذا الدعاء كان محمد ابن علي شفيعه يوم القيامة.

وإنّ الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارة مبارك طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد ، فألبسها السكينة والوقار ، واودعها العلوم وكل سر مكتوم ، من لقيه وفي صدره شيء أنبأه وحذره من عدوه ، ويقول في دعائه : يا نور يا برهان يا منير ويا مبين ، يا رب اكفني شر الشرور وآفات الدهور وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور. من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه وقائده إلى الجنة.

وإن الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن وجعله نورا في بلاده وخليفته في أرضه ، وعزّا لأمة جدّه ، وهاديا لشيعته ، وشفيعا لهم عند ربه ونقمة لمن خالفه ، وحجّة لمن والاه ، وبرهانا لمن اتخذه إماما ، يقول في دعائه : يا عزيز العز في عزه ، يا عزيز أعزني بعزك ، وأيدني بنصرك ، وأبعد عني همزات الشياطين ، وادفع عني بدفعك ، وامنع عني بمنعك ، واجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد. من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل معه ونجاه من النار ولو وجبت عليه. وان الله تبارك وتعالى ركّب في صلب الحسن نطفة

١٥١

مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن ممن قد أخذ الله ميثاقه في الولاية ويكفر بها كل جاحد. وهو إمام تقي نقي بار مرضي هاد مهدي يحكم بالعدل ويأمر به ، يصدق الله عزوجل ويصدقه الله في قوله ، يخرج من تهامة حتى تظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضة إلا خيول مطهمة ، ورجال مسومة يجمع الله له من اقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنايعهم وطبائعهم وكلامهم وكناهم كرارون مجدون في طاعته» ، فقال له : وما دلالته وعلامته يا رسول الله؟

قال : «له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله عزوجل فناداه العلم أخرج يا ولي الله اقتل أعداء الله ، وله رايتان وعلامتان وله سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده ، وأنطقه الله عزوجل فناداه السيف اخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله ، يخرج جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن ميسرته وشعيب بن صالح على مقدّمه ، وسوف تذكرون ما أقول لكم وافوض امري إلى اللهعزوجل.

يا ابي طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبه ، وطوبى لمن قال به ، ولو بعد حين ، ينجيهم من الهلكة بالاقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة ، يفتح الله لهم الجنة ، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغير أبدا ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا» ، قال ابي : يا رسول الله كيف جاءك بيان هؤلاء الأئمة عن الله عزوجل؟ قال : «إن الله أنزل عليّ اثني عشر خاتما واثنتي عشر صحيفة اسم كل إمام على خاتمه ، وصفته في صحيفته والحمد لله رب العالمين» (١).

الثالث والأربعون : الحموي قال : أخبرني السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد ، عن أبيه الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي عن شاذان بن جبرائيل القمي ، عن جعفر بن محمد الدورستي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه رحمه‌الله قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ : ١٥٥ / ح ٤٤٧.

وذكره الشيخ ابن بابويه في كمال الدين : ١ / ٢٦٤ ـ ٢٦٨.

١٥٢

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين : «اكتب ما املي عليك» قال : «يا نبي الله أتخاف عليّ النسيان؟» قال : «لست أخاف عليك النسيان ، وقد دعوت الله تعالى لك أن يحفظك ولا ينسيك ، ولكن اكتب لشركائك» ، قال : «قلت : ومن شركائي يا نبي الله؟» قال : «الأئمة من ولدك ، بهم تسقى امتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عنهم البلاء ، وبهم تنزل الرحمة من السماء ، وهذا أولهم ـ وأومأ بيده إلى الحسن عليه‌السلام ـ ثم أومأ بيده إلى الحسين عليه‌السلام ، ثم قال عليه‌السلام : الأئمة من ولده»(١).

الرابع والأربعون : الحمويني من أهل السنة والخلاف قال : أخبرني مفيد الدين أبو جعفر محمد ابن علي بن أبي الغنائم بن الجهم الحلي إجازة قال : أنبأنا القاضي خطير الدين محمود بن محمد بن الحسين بن عبد الجبار الطوسي ، عن عمه زين الدين عبد الجبار عن أبيه ، عن الصفي أبي تراب بن الداعي الحسيني ، عن أبي محمد جعفر بن محمد الدورستي ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد ابن النعمان الحارثي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال : حدّثنا جعفر ابن محمد بن مسرور ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر ، أوّلهم أخي ، وآخرهم ولدي». قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : «علي بن أبي طالب» ، قيل : فمن ولدك؟ قال : «المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

والذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب» (٢).

الخامس والأربعون : الحمويني بإسناده إلى ابن بابويه قال : نبأنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : نبأنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : نبأنا الفضل بن الصقر العبدي قال : حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا سيد النبيين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر ،

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ : ٢٥٩ / ح ٥٢٧.

وذكره الشيخ بن بابويه في كمال ادين : ١ / ٢٠٦ ، والأمالي ص ٣٥٨ ط النجف.

(٢) فرائد السمطين ـ السمط الثاني ، في باب ذكر احوال المهدي. ٢ / ٣١٢ / ح ٥٦٢.

١٥٣

أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي» (١).

السادس والأربعون : الحمويني قال : أخبرني الشيخ الإمام العلامة نجم الدين أبو القاسم (٢) جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي كتابة في شهور سنة احدى وسبعين وستمائة بروايته ، عن السيد النسابة فخار بن معد بن فخار الموسوي ، عن شاذان بن جبرائيل ، عن جعفر بن محمد الدورستي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال : حدثني محمد بن علي ماجيلويه قال : نبأنا محمد بن أبي القاسم محمد عن حيان السراج (٣) عن داود بن سليمان الكسائي ، عن أبي الطفيل قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات ، وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه‌السلام جالس ناحية إذ أقبل عليه غلام يهودي ، عليه ثياب حسان. وهو من ولد هارون ، حتى قام على رأس عمر فقال : يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم؟

قال : فطأطأ عمر رأسه ، فقال : إياك أعني ، وأعاد عليه القول ، فقال له عمر : ما ذاك (٤)؟ قال : إني جئتك مرتادا لنفسي ، شاكّا في ديني ، فقال : دونك هذا الشاب قال : ومن هذا الشاب قال : هذا علي ابن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أبو الحسن والحسين ابني رسول الله وهذا زوج فاطمة ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأقبل اليهودي على عليّ فقال أكذلك أنت؟ قال : «نعم» ، قال : فاني اريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة ، قال : فتبسم عليّ عليه‌السلام ثم قال : «يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا» ، قال : أسألك عن ثلاث فإن علمتهن سألت عمّا بعدهن ، وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم علم.

قال علي عليه‌السلام : «فانني أسألك بالإله الذي تعبد لئن أنا أجبتك في كلّ ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني»؟ قال : ما جئت إلا لذاك ، قال : «فاسأل».

قال : فأخبرني عن أوّل قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي؟ وأوّل عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟ وأوّل شيء اهتز على وجه الأرض أي شيء هو؟ فأجابه أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : فاخبرني عن الثلاث الاخر : أخبرني عن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كم بعده من إمام عدل؟ وفي أي جنة يكون؟ ومن الساكن معه في جنته؟.

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ : ٣١٣ / ح ٥٦٤.

ورواه الشيخ ابن بابويه في كمال الدين : ١ / ٢٨٠ ، وفي عيون الاخبار : ١ / ٥٢ ط النجف.

(٢) في المصدر : أبو القسم.

(٣) في المصدر : محمد بن أبي القسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القسم ، عن حيان السراج.

(٤) في كمال الدين : ما شأنك.

١٥٤

فقال : «يا هاروني إن لمحمد من الخلفاء اثني عشر إماما عدلا لا يضرهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم ، وإنهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض ، ومسكن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في جنته مع أولئك (١) الاثني عشر إماما العدول» قال : صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون كتبه بيده واملاء موسى (٢).

قال : فأخبرني عن الواحدة ، أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ قال : «يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما ثم يضرب ضربة هاهنا ـ يعني قرنه ـ فتخضب هذه من هذا». قال : فصاح الهاروني وقطع تسبيحه وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأنّك وصيه الذي ينبغي أن تفوق ولا تفاق ، وأن تعظم ولا تستضعف ، ثم مضى به علي عليه‌السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين (٣).

انظر أيها الأخ إلى هذه الأخبار وأنها نص في صحة معتقد الامامية ، وهو ان الأئمة بعد رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين بنص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنا عشر وأنهم أوصياؤه ، وهذه الأخبار كلها من طرق العامة المخالفين والحمد لله رب العالمين.

ورويت هذه الأخبار أيضا من طرق الامامية ومعناها ، فعملت بمضمونها الامامية دون العامة المخالفين مع روايتهم لها ولغيرها التي تطابقها من طرقهم فما ذا بعد الحق إلا الضلال.

السابع والأربعون : صدر الأئمة ـ أخطب خوارزم عند المخالفين ومن أجل أعيانهم ـ موفق بن أحمد في كتاب فضائل علي عليه‌السلام قال : كتب إلى معاوية عمرو بن العاص في جواب مكاتبة من معاوية لعمرو بن العاص يستفزه في المعونة على أمير المؤمنين عليّ فكان جواب عمرو بن العاص في الجواب فكتب إليه عمرو : من عمرو بن (٤) العاص صاحب رسول الله إلى معاوية بن أبي سفيان

__________________

(١) في كمال الدين : في جنة عدن معه أولئك.

(٢) في المصدر : واملاء موسى عمي عليهما‌السلام ، وفي كمال الدين : واملاء عمي موسى عليه‌السلام.

(٣) فرائد السمطين ١ : ٣٥٤ / ح ٢٨٠.

(٤) هكذا ورد صدر الحديث في المناقب :

وروي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أرسل الى معاوية رسله وهم الطرماح ، وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره الى صفين وكتب إليه مرة بعد أخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له ، وسوابقه في الإسلام لئلا يكون بين أهل العراق وأهل الشام محاربة ومعاوية يعتل بدم عثمان ، ويستغوي بذلك جهال الشام ، واجلاف العرب ، ويستميل إليه طلبة الدنيا الدنية بالأموال والولايات وكان يشاور في أثناء ذلك ثقاته ، وأهل مودته وعشيرته في قتال عليّ عليه‌السلام فقال له أخوه عتبة هذا أمر عظيم لا يتم إلا بعمرو بن العاص فإنه قريع زمانه في الدهاء ـ

١٥٥

أما بعد : فقد وصل إليّ كتابك فقرأته ثم فهمته ، فأمّا دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي ، والتهور في الضلالة معك ، وإعانتي إياك على الباطل ، واختراط السيف في وجه عليّ وهو أخو رسول الله، ووصيه ، ووارثه ، وقاضي دينه ، ومنجز وعده ، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة ، وأبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة فلن يكون ، وأما ما قلت إنك خليفة عثمان فقد صدقت ، ولكن تبين اليوم عزلك عن خلافته ، وقد بويع لغيره فزالت خلافتك.

واما ما عظمتني ونسبتني إليه من صحبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ، ولا أميل بها عن الملة ، وأمّا ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله ووصيه إلى البغي والحسد لعثمان ، وسميت الصحابة فسقة ، وزعمت أنه اشلاهم على قتله فهذا كذب وغواية ، ويحك يا معاوية أما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبات على فراشه ، وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة، وقد قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وقال فيه يوم غدير خم : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وهو الذي قال فيه رسول الله يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، وهو الذي قال فيه يوم الطير : اللهم آتني بأحب الخلق إليك فلما دخل عليه قال : وإليّ وإليّ ، وقد قال فيه يوم بني النضير : عليّ إمام البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، وقد قال فيه : عليّ وليكم من بعدي (١) وأكد القول عليك وعليّ وعلى جميع المسلمين (٢) ، وقال : إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، وقد قال فيه : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات

__________________

ـ والمكر ، يخدع ولا يخدع ، وقلوب أهل الشام مائلة إليه ، فقال له معاوية : صدقت والله ، ولكنه يحب عليا فأخاف أن لا يجيبني ، قال : اخدعه بالاموال ، والولايات ، فكتب إليه معاوية :

من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان إمام المسلمين ذي النورين ، ختن المصطفى على ابنته ، وصاحب جيش العسرة ، وبئر دومة ، المعدوم الناصر ، الكثير الخاذل ، المحصور في منزله ، المقتول عطشا وظلما في محرابه ، المعذب باسياف الفسقة ، الى عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وثقته ، وأمير عسكره بذات السلاسل ، المعظم رأيه المفخم تدبيره ، أما بعد : فلن يخف عليك احتراق قلوب المؤمنين ، وما اصيبوا به من الفجيعة بدم عثمان ، وما ارتكب به جاره حسدا وبغيا بامتناعه من نصرته ، وخذلانه اياه ، واشيا به العامة عليه ، حتى قتلوه في محرابه ، فيا لها من مصيبة عمت جميع المسلمين ، وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته ، وأنا أدعوك الى الحظ الاجزل من الثواب ، والنصيب الاوفر من حسن المآب ، بقتال من آوى قتلة عثمان.

فكتب إليه عمرو : من عمرو بن العاص ...؟

(١) في المصدر : وقال فيه : علي إمامكم بعدي.

(٢) في المصدر : عليّ ، وعليك ، وعلى خاصته.

١٥٦

المتلوات في فضائله ، التي لا يشاركه فيها أحد كقوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) (١) وقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٢) وقوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (٣) وقوله تعالى : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (٤) وقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٥) وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما ترضى أن يكون سلمك سلمي وحربك حربي ، وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة.

يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أحبك أدخله الله الجنة ، ومن أبغضك أدخله الله النار ، وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين والسلام (٦).

انظر أيّها الأخ هذا الحديث وما فيه من النصوص على أمير المؤمنين عليه‌السلام مما روته النواصب عن الخوارج ، وما هذا إلا من أعجب العجب ، وما للمخالف من سوء المنقلب ، والحمد لله وحده.

الثامن والأربعون : من طريق العامة المخالفين ما رواه الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد ابن علي بن الحسين بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة في فضائل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب والأئمة من ولده صلوات الله عليهم اجمعين عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي أنت أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، يا علي أنت سيد الوصيين ، ووارث علم النبيين ، وخير الصديقين ، وأفضل السابقين ، يا علي أنت زوج سيدة نساء العالمين ، وخليفة خير المرسلين ، يا علي أنت مولى المؤمنين ، يا علي أنت الحجة بعدي على الناس أجمعين ، استوجب الجنة من تولاك ، واستحق النار من عاداك ، يا علي والذي بعثني بالنبوة ، واصطفاني على جميع البرية لو أن عبدا عبد الله ألف عام ما قبل الله ذلك منه إلا بولايتك وولاية الأئمة من ولدك (٧) بذلك أخبرني جبرائيل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» (٨).

التاسع والأربعون : ابن شاذان هذا من المناقب المائة من طريقه عن العامة ـ وكلما اذكره عنه

__________________

(١) الانسان : ٧٦.

(٢) المائدة : ٥٥.

(٣) هود : ١٧.

(٤) الاحزاب : ٢٣.

(٥) الشورى : ٤٢.

(٦) المناقب للخوارزمي : ١٢٩ ـ ١٣٠ ، ط النجف.

(٧) في كنز الفوائد والبحار : وان ولايتك لا تقبل إلا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك بذلك أخبرني ...

(٨) البحار : ٢٧ / ٦ ؛ وكنز الفوائد : ١٨٥.

١٥٧

هنا فهو منها ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد منصرفه من حجة الوداع : «أيها الناس ان جبرائيل الروح الامين نزل عليّ من عند ربّي جلّ جلاله فقال : يا محمد إن الله تعالى يقول : قد اشتقت إلى لقائك فأوص بخير وتقدم في أمرك ، أيها الناس إنه قد اقترب أجلي ، وكأني بكم وقد فارقتموني وفارقتكم ، فإذا فارقتموني بأبدانكم فلا تفارقوني بقلوبكم. أيها الناس إنه لم يكن لله نبيّ قبلي خلّد في الدنيا فإن الله تعالى قال : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (١) ألا وإن ربي أمرني بوصيتكم ، ألا وإن ربي أمرني أن أدلكم على سفينة نجاتكم وباب حطتكم ، فمن أراد منكم النجاة بعدي والسلامة من الفتن المردية فليتمسك بولاية علي بن أبي طالب ، فإنه الصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وهو إمام كل مسلم بعدي ، من أحبه واقتدى به في الدنيا ورد على حوضي ، ومن خالفه لم أره ، ولم يرني واختلج دوني ، واخذ به ذات الشمال إلى النار ، أيها الناس إني قد نصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ، أقول قولي واستغفر الله العظيم» (٢).

الخمسون : أبو الحسن الفقيه ابن شاذان هذا ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «والذي بعثني بالحق بشيرا ما استقر الكرسي والعرش ، ولا دار الفلك ، ولا قامت السماوات والأرض إلا بأن كتب عليها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله علي أمير المؤمنين. وإن الله تعالى لما عرج بي إلى السماء واختصني بلطيف ندائه قال : يا محمد! قلت : لبيك ربي وسعديك ، فقال : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي وفضلتك على جميع بريتي ، فانصب أخاك عليا علما لعبادي يهديهم إلى ديني ، يا محمد إني جعلت عليا أمير المؤمنين ، فمن تأمر عليه لعنته ، ومن خالفه عذبته ، ومن أطاعه قربته ، يا محمد إني قد جعلت عليا إمام المسلمين ، فمن تقدم عليه أخزيته ، ومن عصاه استجفيته ، إن عليا سيد الوصيين ، وقائد الغر المحجلين ، وحجتي على خلقي أجمعين» (٣).

الحادي والخمسون : أبو الحسن بن شاذان من المناقب المائة أيضا ، عن جابر بن عبد الله

__________________

(١) الأنبياء : ٣٤.

(٢) وأخرجه الإمام أبو بكر بن مؤمن الشيرازي في رسالة الاعتقاد ـ راجع ـ احقاق الحق : ٤ / ٣٣١.

(٣) ورواه عن ابن شاذان مسندا الشيخ المجلسي في البحار : ٣٨ / ١٢١ قال : محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان ، عن محمد بن عبد الله بن عبيد الله ، عن محمد ابن القاسم ، عن عباد بن يعقوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني ..

١٥٨

الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أقدم أمتي سلما (١) ، وأكثرهم علما ، وأصحهم دينا ، وأفضلهم يقينا ، وأكملهم حلما ، وأسمحهم كفّا ، وأشجعهم قلبا عليّ وهو الإمام بعدي والخليفة بعدي»(٢).

الثاني والخمسون : أبو الحسن بن شاذان ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب : «يا علي إن جبرائيل أخبرني فيك بأمر قرّت به عيني وفرح به قلبي ، قال : يا محمد إن الله قال لي : اقرأ محمدا مني السلام وأعلمه إنّ عليّا إمام الهدى ، ومصباح الدجى ، والحجة على أهل الدنيا ، فإنه الصديق الاكبر والفاروق الأعظم ، وإني آليت بعزّتي لا ادخل النار أحدا تولاه وسلم له وللأوصياء من بعده ، ولا ادخل الجنة من ترك ولايته والتسليم له وللأوصياء من بعده ، حق القول مني لأملأن جهنم وأطباقها من أعدائه ، ولأملأن الجنة من أوليائه وشيعته».

الثالث والخمسون : أبو الحسن بن شاذان عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «والله لقد خلفني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في امته ، فأنا حجة الله عليهم بعد نبيه ، وإن ولايتي لتلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض ، وإن الملائكة لتتذاكر فضلي وذلك تسبيحها عند الله. أيها الناس اتبعوني أهدكم سواء السبيل ، ولا تأخذوا يمينا وشمالا فتضلوا ، أنا وصي نبيكم ، وخليفته ، وإمام المؤمنين وأميرهم ، ومولاهم ، وأنا قائد شيعتي إلى الجنة وسائق أعدائي إلى النار ، وأنا سيف الله على أعدائه ، ورحمته على أوليائه ، وأنا صاحب حوض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولوائه ، وصاحب مقام شفاعته ، والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين خلفاء الله في أرضه ، وحجج الله على بريته» (٣).

الرابع والخمسون : أبو الحسن بن شاذان ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء بعدي على أحد أفضل من علي بن أبي طالب ، وإنه إمام أمتي وأميرها ، وإنه لوصيي وخليفتي عليها ، من اقتدى به بعدي اهتدى ، ومن اهتدى بغيره ضل وغوى ، وأنا النبي المصطفى (٤) ما أنطق بفضل علي بن أبي طالب عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، نزل به

__________________

(١) في أمالي الصدوق : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي بن أبي طالب أقدم أمتي سلما.

(٢) ورواه عن جابر بن عبد الله الأنصاري الشيخ الصدوق في أماليه ص ٧ ط النجف بسنده قال :

حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي قال : حدّثنا محمد بن علي بن معمر قال : حدّثنا أحمد بن علي الرملي قال : حدّثنا محمد بن موسى قال : حدّثنا يعقوب بن إسحاق المروزي قال : حدّثنا عمرو بن منصور قال : حدّثنا إسماعيل ابن أبان عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبيه ، عن أبي هارون العبدي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي بن أبي طالب ..

(٣) مائة منقبة : ٥٩ / ح ٣٢.

(٤) في البحار : إني أنا النبي المصطفى.

١٥٩

الروح الأمين المجتبى ، عن الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى» (١).

الخامس والخمسون : أبو الحسن بن شاذان ، عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:

«معاشر الناس اعلموا أن لله تعالى بابا من دخله أمن من النار ، ومن الفزع الأكبر» ، فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال : يا رسول الله اهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه ، قال : «هو علي بن أبي طالب سيد الوصيين ، وأمير المؤمنين وأخو رسول رب العالمين ، وخليفة الله (٢) على الناس أجمعين.

معاشر الناس من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفطام (٣) لها فليستمسك بولاية علي بن أبي طالب فإن ولايته ولايتي ، وطاعته طاعتي.

معاشر الناس : من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب.

معاشر الناس من سرّه الله ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علي بن أبي طالب (٤) والأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي».

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ما عدة الأئمة؟ فقال : «يا جابر سألتني رحمك الله عن الإسلام بأجمعه ، عدتهم عدة الشهور ، وهي عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض ، وعدتهم عدّة العيون التي انفجرت منه لموسى بن عمران حين ضرب بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وعدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) (٥) فالأئمة يا جابر اثنا عشر إماما ، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم صلوات الله عليهم» (٦).

السادس والخمسون : أبو الحسن بن شاذان ، عن رافع مولى عائشة قال : كنت غلاما أخدمها ، فكنت إذا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عندها اكون قريبا فأعاطيها ، فبينا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عندها ذات يوم إذا أحد يدق الباب فخرجت عليه فإذا جارية معها طبق مغطّى ، قال : فرجعت إلى عائشة وأخبرتها ، فقالت : أدخلها ، فأدخلتها فدخلت فوضعته بين يدي عائشة فوضعته بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يتناول منها ويأكل وخرجت الجارية ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ليت أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وإمام المتقين

__________________

(١) رواه الشيخ المجلسي في البحار : ٣٨ / ١٥٢ ، عن الكنز للكراجكي ، عن ابن شاذان.

(٢) في البحار : وخليفته.

(٣) في بعض المصادر : لا انفصام.

(٤) في البحار : من سره أن يتولى ولاية الله فليقتد بعلي بن أبي طالب.

(٥) المائدة : ١٢.

(٦) البحار : ٣٦ / ٢٦٣ عن اليقين.

١٦٠