ولو كان الموضع يحتمل التقدّم دون التأخّر ، تقدّم الإمام حتى يحصلا خلفه ، ولا يقف المأموم الواحد خلفه ابتداء.
واحتجّ : بأنّه إن تأخّر المأموم قبل أن يحرم الثاني ، فقد صار منفردا خلفه ، وإن أحرم الداخل خلفه أوّلا ، فهو أيضا منفرد خلفه.
وما قلناه أولى ، محافظة للصلاة من الفعل الزائد.
ولو دخل والإمام والمأموم جالسان للتشهّد ، كبّر وجلس عن يساره ، ولا يؤمر الإمام بالتقدّم ، ولا المأموم بالتأخّر ، لأنّه يشقّ حالة الجلوس.
مسألة ٥٤٩ : يكره لغير المرأة وخائف الزحام الانفراد بصف ، بل إذا دخل ووجد في صف المأمومين فرجة ، دخل فيه وأحرم ، وإن انفرد ، صحّت صلاته عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الحسن البصري والشافعي وأبو حنيفة والثوري ومالك والأوزاعي وابن المبارك ، وهو مروي عن زيد بن ثابت (١) ـ لأنّ أبا بكرة جاء والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم راكع ، فركع دون الصف ، ثم مشى إلى الصف ، فلمّا قضى رسول الله عليهالسلام قال : ( أيّكم ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ ) فقال أبو بكرة : أنا ، فقال : ( زادك الله حرصا ، ولا تعد ) (٢) ولم يأمره بالإعادة ، والنهي عن العود محمول على الكراهة ، أو : لا تعد إلى التأخّر.
ولأنّه أخطأ موقفا سنّ له إلى موقف لمأموم بحال فأشبه ما إذا وقف على يسار الإمام.
وقال أحمد وإسحاق : تبطل صلاته ـ واختاره ابن المنذر ـ لأنّ وابصة بن معبد قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأبصر رجلا خلف الصفوف
__________________
(١) المجموع ٤ : ٢٩٨ ، الميزان للشعراني ١ : ١٧٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٤٩ ، المغني ٢ : ٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤.
(٢) صحيح البخاري ١ : ١٩٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٨٢ ـ ٦٨٤ ، سنن النسائي ٢ : ١١٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٩٠ و ٣ : ١٠٦.