المسألة الثانية : في الوحدة النوعية والجنسية للحركة (١)
لما كانت الحركة قد تتكثر أفرادها إمّا تكثرا ذاتيا أو عرضيا مع صدق مفهوم الحركة على تلك الأفراد وجب أن تعرض لها وحدة نوعية وجنسية قريبة وبعيدة فتكثرها بالنوع إنّما يكون بأحد أمور ثلاثة : إمّا المبدأ ، أو المنتهى ، أو الذي فيه الحركة. فأمّا الثلاثة الباقية فلا أثر لها في ذلك.
أمّا المتحرك ، فلأنّ إضافة الحركة إليه إضافة العرض إلى موضوعه وإضافة العرض إلى الموضوع أمر خارج عن ماهيته ، واختلاف الأمور الخارجة لا يوجب اختلاف المعروضات في الماهية ، كما أنّ بياض القطن والثلج متفقان بالنوع وإن اختلف موضوعاهما فيه فلم يختلفا بالنوع لاختلاف موضوعهما ، بخلاف الكثرة الشخصية فإنّها متعلّقة بتكثر العوارض فلهذا كفى فيها تعدّد الموضوع.
وأمّا الزمان ، فلا اختلاف فيه بل هو في الحقيقة واحد بالشخص. وإن فرض فيه تكثر فهو تكثر شخصي لا نوعي ، فالأزمنة المتعددة متفقة بالنوع غير مختلفة بالماهية. ولو كانت مختلفة فانّها لا تكون علّة للاختلاف النوعي في الحركات ، لأنّ الزمان عوارض الحركات واختلاف العارض لا يوجب اختلاف المعروض فلا تكون أسبابا لاختلاف الحركات في ماهياتها.
واختلاف المحرّك غير معتبر في اختلاف الحركات ، لأنّ المحرك الواحد يفعل حركات مختلفة الماهية وبالعكس. ولأنّ انتساب المتماثلات إلى المختلفات جائز.
__________________
(١) راجع الثالث من رابعة الأوّل من طبيعيات الشفاء ١ : ٢٦٧ ؛ طبيعيات النجاة ، فصل في الحركة الواحدة : ١٣٨ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧١٨ ؛ شرح حكمة العين : ٤٤٥ ؛ كشف المراد : ٢٦٨ ؛ شرح المواقف ٦ : ٢٣٢ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤٣٧.