موسوعة قرى ومدن لبنان - ج ٤

طوني مفرّج

داخل القلعة

بوشر ببناء المجمّع الضخم المعروف بقلعة بعلبك أو بهياكل بعلبك ، المتميّز بطرازه وضخامة مداميكه الحجريّة ، خلال الحقبة المتأغرقة ، وبدأت ترتفع معالمه في أوائل القرن الأوّل قبل الميلاد ، أيّام الإمبراطور" نيرون" (أمبراطور ٥٤ ـ ٦٨ م.). وتلا ذلك بناء البهو الكبير الذي يتقدّم المعبد الكبير ثمّ المعبد الصغير المعروف بمعبدت الإله" باخوس" الذي أنجز بناؤه في أوائل القرن الثالث بعد الميلاد ، وبين عام ١٩٣ ميلادي وعام ٢٣٥ ميلادي أقيم البهو المسدّس التصميم ورواق ودرج المدخل ومعبد" الزهرة" أو" فينوس". وما أن تطأ قدم المرء أولى درجات المعبد الموزّعة على ثلاث مراحل والتي تحيط بها مقاعد حجريّة نظّمت مداميكها على شكل نصف دائريّ ، حتّى تأخذه الدهشة فتدفعه إلى التأمّل في عظمة المهندس والمنفّذ الذي رفع هذه الأعمدة البالغ عددها اثني عشر عمودا والتي كانت تحمل سقف الرواق الذي يصل إليه الزائر دون أن يشعر أنّه صعد درجا كبيرا ، وكانت تلك الأعمدة تزيّن بتماثيل لا يعرف مصيرها. وفي جدار الرواق الداخليّ ثلاثة أبواب تؤدي إلى البهو المسدّس ، الباب الأوسط هو البوّابة الرئيسيّة ، أمّا البابان الآخران فيؤدّيان إلى سلالم حجريّة لولبيّه يصعد عبرها إلى سطح الرواق ، وعند جانبي الرواق برجان يحرسان المدخل. أمّا البهو المسدّس فهو عبارة عن باحة وسطى كانت تقوم عليها قبّة نقلها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (٦٦٨ ـ ٧١٥ م.) إلى المسجد الأقصى في القدس. وتحيط بجوانب الباحة أروقة يرتكز سقفها على ثلاثين عمودا من الغرانيت ، ويلي البهو المسدّس البهو الكبير المستطيل التصميم الذي احتوى أهمّ مستلزمات الطقوس الدينيّة حيث يحتلّ وسطه مذبح وبرج ضخم ، ويقوم عند جانبه عمودان أحدهما من الغرانيت الرمادي يذكّران بنصبي معبد" ملكارت" في صور اللذين كان

١٠١

أحدهما من الذهب الخالص والثاني من الزمرد ، وحول البرج والمذبح حوضا ماء خصّصا لممارسة طقوس التطهير والتبريك ، وتحيط بالبهو أروقة معومدة توزّع داخلها ١٢ إيوانا زيّنت جدرانها بالمشكاوات التي كانت تضمّ التماثيل ، وسقفت الأواوين بحجارة رائعة الزخارف ، ثمانية منها مستطيلة التصميم وأربعة نصف دائريّة. ويفضي البهو الكبير إلى هيكل" جوبيتر" الذي يرتقى إليه بواسطة درج مؤلّف من ثلاث مراحل.

هيكل جوبيتير : جوبيتيرJUPITER أو المشتري ، هو كبير آلهة الرومان ، وهو" زفس" اليونان ، وهو عندهم أب الآلهة وسيّدها ، وإله الأرض والنور والطقس ، شيّد له الرومان هيكلا على الكابيتول في روما وهذا الهيكل العظيم في بعلبك. طول الهيكل ٨٨ م. وعرضه ٤٨ ، وارتفاعه عن الأرض الطبيعيّة ٢٧ م. ، هذا الإرتفاع يشكّل دعائم أساسات المعبد التي احتوت على أقبية ضخمة استعملت كمستودعات واسطبلات وممرّات امتدّت وتوزّعت تحت رواق المدخل والبهوين الصغير والكبير ، وهيكل جوبيتير. ستة أعمدة من الأربعة والخمسين عمودا التي كانت تحيط بالهيكل ما زالت ترتفع بعلوّها البالغ ١٢ مترا ، ويرتفع فوق الأعمدة أفاريز تزيّنها الورديّات وأوراق الأكانتوس ورؤوس الأسود والثيران. ولم يكن معبد جوبيتير مخصّصا لصاحب اسمه وحده ، بل ولعبادة الثالوث البعلبكّي : الأب هدد ، والأمّ عشتروت أو فينوس ، والإبن عطارد. وفي العام ١٩٩٨ نفّذت المديريّة العامّة للآثار أعمال تأهيل أقبية معبد جوبيتر فصبّت القبو بالإسمنت المسلّح بعد أن غطّت سطحه بالزفت منعا للنش ، وفرشت الأرض بالزفت الجامد الممزوج بالبحص ، وفلشت فوقه الأتربة حفاظا على الطابع الأثريّ للموقع ، وتمّ

١٠٢

استبدال بوّابة الحديد التابعة للقبو ببوّابة بديلة. وسيحوّل المكان إلى مدخل رئيسيّ للقلعة ، وصولا إلى مدخل معبد جوبيتر ومنه إلى هيكل باخوس.

معبد باخوس : باخس أو باخوس BACCHUS هو إله الخمر عند الرومان ، دعاه اليونان في الميثولوجيا" ديونيزوس" ، يكتنف الغموض الطقوس الدينيّة التي كانت تمارس لعبادته وقيل إنّه كانت ترافقها احتفالات خلاعيّة. وتبدو روائع منحوتات المعبد برموزها : عناقيد عنب ، سنابل قمح ، زهر خشخاش ، نسر ، طفل إلاهي ، مشاهد نشوة ، أمومة ، طفولة ، شباب ، كهولة ، طب ، ... إنها الحياة ممثّلة بمراحلها في هذا الهيكل الذي توحي معالمه بأنّه لم يكن المعبود الوحيد فيه" الإله باخوس" فقط ، بل شاركته فيه آلهة أخرى ، فمن بين النقوش والزخرفات التي ملأت جدران الهيكل وسقوفه : " مارس" إله الحرب ، " ديانا" إلهة الصيد ، " فولكانوس" إله الحديد ، " باخوس" إله الخمر والعنب ، و" سيرس" إلهة الزرع .... ، وقد زيّنت جدران الهيكل الداخليّة بالأعمدة المتداخلة بين المداميك ، وبالمشكاوات التي كانت آهلة بالتماثيل. وقد أجمع الباحثون على القول بأنّ هذا الهيكل هو الأسلم والأجمل زخرفة بين معابد لبنان ، وقد بني على دكّة ضخمة في غاية الإحكام في التحام الأحجار ببعضها. ويبلغ طول الدكّة ٦٨ م. وعرضها ٣٤ ، أمّا ارتفاعها فيبلغ ٧٠ ، ٤ م. وكان يحوط الهيكل ٥٠ عمودا ، منها ١٥ على الجانبين الشماليّ والجنوبيّ ، وكلّها من النسق القورنثي غير المضلّع ، ما عدا الأعمدة الأماميّة فإنّها كانت مضلّعة. ويبلغ ارتفاع العمود مع تاجه ٢٠ ، ١٨ م. وإضافة إلى بوّابة الهيكل ، هناك في جداره من الداخل بابان صغيران يؤدّيان إلى سلالم لولبيّه يصعد عبرها إلى أعلى البناء ، وهناك باب آخر في وسط الجدار الشمالي يفتح على الرواق الخارجي ، أمّا قدس الأقداس الذي كان يقوم داخله تمثال باخوس فيصعد إليه

١٠٣

بواسطة درج تحدّه الأعمدة الرشيقة. وقد كشفت إدارة التراث العالمي في منظّمة الأونيسكو أنّ المياه تتسرّب من أحد جدران هذا المعبد ، وأنّ الموقع برمّته مهدّد بالشطب من لائحة التراث العالمي ، ففي الزاوية الجنوبيّة ـ الشرقيّة من المعبد ملامح تسرّب لمياه الأمطار من بين المنحوتات والنقوش. والمشهد عينه يتكرّر في أماكن عديدة داخل المعبد ومنها الرواق المسقوف الذي تظلّله تماثيل باخوس ، وعلى الجدار الغربي المطلّ على معبد جوبيتر وأعمدته الست ، إضافة إلى آثار رطوبة ساعدت في نموّ أعشاب دخيلة. وفي خطّة لمعالجة هذا الوضع ، كلّفت مديريّة الآثار سنة ١٩٩٧ قسم الحفريّات فيها وضع دراسة للجم الخطر المحدق بالمعبد الأثري ، وإنجاز مخطّط توجيهيّ للقلعة يحمي معالمها. وأكّد مصدر في مديريّة الآثار على أنّ المشكلة الرئيسيّة في المعبد تتجلّى في تفتّت الأحجار الشماليّة الشرقيّة منه بسبب تسرّب المياه من بين حجارة سقف ، والجهة الشماليّة للمعبد غير معرّضة للشمس ما يؤدّي إلى تكوّن الجليد بين الحجارة ويسبّب أضرارا جسيمة.

معبد الزهرة أو فينوس : فينوس VENUS أو الزهرة ، إلهة الحبّ والجمال عند الرومان ، تقابلها عند اليونان أفروديت وعند الفينيقيّين عشتروت ، كانت شفيعة وحامية بعلبك ، معبدها هذا رائعة معماريّة فنّية لا نظير لها في العالم أجمع ، تصميمه دائريّ يتقدّمه رواق يصعد إليه بدرج ليأخذ شكل صدفة بحريّة ، وعلى مقربة منه بقايا هيكل لربّات الآداب والفنون ، يرجع تاريخه إلى أوائل القرن الأوّل للميلاد.

آلهة الأيام السبعة : من أهمّ تماثيل بعلبك نصب لإله نحت على صدره سبعة أشخاص يمثّلون آلهة أيّام الأسبوع السبعة : جوبيتير ، مارس ، فينوس ، عطارد ، ساتيرن ، الشمس والقمر.

١٠٤

البرج العربي المملوكي : برج كبير مربّع الشكل ، مبنيّ على طرف هيكل باخوس من الناحية الشرقيّة ، فيشكّل بالتالي جزءا من السور العربي المحيط بالمعابر في قلعة بعلبك. حجارته كبيرة ، تخترق واجهاته البسيطة فتحات صغيرة تسمّى مرامي السهام. بني هذا البرج في حوالى ١٢٧٣ في عهد السلطان قلاوون الذي جدّد مساجد بعلبك ، ومن ضمنها الجامع المعروف بالجامع الأموي الكبير. وتطلق على هذه البرج تسميات عدّة منها ، البرج العربي ، وبرج السعادة ، وبرج السبع غرف ؛ يتألّف البرج من ثلاث طبقات ، ويصعد إليه عبر درج عال جدّد بناؤه ، ولم يبق من تحصيناته سوى أنقاض من حجارة كبيرة الحجم. المدخل الرئيسي للبرج عبر واجهة من الطراز العربي المقرنص المملوكي ، مبنيّة بالحجر المنحوت المالس ، ارتفاع ستّة امتار ، ووراءه باب صغير يصل إلى الطبقة الأرضيّة التي تتّصل بالطبقة الأولى عبر درج ينتهي بفسحة بنيت على جوانبها غرف بينها قناطر فيها مرام للسهام ، ما عدا واحدة إلى يمين المدخل ، وهي صغيرة لها قبّة جميلة يدعوها الأهالي" حبس الدم". أمّا الطبقة الأولى فهي كناية عن صالة كبيرة تقوم على عقد على شكل صليب تتوسّطه قبّة سماويّة مقرنصة ، وتحوطه من كلّ جانب قنطرتان تتميّزان ببساطة تصميمهما ، وتتوسّط كلّ قنطرة فتحة صغيرة هي مرمى للسهام. وفي الساحة الداخليّة بركة نصفيّة مثمّنة على شكل مقرنص تعكس جماليّة القبّة السماويّة وزخرفتها وتخلق نقطة اهتمام ضمن هذه المساحة. هذا البرج تمّ ترميمه لتحويله متحفا أثريّا دائما يحتوي على القطع النادرة ، وعلى مركز معلوماتيّ لإبراز أهميّة بعلبك الأثريّة. وبدعوة مشتركة من وزارة الثقّافة والتّعليم العالي ، والمديريّة العامّة للآثار ، والسفارة الألمانيّة في بيروت ، والمعهد الألماني للآثار ، تمّ افتتاح" متحف بعلبك الدائم" في تشرين الثاني ١٩٩٨ بمناسبة الذكرى المئويّة الأولى للحفريّات الألمانيّة في

١٠٥

قلعة بعلبك ، وتخليدا لذكرى زيارة الأمبراطور غليوم الثّاني لمدينة بعلبك. وتمّ بالمناسبة إطلاق اسم الأمبراطور على الشارع المقابل للقلعة الأثريّة. إلّا أنّ هذا البرج يعاني الإهمال حاليّا ، وبات مهدّدا بالتصدّع وقد غزته الأعشاب. مديريّة الآثار وجّهت كتابا إلى الأونيسكو شرحت فيه حال البرج ووافقت المنظّمة على إرسال خبير في الترميم والتصميم لوضع دراسة ميدانيّة لمعالجة الوضع.

إكتشافات أثريّة جديدة داخل القلعة : أظهرت ورشة التنقيب فوق الأقبية الثلاثة وداخلها قبالة معبد جوبيتر سنة ١٩٩٧ وجود بئرين رومانيّتين وفخّاريّات وبقايا هياكل عظميّة لإنسان وحيوانات وطيور. وقد ظهرت البئر الأولى أثناء ترميم السقف الخارجي للقبو الأوّل ، وتحديدا أمام رواق المعبد للجهة الغربيّة ، ويبلغ عمق البئر حوالي ٨ أمتار ، وشكلها دائري قطره حوالى متر ونصف المتر ، وهي متّصلة بقناة أفقيّة تؤدّي إلى داخل القبو. كذلك ظهرت قناة جديدة بطول مترين وسط القبو الغربي ، مسقوفة بحجارة كبيرة ، قطرها حوالى السبعين سنتم ، وتبعد نحو مترين عن البئر الأولى. أمّا البئر الثانية فمشابهة للأولى وفي موازاتها تماما ، ولم يعثر فيها على أيّ شيء.

خارج القلعة

حجر الحبلى : موقع هذا الحجر عند مدخل المدينة على الخاصرة الشماليّة لحي الواد ، بجوار مزار مار الياس ومقبرة الروم الكاثوليك ، على السفح الغربي لتلّة الشيخ عبد الله ، وسط واحد من ثلاثة مقالع حجريّة استعان الرومان بحجارتها لبناء هياكلهم في بعلبك ، وهي مقالع حي الواد ، والشراونة ، والكيّال. ويعتبر حجر الحبلى من أكبر الحجارة المنحوتة في العالم ، مساحته ٤٣٣ م ٢ ، إرتفاعه ٢٠ ، ٤ م. ، عرضع ٥ م. ، وطوله ٥٠ ، ٢١. ويبلغ وزنه نحو

١٠٦

ألف طن. لونه أبيض باهت مائل إلى السمرة بفعل عوامل الزمن ، وهو يمتاز بتجانسه وتلاحم أجزائه ، ولا يحوي إلّا بضعة شقوق أحدثتها يد الإنسان. ويجزم العلماء أنّ الرومان كانوا سينقلون هذا الحجر إلى قلعتهم الشهيرة كي يستلقي إلى جانب ثلاثة أحجار مماثلة ، تشكّل جزءا من السور الغربي للقلعة ، لو لا أن دهمتهم الحرب فتركوه قبل فصله عن أرومته السفلى التي لا تزال ملتصقة بالكتلة الصخريّة الأم. وتقول ألأسطورة إنّه حمل اسم الحبلى لأنّ النساء العاقرات كنّ يقصدنه إيمانا منهنّ بأنّ مجرّد ملامسته ستمنحهنّ الخصب. ويقال إنّ جاره الشيخ عبد الله هو الذي أعاره خصوصيّة العلاقة مع النساء الحوامل اللواتي تعذّر لهنّ الوصول إلى مقام الشيخ في أعلى التلّة التي تحوّلت محميّة لجنود الفرنسيّين. وكانت النسوة يقصدن مقام الشيخ لإيفاء نذر أو طلب شفاعة لما في بطونهنّ من حياة. وتماهيا مع هذه المقولة اكتسب هذا الحجر تسميته.

في حيّ الصلح : في سبعينات القرن العشرين ، اكتشفت مدافن أثريّة في حيّ الصلح من بعلبك ، تضمّ عشرات النواويس الفارغة. وفي العام ١٩٩٧ اكتشفت مغارة أثريّة على بعد حوالي مئة متر من تلك المدافن ، تعود إلى العهد البيزنطي ، كانت تستخدم مدافن للأموات ، وهي تقع وسط الطريق بالقرب من ثانويّة بعلبك الرسميّة للصبيان ، مساحتها حوالي ٩٠ م ٢. بعمق ثلاثة امتار ، وتحتوي على أربعة قبور منحوتة في الجدران الصخريّة وفي الإتجاهات الأربعة. لها مدخلان ، الأوّل من الجهة الشماليّة الغربيّة ، والثاني من الجهة الجنوبيّة الغربيّة. وقد وجد داخل المغارة المكتشفة سبع جماجم بشريّة وكميّة كبيرة من الفخّاريّات المحطّمة التي تعود إلى العهدين البيزنطي والعربي. وفي العام ١٩٩٨ أثناء القيام بحفريات لتمديد شبكة الصرف الصحي

١٠٧

بجوار هذه المغارة المدفنيّة في حيّ الصلح على طريق بلدة نحلة ، اكتشف ناووس حجريّ يعود إلى العهد الرومانيّ ، يبلغ طوله ٢٠ ، ٢ م. وارتفاعه متر واحد وعرضه ٨٠ سم. ، وقد وجد الغطاء مكسورا حديثا ، وداخل الناووس بقايا عظام بشريّة ، وأوراق ذهبية ممزّقة وبعض قطع القماش الصغيرة الموشّاة بالذهب ، وجرى نقل الناووس والقطع إلى قلعة بعلبك. رئيس مصلحة الحفريات في المديريّة العامة للآثار في لبنان المهندس محمد توفيق الرفاعي قال : المعلوم أنّ منطقة الشراونة التي تقع خارج سور مدينة بعلبك هي منطقة مقالع رومانيّة ، حوّلت إلى مدافن في ما بعد ، وقد استعملت إمتداداتها للدفن ، وهذا الموقع ملاصق للسور القديم لمدينة بعلبك ، ومعلوم أنّ المدافن كانت تقام في الأزمنة الغابرة ، أي في عهد المدن المسوّرة ، بالقرب من مداخل المدن خارج أسوارها. وأوضح الرفاعي أنّ الناووس المكتشف هو من النواويس الجميلة ، فهو من الحجر الكلسي ، على جانبيه نقوش لثلاثة رؤوس عجول تربطها أكاليل ، وعلى الرأسين الضيّقين رسم لرأس أسد ، وقد أبلغنا مدير عام الآثار بذلك ، ونعتقد أنّ نهب هذا الناووس قد تمّ حديثا ، لذا أحلنا الأمر إلى النيابة العامة للتحقيق وإجراء المقتضى.

في حيّ المسيحيّين أو حيّ جبل الشيخ : في العام ١٩٩٨ عثر على مغارة رومانيّة تعود لنهاية العهد البيزنطي ، ما بين تلّة الشيخ عبد الله وقلعة بعلبك على الطريق الرئيسي ، في حيّ المسيحيّين ، شارع مار جرجس ، أثناء حفريّات عائدة لبركة ماء أمام أحد المنازل ، وتبيّن أنّ للمغارة باب من جهة الهياكل ، وهي محفورة في الصخر بقياس ٤X ٤ م. ، وبارتفاع حوالى المترين لتستعمل كمدافن ، على طرفي بابها عمودان صغيران ، وإلى جهتها الشماليّة ناووسان متلاصقان وآخر لطفل ، ويضمّ صدر الجهة الشرقيّة ناووسين

١٠٨

مماثلين ثمّ حاجزا صخريّا فناووسا سادسا منفردا. وفي الجهة الجنوبيّة ناووس سابع. ويراوح طول كلّ من النواويس بين ١٦٠ و ١٨٠ سم. ، وفوق كلّ ناووس أو اثنين قنطرة معقودة ، ويعتقد بأنّ المكان هو كناية عن مدفن عائليّ يعود إلى نهاية العهد الروماني أو إلى الحقبة البيزنطيّة. كما عثر داخل المغارة على بقايا عظام وفخّاريّات وجرار محطّمة ، وبقايا زجاج ، ومغزل للصوف.

على طريق ثانويّة بعليك الرسميّة : في العام ١٩٩٨ أيضا عثر في هذه المحلّة على ناووس في داخله قناع من الذهب الخالص السميك ، وزنه يراوح بين عشرين وثلاثين غراما ، وبقايا عقد تعرّضت للأملاح والرطوبة ، وبقايا فخّاريّات وعظام ، ويستدلّ أنّ العظام والقناع والعقد تعود إلى امرأة. ورجّحت مديريّة الآثار أن تكون المنطقة مقبرة رومانيّة ، لذا باشرت أعمال التنقيب في محيطها.

قبالة القلعة : وفي العام ١٩٩٩ مع معاودة ورش تمديد قساطل المجاري الصحيّة ، ظهرت مغارتان أثريّتان بالقرب من تمثال الشاعر خليل مطران مقابل القلعة. وتبيّن لعمّال مديريّة الآثار أنّ طول المغارتين لا يتجاوز العشرة أمتار وعرضها نحو أربعة أمتار ونصف المتر ، وبارتفاع حوالى ثلاثة أمتار. ويفصل بين المغارتين نحو ١٥ مترا. وأفاد مسؤولون أنّ المغارتين لا تزالان مسدودتين بحجارة كبيرة من حجارة القلعة الرومانيّة ، لذا لم تعرف محتوياتهما بعد.

قبّة الأمجد بهرام شاه : تربض على تلّة الشيخ عبد الله في بعلبك ، تعود إلى الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن فرخشاه ، الذي نشأ في بعلبك أيّام الأيّوبيّين وتولّى أمور الحكم فيها بين ١١٨٢ و ١٢٣١ ، وهي جزء من مسجد

١٠٩

بناه على تلّة الشيخ عبد الله سنة ٥٩٦ ه‍ / ١١٩٩ م. وما زالت تعرف بقبّة الأمجد إلى اليوم ، فيما يسمّيها العامّة" قبّة السعدين".

المدرسة النّوريّة : أنشأ هذه المدرسة نور الدين زنكي ١١٥٧ م. ، وهي ملاصقة للجامع الكبير المعروف ب" الجامع الخربان" ، عثر عمّال التنقيب ١٩٩٨ على غرفتين منها وعمود مع قاعدته ، وهو دائري أملس ، إرتفاعه متران وقطره ٧٠ سنتم ، وإلى جانبه عمود آخر ، وحطام فخّاريّات ، وأقنية ريّ قديمة في الجهة الشماليّة لموقع المدرسة ، وعند الزاوية الشماليّة ـ الشرقيّة للمسجد. الغرفتان شيّدتا بحجارة من قلعة بعلبك ، مدخلهما من الحجارة المنحوتة على شكل زوايا مع أعمدة خارجيّة ومسطّحات ملساء.

السوق القديبمة : تمّ الاتّفاق بين وزارة الشؤون الاجتماعيّة وبلديّة بعلبك سنة ٢٠٠١ على تحقيق مشروع تحسين السوق القديمة ضمن دراسة موضوعيّة هدفها معرفة الحاجات وتلبيتها. ويقضي هذا المشروع بتحويل السوق إلى سوق تراثيّة في المدينة تكون ملحقا لآثار بعلبك وقلعتها ، امتدادا من سينما روكسي وصولا إلى الشارع الرئيسيّ عند مدخل المدينة فطريق رأس العين ، بطول ٣٠ م. وعرض يتراوح من ٦ إلى ٨ أمتار كخطوة أولى ، على أن يليها خطوة ثانية بتحويل قسم من منزل ابراهيم بك حيدر إلى" بيت المحترف اللبنانيّ" وإلحاقه بقلعة بعلبك كمنزل أثريّ قديم يحاكي آثار بعلبك.

حيّ القلعة : من الأحياء الواقعة قبالة الآثار في بعلبك ويضمّ عددا كبيرا من الوحدات السكنيّة ، لكنّ غالبيّة بيوته ترابيّة قديمة ، هذا الحي وضع في خانة قانون الإستملاك منذ ١٩٥٧ ، ونصّت الدراسات على هدم معظم منازله لتوسيع مدخل بعلبك جنوب الوسط التّجاري ، وإقامة الفنادق والحدائق والإستراحات.

١١٠

ساحة القلعة والعقارات المجاورة : أكثر من ٥٠ ألف م ٢ من الأراضي الزراعيّة التي تضمّ بساتين وحدائق والمحيطة بقلعة بعلبك ستتملّكها مصلحة الآثار وفق مرسوم ١٩٩٧ بهدف إنشاء محميّات خضراء حول القلعة وضمّ عقارات تحوي امتدادات أثريّة تفاديّا لقيام أيّ مشروع قد يعبث بها.

آثار بعلبك محجّ للعظماء : لطالما اجتذبت آثار بعلبك السيّاح وعشّاق الآثار من كافّة أقطار الدنيا ، وقد فرضت سنة ١٨٨٧ للمرّة الأولى الرسوم على دخول الهياكل. وبين ١٨٨٧ و ١٩١٨ زار بعلبك عدد من الملوك والأباطرة والأمراء والشعراء وكبار القادة في العالم منهم : الغراندوقان ، سرجينوس وبولس شقيقا الأمبراطور الروسي إسكندر الثالث ، دوق أدنبرة شقيق إدوار السابع ملك بريطانيا ، البرنس فيكتور عمانوئيل ملك إيطاليا في ما بعد ، الملك ميلان السرلي ١٨٨٩ ، بيار لوتي ، موريس بارس ١٨٩٤ ، وأهمّ زيارة كانت لغليوم الثّاني أمبراطور ألمانيا وزوجته أو غوستا فيكتوريا سنة ١٨٩٨ وقد خلّدت الزيارة بلوحتين من الرخام نقش على الأولى الطغراء العثمانيّة وعلى الثانية الشعار الألماني ووضعتا على أحد مواقف الأصنام العليا في هيكل باخوس بناء على اقتراح غليوم. ويروي الرواة أنّ شيخا زاهدا كان ينقطع إلى العبادة في أروقة القلعة عندما زارها الأمبراطور ، الذي ، وبعدما طاف في الهياكل ، تنبّه لوجود الشيخ فاقترب منه وسأله : " من شيّد هذا البنيان العظيم؟ " فأجاب الشيخ : " شيّده النّبي سليمان في قديم الزمان"! فقال الأمبراطور : " المجد لشعب يصنع العجائب وينسبها إلى الأنبياء". ونجم عن هذه الزيارة أن تدخّل الأمبراطور لدى السلطان عبد الحميد لإرسال بعثة حفريّات إلى الهياكل لكشف آثارها واستجلاء غوامض تاريخها ، فخصّص غليوم مبلغ ٦٠٠ ألف فرنك ذهبا لإنجاز المهمّة. وأخذ مقابل ذهبه كلّ ما عثرت عليه البعثة

١١١

(١٩٠٠ ـ ١٩٠٤) من تماثيل وتحف ونذورات وزجاج ، ضمنها تمثال ذهب للبعل جوبيتير. وقد أقيم في ٢٣ نيسان ١٩٩٨ معرض ألماني ـ لبناني في قلعة بعلبك لإحياء الذكرى المئويّة لأعمال الحفر والتنقيب ١٨٩٨ ـ ١٩٩٨ ، وفي تشرين الثاني ١٩٩٨ أعلن عن افتتاح متحف بعلبك في القلعة وأطلق اسم الأمبراطور رسميّا على شارع مواجه للقلعة كما سبق وذكرنا.

عائلاتها

شيعة : الأحمر. إسماعيل. إسبر ـ أبو إسبر. أمهز. برجي. برق. برّو. بقبوق.

بلوّق. جاروش. جاري. جبلي. الجمّال. جعفر. جمال الدّين. الحاج أحمد.

حبيب. حجازي. حرفوش ـ الحرفوش ـ الحرفوشي. الحريري. حسن.

الحسيني. حلّاني. حمزة. حمّود. حيدر. الدبس. دلّي. رعد. زريق. زغيب.

الزكرة. زيتون. الزين. الساحلي. سليمان. سويدان. السيّاد. السيّد. شاميّة.

شرف الدين. شرف. شريف. شقير. شكر. شمص. شومان. الشيّاح.

الصاروط. صالح. صفوان. صقر. ضيقة. طه. الطفيلي. عاصي. عبّاس.

عبد الله. عثمان. عسّاف. العصيدة. عطيّة. علاء الدّين. علّام. علوان. علوّه.

عمرو. عوطة. عوّاد. عواضة. عيسى. غريب. فرحات. الفوعاني.

فيتروني. كركلّا. قانصوه. اللقيس. مراد. المرتضى. مسرّة. مصطفى.

المصري. مفلح. مكّي ـ. الملّا. ملحم. مهنّا. الموسوي. نابوش. ناصر.

نصر الله. وهبي. ياغي. يحفوفي. يعقوب.

مسيحيّون : أبو زهرة. أبو ناضر. ألوف. الباشا. بردويل. بيطار. جبّور.

الحاج. الحاج نقولا. حجيج. حريقة. روفايل. سركيس. سعيد. سلامة. شحادة.

شلالا. شلهوب. الصبّاغ. صفير. صوّان. صيدح. الصيفي. الشمّاس ـ صعب الشمّاس. عاصي. عطيّة. العلم. عوض. غانم. فرح ـ الحاج فرح. فرحات.

١١٢

فريجة. القاصوف. قرعة. كرباج. كريدي. كعدي. كيروز. الماروني. المالح.

مسعد. المطران. معلوف. منيّر. نجم. نعّوم. نوهرا. الهراوي. الهاشم.

سنّة : برجاوي. بيان. جبّة. جوهري. حليحل. الخرفان. خزعل. درباس.

الرفاعي. سكّريّة. شبشول. الشل. شلحة. شمالي. الشوم. صلح. طرّاف.

الططري. عكاري. عبيد. عفارة. الغز. الكيّال. المنيني. كسر. مكيّة. الهبش.

البنية التجهيزيّة

المؤسّسات الروحيّة

الجامع الخربان أو المسجد الأمويّ الكبير : يقع هذا الجامع الأثريّ قبالة مدخل قلعة بعلبك ، بناه الأمويّون على أنقاض كنيسة مار يوحنّا البيزنطيّة الأثريّة التي بناها قسطنطين الكبير (٣٠٦ ـ ٣٣٧) على أنقاض هيكلها القديم ، وقد عدّت بعلبك في القيود النصرانيّة بين أسقفيّات مطرانيّة دمشق الشام ، واشتهر ثئودوط أسقفها في القرن الثاني للميلاد ، وحضر أسقفها الآخر يوسف المجمع الخلقيدونيّ المسكونيّ الرابع ، وقد تعهّد بيعة بعلبك مار ربولا مطران الرها (٤١٣ ـ ٤٣٥) ، فعندما كان راهبا في صومعة إبراهيم الحبيس بجوار قنسرين مسقط رأسه إرتحل مع راهب إلى بعلبك في أواخر القرن الرابع وأرشدا أهاليها. وجاء في أخبار الآباء أنّ مكسيم الأوّل بطريرك إنطاكية (٤٤٩ ـ ٤٥٥+ ٤٦٠) كتب إلى نونا السريانيّ مطران الرها (٤٥٧ ـ ٤٧١) في الشخوص إلى بعلبك ليرشد أهلها ويوطّدهم في الدين المسيحيّ ، فامتثل نونا لأوامر البطريرك وأقبل إلى بعلبك ومعه سبعة أساقفة سريان وهدى نساء كثيرات إلى محجّة الإيمان المقدّس ، وانضمّ على يده إلى النصرانيّة ثلاثون ألفا من العرب ، ثمّ قدم نونا إلى أنطاكية حيث فوّض إليه البطريرك أن

١١٣

يخطب في الكنيسة ، وفيما كان على المنبر دخلت بيلاجيا المشهورة بخلاعتها واصغت إلى أقواله وطلبت المعموديّة ، فاستأذن المطران نونا رئيسه البطريرك ألأنطاكيّ وعمّدها ، ثمّ وزّع ثروتها الوافرة على المساكين ونصح لها فانطلقت إلى أورشليم حيث قضت حياتها في أحد الأديار وتوفيت برائحة القداسة. وبعد تحويل كنيسة بعلبك الكبرى إلى مسجد أصبح هذا الجامع محطّة علميّة كبيرة ومدرسة دينيّة علّم فيها الشيخ نمر الزنكي ، وتخرّج منها صلاح الدين الأيّوبي ، وكان آخر من جدّده السلطان الملوكي محمّد بن قلاوون. وفي القرن الرابع عشر دمّر المسجد زلزال كبير ضرب لبنان آنذاك ، وتوفّي فيه الشيخ محمّد علي الحريري وطلّابه وأصبح المسجد مهملا مهجورا ، وأطلق عليه اسم الجامع الخربان. وقامت مؤخّرا مديريّة الآثار بأعمال ترميم وتنقيب عن الآثار في داخله حيث وجد بعض القطع الأثريّة ومنقوشات قديمة من عهود عدّة ، وقواعد للأعمدة ، وخمسة قبور بعضها لأطفال تمّ نقل رفاتها إلى مدافن بعلبك قرب مسجد المقاصد ، كما عثر على نوافذ وأبواب صغيرة كانت مطمورة. وجاءت عمليّة الترميم هذه بهدف إظهار معالم المسجد وإعادته نسبيّا إلى الشكل الذي كان عليه سابقا ، وسقفه بالقرميد وتجهيزه. وقد استحدثت أعمال التّرميم عددا من التّيجان والقناطر تحاكي زميلاتها القديمة ، لكنّها لا تضاهيها لجهة النّحت الدقيق لحجارة الغرانيت الذي تولّاه القدامى. أمّا أعمدة المسجد فتحاكي نظيراتها في الجامع الأموي الدمشقي. ومع انتهاء أعمال الترميم استعاد المسجد دوره الروحي وأقيمت فيه الصلاة للمرّة الأولى بعد ٨٠٠ عام بمناسبة عيد الأضحى ١٩٩٩.

مسجد الإمام علي.

١١٤

جامع النهر : بناه الأمير علاء الدين يونس الحرفوش (ت ١٣٩٣) وجدّد بناءه يونس الحرفوش في القرن السابع عشر.

مسجد رأس العين أو جامع الملك الظاهر بند قداري : بقايا مسجد أثري عائد إلى الحقبة المملوكيّة.

جامع أبي الفداء أو جامع الصاغة : أثري.

مسجد السعدين أو قبّة الأمجد بهرام شاه : أثري يعود إلى الحقبة المملوكيّة.

جامع الحنابلة.

كاتدرائيّة القديستين بربارة وتقلا للروم الكاثوليك : وقد خصّت القديسة بربارة باعتبار مميّز في بعلبك لأنّ التقليد يقول بأنّها نشأت فيها ، وقد سمّي معبد فينوس في القرن الرابع معبدا لها تيمّنا بإيمانها واعتناقها العميق للمسيحيّة ، ومن ثمّ بنيت كنيسة لها في المدينة ، أمّا الكاتدرائيّة الكاثوليكيّة في بعلبك فقد اكتمل بناؤها ١٨٩٧ ، وإلى جوارها كنيسة أقدم منها بناها المطران أثناسيوس عبيد ١٨٣٠.

مبنى مطرانيّة الروم الكاثوليك : بني مع الكنيسة القديمة ١٨٣٠.

كنيسة مار الياس النبي : ذكر طرازي أنّ السريان قد بنوها في بعلبك بعد استقلالهم ببطريركيّتهم الإنطاكيّة في القرن السادس ، وتولّى رعايتها الأسقف أنتيما ، وبقيت وجماعتها السريانيّة حتّى القرن الثامن عشر إذ بدأ السريان يرتحلون عن بعلبك ، وانحازت البقيّة الباقية منهم إلى ملل أخرى ولا سيّما إلى الروم الملكيّين ؛ كنيسة مار جرجس : رعائيّة كاثوليكيّة ؛ كنيسة السيّدة : رعائيّة مارونيّة ؛ كنيسة سيّدة البشارة : رعائيّة أرثذوكسيّة.

حسينيّة العلّاق ؛ حسينيّة الإمام الخميني ؛ حسينيّة آل رعد ؛ حسينيّة آل اللقيس ؛ حسينيّة آل عثمان في حيّ الشميس ؛ مبرّة الإمام المهدي.

١١٥

مقام النبي عبد الله : يقع على تلّة تحمل اسمه عند مدخل مدينة بعلبك ، وقد نسبت إليه الهضبة ، والأصح الشيخ عبد الله ، وهو عبد الله اليونيني الزاهد (ت ١٢٢٠ م.) المدفون في هذه الهضبة نسبت إليه كرامات.

مقام السيّدة خولة : يقع بعد أمتار من مقام النبي عبد الله ، وهو يحظى باهتمام وإقبال بالغين. ويخبر أحد السكّان بأنه أثناء نقل سبايا كربلاء من العراق إلى الشام ، أجهضت السيدة رباب ، أرملة الحسين بن علي في هذا المكان ، وبما أنّ الجهيض كان أنثى قد أطلقت الأم عليها إسم خولة ودفنتها هنا ، ولأن القافلة كانت على عجلة من أمرها لم تستطع السيدة رباب أن تقيم شاهدة لقبر إبنتها فقامت بغرس عود" سواك" كان بحوزتها في تراب القبر وتابعت السير مع قافلة السبي ، فراح عود السواك يزهر وينمو مع الأيّام حتّى صار شجرة باسقة أكّد الخبراء الزراعيّون أنّها فريدة من نوعها في لبنان ويزيد عمرها على ١٤٠٠ سنة ، وقد أقام أهالي بعلبك مقاما وضريحا حول الشجرة. وعندما جاء الهاشميّون إلى لبنان في بدية القرن الخامس عشر وسكنوا كرك نوح قبل أن يتفرّعوا إلى أماكن أخرى ، صاروا يزورون المقام ويكرّمونه.

مقام النبي الياس : يزوره المؤمنون من مختلف الملل والأديان السماويّة ، ويعتبر التقليد أنّ الله تعالى بعث الياس إلى بعلبك يوم كان سكّانها يعبدون الأصنام فأهداهم إلى عبادة الله.

المؤسّسات التربويّة والثقافيّة

رسميّة تكميليّة للصبيان ؛ رسميّة إبتدائيّة للبنات ؛ رسميّة تكميليّة للبنات ؛ ثانويّة بعلبك الرسميّة للصبيان ؛ المدرسة الرسميّة الجديدة الثانية ؛ مدرسة الشراونة الرسميّة ؛ متوسّطة بعلبك الرسميّة الثالثة ؛ المدرسة الحديثة ـ خاصّة ؛ مدرسة الناصر ـ خاصّة ؛ مدرسة التوجيه الوطني ـ خاصّة ؛ المدرسة النموذجيّة ـ خاصّة ؛ المدرسة اللبنانيّة ـ خاصّة ؛ المدرسة الأسقفيّة ـ خاصّة ؛ مدرسة

١١٦

راهبات القلبين الأقدسين ـ خاصّة ؛ ثانويّة الحكمة ـ خاصّة ؛ ثانويّة الصلاح الاسلاميّة : خاصّة تابعة لجمعيّة المشاريع الخيريّة الاسلاميّة ؛ ثانويّة خليل مطران الأسقفيّة ؛ مدرسة بعلبك الفنّيّة العالية ؛ مدرسة الهداية ـ خاصّة ؛ المدرسة الوطنيّة للبنين والبنات : يجري البحث بين وزارة التربية ومطرانيّة بعلبك المارونيّة على إعادة افتتاحها بعد ترميمها ، بناؤها قائم على مساحة حوالى ١٢ ألف م ٢ على مدخل بعلبك ، هذا البناء كان ملكا للدولة الفرنسيّة التي وضعته في تصرّف الأبرشيّة المارونيّة لبناء مدرسة تعلّم اللغة الفرنسيّة ، وقد أوكلت الأبرشيّة إلى الآباء الأنطونيّين شأن إدارتها لتدريس صفوف الروضة ، التكميليّة والثانويّة ؛ المركز الثقافي اللغوي الفرنسي ـ فرع بعلبك : تمّ افتتاحه في ١١ حزيران ١٩٩٩.

مركز القضاء

قوى الأمن الداخلي : قيادة سريّة ؛ ومركز درك سيّار فصيلة بعلبك ؛ معهد لقوى الأمن الداخلي.

القضاء : محكمتان بدائيّتان ؛ محكمة استئناف ؛ نائب عام ؛ قاضي تحقيق.

الجيش : ثكنة الشيخ عبد الله : بناها الجيش الفرنسي على مشارف المدينة منتصف الثلاثينات ، وهي منسوبة إلى الهضبة التي تقوم عليها ؛ ثكنة الجنرال غورو : تقع على مسافة بضع عشرات من الأمتار شمال هياكل بعلبك بنتها سلطات الإنتداب الفرنسي أثناء وجودها في لبنان لتكون موقعا عسكريّا واداريّا شغلته حتى موعد جلائها حيث قامت قبل الرحيل باخلائها وثكنة الشيخ عبد الله واجّرتهما إلى حكومة الإستقلال مقابل مبلغ رمزي لا يتعدّى بضعة فرنكات فرنسيّة ، لا تزال الدولة اللبنانيّة تدفعها حتى يومنا هذا. ومع انتهاء فترة الإنتداب بقي الجيش اللبناني مقيما في هذه الثكنة حتى ١٩٧٥ إذ

١١٧

تركها على أثر قيام عشائر وعائلات منطقة بعلبك الهرمل بمهاجمة الثكنة والإستيلاء عليها. تتألّف الثكنة من مجموعة أبنية طويلة من طبقتين تنتشر على رقعة واسعة من الأرض ، وتشكّل حيّا سكنيّا مغلقا ومستقلّا عن محيطه ، وقد شيّدت المباني لتكون مهاجع للجنود ومكاتب ومستودعات للمؤن والعتاد ، وتزدان بعض المداخل بكلمات فرنسيّة وتواريخ بناء تعود إلى عامي ١٩٣٧ ـ ١٩٤٠ ، ومنذ أن تدفّقت العائلات إلى الثكنة عام ١٩٧٥ احتلّت كل واحدة منها غرفة ، ألحقت بها مطبخا وحمّاما ، وو احيانا غرفا إضافيّة ، بعضها من الخشب والصفيح ، ومعظم العائلات المقيمة فيها ، لبنانيّة وفلسطينيّة تعرّضت للتهجير في مستهل الأحداث من مناطق مختلفة ، إضافة إلى عائلات فلسطينيّة جاءت من مخيّم الجليل في بعلبك لتخفيف الإزدحام السكاني الحاصل في المخيّم المذكور ؛ مدرسة للرتباء.

إدارة بريد بعلبك ؛ إدارة الهاتف ؛ مصلحة كهرباء ؛ مصلحة مياه نبع اللجوج ؛ مكتب مياه راس العين.

من المشاريع الإنمائيّة والسياحيّة التي ستنفّذها الحكومة : تحويل ثكنة غورو في بعلبك إلى مركز محافظة وتضمينها كلّ الإدارات الرسميّة ؛ تكليف مجلس الإنماء والإعمار بإعداد الدراسات والمباشرة بالمدينة الرياضيّة في بعلبك ؛ تكليف دار الهندسة لدراسة المحيط الأثريّ في مدينة بعلبك.

المؤسّسات الإداريّة لمدينة بعلبك

مجالس إختياريّة لكلّ من أحياء : النبي إنعام ، الريش الشرقي ، الريش الغربي ، الصلح ، القلعة ، الشميس ، البرانيّة ، البربارة ، العبّاسيّة ، غفرة ؛ وبنتيجة انتخابات ١٩٩٨ جاءت المجالس الإختياريّة التّالية : مخاتير النّبي إنعام : علي محمّد رعد ، خضر ملحم الجمّال ، حسن نايف عبّاس ؛ مخاتير الريش الشرقي : عصام مصطفى ياغي ، حسين محمّد الدبس ، مهدي حسن الزين ؛ مخاتير

١١٨

الريش الغربي : علي حسين عثمان ، محمّد أيمن مرتضى ؛ مختارا حيّ الصلح : اسماعيل مصطفى صلح ، خالد صلح ؛ مختار القلعة : حميّد بيان ؛ مختار الشميس : زهير خليل عواضة ؛ مختار البرانيّة : فؤاد اسكندر نجم ؛ مختار البرابرة : جورج واكيم عوض ؛ مختار العبّاسيّة : خليل طه ؛ مخاتير حي غفرة : عثمان أحمد الرفاعي ، عبد الجليل أحمد خزعل ، خالد فوزي درباس.

المجلس البلدي : سنة ١٨٥٠ انتهى عهد الإمارة والإقطاع بعد ما ألغت السلطات التركيّة نظام الإمارات وعمّمت حكم الولايات والقائمقاميّات ، فصارت بعلبك لواء بعلبك وشرق البقاع ، يشرف عليه متصرّف أو قائمقام يرتبط بوالي الشام ، مدّة ولايته سنة قابلة للتعديل عزلا أو تجديدا. وظلّت بعلبك رأس لواء حتّى ١٨٧١ عند ما سلخ عنها شرق البقاع ، وتحوّلت قضاء تولّى شؤونها القائمقام محمود اليوسف الذي اهتمّ بتطوير المدينة بعد صدور فرمان إنشاء البلديّات في المدن الكبرى ١٨٧٧ ، إذ بادر اليوسف ١٨٨٠ إلى تنظيم شوارع بعلبك الضيّقة التي شاعت في المدينة وظلّ بعضها قائما حتّى ١٩٥٠ ، وكان السكّان يسمّون كلّ واحد منها" زاموق الفارة". وقام اليوسف أيضا بشقّ طريق العربات بين بعلبك ومعلّقة زحلة ، ومن هناك يتمّ الإتّصال ببيروت ودمشق ، بعدما كانت الخيل والبغال والحمير تؤلّف وحدها وسائل النّقل إلى بعلبك. وبفضل هذه الطريق نشطت السياحة وتوافد السيّاح لمشاهدة هياكل بعلبك. في عهد الإنتداب الفرنسي أصبحت بعلبك جزءا من دولة لبنان الكبير ١٩٢٠ ، وخضعت لتنظيمات إداريّة جديدة. وأوّل وثيقة عثر عليها تشير إلى أنّ المحامي يوسف مخيبر حيدر (١٨٨٤ ـ ١٩٥٤) كان رئيسا لبلديّة بعلبك سنة ١٩٢٣ ، وقد تولّاها بعد عودته من منفاه في الأناضول ، وظلّ محافظا على منصبه حتّى ١٩٢٩. وأهمّ التحوّلات التي شهدتها بعلبك في عهده أنّها أصبحت محافظة ١٩٢٥ ، ولمّا شارك بعض البعلبكيّين في

١١٩

الثّورة ضد الإنتداب ١٩٢٦ ، عاقبت السلطات المعنيّة بعلبك بأن أنزلتها إلى رتبة قائمقاميّة ١٩٢٩. إعتنى يوسف مخيبر حيدر بتجميل المدينة فتمّ توسيع الطرق الداخليّة وشق طريق القلعة ـ رأس العين ١٩٢٧ ، بمؤازرة الوزير صبحي سليمان حيدر آنذاك ، وعرف ب" شارع صبحي سليمان حيدر". وفي آذار ١٩٢٨ جرت انتخابات بلديّة لبعلبك أسفرت عن فوز مجلس قوامه : يوسف سليمان حيدر (شيعي) رئيسا ، والأعضاء : على المرتضى (شيعي) ، زكي رسول الرفاعي (سنّي) ، شفيق محمّد زين الرفاعي (سنّي) ، نقولا كرباج (ماروني) ، يوسف الغندور المعلوف (كاثوليكي). وفي نهاية ١٩٢٩ ، تمّ نقل آخر دوائر المحافظة من بعلبك إلى زحلة ، وتولّى بعلبك القائمقام عبد الحليم حجّار من شحيم (١٩٣٠ ـ ١٩٣٧) ، وكان قبل ذلك محافظا للشمال ، وإذ كان وطنيّا ، غضبت منه سلطات الإنتداب فأنزلته إلى رتبة قائمقام وأرسلته إلى بعلبك ، فنظّم الطرق ، وشقّ شارعا حمل اسمه : " شارع عبد الحليم الحجّار" ، وأنار المدينة لأوّل مرّة ١٩٣٢ ، وأعاد إليها مياه اللجوج التي كان جرّها الرومان بقساطل فخّاريّة ، فوصلت إلى كلّ المنازل عبر شبكة امتدّت على مسافة سبعة كيلومترات. وممّا يذكر لحجّار أنّه باع قطعة أرض كان يمتلكها في شحيم لتمويل مشروع جرّ المياه ، وقد استوفى ما دفعه في ما بعد من رسوم بيع أو إيجار أمتار المياه التي كانت تعود إلى صندوق البلديّة.أمّا في حقبة الإستقلال ، فقد شهدت بعلبك صراع العائلات على المراكز والزعامة والقيادة ، وفي ٦ كانون الأوّل ١٩٥٢ صدر بيان باسم" القائمة الإصلاحيّة لبلديّة بعلبك" يشرح وضع المدينة وتطلّعاتها إلى الطرق والحدائق العامّة وتشجيع السياحة وتأمين المياه والكهرباء ، وفاز أصحاب البيان بانتخاب ١٩٥٣ ، واستطاع آل ياغي انتزاع البلديّة من آل حيدر ، وتولّى رئاستها محمّد عبّاس ياغي الذي أصبح نائبا في ما بعد ، وكان من أعضاء تلك اللائحة أيضا

١٢٠