فلا بدّ من العطف فى مثل هذا التركيب ، وتكون الواو بالضرورة ، وكلّ منهما ، أو منهم ، فاعل ، والمشتركون يدلون على فاعل واحد. وقد ذكر الحريرى «ولا تقول : اجتمع زيد مع عمرو» (١).
المفعول به
دأب النحاة على دراسة المفعول به فى أبواب دراسة الفضلات ، وهى لا تؤثر فى ركنى الجملة ، لكننى أوثر دراسته متمما دراسة الجملة الفعلية ، وكأننى أود أن أجعله أساسا فى بناء الجملة الفعلية ؛ لأننى لحظت ما يأتى :
أ ـ بعض الأفعال لا يتم معناها إلا من خلال ذكر مفعولين أو أكثر ، وهى التى درست سابقا ، فإذا قلت : زعمت ، أو : وجدت ، أو غير ذلك فإن هذا الكلام لا يفيد معنى يحسن السكوت عليه ، مع أنه يكوّن جملة تامة الركنين من فعل وفاعل.
ب ـ لا تستغنى الجملة فى وجه من أوجه تراكيبها عن المفعول به ، وذلك إذا بنى الفعل للمجهول ، حيث يوضع المفعول به ـ في المقام الأول ـ نائبا عن الفاعل ، ويتّخذ أحكامه ـ كما ذكرنا.
ج ـ يمكن إضافة مصدر الفعل إلى مفعوله ، كما يضاف إلى فاعله ، فليس بينهما فرق فى هذا الجانب ، حيث يمكن القول : قراءة الدرس ، قراءة محمد ، خروج على ، خروج من المنزل.
د ـ الأحداث يلزمها دائما طرفان ، مؤثر ومتأثر ؛ لأن الحدث إذا صدر من المؤثر ـ وهو الفاعل ـ فإنه لا يكون حدثا حقيقيا إلا بالاعتداد بالمتأثر ، فكتابة محمد التى حدثت أو تحدث أو ستحدث لا بدّ أن تكون حادثة على شىء ما ، سواء أكان درسا أم موضوعا أم كلاما أم صفحة أم خطابا أم غير ذلك ، وإلا فإنه لا تكون كتابة ، وإذا لم يوجد شىء من هذه المتأثرات فإنها تعدّ فى الحسبان دائما.
فالفعل فى معناه يلزمه المفعول به ، وإنما هو في معناه وبنيته يلزمه الفاعل.
__________________
(١) درة الغواص فى أوهام الخواص ٣٥.