غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٣

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٣

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-251-3
الصفحات: ٥٦٧

والظاهر التلازم بينه وبين تمام الأربعة.

والمراد باللحد الدفن ، فلا ينافي الوجوب.

وتدلّ على وجوب الغسل أيضاً رواية زرارة في الكافي (١) ، ومرفوعة أحمد بن محمّد (٢)

والمتبادر من الكفن هو المعهود.

ولا صلاة عليه باتفاق العلماء كما في المعتبر (٣).

وأما إذا لم يكن له أربعة أشهر فهو كاللحم بلا عظم يلفّ في خرقة ويدفن على المشهور ، ويظهر من الفاضلين الإجماع عليه من العلماء عدا ابن سيرين (٤). ويدلّ عليه أيضاً إطلاق رواية محمّد بن الفضيل (٥) ، وليس فيها اللفّ ، ويكفي الإجماع المنقول.

الثامن : تجب إزالة النجاسة عن الميّت قبل الغسل بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهي (٦).

وقد يستدلّ عليه بالأمر بغسل الفرج وإنقائه في رواية الكاهلي (٧) ، ورواية يونس (٨) ، وهو غير ناهض ، لأنّ الغسل أعمّ من النجاسة ، فيحتمل التعبّد ، سيّما إذا كان الفرج طاهراً كالغريق.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٠٦ ح ١.

(٢) التهذيب ١ : ٣٢٨ ح ٩٦٠ ، الوسائل ٢ : ٦٩٥ أبواب غسل الميّت ب ١٢ ح ٢.

(٣) المعتبر ١ : ٣١٩.

(٤) المحقّق في المعتبر ١ : ٣٢٠ ، والعلامة في التذكرة ١ : ٣٧٠.

(٥) الكافي ٣ : ٢٠٨ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٣٢٩ ح ٩٦١ ، الوسائل ٢ : ٦٩٦ أبواب غسل الميّت ب ١٢ ح ٥.

(٦) المنتهي ١ : ٤٢٨.

(٧) الكافي ٣ : ١٤٠ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ ح ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٦٨١ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٥.

(٨) الكافي ٣ : ١٤٢ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ح ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٣.

٤٠١

وكذلك الإنقاء مع أنّ في رواية عمّار : «فيغسل الرأس واللحية بسدر حتى ينقيه» (١).

فالاعتماد على ظاهر الإجماع المنقول.

واستبعاد تطهير المحلّ عن الخبث مع بقاء نجاسة الموت غير ملتفتٍ إليه بعد الدليل.

ولا يتمّ الاستدلال برواية محمّد بن مسلم الدالّة على أنّ غسل الميّت كغسل الجنابة (٢) فإنّ مقتضاها بعد تسليم العموم جواز تطهير كلّ عضوٍ قبل غسل ذلك العضو ، وهم لا يقولون به ههنا ، بل يوجبون التقديم مطلقاً ، نعم يدلّ على وجوب الإزالة في الجملة.

التاسع : يغسل الميّت بالسدر أوّلاً ، ثمّ بالكافور ، ثمّ بالقراح وجوباً على المعروف من مذهب الأصحاب ، عدا سلّار ، فإنه اكتفى بواحدة بالقراح (٣) ، لقوله عليه‌السلام وقد سئل عن الميّت يموت وهو جنب يغسل غسلاً واحداً (٤) وهو غير ناهض على مطلوبه ، وكذلك لو أراد الأولوية ، مع معارضته بالأخبار المستفيضة المعتبرة المعتضدة بفهم الأصحاب الواردة في مقام البيان (٥). واشتمالها على المستحبات لا يخرجها عن الحجية بحسب الأصل.

ويكفي في الخليط ما يحصل به المسمّى ، بأن يقال في العرف إنّه غسل بماء السدر أو بماء وسدر ، أو الكافور كذلك. ومتفاهم العرف تمازجه مع الماء ، فلا بدّ من الطحن أو التمريس إن كان رطباً ليصدق الغسل به.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٠٥ ح ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٤ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ١٠.

(٢) التهذيب ١ : ٤٤٧ ح ١٤٤٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٥ أبواب غسل الميّت ب ٣ ح ١.

(٣) المراسم : ٤٧.

(٤) الكافي ٣ : ١٥٤ ح ١ ، التهذيب ١ : ٤٣٢ ح ١٣٨٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٤ ح ٦٨٠ ، الوسائل ٢ : ٧٢١ أبواب غسل الميت ب ٣١ ح ١.

(٥) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢.

٤٠٢

وعن المفيد تقدير السدر بالرطل (١) ، وعن ابن البرّاج برطل ونصف (٢) ، ولم نقف على مستندهما.

وعن بعضهم اعتبار سبع ورقات (٣) ، وهو موجود في رواية عبد الله بن عبيد (٤) ، ورواية معاوية بن عمّار (٥) ، لكنهما متشابهتا الدلالة لا يمكن الاعتماد عليهما في المطلوب.

ولو خرج بالخليط عن الإطلاق ففي الجواز قولان (٦) ، نظراً إلى إطلاق الأخبار واتّفاق الأصحاب على شرعية السدر كما نقله في الذكرى (٧) ، وإلى أنّ المتبادر من الغسل هو الغسل بالمطلق ، ولظاهر قوله عليه‌السلام في صحيحة ابن مسكان : «اغسله بماء وسدر ، ثمّ اغسله على أثر ذلك غسلة اخرى بماء وكافور وذريرة إن كانت ، واغسله المرّة الثالثة بماء قراح» ؛ (٨) وفي معناها غيرها ؛ (٩) ، وفي بعضها «بماء» (١٠) وفي بعضها «بماء بحت» (١١) بدل القراح.

والأظهر الثاني ، لأنّ شرعية السدر أعمّ من حصول الإضافة ، ودلالة لفظ «الماء» على المطلق نصّ بالنسبة إليه ، وإطلاق ماء السدر والكافور في بعض

__________________

(١) المقنعة : ٧٤.

(٢) المهذّب ١ : ٥٦.

(٣) التذكرة ١ : ٣٥٢ ، روض الجنان : ٩٩.

(٤) التهذيب ١ : ٣٠٢ ح ٨٧٨ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ ح ٧٢٦ ، الوسائل ٢ : ٦٨٩ أبواب غسل الميّت ب ٦ ح ٢.

(٥) التهذيب ١ : ٣٠٣ ح ٨٨٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ ح ٧٢٩ ، الوسائل ٢ : ٦٨٣ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٨.

(٦) قال بعدم الجواز في القواعد ١ : ٢٢٤ ، والتذكرة ١ : ٣٥٢ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٢٣ ، وبالجواز في المدارك ٢ : ٨٢ ، والبحار ٧٨ : ٢٩٢ ، والحدائق ٣ : ٤٥٩.

(٧) الذكرى : ٤٦.

(٨) الكافي ٣ : ١٣٩ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٠٠ ح ٨٧٥ ، الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ١ بتفاوت.

(٩) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢.

(١٠) التهذيب ١ : ٤٤٦ ح ١٤٤٣ ، الوسائل ٢ : ٦٨٢ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٦.

(١١) الكافي ٣ : ١٣٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ ح ٨٧٤ ، الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٢.

٤٠٣

الأخبار (١) أيضاً معارض بإطلاق ماء وسدر أو كافور في الأُخر.

والمراد بالقراح هنا ما خلا عن الخليطين بشهادة المقام ، لا الخالص عن مطلق الشوب كما في اللغة (٢) ، فلا تضرّ مخالطته بالطين وغيره ما دام مطلقاً ، وعلى هذا فالأظهر اعتبار خلوص الماء في الثالثة عن الخليطين.

ويجب الترتيب بين أعضاء الغسل كغسل الجنابة ، لا بين أجزاء الأعضاء ، وادّعى عليه اتفاقنا في الذكرى (٣) ، وتدلّ عليه الأخبار المستفيضة (٤) ، وكذلك بين الغسلات الثلاث.

قال في الذكرى (٥) : ويلوح من كلام ابن حمزة (٦) استحباب الترتيب ، للأصل ، وحمل الروايات على الندب ، وهو ضعيف.

وذكر جماعة من المتأخّرين أنّه يسقط الترتيب في أعضاء الغسل بغمس الميّت في الماء غمسة واحدة (٧) ، لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام رواها الشيخ في الزيادات ، قال : «غسل الميّت مثل غسل الجنب» (٨) واستضعفها في المدارك (٩) ، والأظهر أنّ سندها معتبر.

نعم يمكن القدح في استفادة العموم حتّى للارتماس ، فإنّ الارتماس في غسل الجنابة إنّما هو من باب الإجزاء ، والأصل فيه الترتيب كما مرّ في محلّه ، وجواز

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢.

(٢) مجمع البحرين ٢ : ٤٨٢ ، المصباح المنير ٢ : ٤٩٦.

(٣) الذكرى : ٤٥.

(٤) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢.

(٥) الذكرى : ٤٥.

(٦) الوسيلة : ٦٤.

(٧) إيضاح الفوائد ١ : ٦٠ ، المسالك ١ : ٨٥.

(٨) التهذيب ١ : ٤٤٧ ح ١٤٤٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٥ أبواب غسل الميّت ب ٣ ح ١.

(٩) المدارك ٢ : ٨١ ، ولعلّ وجه التضعيف هو الكلام في إبراهيم بن مهزيار فإنّه لم يثبت توثيقه (انظر معجم رجال الحديث رقم ٣١٨).

٤٠٤

الارتماس في الغسل من أحكام الجنب ، لا غسله.

وتجب فيه النيّة على المشهور المدّعى عليه الإجماع من الخلاف (١) ، خلافاً للسيّد (٢) ، لأنّه تطهير من نجاسة الموت ، وتردّد في المعتبر (٣).

والأقوى الأوّل ، لأنّه من التوقيفيات ، ولا يتحقّق الامتثال عرفاً إلّا مع قصده فيها ، وليس كغسل الثوب والآنية.

وتؤيّده رواية ابن مسلم المتقدّمة (٤) مع كلّ ما ورد في علّة الغسل من أنّه للجنابة وغير ذلك (٥).

والخلاف في وجوب نيّاتٍ ثلاث أو تكفي واحدة على المختار المحقّق من كون النيّة هي الداعي إلى الفعل ، لا المخطر بالبال غير مثمر.

نعم تظهر الثمرة في الخلاف في أنها فعل واحد مركّب من أفعال ، أو أفعال متعدّدة مستقلّة.

ومن ثمراتها أنّه إذا لم يوجد الماء إلّا بقدر غسل واحد فهل يجب أم لا؟ وسيجي‌ء الكلام فيه.

والنيّة على الغاسل لا غيره ، والظاهر أنّه هو الصابّ للماء ، لا المقلّب.

ولو اشتركوا ولو بصبّ أحدهم وإيصال الأخر إلى الأعضاء بيده فيشتركون في النيّة ، وإن تفرّقوا بغسل كلّ منهم جزءاً على الترتيب ، فعلى كلّ منهم النيّة.

العاشر : إنّما تجب الغسلات الثلاث مع وجود الماء ، وإلّا فيكتفى بما تيسّر

__________________

(١) الخلاف ١ : ٧٠٢ مسألة ٤٩٢.

(٢) نقله عنه في مجمع الفائدة ١ : ١٨٣ ، والذخيرة : ٨٣.

(٣) المعتبر ١ : ٢٦٥.

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٧ ح ١٤٤٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٥ أبواب غسل الميّت ب ٣ ح ١.

(٥) الوسائل ٢ : ٦٨٥ أبواب غسل الميّت ب ٣.

٤٠٥

ولو كان غسلة واحدة ، والظاهر أنّه لا خلاف فيه ، وإلا لأمكن المناقشة بأنّه لا يتمّ إذا قلنا بأن الغسل اسم لمجموع الغسلات وأنّ الثلاث شي‌ء واحد مركّب من الغسلات كأعضاء الغسل بناءً على جعله من باب إجراء الحكم في بعض الأجزاء العقليّة بعد انتفاء بعض آخر.

ثمّ إنّ الأظهر أنّه يقدّم الغسل بالسدر ثمّ بالكافور أيضاً إن وجد الماء لغسلتين.

وفي الذكرى (١) : قدّم القراح لو وجد الماء لغسلة ، لكونه أقوى في التطهير ، والسدر لو وجد لغسلتين ، لوجوب البدأة به ، ويمكن الكافور لكثرة نفعه ، والظاهر أنّه يقدّم السدر في الترتيب أيضاً حينئذٍ أو الكافور على الاحتمال الأخر.

وفي وجوب التيمّم عوضاً عن المتعذر قولان للشهيدين في الذكرى والمسالك ، أوّلهما للثاني ، لعموم البدليّة (٢) ، وثانيهما للأوّل لحصول مسمّى الغسل (٣) ، وفي الدليلين نظر ، والأحوط الأوّل ، هذا إذا أعوز الماء.

وأما لو فقد الخليط ففي تبديل الغسل بالقراح عنه قولان (٤) ، أظهرهما العدم ، لعدم الدليل ، والأمر بالغسل بالخليط يقتضي الإمكان. ومع التعذّر لا يمكن ، وانتفاء الجزء مستلزم لانتفاء الكلّ.

واحتجّ الآخرون (٥) بأنّ الإنسان مكلّف باستعمال الماء والخليط ، وتعذّر الثاني لا يستلزم تعذّر الأوّل.

وفيه : أنّ الغسل بماء السدر ماهية بسيطة موجودة بوجود واحد ، وتنتفي الماهية

__________________

(١) الذكرى : ٤٥.

(٢) المسالك ١ : ٨٥.

(٣) الذكرى : ٤٥.

(٤) القول بالتبديل للحلّي في السرائر ١ : ١٦٩ ، والعلامة في القواعد ١ : ٢٢٤ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٧٢ ، وصاحب الرياض ٢ : ١٥٤ ، والقول بالسقوط للمحقّق في المعتبر ١ : ٢٦٦ ، والشهيد في الذكرى : ٤٥ ، وصاحب المدارك ٢ : ٨٤.

(٥) انظر جامع المقاصد ١ : ٣٧٢.

٤٠٦

بانتفاء كلّ من جزأيها.

والتحقيق أنّه لإبقاء للجنس بعد انتفاء الفصل ، فلا يمكن التمسّك بالاستصحاب ، وليس ذلك مثل الأجزاء الخارجية كالأقطع الذي يجب عليه الوضوء ، مع أنّ الظاهر أنّ المركبات الخارجية أيضاً مركّبات ذهنيّة ، فإنّ اليد مثلاً هي جارحة مركّبة من أجزاء معيّنة ، وبانتفاء كلّ منها تنتفي اليد ، والحكم ثمّة لدليل آخر.

نعم يتمّ الكلام في المأمور به المتعدّد ، وعليه يبتني حكم لزوم المقدور من الأغسال الثلاثة لو تعذّر الجميع ، وقد عرفت الإشكال فيه أيضاً.

وقد يستدلّ عليه بقوله عليه‌السلام : «إذا أمرتكم بشي‌ء فاتوا منه ما استطعتم» (١) والميسور لا يسقط بالمعسور(٢) وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه (٣).

وفيه أيضاً بحث ، فإنّ الظاهر أنّ المراد من كلمة «من» بعض الأفراد لا الأجزاء ، وكذلك لا بدّ من تقدير هذه الكلمة في الروايتين الأخيرتين ، واستعمالها في المعنيين لا يمكن على التحقيق ، وإرادة عموم المجاز يحتاج إلى القرينة.

واستدلّ في الذخيرة باستصحاب شغل الذمّة اليقينيّة المستدعية لبراءة الذمة اليقينية (٤) ، وهو ممنوع ، لأن القدر المسلّم من الاشتغال هو بما لم يكن خارجاً من الأمرين ، لا الشي‌ء المجمل في الظاهر المطلوب منه شي‌ء واقعي حتّى يلزم الإتيان بما يوجب اليقين ، وأصل البراءة يقتضي العدم.

وإذا تعذّر أحد الأغسال ففي وجوب التيمّم عنه قولان ناظران إلى كون المجموع غسلاً واحداً أو كلّ منها ، والتحقيق أنّ المعنيين كلاهما بحسب النظر الظاهر موجبان

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٥ ح ٤١٢.

(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.

(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٧.

(٤) الذخيرة : ٨٣.

٤٠٧

للتيمّم ، أمّا الأوّل فلانتفاء الكلّ بانتفاء الجزء ، فيثبت البدل ، فما أتي به من الغسل تعبّد محض ، وأما الثاني فلعموم البدلية.

وأما عند التدقيق فالأولى الاعتماد على الأصل ، لتساقط الوجوه بتعارضها. وإن كان ولا بدّ فتيمّم عن المجموع ، أو عمّا في الذمّة.

ولو وجد الخليط قبل الدفن ؛ ففي وجوب الإعادة قولان ، وقضية اقتضاء الأمر للإجزاء العدم ، وبقاء إطلاق الأمر بعد تبدّل التكليف مشكل.

وأما لو وجد الماء بقدر ما فقد من الأغسال ، فعلى ما اخترناه من تقديم الأول فالأوّل ، فيأتي بالباقي لبقاء المحلّ وعدم وجوب الموالاة ، وعلى القول بتقديم القراح أو الكافور على السدر كما احتمله في الذكرى (١) ففيه الإشكال.

وعن جماعة من الأصحاب أن غسل المسّ (٢) لا يسقط بالأغسال الناقصة (٣) ، وأولى منه التيمّم ، وفيه إشكال ، للأصل ، واقتضاء البدلية ، ومنع شمول الإطلاق ، والأحوط ما ذكروه.

الحادي عشر : إذا خيف من تغسيله تناثر جلده كالمحترق والمجدور يُمّم وهو مذهب الأصحاب ، وقال في التهذيب : وبه قال جميع الفقهاء إلّا الأوزاعي (٤).

واستدل عليه برواية زيد بن عليّ ، عن آبائه ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : «إنّ قوماً أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : يا رسول الله مات صاحب لنا وهو مجدور ، فإن غسّلناه انسلخ ، فقال : يمّموه» (٥).

__________________

(١) الذكرى : ٤٥.

(٢) في «م» : غسل الميّت.

(٣) كالكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٧٢ ، وصاحب المدارك ٢ : ٢٧٩.

(٤) وجدناه في الخلاف ١ : ٧١٧.

(٥) التهذيب ١ : ٣٣٣ ح ٩٧٧ ، الوسائل ٢ : ٧٠٢ أبواب غسل الميّت ب ١٦ ح ٣.

٤٠٨

ولا وجه لقدح بعض المتأخّرين في السند والتمسّك بالأصل في نفي التيمم (١) مع عمل الأصحاب عليه وظاهر الإجماع وعموم بدلية التيمّم عن المائية كما حقّقناه في محلّه (٢).

واحتمال كون غسل الميت في الأصل لرفع الخبث لا الحدث بعيد ينافيه ما ورد في علل غسل الميّت (٣) ، وكذا ما ورد أنّه مثل غسل الجنابة (٤).

وقد عارض الرواية صاحب المدارك والذخيرة بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه‌السلام : عن ثلاثة نفر كانوا في سفر ، أحدهم جنب ، والثاني ميّت ، والثالث على غير وضوء ، وحضرت الصلاة ومعهم ماء يكفي أحدهم ، من يأخذ الماء ويغتسل به؟ وكيف يصنعون؟ قال : «يغتسل الجنب ، ويدفن الميت ، ويتيمّم الذي عليه الوضوء ، لأن الغسل من الجنابة فريضة ، وغسل الميت سنة ، والتيمّم للاخر جائز» فإنها كالصريحة في سقوط التيمم (٥).

وفيه أوّلاً : أنا لم نقف على هذه الرواية في شي‌ء من الأُصول ، والموجود في التهذيب إنّما هي رواية عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن رجل حدّثه ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام الحديث ، فهو مرسل (٦) ، لكن الصدوق رواها عنه عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، فيكون الحديث مسنداً صحيحاً ، لكن فيه بعد قوله «ويدفن الميت» كلمة «بتيمّم» ثمّ قال : «ويتيمّم الذي عليه

__________________

(١) قال في المدارك ٢ : ٨٥ بعد ذكر الرواية : وهي ضعيفة السند باشتمالها على جماعة من الزيدية.

(٢) راجع الجزء الأوّل.

(٣) الوسائل ٢ : ٦٧٨ أبواب غسل الميّت ب ١.

(٤) الوسائل ٢ : ٦٨٥ أبواب غسل الميّت ب ٣.

(٥) المدارك ٢ : ٨٥ ، الذخيرة : ٨٤ ، وهذه الرواية غير موجودة في المصادر ، والموجود الرواية عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، ولعلّه سهو منهما ، فقد أوردها صاحب المدارك في ص ٢٥١ كما في المصادر.

(٦) التهذيب ١ : ١٠٩ ح ٢٨٥ ، الوسائل ٢ : ٩٨٧ أبواب التيمّم ب ١٨ ح ١. وأوردها في الاستبصار ١ : ١٠١ ح ٣٢٩.

٤٠٩

وضوء» (١) ولعلّه سقط من قلم الشيخ أو النسّاخ بتوهّم التكرار.

وبالجملة لا تأمّل في وجوب التيمّم بدل غسل الميّت في الأُمور المذكورة وفي غيرها أيضاً ، كما لو فقد الماء رأساً أو تعذّر استعماله ، لعموم البدليّة المستفادة من الأخبار المعتبرة كما حقّقناه في محلّه.

ثمّ إنّ مقتضى كون الأغسال الثلاثة غسلاً واحداً وحدة التيمّم ، وهو ظاهر إطلاق النصّ ، قال في الذكرى : وهو ظاهر الخبر والأصحاب (٢).

وجزم في المسالك بوجوب التعدّد والضربتين لكونه بدل الغسل (٣) ، وهو ضعيف.

والظاهر أنّ المراد التيمّم بيد الحيّ ، لا الميّت كالحيّ العاجز من كلّ وجه.

تنبيه :

أفتى الشيخ في النهاية (٤) والفاضلان (٥) وغيرهما (٦) بمضمون الصحيحة المتقدّمة ، ونقل المحقّق قولاً بتقديم الميّت (٧) ، وعن الشيخ في الخلاف ما يقتضي التخيير ، وانتفاء الأولوية (٨).

ومحلّ النزاع فيما لو كان ملكاً لجميعهم أو لمالك يسمح ببذله ، فإنّ له الخيار في تخصيص أيّهم شاء ، والكلام في أنّه مَن الأفضل ، فلو كان ملكاً لأحدهم وكان

__________________

(١) الفقيه ١ : ٥٩ ح ٢٢٢ ، الوسائل ٢ : ٩٨٧ أبواب التيمّم ب ١٨ ح ١.

(٢) الذكرى : ٤٢.

(٣) المسالك ١ : ٨٦.

(٤) النهاية : ٥٠.

(٥) المحقّق في المعتبر ١ : ٤٠٥ ، والعلامة في المنتهي ١ : ١٥٧.

(٦) كالشهيد في الدروس ١ : ١٣٢ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ٥١١.

(٧) نقله عنه في الشرائع ١ : ٤٢.

(٨) الخلاف ١ : ١٦٧ مسألة ١١٩.

٤١٠

مخاطباً باستعماله لا يجوز صرفه إلى غيره ، ولا يجب عليه بذله للغير مع عدم المخاطبة أيضاً.

ولو كان مباحاً وجبت على كلّ من الحيّين حيازته ، فإن سبق أحدهما إليه اختصّ به ، وإن أثبتا اليد عليه دفعة اشتركا (ولو توافيا دفعة اشتركا) (١) ولو تغلّب أحدهما أثم ، وفي تملّكه حينئذٍ قولان.

ثم الأقرب القول الأوّل ، للصحيحة المذكورة ، ورواية الحسن التفليسي (٢) ، ورواية الحسين بن النضر الأرمني (٣).

وحجّة القول الثاني رواية محمّد بن عليّ (٤) ، وهي مع إضمارها وإرسالها لا تعارض الأخبار المعتضدة بالشهرة التي منها الصحيحة.

ومن ثمرات المسألة : ما لو التمس المالك الأولى ولم يجوّز للغير ، أو أوصى للأولى أو نذر له ، فيتعيّن الجنب.

ولو كفى الماء للمحدث خاصّة ففي اختصاصه به أو صرفه الى بعض أعضاء الجنب توقّعا للباقي إذا رجا حصوله وقت الصلاة وجهان ، فلو استعمله وتعذّر الإكمال يتيمّم للصلاة.

ولو أمكن الجمع بأن يتوضّأ المحدث ويجمع الماء ثمّ يغتسل الجنب فعل ، وإن قلنا برافعية غسالة الحدث الأكبر فيجمع ويغسّل به الميّت إن أمكن ، وقد عرفت في محلّه أنّ الأقوى العدم.

ولو اجتمع محدث وجنب فعن الشيخ أقوال ثلاثة (٥) : التخيير ، وتقديم

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «ص»

(٢) التهذيب ١ : ١٠٩ ح ٢٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٠١ ح ٣٣٠ ، الوسائل ٢ : ٩٨٨ أبواب التيمّم ب ١٨ ح ٣.

(٣) التهذيب ١ : ١١٠ ح ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ ح ٣٣١ ، الوسائل ٢ : ٩٨٨ أبواب التيمّم ب ١٨ ح ٤.

(٤) التهذيب ١ : ١١٠ ح ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ ح ٣٣٢ ، الوسائل ٣ : ٩٨٨ أبواب التيمّم ب ١٨ ح ٥.

(٥) النهاية : ٥٠.

٤١١

المحدث ، وتقديم الجنب ؛ نقلها في المنتهي (١).

ورواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء إلّا ما يكفي الجنب ، أيتوضّؤن هم هو أفضل ، أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضّؤن؟ فقال : «يتوضّؤن هم ويتيمّم الجنب» (٢) يقتضي ترجيح المحدثين إذا اجتمعوا مع الميت ، ولا يبعد عدّها من الموثّقات ، ولكن بمزاحمتها للأخبار المتقدمة من وجه يشكل الترجيح.

وهاهنا فروع وصور في اجتماع المحتاجين ، كذوات الدماء ، ومن مسّ الميّت ، ومزيل الطيب عن المحرم ، والنصّ مفقود ، فلا يبعد القول بالتخيير ، وللقرعة أيضاً وجه.

والمضطر للعطش أولى من الجميع.

الثاني عشر : يستحبّ أن يوضع الميّت على لوحٍ على مرتفع مع كون موضع الرجلين أخفض صوناً عن التلطّخ واجتماع الماء تحته ، وفي الأخبار تنبيهات على الاهتمام بتنظيف الميّت (٣).

وأن يكون مستقبل القبلة كحال الاحتضار ، ورجحانه اتّفاق أهل العلم كما في المعتبر ؛ (٤) ، ومدلول عليه بالأخبار الكثيرة.

وعن ظاهر المبسوط الوجوب ، لظاهر الأمر (٥) ، واختاره المحقّق الثاني (٦) وفي

__________________

(١) المنتهي ١ : ١٥٨.

(٢) التهذيب ١ : ١٩٠ ح ٥٤٨ ، الوسائل ٢ : ٩٨٨ أبواب التيمّم ب ١٨ ح ٢.

(٣) الوسائل ٢ : ٦٧٨ أبواب غسل الميّت ب ١.

(٤) المعتبر ١ : ٢٦٩.

(٥) المبسوط ١ : ٧٧.

(٦) جامع المقاصد ١ : ٣٧٤.

٤١٢

المسالك (١) ، وصحيحة يعقوب بن يقطين تنفيه (٢) ، وتوجب حمل الأمر على الاستحباب.

وأن يكون تحت الظلال ، لاتّفاق علمائنا كما في الذكرى (٣) ، لصحيحة عليّ بن جعفر (٤).

وأن يجعل للماء حفيرة ، لحسنة سليمان بن خالد (٥).

ويكره إرساله في الكنيف للإجماع كما في الذكرى (٦) ، ويجوز في البالوعة ، وتدلّ عليهما صحيحة الصفّار (٧).

وأن يفتق قميصه وينزعه من تحته ، لكونه أرفق به وأدخل في صيانته عن التلطّخ بالنجاسة (٨) الموجودة في أسافله ، وهما منبّهان عليهما في الأخبار ، مع أنّ الشهرة كافية في المستحب.

ويمكن الاستدلال بصحيحة عبد الله بن سنان المروية في الكافي وفيها : «ثمّ يخرق القميص إذا غسّل وينزع من رجليه» (٩) وهذا إذا أمكن برضا الوارث البالغ الرشيد.

وفي أفضليّة تغسيله في القميص للأخبار الصحيحة (١٠) ، ومجرّداً عنه مع ساتر

__________________

(١) المسالك ١ : ٨٦.

(٢) التهذيب ١ : ٢٩٨ ح ٨٧١ ، الوسائل ٢ : ٦٨٨ أبواب غسل الميّت ب ٥ ح ٢.

(٣) الذكرى : ٤٥.

(٤) الكافي ٣ : ١٤٢ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٨٦ ح ٤٠٠ ، التهذيب ١ : ٤٣١ ح ١٣٧٩ ، الوسائل ٢ : ٧٢٠ أبواب غسل الميّت ب ٣٠ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ١٢٧ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٢٣ ح ٥٩١ ، الوسائل ٢ : ٦٦١ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٢.

(٦) الذكرى : ٤٥.

(٧) الكافي ٣ : ١٥٠ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣١ ح ١٣٧٨ ، الوسائل ٢ : ٧٢٠ أبواب غسل الميّت ب ٢٩ ح ١.

(٨) في «ص» زيادة : العالية ، وفي «ح» : العالم.

(٩) الكافي ٣ : ١٤٤ ح ٩.

(١٠) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢.

٤١٣

للعورة ، لكونه أدخل في التمكّن من الغسل والتجنّب عن مخالفة الأدلّة الدالّة على لزوم العصر في تطهير الثوب قولان.

وعن ابن حمزة إيجاب الثاني (١).

ولا يبعد ترجيح الأوّل ، للأخبار (٢) ، ولفعل عليّ عليه‌السلام في غسل رسول الله صلى الله عليه إله (٣) ، فيكون وجوب العصر مخصصاً بذلك.

ويستحبّ ستر العورة مع وثوق الغاسل من نفسه ، أو كونه أعمى ، أو كون الميت طفلاً أو زوجاً أو زوجة على المختار ، حذراً عن النظر غلطاً ، وخروجاً عن الخلاف في البعض ، وإلّا فيجب.

وأن يليّن أصابعه برفق قبل الغسل ، لرواية الكاهلي (٤) ، وادّعى عليه الإجماع في المعتبر (٥) ، وعن ابن أبي عقيل المنع (٦) ، لرواية طلحة بن زيد (٧) ، وحملت على ما بعد الغسل.

وأن يغسل رأسه برغوة السدر قبل الغسل ، ذكره جماعة من الأصحاب (٨) ، واستشكله في المدارك (٩) والذخيرة (١٠) ، لعدم دلالة الأخبار ، إلّا على كون ذلك

__________________

(١) الوسيلة : ٦٤.

(٢) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢.

(٣) التهذيب ١ : ٢٦٨ ح ١٥٣٥ ، الوسائل ٢ : ٦٧٨ أبواب غسل الميّت ب ١ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ١٤٠ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ ح ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٦٨١ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٥.

(٥) المعتبر ١ : ٢٧٢.

(٦) نقله عنه في المختلف ١ : ٣٨٢.

(٧) التهذيب ١ : ٣٢٣ ح ٩٤١.

(٨) كالمحقّق في الشرائع ١ : ٣١ ، والعلامة في الإرشاد ١ : ٢٣٠ ، والتذكرة ١ : ٣٥١ مسألة ١٢٥ ، والشهيد في البيان : ٧٠.

(٩) المدارك ٢ : ٨٩.

(١٠) الذخيرة : ٨٤.

٤١٤

في غسل الرأس الذي هو جزء الغسل لا مستقلا (١).

أقول : قال في الذكرى : وعن يونس عنهم عليهم‌السلام : «يخرج يداه من القميص ويجمع على عورته ، ويرفع من رجليه إلى فوق ركبتيه ، وإن لم يكن قميص فخرقة على العورة ، ويضرب السدر ليرغى ، فتعزل الرغوة ، فيغسل يدي الميّت ثلاثاً إلى نصف الذراع كما يغسل من الجنابة ، ثمّ ينقّي فرجه ، ثمّ يغسل رأسه بالرغوة مبالغاً ، وليحذر من دخول الماء منخريه وأُذنيه ، ثمّ يغسل الإجانة ويديه إلى مرفقيه أيّ الغاسل ليضع فيها ماء الكافور ، ثم ليغسل يديه بعد فراغ الكافور والإجانة للقراح» (٢) ، فإن كان هذا غير ما هو المذكور في التهذيب فيمكن الاستدلال به ، وإن كان هو نقل بالمعنى فلا.

ويمكن الاستدلال بصحيحة يعقوب بن يقطين الاتية (٣) ، إلّا أنّ المذكور فيها السدر لا الرغوة ، ومع قطع النظر عن الرغوة يمكن الاستدلال برواية عمّار الطويلة مع ملاحظة أوّلها مع آخرها (٤) ، وكيف كان فتكفي فتوى الجماعة.

وأن يغسل فرجه بالسدر والحُرض لرواية الكاهلي (٥).

وأن يغسل يدي الميت ثلاثاً قبل كلّ غسلة إلى نصف الذراع.

ويغسل يده إلى المرفقين بعد الأُوليين.

وأن يمسح بطنه فيهما.

وتكرار غسل كلّ عضو ثلاثاً ؛ كما يستفاد من روايتي يونس (٦) والكاهلي (٧).

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٢ ، ٣.

(٢) الذكرى : ٤٣.

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٦ ح ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ ح ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٦٨٣ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٧.

(٤) التهذيب ١ : ٣٠٥ ح ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٤ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ١٠.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٠ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ ح ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٦٨١ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٥.

(٦) الكافي ٣ : ١٤١ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ح ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٠ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٣.

(٧) المتقدّمة.

٤١٥

ولو كان الميّت حاملاً فلا يمسح حذراً من الإجهاض ، وفي البيان : لو أجهضت فعليه عشر دية أُمه (١).

وأن يقف الغاسل عن جانبه ، ولا يجعله بين رجليه ، لرواية عمّار (٢) ، وصرّح الفاضلان بكون الغاسل عن يمينه (٣).

وأن يوضّأ وضوء الصلاة قبل الابتداء بالغسل بعد الإتيان بالمقدّمات على المشهور الأقوى ، وعن أبي الصلاح القول بالوجوب (٤).

لنا : الأصل والأخبار المستفيضة الواقعة في مقام البيان الخالية عن ذكره.

واحتجّ أبو الصلاح بقوله عليه‌السلام : «كل غسل قبله وضوء» (٥).

ويدفعه أنّ المتبادر منه الأحياء لا الأموات ، وأنّ دلالته على الوجوب ممنوعة ، بل المراد منه الوجوب الشرطي للإتيان بالصلاة المشروطة به ، وقد حقّقنا وجه هذا الخبر في كتاب الطهارة ، (٦) مع أنّه لنا لا علينا ، بملاحظة أنّ غسل الميّت مثل غسل الجنابة كما رواه محمّد بن مسلم (٧) ، أو هو هو على ما ورد في الفقيه في علله (٨).

والأولى الاستدلال له بصحيحة حريز (٩) وهي لا تقاوم ما ذكرنا ، فتحمل على الاستحباب.

ويكره إقعاده ، وادّعى عليه الإجماع في الخلاف (١٠) ، وما ورد من الأخبار

__________________

(١) نقله في جامع المقاصد ١ : ٥١. نقله في جامع المقاصد ١ : ٥١.

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٧.

(٣) المحقّق في الشرائع ١ : ٣١ ، والعلامة في التذكرة ١ : ٣٨٦ مسألة ١٤٨.

(٤) الكافي في الفقه : ١٣٤.

(٥) عوالي اللآلي ٣ : ٢٩ ح ٧٦.

(٦) راجع الجزء الأوّل.

(٧) التهذيب ١ : ٤٤٧ ح ١٤٤٧ ، الوسائل ٢ : ٦٨٥ أبواب غسل الميّت ب ٣ ح ١.

(٨) الفقيه ١ : ٨٤ ح ٣٧٨.

(٩) الوسائل ٢ : ٦٨٩ أبواب غسل الميّت ب ٦ ح ١.

(١٠) الخلاف ١ : ٦٩٣ مسألة ٤٧٣.

٤١٦

الامرة به (١) محمولة على التقيّة.

وقصّ أظفاره وترجيل شعره ، لرواية ابن أبي عمير (٢).

قال في الذكرى (٣) : نقل الشيخ الإجماع على أنّه لا يجوز قصّ أظفاره ولا تنظيفها من الوسخ بالخلال ولا تسريح لحيته ، وجعل حلق رأسه مكروهاً وبدعة ، وكره حلق عانته وإبطيه وجزّ شاربه ، ولعلّ مراده الكراهية ، لقضية الأصل ، والنهي أعمّ من التحريم ، ويؤيّده أنّه ذكر كراهية قلم الأظفار بعد ذلك (٤) ، وابن حمزة حرّم القص والحلق والقلم وتسريح الرأس واللحية (٥).

ثمّ قال : وقال الفاضل : يخرج الوسخ من أظفاره بعود عليه قطن مبالغة في التنظيف (٦) ، ويدفعه نقل الإجماع مع النهي عنه في خبر الكاهلي السابق (٧) ، انتهى.

ولو فعل شي‌ء من ذلك دفن ما ينفصل من الأظفار والشعر معه ، بل يجب ذلك في كلّ ما يسقط من الميّت من جسده وشعره ، وقال في التذكرة : إنه مذهب العلماء كافة (٨) ، وتدلّ عليه حسنة ابن أبي عمير المرسلة (٩) ، وموثّقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله (١٠).

__________________

(١) منها ما في التهذيب ١ : ٤٤٦ ح ١٤٤٢ ، والاستبصار ١ : ٢٠٦ ح ٧٢٤ ، الوسائل ٢ : ٦٨٣ أبواب غسل الميّت ب ٢ ح ٩.

(٢) الكافي ٣ : ١٥٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ ح ٩٤٠ ، الوسائل ٢ : ٦٩٤ أبواب غسل الميّت ب ١١ ح ١.

(٣) الذكرى : ٤٥.

(٤) الخلاف ١ : ٦٩٥ مسألة ٤٧٨.

(٥) الوسيلة : ٦٥.

(٦) التذكرة ١ : ٣٨٩.

(٧) تقدّمت الإشارة إليه.

(٨) التذكرة ١ : ٣٨٧ مسألة ١٥٠.

(٩) الكافي ٣ : ١٥٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ ح ٩٤٠ ، الوسائل ٢ : ٦٩٤ أبواب غسل الميّت ب ١١ ح ١.

(١٠) الكافي ٣ : ١٥٦ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ ح ٩٤٢ ، الوسائل ٢ : ٦٩٤ أبواب غسل الميّت ب ١١ ح ٣.

٤١٧

ويكره غسله بماء أُسخن بالنار ، للأخبار المعتبرة.

قال الصدوق : وروى في حديث آخر : «إلّا أن يكون شتاءً بارداً فتوقي الميّت مما توقي منه نفسك» (١) ومضمون هذه الرواية مذكور في الفقه الرضوي (٢).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٨٦ ح ٣٩٨. الفقيه ١ : ٨٦ ح ٣٩٨.

(٢) فقه الرضا (ع) : ١٦٧.

٤١٨

المقصد الثالث

في تكفينه

وفيه مباحث :

الأوّل : المشهور وجوب تكفينه في ثلاثة أثواب وادّعى عليه إجماع علمائنا عدا سلّار (١) في المعتبر والذكرى (٢).

وتدلّ عليه الأخبار الكثيرة المعتبرة ، منها صحيحة زرارة قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : العمامة للميت من الكفن؟ قال : «لا ، إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تامّ لا أقلّ منه يوارى فيه جسده كلّه ، فما زاد فهو سنة» (٣) الحديث ، هذا على أكثر نسخ التهذيب المعتبرة.

والمذكور في المعتبر والمنتهى (٤) وغيرهما (٥) وفي بعض النسخ «ثلاثة أثواب

__________________

(١) فإنّه اقتصر على ثوب واحد ، المراسم : ٤٧.

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٩ ، الذكرى : ٤٦.

(٣) التهذيب ١ : ٢٩٢ ح ٨٥٤ ، الوسائل ٢ : ٧٢٦ أبواب التكفين ب ٢ ح ١ بتفاوت.

(٤) المعتبر ١ : ٢٧٩ ، المنتهي ١ : ٢٤٨.

(٥) التذكرة ٢ : ٨ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٤٤.

٤١٩

وثوب تام» ويوافقه ما رواه الكليني ، في الحسن عن زرارة ومحمّد بن مسلم (١) ، ولعلّه هو مستند سلّار ، بأن تكون الواو بمعنى أو ، وهو بعيد.

وظاهر الرواية يقتضي وجوب الأربعة ، ولم يقُل به أحد من الأصحاب ، وقد يوجّه بأنه من باب عطف الخاصّ على العامّ ؛ فيكون بياناً لأحد الأثواب ، وقد يحمل على التقيّة ، وكيف كان فالعمل على المشهور.

ثمّ المشهور وجوب كون أحد الأثواب قميصاً ، وذهب ابن الجنيد والمحقق إلى التخيير بين الأثواب الثلاثة وبين القميص والثوبين (٢) ، وارتضاه صاحب المدارك وصاحب الذخيرة (٣).

لنا : حسنة حمران بن أعين (٤) ، ورواية معاوية بن وهب وليس فيها من يتأمّل فيه إلّا سهل ، والأمر فيه سهل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «يكفّن الميّت في خمسة أثواب : قميص لا يزرّ عليه ، وإزار ، وخرقة يعصب بها وسطه ، وبرد يلفّ فيه ، وعمامة يعتمّ بها ويلقى فضلها على صدره» (٥) والأخبار الكثيرة الواردة في كيفية التكفين الظاهرة في أنّ كون أحد الأثواب قميصاً مفروغاً عنه (٦).

وأما الأخبار الواردة الدالّة على مطلق رجحان القميص بوصيّتهم عليهم‌السلام وفعلهم فكثيرة (٧) ، فالوجه حمل مطلق ما دلّ على الأثواب بالمقيّد.

والحمل على الاستحباب وإن كان وجهاً للجمع ، ولكن الأوّل أوجه ، سيّما مع ملاحظة الشهرة والالتزام في العمل.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٤ ح ٥ ، الوسائل ٢ : ٧٢٦ أبواب التكفين ب ٢ ح ٢.

(٢) نقله عن ابن الجنيد وارتضاه في المعتبر ١ : ٢٧٩.

(٣) المدارك ٢ : ٩٤ ، الذخيرة : ٨٢.

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٧ ح ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ ح ٧٢٣ ، الوسائل ٢ : ٧٤٥ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٥.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٥ ح ١١ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ ح ٨٥٨ ، ٩٠٠ ، الوسائل ٢ : ٧٢٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٣ وفيه : ولا يزرّ ، بدل لا يزد.

(٦) الوسائل ٢ : ٧٢٦ أبواب التكفين ب ٢.

(٧) الوسائل ٢ : ٧٢٦ أبواب التكفين ب ٢.

٤٢٠