غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٣

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٣

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-251-3
الصفحات: ٥٦٧

بسبب الشكّ فيهما ؛ الصحاح المستفيضة وغيرها ، مثل صحيحة صفوان ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال إن كنت لا تدري كم صلّيت ، ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد الصلاة (١).

وصحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلّى شيئاً أم لا ، قال : «يستقبل» (٢).

وصحيحة زرارة وأبي بصير قالا ، قلنا له : الرجل يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى ، ولا ما بقي عليه ، قال : «يعيد» (٣) الحديث.

ورواية ابن أبي يعفور عن الصادق عليه‌السلام ، قال إذا شككت فلم تدرِ أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد ولا تمض على الشكّ (٤).

وصحيحة عليّ بن النعمان المتقدّمة فيمن نسي ركعة (٥).

واعلم أنّ قوله عليه‌السلام لا تدري كم صلّيت يحتمل وجوهاً ، أحدها : لا تدري كم قدراً فعلت من الصلاة ، أعمّ من الركعة والأقلّ منها والأكثر ، وهو موافق لصحيحة عليّ بن جعفر.

والثاني : لا تدري كم ركعة صلّيت ، أواحدة أو ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو أكثر ، وتوافقه رواية ابن أبي يعفور.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٤ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٩ ، الوسائل ٥ : ٣٢٧ أبواب الخلل ب ١٥ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٨٩ ح ٧٤٨ ، قرب الإسناد : ٩١ ، الوسائل ٥ : ٣٢٨ أبواب الخلل ب ١٥ ح ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ح ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ح ١٤٢٢ ، الوسائل ٥ : ٣٢٨ أبواب الخلل ب ١٥ ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٨ ، الوسائل ٥ : ٣٢٨ أبواب الخلل ب ١٥ ح ٢.

(٥) في ص ٢٦٥ وهي في الفقيه ١ : ٢٢٨ ح ١٠١١ ، والتهذيب ٢ : ١٨١ ح ٧٢٦ ، والاستبصار ١ : ٣٧١ ح ١٤١١ ، والوسائل ٥ : ٣٠٧ أبواب الخلل ب ٣ ح ٣.

٢٨١

ولا يتحقّق ذلك إلّا مع اليقين بفعل ركعة ، وهو يتصوّر على وجهين ، أحدهما : أن يكون متيقّناً بفعل ركعة مع اتصافها بوصف المرتبة الأُولى ، والثاني : أن لا يعلم ذلك أيضاً.

والثالث : لا تدري أنّ ما فعلته كم هو عدداً من الركعة ، يعني أنّه لا يدري أنّ ما فعله الان في أيّ مرتبة من مراتب العدد ليحصل له العلم بمجموع العدد وإن حصل له العلم بمرتبةٍ ما منه كالأُولى ، أو هي مع الثانية أو أكثر من ذلك.

وهذا الاحتمال يجري في كثير من أقسام الشكّ التي لها علاج يصحّحها ، كالشكّ بين الثلاث والأربع ، والاثنين والثلاث ، وغيرهما ، فعلى هذا لا بدّ من تخصيص إطلاق هذه الصحيحة وما في معناها بما ورد من الأخبار في أحكام تلك الصور.

وهذه اللفظة في المعنيين الأوّلين أظهر منه في الثالث ، سيّما فيما عدا الوجه الأوّل من المعنى الثاني.

وكيف كان فالظاهر أنّ عنوان المسألة المذكورة في ألسنتهم مبنيّة على المعنيين الأوّلين ، وأما المعنى الثالث فلا ينفك عن حفظ مرتبة من مراتب الركعات ، فحينئذٍ تختلف أحكامها باختلاف أقسامها ، ففي بعضها باطل لاندراجها فيما تقدّم ، وفي بعضها له علاج لدخولها فيما دلّ على ذلك ، فتأمّل فيما ذكرنا واضبطه عسى أن ينفعك فيما بعد.

والحاصل أنّ من لا يدري كم صلّى بمعنى غفلته وولهه عن مطلق أفعال الصلاة أو عن عدد الركعات مطلقاً أو مع شكّه في مجموع الركعات ، أو أكثر منها ، وإن تذكّر مرتبة منها في الجملة ، فالكلّ حكمه واحد كما يستفاد من تلك الأخبار ، فقد يمكن الاستدلال في هذه المسألة بما دلّ على بطلان الصلاة بسبب الشكّ في الواحدة والاثنتين (١) وقد لا يمكن ، فهذه المسألة أعمّ من مسألة الشكّ في الواحدة

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٢٩٩ أبواب الخلل ب ١ ، ٢.

٢٨٢

والاثنتين ، فتظهر فائدة تعديد العنوان.

ويدلّ على ما يظهر من الصدوق الجمع بين ما تقدّم ، وما دلّ على البناء على الجزم ، مثل صحيحة عليّ بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل لا يدري كم صلّى ، واحدة أو اثنتين أم ثلاثاً ، قال : «يبني على الجزم ، ويسجد سجدتي السهو ، ويتشهّد تشهّداً خفيفاً» (١).

وموثّقة إسحاق بن عمّار أنّه قال : قال لي أبو الحسن الأوّل : «إذا شككت فابن على اليقين» قال ، قلت : هذا أصل؟ قال : «نعم» (٢).

وحسنة سهل بن اليسع : فيما إذا تلبّست عليه الأعداد كلّها عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال : «يبني على يقينه ، ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ، ويتشهّد تشهّداً خفيفاً» (٣).

ورواية عليّ بن أبي حمزة (٤) ، وقد مرّت رواية عنبسة بن مصعب (٥).

وحملت الأولى على أنّ المراد بالجزم استئناف الصلاة. واستشكل بسجدتي السهو.

وقد تحمل على الاستحباب لكثرة السهو ، ويناقش فيه بمنافاتها للبناء على الجزم. ويمكن دفعه بإرادة أنّه يجعل حكمه حكم الجازم.

وحملت رواية عنبسة وما في معناها على النوافل.

وأما رواية عليّ بن أبي حمزة فهي في حكم كثير الشكّ ، وخارجة عمّا نحن

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ح ١٤٢٠ ، الوسائل ٥ : ٣٢٨ أبواب الخلل ب ١٥ ح ٦.

(٢) الفقيه ١ : ٢٣١ ح ١٠٢٥ ، الوسائل ٥ : ٣١٨ أبواب الخلل ب ٨ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠٢٣ ، الوسائل ٥ : ٣٢٥ أبواب الخلل ب ١٣ ح ٢.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠٢٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ح ٧٤٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ح ١٤٢١ ، الوسائل ٥ : ٣٢٩ أبواب الخلل ب ١٦ ح ٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ح ١٤٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٧ ، الوسائل ٥ : ٣٠٣ أبواب الخلل ب ١ ح ٢٤.

٢٨٣

فيه ، مع أنّه لا حاجة لنا إلى هذه التكلّفات ، لعدم مقاومتها لأدلّة المشهور سنداً ودلالة وكثرةً واعتضاداً ، مع أنّ صحيحة عليّ بن يقطين غير ظاهرة في أحد من المعاني المتقدّمة لمن لم يدرِ كم صلّى.

السادس : لو شكّ فيما زاد على الاثنتين من الرباعية فإما أن يدخل فيه الزائد على الأربع أم لا ، وإن زاد فإما أن يزيد على الخمس أم لا ، وكلّما زاد على الخمس فحكمه واحد.

فالصور المتصورة من الشكّ بين الاثنين والثلاث والأربع والخمس إحدى عشرة ، ستة منها ثنائية ، وهي : الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، والاثنتين والأربع ، والاثنتين والخمس ، والثلاث والأربع ، والثلاث والخمس ، والأربع والخمس.

وأربع منها ثلاثية ، وهي : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وبين الاثنتين والثلاث والخمس ، وبين الاثنتين والأربع والخمس ، وبين الثلاث والأربع والخمس.

وواحدة منها رباعية ، وهي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس.

والصور المتصوّرة بعد إدخال الستّ فيها والمراد به الستّ فما فوقها خمس عشرة صورة : أربع منها ثنائية ، وستّ منها ثلاثية ، وأربع منها رباعية ، وواحدة منها خماسية ، فمجموع الأقسام ستة وعشرون.

ثمّ الحالات المتصوّرة للشكّ بالنسبة إلى أجزاء الركعة القابلة لاختلاف الحكم تسع ، لأنّه إما أن يكون في حال الأخذ في القيام أو بعد استيفائه قبل القراءة ، أو في أثنائها ، أو بعدها قبل الركوع ، أو بعد الانحناء وقبل الرفع ، أو بعده قبل السجود ، أو فيه قبل الفراغ من ذكر الثانية ، أو بعده قبل الرفع منها ، أو بعده.

وحاصل ضرب التسع في الصور المتقدّمة مائتان وأربعة وثلاثون.

فإن قلنا ببطلان الصلاة بسبب تعلّق الشكّ بالسادسة رأساً كما عليه الأكثر

٢٨٤

لأنّ زيادة الركن مبطلة ، ومع احتمالها لا يحصل اليقين بالبراءة ، فيسقط الكلام في الأقسام المتعلّقة به ، ويبقى الكلام في الباقي ، وهو تسع وتسعون صورة.

ولما كان الأظهر (إمكان الصحّة) (١) كما ذهب إليه جماعة (٢) لضعف دليل المشهور كما ستعرف ، فلا بأس بالإشارة الإجمالية إلى أحكام الجميع.

وأما القائلون بالصحّة فهم بين قول بالبناء على الأقلّ لأنّه المتيقّن وعدم الدليل على البناء على الأكثر ، إذ الظاهر (٣) من أخبار عمّار هو أكثر الأربع لا مطلق الأكثر ، والظاهر من البناء فيها تصحيح الأكثر لا مطلق البناء عليه حتى يشمل البطلان من جهة زيادة الركعة أيضاً.

وبين قول بأنّ حكمه حكم ما يتعلّق بالخمس فيصحّ حيث يصحّ ، ويبطل حيث يبطل ، وكذلك حكم سجود السهو ولزوم الاحتياط ، وهو المنقول عن ابن أبي عقيل (٤) وجماعة من المتأخّرين (٥) ، لإطلاق صحيحة الحلبي المتقدّمة في الشكّ بين الأربع والخمس (٦) ، وما ورد «أنّ الفقيه لا يعيد صلاته» (٧).

فلنذكر أوّلاً من الأقسام ما تعم به البلوى ، ثمّ لنشر إلى بعض الصور النادرة ، ويظهر منها حكم الباقي.

__________________

(١) في «م» ، «ح» : إمكان الصورة لصحّة.

(٢) حكاه عن ابن أبي عقيل في المختلف ٢ : ٣٩١.

(٣) في «م» : والظاهر ، وفي «ح» : فالظاهر.

(٤) نقله في المختلف ٢ : ٣٩١.

(٥) المختلف ٢ : ٣٩٢ ، الألفيّة : ٧٢ ، شرح الألفيّة (رسائل المحقّق الكركي) ٣ : ٣٢٥ ، وانظر الذخيرة : ٣٨٠ ، والحدائق ٩ : ٢٥٥.

(٦) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠١٩ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ ح ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٤١ ، الوسائل ٥ : ٣٢٧ أبواب الخلل ب ١٤ ح ٤.

(٧) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٣ ، التهذيب ٢ : ٣٥١ ح ١٤٥٥ ، الوسائل ٥ : ٣٤٤ أبواب الخلل ب ٢٩ ح ١.

٢٨٥

فأما الصور المتعارفة فهي خمس :

الأُولى : الشكّ بين الأربع والخمس ، أو الرابعة والخامسة ، فإن كان شكّه بعد إكمال السجدتين فيتم ويأتي بالمرغمتين وتصحّ صلاته بلا خلاف ، وتدلّ عليه الأخبار الصحيحة المتقدّمة أيضاً (١) ، وقد مرّ خلاف المفيد (٢) وتابعيه (٣) في وجوب السجدتين.

وعن الصدوق وجوب الاحتياط بركعتين جالساً (٤).

وأوّل (٥) بما إذا كان قبل الركوع ، فيهدم الركعة ويسلّم ويحتاط ، لرجوعه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع ، وليس من الشكّ بين الأربع والخمس ، بل هو الشكّ بين الرابعة والخامسة ، كذا قالوه مع اختلافٍ بينهم في سجدتي السهو.

ولعلّ من أوجبها فقد أراد السجود للزيادة ، لا للشكّ بين الأربع والخمس ، لأنّه ليس بذاك.

وهذا الحكم عندي لا يخلو من إشكال ، لأنّ خروج المسألة حينئذٍ عن عنوان الأخبار الصحيحة في الشكّ بين الأربع والخمس وإن كان ظاهراً ، ولكن دخولها تحت ما دلّ على الشكّ بين الثلاث والأربع محلّ إشكال ، لأنّ المتبادر من الشكّ في الشي‌ء وما يؤدّي مؤدّاه من الألفاظ الواردة في الأخبار هو الشكّ الذي تعلّق بالشي‌ء بالأصالة ، لا ما يستلزمه تبعاً أيضاً. وأيضاً المتبادر منها أنّ الشكّ إنّما هو في الثلاث والأربع ، لا هو مع الرابعة والخامسة.

فلا يبعد القول حينئذٍ بأنّه يتمّها رابعة لأصالة عدم الزيادة ، لو لم يكن إجماع

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٣٢٦ أبواب الخلل ب ١٤.

(٢) المقنعة : ١٤٧.

(٣) كالشيخ في الخلاف ١ : ٤٥٩ مسألة ٢٠٢ ، وأبي الصلاح في الكافي في الفقه : ١٤٨ ، وسلّار في المراسم : ٨٩.

(٤) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٨.

(٥) كما في المختلف ٢ : ٣٩١.

٢٨٦

على الهدم ، ولم أتحقّقه.

وأما بعد الركوع وقبل إكمال السجود سواء رفع عن الركوع أم لا ففيه قولان ، أظهرهما الصحّة ، وفاقاً للعلامة في أحد أقواله (١) ، وجماعة من المحقّقين (٢) ، لأنّ الأصل عدم الزيادة ، فيحسبها رابعة ويتمّ.

واحتجّوا للبطلان بتردّده حينئذٍ بين محذورين : الإكمال المعرّض للزيادة ، والهدم المعرّض للنقيصة.

وفيه : أنّ المبطل يقين زيادة الركن ، عمداً كان أو سهواً ، لا احتمالها ، وتعمّد فعل السجود الذي هو ركن زائد في نفس الأمر ليس معنى زيادة الركن عمداً ، فلا يرد أنّ زيادة السجود هنا حاصلة عن عمد.

ومقتضى ما نقل عن بعض الأصحاب «من أنّ مسمّى الركعة يتحقّق بإدراك الركوع» (٣) دخول ذلك تحت النصوص الواردة في المسألة ، فيتمّ ويسجد سجدتي السهو. والحقّ عدمه ، لأنّ المتبادر من الركعة هو مجموع القيام والركوع والسجود.

وبذلك يظهر أنّ الشكّ بعد الركوع إلى ما قبل انعقاد السجدة الأخيرة لا يدخل في هذه النصوص ، للإشكال في معنى الركعة ، والذي هو إجماعيّ أنّها تتحقّق بالرفع من السجدة الأخيرة.

وربما أُلحق به ما دخل في السجدة الأخيرة أيضاً ، وليس ببعيد.

وقوله عليه‌السلام : «لا تدري أربعاً صلّيت أم خمساً» معناه أنّك لا تدري ما فعلته ، هل هو أربع ركعات أو خمس ، لا أنّ ما أنت فيه هل هو الرابعة أم الخامسة ، فالذي يُتيقّن اندراجه تحت هذه النصوص هو ما إذا رفع عن الأخيرة ،

__________________

(١) في «ص» : قوليه ، بدل أقواله. وانظر نهاية الإحكام ١ : ٥٤٣ ، والتذكرة ٣ : ٣٤٦.

(٢) كالشهيد الأوّل في الألفيّة : ٧٢ ، والشهيد الثاني في الروضة البهيّة ١ : ٧٠٨.

(٣) نقله عن الشيخ في المختلف ٢ : ٣٦٠.

٢٨٧

والذي يظنّ دخوله فيها أيضاً ما إذا دخل في السجدة الأخيرة ، وغيره مشكوك فيه ، فإما يرجع في غيرها إلى حكم الشكّ بين الثلاث والأربع وقد عرفت أنّه أيضاً مشكوك فيه ، وإما يرجع فيها إلى الأصل ، ومقتضاه الصحّة ؛ لأنّ الأصل عدم الزيادة.

والتمسّك باستصحاب شغل الذمّة ، وأنّ الأصل لا يجري في مهيّة العبادة ؛ ضعيف ، وقد بيّنا حقيقته في القوانين المحكمة.

والحاصل أنّا إذا اعتبرنا الشكّ التبعي اللازم للشكّ بين الرابعة والخامسة فلا تفاوت بين تلك الأقسام ، لأنّ احتمال زيادة الركن قد عرفت أنّها غير مضرّة كما نبّه عليه في الروايات الواردة في الباب.

وإن لم يعتبر فلا بدّ أن لا يعتبر في شي‌ء منها ، فإما يرجع في الكلّ إلى البطلان لاستصحاب شغل الذمّة وعدم ظهور دليل على الصحّة ، أو إلى حكم الشكّ بين الثلاث والأربع للاستلزام التبعي ، أو إلى الصحّة والإتمام لما ذكرنا من أصالة عدم الزيادة وعدم الالتفات إلى الاستلزام التبعي.

والاحتياط في كلّ هذه الأقسام إتمام الصلاة والإعادة.

الثانية : الشكّ بين الاثنتين والثلاث بمعنى أنّه جازم بحصول الاثنتين وشكّه في انضمام الثالثة إليهما ، وذلك إنّما يتحقّق بعد إكمال السجدتين ، لما قد عرفت أنّ الركعة لا تتمّ إلّا بإكمالهما ، وهو إما بالرفع عن الأخيرة ، أو بتمام الأخيرة قبل رفعه أيضاً على احتمال ظاهر قدّمناه ، واختاره الشهيد في الذكرى (١).

وحكمه على المشهور المدّعى عليه الإجماع من السيد في الانتصار (٢) البناء على الثلاث ، ويتمّ ويأتي بصلاة الاحتياط.

__________________

(١) الذكرى : ٢٢٧.

(٢) الانتصار : ٤٨.

٢٨٨

فهاهنا مطلبان :

الأوّل : إنّ هذا الحكم إنّما يتمّ بعد إكمال السجدتين على أيّ المعنيين.

والثاني : إنّ حكمه ما ذكر.

أما الأوّل فيرد عليه أنّ الدليل لا يقتضي ذلك ، فإنّه إن كان هو ما دلّ على البناء على الأكثر كما تدلّ عليه روايات عمّار (١) وقد أشرنا إليها ، فهو يتمّ إذا كان شكّه قبل الركوع أيضاً في أنّها ثانية أو ثالثة ، وإن كان هو ما دلّ على أنّ من شكّ في الأوّلتين أو لم يحفظهما فصلاته باطلة (٢) ، ففيه : أنّ ما نحن فيه ليس كذلك ، فإنّ الظاهر منها في الأخبار وكلام جمهور الأصحاب هو إرادة العدد ، والعدد محفوظ بالفرض ، فإنّ المفروض أنّه متيقّن بأنّه دخل في الثانية وتلبّس بها ، وأنّه أتمّها أو يتمّها الان ، لكنه شاكّ في أنّ في هذا الدخول هل هو الدخول في الثانية أو الدخول في الثالثة.

وتؤيّده صحيحة زرارة الاتية في الشكّ بين الثلاث والأربع (٣) ، والمفروض عدم وقوع الشكّ في الأجزاء أيضاً ، مع أنّه غير مضرّ على التحقيق أيضاً كما عرفت ، فأصالة عدم الزيادة تقتضي أن يجعلها ثانية ، فتصحّ صلاته ويتمّ ما بقي ، ولا دليل على البطلان.

وإن كان هو الإجماع كما يظهر من كلمات بعضهم مثل الشهيد الثاني في شرح الألفية حيث قال : إن كان شكّ يتعلّق بالثانية قبل إكمالها يبطل قولاً واحداً ، فله وجه ، ولكن يضعفه تعليله في كثير من العبارات بسلامة الأُوليين ، كعبارة الذكرى ،

__________________

(١) انظر الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٢ ، والتهذيب ٢ : ١٩٣ ح ٧٦٢ ، وص ٣٤٩ ح ١٤٤٨ ، والاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٦ ، والوسائل ٥ : ٣١٧ أبواب الخلل ب ٨ ح ١ ، ٣ ، ٤.

(٢) الوسائل ٥ : ٢٩٩ أبواب الخلل ب ١ ، ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٦ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٣.

٢٨٩

فإنّه بعد ما أسند الاشتراط إلى ظاهر الأصحاب قال : فيبطل بدونه ، محافظة على ما سلف من اعتبار الأُوليين ، وربما اكتفى بعضهم بالركوع لصدق مسمّى الركعة والأوّل أقوى (١) ، انتهى.

وكيف كان فالأولى متابعتهم في البطلان قبل الدخول في السجدة الأخيرة.

وأما الثاني ، فخالف فيه السيد رحمه‌الله فيبني على الأقل (٢) ، والصدوق في المقنع فقال بالبطلان ، وفي ظاهر الفقيه فجوّز البناء على الأقلّ بدون الاحتياط (٣).

حجّة المشهور : كلّ ما دلّ على البناء على الأكثر ، مثل روايات عمّار في مقابلها الأخبار الدالّة على الأخذ على الجزم وعلى الأقل عموماً كموثّقة إسحاق بن عمّار المتقدّمة (٤) ، وغيرها (٥).

وخصوصاً ، مثل ما رواه عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد ، عن محمّد بن خالد الطيالسي ، عن العلاء قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صلّى ركعتين وشكّ في الثّالثة ، قال يبني على اليقين ، فإذا فرغ تشهّد وقام قائماً فصلّى ركعة بفاتحة القرآن (٦).

ورواية سهل بن اليسع ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل لا يدري أثلاثاً صلّى أم اثنتين ، قال يبني على النقصان ، ويأخذ بالجزم ، ويتشهّد بعد انصرافه تشهّداً خفيفاً ، كذلك في أوّل الصلاة وآخرها (٧). ولعلّه سقط من آخرها

__________________

(١) الذكرى : ٢٢٧.

(٢) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ٢٠١.

(٣) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٨ ، الفقيه ١ : ٢٣١.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣١ ح ١٠٢٥ ، الوسائل ٥ : ٣١٨ أبواب الخلل ب ٨ ح ٢.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٤٤ ح ١٤٢٧ ، الوسائل ٥ : ٣١٨ أبواب الخلل ب ٨ ح ٥.

(٦) قرب الإسناد : ١٦ ، الوسائل ٥ : ٣١٩ أبواب الخلل ب ٩ ح ٢.

(٧) التهذيب ٢ : ١٩٣ ح ٧٦١ ، الاستبصار ١ : ٣٧٥ ح ١٤٢٥ ، الوسائل ٥ : ٣١٨ أبواب الخلل ب ٨ ح ٦.

٢٩٠

ذكر سجود السهو.

والجمع بينهما مع عبارة فقه الرضا (١) هو حجّة الصدوق في الفقيه. كما أنّ الطائفة الأخيرة حجّة السيّد رحمه‌الله.

وروايات عمّار ظاهرة في عدد الركعات ، بل صريحة ، فتخصّص بها العمومات الشاملة للشك في الأجزاء أيضاً.

وأما رواية سهل بن اليسع فمع القدح في السند (٢) ، ففيها أنّها لا تقاوم أدلّة المشهور ، لاعتضادها بالعمل ، مع أنّ ابن أبي عقيل ادّعى تواتر الأخبار على طبق المشهور (٣). وقد يقال : إنّ أخبار الجزم محمولة على التقية (٤).

وحجّة المقنع : هي صحيحة عبيد بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام (٥) ، وحملها الشيخ على المغرب (٦) ، مع أنّه لا يمكن طرح الأخبار الكثيرة المعمول بها بمثلها ، مع أنّ الفاضلين ادّعيا الإجماع على عدم بطلان الصلاة بالشك في الأخيرتين (٧) ، ومع ذلك كلّه فالأحوط الإعادة.

ثمّ قد يستدلّ على مذهبهم بحسنة زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال ، قلت له : رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً ، فقال : «إن دخله الشكّ بعد دخوله في

__________________

(١) فقه الرضا (ع) : ١١٧ ، ١١٨ قال : وإن شككت فلم تدرِ اثنتين صلّيت أم ثلاثاً وذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها الرابعة ، فإذا سلّمت صلّيت ركعة بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمك إلى الأقلّ فابن عليه وتشهّد في كلّ ركعة ثمّ اسجد سجدتي السهو بعد التسليم. وإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار فإن شئت بنيت على الأقلّ وتشهّدت في كلّ ركعة ، وإن شئت بنيت على الأكثر وعملت ما وصفناه لك.

(٢) فإنّ في طريقها محمّد بن سهل بن اليسع وهو مجهول (انظر معجم رجال الحديث رقم ١٠٩٢٨).

(٣) نقله عنه في الذكرى : ٢٢٦.

(٤) الوسائل ٥ : ٣١٩.

(٥) التهذيب ٢ : ١٩٣ ح ٧٦٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٥ ح ١٤٢٤ ، الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ٩ ح ٣.

(٦) التهذيب ٢ : ١٩٣.

(٧) المحقّق في المعتبر ٢ : ٣٩١ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٤١٥.

٢٩١

الثالثة مضى في الثالثة ثمّ صلّى الأُخرى ، ولا شي‌ء عليه ، ويسلّم» (١) الحديث.

وتنزيله على مذهبهم يحتاج إلى تكلّف وخروج عن الظاهر ، مع أنّ الدخول في الثالثة أي الركعة التي يحسبها ثالثة في المبادئ وقبل وقوع الشكّ ليس بشرط اتّفاقاً ، وظاهرها يوافق مذهب السيّد من البناء على الأقلّ ، وتوجيهه على المشهور أن يراد بقوله عليه‌السلام «ثمّ صلّى الأُخرى» صلاة الاحتياط.

والمشهور هنا في صلاة الاحتياط التخيير بين الركعة قائماً والركعتين من جلوس.

وظاهر عليّ بن بابويه تعيّن الأوّل (٢).

وابن أبي عقيل والجعفي عيّنا الثاني (٣).

ولعلّ دليل الأوّل عموم البدلية المستفاد من ملاحظة الأخبار ، مؤيّداً بما دلّ على وجوبهما على من شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع كما سيأتي ، فإنّ الظاهر أنّهما لتدارك الركعة لو كانت هي الساقطة.

ودليل تعيين القيام ظاهر روايات عمّار (٤) وحسنة زرارة على الوجه المتقدّم.

ولم نقف لتعيّن الجلوس على مأخذ ، والأحوط القيام.

الثالثة : الشكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان ، والمشهور البناء على الأربع والاحتياط. وابن الجنيد وابن بابويه خيّرا بينه وبين البناء على الأقلّ وترك الاحتياط (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٠ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٩٢ ح ٧٥٩ ، الاستبصار ١ : ٣٧٥ ح ١٤٢٣ ، الوسائل ٥ : ٣١٩ أبواب الخلل ب ٩ ح ١.

(٢) نقله عنه في المختلف ٢ : ٣٨٠.

(٣) نقله عنهما في الذكرى : ٢٢٧.

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٢ ، التهذيب ٢ : ١٩٣ ح ٧٦٢ ، وص ٣٤٩ ح ١٤٤٨ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٦ ، الوسائل ٥ : ٣١٧ أبواب الخلل ب ٨ ح ١ ، ٣ ، ٤.

(٥) نقله عنهما في المختلف ٢ : ٣٨٢.

٢٩٢

ولنا : رواية الحلبي الصحيحة في الفقيه ، الحسنة في الكافي (١) ، وموثّقة عبد الرحمن بن سيابة والبقباق بأبان بن عثمان (٢) ، وحسنة الحسين بن أبي العلاء (٣) ، ورواية جميل (٤) ، وصحيحة محمّد بن مسلم (٥) ، وروايات عمّار المتقدّمة.

وحجّة القول الثاني : الجمع بينها وبين ما دلّ على الأخذ باليقين ، وما رواه زرارة في الصحيح والحسن عن أحدهما عليهما‌السلام قال ، قلت له : من لم يدرِ في أربع هو أو في ثنتين وقد أحرز ثنتين ، قال يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ، ويتشهّد ، ولا شي‌ء عليه ، وإذا لم يدرِ في ثلاثٍ هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أُخرى ولا شي‌ء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ ولا يدخل الشكّ في اليقين (٦) الحديث.

والأقوى العمل على المشهور لكونها مفصّلة فلا تعارض بها المطلقات.

وأما صحيحة زرارة فيحمل قوله عليه‌السلام «فأضاف إليها أُخرى» على صلاة الاحتياط ، إذ الأخبار في ذكرها مفصولة وموصولة مختلفة (٧) ، ولا بدّ من حملها على المفصولة ليحتمل جبر النقص لو كانت الصلاة ناقصة وصيرورتها نافلة مستقلّة لو لم تكن ؛ كما صرّح بذلك في الأخبار (٨) ، فالرواية مسوقة لبيان صلاة الاحتياط ، وحكم البناء على الأكثر محوّل على سائر الأخبار.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢٩ ح ١٠١٥ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ ح ٧٣٣ ، الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٦ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٦.

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٩ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ ح ٧٣٤ ، الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣٥٢ ح ٥ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٤.

(٦) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٦ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٣.

(٧) الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠.

(٨) انظر الوسائل ٥ : ٣٢٢ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٨ ، وب ١١ ح ١ ، ٢.

٢٩٣

والمشهور في الاحتياط هنا أيضاً التخيير كما تضمّنته رواية جميل (١) ، وظاهر الجعفي وابن أبي عقيل تعيّن الركعتين جالساً (٢) ، وهو أحوط كما دلّت عليه الأخبار الصحيحة والحسنة (٣) ، لضعف رواية جميل وإن انجبرت بالعمل.

ثمّ إنّ تعميمهم هذه المسألة بالنسبة إلى مواضع الركعة أما لظاهر صحيحة زرارة المتقدّمة أنفاً ، أو لأنّه إذا كان قبل الركوع فيرجع إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، فلا يتفاوت الحكم.

وفي الأخير تأمّل ، للاختلاف الواقع بينهم في صلاة الاحتياط في المقامين ، والاحتياط في صلاة الاحتياط مختلف كما عرفت ، ولعلّ معتمدهم ظاهر الصحيحة أو الإجماع.

الرابعة : الشكّ بين الاثنتين والأربع ، والمشهور البناء على الأربع والاحتياط بركعتين من قيام.

ونقل عن الصدوق التخيير بينه وبين البناء على الأقلّ والقول بالبطلان أيضاً (٤).

لنا : صحيحة ابن أبي يعفور (٥) ، وصحيحة محمّد بن مسلم (٦) ، وصحيحة

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٢ ح ٩ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ ح ٧٣٤ ، الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٢ ، وهي ضعيفة السند بالإرسال فإنّ الرواية عن جميل عن بعض أصحابنا ، وبوقوع عليّ بن حديد في طريقها وقد ضعّفه الشيخ في التهذيب ٧ : ١٠١ ح ٤٣٥ ، والاستبصار ١ : ٤٠ ذ. ح ١١٢ ، وفيها : إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار ، إن شاء صلّى ركعة وهو قائم ، وإن شاء صلّى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس.

(٢) الذكرى : ٢٢٧.

(٣) الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠.

(٤) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٨ ، ونقله عنه في المختلف ٢ : ٣٨٧.

(٥) الكافي ٣ : ٣٥٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٧٢ ح ١٣١٥ ، الوسائل ٥ : ٣٢٣ أبواب الخلل ب ١١ ح ٢.

(٦) التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٢ ح ١٤١٤ ، الوسائل ٥ : ٣٢٤ أبواب الخلل ب ١١ ح ٦.

٢٩٤

أبي بصير (١) ، وما تقدّم في المسائل السابقة مثل حسنة زرارة (٢) ، وصحيحة الحلبي (٣) ، وصحيحة محمّد بن مسلم (٤).

ودليل التخيير : الجمع بينها وبين ما دلّ على الأخذ بالجزم (٥) ، وصحيحة زرارة المتقدّمة آنفا (٦) ، وقد ظهر الجواب عنهما مما مرّ.

ودليل البطلان : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألته عن الرجل لا يدري صلّى ركعتين أم أربعاً ، قال : «يعيد الصلاة» (٧).

وقد تحمل على الشكّ في أثناء الركعة (٨) ، وليس ببعيد ، وقد عرفت الإجماع المنقول عن الفاضلين (٩).

الخامسة : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، والمشهور البناء على الأربع والاحتياط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس.

وقال ابن الجنيد وابنا بابويه : إنّه يصلّي ركعة من قيام وركعتين من جلوس (١٠).

وربما نقل عن ابن الجنيد البناء على الأقلّ أيضاً (١١).

ويدلّ على المشهور ما رواه ابن أبي عمير في الحسن ، عن بعض أصحابه ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٨ ، الوسائل ٥ : ٣٢٤ أبواب الخلل ب ١١ ح ٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٦ ، الوسائل ٥ : ٣٢٣ أبواب الخلل ب ١١ ح ٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢٩ ح ١٠١٥ ، الوسائل ٥ : ٣٢٢ أبواب الخلل ب ١١ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٢ ح ٥ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٤.

(٥) الوسائل ٥ : ٣١٧ أبواب الخلل ب ٨.

(٦) المتقدّمة في ص ٢٩٣.

(٧) التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤١ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٧ ، الوسائل ٥ : ٣٢٤ أبواب الخلل ب ١١ ح ٧.

(٨) الوسائل ٥ : ٣٢٤.

(٩) انظر ص ٢٩١.

(١٠) نقله عنهم في المختلف ٢ : ٣٨٤.

(١١) نقله عنه في الذكرى : ٢٢٦.

٢٩٥

عن الصادق عليه‌السلام (١).

وعلى القول الثاني صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً ، فقال يصلّي ركعة من قيام ، ثمّ يسلّم ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالس (٢) وهذه موافقة لعبارة فقه الرضا عليه‌السلام أيضاً (٣).

والأقوى الحسنة ، لاعتضادها بالشهرة ، والصحيحة مضطربة الإسناد ، لعدم معهودية رواية الكاظم عن أبيه عليه‌السلام على هذا الوجه.

وفي بعض النسخ «عن أبي إبراهيم قال ، قلت : له رجل إلى أخره» ، مع أنّ في بعض النسخ «ركعتين من قيام» (٤) فتكون دليلاً للمشهور.

وما ذكره الشهيد «أنّ هذا القول أوفق في الاعتبار بأنّهما منضمّتين تجريان مجرى الركعتين لو كانتا ساقطتين وإحداهما تجري مجرى الواحدة لو كانت هي الساقطة» (٥) معارض بموافقة الركعتين للساقطة لو كانت ركعتين ، ولا يلزم منه زيادة نيّة وتكبير ، بخلاف ما ذكره.

والأكثر على التخيير بين الصلاتين في الترتيب ، والمفيد (٦) والسيد (٧) في بعض أقواله على تعيّن تقديم الركعتين من قيام ، وهو أولى وأحوط ، لظاهر الرواية وإن كانت لا تفيد الواو الترتيب ، مع أنّ كلمة ثمّ في الصحيحة تدلّ على ذلك.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٢ ، الوسائل ٥ : ٣٢٦ أبواب الخلل ب ١٣ ح ٤.

(٢) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠٢١ ، الوسائل ٥ : ٣٢٥ أبواب الخلل ب ١٣ ح ١.

(٣) فقه الرضا (ع) : ١١٨.

(٤) الوسائل ٥ : ٣٢٥.

(٥) الذكرى : ٢٢٦.

(٦) المقنعة : ١٤٦.

(٧) الجمل (رسائل الشريف المرتضى ٣) : ٣٧.

٢٩٦

ونقل عن المفيد في العزية تقديم الركعة قائماً (١) ، وهو ضعيف.

ثمّ إنّ مذهب أكثر الأصحاب على ما نسبه إليهم الشهيد في الذكرى تعيّن الجلوس في الركعتين الأخيرتين (٢) ، وهو الموافق للنصّ.

وقيل بتعيّن الركعة قائماً ، نقله الشهيد عن ظاهر المفيد في العزية وسلّار (٣) ، ولم نقف على مأخذه ، وقيل بالجواز ، لتساويهما في البدلية ، وأقربيتها إلى الحقيقة المحتمل سقوطها (٤) ، وهو ضعيف.

وأمّا الصور النادرة من الشكّ فلنذكر منها خمس :

الاولى : الشكّ بين الأربع والستّ ، فالمشهور البطلان كما عرفت.

وعلى القول بجعله من باب ما يتعلّق بالخمس فحكمه حكم الشاكّ بين الأربع والخمس ، فإنّ كان بعد السجدتين ، فيتمّ ويسجد سجدتين ، وإن كان في حال القيام ، فيرجع إلى الشكّ بين الثلاث والخمس ، وفيه وجهان ، أظهرهما البناء على الأقلّ ، لأصالة عدم الزيادة ، ولما دلّ على الأخذ بالجزم ، ولقوله عليه‌السلام لا يعيد الفقيه صلاته (٥).

والثاني البطلان ، وهو ضعيف.

فعلى المختار يتمّ الركعة ولا شي‌ء عليه.

وإن كان بعد الركوع فلا يبعد القول بأنّه يتمّها وتصحّ صلاته ، والمشهور البطلان.

ووجه ما اخترناه هو دخوله تحت الشكّ بين الثلاث والخمس ، واحتمال اندراجه

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ٢ : ٢٨٦ ، والذكرى : ٢٢٦.

(٢) الذكرى : ٢٢٦.

(٣) المراسم : ٨٩ ، ونقله عنهما في الذكرى : ٢٢٦.

(٤) المختلف ٢ : ٣٨٦.

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٣.

٢٩٧

تحت من أكمل السجدتين على القول بإدراك الركعة بالركوع.

الثانية : الشكّ بين الأربع والخمس والستّ ، فإن كان قبل الركوع فيرجع إلى الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس بعد السجود أو بعد الركوع على القولين.

قال الشهيد : وفيه وجه بالبناء على الأقلّ ، ووجه بالبناء على الأربع ووجوب الاحتياط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً والمرغمتين (١).

وعلّل الشهيد الثاني الأوّل بأنّه المتيقّن ، وضعّفه بمخالفته المنصوص من بناء الشاكّ بين الثلاث والأربع على الأكثر.

وعلّل الثاني بأنّه موافق للنصوص في الشك بين الثلاث والأربع وبين الأربع والخمس ، فيحتاط بالركعة للأوّل ، ويأتي بالمرغمتين للثاني.

وعندي في ذلك تأمّل ، إذ المنصوص في كلّ مورد هي الحالة الوحدانية ، ولا يستفاد منها حكم ما لو قارنه شكّ آخر أم لا.

لا يقال : المستفاد من الأخبار هو حكم كلّ مورد من موارد الشكّ لا بشرط شي‌ء ، فيشمل ما لو قارنه آخر أم لا ، فيثبت لكلّ منهما حكمه.

لأنّا نقول : الأحكام التوقيفية تتوقّف على التوظيف ، وإنّما الذي يثبت من الأخبار هو الحكم لمورد خاص في حال الوحدة ، وإن لم يكن بشرط الوحدة ، وثبوت الحكم في حال لا يستلزم ثبوته في حال آخر ، وكما أنّه لا بدّ من إثبات القيد من دليل ؛ فلا بدّ من إثبات الإطلاق أيضاً من دليل ، إذ الإطلاق أيضاً قيد ، وقد حقّقنا هذه القاعدة في القوانين في مواضع عديدة.

مع أنّه لا ينحصر الأمر في الشكّين ، بل هنا شكّ ثالث ، وهو الشكّ ما بين الثلاث والخمس أيضاً ، وحكمه إما البطلان أو البناء على الأقلّ ، وهو لا يتمّ مع ما ذكره. وهذا كلام سارٍ في نظائر المسألة مما يرد عليك من أقسام الباب.

__________________

(١) الألفية : ٧٣.

٢٩٨

مع أنّا نقول : إنّ الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس مهيّة في الشكّ مغايرة للشك بين الثلاث والأربع ، وللشك بين الأربع والخمس ، وللشك بين الثلاث والخمس ، فلا وجه لدرج كلّ منهما في الأول.

الثالثة : لو شكّ بين الثلاث والأربع والخمس ، فإن كان قبل الركوع فيرجع إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، فيهدم الركعة ويأتي بما ذكرنا فيه من الاحتياط.

ولو كان بعد الركوع فقد عرفت حكمه أنفاً.

ويظهر مما مرّ حال ما لو شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس ، فيبطل لو كان قبل إكمال السجود ، وأما بعده فعلى ما ذكره الشهيد الثاني رحمه‌الله يرجع إلى أصلين من أُصول الشكّ المنصوص عليهما : الشكّ بين الثلاث والاثنتين والأربع ، والشك بين الأربع والخمس ، فيأتي بركعتين من قيام وركعتين من جلوس وبالمرغمتين. وترد عليه الإشكالات السابقة.

ويظهر من ذلك حكم الشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس ، فيبطل إذا كان قبل إكمال السجود ، ويأتي بركعتين من قيام ويسجد للسهو على ما ذكروه ، ويرد عليه أيضاً ما ذكرنا.

الرابعة : لو شكّ بين الخمس والستّ ، فإن كان قبل الركوع فيرجع إلى الشكّ بين الأربع والخمس ، فيهدم ويتشهّد ويسلّم ويأتي بالمرغمتين ، وإن كان بعد الركوع فيرجع إلى حكم زيادة الركن (١) في الصلاة ، والأقوى فيه البطلان مطلقاً.

الخامسة : لو شكّ بين الثلاث والخمس ، أو الاثنتين والخمس ، أو الاثنتين والثلاث والخمس ، أو الاثنتين والستّ ، أو الثلاث والستّ ، وكذلك كلّ ما احتمل الزائد على الأربع والناقص ولم يكن فيه احتمال للأربع ، فالمشهور البطلان ، واحتمل الشهيد رحمه‌الله البناء على الأقلّ (٢).

__________________

(١) في «ص» ، «م» : الركعة ، بدل الركن.

(٢) الذكرى : ٢٢٥.

٢٩٩

ومما ذكرنا من الأقسام يظهر حال ما لم يذكر.

والحقّ أنّه لا يمكن استفادة أحكام هذه الصور النادرة من النصوص ، والأصل يقتضي البناء على الأقلّ ، والاحتياط في الجميع واضح.

تتميمات :

الأوّل : تجب في صلاة الاحتياط النيّة ، والتكبير ، والقراءة ، والتشهّد ، والتسليم لأنّها صلاة منفردة ، وللأخبار الدالّة على ذلك (١).

ولا يجوز تبديل القراءة بالتسبيح على الأشهر الأقوى ، لخصوص الأخبار المتقدّمة (٢)

وعن المفيد (٣) وابن إدريس (٤) التخيير في المبدل ، وهو ضعيف.

ولا سورة فيها ولا قنوت.

والأكثر على وجوب تعقيبها للصلاة.

قال في الذكرى : ظاهر الفتاوى والأخبار وجوب التعقيب (٥).

ودلالة الأخبار على ما ذكره ممنوعة ، سيّما مع أداء أكثرها بكلمة «ثمّ». وكلمة «الفاء» في تعقبها أيضاً ممنوعة الدلالة على ذلك. نعم في الروايات لعمار إشعار بذلك (٦) ، حيث جعلت تمام الصلاة فيها ، ولا ريب أنّه أحوط.

ثمّ هل تبطل الصلاة لفعل المنافي قبلها أم لا؟ قولان ، أظهرهما العدم ، للأصل : والفوريّة على القول بها أيضاً لا تستلزم ذلك ، وصحيحة ابن أبي يعفور المتقدّمة

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠ ، ١١.

(٢) الوسائل ٥ : ٣٢٠ أبواب الخلل ب ١٠ ، ١١.

(٣) المقنعة : ١٤٦.

(٤) السرائر ١ : ٢٥٤.

(٥) الذكرى : ٢٢٧.

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٢ ، التهذيب ٢ : ١٩٣ ح ٧٦٢ ، وص ٣٤٩ ح ١٤٤٨ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٦ ، الوسائل ٥ : ٣١٧ أبواب الخلل ب ٨ ح ١ ، ٣ ، ٤.

٣٠٠