بلغة الفقيّة - ج ٤

السيّد محمّد آل بحر العلوم

بلغة الفقيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد آل بحر العلوم


المحقق: السيّد حسين بن السيّد محمّد تقي آل بحر العلوم
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة الصّادق
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٤١

ولو اعترف به بعده ، ففي العود ودخوله معهم نظر : من أنه كالاعتراف المتأخر عن الوقف بعد اللّعان في كونه إقرارا في حق الغير ، ومن أن المتيقن خروجه ما دام لم يعترف به ، وبعده يجري عليه حكمه السابق على اللّعان ، سيما لو قلنا بكون الوقف على العنوان وان كان خاصا ولذا يدخل معهم من يولد بعدهم ، بل وعليه يجري أيضا مثله على بعد لو تأخّر الاعتراف عن الوقف بعد اللّعان.

اللهم إلا أن يدعى الانصراف الى غير هذا النحو من الولد الملحق به بالاعتراف. هذا وحكم الوصية للأولاد حكم الوقف عليهم في ذلك.

ثم ان في ثبوت التوارث بينه وبين أقارب أبيه وعدمه؟ خلافا يأتي في محله.

(الثاني) من ملحقات موانع الإرث : الغيبة المنقطعة ، وهي التي انقطعت آثاره ، واخباره بحيث لا يدرى : أحي هو أم ميت ، فيتربص بماله بلا خلاف في وجوب أصل التربص ، بل الإجماع ـ بقسميه ـ عليه وان وقع الخلاف في مدته.

فالمشهور ـ كما قيل ـ التربص به الى أن يعلم موته ببينة أو بخبر محفوف بما يفيده أو مضى زمان من ولادته لا يعيش أزيد منه عادة ، ويختلف ذلك باختلاف الأعصار والأمصار ، فيحكم به لورثته الموجودين حين الحكم ، إلا إذا قامت البينة على موته قبله ، فللوارث حين الموت إذ العبرة بزمان المعلوم لا بزمان العلم.

للأصل المقرر بوجوه بعد تضعيف ما يتوهم الخروج به عن مقتضاه ولصحيحة هشام بن سالم قال : «سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم (ع) وأنا جالس ، فقال : انه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجرة ، ففقدناه وبقي من أجره شي‌ء ـ وفي التهذيب : ولا نعرف له وارثا ـ؟ قال : فاطلبوه

٢٦١

قال : قد طلبناه فلم نجده ، فقال : مساكين ـ وحرّك يديه ـ قال : فأعاد عليه ، فقال : اطلب واجهد ، فإن قدرت عليه ، وإلا فهو كسبيل مالك حتى يجي‌ء له طالب ، فان حدث بك حدث فأوص به : إن جاء له طالب أن يدفع إليه» (١).

فإن الأمر بالوصية ظاهر في البقاء على ملكه ، ووجه التشبيه بسبيل ماله : هو جواز التصرف فيه.

ولرواية معاوية بن وهب التي هي صحيحة أو كالصحيحة : «عن أبي عبد الله (ع) في رجل كان له على رجل حق ، ففقده ولا يدري : أين يطلبه ولا يدري : أحي هو أم ميت ، ولا يعرف له وارثا ولا نسبا ولا والدا؟ قال : اطلبه ، قال : فان ذلك قد طال فأتصدق به؟ قال : اطلبه» (٢) والأمر بالطلب والاجتهاد فيهما ظاهر في الفحص والسؤال والارتقاب عن حاله ، دون الضرب في الأرض المؤدي ـ غالبا ـ الى صرف مال كثير أضعاف الأصل المستلزم للضرر الفاحش عليه ، وعدم تعيين المدة دليل على كون الغاية هي العلم بحاله الحاصل بأحد الأمور المتقدمة ، سيما مع إعراضه في الخبر الثاني عن سؤال التصدق ، والأمر بالوصية في الأول ، وموردهما ـ وان كان غير الميراث ـ إلا أنه يتم فيه بعدم القول بالفرق بين الحقوق.

وقد استدل عليه أيضا بروايات أخر ، لا بأس بالتأييد بها إن لم تصلح دليلا عليه.

وقيل بتحديده الى عشر سنين لخبر ابن مهزيار (٣) المتضمن للتحديد

__________________

(١) الوسائل : كتاب الفرائض والمواريث ، باب ٦ حكم ميراث المفقود ، حديث (١).

(٢) المصدر الآنف من الوسائل ، حديث (٢) تسلسل (٣٣٠١٥).

(٣) في المصدر الآنف من الوسائل ، حديث تسلسل (٣٣٠٢٠).

٢٦٢

بها المحمول على وجوه لولاها لوجب طرحه ، لعدم العامل به ، إلا ما يحكى عن الإسكافي. وهو ـ مع كون عبارته المنقولة عنه لا تعطى التحديد بها على الإطلاق حتى في المفقود في هزيمة العسكر والمأسور في قيد العدو فتأمل ـ مرمىّ بالشذوذ ، وما يحكى عن المفيد في (المقنعة) من الانتظار إلى المدة المذكورة في بيع عقاره خاصة ، وجواز اقتسام الورثة ما عداها من سائر أمواله بشرط الملائة وضمانهم لها على تقدير ظهوره ، وهو ـ مع عدم معلومية كونه قولا برأسه لأن جواز البيع أعم ـ لا يخفى ضعفه.

وقيل بالتحديد إلى الأربع كما في الانتصار والغنية ومحكي الفقيه والكافي واختاره جدنا في الرياض بعد أن حكاه عمن عرفت ، وقال : ونفى عنه البأس في المختلف وقواه الشهيدان في (الدروس) و (المسالك) و (الروضة) ومال إليه جملة من متأخّري المتأخرين ، كالمحدّث الكاشاني وصاحب (الكفاية) وغيرهما.

ونظرهم في ذلك الى الإجماع المحكي في الأولين ، والموثقين في أحدهما :

«المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين فان لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة» (١)

__________________

ـ «عن علي بن مهزيار قال : سألت أبا جعفر الثاني (ع) عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة ، فغاب الابن بالبحر وماتت المرأة ، فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت هذه الدار لها وباعت أشقاصا منها وبقيت في الدار قطعة الى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن .. فقال لي : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، قال :

ينتظر به غيبة عشر سنين ثم يشتري».

(١) إشارة إلى موثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) كما في المصدر الآنف من الوسائل حديث (٩).

٢٦٣

ونحوه الثاني (١) لكنه مطلق غير مقيد بالطلب ، فيقيّد به : مؤيدا ذلك بفحوى ما دل عليه في الزوجة من اعتدادها ـ بعد تلك المدة ـ بعدة الوفاة وتزويجها بالأجنبي ، إذ عصمة الفروج أشد من عصمة الأموال.

وفيه : أما إجماع الغنية فغير ظاهر في المدعى ، وأما إجماع الانتصار فموهون بمصير أساطين معاصري ناقله الى الخلاف ، بل قيل كأنه استقرار الإجماع على خلافه باعتبار مضي جملة من الأعصار المتخللة بين زمان الأول والموافق له من المتأخرين. واما الخبران ، فمنع ضعفهما وعدم معلومية الجابر لهما ـ معارضان بما دل على اشتراط الملائة في القسمة بين الورثة ، كقول الكاظم (ع) لإسحاق بن عمار ـ المردد بين الموثق والثقة ـ : «إن كان الورثة ملاء اقتسموا ميراثه فان جاء ردوه عليه» (٢).

وربما قيل به قولا ، ولم نعثر عليه إلا ما تقدّم عن المفيد في «المقنعة» وان أجل في بيع العقار الى عشر سنين معبّرا في الحكمين بلا بأس ، مع قوة احتمال رجوعه الى القول بالأربع مطلقا ، وأن التأجيل فيه الى العشر للاحتياط.

وان عورض بمثله في غيره وفيما إذا كان فيهم وارث صغير ، فلا وجه للاختصاص بالعقار ، إلا الجمع بينه وبين خبر ابن مهزيار الذي مورده العقار ، فيكون حينئذ قول بالتفصيل ، فالمسألة : إما ثلاثية الأقوال أو رباعيتها إذ لم نعثر على قائل بالانتظار الى العشر مطلقا.

قلت : والأظهر عندي ـ جمعا بين الأقوال وكذا الأخبار ـ جواز القسمة بين الورثة بعد الأربع سنين مع الطلب بشرط الملائة وضمانهم المال على تقدير ظهور المفقود : بتنزيل القسمة على إرادة نحو القرض دون

__________________

(١) لعله إشارة إلى رواية إسحاق بن عمار ، المذكور في المصدر الآنف من الوسائل حديث (٥).

(٢) مضمون حديث (٨) من المصدر الآنف من الوسائل.

٢٦٤

التملك بالإرث ، وهو الموافق لأصالتي الحياة وبقاء الملك لمالكه ، والأمر بالضمان فيها أقوى شاهد عليه ، كما يشهد له الأمر بالإنفاق على الزوجة من مال المفقود وطلاق الولي أو الحاكم لها بعد الطلب أربع سنين (١).

وكيف يتجه الأمر بالإنفاق من مال الزوج بعد المدة المذكورة مع كون المال حينئذ للورثة ، فالإنفاق والطلاق شاهدان على اعتبار أصالة الحياة.

ولا ينافيه اعتدادها بعدة الوفاة ، سواء قلنا بها لاحتمال الموت أو لاختصاصي هذا الطلاق بمساواة عدّته لعدة الوفاة ، ولعلّه بما ذكرنا يمكن إرجاع الأقوال إلى القول المشهور الذي هو الأقوى.

(الثالث) الحمل وهو يرث بشرط انفصاله حيّا أستهل أو لم يستهل ، بالنص المستفيض والإجماع.

فمن الأول : الصحيحان وغيرهما ، قال في أحدهما : «سأل الحكم ابن عتيبة أبا جعفر (ع) عن الصبي يسقط من أمه غير مستهل : أيورث؟

فأعرض عنه ، فأعاد عليه ، فقال : إذا تحرك تحركا بينا ورث فإنه ربما كان أخرس» (٢) وفي آخر : إذا تحرك بحركة الأحياء ورث انه ربما كان أخرس» (٣) وما ورد من النصوص مقيدا بالاستهلال (٤)

__________________

(١) مضمون أحاديث كثيرة ذكرت في الوسائل : كتاب الطلاق ، باب حكم طلاق زوجة المفقود وعدتها وتزويجها.

(٢) الوسائل : كتاب الفرائض ، باب ٧ إن الحمل يرث ويورث إذا ولد حيا. حديث (٨).

(٣) لعله إشارة إلى روايتي ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) الواردتين في ضمن الباب الآنف الذكر من الوسائل.

(٤) إشارة الى الحديث الثاني من نفس الباب الآنف من الوسائل : «ان المنفوس لا يرث من الدية شيئا حتى يستهل ويسمع صوته» ونحوها غيرها.

٢٦٥

منزل على الغالب أو التقية ممن يرى اعتباره في ميراثه من العامة بقرينة الأمر بالصلاة عليه في بعضها (١) الموافق لهم أيضا.

ولا يعتبر الاستقرار في الحياة ، لتعليق الحكم في الأول من الخبرين على تبين الحركة ، الظاهر في إرادة حركة الحياة دون التقلص ومجرد القبض والانبساط ، وفي الثاني على الحياة الشاملة للمستقر وغيره ، فما عن الشيخ من اعتبار الاستقرار في الحياة في غير محله.

وهل هو شرط في استقرار الملك بالإرث فيملك متزلزلا حين الحمل ويستقر بالانفصال حيا ، أو هو كاشف عن الملكية التامة من حين الموت وأن انفصاله ميّتا يكشف عن عدمه؟ وجهان : ولعل الأول هو الأقرب (فما عن الجواهر) : من اشتراط الملك بالإرث بالولادة ، وان علم حياته في بطن امه بأخبار المعصوم ـ مثلا ـ وان الحصة الموزعة له بحكم مال الميت (متجه) إن أريد به الملكية التامة وإلا فغير متجه ، إذ لا يشهد له الا اشتراط الإرث بالانفصال حيا ، وهو ظاهر في الملك التام على حدّ إرث غيره من الورثة ، فلا ينافي تزلزل الملك قبله. بل يشهد على خلافه حجبه لغيره عن الحصة الموزعة له ما دام حملا (ودعوى) عدم الملازمة بين الحجب والوارثيّة كما تحجب الإخوة الأم عن نصيبها الأعلى مع عدم إرثهم للمال (ضعيفة) لأن الموجب للحجب هنا إنما هو من حيث الوارثية كحجب الطبقة المتقدمة للمتأخرة عنها ، فلا يقاس بالحجب تعبدا كالأخوة ، فالحجب هنا : إما للملك التام المنكشف بالولادة أو المتزلزل المستقر بها ، فالحيثية ملحوظة في الحجب في المقام دون غيره.

__________________

(١) كرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) وفيها : «فاذا استهل فصلّ عليه وورثه» حديث (٥) من المصدر الآنف من الوسائل.

٢٦٦

وكيف كان فلو خرج ، وكان نصفه حيا ثم سقط ميتا ، لم يرث ولم يورث ، كما عن صريح جماعة ، بل في (الرياض) : لم أجد الخلاف فيه وان أشعرت به عبارة التحرير ولعل المخالف من العامة ، للأصل واختصاص النصوص بحكم التبادر بالساقط متحركا بجميعه (١).

هذا ولا خلاف في أنه متى كان هناك حمل وطلب الورثة القسمة عزل للحمل نصيب ذكرين حتى ينكشف حاله بالولادة ، احتياطا من تولده كذلك ، ولولا ندرة الزائد لكان الاحتياط المرعى هنا في عزل الأزيد.

وبالجملة : لا تعطل القسمة إذا طلبها الوارث إلا إذا كان محجوبا بالحمل على تقدير انفصاله حيا ، كمن خلّف مع الحمل أخا أو ولد ولد فيمنعان عن الإرث الى أن ينكشف حال الحمل بالولادة.

ومن لم يحجب به وكان ذا فرض لا يختلف فرضه أعطى نصيبه كمن خلّف ولدا مع أبوين ، وان كان يختلف فرضه أعطي الأدنى من الفرضين لأنه المتيقن على كل تقدير ، كمن خلّف مع الحمل أما أو زوجة ، فتعطى السدس أو الثمن ، وينتظر بالزائد إلى الولادة.

ولو كان له ولد واحد أعطي الثلث : ان كان ذكرا ، والخمس ان كان أنثى ، وينتظر بالباقي الى تبين حال الحمل بالولادة : من كون المولود واحدا أو متعددا يولد حيا أو ميتا وكان ذكرا أو أنثى أو خنثى ، فتنتهي الصور المحتملة إلى عشر. فان كان كما عزل فهو ، وإلا قسم المال بعد الولادة على ما يقتضيه الحال.

وهل بالعزل يتعيّن حق الحمل في المعزول بحيث لو تلف قبل الولادة لم يكن للحمل شي‌ء فيما قبضوه فتكون قسمة حقيقية ، أو هو للاحتياط

__________________

(١) راجع ذلك في خاتمة كتاب المواريث ، آخر المسألة الثانية ـ الحمل يرث إن سقط حيا.

٢٦٧

جمعا بين حقي الموجود والحمل فلا تترتب عليه أحكام القسمة؟ الأقرب هو الأول ، فيتولى القسمة وليّ الحمل لإمكانها مع طلب المستحق لها وتأخير التملك ضرر منفي.

خلافا لشيخان في (الجواهر) حيث جعل العزل للاحتياط اللازم مراعاته جمعا بين الحقين ، لا أنه قسمة حتى تجري عليه أحكامها.

وهو متجه على مبناه : من كون الحمل إنما يملك بالولادة ، وقبلها لا ملك أصلا حتى يتصور القسمة مع وليّه ، وأما على القول بملك الحمل ـ ولو متزلزلا يستقرّ بالولادة فضلا عن كونها كاشفة عن الملكية التامّة قبلها ـ فلا مانع من تحقق القسمة لإمكانها مع ولي الحمل ، فتجري عليه أحكامها.

(الرابع) جعل بعض من ملحقات الموانع : الدين المستوعب للتركة وغير المستوعب بالنسبة الى ما قابله منها ، دون الفاضل ، وهو مبني على كونها ما لم يستوف الدين على حكم مال الميت لم تنتقل إلى الورثة (١) إلا أن الأقوى انتقال التركة إلى الوارث ، وان تعلق بها حق الاستيفاء للدّيان. وان وقع الخلاف في كيفية تعلق الحق بها ، من كونه كتعلق حق الرهانة أو حق الجناية (٢) أو تعلّق مستقلّ لا يدخل في أحد التعلّقين لخروجه عن موضوعهما وان أشبه بكل منهما من وجه ، فليس الدّين مانعا عن الإرث ، وان كان مانعا

__________________

(١) استنادا إلى ظاهر قوله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) وظاهر صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال : «قضى أمير المؤمنين (ع) في دية المقتول انه يرثها الورثة على كتاب الله تعالى إذا لم يكن على المقتول دين ..» الحديث.

(٢) ولعل الفرق بينهما : أن الأول يسقط بالرضا ولا ضمان فيه ، والثاني يترتب عليه الضمان أيضا.

٢٦٨

عن التصرف أو نفوذه في الميراث (١).

(المقدمة الثالثة في الحجب)

وهو : إما عن أصل الإرث ، ويسمى بحجب (الحرمان) أو عن بعض الفرض ، ويسمى بحجب (النقصان).

وضابط الأول في المناسب : الأقربية إلى الميت ، وقد عرفت في (المقدمة الأولى) : طبقات النسب ، ودرجات كل طبقة منها ، وان السابقة من كل طبقة أو درجة تحجب اللاحقة منها ، كما يدلّ عليه الخبر الجامع لها المروي في (الوسائل) بإسناده إلى يزيد الكناني عن أبي جعفر (ع) قال : «ابنك أولى بك من ابن ابنك ، وابن ابنك أولى بك من أخيك قال : وأخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك ، وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك ، قال : وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك. قال : وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمّك قال : وعمك أخو أبيك من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه. قال : وعمك أخو أبيك من أبيه أولى بك من عمك أخي أبيك لأمه. قال : وابن عمك أخي أبيك من أبيه وامه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأبيه. قال : وابن عمك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأمه» (٢).

قلت : أولوية المتقرب بالأب ـ وحده ـ على المتقرب بالأم ـ وحدها ـ

__________________

(١) وعلى هذه التخريجات تحمل الآية والصحيحة ونحوهما ، يعنى أن الوارث لا يملك التركة ملكا مستقرا مستقلا إلا من بعد الدين ..

(٢) راجع منه : كتاب الفرائض باب ١ من أبواب موجبات الإرث حديث (٢).

٢٦٩

من الأخوة والأعمام وأولادهم بمعنى زيادة الميراث ، وفي غيرهم بمعنى الحجب.

ثم المناسب مطلقا يحجب ولاء العتق ، وهو يحجب ضامن الجريرة والضامن يحجب الامام (ع) ، والزوج والزوجة يشاركان في الإرث جميع الطبقات ، مناسبا كان أو مساببا ، كل ذلك مدلول عليه بالنص والإجماع المستفيضين.

وأما الثاني وهو حجب النقصان فاثنان :

(الأول) حجب الولد وهو ، وان نزل ذكرا أو أنثى يحجب الأبوين عمّا زاد على السدسين ، إلا البنت الواحدة معهما ، فإنه يبقى سدس يردّ عليهم أخماسا ـ عندنا ـ على نسبة سهامهم : من عدد الأسداس ، إذا لم تكن معهم إخوة حاجبة وإلا اختص الرد بغيرها من الأب والبنت ، فللبنت حينئذ بالفرض والرد النصف ، وثلاثة أخماس السدس ، ولكل من الأبوين السدس وخمس السدس ، ومع أحدهما يبقى ثلث يرد عليهما أرباعا على النسبة ، وإلا البنتين مع أحد الأبوين ، فإنه يبقى أيضا سدس يردّ عليهم أخماسا على النسبة ، ويحجب الزوجين عن نصيبهما الأعلى إلى الأدنى من النصف الى الربع أو منه الى الثمن.

وأما حالهما مع فقد المناسب والمسابب عدا الإمام ، ففي رد الفاضل عليهما أو العدم بالنسبة الى كل منهما أو التفصيل فيرد على الزوج دون الزوجة مطلقا ، أو في زمان الحضور دون الغيبة؟ أقوال :

(ثالثها) أقواها (١) وعليه المشهور ، بل نقل الإجماع عليه مستفيض ، مضافا الى الأخبار المستفيضة ـ بل المتواترة معنى بالأمرين ـ

__________________

(١) وهو التفصيل بين الزوج والزوجة بالرد مطلقا في الأول دون الثانية.

٢٧٠

فمن الدال على الرد في الزوج : ما رواه في (الوسائل) بإسناده عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) «في امرأة توفيت ، ولم يعلم لها أحد ولها زوج؟ قال : الميراث لزوجها» وفيه عن الكليني بإسناده عن عاصم ابن حميد مثله ، إلا أنه قال : الميراث كله لزوجها ، وفيه عن أبي بصير قال : «كنت عند أبي عبد الله (ع) فدعا بالجامعة ، وفيه عن أبي بصير قال : «كنت عند أبي عبد الله (ع) فدعا بالجامعة ، فنظر فيها ، فإذا امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره. المال له كله» وفيه عن الكليني بإسناده عن يحيى الحلبي مثله ، وفيه عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال : «سألته عن المرأة تموت ولا تترك وارثا غير زوجها؟ قال : الميراث له كله ، وفيه عن علي بن أبي حمزة نحوه ، وفيه أيضا عن أبي بصير قال : «سألت أبا جعفر (ع) عن امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره قال :

إذا لم يكن غيره فله المال» الحديث. وفيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في حديث «قال قلت له : امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال المال له» وفيه عن مثنى بن الوليد الخياط عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال :

«قلت امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : المال كله له إذا لم يكن لها وارث غيره» وفيه عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال : «سألته عن المرأة تموت ولا تترك وارثا غير زوجها؟ فقال الميراث له كله» وفيه عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) في امرأة توفيت وتركت زوجها؟

قال : المال كله للزوج» وفيه أيضا عن أبي بصير مثل ذلك. وفيه عن إسماعيل بن عبد الجعفي عن أبي جعفر (ع) : «في امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : المال للزوج» وفيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال :

«قلت له امرأة هلكت وتركت زوجها؟ قال : المال كله للزوج» وفيه عن سويد بن أيوب عن أبي جعفر (ع) : «قال كنت عنده فدعا بالجامعة فنظر فيها أبو جعفر (ع) ، فاذا فيها امرأة تموت وتترك زوجها

٢٧١

ليس لها وارث غيره؟ فقال : له المال» (١).

ومن الدال على عدم الرد على الزوجة مطلقا : ما رواه فيه أيضا عن علي بن مهزيار قال : «كتب محمد بن حمزة العلوي الى أبي جعفر الثاني (ع):

مولى لك أوصى بمأة درهم إلي وكنت أسمعه يقول : كل شي‌ء هو لي فهو لمولاي ، فمات وتركها ولم يأمر فيها بشي‌ء ، وله امرأتان : إحداهما ببغداد ولا اعرف لها موضعا الساعة ، والأخرى بقم : ما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟ فكتب اليه : انظر أن تدفع من هذه المائة درهم الى زوجتي الرجل وحقهما من ذلك الثمن إن كان له ولد ، وان لم يكن له ولد فالربع ، وتصدق بالباقي على من تعرف أن له إليه حاجة ان شاء الله» والأمر بالصدقة لكونه ماله (ع) تصدق به. وفيه «عن محمد بن نعيم الصحاف قال : مات محمد بن أبي عمير بياع السابري ، وأوصى الىّ وترك امرأة لم يترك وارثا غيرها ، فكتبت الى (العبد الصالح (ع) ، فكتب إليّ أعط المرأة الربع واحمل الباقي إلينا» وفيه : عن الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة مثله. وفيه : عن أبي بصير «قال قرأ عليّ أبو جعفر (ع) في الفرائض : امرأة توفيت وتركت زوجها ، قال : المال للزوج ، ورجل توفي وترك امرأة قال للمرأة الربع وما بقي فللإمام (ع)» وفيه عن أبي بصير «عن أبي جعفر (ع) في رجل مات وترك امرأة قال للمرأة الربع وما بقي فللإمام» وفيه عن محمد بن مسلم «عن أبي جعفر (ع) في رجل مات وترك امرأة؟ قال : لها الربع ، ويرفع الباقي إلينا» وفيه عن محمد بن مروان عن أبي جعفر (ع) «في زوج مات وترك امرأته؟ قال لها الربع ويدفع الباقي الى الامام» : وفيه عن أبي بصير «قال سألت

__________________

(١) هذه الأخبار ذكرت في الوسائل ضمن كتاب الفرائض والمواريث الباب الثالث من أبواب ميراث الأزواج.

٢٧٢

أبا جعفر (ع) عن امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره؟ قال : إذا لم يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الربع وما بقي فللإمام» (١)

وأما القول الأول (٢) فهو المنسوب الى المفيد ، لظاهر عبارته المحكية عنه ، وهي : «إذا لم يوجد مع الأزواج قريب ولا سبب رد باقي التركة على الأزواج» بناء على إرادة الأعم من الزوجة من لفظ الأزواج ولو بمعونة خلو عبارته عن حكمها عند انفرادها. ومستنده الصحيح : «رجل مات وترك امرأته؟ قال : المال لها ، قلت امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : المال له» (٣).

وهو ضعيف لشذوذ الصحيح وعدم معلومية العامل به ، لعدم ظهور عبارة (المقنعة) فيه ، وان أشعرت به (٤) ولو سلم الظهور فهو شاذ.

(والثاني) محكي (٥) عن ظاهر (المراسيم) حيث ابتدأ في حكم الأزواج بقوله : «وفي أصحابنا من قال : إنه إذا ماتت امرأته ولم تخلف غير زوجها ، فالمال كله له بالتسمية والرد ، فأما الزوجة فلا رد لها بل ما يفضل من سهمها لبيت المال ، وروي : أنه يرد عليها كما يرد على

__________________

(١) ذكرت هذه الأخبار في المصدر الآنف من الوسائل ، باب ٤ من أبواب ميراث الأزواج.

(٢) وهو رد الفاضل من الحق على كل من الزوج والزوجة إليه.

(٣) هذا المضمون ذكر في روايتي أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) ذكرتا في الوسائل كتاب الفرائض باب ٤ ، حديث (٦ ، ٩).

(٤) راجع من (المقنعة) باب ميراث الأزواج من أبواب فرائض المواريث.

(٥) أي عدم الرد بالنسبة الى كل من الزوج والزوجة.

٢٧٣

الزوج» (١) بناء على ظهور الاقتصار على النقل في اختيار عدم الرد مطلقا ، وحكى الميل اليه عن الديلمي.

ولعل المستند ـ مضافا الى الأصل ، وظاهر الآية (٢) رواية جميل ابن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال «لا يكون رد : على زوج ولا على زوجة» (٣) وحديث العبدي عن علي (ع) وفيه «قال : لا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص عن الربع ولا تزاد المرأة عن الربع ولا تنقص عن الثمن» (٤).

وهو ضعيف أيضا لشذوذه على تقدير وجود القائل به. والأصل يخرج عنه بالأخبار المتقدمة التي لا تكافؤها رواية جميل حتى قيل بعدم العامل بها. والآية ـ لو سلمت دلالتها ـ فبمفهوم الوصف واللقب الذي لا تعويل عليه ، ونفي الزيادة في حديث (العبدي) مسوق لبيان فرضيهما الأعلى والأدنى.

__________________

(١) راجع ذلك في (كتاب المراسيم) لسلار ، المطبوع ضمن الجوامع الفقهية في إيران.

(٢) فإنهما قاضيان بعدم رد الفاضل على كل من الزوج والزوجة بعد تسلم كل منهما حقه المفروض من الإرث في الكتاب والسنة ، إذ الأصل يحكم بالعدم في حالة الشك بالتكليف بالرد بعد إيصال الحق المفروض ، وآية المواريث يظهر منها عدم الامتياز الإضافي بعد بيانها الأصل الفرض.

(٣) الوسائل : كتاب الفرائض ، باب ٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث (٨).

(٤) الوسائل : كتاب الفرائض باب ٢ من أبواب ميراث الأزواج حديث (١) عن أبي عمر العبدي ..

٢٧٤

ومستند الأخير (١) ليس إلا الجمع في الزوجة بين ما دل على عدم الرد عليها ، وأن الفاضل عن نصيبهما للإمام (ع) وبين الصحيح المتقدم المصرح بأن المال لها : بحمله على زمان الغيبة ، والأول على زمان الحضور ، وهو ـ مع أنه لا شاهد عليه ـ حمل بعيد ، حتى قيل إنه أبعد مما بين المشرق والمغرب ، فليحمل ـ لا أقل ـ على كونها قريبة الميت.

(الثاني) حجب الاخوة وهم يحجبون الأم عما زاد على السدس :

إجماعا ـ بقسميه ـ ومنقوله فوق حدّ الاستفاضة ، وللنصوص المستفيضة ـ بل المتواترة معنى ـ لكن بشروط يأتي بيانها.

وليعلم ـ أولا ـ ان حجب الولد والاخوة قد ينفرد أحدهما عن الآخر وقد يجتمعان ، وكل منهما (مرة) يحجب الأم عن الثلث وينقصها الى السدس (وأخرى) لا يكون كذلك ، فالولد الذكر يحجب الأم عن الثلث الى السدس ، والبنت الواحدة تحجبها عن الثلث ، ولكن يرد عليها مما فضل بالنسبة ـ كما تقدم ـ ، والاخوة مع عدم الولد ـ أصلا ـ تحجب الأم عن الثلث الى السدس ، ومع البنت الواحدة تحجب الأم عن الرد خاصة ، لأنها محجوبة عن الثلث بالبنت ، وعن الرد بالأخوة ، فكل من الحاجبين له أثر مستقل ، إلا أن ذلك لا يتمشى في غير اجتماع الاخوة مع البنت الواحدة ، لأن حجب الام عما زاد على السدس فيما لو اجتمعوا مع الولد الذكر مستند إلى الولد خاصة ، لاختصاص حجب الأخوة بما يوجب توفير المال على الأب ، ولذا اعتبر وجوده في حجبهم ، ولا توفير مع وجود الولد ، لان الفاضل عن فرض الأبوين له.

وأما الشروط المعتبرة في حجب الإخوة فأمور :

(الأول) العدد وأقله أن يكونوا أخوين أو أخا وأختين أو أربع

__________________

(١) أي القول بالتفصيل بين زماني الحضور والغيبة بالرد في الأول دون الثاني.

٢٧٥

أخوات : إجماعا بقسميه ـ على الحجب بذلك ، والنصوص به مستفيضة بل متواترة معنى كاستفاضتها على عدمه بدونه ، بل الضرورة قائمة عليه.

فما عن ابن عباس : من عدم الاكتفاء بالأخوين نظرا الى ظاهر الأخوة في الآية بناء على أن أقل الجمع ثلاثة ، فمع إمكان إنكار ذلك لشيوع استعمال الجمع في الجمع اللغوي ـ لا يلتفت اليه بعد الإجماع ـ بل الضرورة والنصوص المستفيضة ـ على خلافه. نعم لا دلالة في الآية على الاكتفاء بالنساء ، وان كن أربعا إلا أنه مستفاد من النص والإجماع المستفيضين وأما الاكتفاء بالأخ والأختين ، فمع عدم القول بالفصل بينه وبين الأربع يمكن استفادته من التعليل في الحسن بقوله : «إذا كن أربع أخوات حجبن الأم من الثلث ، لأنهن بمنزلة أخوين (١) مضافا إلى التصريح به فيما رواه في (الوسائل) عن أبي العباس قال : «سمعت أبا عبد الله (ع) يقول :

لا يحجب عن الثلث الأخ والأخت حتى يكونا أخوين أو أخا وأختين ..» (٢)

الخبر. وما عن (فقه الرضا (ع) : «فان ترك أبوين وأخوين أو أربع أخوات أو أخا وأختين فللأم السدس وما بقي فللأب» (٣) وما في (الفقيه) بطريقه الحسن الى العلاء بن فضيل عن أبي عبد الله (ع) «.. ولا يحجب الام عن الثلث الاخوة والأخوات من الأم ما بلغوا ولا يحجبها إلا أخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات لأب أو لأب وأم

__________________

(١) فقرة من رواية مفصلة عن أبي العباس ـ ولعله البقباق ـ عن أبي عبد الله (ع) : ذكرت في الوسائل : كتاب الفرائض والمواريث باب ١١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، حديث (١).

(٢) المصدر الآنف الذكر من الوسائل ، حديث (٧).

(٣) راجع منه : أوائل باب الفرائض والمواريث. طبع إيران حجري.

٢٧٦

لو أكثر من ذلك» (١) وان تضمن صدرها لما لا نقول به : من عدم حجب الوليد لعدم خروج الباقي به عن الحجة.

وأما الخنثى المشكل ، فكالأنثى في الحكم ـ على المشهور ـ للأصل واحتمل في (الكشف) القرعة ، وجعله هنا قويا في (الدروس) وهو متجه بناء على رجوع أصل العدم الى الاستصحاب ، لان الشك ـ هنا ـ في حاجبية الموجود ولم يكن معلوما عدمه حتى يستصحب ، وأصالة عدم وجود الحاجب لا تثبت عدم حاجبية الموجود ، بل وكذا لو قلنا بكونه أصلا عقلائيا ، لأن الشبهة مصداقية ، والشك في قدر اقتضاء الإرث في الأم بعد تنويعها في الاقتضاء وان كان لا يخلو من تأمل.

(الثاني) أن يكونوا للأبوين أو للأب خاصة ، فلا يحجب إخوة الأم بلا خلاف فيه ، بل الإجماع ـ بقسميه ـ عليه ، والنصوص مع ذلك به مستفيضة. منها قول الصادق (ع) في موثقة إسحاق بن عمار «في رجل مات وترك أبويه واخوة لأم : الله سبحانه أكرم من أن يزيدها في العيال وينقصها من الميراث الثلث» (٢).

(الثالث) أن يكون الأب موجودا لقوله تعالى «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ» الظاهر في كون الحجب انما هو حيث يرثه أبواه ، ولقوله الصادق (ع) في خبر بكير : «الأم لا تنقص من الثلث أبدا إلا مع الولد والأخوة إذا كان

__________________

(١) جملة من حديث مفصل ذكر في المصدر الآنف من الوسائل ، باب ١١ من أبواب ميراث الأبوين ، حديث (١).

(٢) الوسائل كتاب الفرائض والمواريث ، باب ١٠ من أبواب ميراث الأبوين ، حديث (٥).

٢٧٧

الأب حيا» (١) وللصحيح عنه (ع) وعن أبي جعفر (ع) : «ان مات رجل وترك أمه وإخوة وأخوات لأب أو إخوة وأخوات لأب وأم وإخوة وأخوات لأم وليس الأب حيا ، فإنهم لا يرثون ، ولا يحجبون لأنه لم يورث كلالة» (٢) مضافا الى تعليل حجب الاخوة بالتوفير على الأب للإنفاق فيما ذكره زرارة لعمر بن أذينة وعلي بن سعيد (٣) وإلى إشعار الموثقة المتقدمة به.

فما عن ظاهر (الصدوق) : من عدم اعتباره حيث قال : «إن خلّفت زوجها وأمها وأخوة ، فللأم السدس والباقي يرد عليها ، لأنه جعل فرضها السدس ، وليس إلا بسبب الحجب والباقي ردا عليها ، ولا يكون إلا مع فقد الأب إذ مع وجوده كان الفاضل له».

شاذ لا دليل عليه عدا خبرين مخالفين للمجمع عليه بين الإمامية (أحدهما) خبر زرارة قال : «قلت لأبي عبد الله (ع) : امرأة تركت زوجها وأمّها وإخوتها لأمّها وإخوتها لأبيها وأمّها؟ فقال : لزوجها النصف ولأمها السدس ، وللأخوة من الأم الثلث وسقط الاخوة من الأب والام» و (ثانيهما) خبره عنه أيضا «في أم وأخوات لأب وأم وأخوات لأم أن للام السدس ولكلالة الأب الثلثين ، ولكلالة الأم السدس من توريث الأخوة مع الأم» (٤).

__________________

(١) المصدر الآنف من الوسائل باب ١٢ حديث (١).

(٢) المصدر الآنف من الوسائل آخر باب الثاني عشر.

(٣) إشارة إلى حديثي (٣ ، ٤) من الباب العاشر من أبواب ميراث الأبوين من المصدر الآنف من الوسائل.

(٤) أوردهما الوسائل في كتاب الفرائض ، في الباب الأول من أبواب ميراث الأخوة والأجداد.

٢٧٨

(الرابع) انتفاء موانع الإرث : من الكفر والرق والقتل. وعدم الحجب في الأولين بمعنى مانعيتهما عن الحجب مدلول عليه بالنص والإجماع المستفيض ، من غير فرق في المملوك بين المبعّض والقن ، ولا بين ارتفاع المانع قبل القسمة وبعدها. وأما القتل ففي مانعيته عن الحجب وعدمها قولان : ناشئان : من أصالة عدم الحجب والاشتراك مع الأولين في العلة وهي المنع عن الإرث ، ومن عموم الآية ومنع العلة لعدم ثبوت الملازمة بين الحجب وقابلية الإرث ، وهو المحكي عن الصدوق والحسن. وعن (المختلف) نفي البأس عنه ، وان استدل قبله على الأول بقوله : «لنا إنه المشهور بين علمائنا ، فيتعين العمل به» ولولا نفيه البأس عن قول الصدوق لاحتمل إرادته الإجماع من المشهور لمعلومية عدم حجية الشهرة عنده ، فكيف يستدل بها على مطلوبه؟

والأول هو الأقوى ، وعليه المشهور شهرة عظيمة ، للإجماع المنقول عن الأمة جميعها ـ عدا ابن مسعود كما صرح به في المختلف وظاهر المبسوط ـ المعتضد بالشهرة بقسميها ، وعدم قدح المخالف لمعلوميته وندرته ، وهو الحجة في تقييد إطلاق الإخوة الذي قد يشك في إرادة ما نحن فيه منه.

(الخامس) أن يكونوا منفصلين أحياء عند موت المورث فلا يحجب الحمل ، وان كان حيا ، بلا خلاف معتد به ، للأصل ، وعدم انسباقه من الأخوة إلى الفهم ، ولما تضمنه صدر خبر العلاء بن الفضيل المتقدم : «ان الطفل والوليد لا يحجبك ولا يرثك الا ما يبان بالصراخ ولا شي‌ء أكنه البطن وان تحرك إلا ما اختلف عليه الليل والنهار» فلا اشكال فيه ، كما لا إشكال في كون المدار على كونهم أحياء عند موت المورث فلا يحجب مع التقارن ، فضلا عن سبق موتهم ، ومع الشك في السبق واللحوق ، فان علم تأريخ أحدهما فواضح ، وان لم يعلم فلا حجب ،

٢٧٩

لأصالة عدم وجود الحاجب عند أخذ فرضها ، من غير فرق بين الغرقى وغيرهم في الحجب ، وان كان فرض موت كل منهم يستدعي حياة الآخر إلا أن ذلك حكمهم من حيث الإرث ، فلا يقاس به الحجب.

(المقدمة الرابعة)

في مقادير السهام وأهلها وكيفية اجتماعها

وهي ستة : النصف ، ونصفه ، ونصف نصفه ، والثلثان ، ونصفه ونصف نصفه.

وأهلها خمسة عشر : (النصف) لأربعة : البنت الواحدة مع عدم الولد الذكر (١) والأخت للأبوين ، أو للأب خاصة كذلك (٢) والزوج مع عدم الولد لها ـ وان نزل (٣).

(والربع) لاثنين : الزوج مع الولد لها وان نزل (٤) ، والزوجة وان تعددت مع عدمه له كذلك (٥).

(والثمن) للزوجة وان تعددت مع الولد له وان نزل (٦) (والثلثان) لثلاثة البنتين فصاعدا مع عدم الولد الذكر (٧) والأختين

__________________

(١) لقوله تعالى «وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ».

(٢) أي مع عدم الولد الذكر لقوله تعالى «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ» والأخت بإطلاقها تشمل النوعين.

(٣) أي مع عدم الولد لزوجته ، لقوله تعالى «وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ».

(٤) لقوله تعالى «فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ».

(٥) لقوله تعالى «وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ».

(٦) لقوله تعالى «فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ».

(٧) لقوله تعالى «فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ».

٢٨٠