بلغة الفقيّة - ج ٤

السيّد محمّد آل بحر العلوم

بلغة الفقيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد آل بحر العلوم


المحقق: السيّد حسين بن السيّد محمّد تقي آل بحر العلوم
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة الصّادق
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٤١

وحيثما أذن المولى لعبده ، فليس له الرجوع بعد الوصية وموت الموصي لاقتضاء الوصية الدوام (والاذن في الشي‌ء إذن في لوازمه) كما لا تأثير لرجوعه قبله إذا كان بحيث لا يبلغ الموصي ذلك ، وله الرجوع عن إذنه مع إعلامه به.

(تكميل)

وفيه مسائل :

(الأولى) اختلف الأصحاب في وقت اعتبار الأوصاف المذكورة في الوصي على أقوال (أولها) كفاية اتصافه بها حال الوفاة ، فلو أوصى الى ناقص ثم مات بعد كماله ، صحت الوصية (ثانيها) كفايته حال الوصية ، حكاه قولا في (الدروس) (ثالثها) اعتباره في الحالين معا دون ما بينهما ، اختاره في (المبسوط) (رابعها) اعتباره في الحالين معا وما بينهما ، فتعتبر من حين الوصية مستمرة الى بعد الموت ، وهو الأقوى وعليه الأكثر وفي (المسالك) حكى : قولا آخر ، وهو : اعتباره من حين الوصية الى أن ينفذّها بعد الموت ، إلا أنه لا أرى وجها لعده قولا مغايرا للقول الأخير لأن من يعتبر الكمال من حين الوصية إلى حين الوفاة يعتبره أيضا بعده إلى نهاية العمل غير أنه في الأول يعتبره شرطا في أصل الصحة ، وفي الثاني شرطا في استمرارها بحيث لو عرض نقض في أثناء عمل أو بين الأعمال انعزل من حينه ولم يستأنف العمل السابق ، وقام الكامل مقامه في الباقي. وبالجملة ، فالكمال المستمر إلى الوفاة شرط في الصحة ، والكمال المستمر بعدها إلى نهاية العمل شرط في استمرار الصحة ودوامها.

واستدل للمختار كما في (جامع المقاصد) وغيره : بأن الشرائط إذا انتفت عند الوصية لم يكن إنشاء العقد صحيحا ، ولا بد أن يكون شرط

١٦١

الصحة سابقا على إنشاء العقد كما في سائر العقود.

وبأنه في وقت الوصية ممنوع من التفويض الى من ليس بالصفات والنهي في المعاملات ـ إذا توجه الى ركن العقد ـ دل على الفساد. ومحصله ـ بتوضيح منا ـ يرجع الى أن الوصاية عقد مفاده تفويض الولاية التي هي من المناصب إليه بالوصية ، فالتفويض فعلي منجّز غير معلّق على الوفاة الذي هو زمان التصرف حينئذ فلا تعليق في الإنشاء ، وانما التعليق في المنشأ كالوكالة المنجزة إذا عيّن العمل بها في وقت متأخر كيف ولو كانت الوصية معلقة لم يتحقق إنشاء بالفرض ، لا حين الوصية ولا حين الوفاة ، والناقص عن الكمال غير قابل لتفويض منصب الولاية اليه ، فلذا اعتبر الكمال حين الوصية.

وأما اعتبارها حين الوفاة ، فلأنه وقت العمل الذي لا ريب ـ بل لا خلاف كما في التذكرة ـ في اعتبارها فيه ، فالصحة مشروطة به في الوقتين ، فيلزم اعتباره فيما بينهما ، لان المشروط ـ وهو الصحة ـ ينتفي بانتفاء شرطه.

وأما بقاؤه على الكمال بعد الوفاة إلى انتهاء العمل فهو شرط لاستمرار الصحة دون أصلها ـ كما تقدم ـ ولا يرد النقض بصحة الوصية إلى الصبي ـ منضما الى الكامل ـ مع عدم تعلق الإنشاء بالنسبة إليه حال الصغر ولا إنشاء بالفرض عند البلوغ.

لأنا نقول بها أولا للنص ـ وثانيا ـ لإمكان كون اشتراكه مع الكامل بعد بلوغه من كيفيات الولاية المجعولة بإنشاء الوصية وتطوراتها نظير ما لو قال : (أنت وصيي فإذا حضر فلان فهو شريكك) ونظير تملك المعدوم بعد وجوده للوقف تبعا للموجود بإنشاء الواقف ، ولذا يتلقاه منه بجعل الوقف وإنشائه فتكون الوصية إلى الصبي ـ منفردا أو منضما الى الكامل ـ

١٦٢

نظير الوقف على المعدوم المعبر عنه بمنقطع الأول ، والمعدوم بعد وجوده تبعا للموجود قبله في البطلان في الأول والصحة في الثاني.

وبما ذكرنا ظهر لك ضعف ما أورد على الدليل بالمصادرة ـ كما في (الجواهر) ـ وضعف مستند الأقوال الباقية. مع ان القول الثاني منها لا أظن به قائلاً منها.

وأما الثالث ففيه ـ مع ذلك ـ أنه يلزم على القول به عود الولاية بعد بطلانها بعروض النقض بعود الكمال قبل الوفاة ، وثبوته فيه موقوف على الدليل ، مع أن الثابت بالأصل عدمه ، وقياسه بالأب قياس مع الفارق لان الموجب لها فيه ذاتي وهو الأبوّة ، وفيما نحن فيه انما ثبتت بالوصاية التي قد بطلت بعروض النقض.

(الثانية) لا تصح الوصية إلى الصبي منفردا بلا خلاف يظهر ، بل الإجماع محكي عليه ، وهو الحجة ، مضافا الى ما تقدم : في اشتراط البلوغ (١) وتصح اليه منضما الى الكامل من غير حاجة الى تجديد الإنشاء عند بلوغه ، بلا خلاف أيضا ـ كما قيل ـ للنص الفارق بينهما ، ففي صحيحة علي بن يقطين أو حسنته : «قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل أوصى الى امرأة وأشرك في الوصية معها صبيا ، فقال : يجوز ذلك وتمضى المرأة الوصية ولا تنتظر بلوغ الصبي فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل وتغيير فان له ان يردّه الى ما أوصى به الميت (٢) وفي الصحيح (عن محمد بن الحسن الصفار قال : كتبت الى أبي محمد (ع) : رجل أوصى

__________________

(١) وهو الشرط الأول من شروط الوصي ، وذلك لقصوره عن أهلية الولاية وكونه مولى عليه ـ الى آخر ما ذكر هناك.

(٢) ذكرهما الكافي للكليني : كتاب الوصايا ، باب من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير.

١٦٣

الى ولده وفيهم كبار قد أدركوا فيهم صغارا يجوز للكبار أن ينفذّوا وصيته ويقضوا دينه إن صح على الميت بشهود عدول قبل أن يدرك الأوصياء الصغار؟ فوقع (ع) : نعم على الأكابر من الولد أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك» (١) ولإمكان كون اشتراكه مع الكامل عند البلوغ من كيفيات الولاية المجعولة بالوصية ـ كما تقدم ـ وفي إلحاق غير الصبا من الموانع عن صحة الوصية به في جواز الانضمام وعدمه؟ وجهان : مبنيان على كون النص : هل هو على خلاف القاعدة ، فيقتصر على مورده ، أو موافق لها فيلحق به غيره ـ كما لعلّه هو الأقرب.

وعلى كل حال يستقل الكامل بالتصرف ، لفرض استقلاله بالولاية حتى يبلغ الصبي ، فإذا بلغ شاركه فيه. وليس له الا الرضا بما استقل به الكامل ما لم يكن فيه تبديل وإلا رده لأنه من شئون ولايته الفعلية ـ كما هو مفاد الخبرين ـ

(الثالثة) لو أوصى الى اثنين كاملين فلا يخلو : إما أن ينص على اجتماعهما أو على جواز الانفراد لكل منهما ، أو يطلق :

فعلى الأولين يتبع نصه ، ففي الأول منهما : لو اختلفا جبرهما الحاكم على الاتفاق ، لأن الولاية مشتركة بينهما؟ وقائمة بهما : إما على وجه لا ولاية لكل منهما بنفسه ، أو هي لكل منهما لا بنحو لاستقلال على وجه يكون القيد من صفات الولاية الثابتة لكل منهما ولو باعتبار متعلقها. وعلى التقديرين يكون الاستقلال من التبديل ، فان تعذر الإنفاق منهما أو من أحدهما ، فستعرف حكمه. وأما في الثاني فيجوز الانفراد لكل منهما في الكل فضلا عن البعض للاذن به بالفرض فيصح لهما اقتسام المال وتصرف

__________________

(١) ذكرهما الكافي للكليني : كتاب الوصايا ، باب من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير.

١٦٤

كل منهما فيما يخصه ، لكن القسمة غير ملزمة ، فيجوز فيها التفاوت والرجوع عنهما وتصرف كل منهما فيما خص به الآخر.

وأما لو أطلق فحكمه ـ على الأقوى وعليه المشهور ـ حكم النص على الاجتماع لظهور التشريك فيه ، مضافا الى صحيح محمد بن الحسن الصفار «كتبت الى أبي محمد (ع) : رجل كان أوصى الى رجلين : أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة ، والآخر بالنصف؟ فوقع (ع) : لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان على حسب ما أمرهما إن شاء الله تعالى» (١) ولفظ (لا ينبغي) وان كان بنفسه ظاهرا في الكراهة إلا أن عده (ع) ذلك مخالفة قرينة على إرادة الحرمة ، إذ هي من تبديل المنهي عنه وأصرح منه (الرضوي) : و «إذا أوصى رجل الى رجلين فليس لهما أن ينفرد كل واحد منهما بنصف التركة وعليهما إنفاذ الوصية على ما أوصى الميت» (٢) وضعف سنده ـ لو سلّم ـ مجبور بالعمل.

خلافا لما عن الشيخ في (النهاية) وابن البراج ، فجوّزا ـ في ظاهر إطلاق عبارتهما ـ الانفراد لهما ، نظرا الى الموثق «.. إن رجلا مات وأوصى الى رجلين ، فقال أحدهما لصاحبه : خذ نصف ما ترك وأعطني النصف ما ترك ، فأبى عليه الآخر ، فسألوا أبا عبد الله (ع) عن ذلك فقال : ذاك له» (٣) بناء على أن مرجع الضمير هو طالب القسمة ، وهو ـ مع قوة احتمال رجوعه الى من أباها ولا أقل من الإجمال ـ لا يكافؤ ما تقدّم من الخبرين من وجوه عديدة ، مع إمكان حمله على صورة الإذن

__________________

(١) الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ٥١ من أحكامها ، حديث (١).

(٢) راجع ذلك في أوائل باب الوصية للميت من (الفقه الرضوي)

(٣) راجع : المصدر الآنف من الوسائل حديث (٣) والرواية عن بريد بن معاوية ، قال : إن رجلا ..

١٦٥

بالانفراد ، لو سلم رجوعه الى الطالب.

(الرابعة) : لو امتنع اتفاق الوصيين المشروط اجتماعهما نصا أو ظاهرا ، فلا يخلو : ما أن يكون الامتناع لانتفاء الموضوع ، كما لو مات أحدهما ، أو لانتفاء الولاية كما لو جن أو فسق أو لامتناعهما ، أو امتناع أحدهما عن التوافق بما لا يوجب الفسق فهنا صور.

(الأولى) لو مات أحدهما ففي استقلال صاحبه أو ضم الحاكم اليه قولان : المشهور ـ كما قيل ـ هو الأول. ولعله هو الأقوى ، لأن المشاركة المنتزع منها وصف عدم الاستقلال إذا انتفت بانتفاء الشريك تحقق الاستقلال ، لانتفاء المنتزع بانتفاء منشأ انتزاعه وبقاء الشركة بتبديل الشخص مبني على تعدد مطلوب الموصي : من الشركة ، وكونها مع صاحبه ، فلا يلزم من انتفاء الخصوصية انتفاء أصل الشركة ، إلا أنه في حيّز المنع ولا أصل يقتضيه ان لم نقل باقتضاء الأصل عدمه ، ولا مداخلة للحاكم ، لعدم ولايته مع وجود الوصي للميت (ودعوى) اختصاص منع ولايته بوجود الوصي المنفرد لا مطلق الوصي فمع كونها ممنوعة في نفسها (يدفعها) ثبوت الاستقلال بالفرض ـ كما عرفت ـ وذهب جمع الى وجوب الضم نظرا منهم الى عدم كونه وصيا بالانفراد ، إذ الوصاية مشروطة بالاجتماع الذي مقتضاه انتفاؤها مع الانفراد والى ظهور الوصاية لهما في إرادة تعدد النظر الذي ينافيه الانفراد وأنت خبير بما فيه : أما الأول ، فهو مبني على كون الاجتماع شرطا لأصل الولاية. وهو ممنوع ، والمسلم كون الاجتماع الخاص مع الإمكان شرطا لتصرف الولي فيما هو ولي عليه ، فهو ولي محجور عليه من التصرف بالانفراد مع وجود صاحبه ، فلو مات استقل. وبالجملة : فمع موت أحدهما لم يبق

١٦٦

موضوع من تعتبر موافقته ، ولا دليل على اعتبار موافقة غيره معه : من الحاكم أو عدول المؤمنين. فاتضح من جميع ما ذكرناه الجواب عن الوجه الثاني.

هذا كله فيما لو مات أحدهما. أما لو ماتا معا ، فالأمر يرجع الى الحاكم ، وهل يتعين عليه حينئذ تولية شخصين رعاية للتعدد المطلوب بالوصية ، أو يكفي توليته واحدا لرجوع الأمر إليه عند انتفاء الوصي المنصوب من قبل الميت فهو الوصي عنه شرعا ، والاجتماع انما اعتبر في المنصوب من الميت دون المنصوب من الشرع. وبالجملة : ليس الحاكم نائبا عن الميت في الإيصاء ، بل هو منصوب من الشرع في القيام بالوصية؟

قولان : والثاني هو الأقوى. ويلحق بالموت في الحكم كل سبب موجب للخروج عن أهلية الولاية كالجنون والغيبة المنقطعة والفسق ، بناء على اشتراط العدالة في صحتها.

وأما لو امتنعا أو امتنع أحدهما عن التوافق بما لا يؤدي الى الفسق :

فإما أن يمكن بالجبر اجتماعهما ، أو لا يمكن.

فإن أمكن جبرهما الحكم على التوافق حيث لا يكون سبب الاختلاف هو الاختلاف في الرأي والنظر بما لا ينافي قصد الموصي ، وإنما إرادة كل منهما لخصوصية لغرض لا ينافي الوصية إذ لا معنى للجبر على التوافق بعد أن كان كل منهما يرى فساد رأي صاحبه.

وان لم يمكن الجبر : فان كان الامتناع منهما ، استبدل بهما آخرين ينويان عنهما يشترط عليهما التوافق ، ولا يتوهم هنا كفاية الاستبدال عنهما بواحد ، إذ المفروض عدم خروجهما بالامتناع عن الولاية ، وان منعا عن التصرف كما لو عجزا بالمرض حتى عن الرأي ، فإن الظاهر عدم الخروج بذلك عن أهلية الولاية. بل الأظهر جواز الوصاية إلى

١٦٧

العاجز كذلك في الابتداء فضلا عن الاستدامة.

وان كان الامتناع من أحدهما استبدل به من ينوب عنه منضما الى صاحبه ، فلا يستقل كما لو مات صاحبه لعدم الخروج بالعجز المذكور عن أهلية الولاية وهذا هو الفارق بينه وبين موته أو فسقه ، ونحوهما ، لعدم انتفاء الولاية في الأول وانتفائها في الثاني.

نعم لو ألحقنا الاختلاف بينهما مع تعذر التوافق بالفسق والجنون في الخروج عن أهلية الولاية ـ كما يظهر من جدنا في (المصابيح) اتحد الحكم فيهما ، وجرى الخلاف السابق هنا أيضا لاتحاد المدرك ، والله العالم.

(الخامسة) الوصي أمين فلا يضمن إلا مع التعدي أو التفريط ، ولو بمخالفة الوصية ، فيضمن باليد لو تلف ، فضلا عما لو أتلفه ، لعموم (على اليد) بعد خروج يده عن الأمانة بذلك.

مضافا الى أخبار (منها) : خبر زيد النرسي ـ الذي هو كالصحيح بابن أبي عمير ـ : «عن علي بن مزيد أو فرقد صاحب السابري قال أوصى إليّ رجل بتركته فأمرني أن أحج بها عنه ، فنظرت في ذلك ، فإذا هي شي‌ء يسير لا يكفي للحج ، فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة؟ فقالوا :

تصدق بها عنه ـ إلى أن قال ـ فلقيت جعفر بن محمد (ع) في الحجر ، فقلت له : رجل مات وأوصى إلي بتركته أن أحج بها عنه ، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدق بها فقال (ع) ما صنعت؟ قلت : تصدّقت بها ، قال : ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة ، فإن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة ، فليس عليك ضمان ، وان كان يبلغ ما يحج به من مكة فأنت ضامن (١)

__________________

(١) الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ٣٧ من أحكامها : أن الوصي إذا كانت الوصية في حق فغيّرها فهو ضامن حديث (٢).

١٦٨

فان التصدق بالمال مع كفايته لحج الميقات إتلاف للمال بصرفه في غير الوصية (ومنها) : صحيح محمد بن مسلم أو حسنة بإبراهيم بن هاشم : «قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل بعث بزكاة ماله لتقسم ، فضاعت هل عليه ضمانها حتى تقسّم؟ فقال (ع) : إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها ، فهو لها ضامن ـ الى أن قال ـ وكذلك الوصي يوصي اليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه إليه ، فان لم يجد فليس عليه ضمان (١) المنزل على ما لو كان عدم الدفع إليه ناشئا من التهاون ، لا لعذر شرعي ، وإلا فلا ضمان ، كما لو لم يجده ، لان العذر الشرعي كالعذر العقلي (ومنها) : صحيح الحلبي عن الصادق (ع) : «انه قال في رجل توفي فأوصى الى رجل ، وعلى الرجل المتوفى دين ، فعهد الذي أوصي اليه ، فعزل الذي للغرماء فرفعه في بيته ، وقسم الذي بقي بين الورثة فسرق الذي للغرماء من الليل ممن يؤخذ؟ قال : هو ضامن من حين عزله في بيته يؤدي من ماله (٢) المنزل أيضا على التفريط في الحفظ أو يتأخر الدفع إلى أهله (ومنها) : ما في (الكافي) في الصحيح عن ابن محبوب عن محمد بن مادر : «قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل اوصى إلى رجل وأمره أن يعتق عنه نسمة بستماءة درهم من ثلثه ، فانطلق الوصي وأعطى الستمائة درهم رجلا يحج بها عنه؟ فقال أرى أن يغرم الوصي من ماله ستمائة درهم ، ويجعل الستمائة فيما أوصى به الميت ، (٣) قال : في (الجواهر) بعد ذكر هذا الخبر : «وربما كان فيه إنما الى

__________________

(١) المصدر الآنف من الوسائل ، باب ٣٦ ، حديث (١).

(٢) المصدر الآنف الذكر من الوسائل حديث (٢).

(٣) كتاب الوصايا ، باب (أن الوصي إذا كانت الوصية في حق فغيرها فهو ضامن) حديث (٣).

١٦٩

عدم انعزال الوصي بالخيانة ، اللهم إلا أن يكون ذلك ليس عنها ، بل هو شي‌ء قد فعله الوصي بجهله تخيل أنه أنفع للميت» (١) انتهى. وهو حسن بناء على قراءة (يجعل) مبنيا للفاعل ، وأما لو قرء مبنيا للمفعول ففيه إيماء إلى الانعزال ، وعدم الانعزال على الأول لعدم صدق الخيانة بعد الحمل على الجهل ، وان كان من التبديل الموجب للضمان ، إذ ليس كل تبديل تصدق معه الخيانة وان أوجب الضمان (ومنها) ما في الكافي أيضا بإسناده الى محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي سعيد عن أبي عبد الله (ع) قال : سئل عن رجل أوصى بحجة ، فجعلها وصية في نسمة؟ فقال :

يغرمها وصية ويجعلها في حجة كما أوصى به ، فان الله تبارك وتعالى يقول (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (٢) وهو كما ترى صريح في عدم الانعزال المحمول على ما سمعت ، فيكون قرينة على قراءته (يجعل) مبنيا للفاعل في الخبر السابق.

(السادسة) اختلف الأصحاب في استيفاء الوصي بنفسه دينه على الميت من التركة إذا كان وصيا على قضاء ديونه يشمله : على أقوال :

(أحدهما) الجواز مطلقا. تمكن من إقامة الحجة عليه ، أولا ـ كما في (النافع) و (القواعد) و (التحرير) و (جامع المقاصد) وهو المحكي عن الشهيدين وغيرهما ، لأنه ـ بالفرض ـ وصي في قضاء الديون فيقوم مقام الموصى في ذلك ، ويكفي علمه بالدين ، لأن الوصية منوطة بقضاء الدين الثابت في نفس الأمر. ولا فرق في ذلك بين دينه ودين

__________________

(١) راجع ذلك في أوائل الفصل الخامس في الأوصياء من كتاب الوصايا ـ في شرح قول المحقق : (والوصي أمين لا يضمن ما يتلف).

(٢) راجع : نفس الكتاب والباب الآنفي الذكر من الكافي حديث (٢).

١٧٠

غيره ، ولأنه بقضاء الدين محسن و (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).

(ثانيهما) المنع كذلك فلا تستوفي إلا بإذن الحاكم بعد إقامة الحجة عنده ، كما عن القاضي ، والشيخ في (النهاية) للأصل ، وموثق بريد ابن معاوية عن أبي عبد الله (ع) : «قلت له : إن رجلا أوصى إليّ فسألته أن يشرك معنى ذا قرابة له ففعل ، وذكر الذي أوصى إلى أن له قبل الذي أشركه في الوصية خمسين ومأة درهم وعنده رهنا بها حاما من فضة فلما هلك الرجل إنشاء الوصي يدعى أن له قبله أكرار حنطة؟ قال : إنّ أقام البينة ، وإلا فلا شي‌ء له ، قال قلت له : أيحل أن يأخذ مما في يده شيئا؟ قال : لا يحل له ، قلت أرأيت لو أن رجلا عدا عليه فأخذ ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ : أكان ذلك له؟ قال : إن هذا ليس مثل هذا» (١).

(ثالثها) الجواز مع العجز عن الإثبات ، كما عن الحلي في (السرائر) والمحقق في (الشرائع) وغيرهما من باب التقاص ، لان العجز عن الإثبات بحكم امتناع الغريم في عدم وصول حقه إليه ، إذ المناط فيه هو امتناع الاستيفاء الحاصل هنا ، ولو مرحلة الظاهر ، بخلاف ما لو تمكن من الإثبات فإنه بحكم الغريم الباذل الذي لا يجوز معه التقاص ، إجماعا ، ولا ينافيه :

ما في الموثق : من نفى المماثلة بينه وبين التقاص ، لكون السائل هو شريكه في الوصية ، وسؤاله إنما هو تكليفه : من تمكين صاحبه من الاستيفاء بدون حجة ، ولأنه ـ حينئذ ـ محسن بقضاء الدين و (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).

وهذا هو الأقوى بناء على ما هو الأقوى : من انتقال التركة إلى الوارث متعلقا بها حق الاستيفاء ، كالرهن ، ويكون الوارث هو المخيّر

__________________

(١) الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ٩٣ من أحكامها ، حديث (١).

١٧١

في القضاء منها أو من غيرها كتخيير المديون بين وجوه القضاء ، ولا ينافيه كونه وصيا على قضاء الديون الذي مرجعه الى مباشرته لذلك بدفع ما يتعين الوفاء به اليه وإلزام الوارث به لو امتنع عنه ، وليس مرجعه الى تفويض الولاية له على تعيين ما يستوفي منه من أعيان التركة ، لإمكان منع أن للموصى الإيصاء بذلك ، وان يثبت له تعيين ثلثه بالدليل الخاص ، فيكون استيفاؤه بنفسه نوع مزاحمة للوارث في حقه من التخيير في القضاء أو لا كذلك مع عدم الحجة لجواز التقاص ـ حينئذ ـ بعد فرض تحقق ما هو المناط لجوازه في الممتنع من فوات الحق مع كونه حينئذ محسنا على الميت ببراءة ذمته.

فظهر عدم الفرق بين الوصي والأجنبي في ذلك كله ، ولا بين الوصي المنفرد والمتعدد لو تمكن من الاستيفاء من دون علم شريكه ، والا لم يجز لشريكه تمكينه منه بلا حجة.

(السابعة) لو أوصى اليه بعمل خاص أو قدر مخصوص اقتصر عليه ، ولم يتجاوزه الى غيره ، لاختصاص ولايته به دون غيره ، وهو واضح ، ولم يتجاوزه الى غيره ، لاختصاص ولايته به دون غيره ، وهو واضح ، وأما لو أطلق بأن قال : (أنت وصيي) من دون ذكر المتعلق ففي وقوعه لغوا كما عن الأكثر ، كما لو قال : وكلتك أو أنت وكيلي ولم يعين فاوكل فيه ، بل في (الإيضاح) : عدم الخلاف فيه ، وفي (الكفاية) : نسبة الى الأصحاب وان قال بعده : (ولا يبعد كونه وصيا) على الأطفال ، لأنه المفهوم في المتعارف) (١) واستحسنه جدنا في (الرياض) أن ثبت ذلك ، وإلا فاللغوية أثبت (٢) أو اختصاصها بقضاء ديونه

__________________

(١) راجع ذلك في كتاب الوصية ، أخريات الطرف السادس في الوصايا

(٢) ذكر ذلك في باب الأوصياء من كتاب الوصايا في شرح قول (النافع). «وتختص ولاية الوصي بما عين له الموصي». وتمام العبارة هكذا : «ولو قال : أنت وصي ، وأطلق ، قيل : كان لغوا ، وعن ـ

١٧٢

واستيفائها وردّ الودائع ونحوهما ، أو يعم ذلك وإرادة ثلثه وتفويض المصرف الى نظره ، أو يعم ذلك أيضا وإرادة الولاية على أيتامه؟ أقوال. والأول هو الأقرب ، ما لم يكن هناك عرف خاص أقرينة حال يدل على المراد وإلا كان هو المتبع كما يدعى في عرفنا الآن من إرادة الثلث عند الإطلاق فضلا عن الديون وفاء واستيفاء ، ورد الأمانات دون القيمومة على الأيتام وهو كذلك ، فيختلف باختلاف الأعصار والأمصار.

(الثامنة) لا ينبغي الإشكال في جواز رد الموصى إليه الوصية ما دام الموصي حيا بشرط أن يبلغه ـ الرد كما عن الأكثر ـ بل قيل : لا خلاف فيه ، إلا من (الصدوق) فأوجب القبول فيما إذا كان الموصى أبا أو كان الأمر منحصرا في الموصى اليه ، ومال إليه في (المختلف) مؤيدا للأول بأن مخالفة الوالد نوع عقوق ، وللثاني بأنه فرض كفاية فيتعين عليه حيث ينحصر به. ثم قال : «وبالجملة فأصحابنا لم ينصوا على ذلك» ولا بأس بقوله (١) واستحسنه جدّنا في (الرياض) حيث قال بعد نقله ما فيه : «وهو كذلك ان لم ينعقد الإجماع على خلافه» ، ولا يمكن دعواه بإطلاق عبارات الأصحاب بجواز الرد مطلقا لعدم تبادر المقامين منه جدا. ومنه يظهر الجواب عن إطلاقات النصوص بذلك أيضا ، مضافا الى وجوب حمل المطلق على المقيّد حيث تضمن شرائط الحجية كما هنا» (٢).

__________________

ـ المحقق الثاني أنه حكى عن الشارع الفاضل عدم الخلاف فيه ونسبه في الكفاية إلى كلام الأصحاب كافة ، قال : ولا يبعد كونه وصيا على الأطفال لأنه المفهوم المتعارف ، وهو حسن حيث ثبت ، وإلا فالأول ثبت».

(١) راجع ذلك في آخريات الفصل الخامس في الوصايات ، آخر «مسألة قال الصدوق : إذا دعا الرجل ابنه الى قبول وصيته ..».

(٢) راجع ذلك منه في كتاب الوصايا ، الرابع في الأوصياء

١٧٣

قلت الأظهر ما عليه الأكثر : من عدم وجوب القبول مطلقا ، للأصل ولا يخرج عنه بصحيح علي بن الريان : «كتبت الى أبي الحسن (ع): رجل دعاه والده الى قبول وصيته : هل له أن يمتنع من قبول وصيته؟ فوقع (ع) : ليس له أن يمتنع (١) بناء على كون النهي عن الردّ يقتضي عدم تأثيره ، لأن النهي في مثله يدل على الفساد ، لا مجرّد الحكم التكليفي وصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (ع) : «في رجل يوصى اليه قال : إذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها ، وان كان في مضر يوجد فيه غيره فذلك إليه» (٢) فإن الأول دال بمنطوقه على الأول والثاني بمفهومه على الثاني (٣) لعدم المكافئة ، لإطلاق غيرهما من النصوص الدالة على الجواز من وجوه ، سيما مع إعراض جل الأصحاب ـ عدا الصدوق عنهما ـ مع أن في طريق الأول سهل بن زياد (٤) وان قيل : «إن الأمر سهل في سهل» فليحمل الأول على ما إذا استلزم إيذاء الوالد ـ كما في الغالب ـ ومع فرضه فهو خارج عن الفرض ، إذ هو مجرد حكم تكليفي والثاني مع كونه مفهوما ـ فهو محمول على تأكد استحباب القبول ، أو ما قيل :

__________________

في شرح قول النافع. «وللموصى إليه رد الوصية».

(١) الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ٢٤ : «وجوب قبول الولد وصية والده» حديث (١).

(٢) المصدر الآنف من الوسائل ، باب ٢٣ حديث (٢).

(٣) أي الصحيح الأول دال بمنطوقه على الفرع وهو عدم رد الولد لوصية والده والصحيح الثاني دل بمفهومه على الفرع الثاني وهو عدم جواز الرد مع الانحصار.

(٤) فإنه ـ كما في الكافي ـ عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن الريان ..

١٧٤

من أنه بارز مبرز الغالب لبيان الحكمة في صحة الرد إذا بلغ الموصي ، وبطلان الرد إذا لم يبلغه فتأمل.

وأما دعوى كون قول الوصاية من فروض الكفاية ـ فيتعين مع الانحصار ، فهي ممنوعة جدا ، سيما وأمثال ذلك من الأمور وظيفة الحاكم وبالجملة ، كما أن للموصى عزل الوصي في حياته ، فكذا للوصي ردها ، ولو بعد القبول مع الشرط ، لأنها من العقود الجائزة.

وأما الرد بعد موت الموصي أو في حياته حيث لا يبلغه الرد ـ فان كان بعد القبول ، فلا تأثير للرد ـ بلا خلاف كما قيل ـ بل حكاية الإجماع عليه مستفيضة ، وان كان قبل القبول فكذلك على المشهور شهرة عظيمة بل يجب عليه القبول ، بل عن صريح (الغنية) وظاهر (الدروس) الإجماع عليه ، وهو الحجة ، مضافا الى النص المتقدم بعد معلومية عدم مدخلية غيبته إلا من حيث عدم بلوغ الرد معه غالبا ، والى صحيح محمد بن مسلم أو حسنه بإبراهيم بن هاشم ـ كما قيل ـ : «عن عبد الله (ع) قال :

إن أوصى رجل الى رجل ـ وهو غائب ـ فليس له أن يرد وصيته. وان أوصى اليه ـ وهو في البلد ـ فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل» (١) وهو كسابقه في الكناية عن عدم البلوغ اليه و «الرضوي» :

إذا أوصى رجل الى رجل وهو شاهد فله أن يمتنع من قبول الوصية.

وان كان الموصى إليه غائبا ومات الموصي من قبل أن يلتقي مع الموصى إليه فإن الوصية لازمة للموصى اليه» (٢) مع أن الرد بعد القبول إذا لم يبلغه مستلزم للتغرير الممنوع عنه شرعا وعقلا

__________________

(١) الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ٢٣ من أحكامها ، حديث (١).

(٢) راجع ذلك من (الفقه الرضوي) في أوائل باب الوصية للميت.

١٧٥

خلافا لما عن (المختلف) و (التحرير) و (المسالك) فجوزوا الرد قبل القبول مطلقا ، ولو بعد الموت ، للأصل المانع عن إثبات حق على الموصى اليه على وجه قهري ، وكون الموصي مسلطا على تنفيذ وصايته على الغير بغير اختياره الموجبين للضرر والحرج المنفيين آية ورواية.

وهو جيد إلا انه ـ كما ترى ـ اجتهاد في مقابل النصوص المعتبرة المعمول بها. فظهر وجوب القبول بعد موت الموصى وقبله مع عدم بلوغ الرد وعدم تأثير الرد معه مطلقا قبل القبول وبعده.

والله العالم بحقائق أحكامه تم ما أردنا بيانه من كتاب الوصية والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.

١٧٦

رسالة في المواريث

١٧٧

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على كل حال ، وبن نستعين

١٧٨

كتاب المواريث

والكلام فيه يتم في ضمن مقدمات ، ومباحث ، ولواحق :

(المقدمة الأولى في موجبات الإرث)

وهي : إنما نسب أو سبب. والثاني قسمان : زوجيّة وولاء. والثاني أصناف ثلاثة : ولاء المعتق ، وولاء ضامن الجريرة ، وولاء الإمام.

أما النسب فهو اتصال الشخصين بالولادة شرعا : إما بانتهاء أحدهما إلى الآخر ، ولو بوسائط كثيرة ، أو بانتهائهما إلى ثالث مع صدق القرابة عرفا ، وإلّا لعمّ النسب وبطل الولاء ، لانتهاء الكل الى آدم (ع).

فيخرج بقولنا (شرعا) ولد الزنا ، ويدخل فيه المولود من الشبهة ونكاح أهل الملل الفاسدة ، وبقيد (الصدق عرفا) في الحاشية : من كان بعيدا لكثرة الوسائط بحيث يخرج عرفا عن كونه قريبا.

فللنسب عمود ، وحاشية فالعمود : هو الانتهاء إلى الغير من الآباء وان علوا ، والأبناء وان نزلوا ، وإن تكثرت الوسائط.

وحاشية النسب : هو الانتهاء مع الغير الى ثالث : فان كان بلا واسطة فهم الأخوة ذكرانا أو إناثا ، وأولادهم أولاد الأخوة.

وإن كان بواسطة واحدة كان عما أو عمة وخالا أو خالة حقيقة فالعم أخو الأب ، والعمّة أخته ، والخال أخو الأم ، والخالة أختها.

وان كان بواسطتين ، فهو عم الأب ، وأخته عمّته ، وخال الام وأخته خالتها

١٧٩

وان تكثرت الوسائط كان الذكر عمّ الجدّ والجدة أو خالهما ، والأنثى عمّتهما أو خالتهما.

والولاء لا تقدير فيه أصلا.

والمصاهرة فيها تقدر على كل تقدير ، فان الزوج له النصف على تقدير والربع على تقدير آخر ، والزوجة لها الربع أو الثمن كذلك.

والأرحام : منهم كالولاء في عدم التقدير أصلا ، وهم : الذكور من الأولاد منفردين أو منضمين الى البنات. ومنهم كالمصاهرة في التقدير على كل تقدير ، وهم : الأم فإن لها الثلث مع عدم الحاجب ، والسدس معه ، وكلالتها ، فلها السدس إن اتّحدت ، والثلث إن تعددت ، ومنهم من له تقدير على تقدير وليس له على تقدير آخر ، كالبنت والبنتين والأخت والأختين من الأبوين أو من الأب مع فقد المتقرب بهما ، فلها النصف أو الثلثان مع عدم الذكر ، ولا تقدير لهن معه ، وكالأب مع الولد ، فله السدس ولا تقدير له مع عدمه.

ثم النسب : له طبقات ثلاثة ولكل طبقة درجات لا تشارك اللاحقة سابقتها ، ولكل طبقة ـ عدا الثالثة ـ صنفان يتشاركان في الإرث لا يمنع أحدهما الآخر.

فالطبقة الأولى : الأبوان من غير ارتفاع ، والأبناء وان نزلوا ، غير أن ولد الولد لا يشارك الولد ، وولد الميت يشارك أباه وأمه ، ولا يشاركه أجداده وجدّاته.

والطبقة الثانية : الأخوة وأولادهم ، وان نزلوا ، والأجداد وان علوا ، إلا أن الدرجة العالية من الأولاد تمنع النازلة ، والدانية من الأجداد تمنع العالية ، لما عرفت من أن لكل صنف درجات ، ولا يمنع القريب من أحد الصنفين البعيد من الآخر.

١٨٠