خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-85-X
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٣٩٤

من قم إلى مكّة المشرّفة ، تلقّياه عن آبائهما يدا بيد ، إلى الإمام عليه‌السلام ، فيخرج بذلك عن حدود الأخبار الحدسيّة ، وهذا أمر غير عزيز.

هذا ابن شهرآشوب ذكر في مناقبه : إنّ العهد الذي كتبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحيّ سلمان بكازرون ، موجود فيه إلى هذا العصر ، ويعملون به (١).

وذكر القطب الراوندي في دعواته : إنّ المكتوب الذي كتبه مولانا الرضا عليه‌السلام لجمّاله ، الذي حمله إلى طوس لمّا استدعاه منه ليتبرّك به ، ـ وكان من أهل كرمند (٢) ـ هو موجود إلى الآن. ونقل رحمه‌الله ما في المكتوب (٣) ، وهو خبر شريف ، ولعلّ الجماعة ، لضنّتهم به ما أفشوه ، خوفا من خروجه من أيديهم ، خصوصا من أهل قم فإنّهم الذين سلبوا دعبل ، وأخذوا جبّة الرضا عليه‌السلام منه قهرا ، للتبرّك والاستشفاء بها ، فكيف لو اطّلعوا على مثل هذا الكتاب ، الذي عليه خطّه عليه‌السلام في جملة من المواضع!؟

ثمّ إنّ خطّه عليه‌السلام أيضا في ذلك العصر لم يكن بذلك العزيز ، الذي لا يعرفه أحد ، وقد كان بأيدي الناس كتاب الله المجيد بخطّه عليه‌السلام ، وهو موجود الآن في خزانة كتبه الشريفة ، فمن الممكن أنّهم عرفوا أنّه خطّه عليه‌السلام لمعرفتهم بخطّه عليه‌السلام ، والله العالم.

الثاني : إنّ الفاضل الخبير ، الآميرزا عبد الله الأصفهاني قال في رياض العلماء : السيّد السند الفاضل ، صدر الدين علي خان المدني ، ثمّ الهندي الحسيني الحسني ، ابن الأمير نظام الدين أميرزا أحمد بن محمد معصوم (٤) ابن

__________________

(١) المناقب لابن شهرآشوب ١ : ١١١.

(٢) كذا ، ولعل الصحيح كرند ، إذ لم نعثر على كرمند ، ولا گرمند علما للمكان في المعاجم الفارسية وغيرها.

(٣) الدعوات المطبوع خال منه وكذا النوادر.

(٤) في المخطوطة والحجرية : محمد بن معصوم ، والظاهر كون الابن زيادة ، فلاحظ.

٢٤١

السيّد نظام الدين أحمد بن إبراهيم بن سلام الله بن عماد الدين مسعود بن صدر الدين محمد بن السيّد الأمير غياث الدين منصور بن الأمير صدر الدين محمد الشيرازي ـ الى أن قال ـ هو ابن إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن عليّ بن عربشاه بن أمير أنبه بن أميري بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن زيد الاعثم ابن عليّ بن محمد بن عليّ أبي الحسن نقيب نصيبين ابن جعفر بن أحمد السكين بن جعفر بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب عليهم‌السلام.

الى أن قال : ثمّ اعلم أنّ أحمد السكين ، وقد يقال أحمد بن السكين ، هذا الذي قد كان في عهد مولانا الرضا صلوات الله عليه ، وكان مقرّبا عنده في الغاية ، وقد كتب الرضا عليه‌السلام لأجله كتاب فقه الرضا عليه‌السلام ، وهذا الكتاب بخطّ الرضا عليه‌السلام موجود في الطائف بمكّة المعظّمة ، في جملة كتب السيّد علي خان المذكور ، التي قد بقيت في بلاد مكّة ، وهذه النسخة بالخطّ الكوفي ، وتاريخها سنة مائتين من الهجرة ، وعليها إجازات العلماء وخطوطهم ، وقد ذكر الأمير غياث الدين ـ المذكور نفسه ـ أيضا في بعض إجازاته بخطّه هذه النسخة ، ثمّ أجاز هذا الكتاب لبعض الأفاضل ، وتلك الإجازة بخطّه أيضا ، موجودة في جملة كتب السيّد علي خان ، عند أولاده بشيراز ، انتهى (١).

وفيما ذكره فوائد :

الاولى : إنّ هذه النسخة التي صرّح بأنّها كانت بخطّه عليه‌السلام ، غير النسخة التي كانت في قم ، كما لا يخفى.

الثانية : إنّها أيضا كانت معلّمة بإجازات العلماء وخطوطهم ، وليس في علمائنا من القديم الى الآن من هو أعرف بأحوال العلماء وخطوطهم ، من

__________________

(١) رياض العلماء ٣ : ٣٦٣.

٢٤٢

الفاضل المذكور ، فتراه يذكر في أكثر التراجم أنّه رأى كتابه الفلاني ، وإجازته لفلان ، في البلد الفلاني ، عند فلان ، ويصف خطّه بالجودة أو الرداءة ، فما كان يخفى عليه حال المجيز وخطّه.

والثالثة : إنّ النسخة كانت عند جدّه الأعلى ، الأمير غياث الدين منصور ، الذي يعبّر عنه بغوث العلماء ، وغياث الحكماء ، صاحب التصانيف المعروفة المتداولة ، المعاصر للمحقّق الثاني ـ رحمه‌الله ـ المتوفّى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة.

فقول بعض السادة من العلماء المعاصرين : إنّ أوّل من ذهب الى ذلك ـ أي في كون الكتاب من تأليفه ـ وأصرّ في ترويجه ، رجل فاضل محدّث ، كان يقال له : القاضي أمير حسين ، وهو الذي أظهر أمر هذا الكتاب ، وجاء به من مكّة المشرّفة الى أصبهان ، في عصر الفاضلين المجلسيّين ، وأراهما إيّاه ، وقبل ذلك لم يوجد منه عين ولا أثر ، بين محقّقي أصحابنا ، انتهى (١).

ناشئ من عدم الاطّلاع ، وقلّة التجسس ، وهذا غير غريب ، إنّما الغريب أنّ أخاه السيد الجليل ، صاحب روضات الجنّات ـ طاب ثراه ـ الذي هو من المنكرين ـ حتّى قال في ترجمة السيّد الكركي الآتي ذكره : إن المجلسي الأوّل هو الباعث على إيقاظ هذه الفتنة النائمة (٢) ،. إلى آخره ـ نقل العبارة السابقة عن الرياض كما نقلناه ، ولم يزد في ردّه ، إلاّ أن قال : وهو غريب.

ولعمري لو كان له سبيل إلى ردّه ، بتكذيب صاحب الرياض ، أو غياث الحكماء لفعل.

ثمّ لا يخفى أنّ أحمد السكين المذكور ، داخل في سلسلة الأسانيد ، فقال السيّد الفاضل المذكور : السيد علي خان فيما جمعه من أخبار المسلسلة بالآباء :

__________________

(١) رسالة في تحقيق فقه الرضا عليه‌السلام : ٣.

(٢) روضات الجنات ٢ : ٣٣٦.

٢٤٣

حدّثني والدي السيّد الأجلّ أحمد نظام الدين ، عن والده السيّد الجليل محمد معصوم ، عن شيخه المحقّق المولى محمّد أمين الأسترابادي ، عن شيخه طراز المحدّثين الميرزا محمد الأسترابادي ، عن السيّد أبي محمد محسن ، قال : حدّثني أبي عليّ شرف الآباء ، عن أبيه منصور غياث الدين أستاذ البشر ، عن أبيه محمد صدر الحقيقة (١) ، عن أبيه إبراهيم شرف الملّة ، عن أبيه محمّد صدر الدين ، عن أبيه إسحاق عزّ الدين ، عن أبيه عليّ ضياء الدين ، عن أبيه عربشاه زين الدين ، عن أبيه أبي الحسن أميران به نجيب الدين ، عن أبيه أميري خطير الدين ، عن أبيه أبي عليّ الحسن جمال الدين ، عن أبيه أبي جعفر الحسين العزيزي ، عن أبيه أبي سعيد عليّ ، عن أبيه أبي إبراهيم زيد الأعشم ، عن أبيه أبي شجاع عليّ ، عن أبيه أبي عبد الله محمد ، عن أبيه عليّ ، عن أبيه أبي عبد الله جعفر ، عن أبيه أحمد السكين ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه السيّد محمد المحروق ، عن أبيه أبي جعفر محمد ، عن أبيه زيد الشهيد ، عن أبيه عليّ زين العابدين عليه‌السلام ، عن أبيه الحسين سيّد الشهداء عليه‌السلام ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ، وقد سئل بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج ، قال : خاطبني بلسان عليّ عليه‌السلام » الخبر (٢).

ثمّ شرح الحديث ، وساق تمام خمسة (٣) أحاديث مسلسلة بالآباء ، بسبعة

__________________

(١) نسخة بدل : الدين.

(٢) ورد في هامش الطبعة الحجرية ما نصه : تمامه : فألهمني أن قلت : يا ربّ خاطبتني أم علي؟ فقال : يا أحمد أنا شيء ليس كالأشياء ، لا اقاس بالناس ، ولا أوصف بالشبهات ، خلقتك من نوري ، وخلقت عليا من نورك ، اطّلعت على سرائر قلبك ، فلم أجد في قلبك أحبّ من عليّ بن أبي طالب ، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك. ( منه قده )

(٣) جاء في حاشية المخطوطة : اختصاص السيد الجليل السيد علي خان شارح الصحيفة بمزية خمسة أحاديث مسلسلة بالآباء بسبعة وعشرين أبا وهو من خصائصه وليس في أخبار الخاصة ولا العامة له نظير فطوبى له.

٢٤٤

وعشرين أبا ، وهو من خصائصه ، وليس في أخبار الخاصّة ، ولا العامّة ، له نظير.

إذا عرفت ذلك ، فاسمع لما نتلوه عليك ، من كلام العلاّمة الطباطبائي قدس‌سره في فوائده ، قال : وقد اتّفق لي في سنّي مجاورتي المشهد المقدّس الرضويّ ، على مشرّفه سلام الله العليّ ، إنّي وجدت في نسخة من هذا الكتاب ، من الكتب الموقوفة على الخزانة الرضويّة ، أنّ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام ، صنّف هذا الكتاب لمحمد بن السكين ، وإنّ أصل النسخة وجدت في مكّة المشرّفة ، بخطّ الإمام عليه‌السلام ، وكان بالخطّ الكوفي ، فنقله المولى المحدّث الآميرزا محمد ـ وكان صاحب الرجال ـ الى الخطّ المعروف ، ومحمد بن السكين في رجال الحديث رجل واحد ، وهو محمد بن السكين بن عمّار النخعي الجمّال ، ثقة له كتاب ، روى أبوه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قاله النجاشي في كتابه (١). وفيه ، وفي الفهرست (٢) : إن الطريق إليه إبراهيم بن سليمان ، وهو إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن حيّان.

والطبقة تلائم كونه من أصحاب الرضا عليه‌السلام. قيل : وروى عنه ابن أبي عمير ، وهو من أصحاب الرضا عليه‌السلام والجواد عليه‌السلام ، فيكون محمد بن سكّين من كبار أصحاب الرضا عليه‌السلام ، وهذا النقل وإن لم نجده لأحد من المعتبرين ، إلاّ أنّه تلوح عليه آثار الصدق فيصلح لتأييد ما تقدّم ، انتهى (٣).

وأنت بعد التأمّل في كلام صاحب الرياض ، وما نقله ـ طاب ثراه ـ عن

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٦١ / ٩٦٩.

(٢) الفهرست : ١٥١ / ٦٤٤.

(٣) فوائد السيد بحر العلوم : ١٥٠.

٢٤٥

النسخة الرضويّة ، لا تكاد تشكّ أنّ هذه النسخة الرضويّة استنسخت من النسخة التي كانت عند شارح الصحيفة ، وآبائه الأجلاّء الكرام.

والظاهر بل المقطوع أنّ محمدا تصحيف أحمد ، إما ممّن نقلها من الخطّ الكوفي إلى العربي ، أو من الناسخ ، وعليه فما تكلّفه من تحصيل وثاقته ، وملاءمة طبقته ، في غير محلّه. وأمّا أحمد السكين ، فهو في طبقته عليه‌السلام ، لأنّ بينه وبين السجّاد عليه‌السلام ثلاثة من الآباء ، بعدد ما بينهما عليهما‌السلام منها.

وعندي مجموعة شريفة ، فيها الإيضاح ، والخلاصة ، وابن داود ، والفهرست ، ومعالم العلماء ، والمنتخب ، وجملة من الإجازات كانت لبعض العلماء ، من أولاد الأمير سلام الله ، المذكور في آباء السيد المذكور ، وجملة منها بخطّه وقد صحّحها ، وعليها حواش منه ، وفي آخرها إجازة له من بعض العلماء ، ومدحه فيها بقوله : وقد استجاز من الفقير الحقير : السيّد السند ، الحسيب النسيب النقيب ، ذو المجدين ، وصاحب الرئاستين ، خيرة نجل سيّد المرسلين ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليهم أجمعين ، وخلاصة سلالة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الأمير معين الدين محمد بن المغفور المبرور شاه أبو تراب بن أمير سلام الله. إلى آخره.

وفي ظهر الإجازة كتب الأمير معين الدين المذكور نسبه بخطه ، وساقه كما ذكرنا ، إلاّ أنّه قال : معين الدين محمد بن عماد الدين محمود ـ الشهير بأبي تراب ـ الى آخره ، وبالغ في مدح أحمد السكين ، ولم يتعرّض لمدح غيره ، قال : زيد الأعشم بن عليّ بن محمد بن علي بن جعفر بن قدوة المتّقين ، برهان ذوي اليقين ، الشاهر سيفه في نصر الدين ، أبي جعفر أحمد السكّين ، إلى أخره. وتاريخ الإجازة المذكورة سنة ٩٩٤.

وفي رياض العلماء ، في ترجمة شارح الصحيفة ، بعد أن ساق نسبه كما تقدّم ، قال في الحاشية : ويظهر من طيّ بعض المواضع نسبه ، كما رأيته بخطّ

٢٤٦

بعض (١) أفاضل هذه السلسلة المباركة ، وكان تأريخ ذلك الخطّ سنة ٩٨٢ (٢) ، هكذا : وهو الأمير معين الدين محمد بن محمود ، وساق الى قوله : عليّ بن جعفر ابن قدوة المتّقين ، برهان ذوي اليقين ، نصير الدين أبي جعفر أحمد السكين. إلى آخره (٣).

ونقل في إجازات البحار صورة لخط إجازة الأمير صدر الدين محمد بن الأمير غياث الدين منصور الحسيني الشيرازي الدشتكي (٤) ، للسيد الفاضل عليّ بن القاسم الحسيني اليزدي ، وهي إجازة لطيفة حسنة ، وفيها بعد ذكر سنده المعنعن بالآباء كما تقدّم ، قال : ثمّ إنّ أحمد السكين جدّي صحب الإمام الرضا عليه‌السلام ، من لدن كان بالمدينة إلى أن اشخص تلقاء خراسان ، عشر سنين ، فأخذ منه العلم ، وإجازته عليه‌السلام عندي ، فأحمد يروي عن الإمام الرضا عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا الإسناد أيضا ممّا انفرد به لا يشركني فيه أحد ، وقد خصّني الله تعالى بذلك ، والحمد لله (٥).

ومن جميع ذلك ظهر أنّ أمارات الوثوق والاعتماد بهذه النسخة المكّية أزيد من النسخة القميّة ، فلاحظ وتأمّل.

الثالث : ما في فوائد العلاّمة المذكور ، قال : وممّا يؤيده ويؤكّده ، أنّ الشيخ الجليل منتجب الدين ، وهو الشيخ أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن الحسن ابن الحسين بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن بابويه القميّ ، قال في رجاله الموضوع لذكر العلماء المتأخّرين عن الشيخ الطوسي قدس‌سره ـ ما هذا لفظه :

__________________

(١) لم ترد في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة : سنة ٩٨٣.

(٣) رياض العلماء ٣ : ٣٦٤.

(٤) في المخطوطة : الأشتكي.

(٥) بحار الأنوار ١٠٨ : ١٢٤ ـ ١٢٨.

٢٤٧

السيد الجليل محمد بن أحمد بن محمد الحسيني ، صاحب كتاب الرضا عليه‌السلام ، فاضل ، ثقة. كذا في عدّة نسخ مصحّحة من رجال المنتجب (١). وفي كتاب أمل الآمل ، نقلا عنه (٢).

والظاهر أنّ المراد بكتاب الرضا عليه‌السلام هو هذا الكتاب ، وأمّا الرسالة المذهّبة ، المعروفة بالذهبيّة ، وطبّ الرضا عليه‌السلام ، فهي عدّة أوراق في الطبّ ، صنّفها الرضا عليه‌السلام للمأمون وإرادتها من هذه العبارة في غاية البعد ، والمراد بكونه صاحب كتاب الرضا عليه‌السلام ، وجود نسخة الأصل عنده ، أو انتهاء إجازة الكتاب إليه ، لا أنّه روى هذا الكتاب عنه بلا واسطة ، أو أنّه صنّفه له ، فإنّه من العلماء المتأخّرين ، الذين لم يدركوا أعصار الأئمّة عليهم‌السلام ، فهذا بناء ما عندي ، وبناء من قبلي في هذا الكتاب ، انتهى (٣).

وردّه في الفصول بقوله : وأمّا ما ذكره البعض في محمد بن أحمد ، من أنّه صاحب كتاب الرضا عليه‌السلام فلا دلالة فيه على أنّ إجازة هذا الكتاب منتهية إليه ، لجواز أن يكون المراد به بعض رسائله عليه‌السلام ، ممّا رواه الصدوق في العيون ، ولو سلم أنّ المراد به الكتاب المذكور ، فلا دلالة في كونه صاحبه على إنّه كان يرويه بطريق معتبر لجواز أن يكون واجدا له ، أو راويا بطريق غير معتبر ، انتهى (٤).

وقال بعض العلماء المعاصرين ، بعد ذكر كلام السيد في جملة القرائن ما لفظه : وامّا ما مرّ من أنّ الشيخ منتجب الدين. الى

__________________

(١) فهرست منتجب الدين ١٧١ / ٤١٢.

(٢) أمل الآمل ٢ : ٢٤٢ / ٧١٤.

(٣) فوائد السيد بحر العلوم : ١٥٠.

(٤) الفصول الغروية : ٣١٣.

٢٤٨

آخره ، فلا يظهر منه غير أنّ له مصنّفا له تعلّق بمولانا الرضا عليه‌السلام ، كعيون اخبار الرضا عليه‌السلام ، وصحيفة الرضا عليه‌السلام ، التي رواها ( الطبرسي ، وفيها أخبار جميلة ، كما أنّ الظاهر من قولهم فلان صاحب كذا أنّه مصنّفه ) (١) مع أنّه يحتمل قويّا أن يكون المراد بالرضا معناه اللغوي ، فإنّه كثيرا ما يسمّي المصنّفون كتبهم بنظائر ذلك ، لكنّه لا يخلو عن تأمّل ، فما ذكره بعضهم من أنّ كونه صاحب كتاب الرضا عليه‌السلام ، باعتبار أنّه ممّن وجدت عنده نسخته ، أو انتهت إليه إجازة الكتاب ، ففي غاية البعد ، انتهى.

قلت : وفيهما مواقع للنظر :

أمّا أوّلا : فإنّ السيد ـ رحمه‌الله ـ لم يتمسّك بكلام المنتجب دليلا على. فيردّ بإبداء الاحتمالات المذكورة فيه ، وإنّما ذكره تأييدا وأمارة على ما هو المرسوم عند المشايخ ، في أمثال هذا المقام ، من ذكر القرائن والأمارات التي تورث الوثوق والاطمئنان من تراكمها ، وإن تطرّق في كلّ واحدة احتمال يضعّف الظنّ الحاصل منها ، ولا يكترثون به بعد وجود ما يحصل بانضمامه قوّته ، وعليه مدار الظنون الرجاليّة في مقام التعديل ، والمدح ، والجرح ، وتمييز المشتركات ، وتشخيص الطبقات ، مع إمكان إبداء جملة من الاحتمالات في آحاد ما ساقوه من الامارات ، والقرائن.

وأمّا ثانيا : فلأنّ الظاهر من الكلام المذكور ، مع قطع النظر عن كلّ شبهة ، أنّ للرضا عليه‌السلام كتابا والسيد المذكور صاحبه ، وتوصيف الرجل بأنّه صاحب كتاب الغير ، لا يكون إلاّ بما ذكره رحمه‌الله من وجود نسخة الأصل عنده ، وعدم وجودها عند غيره ، أو انتهاء السند إليه ، وكلّ ما ذكراه خلاف الظاهر.

وأمّا ثالثا : فما ذكره من جواز كونه بعض رسائله. الى آخره ، ففيه إنّه ليس

__________________

(١) ما بين قوسين لم يرد في المخطوطة.

٢٤٩

في العيون ممّا أخرج مفردا ، إلاّ الأخبار المنثورة ، التي أخذها من صحيفة الرضا عليه‌السلام ، وقد مرّ في حالها ما يمكن به القطع بكونه غير مراد هنا.

وأمّا رابعا : فما ذكره السيّد المعاصر ـ سلّمه الله ـ بقوله : فلا يظهر منه غير أنّ له مصنّفا له تعلّق ، إلى آخره ، كلام صدر من غير تأمّل ، فإنّه ليس في المنتجب أنّ له كذا وكذا ، كما هو رسمه في سائر التراجم ، وإنّما قال : محمد بن أحمد بن محمد الحسيني ، صاحب كتاب الرضا عليه‌السلام (١) ، ولا دلالة له على أنّه مؤلّفه ، وإلاّ لقال : له كتاب الرضا عليه‌السلام.

نعم قد يعبّرون عن المؤلّف بالصاحب إذا اشتهر الكتاب ، وأرادوا تشخيص صاحبه ، إذ ليس له معرّف غيره ، لا في كتاب لم يكن معروفا عندهم ، ولا في مقام أضافوا الكتاب الى الغير الظاهر كونه من تأليفه ، أو إملائه ، ثمّ إنّ ما قوّاه من الاحتمال ، ثمّ تأمّل فيه كان حريّا بأن يمحا من الرسالة ، خصوصا في مقام ردّ من هو فوق ما يحوم الخيال حوله من الجلالة.

وأمّا خامسا : فما في الأوّل من أنّه لا دلالة في كونه صاحبه على أنّه يرويه ، الى آخره ، ففيه إنّ كلام السيد الأجلّ ، خال عن دعواه ، وتسليم كون الكتاب له عليه‌السلام رواه عنه عليه‌السلام السيد المتقدّم ، ولو بطريق غير معتبر كاف للتأييد ، والتقوية ، وحصول الظنّ بكون الموجود له عليه‌السلام ، وهذا هو ما ادّعاه. مع أنّ بعد فرض التسليم ، وظهور كلام صاحب المنتجب ، في معهوديّة وجود كتاب له عليه‌السلام يصير السيّد ومشايخه من مشايخ الإجازة ، وللأصحاب فيها كلام معروف من أنّهم لا يحتاجون إلى التزكية والتوثيق ، أو كون الرجل من مشايخ الإجازة من أمارات الوثاقة ، أو تفصيل بين المشايخ ليس هنا مقام ذكره ، فراجع.

الرابع : ما ذكره السيّد المحدّث ، السيّد نعمة الله الجزائري ، في المطلب

__________________

(١) فهرست منتجب الدين : ١٧١ / ٤١٢.

٢٥٠

السادس من مطالب مقدّمات شرح التهذيب ، قال في جملة كلام له : وكم قد رأينا جماعة من العلماء ، ردّوا على الفاضلين بعض فتاويهما بعدم الدليل ، فرأينا دلائل تلك الفتاوى في غير الأصول الأربعة ، خصوصا كتاب الفقه الرضوي ، الذي اتي به من بلاد الهند في هذه الأعصار إلى أصفهان ، وهو الآن في خزانة شيخنا المجلسي ـ أدام الله أيّامه ـ فإنّه قد اشتمل على مدارك كثيرة للأحكام ، وقد خلت منها هذه الأصول الأربعة وغيرها ، انتهى.

وظاهره أنّ هذه نسخة اخرى غير التي كانت في قم ، وهذا ممّا يؤيّد الوثوق والاطمئنان.

واعترض السيّد العالم المعاصر ، فقال : وأيضا فإنّ الظاهر أنّ مرجع كلّ ما حكاه المولى الفاضل المجلسي ، عن الشيخين المذكورين ، وما قاله السيّد الفاضل الجزائري ، وما نبّه عليه سيّدنا بحر العلوم ، إلى النسخة التي ظفر عليها القاضي أمير حسين بمكّة المشرّفة ، وكأنّها ظهرت في قم ، وذهب بها بعض أهلها إلى جانب البيت المعظّم والهند ، ثم انتشر المنتسخ منها بأصبهان ، والمشهد المقدّس الرضوي.

إلى أن قال : وأيضا لو كانت النسخة التي أشار إليها المحدّث الجزائري ، وذكر أنّها في خزانة المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ غير ما جاء السيّد المتقدّم بها إليه ، لكان المولى المذكور أولى بأن يذكر ذلك في مقدّمات بحاره ، حيث تصدّى لتنقيحه وتأييده ، ونحن قد لاحظنا مظانّ ذلك في البحار ، ولم نقتصر على المقدّمات خاصّة ، ولم نجد لذلك عينا ولا أثرا ، ولا يخفى أنّ المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ قد ذكر جملة ممّا ظفر عليه في أواخر عمره ، في المجلّد الأخير من البحار ، ونحن كلّ ما تأمّلناه لم نجد ذلك فيه أيضا ، انتهى (١).

قلت : استظهار اتّحاد النسخ الثلاث ممّا يكذّبه الوجدان :

__________________

(١) رسالة في تحقيق حال فقه الرضا عليه‌السلام للخوانساري : ٢٩.

٢٥١

أمّا أوّلا : فلأنّ النسخة المكّيّة كانت عند السيّد علي خان بالطائف ، وكانت عند جدّه الأعلى مير غياث الدين ، كما صرّح به صاحب الرياض ، وكانت داخلة في مرويّاته ، والظاهر أنّها وصلت إليه بالوراثة ، ولا أستبعد أن يكون السيّد محمد ـ الذي ذكر في المنتجب أنّه كان صاحب الرضا عليه‌السلام ـ من هذه السلسلة الشريفة ، فإنّه أيضا كان حسينيّا كشارح الصحيفة ، وكان عالمها في عصره ، المناسب لكون النسخة عنده ، والله العالم.

وأمّا النسخة القميّة فجاء بها الحجّاج من قم إلى مكّة ، ولو كان بدل بلد قم شيراز لكان للاستظهار وجه.

وأمّا ثانيا : فلأنّ المكّيّة كانت بخطّه عليه‌السلام ، والقميّة بخطّ غيره ، وقد رسم في بعض مواضعها بخطّه عليه‌السلام ، كما صرّح به التقيّ المجلسي ـ رحمه‌الله ـ.

وأمّا ثالثا : فلمّا مرّ من أنّه كان في المكّية مرسوما ، إنّه عليه‌السلام كتبه لأحمد السكين المقرّب عنده ، ولو كان في القيمية ذلك ، لأشار إليه مولانا التقيّ في شرح الفقيه ، لشدّة حرصه على نقل كلّ ما كان له ربط وتعلّق بالكتاب ، ولذكر تأريخه ، وإنّه كان بالخطّ الكوفي ، كما ذكر في المكّية.

وأمّا رابعا : فلأنّ السيّد الجزائري كان تلميذ العلاّمة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ ، وصرّح سبطه السيّد عبد الله ـ شارح النخبة ـ في إجازته الكبيرة ، في طيّ أحوال جدّه : أنّه أحلّه منه محلّ الولد البارّ من الوالد المشفق الرؤوف ، والتزمه بضع سنين لا يفارقه ليلا ولا نهارا. إلى آخره (١).

أتراه يخفى عليه ما كتبه أستاذه في أوّل البحار ، وقبله والده في موضعين من شرح الفقيه ، من حال هذه النسخة فيعرض عنه ، ويذكر النسخة التي جاؤوا بها من الهند ، وهي فرعها ، أو فرع فرعها ، ويترك ذكر ما شهد مشايخه

__________________

(١) الإجازة الكبيرة للسيد عبد الله الجزائري : ١٦.

٢٥٢

بأنّه ينتهي الى الأصل بواسطة واحدة!؟ هذا بعيد في الغاية.

وأمّا خامسا : فلأنّ عدم ذكر المجلسي له في المقدّمات ، لعدم عثوره عليها في وقت تأليف المجلّد الأوّل ، ولم يكن كتاب آخر يحتاج إلى الذكر والتثبّت ، وإنّما هي هي ، مع اختلاف ينبئ عن عدم اتّحاد أصلهما ، ولم يعهد من المجلسي ـ رحمه‌الله ـ الإشارة إلى اختلاف النسخ ، مع أنّه كان عنده من الكتب نسخ مختلفة بالزيادة والنقصان وغيرها ، من كتاب وأصل ، ولم يتعرّض له في المقدّمات ، وإنّما أشار إليه في محلّه.

وأمّا سادسا : فقوله : ونحن قد لاحظنا مظانّ ذلك ، ولم نقتصر على المقدّمات خاصّة الى آخره ، فإنّه ـ سلّمه الله ـ لو استقصى النظر ما صدر عنه ما ذكر ، ونحن نذكر ما صرّح به في البحار ، الكاشف عن بطلان الاستظهار.

قال ـ رحمه‌الله ـ في المجلد الحادي والعشرين من البحار ، وهو كتاب الحجّ والجهاد ، بعد ما فرغ من أبواب أعمال الحجّ ، وفرّق ما في النسخة المشهورة من الرضوي في الأبواب المناسبة له ، قال : باب سياق مناسك الحج ، أقول : وجدت في بعض نسخ الفقه الرضوي فصولا في بيان أفعال الحجّ وأحكامه ، ولم يكن فيما وصل إلينا من النسخة المصحّحة ، التي أوردنا ذكرها في صدر الكتاب ، فأوردناه في باب مفرد ، ليتميّز عمّا فرّقناه على الأبواب.

فصل : إذا أردت الخروج الى الحجّ ، الى آخره ، انتهى (١).

ولا يخفى على الناظر البصير أنّ هذه النسخة هي النسخة الهنديّة ، ولو فرض أنّها أخذت من المكّيّة ، وصارت الثلاثة اثنتان ، لكان كافيا في بطلان استظهار الاتّحاد.

وقال في أوائل مجلّد المزار : وجدت في بعض نسخ الفقه الرضوي على من نسب إليه السلام : روي عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام أنّه قال :

__________________

(١) بحار الأنوار ٩٩ : ٣٣٣.

٢٥٣

« يستحب إذا قدم المدينة ، مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١) ، الى آخر ما تقدّم في أبواب المزار من كتاب الحج ، ولا يوجد في النسخ المعروفة ، وإنّما هو موجود في النسخة الأخرى في الباب المذكور ، فلاحظ.

وأمّا سابعا : فقوله : ولا يخفى أنّ المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ الى آخره ، غريب ، فإنّه ـ رحمه‌الله ـ كلّما عثر عليه من الكتب في طول تأليف البحار ، استدركه في المقدّمات ، ولذا اختلفت المقدّمات بالزيادة والنقصان ، وشرحنا ذلك في رسالتنا الموسومة بالفيض القدسي في أحواله ، ولم يذكر في المجلّد الأخير من ذلك قليلا ولا كثيرا ، نعم أورد فيه كتابا كتبه إليه بعض تلاميذه ، فيه فهرست الكتب التي ينبغي أن تلحق بالبحار ، وهذه الكتب جملة منها موجودة في مقدّمات البحار ، ونسي ـ رحمه‌الله ـ أن ينقل منها ، أو نقل منها قليلا ، وجملة كانت عنده ثمّ ألحقها ، واخرى عند غيره من فضلاء عصره ، وكيف كان فلم يقتصر فيه على ما عثر عليه في آخر عمره.

وقد عرفت الجواب عن وجه عدم ذكر النسخة الهنديّة فيه.

الخامس : ما في رياض العلماء ، وتذكرة الشعراء ، في ترجمة ناصر خسرو ، الحكيم الشاعر المعروف ، المدّعي انتهاء نسبه إلى الرضا عليه‌السلام ، هكذا : ناصر بن خسرو بن حارث بن عليّ بن حسن بن محمد بن عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام ـ المرمي بالتسنّن ، والزيديّة ، والزندقة ، والإسماعيليّة ، والإلحاد ـ الأصفهاني البلخي ، قال في رسالته التي ألّفها في شرح حاله ، من أوّل عمره الى أيّام وفاته ، من كيفيّة تحصيله ، ورياضاته ، ووزارته ، وغير ذلك ، قال ما حاصل ترجمته : ومن حدّ سبعة عشر سنة من عمري إلى خمسة عشر سنة أخرى اشتغلت بعلم الفقه ، والتفسير ، ومعرفة الناسخ والمنسوخ ، ووجوه القراءات ، والجامع الكبير ، والسير الكبير ، الذي صنّفه

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٠ : ١٥٩.

٢٥٤

الامام الأعلم ، الزكيّ الأقدم ، محمد بن الحسن الشيباني الحنفي ، وكتاب الشامل ، الذي صنّفه جدّي عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام ، أخذته مصاحبا لنفسي ، ووجدت التفاوت بينهما ـ يعني تصنيف الامام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام ، وتصنيف محمد الشيباني ـ وقرأت نسخا كثيرة من كتب الفقه ، والأخبار المتداولة ، انتهى.

قال في الرياض ـ بعد نقل تمام الرسالة ـ ثمّ أقول : مراده من الكتاب الشامل ـ الذي نسبه نفسه إلى جدّه الرضا عليه‌السلام ـ على الظاهر في الفقه ، ليس إلاّ كتاب الفقه الرضوي المشهور كما قيل (١).

قلت : ليس الغرض من نقل كلام الناصر ، الذي لا حظّ له في الدين الاعتماد على كلامه ، والاستناد بنقله ، فإنّه بمعزل عن ذلك ، وإنّما الغرض مجرّد ذكر هذا الكتاب في تلك الأعصار ، ووجوده في كلام بعيد عن الحمل على الكذب والافتراء ، وكانت وفاة ناصر سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.

السادس : إنّ هذا الكتاب إمّا للإمام عليه‌السلام تأليفا أو إملاء ، أو موضوع اختلقه بعض الواضعين ، ولا ثالث لهما ، فإن بطل الثاني تعيّن الأوّل.

بيان ذلك : إنّ فيه ما لا ينبغي صدوره إلاّ من الحجج عليهم‌السلام ، وما هو كالصريح في أنّه منه عليه‌السلام ، وهو أمور :

الأوّل : ما في أول الكتاب ، ففيه : يقول عبد الله عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام : أمّا بعد. ، إلى آخره.

الثاني : ما في أواخره : ممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت ، الى آخره (٢).

الثالث : ما في باب الخمس : وقال جلّ وعلا : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (٣) إلى آخر الآية ، فتطوّل علينا

__________________

(١) رياض العلماء ـ القسم الثاني : ٢٦٨.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٤٠٢.

(٣) الأنفال ٨ : ٤١.

٢٥٥

بذلك ، امتنانا منه ورحمة ، إلى آخره (١).

الرابع : ما في باب النوادر : أروي عن العالم عليه‌السلام ، أنّ رجلا سأله فقال : يا ابن رسول الله علّمني ما يجمع لي خير الدنيا والآخرة ، ولا تطوّل عليّ ، فقال عليه‌السلام : « لا تغضب ».

وأروي أنّ رجلا سأله عمّا يجمع به خير الدنيا والآخرة ، قال : لا تكذب.

وسألني رجل عن ذلك ، فقلت : خالف نفسك (٢).

الخامس : في باب الأغسال : ليلة تسعة عشر من شهر رمضان ، هي التي ضرب فيها جدّنا أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣).

السادس : في كتاب الزكاة : روي عن أبي العالم عليه‌السلام في تقديم الزكاة وتأخيرها أربعة أشهر أو ستة أشهر (٤).

السابع : في باب الربا ، والعينة : روى حديث اللؤلؤة ، ثمّ قال : وقد أمرني أبي ، ففعلت (٥).

الثامن : في كتاب الحجّ : وقال أبي : إنّ أسماء بنت عميس ، إلى آخره (٦).

وفيه : وليس الموقف هو الجبل ، وكان أبي يقف حيث يبيت (٧).

وفيه : أبي ، عن جدّي ، عن أبيه عليه‌السلام قال : « رأيت عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يمشي ولا يرمل ». (٨).

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٩٣.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٩٠.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٣.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٧.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٥٨.

(٦) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٢ من الطبعة الحجرية.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٢ من الطبعة الحجرية.

(٨) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٣ من الطبعة الحجرية.

٢٥٦

وفيه : وقال أبي عليه‌السلام : « من قبّل امرأته قبل طواف النساء » إلى آخره (١).

وساق بعده أحكاما كثيرة.

وفيه : أبي عليه‌السلام وكان بالخروج إلى مكّة : « إيّاكم والأطعمة التي يجعل فيها الزعفران » إلى آخره (٢).

وفيه : قال أبي : رجل أفاض من عرفات ، إلى آخره ، وذكر بعده أحكاما مصدّرة بقوله : قال أبي عليه‌السلام (٣).

وفيه : أبي العالم عليه‌السلام ، أنا سمعته يقول عند غروب الشمس : « اللهمّ أعتق رقبتي من النار » (٤).

التاسع : في باب غسل الميّت : وأروي أنّ عليّ بن الحسين عليهما‌السلام لمّا مات ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : « لقد كنت أكره أن أنظر الى عورتك في حياتك ، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك » فأدخل يده وغسل جسده ، ثمّ دعا بأمّ ولد له ، فأدخلت يدها فغسلت مراقة وعورته ، وكذلك فعلت أنا بأبي (٥).

قال في الفوائد : وظاهر أنّه لولا هو المعصوم ، الذي فعله حجّة ، لم تكن فائدة في قوله ، بل ذكره بعد نقل فعل أبي جعفر عليه‌السلام بأبيه أوّل شاهد على أنّه أيضا من أقرانه ، وأمثاله (٦).

العاشر : في باب الصوم : وأمّا صوم السفر والمرض ، فإنّ العامّة اختلفت في ذلك ، فقال قوم : يصوم ، وقال قوم : لا يصوم ـ إلى أن قال ـ ونحن نفطر في

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٤ من الطبعة الحجرية.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٤ من الطبعة الحجرية.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٤ من الطبعة الحجرية.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٤ من الطبعة الحجرية.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨٨.

(٦) فوائد السيد بحر العلوم : لم نعثر عليه فيه.

٢٥٧

الحالتين جميعا (١).

فإنّ قوله : ونحن نفطر ، دالّ على أنّه ممّن هو قوله حجّة.

الحادي عشر : في باب البدع والرئاسة : أروى أنّه قرئ بين يدي العالم عليه‌السلام قوله تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) (٢) فقال : إنّما عنى أبصار القلوب ، وهي الأوهام ، فقال تعالى : لا تدرك الأوهام كيفيّته ، وهو يدرك كلّ وهم ، وأمّا عيون البشر فلا تلحقه ، لأنّه لا يحدّ ولا يوصف ، هذا ما نحن عليه كلّنا (٣).

الثاني عشر : في باب حديث النفس : وأروي إنّ الله تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن ما لا يعلم ، وما لا يتعمّد ، والنسيان ، والسهو ، والغلط ، وما استكره عليه ، وما اتّقى فيه ، وما لا يطيق (٤). أقول : ذلك خطّه عليه‌السلام.

إلى غير ذلك ممّا هو صريح في كونه للرضا عليه‌السلام ، أو للإمام الحجّة ، أو ظاهر فيه ، وأمّا ما فيه ممّا يدلّ صريحا على أنّه من أصحاب الكاظم عليه‌السلام والراوي عنه فكثير ، سنشير إليه إن شاء الله تعالى ، في ردّ من زعم أنّه بعينه رسالة والد الصدوق إليه ، ونوضّح أنّ العالم من ألقاب الكاظم عليه‌السلام في ألسنة المحدّثين والرّواة ، قبل وقوع الغيبة الصغرى ، وفيها ، وبعدها.

هذا وقد تصدّى صاحب الفصول لإسقاط دلالة العبائر المذكورة على المطلوب ، فقال : وقوله في أوّل الكتاب : يقول عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام : أمّا بعد ، الى آخر الحديث غير صريح فيما ظنّ ، لجواز أن يكون مؤلّف

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٠٢.

(٢) الأنعام ٦ : ١٠٣.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٨٤.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٨٦.

٢٥٨

الكتاب قد سمع الحديث المذكور منه عليه‌السلام ، أو وجده بخطّه عليه‌السلام فنقله عنه ، محافظا على كلمة « أمّا بعد » الموجودة في كلامه عليه‌السلام لمناسبتها لأوّل الكتاب ، ولا يلزم التدليس ، لذكره بعد ذلك ما يصلح قرينة على عدوله بعد ذلك الحديث الى نقل أحاديث أخر ، بقوله : ويروى عن بعض العلماء ، وقوله بعد ذلك : وأروي ، ونحو ذلك ، مما يدلّ على أنّ الإسناد المذكور مقصور على الحديث الأوّل.

وقوله : ضرب جدّنا يحتمل أن يكون من تتمّة قول أبي عبد الله عليه‌السلام المتقدّم ذكره ، ولو سلّم كونه من كلام المؤلّف ، فاللازم منه كونه علويّا لا إماما.

وقوله : روى أبي (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام. لا دلالة على كونه موسى ابن جعفر عليهما‌السلام ، إذ لا تختصّ الرواية عنه به.

وقوله : أروي عن أبي العالم يحتمل أن يكون بزيادة الياء من أبي ، أو بحذف ( عن ) عن العالم ، ومثل هذا التصحيف غير بعيد فيما تتّحد فيه النسخة ، ويحتمل أيضا حمل الأب ، أو العالم على خلاف ظاهره.

وحديث اللؤلؤة غير واضح فيما ذكر ، لأنّه قال بعد ذكره : وروي في خبر آخر بمثله : لا بأس ، وقد أمرني أبي ففعلت مثل هذا. ولا يبعد أن يكون قوله : وقد أمرني أبي ، من تتمّة الرواية ، مع أنّه لا بعد في تعويل راو على قول أبيه ، كما يشهد به تعويل الصدوق على رسالة أبيه إليه.

وممّا مرّ يظهر ضعف الاستشهاد بقوله : وممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت.

وقوله : فتطوّل يمكن أن يكون من تتمّة الرواية السابقة عليه ، وليس في سوق العبارة ما ينافيه ، وان يكون من كلام صاحب الكتاب فلا يدلّ إلاّ على

__________________

(١) لم ترد في المخطوطة.

٢٥٩

كونه هاشميّا ، لتحقّق التطوّل والامتنان في حقّه أيضا ، بالنسبة الى ما يستحقّه من الخمس ، مع احتمال أن يكون التطوّل ، والامتنان باعتبار الأمر بالإعطاء أيضا ، فلا يدلّ على ذلك أيضا ، انتهى (١).

وأنت خبير بأنّ كلّ ما ارتكبه من المحامل خلاف الظاهر ، لا يصار إليه إلاّ بعد لزوم رفع اليد عنه بقرائن ذكرها المنكرون ، فلو تمّت فلا مناص عمّا ذكره أو مثّله ، وإلاّ فلا بدّ من التمسّك بظاهره المؤيّد بما مرّ من الشواهد ، مع أنّه ترك ذكر الوجه لما هو أصرح في الدلالة ممّا ذكره ، كما لا يخفى على من تأمّل فيما نقلناه عنه ، بل لا سبيل الى ارتكاب بعض ما ارتكبه ، كاحتمال أن يكون قوله : وممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت ، من تتمّة الرواية السابقة ، ولا يخفى أنّ الرواية السابقة من أخبار باب الآداب وآخرها وهي هكذا : وأحسن مجاورة من جاورك ، فإنّ الله تبارك وتعالى يسألك عن الجار ، وقد نروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله تبارك وتعالى أوصاني في الجار حتّى ظننت أنّه يرث » ، وبالله التوفيق.

وممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت باب دعاء الوتر ، وما يقال فيه : لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، إلى آخره (٢).

فقوله عليه‌السلام : وبالله التوفيق علامة إتمام الباب السابق ، ونظيره كثير في أبواب الكتاب ، بل وجعله من تتمّة الرواية السابقة لازمه نسبة هذا الكلام الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يخفى ما فيها من الحزازة ، بل ويلزم أن يكون قوله : باب دعاء الوتر ، الى آخره مستهجنا.

وظنّي أنّ قوله : وممّا نداوم ، الى آخره كان بعد قوله : وما يقال فيه ، ووقع

__________________

(١) الفصول الغروية : ٣١٢.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٤٠١ ـ ٤٠٢.

٢٦٠