الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-85-X
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٩٤
الغير المترتّبة بترتيب أبوابه ، ولي فيها مسالك كثيرة ، إلاّ أنّي أقتصر في هذا المختصر على ذكر أربعة مسالك لا غير ، طلبا للإيجاز ، حذرا من الملال.
المسلك الأوّل : في أحاديث ذكرها بعض متقدّمي الأصحاب ، رؤيتها عنه بطرقي إليه ، لا يختصّ إسنادها بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل بعضها ينتهي إسنادها إليه ، وبعضها الى ذريّته المعصومين ، وخلفائه المنصوصين ، عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات ، لأنّ الأصحاب ـ قدّس الله أرواحهم ـ إنّما يعتبرون من الأحاديث ما صحّ طريقه إليهم ، واتّصلت روايته بهم ، سواء وقف على واحد منهم ، أو أسنده الى جدّه المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الى أن قال ـ روى المنقول عنه هذا المسلك في الأحاديث من طرقه الصحيحة (١) ، عمّن رواه ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي » ثمّ ساق الأخبار (٢) ، الى أن قال :
المسلك الثاني : في أحاديث تتعلّق بمصالح الدين ، رواها جمال المحقّقين في بعض كتبه بالطريق التي له الى روايتها ، روى في كتابه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أكثروا من سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر » الخبر ، وساق أخبار كتابه (٣) ، الى أن قال :
المسلك الثالث : في أحاديث ، رواها الشيخ العالم ، شمس الملّة والدين ، محمد بن مكّي في بعض مصنّفاته ، يتعلّق بأبواب الفقه ، رؤيتها عنه بطرقي إليه ، قال ـ رحمهالله ـ : روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :. الخبر ،
__________________
(١) جاء في هامش النسخة الحجرية ما نصه « قال في الحاشية في هذا المقام لا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك أن يكون من المرسل ، لما تقرأ في الأصول أن الراوي إذا علم من حاله أنه لا يروي إلاّ عن الثقات كان إرساله إسنادا » ( منه قده )
(٢) عوالي اللآلي ١ : ٢٩٩.
(٣) عوالي اللآلي ١ : ٣٤٩.
وساق أخباره (١) ، الى أن قال :
المسلك الرابع : في أحاديث رواها الشيخ العلاّمة الفهّامة ، خاتمة المجتهدين ، شرف الملّة والحقّ والدين ، أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري ـ تغمّده الله برضوانه ـ قال ـ رحمهالله ـ : روي في الحديث عنهم عليهمالسلام وساق مرويّاته المتفرّقة في أبواب الفقه (٢) ، الى أن قال : الباب الثاني في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه بابا بابا ، ولنقتصر في هذا المختصر منها على قسمين :
القسم الأوّل : في أحاديث تتعلّق بذلك ، رؤيتها بطريق فخر المحقّقين ، ذكرها عنه بعض تلاميذه ، على ترتيب والده جمال المحقّقين ـ رضوان الله عليهما ـ ، باب الطهارة : روى محمد بن مسلم. وساق الى باب الديات (٣) ، ثمّ قال :
القسم الثاني : في أحاديث رواها الشيخ الكامل الفاضل ، خاتمة المجتهدين ، جمال الدين أبو العباس أحمد بن فهد الحلّي ـ قدّس الله روحه ـ على ترتيب الشيخ المحقّق المدقّق ، أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلّي ـ رحمهالله ـ باب الطهارة. وساق أيضا الى باب الديات (٤).
وذكر في الخاتمة أيضا جملتين ، ذكر فيهما الأخبار المتفرّقة (٥) كما في المقدّمة ، إلاّ أنّ جلّها خاصيّة ، وعمدة أخبار الكتاب ما أودعه في البابين.
وأنت خبير بأنّ حظّه منه النقل عن مجاميع هؤلاء المشايخ ، الذين هم أساطين الشريعة ، وأساتيذ علماء الشيعة ، لا مسرح للطعن عليهم ، ولا سبيل
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٣٨٠.
(٢) عوالي اللآلي ٢ : ٥.
(٣) عوالي اللآلي ٢ : ١٦٥.
(٤) عوالي اللآلي ٣ : ٧.
(٥) عوالي اللآلي ٤ : ٥.
لأحد في نسبة الخلط والمساهلة إليهم ، فإن اتّهم صاحب العوالي في النقل عن تلك المجاميع ، فهو معدود في زمرة الكذّابين الوضّاعين ، فيرجع الأمر إلى الطعن والإساءة الى سدنة الدين ، وحفظة السنّة ، ونقّاد الأخبار ، الذين مدحوه بكل جميل ، وأدناه البراءة عن تعمّد الكذب ووضع الأحاديث.
وقد عثرت بعد ما كتبت هذا المقام على كلام السيّد المحدّث الجزائري في شرحه على الكتاب المذكور يؤيّد ما ذكرناه قال : إنّي لمّا فرغت من شروحي ـ الى ان قال ـ : تطلّعت الى الكتاب الجليل ، الموسوم بعوالي اللآلئ ، من مصنّفات العالم الربّاني ، والعلاّمة الثاني ، محمد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي ـ أسكنه الله تعالى غرف الجنان وأفاض على تربته سجال الرضوان ـ فطالعته مرارا ، وتأمّلت أحاديثه ليلا ونهارا.
فشوّقتني عادتي في شرح كتب الأخبار ، وتتّبع ما ورد عنهم عليهمالسلام من الآثار ، الى أن أكتب عليه شرحا يكشف عن بعض معانيه ، ويوضّح ألفاظه ومبانيه ، فشرعت بعد الاستخارة في ترتيب أبوابه وفصوله ، واستنباط فروعه من أصوله ، وسمّيته « الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللآلئ » ، ثمّ عنّ لي أن اسمّيه « مدينة الحديث » ـ الى أن قال في ذكر ما دعاه الى شرحه ـ : إنّه وإن كان موجودا في خزائن الأصحاب إلاّ أنّهم معرضون عن مطالعته ، ومدارسته ، ونقل أحاديثه ، وشيخنا المعاصر ـ أبقاه الله تعالى ـ ربّما كان وقتا من الأوقات يرغب عنه لتكثّر مراسيله ، ولأنّه لم يذكر مأخذ الأخبار من الكتب القديمة ، ورجع بعد ذلك الى الرغبة فيه ، لأنّ جماعة من متأخّري أهل الرجال وغيرهم من ثقات أصحابنا وثقوه ، وأطنبوا في الثناء عليه ، ونصّوا على إحاطة علمه بالمعقول والمنقول. وله تصانيف فائقة ، ومناظرات في الإمامة وغيرها مع علماء الجمهور ، سيّما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة ، في منزل السيّد محسن في المشهد الرضوي ، على ساكنه وآبائه وأبنائه من الصلوات أكملها ، ومن التسليمات أجزلها.
ومثله لا يتّهم في نقل الأخبار من مواردها ، ولو فتحنا هذا الباب على أجلاّء هذه الطائفة ، لأفضى بنا الحال الى الوقوع على أمور لا نحبّ ذكرها ، على أنّا تتبعنا ما تضمّنه هذا الكتاب من الأخبار ، فحصل الاطّلاع على أماكنها التي انتزعها منه ، مثل الأصول الأربعة وغيرها ، من كتب الصدوق وغيره من ثقات أصحابنا أهل الفقه والحديث. قال : وأمّا اطّلاعه وكمال معرفته بعلم الفلسفة وحكمتها ، وعلم التصوف وحقيقته ، فغير قادح في جلالة شأنه ، فإنّ أكثر علمائنا من القدماء والمتأخّرين قد حقّقوا هذين العلمين ، ونحوهما من الرياضي ، والنجوم ، والمنطق ، وهذا غنيّ عن البيان ، وتحقيقهم لتلك العلوم ونحوها ليس للعمل بأحكامها وأصولها ، والاعتقاد بها ، بل لمعرفتهم بها ، والاطّلاع على مذاهب أهلها.
ثمّ نقل قصصا عن الشهيد الثاني ، وابن ميثم ، والشيخ البهائي ، تناسب المقام لا حاجة الى نقلها.
فظهر أنّ الحقّ الحقيق أن يعامل الفقيه المستنبط بأخبار البابين ، معاملته بما في كتب أصحاب المجاميع من الأحاديث ، وما في طرفي الكتاب خصوصا أوّله ، وإن كان مختلطا إلاّ أنّ بالنظر الثاقب يمكن تمييز غثّه من سمينة ، وصحيحه من سقيمه.
بقي التنبيه على شيء ، وهو أنّ المعروف الدائر في ألسنة أهل العلم ، والكتب العلميّة « الغوالي » ـ بالغين المعجمة ـ ولكن حدّثني بعض العلماء ، عن الفقيه النبيه ، المتبحّر الماهر ، الشيخ محسن خنفر ـ طاب ثراه ، وكان من رجال علم الرجال ـ أنّه بالعين المهملة ، فدعاني ذلك الى الفحص فتفحّصت ، فما رأيت من نسخ الكتاب وشرحه فهو كما قال ، وكذا في مواضع كثيرة من الإجازات التي كانت بخطوط العلماء الأعلام ، بحيث اطمأنّت النفس بصحّة ما قال ، ويؤيّده أيضا أنّ المحدّث الجزائري سمّى شرحه : الجواهر الغوالي ـ بالمعجمة ـ فلاحظ ، والله العالم.
٤٩ ـ كتاب درر اللآلئ العمادية :
للفاضل المتقدّم أيضا ، ألّفه بعد العوالي ، وهو أكبر وأنفع منه ، قال في أوّله :
فإنّي لمّا ألّفت الكتاب الموسوم « بعوالي اللآلئ العزيزيّة في الأحاديث الدينيّة » وكان من جملة الحسنات الإلهيّة ، والانعامات الربانيّة ، أحببت أن أتبع الحسنة بمثلها ، والطاعة بطاعة تعضدها ، كما جاء في الأحاديث اتباع الطاعة بالطاعة دليل على قبولها ، وعلامة على حصولها ، فألّفت عقيبه هذا الكتاب الموسوم « بدرر اللآلئ العماديّة في الأحاديث الفقهية » ليكون مؤيّدا ، لما بين يديه ناصرا ومقويا ، لما تقدّمه مذكّرا ، فأعززت الأوّل بالثاني لإثبات هذه المباني ، لإعزاز الطاعة بالطاعة ، واجتماع الجماعة مع الجماعة ، لتقوى بهما الحجّة والاعتصام ، ويظهر بمعرفتهما سلوك آثار الأئمّة الكرام ، عليهمالسلام ، والفقهاء القوّام ، والمجتهدين العظام. وساق الكلام ، الى أن ذكر أنّه ألّفه لخزانة السّيدين السندين ، الأميرين الكبيرين ، الأمير الجليل ، كمال الملّة والحقّ والدين ، والسيّد العضد النبيل ، عماد الملّة والحقّ والدين ، في كلام طويل ـ الى أن قال : ـ ورتّبته على مقدّمة ، وأقسام ثلاثة ، وخاتمة.
ذكر في المقدّمة الأخبار النبويّة ، التي فيها الترغيب في فعل العبادات ، والحثّ على فعلها ، وفي الخاتمة ما يتعلّق بالأخلاق ، أخرج كلّه من الكافي ، وفي الأقسام ذكر أبواب الفقه على الترتيب ، وكلّ ما فيها من الأحاديث أخرجه من الكتب الأربعة ، بتوسّط كتب العلاّمة ، والفخر ، إلاّ قليلا من النبويّات الموجودة فيها ، مع الإشارة إلى التعارض والترجيح ، وبعض أقوالهما على طريقة الفقهاء ، وذكر في آخر الكتاب طرقه وأسانيده ، وفي آخر المجلّد الأوّل منه :
هذا آخر المجلّد الأوّل من كتاب « درر اللآلئ العماديّة في الأحاديث الفقهيّة » ، ويتلوه بعون الله وحسن توفيقه المجلّد الثاني منه ، وبه يتمّ الكتاب ،
وأوّله : النوع الثاني فيما يتعلّق بالإيقاعات ، وقد وقع الفراغ في هذا المجلّد نقلا عن النسخة المبيضة من المسودة ، في أوّل ليلة الأحد ، التاسع من شهر ربيع الثاني ، أحد شهور سنة إحدى وتسعمائة ، على يد مؤلّفه ، الفقير الى الله العفوّ الغفور ، محمد بن علي بن أبي جمهور الأحساوي عفا الله عنه ، وعن والده ، وعن جميع المؤمنين والمؤمنات ، إنّه غفور رحيم ، ووقع كتابة هذا المجلّد بعد تأليف الكتاب ، بولاية أستراباد ـ حميت من شرّ الأعداء ـ في فصل الشتاء ، في قرية كلبان ، وسروكلات ـ حماهما الله من الآفات ، وصرف عنهما العاهات والبليّات ـ وكان تأليف الكتاب بتمامه في ذلك المكان ، في أواخر شوّال من شهور سنة تسع وتسعين وثمانمائة.
وبالجملة : فهو كتاب شريف ، محتو على فوائد طريفة ، ونكات شريفة ، خال عمّا توهّم في أخيه من الطّعن ، فلاحظ وتبصّر.
ثم إنّ اسم الكتاب كما عرفت « درر اللآلئ العماديّة » فما في البحار ، والرياض ، والمقابيس (١) ، أنّه نثر اللآلئ وهم من الأوّل ، وتبعه من بعده ، واحتمال التعدّد بعيد غايته.
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ١٣ ، رياض العلماء ٤ : ٣٤٧ ، مقابس الأنوار : ١٤.
٥٠ ـ تفسير الشيخ الجليل الأقدم ، أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني الكاتب :
المعروف بابن زينب ، وهو خبر واحد مسند عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في أنواع الآيات وأقسامها ، وأمثلة الأقسام ، اختصره علم الهدى السيّد المرتضى ، وقف عليه صاحب الوسائل فأخرج ما فيه من الأحكام ، ولم أجد في الأصل زائدا منه ، ولذا قلّ رجوعنا إليه مع أنّ الكتاب في غاية الاعتبار ، وصاحبه شيخ من أصحابنا الأبرار.
ولكن يجب التنبيه على شيء لا يخلو من غرابة ، وهو أنّ العلاّمة المجلسي قال في مجلّد القرآن من بحاره : باب ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام في أصناف آيات القرآن وأنواعها ، وتفسير بعض آياتها برواية النعماني ، وهي رسالة مفردة مدوّنة ، كثيرة الفوائد ، نذكرها من فاتحتها الى خاتمتها : بسم الله الرحمن الرحيم. وساقها الى آخرها.
ثم قال : أقول : وجدت رسالة قديمة مفتتحها هكذا : حدّثنا جعفر بن محمد بن قولويه القميّ ـ رحمهالله ـ قال : حدّثني سعد الأشعري أبو القاسم ـ رحمهالله ـ وهو مصنّفه : الحمد لله ذي النعماء والآلاء ، والمجد والعزّ والكبرياء ، وصلّى الله على محمد سيّد الأنبياء ، وعلى آله البررة الأتقياء ، روى مشايخنا ، عن أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام : انزل القرآن على سبعة أحرف كلّها شاف كاف ، أمر ، وزجر ، وترغيب ، وترهيب ، وجدل ، وقصص ، ومثل » وساق الحديث الى آخره ، لكنّه غيّر الترتيب وفرّقه على الأبواب ، وزاد فيما بين ذلك بعض الأخبار ، انتهى (١).
والظاهر أنّ المراد من سعد ، هو ابن عبد الله الأشعري ، الثقة الجليل
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٣ : ١ ـ ٩٧.
المعروف ، وعدّ النجاشي من كتبه كتاب « ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه » (١) وعليه فيشكل ما في أوّل السند ، فإنّ جعفر بن محمد بن قولويه (٢) يروي عن سعد بتوسّط أبيه ، الذي كان من خيار أصحاب سعد ، فيمكن أن يكون قد سقط من السند قوله : عن أبيه ، ثمّ لا يخفى أنّ ما في أوّل تفسير الجليل عليّ بن إبراهيم ، من أقسام الآيات وأنواعها ، هو مختصر هذا الخبر الشريف ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٧٧ / ٤٦٧.
(٢) تنبيه :
١ ـ روايته عن سعد ليست بواسطة أبيه فقط بل وأخيه أيضا ، كما نبه على ذلك النجاشي ( ١٢٣ / ١٧٨ ، ٣١٨ / ٤٦٧ ) في ترجمة جعفر وسعد.
٢ ـ نقل النجاشي ( ١٢٣ / ٣١٨ ) في ترجمة جعفر عنه أنه روى أربعة أحاديث عن سعد بلا واسطة.
وحكى عنه في ترجمة سعد ( ١٧٨ / ٤٦٧ ) أنه روى عنه بلا واسطة حديثين.
فمن المحتمل كون روايته عن سعد في الرسالة المذكورة أحد الحديثين اللذين لا ريب في روايته لهما عنه لأنهما القدر المتبقي ، فلاحظ.
٥١ ـ كتاب جامع الأخبار :
قد كتبنا في سالف الزمان ، في كتابنا المسمّى « بنفس الرحمن » ما قيل فيه ، فنذكره هنا إذ استقصينا فيه الكلام في اختلافهم في مؤلّفه ، المردّد بين جماعة :
منهم : الصدوق ، كما يظهر من بعض أسانيده ، وصرّح به السيّد حسين المفتي الكركي المتقدّم ذكره في « دفع المناواة » ، وهو ضعيف لا لما قيل : إنّه يروي عنه بوسائط ، لأنّه كثيرا ما يوجد في أسانيد الكتب القديمة أمثال ذلك من تلامذة المصنّف ورواة الكتب ، بل لأنّه نقل فيه عن سديد الدين محمود الحمّصي (١) ، الذي هو متأخّر عن الصدوق بطبقات عديدة ، وفيه أيضا هكذا : في أمالي الشيخ أبي جعفر ، الى آخره (٢) ، مضافا الى بعد وضع الكتاب عن طريقة الصدوق في كتبه.
ومنهم : الشيخ أبو الحسن علي بن أبي سعد بن أبي الفرج الخيّاط ، احتمله المجلسي في البحار ، لما قاله الشيخ منتجب الدين في فهرسته : إنّ له كتاب جامع الأخبار (٣) ، وفيه أنّه قال بعد هذا الكلام : أخبرنا به الوالد ، عنه (٤). مع أنّ منتجب الدين من تلامذة الحمصي ، فلعلّ هذا كتاب آخر. وصرّح المتبحّر صاحب الرياض أنّ نسخ جامع الأخبار مختلفة ، فلاحظ (٥).
قلت : وهو كذلك ، فإنّ بعضها مبوّبة بأبواب ، ولكلّ باب فصول ، وبعضها أكبر منها لكنها غير مبوّبة ، وإنما قسّمها بالفصول.
ومنهم : محمد بن محمد الشعيري ، اختاره الفاضل صاحب الرياض ،
__________________
(١) جامع الأخبار : ١٦٣.
(٢) جامع الأخبار : ٩٦.
(٣) بحار الأنوار ١ : ١٤.
(٤) فهرست منتجب الدين : ١٢١ / ٢٥٧.
(٥) رياض العلماء ٥ : ١٢١.
قال في ترجمة عليّ بن سعد : إن جامع الأخبار لمحمد بن محمد الشعيري ، وقد صرّح صاحب الكتاب نفسه في فصل تقليم الأظفار ، بأنّ اسم مؤلّفه محمد بن محمد (١).
وقال في ترجمة صاحب مكارم الأخلاق : إنّ نسبة جامع الأخبار إليه ـ كما سيأتي ـ إن كان المراد منه النسخ المشهورة فهو سهو ظاهر ، لأنّه يقول في بحث تقليم الأظفار ـ أعني في الفصل الرابع والستين ـ :
قال محمد بن محمد ـ مؤلّف هذا الكتاب ـ : قال أبي في وصيّته إليّ : قلّم أظفارك ، الى آخره (٢).
ومن الغرائب أنّ بعضهم توهّم من آخر تلك العبارة المنقولة أنّه من مؤلّفات الصدوق ، وغفل عن أوّلها ، فإنّ اسم الصدوق محمد بن عليّ.
وأغرب منه قول بعضهم : إنّه من مؤلّفات والد هذا الشيخ ، أعني الشيخ أبا عليّ الطبرسي (٣).
قلت : ليس الكلام المنقول في النسخة الأخرى ، والموجود في النسخة الكبيرة ، إنّما هو في الفصل الثامن والسبعين.
وقال أيضا في ترجمة عليّ بن أبي سعد ، بعد نقل ما في المنتجب ، وما ذكره أستاذه في أوّل البحار : الظاهر أنّ هذا الكتاب غير كتاب جامع الأخبار المشهور :
أمّا أوّلا : فلأنّ في أثناء ذلك الكتاب صرّح نفسه بأنّ مؤلّفه محمد بن محمد.
وأمّا ثانيا : فلما سيجيء في ترجمة شمس الدين محمد بن محمد بن حيدر الشعيري ، أنّه مؤلّف ذلك الكتاب مع الخلاف في ذلك أيضا.
__________________
(١) رياض العلماء ٤ : ٩٩.
(٢) جامع الأخبار : ١٤٢.
(٣) رياض العلماء ج ١ : ٢٩٨.
وأمّا ثالثا : فلما يظهر من مطاوي ذلك الكتاب أنّه من مؤلّفات المتأخّرين عن الشيخ منتجب الدين وأمثاله ، فلاحظ. ثمّ قال : إنّ ما يظهر من كلام الأستاذ الاستناد ـ أنّه من مؤلّفات محمد بن محمد الشعيري ـ ليس بصريح ، لأنّ أصل العبارة في الكتاب ليس إلاّ محمد بن محمد ، وهو مشترك ، ولا يختصّ بالشعيري (١) وفي كلامه تشويش لا يخفى.
ومنهم : العالم الجليل جعفر بن محمد الدوريستي ، نقله الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي في رسالة الرجعة ، عن المجلسي ، وعن بعض مشايخه.
والنقل الأوّل غريب لأنّه قال في البحار : ويظهر من بعض مواضع الكتاب أنّ اسم مؤلّفه محمد بن محمد الشعيري ، ومن بعضها أنّه يروي عن الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي بواسطة ، انتهى (٢).
وهو كما ذكره ، ويظهر ضعف هذه النسبة بما تقدّم ، إذ جعفر بن محمد من تلامذة المفيد ، والحمصي متأخّر عنه جدّا.
ومنهم : الحسن بن محمد السبزواري ، قال الشيخ المتقدّم : قال بعض المشايخ : وقفت على نسخة صحيحة عتيقة جدّا ، في دار السلطنة أصفهان ، وفيها تمّ الكتاب على يد مصنّفه الحسن بن محمد السبزواري.
ومنهم : الشيخ المفسّر أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن بن أبي الفضل الطبرسي ، نقله صاحب الرياض عن بعضهم كما عرفت (٣) ، واستغربه ، وهو في محلّه.
ومنهم : ولده أبو نصر الحسن ـ صاحب مكارم الأخلاق ـ نسبه إليه من غير تردّد الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي ، في كتاب « إيقاظ الهجعة في إثبات الرجعة » كما رأيته بخطّه الشريف ، مع أنّه كان عنده من الكتب
__________________
(١) رياض العلماء ٣ : ٣٣٣.
(٢) بحار الأنوار ١ : ١٤.
(٣) رياض العلماء ١ : ٢٩٨.
المجهولة ، ولذا لم ينقل عنه في الوسائل.
وقال في ترجمته في أمل الآمل : وينسب إليه أيضا كتاب جامع الأخبار ، وربّما ينسب الى محمد بن محمد الشعيري ، لكن بين النسختين تفاوت (١). ولم أقف على مستنده في الجزم بالنسبة في الإيقاظ.
وقال في البحار : وقد يظنّ كونه تأليف مؤلّف مكارم الأخلاق (٢). وممّن نسبه إليه السيّد الأجلّ بحر العلوم ، على ما وجدته بخطّه الشريف في فهرست كتبه.
قلت : في النسختين في فصل فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام : حدّثنا الحاكم الرئيس الإمام ، مجد الحكّام أبو منصور عليّ بن عبد الواحد الزيادي ـ أدام الله جلاله وجماله ، إملاء في داره يوم الأحد ، الثاني من شهر الله الأعظم رمضان سنة ثمان وخمسمائة ـ قال : حدّثنا الشيخ الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي ـ إملاء ـ أورد القصّة مجتازا في أواخر ذي الحجّة ، سنة أربع وسبعين وأربعمائة ، الى آخره (٣).
ووفاة أمين الإسلام الفضل ، والد صاحب المكارم في سنة ثمانية وأربعين ، أو اثنتين وخمسين بعد خمسمائة ، فصاحب الجامع تلائم طبقته طبقة الوالد لا الولد ، إلاّ على تكلّف ، مع أنّه ألّفه بعد مضي خمسين من عمره ولم ينقل فيه عن والده شيئا ، ومع اتفاق المكارم وحسن ترتيبه بخلافه ، فربّما يستبعد من جميع ذلك كونه له.
والذي يهوّن الخطب قلّة ما فيه من الأخبار المحتاجة إلى النظر في أسانيدها ، مع أنّ المعلوم من جميع ما مرّ كونه من مؤلّفات علماء المائة الخامسة ، الداخلة في عموم من زكّاهم الشهيد ـ رحمهالله ـ في درايته (٤) والله العالم.
__________________
(١) أمل الآمل ٢ : ٧٥ / ٢٠٣.
(٢) بحار الأنوار ١ : ١٤.
(٣) جامع الأخبار : ١١.
(٤) الرعاية : ١٩٢ ، ١٩٣.
٥٢ ـ كتاب الشهاب :
للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون المغربي القضاعي ، المحدّث المعروف ، والمعاصر للشيخ الطوسي رحمهالله وأضرابه ، المتوفى سنة أربع وخمسين وأربعمائة ، وهو مقصور على الكلمات الوجيزة النبويّة.
قال في أوّله بعد الحمد : فإنّ في الألفاظ النبويّة ، والآداب الشرعيّة جلاء لقلوب العارفين ، وشفاء لأدواء الخائفين ، لصدورها عن المؤيّد بالعصمة ، المخصوص بالبيان والحكمة ، الذي يدعو إلى الهدي ، ويبصّر من العمى ، ولا ينطق عن الهوى ، صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل ما صلّى على أحد من عباده الذين اصطفى ، وقد جمعت في كتابي هذا ممّا سمعت من حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف كلمة من الحكمة ، في الوصايا ، والآداب ، والمواعظ ، والأمثال ، قد سلمت من التكلّف مبانيها ، وبعدت عن التعسّف معانيها ، وبانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء ، وتميّزت بهدي النّبوة عن بلاغة البلغاء ، وجعلتها مسرورة يتلو بعضها بعضا ، محذوفة الأسانيد ، مبوّبة أبوابا على حسب تقارب الألفاظ ، ليقرب تناولها ، ويسهل حفظها ، ثمّ زدتها مائتي كلمة ، وختمت الكتاب بأدعية مرويّة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه ، انتهى.
وهذا الكتاب صار مطبوعا شائعا بين الخاصّة والعامّة ، وقد شرحه جماعة من علماء الفريقين.
فمن الخاصّة : العالم الجليل السيّد ضياء الدين فضل الله بن عليّ بن عبيد الله الحسني الراوندي ، سمّاه « ضوء الشهاب في شرح الشهاب » ينقل عنه في البحار كثيرا.
ومنهم : أفضل الدين الشيخ حسن بن عليّ بن أحمد الماهابادي ، قال منتجب الدين : إنّه علم في الأدب ، فقيه ، وعدّ من كتبه « شرح الشهاب » (١).
ومنهم : برهان الدين أبو الحارث محمد بن أبي الخير عليّ بن أبي سليمان ظفر الحمداني ، عدّ في المنتجب من كتبه « شرح الشهاب » (٢).
ومنهم : قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي ، عدّ في المنتجب من كتبه « ضياء الشهاب في شرح الشهاب » (٣).
ومنهم : الشيخ أبو الفتوح الحسين بن عليّ بن محمد الخزاعي ، عدّ في المنتجب من كتبه « روح الأحباب وروح الألباب في شرح الشهاب » (٤) وكذا ابن شهرآشوب في معالم العلماء (٥). وغير هؤلاء الأعلام ممّا يجده المتتبّع.
وأمّا من العامّة : ففي كشف الظنون : لخّصه الشيخ نجم الدين الغيطي محمد بن أحمد الاسكندري ، المتوفّى سنة أربع وثمانين وتسعمائة ، وأصلحه الامام حسن بن محمد الصغاني ، وسمّاه « كشف الحجاب عن أحاديث الشهاب » وضع علامة للصحيح ، والضعيف ، والمرسل ، ورتّبه على الأبواب كالمشارق ، وقد أوصى ابن الأثير في « المثل السائر » بمطالعته للكاتب الفقيه ، وله ضوء الشهاب.
وشرحه أبو المظفّر محمد بن أسعد ـ المعروف بابن الحكيم الحنفي ـ المتوفّى سنة سبع وستّين وخمسمائة.
وشرحه الشيخ عبد الرؤوف المناوي شرحا ممزوجا ، وسمّاه « رفع النقاب عن كتاب الشهاب » لكنّ الأميني الشامي قال في ترجمته : ورتّب كتاب
__________________
(١) فهرست منتجب الدين : ٥٠ / ٩٣.
(٢) فهرست منتجب الدين : ١٦١ / ٣٧٨.
(٣) فهرست منتجب الدين : ٨٧ / ١٨٦.
(٤) فهرست منتجب الدين : ٤٥ / ٧٨.
(٥) معالم العلماء : ١٤١ / ٩٨٧.
الشهاب للقضاعي وشرحه ، وسمّاه « إمعان الطلاّب بشرح ترتيب الشهاب » وله ترتيب أحاديثه على ترتيب « جامع الصغير » ورموزه.
ومن شروحه « حلّ الشهاب » وشرحه بعضهم أوّله : الحمد لله الذي جعل سنّة نبيّه مشكاة لاقتباس أنوار الرشد والهدى ، الى آخره.
وشرحه ابن وحشي محمد بن الحسين الموصلي.
واختصر هذا الشرح الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الوادياشي ، المتوفّى سنة سبعين وخمسمائة.
وشرحه الأستاذ أبو القاسم بن إبراهيم الورّاق العابي شرحا بالقول.
ورتّبه السيوطي كترتيب الجامع الصغير له ، وسمّاه « إسعاف الطلاّب بترتيب الشهاب » انتهى. وصرّح في أوّل كلامه بشافعيّة القاضي (١).
وقال في البحار : كتاب الشهاب ، وإن كان من مؤلّفات المخالفين ، لكنّ أكثر فقراته مذكورة في الخطب والأخبار المرويّة من طرقنا ، ولذا اعتمد عليه علماؤنا ، وتصدّوا لشرحه.
وقال الشيخ منتجب الدين : السيّد فخر الدين شميلة بن محمد بن هاشم الحسيني ، عالم صالح ، روى لنا كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي ، عنه (٢).
هذا وربّما يستأنس لتشيّعه بأمور :
منها : توغّل الأصحاب على كتابه ، والاعتناء به ، والاعتماد عليه ، وهذا غير معهود منهم بالنسبة إلى كتبهم الدينيّة ، كما لا يخفى على المطّلع بسيرتهم.
ومنها : إنّه قال في خطبة الكتاب بعد ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) كشف الظنون ٢ : ١٠٦٧ ، ١٠٦٨.
(٢) بحار الأنوار ١ : ٤٢.
أذهب الله عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيرا (١). ولم يعطف عليهم الأزواج والصحابة ، وهذا بعيد عن طريقة مؤلّفي العامّة غايته.
ومنها : إنّه ليس في تمام هذا الكتاب من الأخبار الموضوعة في مدح الخلفاء ، سيّما الشيخين ، والصحابة ، خبر واحد مع كثرتها ، وحرصهم في نشرها ودرجها في كتبهم بأدنى مناسبة ، مع أنّه روى فيه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق » (٢).
ومنها : إنّ جلّ ما فيه من الأخبار موجود في أصول الأصحاب ومجاميعهم ، كما أشار إليه المجلسي أيضا (٣) ، وليس في باقيه ما ينكر ويستغرب ، وما وجدنا في كتب العامّة له نظيرا ومشابها.
وبالجملة : فهذا الكتاب في نظري القاصر في غاية الاعتبار ، وإن كان مؤلّفه في الظاهر ـ أو واقعا ـ غير معدود من الأخيار.
وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء : القاضي أبو عبد الله محمد بن سلام القضاعي ، عامّي ، له « دستور الحكم في مأثور معالم الكلم » وهو مجموع من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام (٤) وفيه أيضا تأييد لما قلنا.
وقال العلاّمة في الإجازة الكبيرة لبني زهرة : ومن ذلك جميع كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المغربي ، وباقي مصنّفاته ورواياته عنّي ، عن والدي ـ رحمهالله ـ عن السيّد فخار بن معد الموسوي ، عن القاضي ابن الميداني ، عن القاسم بن الحسين ، عن القاضي
__________________
(١) شهاب الأخبار ، المقدمة : ه.
(٢) شهاب الاخبار ( شرح الشهاب ) : ١٥٦ / ٨٤٩.
(٣) بحار الأنوار ١ : ٤٢.
(٤) معالم العلماء : ١١٨ / ٧٨٧.
أبي عبد الله المصنف (١).
هذا ولعلّ من يقف على بعض شروحه التي أشرنا إليها ، يجد لاعتباره قرائن خفيت علينا.
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٧ : ٧٨.
٥٣ ـ كتاب المزار :
قال في البحار : كتاب كبير في الزيارات ، تأليف محمد بن المشهدي ، كما يظهر من تأليفات السيّد ابن طاوس ، واعتمد عليه ومدحه ، وسمّيناه بالمزار الكبير ، وقال في الفصل الآخر : والمزار الكبير يعلم من كيفيّة إسناده أنّه كتاب معتبر ، وقد أخذ منه السيّدان ابنا طاوس كثيرا من الأخبار والزيارات.
وقال الشيخ منتجب الدين في الفهرست : أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي ، فقيه ، محدّث ، ثقة ، قرأ على الإمام محيي الدين الحسين ابن المظفّر الحمداني ، [ وقال في ترجمة الحمداني : ] أخبرنا بكتبه السيّد أبو البركات المشهدي ، انتهى (١).
ومراده من ابني طاوس : السيّد رضيّ الدين عليّ في مزاره ، والسيّد عبد الكريم في فرحة الغري.
وما استظهره من أنّه الذي ذكره في المنتجب كأنّه في غير محلّه ، فإنّ المذكور في المنتجب هو السيّد ناصح الدين أبو البركات ، الذي ينقل عنه أبو نصر الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق بهذا العنوان : من مسموعات السيّد الإمام ناصح الدين أبي البركات المشهدي (٢).
وكذا ولده عليّ في كتاب مشكاة الأنوار كثيرا ، تارة بهذا العنوان : من مجموع السيّد ناصح الدين أبي البركات ، واخرى : من كتاب السيّد ناصح الدين أبي البركات ، وثالثة : من كتاب السيّد الإمام ناصح الدين أبي البركات (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ١٨ ، ٣٥. وانظر فهرست منتجب الدين : ١٦٣ / ٣٨٧ و ٤٣ / ٧٣.
(٢) مكارم الأخلاق : ٢٨١.
(٣) مشكاة الأنوار : ٢٤ ، ١٧٤ ، ٢٠٠ ، ٢٢٨.
وقال القطب الراوندي في الخرائج : أخبرنا السيّد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي ، عن الشيخ جعفر الدوريستي ، عن المفيد (١).
وبالجملة : فهو مذكور في كتب الأصحاب بكنية أبي البركات ، ولقبه ناصح الدين ، وبالإمامة والسيادة معروف بها لا بعنوان المشهدي ، بخلاف صاحب المزار فإنّه معروف به لا غير.
ففي فرحة الغري : وذكر محمد بن المشهدي في مزاره ، أنّ الصادق عليهالسلام علّم محمد بن مسلم الثقفي هذه الزيارة ـ الى أن قال ـ : وقال ابن المشهدي أيضا ما صورته. الى آخره (٢).
وصاحب الرياض ذكر السيّد المذكور تارة بعنوان السيّد ناصح الدين أبو البركات المشهدي ، واخرى بعنوان السيّد أبو البركات المشهدي ، وحكم باتّحادهما ، بل واتّحادهما مع السيّد أبي البركات العلوي ، الذي نقل صاحب تبصرة العوام قصّة مناظرته في الإمامة مع أبي بكر بن إسحاق الكرامي (٣) ، ومع ذلك لم يحتمل كونه صاحب المزار ، وهو من الكتب المعروفة.
وكذا صاحب المنتجب ، لم يسند إليه المزار (٤) ، ولا كتابه الآخر الذي أشار إليه في آخر آداب المدينة من المزار ، قال فيه : ثمّ تصلّي في مسجد المباهلة ما استطعت ، وتدعو فيه بما تحبّ ، وقد ذكرت الدعاء بأسره في كتابي المعروف « ببغية الطالب وإيضاح المناسك لمن هو راغب في الحجّ » ، فمن أراده أخذه من هناك ففيه كفاية (٥).
ومنه يظهر أنّه معدود في زمرة الفقهاء ، كما أنّه يظهر من صدر كتابه
__________________
(١) الخرائج والجرائح ٢ : ٧٩٧ / ٧.
(٢) فرحة الغري : ٩٣ ـ ٩٤.
(٣) رياض العلماء ٥ : ٤٢٣ ، وانظر : تبصرة العوام : ٧٠.
(٤) فهرست منتجب الدين : ١٦٣ / ٣٨٧.
(٥) المزار الكبير : ١١٩.
الاعتماد على كلّ ما أودعه فيه ، وإنّ ما فيه من الزيارات كلّها مأثورة ، وإن لم يستند بعضها إليهم عليهمالسلام في محلّه.
قال بعد الخطبة : فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد ، وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات ، والأدعية المختارات ، وما يدعى به عقيب الصلوات ، وما يناجي به القديم تعالى ، من لذيذ الدعوات في الخلوات ، وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات ، ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلى السادات ، وحثّني الى ذلك أيضا. إلى آخره (١).
والذي أعتقده أنّه من مؤلّفات محمد بن جعفر المشهدي ، وهو بعينه محمد بن جعفر الحائري ، وإن جعل في أمل الآمل له عنوانين ، وظنّه اثنين ، قال فيه : الشيخ محمد بن جعفر الحائري فاضل جليل ، له كتاب « ما اتّفق من الأخبار في فضل الأئمّة الأطهار ، عليهمالسلام » ـ الى أن قال ـ الشيخ محمد ابن جعفر المشهدي كان فاضلا محدّثا ، صدوقا ، له كتب ، يروي عن شاذان ابن جبرائيل القمّي ، انتهى (٢).
والذي يبيّن ما ادّعيناه أنّا عثرنا على مزار قديم ، يظهر من بعض أسانيده أنّه في طبقته ، وطبقة الشيخ الطبرسي صاحب الاحتجاج ، والنسخة عتيقة ، يظنّ أنّه كتبت في عصر مؤلّفه ، وفيه فوائد حسنة جميلة (٣) ، ويظهر منه غاية
__________________
(١) المزار الكبير : ٣.
(٢) أمل الآمل ٢ : ٢٥٢ / ٢٥٣ / ٧٤٤ ، ٧٤٧.
(٣) منها : أنّ أعمال مسجد الكوفة ، والأدعية المخصوصة بمقاماتها الشريفة ـ الموجودة في كتب المزار من غير نسبتها الى المعصوم عليهالسلام ـ مروية وليست من مؤلفات الأصحاب كما احتمله المجلسي رحمهالله ، ولذا لم يوردها في كتاب التحفة الذي لم يجمع فيه إلاّ ما نسب إليهم عليهمالسلام ، فإنّه من أول الكتاب ساق أعمال المقامات على الترتيب المعهود ، وذكر لكلّ مقام دعاء طويلا ، وبعد الفراغ منها قال : أعمال الكوفة برواية أخرى ، ثم ساق الأعمال المعروفة ، فيظهر أنّ كليهما مرويان.
ومنها : ان السيد علي بن طاوس ذكر في مصباح الزائر [١٦٤] في زيارات أبي عبد الله