خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-85-X
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٣٩٤

عمير (١) ، ويحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد (٢) ، ومحمد بن علي (٣) ، وعليّ بن الحسن بن فضّال عن أخويه عنه ، (٤) وعبد الله بن جبلة (٥) ، والحسن بن علي الوشاء (٦) ، والحسن بن علي بن يوسف الأزدي (٧) ، ومحمد بن أسلم الجبليّ (٨) ، وعلي بن الحكم (٩) ، والحسن بن محبوب (١٠) ، والحجّال (١١) ، ويوسف بن عقيل (١٢) ، وابن أخيه سليمان بن سماعة (١٣) ، وموسى بن القاسم (١٤) ، وابن أبي ليلى (١٥) ، والحسن بن علي بن يقطين (١٦) ، والحسن بن عبد الرحمن (١٧).

ومن جميع ذلك يظهر علوّ مقامه ، وعظم شأنه ، وصحّة كتابه ، بل هو قريب من التواتر ، وأخباره نقيّة ، سديدة ، ومتون أكثرها موجودة في الكتب الأربعة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ : ١٠٥ / ٣٤٠.

(٢) الكافي ٢ : ٤٩ / ٣.

(٣) الكافي ١ : ٣٩١ / ٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٨ : ٨٠ / ٢٧٥.

(٥) تهذيب الأحكام ٦ : ٣١٠ / ٨٥٦.

(٦) الكافي ١ : ٤٣ / ١.

(٧) تهذيب الأحكام ٧ : ٣٧٠ / ١٥٠٠.

(٨) تهذيب الأحكام ١٠ : ٤٦ / ١٦٨.

(٩) تهذيب الأحكام ١٠ : ١١٢ / ٤٤٤.

(١٠) الكافي ٣ : ٣٩٨ / ٦.

(١١) الكافي ٢ : ٢٦٤ / ٤.

(١٢) تهذيب الأحكام ٩ : ٣٥٩ / ١٢٨٣.

(١٣) الكافي ٢ : ١٣١ / ٥.

(١٤) تهذيب الأحكام ٥ : ٦٨ / ٢٢١.

(١٥) الكافي ٢ : ٢٦٤ / ٤.

(١٦) الكافي ٥ : ٣٩١ / ٧.

(١٧) الكافي ٨ : ٢٨٥ / ٤٣١.

٦١

٦ ـ وأمّا أصل زيد النرسي :

فقد كفانا مئونة شرح اعتباره العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه في رجاله ، قال رحمه‌الله تعالى : زيد النرسي أحد أصحاب الأصول ، صحيح المذهب ، منسوب إلى نرس ، بفتح الموحّدة الفوقانيّة ، وإسكان الراء المهملة : قرية من قرى الكوفة ، تنسب إليها الثياب النرسيّة ، أو نهر من أنهارها ، عليه عدّة من القرى ، كما قاله السمعاني في كتاب الأنساب ، قال : ونسب إليها جماعة من مشاهير المحدّثين بالكوفة (١).

وقال الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد النجاشي رحمه‌الله في كتاب الرجال : إنّ زيد النرسي من أصحاب الصادق ، والكاظم عليهما‌السلام ، له كتاب يرويه عنه جماعة. أخبرنا أحمد بن علي بن نوح السيرافي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الصفواني ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، بكتابه (٢).

وقد نصّ شيخ الطائفة طاب ثراه في الفهرست على رواية ابن أبي عمير كتاب زيد النرسي ، كما ذكره النجاشي ، ثم ذكر في ترجمة ابن أبي عمير طرقه التي تنتهي إليه (٣).

والذي يناسب وقوعه في إسناد هذا الكتاب ، هو ما ذكره فيه وفي المشيخة ، عن المفيد ، عن ابن قولويه قدس‌سرهما ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي ، عن عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، عن ابن أبي عمير (٤).

__________________

(١) الأنساب ٥٨٥ / ب.

(٢) رجال النجاشي : ١٧٤ / ٤٦٠.

(٣) فهرست الشيخ : ٧١ / ٢٨٩ و ١٤٢ / ٦٠٧.

(٤) تهذيب الأحكام ١٠ / ٧٩ من المشيخة.

٦٢

وفي البحار طريق آخر الى كتاب زيد النرسي ، ذكر أنّه وجده في مفتتح النسخة التي وقعت اليه ، وهي النسخة التي أخرج منها أخبار الكتاب ، والطريق هكذا : حدثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري ـ أيّده الله ـ قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي أبو عبد الله المحمدي ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي (١).

وإنّما أوردنا هذه الطرق ، تنبيها على اشتهار الأصل المذكور فيما بين الأصحاب واعتباره عندهم ، كغيره من الأصول المعتمدة المعوّل عليها ، فإنّ بعضا حاول إسقاط هذا الأصل ، والطعن في من رواه.

واعترض أوّلا : بجهالة زيد النّرسي ، إذ لم ينصّ عليه علماء الرجال بمدح ، ولا قدح.

وثانيا : بأنّ الكتاب المنسوب إليه مطعون فيه ، فإنّ الشيخ قدس‌سره حكى في الفهرست ، عن ابن بابويه قدس‌سره : أنّه لم يرو أصل زيد النّرسي ، ولا أصل زيد الزّراد ، وأنّه حكى في فهرسته ، عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد : أنّه لم يرو هذين الأصلين ، بل كان يقول : هما موضوعان ، وكذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير ، وأنّ واضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني (٢) ، المعروف بالسّمان.

والجواب عن ذلك : إنّ رواية ابن أبي عمير لهذا الأصل تدلّ على صحّته ، واعتباره ، والوثوق بمن رواه ، فإنّ المستفاد من تتبّع الحديث ، وكتب الرجال بلوغه الغاية في الثقة ، والعدالة ، والورع ، والضبط ، والتحذّر عن التخليط ، والرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، ولذا ترى أنّ الأصحاب يسكنون

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ٤٣.

(٢) الفهرست : ٧١ / ٢٩٠.

٦٣

الى روايته ، ويعتمدون على مراسيله.

وقد ذكر الشيخ قدس‌سره في العدّة : أنه لا يروي ، ولا يرسل إلاّ عمّن يوثق به (١) ، وهذا توثيق عام لمن روى عنه ، ولا معارض له هاهنا.

وحكى الكشي في رجاله إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، والإقرار له بالفقه والعلم (٢) ، ومقتضى ذلك صحّة الأصل المذكور ، لكونه ممّا قد صحّ عنه ، بل توثيق راويه أيضا ، لكونه العلة في التصحيح غالبا ، والاستناد إلى القرائن وإن كان ممكنا ، إلاّ أنّه بعيد في جميع روايات الأصل ، وعدّ النرسي من أصحاب الأصول ، وتسمية كتابه أصلا ، ممّا يشهد بحسن حاله واعتبار كتابه ، فإنّ الأصل في اصطلاح المحدّثين من أصحابنا بمعنى الكتاب المعتمد ، الذي لم ينتزع من كتاب آخر ، وليس بمعنى مطلق الكتاب ، فإنّه قد يجعل مقابلا له ، فيقال : له كتاب ، وله أصل.

وقد ذكر ابن شهرآشوب في معالم العلماء ، نقلا عن المفيد طاب ثراه : أنّ الإماميّة صنّفت من عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إلى عهد أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما‌السلام أربعمائة كتاب تسمّى الأصول ، قال : وهذا معنى قولهم : له أصل (٣).

ومعلوم أنّ مصنّفات الإماميّة فيما ذكر من المدّة تزيد على ذلك بكثير ، كما يشهد به تتبّع كتب الرجال ، فالأصل إذا أخصّ من الكتاب ، ولا يكفي فيه مجرّد عدم انتزاعه من كتاب آخر وإن لم يكن معتمدا ، فإنّه يؤخذ في كلام الأصحاب مدحا لصاحبه ، ووجها للاعتماد على ما تضمّنه ، وربما ضعّفوا الرواية لعدم وجدان متنها في شيء من الأصول ، كما اتّفق للمفيد ، والشيخ

__________________

(١) عدة الأصول ١ : ٣٨٧.

(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٣) معالم العلماء : ٣.

٦٤

قدس‌سرهما ، وغيرهما ، فالاعتماد مأخوذ في الأصل بمعنى كون ذلك هو الأصل فيه ، إلى أن يظهر فيه خلافه.

والوصف به في قولهم : له أصل معتمد ، للإيضاح والبيان ، أو لبيان الزيادة على مطلق الاعتماد المشترك فيما بين الأصول ، فلا ينافي ما ذكرناه ، على أنّ تصنيف الحديث ـ أصلا كان المصنّف أم كتابا ـ لا ينفكّ غالبا عن كثرة الرواية والدلالة على شدّة الانقطاع إلى الأئمّة عليهم‌السلام ، وقد قالوا : « اعرفوا منازل الرجال بقدر روايتهم عنّا » (١) وورد عنهم في شأن الرواية للحديث ما ورد.

وأمّا الطعن على هذا الأصل والقدح فيه بما ذكر ، فإنّما الأصل فيه محمد ابن الحسن بن الوليد القمّي رحمه‌الله ، وتبعه على ذلك ابن بابويه قدس‌سره على ما هو دأبه في الجرح ، والتعديل ، والتضعيف ، والتصحيح ، ولا موافق لهما فيما أعلم.

وفي الاعتماد على تضعيف القميين وقدحهم في الأصول والرجال كلام معروف ، فإنّ طريقتهم في الانتقاد تخالف ما عليه جماهير النقّاد ، وتسرّعهم إلى الطعن بلا سبب ظاهر ، ممّا يريب اللّبيب الماهر ، ولم يلتفت أحد من أئمّة الحديث والرجال إلى ما قاله الشيخان المذكوران في هذا المجال ، بل المستفاد من تصريحاتهم وتلويحاتهم ، تخطئتهما ، في ذلك المقال.

قال الشيخ ابن الغضائري : زيد الزرّاد وزيد النرسي ، رويا عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

قال أبو جعفر ( بن بابويه : إنّ كتابهما موضوع ، وضعه محمد بن موسى السمّان ، وغلط أبو جعفر ) (٢) في هذا القول ، فإنّي رأيت كتبهما مسموعة من محمد

__________________

(١) لفظ الحديث في المصادر مختلف انظر : رجال الكشي ١ : ٣ / ١ ، ١ : ٦ / ٣ ، ٣ والكافي ١ : ٤٠ / ١٣ وغيرها.

(٢) ما بين القوسين سقط من المخطوطة واثبت من الحجرية.

٦٥

ابن أبي عمير (١) ، وناهيك بهذه المجاهرة في الردّ من هذا الشيخ ، الذي بلغ الغاية في تضعيف الرّوايات ، والطعن في الرّواة ، حتى قيل أنّ السالم من رجال الحديث من سلم منه ، وأنّ الاعتماد على كتابه في الجرح طرح لما سواه من الكتب ، ولولا أنّ هذا الأصل من الأصول المعتمدة المتلقاة [ بالقبول ] (٢) بين الطائفة ، لما سلم من طعنه ومن غمزه ، على ما جرت به عادته في كتابه الموضوع لهذا الغرض ، فإنّه قد ضعّف فيه كثيرا من أجلاّء الأصحاب المعروفين بالتوثيق ، نحو : إبراهيم بن سليمان بن حيّان ، وإبراهيم بن عمر اليماني ، وإدريس بن زياد ، وإسماعيل بن مهران ، وحذيفة بن منصور ، وأبي بصير ليث المرادي ، وغيرهم من أعاظم الرّواة ، وأصحاب الحديث.

واعتمد في الطعن عليهم غالبا بأمور لا توجب قدحا فيهم ، بل في رواياتهم ، كاعتماد المراسيل ، والرواية عن المجاهيل ، والخلط بين الصحيح والسقيم ، وعدم المبالاة في أخذ الروايات ، وكون رواياتهم ممّا تعرف تارة وتنكر اخرى ، وما يقرب من ذلك.

هذا كلامه في مثل هؤلاء المشاهير الأجلّة ، وأمّا إذا وجد في أحد ضعفا بيّنا أو طعنا ظاهرا ، وخصوصا إذا تعلّق بصدق الحديث ، فإنّه يقيم عليه النوائح ، ويبلغ منه كلّ مبلغ ، ويمزّقه كلّ ممزّق ، فسكوت مثل هذا الشيخ عن حال زيد النرسي ، ومدافعته عن أصله بما سمعت من قوله ، أعدل شاهد على أنّه لم يجد فيه مغمزا ، ولا للقول ( في أصله ) (٣) سبيلا.

وقال الشيخ في الفهرست : زيد النرسي وزيد الزّراد لهما أصلان ، لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، وقال في فهرسته : لم يروهما محمد بن

__________________

(١) رجال العلامة : ٢٢٢ / ٤.

(٢) لم ترد في المخطوطة وأضيفت من المصدر.

(٣) في المخطوطة : فيه.

٦٦

الحسن بن الوليد ، وكان يقول : هما موضوعان ، وكذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير ، وكان يقول : وضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني. قال الشيخ طاب ثراه : وكتاب زيد النرسي رواه ابن أبي عمير عنه (١).

وفي هذا الكلام (٢) تخطئة ظاهرة للصدوق وشيخه ، في حكمهما بأنّ أصل زيد النرسي من موضوعات محمد بن موسى الهمداني ، فإنّه متى صحّت رواية ابن أبي عمير إيّاه عن صاحبه ، امتنع إسناد وضعه إلى الهمداني ، المتأخّر العصر عن زمن الراوي والمرويّ عنه.

وأمّا النجاشي ـ وهو أبو عذرة هذا الأمر ، وسابق حلبته كما يعلم من كتابه ، الذي لا نظير له في فنّ الرجال ـ فقد عرفت ممّا نقلناه عنه روايته لهذا الأصل ـ في الحسن كالصحيح ، بل الصحيح على الأصحّ ـ عن ابن أبي عمير ، عن صاحب الأصل (٣).

وقد روى أصل زيد الزرّاد : عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه وعلي ابن بابويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد الزرّاد (٤) ، ورجال هذا الطريق وجوه الأصحاب ومشايخهم ، وليس فيه من يتوقّف في شأنه ، سوى العبيدي والصحيح توثيقه.

وقد اكتفى النجاشي بذكر هذين الطريقين ، ولم يتعرّض لحكاية الوضع في شيء من الأصلين ، بل أعرض عنها صفحا ، وطوى عنها كشحا ، تنبيها على غاية فسادها ، مع دلالة الاستناد الصحيح المتّصل على بطلانها ، وفي كلامه السابق دلالة على أنّ أصل زيد النرسي من جملة الأصول المشهورة ، المتلقّاة

__________________

(١) فهرست الشيخ : ٧١ / ٢٩٠.

(٢) في المخطوط والحجرية : الكتاب ، وفي حاشية المخطوط استظهار : الكلام ، وكذا المصدر ، وهو الصحيح

(٣) رجال النجاشي : ١٧٤ / ٤٦٠.

(٤) رجال النجاشي : ١٧٥ / ٤٦١.

٦٧

بالقبول بين الطائفة ، حيث أسند روايته عنه أوّلا إلى جماعة من الأصحاب ، ولم يخصّه بابن أبي عمير ، ثم عدّه في طريقه إليه من مرويّات المشايخ (١) الأجلّة ، وهم :

أحمد بن علي بن نوح السيرافي ، ومحمد بن أحمد بن عبد الله الصفواني ، وعليّ بن إبراهيم القمّي ، وأبوه إبراهيم بن هاشم.

وقد قال في السيرافي : إنّه كان ثقة في حديثه ، متقنا لما يرويه ، فقيها (٢) بصيرا بالحديث والرّواية (٣).

وفي الصفواني : إنّه شيخ ، ثقة ، فقيه ، فاضل (٤).

وفي القمّي : إنّه ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد (٥).

وفي أبيه : إنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم (٦).

ولا ريب أنّ رواية مثل هؤلاء الفضلاء الأجلاّء يقتضي اشتهار الأصل في زمانهم ، وانتشار أخباره فيما بينهم.

وقد علم ممّا سبق كونه من مرويّات الشيخ المفيد ، وشيخه أبي القاسم جعفر بن قولويه ، والشيخ الجليل الذي انتهت إليه رواية جميع الأصول والمصنّفات أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري ، وأبي العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ المشهور ، وأبي عبد الله جعفر بن عبد الله رأس المذري ، الذي قالوا فيه : إنه أوثق الناس في حديثه.

وهؤلاء هم مشايخ الطائفة ، ونقدة الأحاديث ، وأساطين الجرح والتعديل ، وكلّهم ثقات إثبات ، ومنهم المعاصر لابن الوليد ، والمتقدم عليه ،

__________________

(١) في الحجرية والمخطوط : ( مشايخ ) ، والصحيح من المصدر.

(٢) زيادة من المصدر والحجرية. دون المخطوط.

(٣) رجال النجاشي : ٨٦ / ٢٠٩.

(٤) رجال النجاشي : ٣٩٣ / ١٠٥٠.

(٥) رجال النجاشي : ٢٦٠ / ٦٨٠.

(٦) رجال النجاشي : ١٦ / ١٨.

٦٨

والمتأخر عنه الواقف على دعواه ، فلو كان الأصل المذكور موضوعا معروف الواضع كما ادّعاه ، لما خفي على هؤلاء الجهابذة النقّاد بمقتضى العادة في ذلك.

وقد أخرج ثقة الإسلام الكليني قدس‌سره لزيد النرسي في جامعه الكافي ـ الذي ذكر أنّه قد جمع فيه الآثار الصحيحة ، عن الصادقين عليهم‌السلام ـ روايتين :

إحداهما في باب التقبيل من كتاب الايمان والكفر : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن علي بن مزيد (١) صاحب السابري ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فتناولت يده فقبلتها ، فقال عليه‌السلام : « أما إنّها لا تصلح إلاّ لنبيّ ، أو وصيّ نبيّ » (٢).

والثانية في كتاب الصوم في باب صوم عاشوراء : عن الحسن بن علي الهاشمي ، عن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، قال : سمعت عبيد بن زرارة ، يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : « من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة وابن زياد » ، قلت : وما حظّهما من ذلك اليوم؟ قال : « النار » (٣).

والشيخ قدس‌سره في كتابي الأخبار : أورد هذه الرواية ، بإسناده عن محمد بن يعقوب (٤) ، وأخرج لزيد النرسي في كتاب الوصايا من التهذيب في باب وصية الإنسان لعبده ، حديثا آخر عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن معاوية بن حكيم ويعقوب الكاتب ، عن ابن أبي عمير ، عنه (٥).

__________________

(١) نسخة بدل : زيد ، من المخطوط.

(٢) الكافي ٢ : ١٤٨ / ٣.

(٣) الكافي ٤ : ١٤٧ / ٦.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ : ٣٠١ / ٩١٢ ، والاستبصار ٢ : ١٣٥ / ٤٤٣.

(٥) تهذيب الأحكام ٩ : ٢٢٨ / ٨٩٦.

٦٩

والغرض من إيراد هذه الأسانيد ، التنبيه على عدم خلوّ الكتب الأربعة عن أخبار زيد النرسي ، وبيان صحّة رواية ابن أبي عمير عنه ، والإشارة إلى تعدّد الطرق إليه ، واشتمالها على عدّة من الرجال الموثوق بهم ، سوى من تقدّم ذكره في الطرق السالفة ، وفي ذلك كلّه تنبيه على صحّة هذا الأصل ، وبطلان دعوى وضعه كما قلنا.

ويشهد لذلك أيضا أنّ محمد بن موسى الهمداني ، وهو الذي ادّعي عليه وضع هذه الأصول ، لم يتّضح ضعفه بعد ، فضلا عن كونه وضّاعا للحديث ، فإنّه من رجال نوادر الحكمة ، والرواية عنه في كتب الأحاديث متكرّرة ، ومن جملة رواياته حديثه الذي انفرد بنقله في صلاة عيد الغدير ، وهو حديث مشهور ، أشار إليه المفيد رحمه‌الله في مقنعته ، وفي مسار الشيعة (١) ، ورواه الشيخ رحمه‌الله في التهذيب (٢) ، وأفتى به الأصحاب ، وعوّلوا عليه ، ولا رادّ له سوى الصدوق (٣) وابن الوليد ، بناء على أصلهما فيه.

والنجاشي ذكر هذا الرجل في كتابه ولم يضعّفه ، بل نسب الى القميين تضعيفه بالغلوّ ، ثم ذكر له كتبا منها كتاب الردّ على الغلاة ، وذكر طريقه الى تلك الكتب ، قال رحمه‌الله : وكان ابن الوليد رحمه‌الله يقول : إنّه كان يضع الحديث والله أعلم (٤).

وابن الغضائري وإن ضعّفه ، إلاّ أنّ كلامه فيه يقتضي أنّه لم يكن بتلك المثابة من الضعف ، فإنّه قال فيه : إنّه ضعيف ، يروي عن الضعفاء ، ويجوز أن يخرج شاهدا ، تكلّم فيه القميون فأكثروا ، واستثنوا من نوادر الحكمة ما رواه (٥) ، وكلامه ظاهر في أنّه لم يذهب فيه مذهب القمّيين ، ولم يرتض ما قالوه ،

__________________

(١) المقنعة : ٢٠٤ ، مسار الشيعة : ٣٩ ضمن المجلد السابع من مصنفات الشيخ المفيد.

(٢) التهذيب ٣ : ١٤٣ / ٣١٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٥ / ذيل الحديث ٢٤١.

(٤) رجال النجاشي : ٣٣٨ / ٩٠٤.

(٥) حكاها عنه العلامة في الخلاصة : ٢٥٥ / ٤٤.

٧٠

والخطب في تضعيفه هيّن ، خصوصا إذا استهونه.

والعلاّمة قدس‌سره في الخلاصة حكى تضعيف القميين وابن الوليد ، حكاية تشعر بتمريضه ، واعتمد في التضعيف على ما قاله ابن الغضائري قدس‌سره ولم يزد عليه شيئا (١). وفيما سبق عن النجاشي وابن الغضائري في أصلي الزّيدين ، وعن الشيخ في أصل النرسي ، دلالة على اختلال (٢) ما قاله ابن الوليد في هذا الرجل.

وبالجملة فتضعيف محمد بن موسى يدور على أمور :

أحدها : طعن القميين في مذهبه بالغلوّ والارتفاع ، ويضعّفه ما تقدّم عن النجاشي أنّ له كتابا في الرّد على الغلاة.

وثانيها : إسناد وضع الحديث إليه ، وهذا ممّا انفرد به ابن الوليد ، ولم يوافقه في ذلك الاّ الصدوق قدس‌سره لشدّة وثوقه به ، حتّى قال رحمه‌الله في كتاب من لا يحضره الفقيه : إنّ كل ما لم يصححه ذلك الشيخ ، ولم يحكم بصحته من الأخبار ، فهو عندنا متروك غير صحيح (٣).

وسائر علماء الرجال ونقدة الاخبار تحرّجوا عن نسبة الوضع الى محمد بن موسى ، وصحّحوا أصل زيد النرسي ، وهو أحد الأصول التي أسند وضعها إليه ، وكذا أصل زيد الزرّاد ، وسكوتهم عن كتاب خالد بن سدير لا يقتضي كونه موضوعا ، ولا كون محمد بن موسى واضعا ، إذ من الجائز أن يكون عدم تعرّضهم له لعدم ثبوت صحّته ، لا لثبوت وضعه ، فلا يوجب تصويب ابن الوليد لا في الوضع ولا في الواضع ، أو لكونه من موضوعات غيره فيقتضي تصويبه في الأوّل دون الثاني.

وثالثها : استثناؤه من كتاب نوادر الحكمة ، والأصل فيه محمد بن الحسن

__________________

(١) انظر الهامش المتقدم.

(٢) في المخطوط والحجري : اختلاف ، والتصويب من المصدر

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٥٥ / ذيل الحديث ٢٤١.

٧١

ابن الوليد أيضا ، وتابعه على ذلك الصدوق ، وأبو العباس بن نوح ، بل الشيخ ، والنجاشي أيضا.

وهذا الاستثناء لا يختصّ به ، بل المستثنى من ذلك الكتاب جماعة ، وليس جميع المستثنين وضعة للحديث ، بل منهم المجهول الحال ، والمجهول الاسم ، والضعيف بغير الوضع ، بل الثقة على أصحّ الأقوال : كالعبيدي ، واللّؤلؤي ، فلعلّ الوجه في استثناء غير الصدوق وشيخه ابن الوليد جهالة محمد ابن موسى ، أو ضعفه من غير سبب الوضع ، والموافقة لهما في الاستثناء لا تقتضي الاتّفاق في التعليل ، فلا يلزم من استثناء من وافقهما ضعف محمد بن موسى عنده ، فضلا عن كونه وضّاعا ، وقد بان لك بما ذكرنا مفصّلا اندفاع الاعتراضين بأبلغ الوجوه (١).

قلت : وروى جعفر بن قولويه رحمه‌الله في كامل الزيارة ، عن أبيه وأخيه علي ابن محمد وعلي بن الحسين كلّهم ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، قال : « من زار ابني هذا ـ وأومى إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ـ فله الجنّة » (٢) والخبر موجود في الأصل.

ومنه يعلم أنّ علي بن بابويه والد الصدوق ، يروي أصل النرسي كما مرّ أنّه يروي أصل الزرّاد ، ويظهر منه أنّ أصل نسبة اعتقاد وضعهما إلى الصدوق تبعا لشيخه ضعيف ، أو رجع عنه بعد ما ذكره في فهرسته ، فإنّ ولده شيخ القميّين ، وفقيههم (٣) وثقتهم ، والذي خاطبه الإمام العسكري عليه‌السلام بقوله ـ في توقيعه ـ : « يا شيخي ومعتمدي » (٤) يروي الأصل المذكور وولده يعتقد

__________________

(١) الفوائد الرجالية ( رجال السيد بحر العلوم ) : ٢ : ٣٦٠.

(٢) كامل الزيارات : ٣٠٦ الحديث ١٠ ، وانظر الأصول الستة عشر : ٥٢.

(٣) لم ترد في المخطوطة ، بل في الحجرية.

(٤) انظر مقدمة الإمامة والتبصرة تحقيق السيد الجلالي : ٥٨.

٧٢

كونه موضوعا؟! هذا ممّا لا ينبغي نسبته إليه.

ويؤيّد ضعف النسبة ، أو يدلّ على الرجوع ، روايته عن الأصلين في كتبه ، أمّا الزرّاد فقد تقدم.

وأمّا عن أصل النرسي ففي ثواب الأعمال : أبي رحمه‌الله ، قال : حدثني علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن بعض أصحابه ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغسل رأسه بالسدر » (١) إلى آخر ما في الوسائل منقولا عنه (٢) ، وفي كتابنا منقولا عن الأصل المذكور هذا (٣).

وقد أخرج الخبر المذكور شيخه جعفر بن أحمد القمي في كتاب العروس ، عن زيد (٤) كما في أصله.

وأخرج الصدوق رحمه‌الله أيضا (٥) في الفقيه ، في باب ضمان الوصيّ لما يغيّره عمّا أوصى به الميّت ، عن محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن عليّ ابن مزيد صاحب السابري ، قال : أوصى إليّ رجل. وساق الحديث (٦) ، وهو طويل ذكره الشيخ في الأصل في كتاب الوصية ، مثل ما نقلناه عن أصل النرسي في الكتاب المذكور فلاحظ (٧).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٣٦.

(٢) وسائل الشيعة ٢ : ٦٣ / ١٤٩١.

(٣) مستدرك الوسائل ١ : ٣٨٧ / ٩٣٧.

(٤) النسخة المطبوعة من العروس خالية من هذا الحديث. وقد روى عن زيد النرسي عن أبي الحسن عليه‌السلام حديثا في ( باب غسل الرأس يوم الجمعة بالخطمي من السنة ) وهو يخالف الحديث المار سندا ومتنا.

(٥) لم ترد في المخطوط.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٤ : ١٥٤ الحديث ٥٣٤.

(٧) وسائل الشيعة ١٩ : ٣٤٩ / ٢٤٧٤٢ ، وانظر : مستدرك الوسائل ١٤ : ١١٩ / ١٦٢٥٢ ، أصل زيد الزراد : ٥٥ ، ضمن الأصول الستة عشر.

٧٣

وأخرج أحمد بن محمّد بن فهد في عدّة الداعي ، عن الأصل المذكور حديث معاوية بن وهب في الموقف (١) ، وهو حديث شريف في الحثّ على الدعاء للإخوان.

وأخرج الحسين بن سعيد في كتاب الزهد ، عن الأصل المذكور خبر فناء العالم ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن عبيد بن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول. (٢) ، إلاّ أنّه اختصره.

وأخرج الخبر المذكور عنه عليّ بن إبراهيم في تفسيره ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد ، وساقه كما هو موجود في الأصل (٣).

وقال العلامة المجلسي قدس‌سره في البحار ـ بعد نقل كلمات الجماعة في الأصلين وصاحبيهما ـ : وأقول : وإن لم يوثّقهما أصحاب الرجال ، لكن أخذ أكابر المحدّثين من كتابهما ، واعتمادهم عليهما حتّى الصدوق قدس‌سره في معاني الأخبار ، وغيره ، ورواية ابن أبي عمير عنهما ، وعدّ الشيخ كتابهما من الأصول ، لعلّها تكفي لجواز الاعتماد عليهما ، مع أنّا أخذناهما من نسخة عتيقة مصحّحة بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي ، وهو نقله من خطّ الشيخ الجليل محمد ابن الحسن القمّي ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذهما وسائر الأصول المذكورة بعد ذلك من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلّعكبري (٤) ، انتهى.

وأمّا محمد بن موسى فلعلّنا نشير إلى بعض ما يؤيّد كلام السيّد رحمه‌الله فيه ، في بعض الفوائد الآتية.

__________________

(١) عدة الداعي : ١٧١. وانظر : أصل زيد النرسي ( ضمن الأصول الستة عشر ) : ٤٤.

(٢) الزهد : ٩٠ حديث ٢٤٢. وانظر : أصل زيد النرسي ( ضمن الأصول الستة عشر ) : ٤٧.

(٣) تفسير علي بن إبراهيم القمي : ٢٥٦ ، الأصول الستة عشر : ٤٧.

(٤) بحار الأنوار ١ : ٤٣١.

٧٤

٧ ـ وأمّا كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي :

فقال الشيخ قدس‌سره في الفهرست : جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي له كتاب ، رويناه بالإسناد الأول ، عن ابن همّام ، عن حميد ، عن أحمد بن زيد الأزدي البزّاز ، عن محمد بن أمية بن القاسم الحضرمي ، عن جعفر بن محمد بن شريح (١).

ومراده بالإسناد الأوّل ـ كما ذكره في ترجمة جعفر بن قولويه ، وجعفر بن محمد بن مالك : الشيخ المفيد ، والحسين بن عبيد الله ، وأحمد بن عبدون ، وغيرهم ـ : عن أبي محمد هارون بن موسى التّلعكبري ، عن أبي علي بن همّام (٢).

وسنده في النسخة الموجودة ، والنسخة المتقدّمة للمجلسي طيب الله ثراه هكذا : الشيخ أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد بن إبراهيم التلّعكبري أيده الله قال : حدثنا محمد بن همّام ، قال : حدثنا حميد بن زياد الدهقان ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي ، قال : حدثنا محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ، عن حميد بن شعيب السبيعي ، عن جابر الجعفي ، قال : قال : أبو جعفر عليه‌السلام. الخبر (٣).

والظاهر أنّ أميّة في سند الشيخ مصحّف ، والصواب ـ كما في سند الكتاب ـ المثنى ، وأشار الى ذلك في البحار أيضا (٤).

ومحمد بن أميّة غير مذكور في الرجال ، ولا في أسانيد الأخبار. والظاهر

__________________

(١) الفهرست : ٤٣ / ١٣٧.

(٢) الفهرست : ٤٢ / ١٣٠ و ٤٣ / ١٣٦.

(٣) بحار الأنوار ١ : ٤٤. أصل جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ( ضمن الأصول الستة عشر ) : ٦٠.

(٤) بحار الأنوار ١ : ٤٤. أصل جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ( ضمن الأصول الستة عشر ) : ٦٠.

٧٥

أنّ أحمد بن زيد في السندين هو بعينه أحمد بن زيد الخزاعي ، الذي ذكر الشيخ قدس‌سره في الفهرست أنه يروي كتاب آدم بن المتوكّل ، عن أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد بن زياد ، عن أحمد بن زيد الخزاعي ، عنه (١). وكتاب أبي جعفر شاهطاق ، والظاهر أنّه محمد بن علي بن النعمان ، الملقّب بمؤمن الطاق ، عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن حميد ، عن أحمد بن زيد الخزاعي ، عنه (٢).

ووافقنا على اتّحادهما المتبحّر النقّاد المولى الحاج محمد الأردبيلي ، في جامع الرّواة (٣) وظهر ممّا نقلنا أنّه من مشايخ الإجازة ، وأنّ حميدا اعتمد عليه في رواية الكتب المذكورة ، وكتاب محمد بن المثنى كما يأتي.

وقد مرّ في شرح أصل زيد الزرّاد ما يقتضي الاعتماد على حميد ، والسكون إلى رواياته.

وستعرف أنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التزكية والتوثيق ، إمّا لعدم الضرر في ضعفهم وجهالتهم ، أو لكونهم ثقات إثبات على اختلاف بينهم.

ومنه وممّا نقلنا عن السيد الكاظمي ، والعلامة الطباطبائي ، في مدح أرباب الكتب وأصحاب التصانيف ، يظهر حسن حال الحضرمي ، مع أنّ رواياته في الكتاب سديدة مقبولة ، يوجد متونها أو مضمونها في سائر الكتب المعتبرة ، وممّا يشهد على حسن حاله اعتماد محمد بن مثنى عليه ، فإنّ جلّ روايات كتابه عنه فراجع وتأمل.

وأبوه محمد بن شريح من ثقات أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام ، له كتاب يرويه جماعة عنه ، كما في رجال النجاشي والفهرست ، وغيرهما (٤).

__________________

(١) فهرست الشيخ : ١٦ / ٤٧.

(٢) فهرست الشيخ : ١٩١ / ٨٦٦.

(٣) جامع الرواة ٢ : ١٥٨.

(٤) رجال النجاشي : ٣٦٦ / ٩٩١ ، والفهرست : ١٤١ / ٦٠٥.

٧٦

٨ ـ وأمّا كتاب محمد بن المثنّى بن القاسم الحضرمي قدس‌سره :

فالسند إليه في النسخة المتقدّمة ما تقدّم في سند كتاب جعفر.

وقال النجاشي قدس‌سره : محمد بن المثنّى بن القاسم ، كوفي ثقة ، له كتاب ، أخبرنا الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر ، قال : حدثنا حميد ، قال : حدثنا أحمد ، عن محمد بن المثنّى بكتابه (١).

ويروي عنه الثقة سيف بن عميرة ، كما في روضة الكافي (٢).

وبملاحظة ما ذكرنا لا ريب في اعتبار الكتاب ، والاعتماد عليه ، وذكر في آخر الكتاب حديثين من غير توسّط محمد ، ووصف فيه أحمد هكذا : بالإسناد عن حميد بن زياد ، عن أبي جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز ، ينزل في طاق [ زهير ] ولقيه بزيع ، قال : حدثني علي بن عبيد الله (٣). إلى آخره.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٧١ / ١٠١٢.

(٢) روضة الكافي ٨ : ٣٠٣.

(٣) انظر كتاب محمد بن المثنى ( ضمن الأصول الستة عشر ) : ٩٣.

٧٧

٩ ـ وأمّا كتاب عبد الملك بن حكيم :

ففي رجال النجاشي : عبد الملك بن حكيم الخثعمي ، كوفي ثقة ، عين ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، له كتاب يرويه جماعة : أخبرنا القاضي أبو عبد الله الجعفي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضّال ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم ، قال : حدثنا عبد الملك بن حكيم بكتابه (١).

وفي الفهرست : عبد الملك بن حكيم ، له كتاب ، أخبرنا به جماعة ، عن التلعكبري ، عن ابن عقدة ، وذكر مثله (٢).

والسند في أوّل الكتاب أيضا : التلعكبري ، عن ابن عقدة. (٣) إلى آخره.

ويظهر من النجاشي أنّه من الأصول ، وإن نسبة الكتاب إليه معلومة ، ويرويه عنه جماعة ، وإنّما اقتصر على الطريق الواحد لمجرّد الاختصار ، على حسب عادتهم في فهارسهم ، فلا يضرّ إذا ضعف جعفر كما توهّم ، أو جهالته كما قيل ، بل اعتماد المشايخ الثلاثة ـ وهم وجوه الطائفة ، ونقدة الأخبار في طريقهم إلى كتاب عمّه عليه ـ قرينة ظاهرة على حسن حاله ، بل وثاقته في الحديث ، مع أنّه يروي عنه مثل [ علي بن ] الحسن بن فضال ، وهو بمكان من التثبّت والاحتياط في النقل والرواية ، وورد فيه وفي سائر بني فضّال ما ورد من الأخذ بما رووا ، والثقة الجليل موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب كما في التهذيب في باب المواقيت من كتاب الحج (٤) ، والثقة الجليل محمد بن إسماعيل

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٣٩ / ٦٣٦

(٢) الفهرست : ١١٠ / ٤٧٤.

(٣) كتاب عبد الملك بن حكيم ( ضمن الأصول الستة عشر : ٩٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٩.

٧٨

ابن بزيع كما في الكافي في باب بيض الدجاج من كتاب الأطعمة (١) وأحمد بن محمد بن خالد فيه أيضا (٢) ، وبعد رواية هؤلاء عنه لا وقع لما توهّم أو قيل فيه.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٢٤ / ١.

(٢) الكافي ٦ : ٣٢٤ / ١.

٧٩

١٠ ـ وأمّا كتاب مثنى بن الوليد الحناط :

ففي رجال النجاشي : مثنّى بن الوليد الحنّاط ، مولى ، كوفي ، روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، له كتاب يرويه جماعة : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح ، قال : حدثنا مثنّى بكتابه (١).

وفي الفهرست : مثنّى بن الوليد الحنّاط له كتاب ، رواه الحسن بن علي الخزّاز عنه ، وفيه بلا فصل : مثنّى بن الحضرمي له كتاب ، أخبرنا بهما جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عنهما (٢).

وأمّا طريق التلعكبري في النسخة الموجودة ، ففيها قال الشيخ رحمه‌الله : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضّال التيملي ، قال : حدثنا العباس بن عامر القصبي ، قال : حدثنا مثنّى بن الوليد الحنّاط ، عن ميسر بياع الزّطي (٣). إلى آخره.

وقال الشيخ الجليل أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري في رسالته إلى ولد ولده ، في ذكر طرقه الى الكتب : كتاب مثنّى الحنّاط ، حدّثني به جدّي ، عن الحسن بن محمد الطيالسي ، عن الحسن بن علي بن بنت إلياس الخزاز ، عن مثنّى (٤).

وقال أبو عمرو الكشي قدس‌سره في رجاله : قال أبو النضر محمد بن

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤١٤ / ١١٠٦.

(٢) الفهرست : ١٦٧ / ٧٣٦ و ٧٣٧ وفيه بدل بهما : به ، وبدل عنهما : عنه.

(٣) كتاب مثنى بن الوليد الحناط ( ضمن الأصول الستة عشر ) : ١٠٢.

(٤) رسالة أبي غالب الزراري : ٦٦ / ٥٩.

٨٠